الديوان » العصر العباسي » البحتري » أقصرا قد أطلتما تفنيدي

عدد الابيات : 89

طباعة

أَقصِرا قَد أَطَلتُما تَفنيدي

وَمِنَ الجَهلِ لَومُ غَيرِ سَديدِ

لَتَجاوَزتُما بِيَ اللَومَ وَالعَذ

لَ كَأَنّي شَكَكتُ في التَوحيدِ

أَتَسومانِني الصُدودَ وَكَالعَل

قَمِ لَو تَعلَمانِ طَعمُ الصُدودِ

إِنَّ مِن سُنَّةِ الهَوى أَن يُرى في

هِ رَشيدُ الأَقوامِ غَيرُ رَشيدِ

قَدكُما مِن مَلامِ مَن وَقَفَت عَي

ناهُ بَينَ الدُموعِ وَالتَسهيدِ

أَكَعَهدي نُوارُ أَنتِ أَمِ اِستَح

دَثتِ رَأياً في نَقضِ تِلكَ العُهودِ

أَبَياضَ الثُغورِ أَم مَرَضَ الأَج

فانِ أَشكو أَمِ الحمِرارِ الخُدودِ

إِنَّ لِلحُبِّ لَوعَةً تَترَكُ الجَل

دَ إِذا خامَرَتهُ غَيرَ جَليدِ

مُت شَهيدَ الهَوى فَإِنَّ لِمَن ما

تَ مِنَ الحُبِّ ضِعفَ أَجرِ الشَهيدِ

مَلِكٌ راحَتاهُ أَحنى عَلى العا

فينَ مِن والِدٍ وَمِن مَولودِ

كُلَّ يَومٍ لَهُ عَطاءٌ جَديدٌ

يُتَلَقّى جِوَجهِ شُكرٍ جَديدِ

أَبدَعَت راحَتاهُ في الجودِ ما لَم

يَكُ لَولا نَداهُ بِالمَوجودِ

لَو سَعى قَبلَ رِفدِهِ رِفدُ كَفٍّ

لَسَعى رِفدُهُ إِلى المَّرفودِ

كَم وُفودٍ بِهِ اِستَجاروا فَأَضحَوا

بِأَياديهِ مُستَجارَ الوُفودِ

جادَ حَتّى لَقالَ عافيهِ ما يُق

سَمُ مِن رَملٍ عالِجٍ أَو زَرودِ

كُلُّ عيدٍ لَهُ اِنقِضاءٌ وَكَفّي

كُلَّ يَومٍ مِن جودِهِ في عيدِ

ما لَذيذُ الحَياةِ أَحلى لَدَيهِ

مِن نَجاحٍ يُغريهِ بِالمَوعودِ

بَسطَةٌ فاتَتِ النُجومَ عُلُوّاً

وَاِغتَدَت بَعدَ فَوتِها بِالصُعودِ

تَعجَزُ الريحُ عَن بُلوغِ مَداها

فَهِيَ حَسرى في شَأوِها المَمدودِ

وَنَفاذٌ يُفُلُّ مُستَصعَبُ الخَط

بِ بِعَزمُِ يَخُدُّ في الجُلمودِ

لَو تُلاقى بِهِ الأُسودُ لَأَعطَت

طاعَةَ المُستَكينَ غُلبُِ الأُسودِ

فَإِلى بَأسِهِ اِنتِسابُ المَنايا

وَإِلى جودِهِ اِنتِسابُ الجودِ

وَالعُلا مِن فَعالِهِ في اِجتِماعٍ

وَاللُهى مِن يَدَيهِ في تَبديدِ

فَكَأَنَّ اللُهى اِجتَرَمنَ إِلَيهِ

فَهِيَ مَطلوبَةٌ بِتِلكَ الحُقودِ

تَتَلَقّى حَوادِثُ الدَهرِ مِنهُ

عَزمَ رَأيٍ كَالصَخرَةِ الصَيخودِ

لا يُحِبُّ الثَناءَ نَزراً وَلا يَج

تَلِبُ الشُكرَ بِالنَوالِ الزَهيدِ

غَيرُ هَيّابَةٍ إِذا اِستَفحَلَ الخَط

بُ وَلا طائِشٍ وَلا رِعديدِ

لَم يُضِع مَنهَجَ الصَوابِ وَلَم يَر

مِ بِسَهمٍ في الرَأيِ غَيرِ سَديدِ

فازَ مِن حارِثٍ وَخَسرو وَمِن هُر

مُزَ بِالمَجدِ وَالفَخارِ التَليدِ

وَأَطالَ اِبتِناءَهُ الحَسَنُ القَر

مُ وَعَبدُ العَزيزِ بِالتَشييدِ

جَدُّهُ الشَلمَغانُ أَكرَمُ جَدٍّ

شَفَعَ المَجدَ بِالفَعالِ الحَميدِ

تَرتَعي مِنهُ في جَنابٍ مَريعٍ

مونِقِ النَبتِ طَيِّبِ المَورودِ

ما اِنتَصَفنا مِنَ اللَيالي وَلا الأَي

يامِ إِلّا بِأَحمَدَ المَحمودِ

حَكَّمَ السَيفَ في عَديدَ سِجِستا

نَ وَفي النَفسُ مِنهُ بُعدُ العَديدِ

فَكَفَت مِنهُمُ بُطونُ سِباعٍ

قُبِروا جَوفَها بُطونَ لُحودِ

غادَرَتهُم يَدُ المَنِيَّةِ صُبحاً

بِالقَنا بَينَ رُكَّعٍ وَسُجودِ

فَهُمُ فِرقَتانِ بَينَ قَتيلٍ

قُنِصَت نَفسُهُ بِحَدِّ الحَديدِ

وَأَسيرٍ غَدا لَهُ السِجنُ لَحداً

فَهُوَ حَيٌّ في حالَةِ المَلحودِ

فِرقَةٌ لِلسُيوفِ يَنفُذُ فيها ال

حُكمُ قَصداً وَفِرقَةٌ للقُيودِ

وَأُقيمَت لَهُ القِيامَةَ في قُمٍّ

عَلى خالِعٍ وَعاتٍ عَتيدِ

فَغَدَوا إِن غَدا عَلَيهِم حَصيداً

بِالعَوالي وَقائِماً كَحَصيدِ

وَثَنى مُعلَماً إِلى طَبِرِستا

نَ بِخَيلٍ يَمرَحنَ تَحتَ اللُبودِ

فَقَرى هامَهُم سُيوفَ المَنايا

فَجَريحٌ أَو مُرعَفٌ أَو مودِ

وَكَذا الكُردُ سَنَّ لِلمَوتِ فيهُم

بِطُوالِ الرِماحِ طولَ الخُلودِ

مِثلَما سَنَّ لِلسُيوفِ بَقَزوي

نَ وَجُرجانَ قَطعَ حَبلِ الوَريدِ

عانَقَتهُم ظُبا السُيوفِ فَلا مُن

صَلٌ إِلّا مُغَيَّبٌ في جيدِ

وَمَشَت فيهِمُ الرِماحُ وَخيداً

وَوَجيفَن مِن بَعدِ ذاكَ الوَجيفِ

وَهُوَ المَرءُ ما غَزا بَلَداً بِالرَأ

يِ إِلّا كَفاهُ غَزوَ الجُنودِ

يَغتَدي جَيشُهُ فَتَغدو المَنايا

بَينَ راياتِهِ وَبَينَ البُنودِ

ضامِناً رِزقَ كُلِّ طَيرٍ كَما ضُمّ

مِنَ أَرزاقُ كُلِّ ضَبعٍ وَسيدِ

أَلِفَت كَفُّهُ نَجاحَ المَواعي

دِ وَأَسيافُهُ نَجاحَ الوُعودِ

أَيَّدَ المُلكَ بَعدَ ما مادَ رُكنا

هُ بِسَيفِ الخِلافِ كُلَّ مُميدِ

مُخمِدٌ نارَ كُلَّ حَربٍ وَمُذكٍ

جَمرَها بِالرِماحِ بَعدَ خُمودِ

كَم عَزيزٍ أَبادَهُ فَغَدا را

كِبَ عودٍ مُرَكَّبٍ فَوقَ عودِ

مُطلَقٍ لَم تَحُزهُ ساحَةُ حَبسٍ

حَبسَهُ في شَريطِهِ المَشدودِ

أَسلَمَتهُ يلى الرُقادِ رِجالٌ

لَم يَكونوا عَن وِترِهِم بِرُقودِ

فَهُوَ كَالشاعِرِ اِستَبَدَّت بِهِ الفِك

رَةُ فيما أَضَلَّ بُعدُ الوُجودِ

يَحسُدُ الطَيرَ فيهِ ضَبعُ البَوادي

وَهُوَ في غَيرِ حالَةِ المَحسودِ

غابَ عَن صَحبِهِ فَلا هُوَ مَوجو

دٌ لَدَيهِم وَلَيسَ بِالمَفقودِ

وَكَأَنَّ اِمتِدادَ كَفَّيهِ فَوقَ ال

جِذعِ في مَحفِلِ الرَدى المَشهودِ

طائِرٌ مَدَّ مُستَريحاً جَناحَي

هِ اِستِراحاتِ مُتعَبٍ مَكدودِ

وَلَهُ صاحِبٌ يُخاطِبُ عَنهُ

مَن نَأى عَنهُ فَوقَ شِبرِ الوَليدِ

ما لَهُ والِدٌ يُعَدُّ سِوى الما

ءِ وَلا أُمَّ غَيرُ حَرِّ الصَعيدِ

وَعَلى ضَعفِ جِسمِهِ تَفتِكُ القَط

رَةُ مِن فيهِ بِالشُجاعِ النَجيدِ

أَخطَبُ الخَلقَ راجِلاً فَإِذا رُج

جِلَ خاطَبَت مِنهُ عَينَ البَّليدِ

لا يَذودُ الحَديدَ عَن أَعظُمِ الأَس

ؤُقِ حَتّى يَذوقَ طَعمَ الحَديدِ

وَكَذا السَيفُ لَيسَ يُرضيكَ في الغِم

دِ وَيُرضيكَ ساعَةَ التَجريدِ

سائِرٌ لَفظُهُ بِكُلِّ صَوابٍ

وَهُوَ في بَيتِهِ أَليفٌ قُعودِ

وَلَهُ شُعبَتانِ شَريٌ وَأَريٌ

مِن رَدىً قاتِلٍ وَنَيلٍ عَتيدِ

كَم سَعيدٍ أَحذاهُ ثَوبَ شَقِيٍِ

وَشَقِيٍّ أَحذاهُ ثَوبَ سَعيدِ

يَملَأُ الكُتبَ مِن مَعانٍ تُؤامٍ

وَفُرادى كَاللُؤلُؤِ المَعدودِ

يَجتَليهُنَّ في سَوادٍ وَيَجلو

هُنَّ لِلناسِ في الثِيابِ السودِ

فَتَراهُنَّ كَالعَذارى إِذا هُ

نَ تَهادَينَ وَسطَ رَوضٍ مَجودِ

يَنظُمُ الدُرُّ في بُطونِ القَراطي

سِ كَنَظمِ النَظّامِ دُرَّ العُقودِ

يا اِبنَ عَبدِ العَزيزِ هُنّيتَ ما خُو

وِلتَ مِن نِعمَةٍ وَمِن تَسويدِ

إِمرَةٌ إِثرَ كِتبَةٍ قَد تَوالَت

نِعَمُ اللَهِ فيهِما بِالمَزيدِ

نَصرُ أَذكوتِكينَ أَصبَحَ مَعقو

داً لَهُ في لِوائِكَ المَعقودِ

لَم تُقَلِّد لَهُ قِياماً بِأَمرٍ

فَاِحتَوى غِبَّ ذَلِكَ التَقليدِ

إِن يَكُن في الأَنامِ سَعدُ سُعودٍ

بَشَرِيّاً فَأَنتَ سَعدُ السُعودِ

يا حَليفَ النَدى بِكَ اِمتَدَّ باعي

وَاِرتَوَت غُلَّتي وَأَروَقَ عودي

لَتَجاوَزتَ بِالبَلاغَةِ ما أَع

يا عَلى كُلِّ سَيِّدٍ وَمَسودِ

نَسظَرٌ باحِثٌ وَنَظمٌ كَنَمِ الدُر

رِ فَصَّلتَ بَينَهُ بِفَريدِ

يَطمَعُ السامِعونَ فيهِ فَإِن را

موهُ أَلفَوهُ فَوقَ بُعدِ البَعيدِ

وَبَيانٌ إِذا اِستُعيدَ تَجَلّى

جِدَّةً بِاِستِعادَةِ المُستَعيدِ

جَلَّ عَن أَن يُنالَ بِالفَه

مِ أَو يُدرِكَهُ الواصِفونَ بِالتَحديدِ

فَهُوَ كَالغادَةِ الَّتي نَهدَ الثَد

يانِ مِنها أَو أَشرَفا لِلنُهودِ

أَو كَوَردِ الرِياضِ أَو كَجَنّاتِ ال

كاعِبِ الرودِ أَو كَوَشيِ البُرودِ

لَيسَ حَوكَ القَريضِ بالِغَ ما في

كَ بِوَصفٍ فَيُكتَفى بِالقَصيدِ

غَيرَ أَنَّ القَريضَ أَجمَعُ شَيءٍ

لِمُقيمٍ مِنَ العُلا وَشُرودِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن البحتري

avatar

البحتري حساب موثق

العصر العباسي

poet-albohtry@

931

قصيدة

59

الاقتباسات

2082

متابعين

الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي, أبو عبادة البحتري شاعر كبير، يقال لشعره (سلاسل الذهب). وهو أحد الثلاثة الذين كانوا أشعر أبناء عصرهم: المتنبي، وأبو تمام، والبحتري. قيل لأبي العلاء ...

المزيد عن البحتري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة