عدد الابيات : 26
هَذِي دِمَشْقُ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا الشَّامُ
عَرْشُ الْهَوَى، وَمُحِيطُ سِحْرٍ وَإِلْهَامُ
قِبْلَةُ الْعِشْقِ، سِرُّ الْأَرْضِ غَامِضَةٌ
مِفْتَاحُهَا الرُّوحُ، وَالْأَسْرَارُ أَنْسَامُ
إِنِّي دِمَشْقُ إِذَا مَا جِئْتَ تَسْأَلُنِي
فَالْحُبُّ رَوْضِي، وَأَعْمَاقِي لَهَا غَرَامُ
إِنْ مَزَّقُوا أَضْلُعِي، سَالَتْ قَوَافِلُهَا
يَاسَمِينًا، وَخَمَائِلَ كُلُّهَا أَنْغَامُ
هُنَا الْبِدَايَةُ، تَارِيخِي هُنَا وَطَنِي
أَنَا ابْنَةُ الْحَرْفِ، وَأَوْرَاقُ وَأَقْلَامُ
فِي مِئْذَنَتِي دَمُ الْأَنْبِيَاءِ مُرْتَحِلٌ
وَفِي الْمَآذِنِ تَهْفُو الرِّيحُ إِلْهَامُ
يَا شَامُ، يَا سَيِّدَةَ الدُّنْيَا، وَيَا أَلَقًا
يَمْشِي عَلَى قَدَمَيْ التَّارِيخِ أَعْوَامُ
مَنْ ذَا يُنَازِعُكِ الْمَجْدَ الَّذِي سَطَعَتْ
شَمْسُ الْحَضَارَاتِ فِيهِ، أَيْنَمَا قَامُوا؟
فِي كُلِّ حَجَرٍ هُنَا رُوحٌ تُسَافِرُنَا
وَفِي التُّرَابِ دَمًا لِلْحُبِّ أَحْكَامُ
فِي كُلِّ بَيْتٍ حَدِيثُ النَّجْمِ مُرْتَحِلٌ
وَفِي الْأَزِقَّةِ، وَلِلْعُشَّاقِ إِلْهَامُ
مَنْ قَالَ إِنَّكِ تَذْوِي؟ كَيْفَ يُطْفِئُهَا؟
هَذَا السَّنَا؟ هَذِهِ الْآيَاتُ، وَالسَّلَامُ؟
أَنْتِ الْقِيَامَةُ، مَجْدُ الْأَرْضِ فِي يَدِكِ
وَمِنْ جَبِينِكِ نَجْمُ الْمَجْدِ قَدْ لَامُ
هَذِي دِمَشْقُ، وَالْأَيَّامُ شَاهِدَةٌ
أَنْتِ الْحَقِيقَةُ، وَالتَّارِيخُ أَحْلَامُ
هَذِي دِمَشْقُ، إِذَا مَا الْحُبُّ صَافَحَهَا
كَانَ الْهَوَى فِي يَدَيْهَا الشَّوْقُ خِتَامُ
هَذِي دِمَشْقُ، عَلَى الْأَزْمَانِ سَاطِعَةٌ
كَمَا النُّجُومُ، وَلَيْلُ الْكَوْنِ ظَلَّامُ
هَذِي دِمَشْقُ، وَفِي أَعْمَاقِهَا وَلَهٌ
يَجْرِي كَأَنَّ دَمَ الْأَحْبَابِ بَسَّامُ
لَا تُطْفِئِي نَارَهَا، فَالنَّارُ مُشْتَعِلَةٌ
فِي الْقَلْبِ، سَنَا الرُّوحِ، أَحْلَامُ
مَنْ ذَا يُفَسِّرُ سِرَّ الْعِشْقِ فِي دَمِهَا
وَالنَّارُ فِيهَا رَبِيعٌ حِينَ يَنْسَامُ
عَلَى جِرَاحَاتِهَا تَزْهُو الْمَدَى أَمَلًا
وَفِي مَصَائِبِهَا يَبْقَى الدُّجَى حَامُ
يَا شَامُ، يَا تَاجَ مَجْدِ الْعَرَبِ قَاطِبَةً
يَا مَنْ عَلَى شُرُفَاتِ الْفَجْرِ مَرَامُ
دِمَشْقُ، يَا قِبْلَةَ التَّارِيخِ، يَا وَطَنًا
لِلْحُبِّ، يَا مَوْطِنًا لِلْفِكْرِ قُدَّامُ
مَا زِلْتِ فِي كُلِّ دَرْبٍ تُشْرِقِينَ غَدًا
كَمَا السَّحَابُ عَلَى الْأَكْوَانِ ضَرَّامُ
يَا شَامُ، إِنْ غَابَ عَنْ عَيْنَيْكِ عَاشِقُهَا
يَبْقَى الْهَوَى فِي حَنَايَا الرُّوحِ إِلْهَامُ
هَذِي دِمَشْقُ، قَصِيدُ الْخُلْدِ نَكْتُبُهَا
يَا سَيِّدَةَ الْحَرْفِ، وَالْإِبْدَاعُ أَحْكَامُ
يَا شَامُ، يَا دُرَّةَ الدُّنْيَا وَمُلْهِمَتِي
مَهْمَا ابْتَعَدْنَا، فَكُلُّ الْقَلْبِ هُيَامُ
1393
قصيدة