الديوان » العصر الايوبي » سبط ابن التعاويذي » قفوا تعجبوا من سوء حالي ومن ضري

عدد الابيات : 47

طباعة

قِفوا تَعَجَبوا مِن سوءِ حالي وَمِن ضُرّي

فَمِن زَفرَةٍ تَرقى وَمِن دَمعَةٍ تَجري

وَقَد كُنتُ قَبلَ اليَومِ جَلداً وَإِنَّما

أَحالَ الهَوى ما كُنتَ تَعهَدُ مِن صَبري

رَمَتني يَدُ الأَيّامِ فيمَن أُحِبُّهُ

بِسَهمِ فِراقٍ جاءَ مِن حَيثُ لا أَدري

لَقَد مَلَكَتني فيكُمُ اليَومَ حَيرَةٌ

وَمازلِتُ مِن قَبلِ النَوى مالِكاً أَمري

سَأَبكي مَدى عُمري أَسىً وَصَبابَةً

بِكُم وَقَليلٌ إِن بَكَيتُ لَكُم عُمري

وَأَذري دِماءً وَحشَةً لِفِراقِكُم

وَإِن أَنا لَم أَبكِ الدِماءَ فَما عُذري

شَكَوتُ هَواكُم أَن رَآنِيَ كاشِحٌ

لَكُم أَو عَذولٌ بَعدَكُم باسِمَ الثَغرِ

وَكَيفَ أُداوي القَلبَ عَنكُم بِسَلوَةٍ

وَفي مَذهَبي أَنَّ السُلُوَّ أَخو الغَدرِ

جَعَلتُكُمُ ذُخري لِأَيّامِ شِدَّتي

وَلَم أَدرِ أَنَّ الدَهرَ يَسلُبُني ذُخري

وَقالوا اِنقَضاءُ الدَهرِ لِلحُزنِ غايَةٌ

وَحُزنِيَ مُمتَدٌّ لَدَيكُم مَعَ الدَهرِ

لَقَد غادَرَ الغادونَ بَينَ جَوانِحي

لَواعِجَ أَشجانٍ تَرَدَّدُ في صَدري

هُمُ أَسلَموا القَلبَ الخَؤونَ إِلى الأَسى

وَهُم وَكَلوا عَيني بِأَدمُعِها الغُزرِ

تَرى تَسمَحُ الأَيّامُ مِنهُم بِعَودَةٍ

فَأُدرِكَ أَوطاري وَأوفي بِكُم نُذري

وَإِنّي لَراضٍ أَن تَدُلّوا عَلى الكَرى

جُفوني عَسى أَنَّ الخَيالَ بِها يُسري

بِنَفسي غَريبُ الأَهلِ وَالدارِ لا يَرى

لَهُ فادِياً يَفديهِ مِن رائِعِ الأَمرِ

إِذا ذَكَرَ الأَوطانَ فاضَت دُموعُهُ

فَأَرسَلَها فَوقَ التَرائِبِ وَالنَحرِ

أَتَتها المَنايا وَهيَ في ثَوبِ غِبطَةٍ

فَتَبّاً لِمَسرورٍ بِدُنياهُ مُغتَرِّ

فَلَم يُغنِها ما طافَ حَولَ خِبائِها

مِنَ السَمهَرِيِّ اللَدنِ وَالجَحفَلِ المَجرِ

وَلَو قورِعَت حُمرُ المَنايا وَسودُها

بِمُرهَفَةٍ بيضٍ وَخَطِّيَةٍ سُمرِ

لَقارَعَ عَنها بِالصَوارِمِ وَالقَنا

أَبٌ نافِذُ السُلطانِ مُمتَثَلُ الأَمرِ

لَئِن غادَرَت قَصرَ الخِلافَةِ موحِشاً

فَكائِن لَها في جَنَّةِ الخُلدِ مِن قَصرِ

فَيا قَبرُ ما بَينَ الصَراةِ وَدَجلَةٍ

إِلى نَهرِ عيسى جادَكَ الغَيثُ مِن قَبرِ

وَصابَت ثَراكَ غُدوَةً وَعَشِيَّةً

غَوادٍ مِنَ الرِضوانِ هامِيَةُ القَطرِ

فَلِلَّهِ ما اِستودِعتَ يا قَبرُ مِن تُقىً

وَمِن كَرَمٍ عِدٍّ وَمِن نائِلٍ غَمرِ

ثَوى بِكَ مِن لَو جاوَزَ النَجمَ قَدرُهُ

لَزادَت بِهِ الأَفلاكُ فَخراً إِلى فَخرِ

وَلو عَلِمَت حَصباءُ أَرضِكَ مَن ثَوى

ضَجيعاً لَها باهَت عَلى الأَنجُمِ الزُهرِ

فَيا لَكَ مِن قَبرٍ بَرُدتَ مَضاجِعاً

وَقَلَّبتَ أَبناءَ القُلوبِ عَلى الجَمرِ

نَمُرُّ عَليهِ خاشِعينَ كَأَنَّنا

مَرَرنا عَلى الرُكنِ المُقَبَّلِ وَالحِجرِ

لَنا دَعوَةٌ مِن حَولِهِ مُستَجابَةٌ

فَكُلُّ اللَيالي عِندَهُ لَيلَةُ القَدرِ

عَلَيكَ سَلامُ اللَهِ كُلَّ عَشِيَّةٍ

يَكُرُّ عَلى أَعقابِها مَطلَعُ الفَجرِ

وَعاداكَ جودٌ مُكفَهِرٌّ سَحابُهُ

وَإِن كُنتَ مَلآنا مِنَ الجودِ وَالبِشرِ

رَثَيناكِ يا خَيرَ النِساءِ تَعَبُّداً

وَمِثلُكِ لا يُرثى بِنَظمٍ وَلا نَثرِ

وَمَن كانَتِ الشِعرى العَبورُ مَحَلَّهُ

تَعَظَّمَ قَدراً أَن يُؤَمَّنَ بِالشِعرِ

تَحَجَّبتِ عَن مَرأى العُيونِ جَلالَةً

وَعِزّاً فَمِن خِدرٍ نُقِلتِ إِلى خِدرِ

حَلَلتِ بِمَأنوسٍ مِنَ الأَرضِ آهِلٍ

إِذا حَلَّتِ الأَجداثُ في موحِشٍ قَفرِ

أَنيسُكَ فيهِ عِزَّةٌ وَشَهادَةٌ

فَنورٌ عَلى نورٍ وَأَجرٌ عَلى أَجرِ

فَلا زِلتِ في مُقَبَّلِ مَوضِعٍ

عَلَيكِ بِما قَدَّمتِ فيهِ مِن البِرِّ

وَصَبراً أَميرَ المُؤمِنينَ لِرُزئِها

وَإِن جَلَّ ذا الرُزءُ العَظيمُ عَنِ الصَبرِ

فَكَم لِمُلوكِ الأَرضِ لا زِلتَ وارِثاً

لِأَعمارِهِم عِندَ النَوائِبِ مِن وِترِ

وَأَنتَ مِنَ القَومِ الَّذينَ عَليهِمِ

تَنَزَّلَتِ الآياتُ في مُحكَمِ الذُكرِ

هُمُ أُمَناءُ اللَهِ فينا أَئِمَّهُ ال

هُدى وَهُمُ أَهلُ الشَفاعَةِ في الحَشرِ

إِذا وَرِثوا في غَيرِ دينٍ تَعَرَّضوا

عَنِ الذاهِبِ الماضي بِمُستَقبِلِ الأَجرِ

فَيا مَلِكَ الأَملاكِ شَرقاً وَمَغرِباً

وَسَهلاً إِلى حَزَنٍ وَبَرّاً إِلى بَحرِ

أُعيذُكَ مِن هَمٍّ تَبيتُ لِأَجلِهِ

عَلى سِعَةِ السُلطانِ مُقتَسَمَ الفِكرِ

فَجَرِّد لِأَهلِ البَغيِ عَزماً مُؤَيَّداً

وَسَلِّط عَلى أَرضِ العَدُوِّ يَدَ القَهرِ

فَإِنَّكَ مَوعودٌ مِنَ اللَهِ أَن تُرى

عَلى بابِكَ الأَعداءُ في حَلَقِ الأَمرِ

وَلا زِلتَ مَنشورَ اللِواءِ مُظَفَّرَ ال

كَتائِبِ مَحفوفَ المَواكِبِ بِالنَصرِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن سبط ابن التعاويذي

avatar

سبط ابن التعاويذي حساب موثق

العصر الايوبي

poet-sibt-ibn-altaawithy@

332

قصيدة

1

الاقتباسات

19

متابعين

محمد بن عبيد الله بن عبد الله، أبو الفتح، المعروف بابن التعاويذي، أو سبط ابن التعاويذي. شاعر العراق في عصره. من أهل بغداد، مولده ووفاته فيها. ولي بها الكتابة في ديوان ...

المزيد عن سبط ابن التعاويذي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة