الديوان » العصر العثماني » الهبل » كم ذا يذوب أسى وكم يتجلد

عدد الابيات : 130

طباعة

كَمْ ذَا يذوبُ أسىً وكَمْ يتجلَّدُ

أينَ المعينُ لَهُ وأينَ المسْعِدُ

أَأُهَيْلَ وادِي المنْحَنَي وحياتِكُمْ

إنّي على ما تَعْهَدونَ وأعْهَدُ

لا تُنكِروا كَلَفي بكمْ وصَبَابتي

هذا الضَّنَى ودموعُ عَيني تشهَدُ

ما خَانَ قَلْبي عَهْدَكم أبداً ولا

مُدّتْ لِسلْواني إلى صَبْرِي يَدُ

أأخُوتُكُمْ وأودُّ قوماً غيرَكُمْ

أنَّي وعَهْدكُم لديَّ مُؤكَّدْ

يا هاجرينّ وليسَ لي ذَنبُ سِوى

دَمْعٍ يفيضُ ولَوْعَة تتجدَّدْ

ومُحمَلي الصبّ الكئيب صَبَابةٌ

بينَ الجوانح حَرُّها لاَ يَبْرَدُ

أَكذا يكونُ جزاءُ مَن حفظ الهوى

ورعَى عهودكَمُ يُهَانُ ويُبْعَدْ

وبمُهْجتي الرشأ الّذي مِنْ خدِّه

في كلِّ قَلْبٍ جمرةُ تَتَوقَّدْ

الطّرفُ مِنْهُ مُهَنَّدٌ والخدّ مِنْهُ

مُورّدٌ والجِيدُ منهُ مُقلَّدُ

يُمسي ويُصبِحُ آمِناً في سِرْبِهِ

وأخافُ وهو القاتِلُ المتعَمَّدُ

يُسْبِي القلوبَ بِمقْلَةٍ سَحّارةٍ

هاروتُ فِتْنَتِها يحلّ ويعقدُ

وبقامةٍ ألفّيةٍ فتّانة

من فوق أَرْدَافٍ تُقيمُ وتُقعِدُ

سكِرتْ معاطفُهُ بكاسِ رُضابهِ

فَلَها اعْتِدالٌ تارةً وتأوّدُ

فكأن ذِكرى أحمدٍ خطرت لَها

ولِذكِرهِ يَنْدَى الجمادُ الجلْمَدُ

يا مالكِ الملكِ العقيمِ ومن لَهُ

في كلّ أرضٍ أنْعُمٌ لا تُجحَدُ

مَهلاً فما فوقَ السّماكِ لِطالِبٍ

قصدٌ ولا فوق الثريَّا مقعَدُ

أنفَقْتَ مالكَ في النَّدى مُسْتَخْلِفاً

ربّاً خزائنُ فَضْلِهِ لا تَنْفدُ

تالله ما تركَتْ لِقاكَ معاشِرٌ

إلاّ وفضلكَ فيهمُ يَتَردّدُ

أو يمَّمَ الطلاّبُ يَمَّ مكارمٍ

إلاّ وأنت مُنَاهمُ والمقصدُ

عِلماً وحِلْماً باهراً وسَماحة

فَلْيَهْتَدوا وَلْيَقْتدوا وليجتدوا

سَجَعُوا بِذكْرِكَ في البلادِ وإنّما

طوّقْتَهُمْ بالمكْرماتِ فغَرَّدوا

وتَعَلّموا مِنكَ المديحَ فمِنكَ ما

تُعْطيهُم كرماً وأنتَ المُنْشِدُ

ما سوحُكَ المحروسُ إلاّ جَنّةٌ

لو أنّ مَنْ يأتي إلَيْه يُخَلّدُ

ما زالَ سيفُكَ مندُ كان مجرّداً

في غير أفئدةِ العِدى لا يُغْمَدُ

ماذا أقول وكلُّ قولٍ قاصِرٌ

والفضلُ أكثرُ فيك منه وأزيدُ

الدَّهرُ من خَطّار رُمحِكَ خائفٌ

والموتُ من بَتَّارِ سَيفكَ يرْعدُ

كَمْ موقفٍ يُوهي الجليدَ وقفتَهُ

لِلْموت فيهِ توعّدُ

ما زال عنكَ النّصرُ فيه كأنَّما

في الكفِّ منك زِمامُهُ

حتّى تَردَّدَ من آراك

أأَنْتَ لِلْفَتْحِ المبينِ أم السّيوف

وهْي الرّماحُ الزاعبيّة أم

هي الأقْدَار تَرْمي من أردْتَ

وهيَ السَّعادةُ إذ قَصَدْتَ إلى الوغَى

حَمَلَتْكَ أَمْ سَامي المقلّ

وهْيَ الجيوشُ أمِ المنايا قُدْتَها

لِلْحَرْب أم بحرّ خِضم

هَيْهات لا يقْوي لما تأتي به

بشرّ ولكنَ الملائكَ

يا خيرَ من ركبَ الجيادَ ومَنْ لَهُ

في الكَونِ ألويةُ الْولاية

ذلَّلْتَ في الأَرضين كلَّ مُمَنّع

فجميعُ أملاكِ الورى

لَمْ يَبْقَ إلاّ مَكَّةُ فانهضْ لَهَا

فاللهُ جلّ بنَصرِه لك

جَرِّدْ لها أَسياف عَزْمِك إنّها

لِطلوعِ نَجْمكَ بالسَّعادة

والدَّهرُ فيما تَبْتغيهِ طائِعٌ

والسّعدُ فيما تَنْتَحيه

أيصدّكمْ عَنْها أُناسٌ ما لَهُمْ

قَدمٌ إلى العَلْيا تَسيرُ

وَلأَنْتمُ دونَ الورى أولَى بِها

فَبها مقَرُّ بأبيكمُ

طَهِّرْ مِنَ التُركِ الطَّغام بقاعَها

فَلَطَالَ مَا عاثوا هُناك

عوَدْ عداةُ اللهِ من إهْلاكِهِمْ

ما كانَ عوّدهم أبوك

جرَدْ حُسَامكَ إنَّه في غمدِهِ

لِلْغيظِ منهمْ جَمْرَةُ

جرَدْ حُسَامكَ إنَّه في غمدِهِ

لِلْغيظِ منهمْ إذا رآها

وأَدِرْ عَليهمْ بالصَّوارم والقَنا

حرباً يشيبُ إذا رآها

ومُرِ الزَّمانَ بهم فإنَّ لِصَرفِه

سَيفاً يُشتِّتُ شَمْلَهُمْ

أينَ المفرّ لَهُمْ وسيفُكَ خَلْفَهُمْ

في كلّ أرضٍ أرغوروا أو أَنجدوا

إن أشْهَروا جهلاً عليك سيوفَهمْ

فَلَسَوْفَ في الهامات مِنهم تُغْمَدُ

أو أَشْرعوا سُمْرَ الرِّماح فإنّها

لا بُدّ في لَبَّاتِهمْ تتفصَّدُ

أَوْ أوقَدوا نَارَ الحروبِ فإنّها

بدمائِهم عمَّا قريبٍ تَخْمَدُ

ماذا عَسَى أنْ يُوقدوا مِنْ كَيدِهم

ناراً ورُبكَ مُطْفئٌ ما أوقَدوا

لا تبتإسْ بِفِعَالهِمْ فَلَرُبَّما

يكفيكَ شأنَهمُ القضاء المرْصَدُ

ما فِعلُهم ويدُ الإله عَليهمُ

ما فِعلُ سيفٍ لَيسَ تحمِلُه يَدُ

وهُمُ الكِلابُ العاويات وإنّما

ذاقوا حلاوةَ حِلمكمْ فاسْتَأسَدوا

اللهُ أسعدكم وأشقى جَمعَهُمْ

واللهُ يُشْقِي من يشاء ويُسْعِدُ

وأراد منك الله جلَّ جَلالُهُ

من نَصرِ هذا الدينِ ما تتعَوّدُ

ولَسوفَ تَقدحُ فيهمُ أسيافُكُمْ

شرراً لأيْسَرِه يذوبُ الجلمدُ

ويُقالُ قومٌ قُتِّلوا مِنهمْ وقومٌ

أوثِقوا أسراً وقومٌ شُرِّدوا

وإليكَها ملكَ البريّة مدحةً

كادتْ لها الشَّمسُ المنيرةُ تسجدُ

مِن صادقٍ في ودّ آل محمّدٍ

يفنَى الزّمانُ وودّه يتجّدَّدُ

نظماً تودُّ الغانيات لَو أنّها

يوماً بدرّ عقودِه تتقَلْدُ

يشكوك فَقْراً قد تحمَّلَ قلبُهُ

من أَجْلِهِ كُرَباً تقيمُ وتُقْعِدُ

فَقراً أناخَ على العيَالِ بكلْكَلٍ

وسَطا فقلتُ لِسَيْفِهِ مَا يُولَدُ

أرسل عليه مِن نوالِكَ غارةٌ

شَعْوا تُفرقُ جيشَه وتُبدِّدُ

وأفضْ عَليَّ بحار جُود منعماً

حتّى يموتَ بغَيظِهُ مَن يحسُدُ

لا زِلتَ مَرجوّاً لكلّ عظيمةٍ

تَبْني مَعالمَ لِلعُلَى وتشيّدُ

وعليكَ صلّى الله بَعد مُحمدٍ

ما دامَ ذكركَ في البريّة يُنْشَدُ

والآل ما هبّتْ صَباً نجديّةٌ

وشدا بذكركَ مُغْورٌ أو مُنْجِدُ

هَذَا العَقِيقُ فقِفْ بِنا يا حادِي

فبِهِ سُلِبْتُ حُشَاشتي ورُقادِي

واحْبِسْ بكاظمةٍ قلوصَكَ مُنْشداً

ما لِلدّموع تسيلُ سَيْلَ الوادي

وأعِدْ أَحاديثَ الغُويْرِ لِمُغْرَمٍ

أضْحَى حليفَ صَبابةٍ وسهادِ

وحذارَ مِنْ وادي النَّقا والسَّفحِ مِنْ

أضم فَثمَّ مصَارعُ الآسادِ

وأنا الفِداء لِبابليّ لَواحِظِ

يَسطو بِبيْضٍ مِنْ رثاهُ حِدادِ

ظَبْيٌ مِنْ الأتراك غُصْنُ قوامِهِ

يُزْري بغصْنِ البَانةِ الميّادِ

فارقتُ قَلْبي عندما فَارقتُهُ

فكأنّما كانَا على مِيعادٍ

كم ذا أكابِدُ من هواهُ على النّوى

حُرقاً ثُفّيتُ قلبَ كل جمادٍ

رشأٌ بُليتُ بهجْرِهِ وبِعَادِه

وبِرَائح بالعَذْلِ فيهِ وغادِي

يا عاذلي خلِّ الملامةَ إنّني

أدْري بِغَيَي في الهوَى ورشادي

دَعْني وشأني أو فكُنْ لي مُسْعداً

إنّ الكثيبَ أحقُ بالإسْعادِ

حَسْبي صروفُ الدَّهْرِ تهضِمُ جانبي

وتحولُ ما بَيْني وبينَ مُرادي

كَمْ أَشْتكي جَوْرَ الزَّمانِ ولا أرى

لي مَنْ يعينُ على الزَّمانِ العادي

حتَّى دَعَاني السّعدُ لا تَخْضَعُ ولذْ

بِحِمَى الصِّفيّ ونادِ زَيَن النّادي

السيّد العَلم الهمام المنتَقَى

حرم الطّريد وكعبة الْوفَّادِ

الملك سَيف الدّينِ أَفضَل من نَضَا

سَيفاً على الأعداء يومَ جلادِ

لَيْثُ مخالِيُهُ إذا حَضر الوَغَى

بيضٌ مهنّدَةٌ وسُمرُ صِعادِ

كرمُ يودُ البحرُ لو يَحْكيهِ مَعْ

بأسٍ يُذيبُ البيضَ في الأغمادِ

ملكٌ علا رُتبَ الفِخار بهمّةٍ

رفعتْهُ فوقَ الكَوْكَبِ الوقّادِ

وَقَفَا مآثِرَ سالفينَ تقدّموا

من كلّ ذي شمَمٍ طويل نجادِ

وتقدَّم الأمْلاكُ طرّاُ في النّدى

سبْقاً وهل سبقٌ لِغَيرِ جَواد

لَو كانَ في الزَّمَنِ القديم تشرّفَتْ

بِشريفِ خِدمتِهِ بنو عبّاد

للهِ كم مِننٍ أفاضَ على الوْرى

غَرّاء كالأطواقِ في الأجيادِ

لَو قصَّر العافونَ عن طَلب النّدى

لأقَامَ فيهمْ للنّوال مُنادي

يَسْتقبل الجُلى ببيْضِ صَوَارمٍ

كفلَتْ له بغناء كلِّ معادي

وبَسَالةٍ أغنتْهُ عَن حَمْلِ القنا

تُوهي القُوى وتفتّ في الأعضادِ

فلْتَفتخِرْ منه العُلَى بأغرّ رحْب

الكفِّ رحْب الصدرِ رحب النّادي

بغضنْفَرٍ شرِسٍ لَهُ من نصرِهِ

عينٌ على الأعداء بالمرْصادِ

يقظان في طلب العُلَى لم تكتَحِلْ

من غير سُوءٍ عينُه برُقادِ

تالله ما عمرٌو أخا بأسٍ ولا

كعب بن مَامة عنده بجوادِ

من معشرٍ سبقوا الملوك إلى العُلى

سَبْقَ الجياد الضّمْر يوم طِرادِ

وحَوَوا تراثَ المجدِ عن آبائهم

ووراثة الآباء للأولاد

وتبوأوا في المجدِ أشرفَ مَقعَدٍ

ورقوا مِن الجوزاء فوقَ مهادِ

أَمُبلّغَ الأَملِ الطَّويل ووارثَ

المجدِ الأَثيل وملجأَ القُصَّادِ

أَمُجَرِّدَ الأسيافِ لم يُغْمَدْنَ في

شيءٍ سِوى الهاماتِ والأكبادِ

لكَ في العزائم عن سيوفِ غنيةٌ

فذرِ السيوف تقرّ في الأغمادِ

ماذا عَسى مَدْحي المقْصَّرُ قَائلٌ

وثناكَ بينَ غوائرٍ ونجادِ

ما زالَ ذِكْركَ حيثُ كنتُ مُصَاحبي

في كُلّ رابيةٍ عَلَوْتُ وَوَادي

فافخَر على قومٍ مَضَوا ما إنْ لَهم

في الفخرِ غير تقدّم الميلادِ

واسمعْ شكيةَ ذي وَدادٍ صادقٍ

وأسيرِ فقرٍ ما لَهُ مِن فادي

عبد تخطّى نحوهُ صَرْفُ القَضَا

وَعَدَتْ عليهِ من الزّمانِ عوادي

طالَ البقاء وقد وَعَدْتَ ولم تَزلْ

مُعْطي الأماني صادقَ الميعادِ

فَانْظُرْ إلى حالي وعَجَلْ أوبَتي

فَضْلاً وفكّ مِن الخُطوبِ قيادي

أرسِلْ على أرضِ افْتقاري غَارةً

بسحائب المعروفِ والإمدادِ

واللّبْثُ عندَكَ لم يَطلْ لِمَلاَلةٍ

أيَملّ عَذْبَ الماءِ قلبُ الصَّادي

لكِنْ إلى طَلبِ العُلومِ وكَسْبِها

طالَ اشتياقي واسْتَطَالَ سُهادِي

أَيَطيبُ ليْ زَمني ولم أُجْرِي بهِ

في حَلْبةِ العِلم الشّريفِ جوادي

مولاي قد وافيتُ بابَكَ وافِداً

وعلَى الكَريم كَرَامةُ الوفّادِ

ورَكبتُ مِنْ عَزْمي إليكَ مَطيِّةً

وجعلتُ ذكركَ في المفاوزِ زادي

وتركتُ أَملاكَ البريّةِ عن يدٍ

إذا كنتَ قِبْلة مَقْصَدِي ومُرادي

وطويتُ نحوكَ كُلَّ أَغْبر قَاتِم

عن حَرِّ أَكبادٍ وضرٍّ بادي

وقَصَدْتُ حَضْرتَكَ الشّريفة عندما

جَار الزّمان ولجَّ في إبْعادي

وافيتُها والنَّحسُ موهنُ ساعدي

فحلَلْتُها والسَّعْدُ من أعضادي

وسلوتُ عن أهلي وأوطاني بها

إذ حيثُ كُنْتَ من البلادِ بلادي

وَاسْتَأْمَنَتْ منّي صروفُ الدَّهْرِ إذْ

نَهَضَتْ جيوشَ نَداكَ في إِنجادي

وأَنَلْتَني الحُسْنَى وكم مِنَنٍ بها

قَلّدتَ أعناقَ الورى وأيادي

شكراً أَبا حَسَنٍ لِنُعماكَ التي

عَادَ الصَّديقُ بهنَّ مِن حُسَّادي

عاداتُ فَضْلٍ منكَ لم تَخرجْ بها

عن عادةِ الآباء والأجدادِ

وجميلُ رأيك فيَّ يا مَن لم تزلْ

أراؤه مقرونةً برشادِ

واسْتَجْلِهَا عذراء شابَ لِحُسْنِها

فَودُ الوَلِيدِ وبانَ نقصُ زِيادِ

واسْلم عليكَ سلامُ ربِّكَ دائماً

وصلاته بعدَ النَبيّ الهادي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الهبل

avatar

الهبل حساب موثق

العصر العثماني

poet-alhbal@

374

قصيدة

1

الاقتباسات

40

متابعين

حسن بن عليّ بن جابر الهبل اليمني. شاعر زيدي عنيف، في شعره جودة ورقة. من أهل صنعاء، ولادة ووفاة. أصله من قرية (بني الهبل) وهي هجرة من هجر (خولان). له (ديوان ...

المزيد عن الهبل

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة