عدد الابيات : 100

طباعة

أَتَيْنَا بِالْمَلَاحِمِ سَاطِعِينَا

وَأَهْدَيْنَا الْمَدَى صَرْحًا مَكِينَا

هُنَا شَامُ الْبَهَاءِ لَنَا حَكَايَا

تُسَافِرُ فِي الْمَدَى فَخْرًا أَمِينَا

دِمَشْقُ الْمَجْدِ كَمْ خَطَّتْ حُرُوفًا

تُبَارِكُ فِي الْكَتَائِبِ صَارِمِينَا

هِيَ الشَّامُ الَّتِي سَادَتْ رُؤَاهَا

وَجَاءَتْ بِالْهُدَى تُهْدِي الْقَرِينَا

إِلَيْهَا الْأَرْضُ تَنْظُرُ فِي خُشُوعٍ

كَأَنَّ الْمَجْدَ مِنْ كَفِّ الْيَمِينَا

هِيَ الْأُمُّ الَّتِي حَمَلَتْ تُرَاثًا

وَصَاغَتْ لِلْمَلَاحِمِ مُرْتَقِينَا

تَمُدُّ إِلَى الْحَضَارَاتِ انْطِلَاقًا

وَتُبْقِي الْمَجْدَ فِي سَفَرٍ مَكِينَا

بَنَتْ صَرْحَ الْمَعَارِفِ فِي شُمُوخٍ

فَكَانَتْ لِلْعُلُومِ جُذُورَ دِينَا

عَلَى أَطْلَالِهَا سَارَتْ قَوَافِلُ

تُدَوِّنُ مَجْدَهَا حَرْفًا مُبِينَا

بِدِمَشْقٍ حُبِكَتْ آيُ الْقَصَائِدِ

وَكَانَتْ لِلْعُرُوبَةِ مَوْطِنِينَا

رُبَى بَرَدَى الَّتِي نَطَقَتْ بَيَانًا

وَكَانَتْ فِي الْمَدَى صَوْتَ الدَّفِينَا

هُنَا الْمَهْدُ الَّذِي أَهْدَى الْبَرَايَا

عُلُومًا أَرَّخَتْ حِقَبًا ثَمِينَا

لَهَا الْفَارُوقُ أَهْدَى نَصْرَ دِينٍ

وَخَطَّ بِهَا الْمُرَابِطُ قَلْبَ حِصْنَا

وَفِيهَا الْعَابِدُونَ أَضَاءَ دَرْبًا

وَأَرْسَوْا فِي الْيَقِينِ لَنَا سَفِينَا

هِيَ الشَّامُ الَّتِي عَبَرَتْ دُهُورًا

تُعَلِّمُ فِي الْمَدَى مَعْنَى الْيَقِينَا

مَآذِنُهَا تُنَاجِي كُلَّ طَيْفٍ

وَتُبْصِرُ فِي جَلَالَتِهَا السَّمِينَا

هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي سَارَتْ ضِيَاءً

وَأَشْرَقَتِ الْمَدَى نُورًا دَفِينَا

وَفِي سَاحَاتِهَا سَادَتْ عُصُورٌ

تُزَيِّنُ مَاضِيَ الدُّنْيَا الثَّمِينَا

عَلَى أَعْتَابِهَا صَلَّى الْمَدَى يَوْمًا

وَدَانَتْ لِلْحَضَارَةِ مُسْتَكِينَا

تَدَاعَتْ لِلثَّقَافَاتِ اعْتِرَافًا

بِأَنَّكِ لِلْمَفَاخِرِ أَوْلِينَا

إِذَا ذُكِرَ الْفُرَاتُ أَتَى نِدَاهُ

يُشِيدُ بِأَنَّ شَامَكِ قَدْ أَرِينَا

كَتَبْنَا فَوْقَ أَسْمَائِكِ وُجُودًا

لِتَبْقَى فِي الْحَضَارَاتِ الْجَبِينَا

وَفِيهَا النُّورُ أَنْشَأَ أَلْفَ بَيْتٍ

وَأَهْدَى لِلْحَضَارَةِ مَا رَمَيْنَا

بَنَتْ لِلشِّعْرِ قَصْرًا مِنْ ضِيَاءٍ

وَأَلْبَسَتْهُ تِيجَانًا ثَمِينَا

وَفِي سَاحَاتِهَا حُكْمُ الْعَدَالَةِ

وَفَوْقَ تُرَابِهَا الْحَقُّ اسْتَكِينَا

هُنَا شَامُ الْيَقِينِ لِكُلِّ حُلْمٍ

تُؤَلِّفُ مِنْ شَذَى الْحَرْفِ السَّفِينَا

إِذَا ضَاقَتْ بِنَا الدُّنْيَا أَضَاءَتْ

جَمَالَ اللَّهِ فِي أُفُقٍ تَبِينَا

هِيَ الْحَاضِنَةُ الَّتِي رَفَعَتْ لِوَاءً

عَظِيمًا فِي الزَّمَانِ وَفِي الْمَيَادِينَا

هُنَا الْأَوَّلُونَ خَطُّوا خَطَّ فَخْرٍ

وَأَهْدَوْا لِلزَّمَانِ بِهَا الْأَمِينَا

تَمُدُّ الْحُضْنَ لِلْأَيْتَامِ حُبًّا

وَتُبْقِي فِي الدُّرُوبِ لَهُمْ سُكِينَا

تَعَلَّمْنَا مِنَ الشَّامِ الْوَفَاءَ

وَأَهْدَتْنَا الصُّدُورَ مُحَبِّبِينَا

رَسَائِلُهَا إِلَى الْدُّنْيَا سَلَامٌ

وَآيَاتُ الْإِخَاءِ بِهَا رَسِينَا

دِمَشْقُ، وَمِنْكِ يَبْتَدِئُ الْحَضَارَاتُ

وَيُشْرِقُ فَجْرُهَا بَيْنَ الْمُنُونَا

الشَّامُ بَوَّابَةُ الْقِيَمِ الْعَالَمِيَّةِ

وَمِنْكِ شَعَّ النُّورُ رِفْدًا لِلْمُقْتَرِينَا

إِلَيْكِ الْأَحْرُفُ انْحَنَتِ اعْتِرَافًا

بِأَنَّكِ لِلْعُلَا رَمْزُ الْمُبِينَا

أَيَا شَامَ الْقِيَمِ، سَلِي الْمَدَى عَنْ

يَدَيْكِ إِذَا بَنَتْ صُرُوحَ الْأَمِينَا

فَأَنْتِ فِي الْمَكَارِمِ أُمُّ قَوْمٍ

وَفِيكِ تَجَلَّتِ الْأَرْوَاحُ حِينَا

وَكُلُّ رُبَى الْخِلَافَةِ قَدْ تَرَامَتْ

إِلَيْكِ تُنَاشِدُ الْحُرَّ الْأَمِينَا

تُقَدِّمِينَ الْقِيَمَ الْحُمْرَ دُسْتُورًا

تُعَلِّمُ كُلَّ ظَالِمٍ الْيَقِينَا

هِيَ الشَّامُ الَّتِي أَمْسَتْ مِثَالًا

تُجَدِّدُ مِنْ رُؤَاهَا الْعَالَمِينَا

تَمُدُّ يَدَ الْحَضَارَاتِ افْتِخَارًا

وَتَبْنِي فَوْقَ أَطْلَالِ السِّنِينَا

بَنَتْ فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ شُعَاعًا

يَرَاهُ الْمُبْدِعُونَ مُبْهِرِينَا

وَفِي حَاضِرِهَا جِيلٌ فَتِيٌّ

يَرَى بِالْعِلْمِ نَهْجًا مُسْتَقِيمَا

يَغُوصُ بُحُورَ إِبْدَاعٍ عَمِيقٍ

لِيَحْيَا فِي الْمَعَالِي رَائِدِينَا

هُنَا الْإِنْسَانُ يَسْمُو فَوْقَ ظُلْمٍ

وَيُزْهِرُ بِالْكَرَامَةِ مُوقِنِينَا

تَظَلُّ حَضَارَةً أَبَدًا تُنَادِي

وَتَبْقَى لِلْكَرَامَةِ مُلْهَمِينَا

لَنَا الشَّامُ الَّتِي عَزَّتْ وَصَارَتْ

نِبْرَاسًا فِي الْفَضَاءَاتِ السَّمِينَا

هِيَ الْأُمُّ الَّتِي تَحْنُو بِأَخْلَاقٍ

وَتُنْصِفُ كُلَّ مَظْلُومٍ حَزِينَا

أَيَا شَامُ النُّهَى، لَكِ فِي رُؤَانَا

كِتَابٌ مِنْ قُلُوبِ الْعَاشِقِينَا

نَرَاكِ غَدًا نَمُوذَجَ كُلِّ عَصْرٍ

يَقُودُ الْعَالَمِينَ إِلَى الْمُبِينَا

تُحَرِّكُ نَبْضَ أُمَمٍ نَحْوَ مَجْدٍ

وَتَزْرَعُ فِي الدُّنَا فِكْرًا دَفِينَا

دِمَشْقُ، الْحَرْفُ يُزْهِرُ فِي رُبَاهَا

كَأَنَّ الْعِلْمَ مِنْهَا قَدْ بَدِينَا

إِذَا نَطَقَتْ سَمَاءُ الشَّامِ قَوْلًا

سَمِعْتَ الرَّعْدَ يُجْرِي الصَّامِتِينَا

تَجَمَّعَتِ الْحَضَارَاتُ افْتِخَارًا

بِأَنَّ الشَّامَ أُمٌّ، وَالْكِلِينَا

فَمِنْهَا سَالَ دَمْعُ الْخُلْدِ شِعْرًا

وَصَارَ الْكَوْنُ فِي سِحْرٍ رَهِينَا

عَلَى جُدْرَانِهَا كُتِبَتْ حَكَايَا

تُعَلِّمُنَا التَّحَدِّي مُرْهَفِينَا

هُنَا الْعِلْمُ الَّذِي جَابَ الْبَوَادِي

وَجَاءَ لِيُطْعِمَ الْعَقْلَ الْيَقِينَا

هُنَا الْأَرْضُ الَّتِي وَلَدَتْ كُتُبًا

فَصَارَتْ لِلْوَرَى نَهْرًا مَعِينَا

تَرَى الْأَخْلَاقَ فِي أُفُقِ الْمَعَالِي

وَتَرْفَعُ رَايَةَ الْحَقِّ الْمُبِينَا

إِذَا مَا الْفَجْرُ أَقْبَلَ مُسْتَبِينَا

أَتَى وَالْعَدْلُ يَسْقِي الْعَابِرِينَا

بَنَتْ فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِثَالًا

وَأَصْبَحَتِ الشُّعُوبُ لَهَا رَهِينَا

وَفِي سَاحَاتِهَا صَوْتُ الْبِنَاءِ

يُبَارِكُ كُلَّ رُكْنٍ مُطْمَئِنَّا

هُنَا أَرْضُ الْعُرُوبَةِ تُنْبِتُ حُلْمًا

بِأَنَّ الْحَقَّ مَا زَالَ رَهِينَا

سَتَلْتَقِي الْحَضَارَاتُ افْتِخَارًا

عَلَى أَعْتَابِهَا، قَلْبًا يَقِينَا

وَإِنْ سَأَلُوا عَنِ الْغَدِ مَنْ تُرَاهُ؟

فَقُلْ: شَامُ الْبَهَاءِ تُضِيءُ دِينَا

تَمُدُّ يَدًا لِتُعْلِيَ كُلَّ شَعْبٍ

تُعَلِّمُهُ الْأَمَانَ مُبْدِعِينَا

وَتَبْقَى شَامُنَا لِلْأَرْضِ نَجْمًا

يُرَاقِبُهُ الْمُحِبُّ مُتَيَّمِينَا

دِمَشْقُ، وَيَاسَمِينُ الْمَجْدِ عِطْرٌ

يُعَلِّمُنَا الْحَيَاةَ مُوَحِّدِينَا

زَرَعْنَا فِي ثَرَاكِ الْمَجْدَ حَتَّى

غَدَا عَرْشَ الزَّمَانِ الْمُطْمَئِنَّا

كَأَنَّ الْيَاسَمِينَ خَطَا بَيَانًا

يُخَلِّدُ فِي السُّطُورِ الْأَوَّلِينَا

تُعَلِّمُ أُمَّةَ الْأَزْمَانِ عَدْلًا

وَتَبْنِي فِي سَمَاءِ الْحَقِّ دِينَا

هُنَا التَّارِيخُ يَسْكُنُ كُلَّ حَرْفٍ

فَمِنْ أُمِّ الْكِتَابِ شَرِبْنَا يَقِينَا

سَنُبْنِي فِي الْقِلَاعِ عُلُومَ عَصْرٍ

تَمُدُّ الْحُضْنَ نُورًا لِلْمُضِلِّينَا

شَوَامِخُ مِثْلُ قَاسِيُونَ نَسْمُو

وَنَبْلُغُ فِي الْفَضَاءِ الْمُشْرِقِينَا

هُنَا الشَّامُ التِي أَحْيَتْ فُنُونًا

وَصَاغَتْ لِلْجَمَالِ عُيُونَ عِينَا

بِأَرْضِهَا تَرَاءَتْ كُلُّ رُؤْيَا

تُضِيءُ بِنُورِهَا قَلْبَ الْمُزِينَا

وَفِي أَسْوَاقِهَا عَبَقُ التِّجَارَةِ

تَجَمَّعَ فِي يَدَيْهَا الْمُنْتَمِينَا

هُنَا الأَخْلاقُ نَبْعٌ لا يَنَضُّبُ

يُعَلِّمُ كُلَّ عَصْرٍ مُسْتَقِينَا

بِشَامِكِ يَا دِمَشْقُ تَوَحَّدَتْ أُمَمٌ

وَأَصْبَحَتِ الْوُجُوهُ مُؤَالِفِينَا

عَلَى ضِفَافِكِ ازْدَهَرَتْ مَعَارِفُ

تُرَقِّي الرُّوحَ فِي نَهْجٍ سَمِينَا

وَكَمْ مِنْ شَاعِرٍ فِيكِ تَغَنَّى

فَصَارَ الشِّعْرُ مِثْلَ الْمُؤْمِنِينَا

إِذَا مَا النَّاسُ ضَلُّوا فِي ظَلَامٍ

فَشَامُكِ تُرْشِدُ الْحَيْرَانَ دِينَا

تَرَى الْإِنْسَانَ فِي عَيْنَيْهَا نَجْمًا

يُضِيءُ بِهَا الدُّرُوبَ مُحَسِّنِينَا

هُنَا الْأَمْجَادُ تَرْسُمُ كُلَّ عَصْرٍ

وَتُحْيِي فِي الْقُلُوبِ الْمُسْتَكِينَا

وَفِي رُبَاهَا أَلْحَانُ التَّوَاصُلِ

تُنَاغِمُ بَيْنَ شَرْقٍ وَغَرِينَا

بِهَا التَّارِيخُ يَحْكِي عَنْ كَرَامٍ

شَكَلُّوا لِلْحَضَارَةِ مَعْلَمِينَا

إِذَا مَا الْكَوْنُ أَظْلَمَ فِي ضَيَاعٍ

فَشَامُكِ نُورُهُ يُرْشِدُ حِينَا

هُنَا الْحَقُّ تَجَلَّى فِي كَلَامٍ

وَصَارَ لِكُلِّ قَلْبٍ مُؤْمِنِينَا

وَفِي أَرْجَائِهَا عِزٌّ تَوَارَى

فَأَحْيَتْهُ يَدُ الْحُرِّ الْأَمِينَا

بِشَامِكِ يَا دِمَشْقُ تَرَاءَتْ أَحْلَامٌ

تُعَانِقُ فِي السَّمَاءِ الْمُبْدِعِينَا

تُعَلِّمُ كُلَّ أُمَّةٍ سَبِيلًا

يُرَقِّي الْعَقْلَ فِي فَجْرٍ مُبِينَا

وَكَمْ مِنْ حَاكِمٍ جَاءَتْ رُؤَاهُ

لِيَبْنِيَ فِي رُبَاهَا الْمُصْطَفِينَا

هُنَا الْأَرْضُ التِي أَزْهَرَ فِيهَا

ضِيَاءُ الْحَقِّ فِي الْعَيْنَيْنِ عِينَا

وَفِي أَسْوَاقِهَا تَارِيخُ عِزٍّ

يُحَدِّثُ عَنْ كَرَامٍ صَانِعِينَا

إِذَا مَا الْفَجْرُ أَشْرَقَ فِي رُبَاهَا

تَرَى الْأَحْلَامَ تَحْيَا رَائِدِينَا

وَكَمْ مِنْ عَالِمٍ شَرُفَتْ بِهِ الشَّامُ

فَصَارَ لِكُلِّ عِلْمٍ رَاعِيِينَا

تَجَاوَزَتِ الْحُدُودَ بِكُلِّ فَخْرٍ

فَأَصْبَحَتِ الْمَدَى رَمْزًا مَكِينَا

وَفِي أَحْضَانِهَا نَمَتْ ثَقَافَاتٌ

تُعَلِّمُ كُلَّ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَا

هُنَا الشَّامُ التِي أَضْحَتْ رَمْزًا

لِكُلِّ الْعَالَمِينَ مُحَرِّرِينَا

وَتَبْقَى فِي الْقُلُوبِ نُورَ عِزٍّ

يُضِيءُ دُرُوبَنَا لِلْعَالَمِينَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

1391

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة