عدد الابيات : 46
مَا هَاجَ قَلْبِي غَيْرُ سَارَةَ إِذْ مَضَتْ
تَنْسَابُ نُورًا فِي رُبَا الْأَكْوَانِ
مَا غَنَّى قَلْبِي غَيْرُ سَارَةَ حِينَمَا
تَمْضِي كَطَيْفٍ فِي دُجَى الْأَزْمَانِ
يَا جُنَّةَ الْأَرْوَاحِ يَا سِرَّ الْمُنَى
يَا وَمْضَةً تَجْتَاحُ كَالنِّيرَانِ
كَأَنَّكِ فِي ظُلْمَاتِ رُوحِي كَوْكَبٌ
أَضَاءَ بِحُسْنٍ فِي ظَلَامِ كَيَانِ
فَيَا سَارَةَ، الْحُسْنُ الْبَدِيعُ بِعَيْنِكِ
يَفِيضُ بِحُورِ الشِّعْرِ فِي الْأَوْزَانِ
أَيَا سَارَةَ، الْحُبُّ الْعَظِيمُ مُنَايَ فِي
دُنْيَا احْتَوَتْ حُلْمًا عَلَى كَفِّ حَنَانِ
وَإِنِّي لِوَصْفِكِ يَا سَارَةُ وَاقِفٌ
كَأَنِّي أَمَامَ الشَّمْسِ فِي شِرْيَانِ
كَأَنَّكِ لَحْنُ الْكَوْنِ صَمْتُ نَسَائِمٍ
وَهَمْسُ اللَّيَالِي فِي خَفَا الْأَلحَانِ
فَيَا بَدِيعَةَ الْحُسْنِ إِنَّكِ قِبْلَةٌ
تُصَلَّى لَهَا الْأَشْعَارُ فَوْقَ الْجِنَانِ
أَيَا مَنْ حُرُوفُ اسْمِكِ حُلْمُ شَاعِرٍ
تَرْتَلُهَا الْأَرْوَاحُ فَوْقَ لِسَانِ
أَمِنْ ذِكْرِكِ الْعَذْبِ ارْتَجَفْتُ مُهَيْمِنًا
وَتَهَامَسَتْ فِيَّ الْجِرَاحُ كَأَغْصَانِ
أَمَا تَسْتَبِينِينَ اشْتِيَاقِي مُضَرَّجًا
كَغَيْثٍ جَرَى فِي سَهْلِ أَمْنٍ وَآمَانِ
أَمَا تَسْمَعِينَ النَّبْضَ يَشْدُو صَادِقًا
كَأَنِّي أُنَاجِي اللَّهَ فِي أَلْحَانِ
أُحِبُّكِ حُبَّ الشِّعْرِ فِي لَوْحِ الْهَوَى
حُبًّا تَخَطَّى كُلَّ طَوْقِ بَيَانِ
أُحِبُّكِ حَتَّى لَا يُفَسَّرَ شَوْقُهُ
كَأَنَّ جَمَالَكِ عِلَّةُ الْإِيمَانِ
أَمَا تَعْلَمِينَ بِأَنَّ قَلْبِي طَائِرٌ
يَحُطُّ إِلَيْكِ رَغْمَ بُعْدِ مَكَانِ
وَأَنَّ الدُّمُوعَ فِي الْمَسَاءِ جُيُوشُهَا
غَزَتْنِي كَأَنِّي السَّيْفُ تَحْتَ طِعَانِ
تَعَالَيْ فَقَدْ ضَاقَتْ بِقَلْبِي أَضْلُعٌ
وَحَاصَرَتِ الْآهَاتُ نَفْسَ فَتَّانِ
أُنَاجِيكِ حُبًّا يَسْتَحِيلُ كِتْمَانُهُ
كَأَنِّي نَبِيٌّ أَرْسَلَ الْآذَانِ
فَيَا نَسَمَةَ الْفَجْرِ الَّتِي فِي حُضُورِهَا
تَصِيرُ لِيَ الدُّنْيَا كَدَارِ أَمَانِ
أَيَا سَارَةَ، الْأَيَّامُ صَارَتْ خَنْجَرًا
يُقَطِّعُ آمَالِي كَنَسْجِ دُخَانِ
وَأَيْنَ ارْتِحَالُ الطَّيْفِ؟ أَيْنَ ظِلَالُهُ؟
وَأَيْنَ الْحَنَانُ الْحُلْوُ فِي كَفِّ حَانِ؟
أَمَا كَانَ بَيْنَ الْقَلْبِ وَعْدٌ وَاحِدٌ
أَلَّا نَفْتَرِقَ مَهْمَا تَلَاشَتْ مَعَانِ؟
أَمَا كَانَ بَيْنَ الْقَلْبِ عَهْدٌ وَاحِدٌ
بِأَنْ لَا نَفْتَرِقَ مَهْمَا جَرَى بِزَمَانِ؟
أَلَيْسَ الْهَوَى عَهْدًا كَرِيمًا خَالِدًا؟
فَكَيْفَ انْتَهَتْ بِالْعَهْدِ أَيْدِي الْخَوَانِ؟
تَرَكْتِ فُؤَادِي فِي الطَّرِيقِ مُبَعْثَرًا
كَأَنِّي حُطَامُ الْبَحْرِ بَعْدَ الْعِنَانِ
فَيَا سَارَةَ، لَا تَتْرُكِينِي هَائِمًا
فَقَلْبُكِ بَيْتِي وَالْحَنِينُ مَوَانِ
أَرَى صُورَتَكِ فِي النَّجْمِ حِينَ تَأَلَّقَتْ
كَأَنَّكِ فِي الْأَفْلَاكِ سِرُّ أَمَانِ
وَفِي كُلِّ زَهْرٍ أَسْتَظِلُّ بِعِطْرِهِ
تُلَوِّحِينَ لِي مِنْ بُعْدِ بُسْتَانِ
وَأَعْبُرُ صَحْرَاءَ الْحَيَاةِ وَحِيدَهَا
بِخَطْوٍ ثَقِيلٍ كَالظِّلَالِ الْعُصْيَانِ
فَإِنْ عُدْتِ كَانَ الْحُبُّ أَعْظَمَ مُعْجِزٍ
وَإِنْ غِبْتِ صَارَ الشَّوْقُ نَارَ جِنَانِ
سَأَرْعَى الْهَوَى مَهْمَا تَبَاعَدَ دَرْبُنَا
وَأَبْقَى كَمَا الْمَاءُ الْغَزِيرُ الرَّوَانِ
فَلَا تَسْأَلِينِي كَيْفَ صَارَ ظِلَالُنَا
بَعِيدًا لِأَنِّي صِرْتُ بَعْضَ كَيَانِ
أَعِيشُ بِذِكْرَى وَجْهِكِ النُّورَانِي
وَأَغْفُو عَلَى صَوْتِ الْهَوَى الرَّبَّانِي
تَحَدَّيْتُ لُبَيْدًا وَالْقَبَائِلَ كُلَّهَا
وَجِئْتُ بِمَا لَا يَسْتَطِيعُ بَيَانِ
وَيَا شُعَرَاءَ الْأَرْضِ هَلْ فِي قُلُوبِكُمْ
لَهِيبٌ كَهَذَا أَوْ جَحِيمٌ مَعَانِ؟
فَإِنْ كُنْتُمُ أَهْلَ الْقَرِيضِ حَقِيقَةً
فَهَاتُوا بِبَيْتٍ يُوَازِيَ أَشْجَانِي
تَحَدَّيْتُ كُلَّ الْكَوْنِ شِعْرًا وَهَيْبَةً
وَأَظْهَرْتُ سِحْرًا فَوْقَ كُلِّ ظِنَانِ
فَيَا سَارَةَ، الْحُبُّ الْعَمِيقُ قَصِيدَتِي
وَكَيْفَ لِغَيْرِي أَنْ يُنِيرَ مَكَانِ؟
لِأَنَّكِ فِي قَلْبِي الْقَصِيدَةُ وَحْدَهَا
وَيَا سَارَةَ لَنْ تَبْلُغِيهَا الثَّوَانِي
فَإِنِّي إِذَا مُتُّ أَبْقَى شَاعِرًا
وَفِي قَلْبِكِ الْمُعَلَّقَةُ لِلْأَزْمَانِ
فَلَا جَفَّ دَفْقِي أَوْ تُسَامَى عَزْمُهُ
وَلَا أَوْقَفَتْهُ سُنَّةُ الْإِنْسَانِ
خَتَمْتُ وَلَكِنَّ الْخَيَالَ مُمَتَّعٌ
بِتِلْكَ الَّتِي أَغْنَتْ جَمِيعَ جِنَانِ
فَيَا سَارَةَ، الشَّوْقُ الَّذِي يَلْتَحِفُ الدُّجَى
كَأَنَّهُ نَسْرٌ عَلَى السُّحْبِ بَانِ
فَيَا سَارَةَ، أَنْتِ الْخُلُودُ وَشِعْرُنَا
سَيَبْقَى عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ أَغَانِ
سَأَكْتُبُ فِي قَلْبِ النُّجُومِ قَصِيدَتِي
وَفِي دَفْتَرِ الرِّيحِ الْخَفِيفِ كَيَانِ
1391
قصيدة