الديوان » العصر العباسي » ابن الرومي » ما القلب في إثرهم بمختطف

عدد الابيات : 97

طباعة

ما القلب في إثرهم بمختطَفِ

ولا بذي صبوة ولا كُلَفِ

سلوتُ عن خطَّة الخليط وعن

مرتبِعٍ منهمُ ومخترِفِ

إن محل الأنيس بعدهم

للمرء ذي السن شرُّ معتكف

وصل الغواني صبا الشباب وغش

يان المغاني حقا صبا الخَرِف

فعدِّ عن ذكرهم وعن دمَنٍ

بمدرج للرياح منتسَفِ

ما رعيُنا عهد كل خائنةٍ

قاسية غير ذات منعطف

تحميك معروفها الممنّع بال

بخل ولين المَرَدِّ بالصلَف

بيضاء قد شيف خَلقُها وأبى

مذموم أخلاقها فلم يُشَف

تضمن عن وجهها ومخبرها

حسنَ رُواءٍ وقبح منكشف

مناعة نيلها المحب وما

تنفك من صدها على خفف

من اللواتي إذا ظفرن بنا

أنزفن ألبابنا سوى نُزَف

حُكِّمن فينا فما عدلن وإن

عدلن بين الجفاء والقضَف

كم من دموع سفحنها هدرٍ

ومن دماء سفكنها ظلف

بكل أحوى أحمّ في حورٍ

وكل أقنى أشم في ذَلف

مضى أوان الصبا وحين البطا

لات وهذا أوان مصطرف

ولائم أن حللتُ شاهقةً

تزلُّ منها الوعول عن قَنف

لم ير لي خلّة تعاب سوى ال

خلة أو رغبتي عن الحرف

صدقُ يقينٍ أن لا مقدِّر لل

أرزاق إلا مخلِّقُ النطف

قلت وقد لام في القناعة بال

مجد وحلف المعاش ذي الشظف

همُّ رجال العلا تنافسهم

فيها وهمُّ الحمير في العلف

ما سرني اللؤم والغضارة في ال

عيش بديلاً بالمجد والقشف

لي عفة حسب من تكون له

من الغنى غُفَّةٌ من الغُفَف

كأن كفي بها مُمَلَّكةٌ

دجلة تسقي منابت السعف

ما قصر العسر بازدلافيَ لل

مجد مشيحاً في كل مزدلف

أرقَّ مالي ولو أشاء لأص

بحت وأمسيت منه في كَثَف

إني أعاف الخبيث يعلمه ال

لَه إذا ما الخبيث لم يُعَف

أطمح كالنسر في السُّكاك ولا

أخلد إخلاده إلى الجيف

شاد لي السورَ بعد توطئة ال

أسِّ أبٌ قال أنت للشرف

وأبذل البلغة الكفاف من ال

قوت إذا المستضيف لم يضف

أبني البناء الذي يقيم على ال

دهر ويودي خورنقُ النجف

وأرتجي أن تدوم لي دِيَمٌ

من عارض في السماء ذي وَطَف

أعني أبا الصقر إنه ملك

في منصب للعيون مشتَرف

من معشر فيهم السماحة وال

حلم وفيهم قعاقع الحجَف

أركبه الله ذروةً تمكت

من شرف لم يكن بمرتدف

يا راكباً نحوه ليسأله

يممه واحرف بكل محترِف

ولا تشحَّنَّ أن تشارك في

جدواه فالبحر غير منتزف

بلِّغه مدحي فإنه كلِمٌ

يفعمه مسكه ولم يُذَف

من قول علامة له لججٌ

يغرق فيهن صاحب النُتَف

قل لأبي الصقر قول ذي سددٍ

قرطس بالحق غرَّةَ الهدف

يا أيها السيد الذي اعترفت

له الصناديد كل معترف

أصبحت يطريك كل مضطغنٍ

منحرف عنك كل منحرف

أنطقه فضلك المبرز بال

حق فأداه غير مُعتَنف

وأصدقُ المدح مدح ذي حسدٍ

ملآن من بغضةٍ ومن شَنَف

أنت الذي أخصبت رعيَّتُه

حتى شكا البدن صاحبُ العجف

واتسق النظم في النظام به

فائتلف الشمل كل مؤتلف

وأنصف الظالم المظلَّمَ فال

عصفور جار العقاب في لَجَف

تكدح للمجد كدح مجتهد

أو لمحل النعيم والترف

ما زلت تسعى لكل صالحة

وإن تكلفت أثقل الكُلَف

تجري إلى كل غاية شططٍ

وتنتوي كل نية قَذِف

يا محيِيَ الشعر والسماح وقد

كانا جميعاً مُضَمَّنَي جدف

أدعى كتاب إلى الجميل وأو

عاه لما يشتهى من الخُرف

يا مبرئ الحسبة التي سقمت

بل التي أشرفت على التلف

داويت أدواءها وقد دنفت

حينا من الدهر أيما دنف

براجح الوزن من سَراة بني ال

عباس يقفو مذاهب السلف

أبلج يجلو بضوء غرته

ونور تقواه حالك السُّدَف

إذا رأى وجهه ومنصبه

ضنَّ بذاك الجمال والشرف

فعفَّ عن كل ما يشينهما

وكفَّ أحكامه عن الجنف

ينهاه عن مأثمٍ تُقى ورعٍ

فيه وعن مدنس نُهى أَنِف

له ذكاء الفتى وقد كمُلت

فيه على ذاك حُنكةُ النَصف

ممن إذا الغمر رام مغمزه

لم يؤت من قسوة ولا قصف

يغدو شديداً على المريب وتل

قاه لمن تاب ليِّنَ الكنف

يذعر بالهيبة الهزبر ويس

تنزل بالعدل أعصم الشعَف

فلو يرى هديه النبي أو ال

عباس قالا بوركت من خلف

كم قائل صادق وقائلة

لمن يخاف العداء لا تخف

إن مقام المظلوم عند أبي ال

عباس أضحى مقام منتصف

شمَّر للقوت وهو من ذهب

عزاً وللنقد وهو من خزف

فأوسع الفاسدين مصلحة

في غير إثم هناك مقترف

ونكَّل الباعة التي عمرت

تجمع بين التطفيف والحشف

وأنكر النكر بعدما اكتَنَتِ ال

فتنةُ في فتكها أبا دُلف

يفديه آمين كل ملتحِفٍ

على الخيانات كل ملتحَف

واسعد به أيها الوزير فقد

أعطيته طاهراً من النطف

قلدك الله منه لؤلؤة

كم صانها عن سواك بالصدف

قلَّدته أمرنا فقام به

غير أخي لوثة ولا لفَف

ومثلك اختار مثله وكذا

من كان بالمسلمين ذا لطف

أقسمتُ ما في الذي تسوس به ال

دين وملك الملوك من وكف

كلّا ولا سرت بالرعية في ال

وعث فأتعبتها ولا الظلف

بل أنت ذو السيرة التي قصدت

قدماً وحادت عن كل معتسَف

وهكذا سيرة الجواد إذا

لم يؤت من هجنة ولا قرف

يختلف الناس في سواك وما

توجدهم موقعاً لمختلف

أنت الذي أجمعت جماعتهم

أنك من لا يشول في الكفف

جمعت ما يجمع الوزير فما

تنفك من حاسد على أسف

إربٌ يُكادُ العدى به وندىً

يقرن بين القلوب بالأُلَف

ذهبت بالدَّهْيِ والسماح معاً

والناس من ذا وذاك في طرف

وأنت كالبحر لا كفاء له

في بعد غور وقرب مغترف

وحلمك المنقذ النفوس إذا

أشرفن من معطب على حَفف

أنسيتنا جود حاتم وحجى

عمرو الدواهي وحلم ذي الحَنف

ولو تبذلت للحروب لأُل

فيتَ شبيهاً بالليث ذي الغضف

لا سبط الخطو في المهارب حا

شاك ولكن في كل مزدحَف

خذها مديحاً كأنه وُشُحُ ال

درِّ إذا ما جرت على الهيَف

أحلى مذاقاً على اللسان من ال

شهد بماء الغمام في الرصف

مدح رأى أنك الكفيُّ له

فلم يجد عنك وجه منصرَف

وكلُّ مدح يقال فيك إلى ال

تقصير أدنى منه إلى السرف

نهدي لك الشعر ثم نحقره

وإن غدا من نفائس التحف

لأنه ليس فيك من بدع ال

أشياء كلّا ولا من الطُّرف

ولا نرى أنه يزيدك في

مجدك من متلد ومطَّرف

ما يرفعُ الشعر أو يشرِّف من

بدرٍ بزُهر النجوم مكتَنف

ينزل من مجده وسؤدَدِهِ

بين قديم وبين مؤتنف

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الرومي

avatar

ابن الرومي حساب موثق

العصر العباسي

poet-abn-rumi@

2020

قصيدة

17

الاقتباسات

1826

متابعين

علي ابن العباس بن جريج، أو جورجيس، الرومي، أبو الحسن. شاعر كبير، من طبقة بشار والمتنبي. روميّ الأصل، كان جده من موالي بني العباس. ولد ونشأ ببغداد، ومات فيها مسموماً، ...

المزيد عن ابن الرومي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة