الديوان » مصر » أحمد محرم » ركدت وهبت لوعة الحزن تدأب

عدد الابيات : 53

طباعة

ركَدتَ وَهبّتْ لوعةُ الحُزنِ تَدأبُ

وَنِمتَ وما نَامَ الحَريبُ المُعذَّبُ

أمِن شِيمةِ الأبطالِ أن يبعثوا الوَغَى

فَإنْ أَوشكتْ أن تَبعثَ النَّصرَ نُكِّبوا

بِعينكَ ما تَلْقَى مِن الضَّيمِ أُمَّةٌ

تَبيتُ بوادي النّيلِ حَيْرَى تَقَلَّبُ

أَخيذةُ أحداثٍ تَظلُّ غُزاتُها

مُظفَّرةً أَبْطالُها ما تُخيَّبُ

جَرَتْ بارحاتُ الطيرِ ترمي رَجاءَها

بأَسحمَ ما ينفكُّ حرّانَ يَنعبُ

أَلاَ قَدَرٌ للهِ يجرِي سَنيحُه

بحاجاتها أو آيةٌ منه تُكتَبُ

لَعمرُ الأُلَى هانتْ عليهم صُدوعُها

لقد غَالَها الصدَّعُ الذي ليس يُرأَبُ

إذا هي جدََّتْ تطلبُ الحقَّ ردَّها

مُعنّىً بإدمانِ الأباطيلِ يلعبُ

تورّعَ يستهوِي الحُلومَ فأَقبلتْ

جَماهيرُها تستنُّ أَيّانَ يَذهبُ

فلمّا ارْتَمتْ ملءَ العِنانَيْنِ خَالَها

عَصافيرَ تُزْجَى أو قواريرَ تُجلَبُ

وأعرضَ يَقضي حاجةَ النّفسِ لا يَرى

لها حاجةً مِن دُونِ ذلكَ تُطْلَبُ

يُعلّمها أن تجعلَ الغَدْرَ مَركباً

إذا لم يكن مِن صالحِ البرِّ مَركبُ

كذلكَ يُعدِي المرءُ أخلاقَ قَوْمِه

وَيهدِمُ مِنها مَا بَناهُ المُؤَدِّبُ

سَلُوا مِصرَ إذ أَوْدَى فَتاها المُحبَّبُ

أَمَا انْصرفَتْ آمالُها وهي نُحَّبُ

وَحُوطوا حِمَى الإِسلامِ إنّي أخافُها

كتائبَ شتَّى حَوله تَتألَّبُ

لقد كان مِلءَ المشرقَيْنِ كِلاءةً

إذا انبعَثتْ أو أمسكتْ تترقَّبُ

تَجولُ المنايا حَولها كُلَّما ارْتَمتْ

قَذائفُ مِنه جُوَّلُ الهَوْلِ جُوَّبُ

دَعَوْتُ الأمينَ الحرَّ دعوةَ مُشفْقٍ

يرى دولةَ الأحرارِ في مِصرَ تُنكَبُ

مَنايا غَلَبْنَ البأسَ يَعصِفُ بالقُوى

وأهواءُ دُنيا هُنَّ أقوى وأغلبُ

تَتابعَ أبطالُ الجهادِ وَغُودِرَتْ

بَقايا سُيوفٍ في يدِ اللهِ تَضرِبُ

تَقَرُّ العَوادِي حين يَهتاجُ سِربُها

وتَرْضَى السّماواتُ العُلىَ حين تَغضبُ

تَصونُ جَلالَ الدّينِ والدّينُ يُزْدَرَى

وتَحمِي لِواءَ الحقِّ والحقُّ يُسلَبُ

أقَامَ الهُدَى أَعلامَهُ في ظِلالِها

فما فيهِ للغاوي المُضلِّل مَأربُ

دَوافعُ لِلجُلَّى سَواطعُ في الدُّجَى

طَوالعُ للسَّارينَ والشُّهبُ غُيَّبُ

مَنعنا بها عِرضَ الكِنانةِ إنّه

بِمَجْرَى السَّنا منها مُقيمٌ مُطنَّبُ

يَضيقُ به الخَصمُ اللَّجوجُ فيرعوي

ويرتدُّ عنه الطامحُ المُتَوثِّبُ

يَرى الدّهرُ أن يَبتزَّهُ وهو مُشفِقٌ

ويُغرِي به أحداثَه وَهْيَ هُيَّبُ

وإنّا لَنَأْبَى أن نرى مِصرَ عَوْرةً

نُسَبُّ بها في العَالَمينَ ونُثْلَبُ

أَنترُكُها نَهْبَ المُغيرينَ إنّنا

لَتُنكِرُنا آباؤنا حِينَ نُنْسَبُ

أَنحنُ بنو القومِ الأُلىَ زَلزلوا الدُّنَى

وثَلّوا العُروشَ الشُّمَّ أم نحن نكذبُ

أرَى المرءَ يأبى أن يُقارِفَ خُطَّةً

تنكَّبَها مِن قبلِ أن يُولدَ الأبُ

هَلُمّوا شَبابَ النّيلِ فالبِرُّ أوجَبُ

أَمِن حَقِّهِ أن تنعموا وهو مُتْعَبُ

هَلُمّوا إلى البيضاءِ إن رَابَ مَذهبٌ

وأُمُّوا سَواءَ الأمرِ إن مَالَ أَنْكَبُ

هَلُمّوا فَصُونوا للِكنانةِ مَجْدَها

وكونوا لها الجُندَ الذي ليس يَرهبُ

أَقيموا على الأخلاقِ بُنيانَ عِزِّها

فقد هَجَعَ الباني وهَبَّ المُخرِّبُ

بكيتُ على الماضينَ من شُهدائِكم

يُباعُ الدَّمُ المسفوكُ مِنهم وَيُوهَبُ

قَرابينُ رِيعَتْ في مَحاريبِ قُدْسِها

وما بينها جانٍ ولا ثَمَّ مُذنِبُ

تَنَاسَى حُماةُ النّيلِ أيّامَ قُرِّبَتْ

فضاعتْ غَواليها وضَاعَ المُقَرِّبُ

بُهِتُّ فما أدري أَماءُ مِرَشَّةٍ

يُراقُ جُزافاً أم دَمٌ يَتصبَّبُ

رَثَى الأُسْرُبُ الجاني لِفرطِ هَوانِها

على القومِ واسْتَحيا السِّلاحُ المُخَضَّبُ

وَأصبحَ راميها تلوحُ شُخوصُها

فَيأْسَى وتشكو ما دهاها فَيحدَبُ

لَئِنْ عَجِبَ الأقوامُ مِن سُوءِ صُنعهِ

لَصُنعُ الأُلىَ حَالوا عَنِ العهدِ أَعجبُ

مَضوا هَدَراً مِثلَ الرّياحينِ غالَها

وَشيكُ الرَّدى أو هُم أبرُّ وأطيبُ

فَمِن لاعجٍ للوجدِ يُذكيه لاعجٌ

وَمِن صيِّبٍ للدّمعِ يُزجيهِ صَيِّبُ

ضحَايا من الأبرارِ ضَجَّتْ قُبورُها

فَضَجَّ المُصلَّى واْقشعرَّ المُحصَّبُ

هَلُمّوا شَبابَ النّيلِ لا تَتَهيَّبوا

فقد نَشطَ الدّاعي وجَدَّ المُثوِّبُ

هو الحقُّ ما عن نَهجهِ مُتحوَّلٌ

لِمَنْ يبتغِي المُثلىَ ولا منه مَهربُ

أجيبوا سِراعاً إنّها ساعةُ الوَغَى

وإنّا لَنخشَى أن يطولَ التأهُّبُ

إذا السّيفُ أمضَى في الكتائبِ حُكمَهُ

فماذا عَسَى يُغنِي الكميُّ المُجرِّبُ

إلينا شَبابَ النّيلِ لا تَعْدِلوا بنا

فلا القاعُ غَرّارٌ ولا البرقُ خُلَّبُ

إلى أُمَّةٍ تُلقِي إليكم رَجاءَها

إذا هَاجَها يومٌ مِن الشَّرِّ أشهبُ

عَرفنا لها ما جَلَّ من حُرُماتِها

فَلا نَحنُ نُؤذيها ولا هِيَ تَعتِبُ

أُولئكَ أعلامُ الجهادِ فَكبِّروا

وَتلكَ أناشيدُ البلادِ فَأَوِّبوا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد محرم

avatar

أحمد محرم حساب موثق

مصر

poet-ahmad-muharram@

441

قصيدة

1

الاقتباسات

629

متابعين

أحمد محرم بن حسن عبد الله. شاعر مصري، حَسَن الرصف، نقيّ الديباجة. تركيّ الأصل أو شركسيّ. ولد في إبيا الحمراء، من قرى الدلنجات بمصر، في شهر (محرم) فسمى أحمد محرَّم. وتلقى ...

المزيد عن أحمد محرم

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة