الديوان » مصر » محمود سامي البارودي » صلة الخيال على البعاد لقاء

عدد الابيات : 36

طباعة

صِلَةُ الْخَيَالِ عَلَى الْبِعَادِ لِقَاءُ

لَوْ كانَ يَمْلِكُ عَيْنِيَ الإِغْفَاءُ

يا هاجِري مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ في الْهَوَى

مَهْلاً فَهَجْرُكَ والْمَنُونُ سَواءُ

أَغْرَيْتَ لَحْظَكَ بالْفُؤادِ فَشَفَّهُ

ومِنَ الْعُيُونِ عَلَى النُّفُوسِ بَلاءُ

هِيَ نَظْرَةٌ فامْنُنْ عَلَي بِأُخْتِها

فالْخَمْرُ مِنْ أَلَمِ الْخُمارِ شِفَاءُ

أَنا مِنْكَ مَطْوِيُّ الْفُؤادِ عَلَى جَوىً

لَوْلا الْدُّمُوعُ ذَكَتْ بِهِ الْحَوْبَاءُ

لا أَنْتَ تَرْحَمُنِي ولا نَارُ الْهَوَى

تَخْبُو وَلاَ للنَّفْسِ عَنْكَ عَزاءُ

فانْظُرْ إِلَيَّ تَجِدْ خَيَالَةَ صُورَةٍ

لم يَبْقَ فيها للحياةِ ذَمَاءُ

رَقَّتْ لِيَ الْوَرْقَاءُ في عَذَباتِها

وبَكَتْ عَلَيَّ بِدَمْعِهَا الأَنْدَاءُ

وَتَحَدَّثَتْ رُسُلُ النَّسِيمِ بلَوْعَتِي

فَلِكُلِّ غُصْنٍ نَحْوَها إِصْغَاءُ

كَلَفٌ تَنَاقَلَهُ الْحَمامُ عَنِ الصَّبَا

فصَبَتْ إِلَيْهِ الْغِيدُ والشُّعَراءُ

فَبِقَلْبِ كُلِّ فَتىً غَرامٌ كامِنٌ

وبِعِطْفِ كُلِّ مَلِيحَةٍ خُيَلاءُ

فَدَعِ التَّكَهُّنَ يا طَبِيبُ فإِنَّمَا

دائِي الْهَوَى ولِكُلِّ نَفْسٍ داءُ

أَلَمُ الصَّبَابَةِ لَذَّةٌ تَحْيَا بِها

نَفْسِي وَدَائِي لَوْ عَلِمْتَ دَواءُ

وبِمُهْجَتِي رَشَئِيَّةٌ مِنْ دُونِها

أُسُدٌ لَهَا قَصَبُ الرِّمَاحِ أَبَاءُ

هَيْفَاءُ مالَ بِهَا النَّعيمُ فَخَطْوُها

دُونَ الْقَطاةِ ونُطْقُها إِيمَاءُ

تَرْنُو بِأَحْوَرَ لَوْ تَمَكَّنَ لَحْظُهُ

مِنْ صَخْرَةٍ لَارْفَضَّ مِنها الماءُ

حَكَمَ الجَمالُ لها بِمَا تَخْتَارُهُ

فَتَحَكَّمَتْ في النَّاسِ كَيفَ تَشاءُ

غَضِبَتْ عَلَيَّ وَما جَنَيتُ وَرُبَّما

حَمَلَ الْمَشُوقُ الذَّنْبَ وَهوَ بَراءُ

طافَ الوُشاةُ بِها فَكانَ لِقَوْلِهِمْ

في مِسْمَعَيْها رَنَّةٌ وحُداءُ

لَوْلا النَّمِيمَةُ لم يَقَعْ بَيْنَ امْرِئٍ

وأَخِيهِ مِنْ بَعْدِ الْوِدادِ عِداءُ

أَشَقِيقَةَ الْقَمَرَيْنِ أَيُّ وَسِيلَةٍ

تُدْنِي إِلَيكِ فَلَيْس لِي شُفَعَاءُ

جُودِي عَلَيَّ ولَوْ بِوَعْدٍ كاذِبٍ

فالْوَعْدُ فيهِ تَعِلَّةٌ ورَجَاءُ

وَثِقِي بِكِتْمَانِ الْحَدِيثِ فإِنَّمَا

شَفَتاي خَتْمٌ والْفُؤادُ وِعاءُ

لا تَرْهَبِي قَوْلَ الْوُشاةِ فإِنَّهُمْ

قَدْ أَحْسَنُوا في الْقَوْلِ حِينَ أَساءُوا

زَعَمُوكِ شَمْسَاً لا تَلُوحُ بظُلْمَةٍ

ولِقَولِهِمْ عِنْدِي يَدٌ بَيْضاءُ

فَعَلامَ تَخْشَيْنَ الزِّيارَةَ بعدَما

أَمِنَ ازْدِيارَكِ في الدُّجَى الرُّقَباءُ

هِيَ زَلَّةٌ في الرأْيِ مِنْهُمْ أَعْقَبَتْ

نَفْعَاً كَذَلِكَ تَفْعَلُ الْجُهَلاءُ

كَيْدُ الْغَبِيِّ مَساءَةٌ لِضَمِيرِهِ

وَلِمَنْ يُحَاوِلُ كَيْدَهُ إِرْضَاءُ

والناسُ أَشْبَاهٌ ولَكِنْ فَرَّقَتْ

ما بَيْنَهُمْ في الرُّتْبَةِ الآراءُ

وَالنَّفْسُ إِنْ صَلَحَتْ زَكَتْ وَإِذَا خَلَتْ

مِنْ فِطْنَةٍ لَعِبَتْ بها الأَهْوَاءُ

لَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الرِّجالِ تَفَاوُتٌ

ما كانَ فيهِمْ سادَةٌ ورِعاءُ

وَلَقَدْ بَلَوْتُ النّاسَ في أَطْوارِهِمْ

ومَلِلْتُ حتَّى مَلَّني الإِبْلاءُ

فَإِذا المَوَدَّةُ خَلَّةٌ مَكْذُوبَةٌ

بَيْنَ الْبَرِيَّةِ والوَفاءُ رِياءُ

كَيْفَ الْوثُوقُ بِذِمَّةٍ مِنْ صاحِبٍ

وَبِكُلِّ قَلْبٍ نُقْطَةٌ سَوْداءُ

لَوْ كَانَ فِي الدُّنْيَا وِدَادٌ صَادِقٌ

مَا حَالَ بَيْنَ الخُلَّتَيْنِ جَفاءُ

فانْفُضْ يَدَيْكَ مِنَ الزَّمانِ وأَهْلِهِ

فالسَّعْيُ في طَلَبِ الصَّديِقِ هَبَاءُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


الْخُمارِ

ما يعقب شرب الخمر من صداع وأذي

تم اضافة هذه المساهمة من العضو كنزي محمد


خَيَالَةَ

ما تشبه لك في اليقظة والمنام من صور

تم اضافة هذه المساهمة من العضو كنزي محمد


ذَمَاءُ

بقيه الروح في المذبوح

تم اضافة هذه المساهمة من العضو كنزي محمد


بلَوْعَتِي

اللوعه هي العذاب لفراق المحبوبه

تم اضافة هذه المساهمة من العضو كنزي محمد


الْغِيدُ

الفتاه الرقيقه اللينه

تم اضافة هذه المساهمة من العضو كنزي محمد


كامِنٌ

ما ينطوي عليه الشئ بصفه دائمه

تم اضافة هذه المساهمة من العضو كنزي محمد


معلومات عن محمود سامي البارودي

avatar

محمود سامي البارودي حساب موثق

مصر

poet-mahmoud-samial-baroudi@

374

قصيدة

8

الاقتباسات

1686

متابعين

محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري. 1255-1322 هـ / 1839-1904 م أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من ...

المزيد عن محمود سامي البارودي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة