عدد الابيات : 50
سَارَةُ، وَالْحُسْنُ فِي عَيْنَيْكِ مَلْحَمَةٌ
تُغَنِّي الْقَوَافِيَ عَنِ الْأَوْتَارِ وَالْغَزَلِ
سَارَةُ، وَالْقَلْبُ مُذْ أَلْقَى هَوَاكِ سَرَى
فِي مُهْجَةِ الْعِشْقِ، لَمْ يَأْلُفْ سِوَى وَجَّلِ
يَا مَنْ زَرَعْتِ عَلَى دَرْبِي أَزَاهِرَهُ
حَتَّى نَمَا الْحُبُّ فِي الْأَحْشَاءِ كَالطِّفْلِ
أُهْدِيكِ نَبْضًا بِآهَاتِ الْهَوَى نَسَجَتْ
أَوْتَارَ شِعْرِي، فَلَا تُكَذِّبِي وَصّْلِي
أَنْتِ الْبِدَايَةُ، وَالتَّارِيخُ يَذْكُرُنَا
قَلْبَيْنِ صَارَا شُعَاعًا لَيْسَ يَنْفَصِلِ
سَارَةُ، وَالدَّرْبُ لَوْ أَضْنَانِيَ افْتِقَادًا
فَالصَّبْرُ نَبْضِي، وَهَذَا الْعِشْقُ لَمْ يَزَلِ
يَا لَيْتَ يَوْمًا تُعِيدِينَ اللِّقَاءَ لَنَا
كَيْ يَسْتَقِيمَ عَلَى شَطَّيْكِ مُشْتَعِلِي
أَقْسَمْتُ أَنِّي عَلَى عَهْدِ الْهَوَى بَاقِي
مَا دَامَ فِي الْقَلْبِ نَبْضٌ صَادِقُ الْوَصْلِ
فَارْوِي حُرُوفِيَ مِنْ عَيْنَيْكِ، يَا أَمَلًا
يَزْهُو بِهِ الْكَوْنُ، لَا يُطْوَى وَلَا يَكِلِ
سَارَةُ، خَتْمُ الْهَوَى فِي حُبِّكِ ارْتَفَعَ
كَالنُّورِ يَرْوِي فُؤَادًا أَوْقَدَ الْأَزَلِ
سَارَةُ، وَالرُّوحُ ظَمْأَى نَحْوَ مَرْفِئِهَا
كَأَنَّهَا الْغَيْمُ يَرْجُو الْغَيْثَ فِي الْعَجَلِ
قَدْ طَالَ لَيْلِي، وَلَكِنِّي أَرَى أُفُقًا
يُبْدِي رُؤَى الصُّبْحِ خَلْفَ الدُّجَى الثَّقِلِ
يَا نَبْضَ عُمْرِي، وَإِنْ غَابَتْ مَلَامِحُنَا
فَالْعَيْنُ تَحْكِيكِ مِنْ شَوْقٍ وَمِنْ رَحَّلِ
سَنَلْتَقِي حَيْثُ لَا خَوْفٌ وَلَا وَجَعٌ
وَالْحُبُّ يَزْهُو كَمَا الْأَشْجَارُ فِي النُّزُلِ
أَرَاكِ طَيْفًا يُنِيرُ الدَّرْبَ لِي أَبَدًا
كَأَنَّمَا الْحُلْمُ صَارَ الْوَصْلَ فِي الْأَجَلِ
كَمْ قَدْ حَمَلْتُ انْتِظَارًا فَوْقَ أَوْرِدَتِي
حَتَّى بَدَا الصَّبْرُ فِي أَضْلَاعِيَ كَالْحِبَلِ
يَا وَعْدَ أَيَّامِيَ الْقَادِمَةِ، اصْطَفِقِي
كَالْمَوْجِ، عُودِي إِلَى شَطِّي بِلَا وَجَلِ
مَهْمَا ابْتَعَدْنَا، فَإِنَّ الْقَلْبَ يُمْسِكُنَا
حُبٌّ سَمَاوِيٌّ وَصْلٍ لَيْسَ مُنْفَصِلِ
سَارَةُ، وَالدَّرْبُ لَوْ أَقْفَرْتِهِ زَمَنًا
فَالْوَصْلُ آتٍ، وَإِنْ طَالَتْ بِهِ السُّبُلُ
يَا نَجْمَةَ الْعُمْرِ، لَا تَقْسِي عَلَى أَمَلٍ
يُرَجِّي لِقَاءً قَرِيبًا، فَازْدَهِ الْوَصْلُ
يَا غَائِبَةَ الرُّوحِ، قَلْبِي الْيَوْمَ مُنْطَفِئُ
كَأَنَّهُ النَّجْمُ فِي الْأَفْلَاكِ مُحْتَفَلِ
قَدْ كُنْتِ شَمْسًا تُضِيءُ الْعُمْرَ فِي شَغَفٍ
وَالْيَوْمَ غَابَ الضِّيَاءُ، اللَّيْلُ مُكْتَحَلِ
فِي الْبُعْدِ تُرْخِي رِيَاحُ الْحُزْنِ أَشْرِعَتِي
وَأَبْحُرُ الشَّوْقُ فِي بَحْرِ الْأَسَى الْجَزِلِ
هَلْ تَعْلَمِينَ بِأَنَّ الْقَلْبَ مُنْهَزِمٌ؟
قَدْ أَضْنَاهُ الْبُعَادُ، الْجُرْحُ مُرْتَحِلِ
سَارَةُ، وَاللَّيْلُ يَشْكُو فِي مَدَامِعِهِ
مَا غَابَ مِنْ دِفْءِ عَيْنَيْكِ، وَمَا رَحَلِ
أَيَا لَوْعَةَ الْبُعْدِ، لَا تُبْقِينَ لِي أَمَلًا
قَدْ صَارَ حَرْفِي عَلَى الْأَوْرَاقِ مُبْتَذَلِ
مَا عُدْتُ أَرْجُو لِقَاءً فِي مَدَائِنِنَا
وَلَا أَرَى فِي ظِلَالِ الْحُلْمِ مُكْتَمَلِ
لَوْلَاكِ مَا ذَاقَ قَلْبِي طَعْمَ أَوْجُعِهِ
وَلَا اكْتَوَى بِجِرَاحٍ دَاؤُهَا أَزَلِ
لَكِنَّ فِي الْبُعْدِ سِرًّا مَا أُفَسِّرُهُ
لَعَلَّ أَشْجَانَنَا فِي الْغَيْبِ تَتَّصِلِ
يَا مَنْ تَرَكْتِ الْفُؤَادَ الْيَوْمَ مُغْتَرِبًا
كَأَنَّهُ الطَّيْرُ فِي وَكْرِ الشَّقَا زَلَلِ
يَا سَارَةَ الشَّوْقِ، أَلْحَانِي مُرَتَّلَةٌ
تُطْرِي الْبِعَادَ، وَتَرْقَى فَوْقَ مُشْتَعِلِ
إِنْ غِبْتِ عَنِّي، فَقَلْبِي بَعْضُهُ وَهَنٌ
وَبَعْضُهُ فِي لَظَى الْأَشْوَاقِ لَمْ يَزَلِ
أَشْتَاقُ عِطْرَ حَدِيثٍ مِنْكِ يَحْرُسُنِي
كَأَنَّهُ لَحْنُ عُصْفُورٍ عَلَى الطَّلَلِ
يَا نُورَ رُوحِي، إِذَا مَا الْبُعْدُ أَضْنَانِي
فَذِكْرُكِ الْمَاءُ فِي صَحْرَاءِ مُعْتَزِلِ
أُضْمِرُ الشَّوْقَ كَالنِّيرَانِ فِي جَذَلِ
لَكِنَّهُ فِي ضُلُوعِي صَارَ كَالْتَلَّلِ
أُسَاهِرُ اللَّيْلَ، وَالْأَصْدَاءُ تَسْأَلُنِي:
"هَلْ سَارَةٌ فِي الْبِعَادِ غَابَتْ أَمِ الظُّلَلِ؟"
يَا غَائِبًا حَاضِرًا فِي الْقَلْبِ مَمْلَكَتِي
وَفِي خَيَالِي، شَذَاكَ الْعَذْبُ لَمْ يَزَلِ
كَأَنَّ شَوْقِي جَنَاحُ الطَّيْرِ يَسْأَلُهُ
عَنِ السَّحَابِ، وَيَطْوِي بَيْنَهُ الْأَمَلِ
يَا سَارَةَ الشَّرْقِ، فِي عَيْنَيْكِ قَافِيَةٌ
مِنَ الْعَجَائِبِ تَجْلُو الْقَلْبَ وَالْمُقَلِ
فِي مُقْلَتَيْكِ ضِيَاءُ الْفَجْرِ مُبْتَهِجٌ
وَفِي يَدَيْكِ جَمَالُ الْعِزِّ وَالْعَمَلِ
يَا وَرْدَةً نَمَتْ بَيْنَ الرِّمَالِ نَدًى
تَرْوِي الْعِطَاشَى وَتُغَنِّي الرُّوحَ بِالْأَمَلِ
أَرَى الْكَوَاكِبَ فِي أَهْدَابِكِ ازْدَحَمَتْ
كَأَنَّهَا النُّورُ يَغْفُو بَيْنَ مُكْتَحَلِ
يَا مَنْ بَهَاءُ اللَّيَالِي فِيكِ مُؤْتَلِقٌ
كَأَنَّ رُوحَ الْحَيَاةِ فِيكِ لَمْ تَزَلِ
الشَّرْقُ يَعْرِفُ فِي أَنْفَاسِكِ شَمْسَهُ
وَالْكَوْنُ يَشْهَدُ أَنَّ الْجُودَ فِيكِ نُزِلِ
يَا قُدْسَ حُسْنِكِ، هَذَا الْقَلْبُ أَعْبُدُهُ
وَفِي مَدَاكِ سَرَابُ الرُّوحِ يَكْتَمِلِ
أَهِيمُ فِيكِ، كَأَنَّ الشَّوْقَ قَافِيَةٌ
مِنَ السَّمَاءِ لَهَا فِي الْحُبِّ مُعْتَزِلِ
مَاذَا أَقُولُ إِذَا أَغْضَى الْهَوَى خَجَلًا؟
أَوْ خَاضَ بَحْرًا عَلَى أَمْوَاجِهِ خَجِلِ؟
بَيْنَ الْجُفُونِ رَبِيعٌ لَا زَوَالَ لَهُ
وَفِي حَدِيثِكِ طِيبُ الْمِسْكِ وَالْعَسَلِ
يَا لَوْحَةً فِي مُحَيَّا النُّورِ مُشْرِقَةً
كَأَنَّهَا الشَّمْسُ يَوْمَ الْبَدْرِ لَمْ تَغِلِ
أَذُوبُ فِي كُلِّ حَرْفٍ مِنْكِ أُبْصِرُهُ
حَتَّى كَأَنَّ هَوَاكِ الرُّوحُ وَالْجَبَلِ
1393
قصيدة