الديوان » العصر المملوكي » لسان الدين بن الخطيب » جنابك محفوظ وسعدك سافر

عدد الابيات : 46

طباعة

جَنابُكَ محْفوظٌ وسعْدُكَ سافِرُ

وفِعْلُكَ للصَّنْعِ الجَميلِ مُحالِفٌ

ورأيُكَ للنّجْحِ المُبينِ مُؤازِرُ

وصرْحُ عُلاكَ في سَراوَة يعْرُبٍ

تَبيدُ اللّيالي دونَهُ وهْوَ عامِرُ

يُطِلُّ على أوْجِ السِّماكِ عِمادُهُ

ولا طُنُبٌ إلا العُلى والمَفاخِرُ

وألْبِسْتَ سِيَما المجْدِ في المهْدِ ناشِيا

وسُدْتَ وما سُدَّتْ عليْكَ المآزِرُ

وقدْ تُعْلَمُ الغاياتُ من بَدآتِها

وتظْهَرُ في أولى الأمورِ الأواخِرُ

وعالَجَ داءَ الدّهْرِ منْكَ مجرِّبٌ

طَبيبٌ بأدْواءِ السّياسةِ ماهِرُ

فأنْتَ لحَبْلِ المُلْكِ لا شكَّ واصِلٌ

وأنتَ لصَدْعِ الدّينِ لا شكّ جابِرُ

تَرومُ الأبِيّاتِ الصّعابِ فتَنْثَني

لَيانَ الهَوادي وهْيَ شُمْسٌ نوافِرُ

وتَقْبِسُ منْ نورِ الإلاهِ هِدايةً

فتُبْصِرُ بَدْءاً ما لَهُ الأمْرُ صائِرُ

وكمْ فتْكَةٍ في الرُّومِ بِكْرٍ جلَوْتَها

منصّاتُها للمُسْلِمينَ المَنابِرُ

تَهادَى وألْفافُ البُنودِ خُذورُها

وتَقْدُمُها عنْدَ الزِّفافِ البَشائِرُ

ولمّا اسْتَجارَتْكَ الجَزيرَةُ والرّدى

مُحيطٌ وغصّتْ بالقُلوبِ الحَناجِرُ

وكيْفَ له بالقُرْبِ منْها وإنّها

لَتأوي الى إيمانِها وهْوَ كافِرُ

وقد كثُرَتْ في الرَّومِ منْ فَتَكاتِها

عِدادُ اليَتامى والأيامَى الحَواسِرُ

وطالَتْ لَها الرّنّاتُ في أرْضِ رُومَةٍ

كَما زحَفَتْ عنْدَ الغِناءِ المَزاهِرُ

ولِلّهِ منْها في الوُجودِ جزيرَةٌ

شكَتْها بمُنْبَتِّ الشّمالِ الجَزائِرُ

وليسَ عَجيباً أنْ تغَصَّ عَقيلَةٌ

بأخْرى وتشْكو بالضِّرارِ الضّرائِرُ

وصابَرْتَ شَطْرَ الحوْلِ إلا أقلَّهُ

تُراوِحُ أحْزابَ العِدَى وتُباكِرُ

فعزَّ مَرامُ الرَّومِ في كلِّ حيلة

وأصبح في الحصر العدو المحاصر

قصرْتَ عليها النّفْسَ غيْرَ معرِّجٍ

على ذِكْرِ مَنْ ضُمَّتْ عليْهِ المَقاصِرُ

وخاطَرْت بالنّفْسِ النّفيسةِ دونَها

وهلْ فازَ بالأخْطارِ إلا المَخاطِرُ

وما كان يَدْري قيمَةَ الدّرِّ رَبُّهُ

لوِ الْتَزَمَتْ أصْدافَهُنَّ الجَواهِرُ

عبَرْتَهُما بحْرَيْنِ بحْراً منَ العِدى

وبحْراً من اللُّجِّ الذي هوَ زاخِرُ

ولمّا تبدّتْ للمُحاقِ حَجّبْتَها

تُصادِمُ فيهِنّ الجَوى وتُصادِرُ

تلوحُ إياةُ البَدْرِ واللّيْلُ حالِكٌ

فتُبْصِرُنا نسْعى لهُ ونُبادِرُ

وهَيْهاتَ أينَ البدْرُ منْكَ إذا بَدا

وكيْفَ يجوزُ اللَّبْسُ والفرْقُ ظاهِرُ

ولكنّها مِنّا تَعِلّةُ وارِدٍ

بِحار الأماني أعْوزَتْهُ المَصادِرُ

فَيا لَيْلَة الإثْنَيْنِ كمْ لكِ منْ يَدٍ

لمَوْقِعِها الإسْلامُ واللهُ شاكِرُ

قدِمْتِ كَما وافَى على الكَبْرَةِ الصِّبا

وجادَتْ على المَحْلِ السَّحابُ المَواطِرُ

وإلا كما لذّ الأمانُ لخائِفٍ

وواصَلَ منْ بعْدِ القَطيعَةِ هاجِرُ

وأطْلَعَ منْكِ الفُلْكُ شمْساً مُنيرةً

لها فَلَكٌ بالعِلْمِ والحِلْمِ دائِرُ

ورامَتْ بكِ الأعْداءُ كلَّ بَعيدةٍ

منَ المَكْرِ لمْ تخطُرْ عليْها الخَواطِرُ

وفَيْتَ وخانوا والوَفاءُ غَريزةٌ

وما يسْتَوي في الدّهْرِ وافٍ وغادِرُ

وما هذِه الأبْصارُ تعْمى حقيقَة

ولكنّها تعْمى النُّهى والبَصائِرُ

لقدْ لبسَ الأذْفُنشُ منْها مُلاءَةً

منَ اللّوْمِ تأباها المُلوكُ الأكابِرُ

وأسْرَعَ ينْضو ثوبَها متَنصِّلاً

وربُّكَ يدْري ما تُكِنُّ الضّمائِرُ

فقابَلْتَ بالصّفْحِ الجَميلِ اعْتِذارَهُ

وإنْ عظُمَتْ منْهُ إليْكَ الجَرائِرُ

فإنّك أوْلى مَنْ يقودُ الى الرِّضى

وأحْلَمُ مَنْ تُلْقى إليْهِ المَعاذِرُ

ألا فاشْكُروا يا أهْلَ أنْدَلُسٍ يَداً

ليوسُفَ لا يُحْصي لَها الفخْر حاصِرُ

ألا فالْثموا منْهُ الدّروعَ فإنّها

وسائِلُ للغُفْرانِ هَذي المَغافِرُ

ألا فاشْكُروا تلكَ الكَتائِبَ واجْعَلوا

مَحاريبَ ما تُبْديهِ منْها الحَوافرُ

هَنيئاً أميرَ المُسْلِمينَ بأوْبَةٍ

أهَلَّ بِها للّهِ بادٍ وحاضرُ

يلَذُّ على الأفْواهِ ترْدادُ ذِكْرِها

كَما شارَ مقْطوفاً منَ الشّهْدِ شائِرُ

ودونَكَها حسْناءَ أمّا جمالُها

فبِدْعٌ وأمّا الطّرْفُ منْها فساحِرُ

ستَرْتُ المَعاني في سَوادِ مِدادِها

كَما ستَرَتْ زهْرَ الوُجوه الغدائِرُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن لسان الدين بن الخطيب

avatar

لسان الدين بن الخطيب حساب موثق

العصر المملوكي

poet-ibn-alkhatib@

746

قصيدة

3

الاقتباسات

480

متابعين

محمد بن عبد الله بن سعد السلماني اللوشي الأصل، الغرناطي الأندلسي، أبو عبد الله، الشهير بلسان الدين ابن الخطيب. وزير مؤرخ أديب نبيل. كان أسلافه يعرفون ببني الوزير. ولد ونشأ ...

المزيد عن لسان الدين بن الخطيب

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة