الديوان » العصر العباسي » الصنوبري » ألقي في حبك القناع

عدد الابيات : 68

طباعة

أُلقِيَ في حُبِّكَ القناعُ

وصار كالرّؤْيَةِ السَّماعُ

وذاعَ من سِرِّنا الذي ما

كُنَّا نرى أَنَّهُ يُذاع

وقد خَلَعْنَا فلا رقيبٌ

يُخْشَى ولا عاذلٌ يُطاع

صارتْ مناجاتُنا شفاهاً

وانقضتِ الرُّسْلُ والرِّقاع

وأسرعتْ سلوتي وداعاً

فحبَّذا ذلك الوداع

يا ذا الذي بعتُهُ فؤاداً

لولا الهوى لم يكنْ يُباع

وَصْلُكَ لي مذ وَصَلْتَ فِرْزٌ

وإنما هَجْرُكَ المُشَاع

وكلَّما زاد فيك عَقْدٌ

من كُلَفٍ زاد فيَّ باع

لا واتّباعي رضاكَ حتى

لم يبقَ فيما أرى اتّباع

ما إن رأينا سواكَ ظبياً

يموتُ من لحظِهِ السباع

ظبيٌ تُراعُ القلوبُ منه

والظبيُ من ظلِّه يُراع

ذو وَجْنَةٍ مِلْؤُها عُرَامٌ

ومقلةٍ حَشْوُها خِداع

متاعُ حُسْنٍ لمستشفٍّ

باللحظِ ما بَعْدَهُ مَتَاع

طالعْ أخي وجهه تُطالِعْ

نوراً له في الدجى اطِّلاع

إن لم تُصَدِّقْ فهاتِ بايعْ

وانظر لمن يحصلُ البياع

وبعد ذا فالمضيعُ منّا

يومَ سرورٍ هُوَ المضاع

فقمْ لنفتضَّها عروساً

تبع في مهرها الضِّياع

نارٌ بَدَتْ في إِناء نورٍ

لها وما شَعْشِعَتْ شُعاع

تغمرُ نورَ الصُّوَاعِ حتى

تغرَقَ في نُورها الصُّواع

ما صدَّع الرأسَ من شرابِ

فهيَ يُداوى بها الصُّداع

قد نظَّمَتْ حَلْيَها الروابي

ونشَّرَتْ وَشْيَها البقاع

فالزهرُ في الروضِ لي بساط

والغيمُ في الجوِّ لي شراع

انظرْ إلى منظرٍ تَوَلَّتْ

صَنْعته مُزنَةٌ صَناعُ

للنَّبْتِ تحتَ الندى اضطجاعٌ

وللندى فَوْقَهُ اضطجاع

طابتْ لنا فارثٌ وطابت

وهادُها الخضرُ والتِّلاع

استبشرت تلكمُ المغاني

واستضحكتْ تلكمُ الرِّباع

وذاك بستانُها الذي ما

للطَّرْفِ عن أَمْرِه امتناع

تروى النفوسُ العطاشُ منه

وتشبعُ الأعينُ الجِياع

حديثُ أطيارِهِ صياحٌ

ولعبُ أشجارِهِ صِراع

وصوتُ دولابه سماعٌ

لنا إذا فاتنا السَّماع

يا جنةً وُسِّعَتْ فما إِن

لجنةٍ عندها اتِّساع

لا أزْمَعَ الغيثُ عنكِ بَيْناً

ولا درى الغيثُ ما الزِّماع

بل جاد بالريِّ فيك جوداً

تروى به قارةٌ وَقَاع

جودُ عليٍّ أبي الحسين ال

فتى الذي جودُهُ طِباع

السيدُ القُرْعَةُ الذي عن

سُؤدَدِه ينجلي القِراع

مماصعٌ في العلى مِصاعاً

يضيقُ ذرعاً به المِصاع

مدافعاً دونها دفاعاً

يقرع سنّاً له الدفاع

الأسَدُ المستفاضُ إِنّ ال

أسودَ في عينه ضِباع

للفهم في لحظهِ اتّقادٌ

للعلم في لَفظِهِ التماع

ضليعُ حزمٍ ضليعُ عزمٍ

له بما يعملُ اضطلاع

الهاشميُّ اليفاعُ مجداً

يا بأبي مجدُه اليَفاع

حُكْمُ الذي في لهاهُ ماضٍ

وأمرُهُ عندها مطاع

ذو عزمةٍ ما لها ارتدادٌ

دون مَداها ولا ارتجاع

فما أضاعت فليس يُحمَى

وما حَمَتْه فما يُضاعُ

يَفديه مَن فِعْلُه بطيءٌ

جداً وأقوالُه سِراع

دينارُه في الفخارِ فَلْسٌ

وَكُرُّهُ في السماح صاع

يا سيداً سؤدداً أصيلاً

لا سؤدداً أصْلُهُ ابتداع

غُبِطْتَ ما عشتَ في شجاعٍ

وعاش في غبطةٍ شجاع

وزاد نجماكما ارتفاعاً

ما أمكنَ الأنْجُمَ ارتفاع

فأنتما لا عدا اقترابٌ

شملكما لا ولا اجتماع

العينُ والحاجبُ اتفاقاً

في الوصل والعَضْدُ والذراع

إن يك قلبٌ رضيعَ قلبٍ

فبين قلبيكما رضاع

عليُّ كلُّ ارتفاعِ عزٍّ

له لدى عِزَّكَ اتضاع

لذلك اسطعتَ من شجاعٍ

ما لم يكنْ قَطُّ يُسْتَطاع

فما امترى فاتكٌ شجاعٌ

في أَنَّهُ الفاتكُ الشجاع

أحْرَزتَ منه ربيبَ وكرٍ

تضمَّنت وَكْرَهُ القِلاعُ

أحرزتَ منه ربيب خِدْرٍ

سداهُ واللحمةُ اليراع

إن يَصْطَنِعْهُ على اختيارٍ

منك فما ضاعَ الاصْطِناع

أو يُكسَ في ظلك انتفاعاً

فقد زكا ذاك الانتفاع

ها هُوَ مُصْغٍ إليك سمعاً

له إِلى أمْرِكَ استماع

مدَّرِعٌ منك درعَ فخرٍ

فليهنِه ذاكَ الادَّراع

فاصدعْ به قلبَ كلِّ لاحٍ

بقلبه منكما انصداع

فأنت طَوْدُ العلى الذي قد

رسا فما إِنْ له انقلاع

كم ذي نزاعٍ إلى محلٍّ

حللتَهُ خانَهُ النِّزاع

فما يساويك فيه إلاَّ

إِذا استوى الرأسُ والكُراع

وَقَوْلُنا غيرَ ذا جنونٌ

إن نحنُ قلناه أو صُراع

عشْ سالماً لاختراعِ مجدٍ

فإنه نعمَ الاختراع

فعلُكَ ما إِن له انقطاعُ

وَقولُنا ما له انقطاع

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الصنوبري

avatar

الصنوبري حساب موثق

العصر العباسي

poet-alsanubri@

693

قصيدة

1

الاقتباسات

109

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسن بن مرار الضبي الحلبي الأنطاكي، أبو بكر، المعروف بالصنوبري. شاعر اقتصر أكثر شعره على وصف الرياض والأزهار. وكان ممن يحضر مجالس سيف الدولة. تنقل بين ...

المزيد عن الصنوبري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة