الديوان » العصر العباسي » الصنوبري » ما ضر واشينا بالأمس حين وشى

عدد الابيات : 38

طباعة

ما ضرَّ واشِيَنا بالأَمْسِ حينَ وَشَى

أَن غادرَ الشوقُ في أَسماعنا طَرَشا

كانت سرائرُ أَفشتْها الدموعُ وما

ذنبُ الشجيِّ إذا سرُّ الشجيِّ فشا

حُكْمُ الهوى في الورى حُكْمُ المنونِ فما

تلقاهُ يَقْبَلُ في قبض النفوس رُشا

طوانيَ البينَ حتى لو تعاينُنِي

عاينتَ مَيْتاً من الأجداثِ قد نُبِشا

ملقىَ على فُرُشِ الأحزانِ ترجفُ بي

ولم تكن فُرُش الأحزانِ لي فُرُشا

قامتْ لتؤذنَ بالتوديع ثم رَنَتْ

كما رَنتْ ظبيةٌ أَدماءُ أُمُّ رشا

لمَّا استبانت علاماتُ النَّوى خَشَمَتْ

عليّ أَحْسَنَ وجهٍ للنوى خُمشا

يا هذه قَدْكِ من وجدٍ ومن كَمَدٍ

أأنتِ أشجى فؤاداً أو أحرُّ حشا

عجبتِ أن ظلَّ هذا الدهرُ يَنْهَشُني

لا تعجبي لن يبالي الدهرُ مَن نهشا

إني وإن شبَّ نيرانُ العداوةِ لي

دهرٌ فلوَّحَ عودي الرطبَ أو محَشا

لَوارِدٌ منْ أبي العبَّاس بحرَ ندىً

يُشَرِّدُ الريُّ عن روَّادِه العطشا

لله أحمدُ من لبَّاس مطرمةٍ

يُمْضي الندى والرَّدى كفَّاهُ كيف يشا

بالمجدِ والجودِ منه الناسُ قد نُعِشوا

والمجدُ والجودُ أيضاً منه قد نُعشا

من أين تُثنَى عن الإحسان عَزْمَتُهُ

قَرْمٌ نشا مَعَهُ الإِحسانُ منذ نشا

يقدّم الرفدَ قبل الوعدِ مبتدئاً

يخالُ تأخيرَهُ من بعده فُحُشا

القائدُ الخيلَ إِن سارتْ قبائلها

يوماً حسبتَ ضُحاهُ في العَجاج عشا

ليثٌ تحاماهُ في الحرب الليوثُ إذا

ليثُ العرين إلى ليثِ العرين مشى

يا رُبَّ أزرق ماضي الحدِّ أوجَرَهُ

صِلاًّ يُخافُ شبا أنيابه حنشا

بحيثُ تربَدُّ ألونُ الكماةِ فإن

تَمْنَحهُمُ اللحظَ تَحسَبْ بِيضَهُم حَبشَا

لدى حبائلِ أرماحٍ إذا نُصِبتْ

صادتْ له نُخبَ الأبطال لا القَمَشا

بينا امرؤٌ ينخشُ الأقرانَ عن عُرُضٍ

إذ قيلَ ذا ناخشُ الأقران قد نُخِشا

يزدادُ عند مناجاة الحتوفِ له

تَثبُّتاً حين يزدادُ الفتى دَهَشا

كم استقى من دمٍ كان السنانُ له

سَجْلاً يُخَضْخِضُ فيه والقناة رشا

غدَّى السيوفَ وعشَّاها ليس لها

إلا النفوسَ غَداةٌ عنده وعَشا

ثَبْتُ الجنانِ يَرى وجْهَ الردى حسناً

إِمَّا رأى غيرُهُ وجْهَ الرَّدى وحِشا

بذَّ السوابقَ لما رُمْنَ غايَتَهُ

ومرَّ يجري إلى العلياءِ منكمشا

تكفُّ إن كفَّ عدنانٌ على ثقةٍ

منه وتبطشُ عدنانٌ إِذا بطشا

عِرْضٌ مصونُ النواحي ليس تَخْدِشُهُ

مخالبُ الذمِّ إِنْ عرضُ امرئٍ خُدشا

أوضحتَ سُبْلَ النُّهى من بعدِ ما دَرَسَتْ

أَعلامُها ونعشتَ الجودَ فانتعشا

وسرتَ بالعدلِ فينا سيرةً كشَفَتْ

عن الرعيّةِ غُلَّ الجورِ والغَبَشا

لمّا فتحتَ إلى الدنيا نُواظرنا

نُجْلاً ومن قبلُ ما قد غَمَّضتْ عمشا

رأيٌ به استدَّ ركنُ الحقِّ منتصباً

على قواعدِهِ من بعد ما ارتعشا

فالعيشُ صافي أديمِ الوجهِ مُشْرِقُهُ

ما إِنْ نرى كلَفاً فيه ولا نَمَشا

لم تتركِ الأمرَ إذا أصبحتَ تَكْنُفُه

تنالُ منه يدا مَنْ عَطَّ أو خرشا

لكن كعمتَ فمَ الخَطبِ الجليلِ لَدُنْ

صادفتَهُ خَشِعاً ما إِنْ يَني دَهِشا

وكان عزمي ضئيلَ الشخصِ خاملَهُ

فمذ رجوتُكَ رام الكبرَ وانتعشا

الآن أشمخُ عزّاً ما حييتُ ولا

أكونُ مهتضَماً في الناسِ محترَشا

عليك يَنْظِمُ دُرَّ الشعرِ ناظمُهُ

وفيك ينقشُ وشِيَ المدحِ مَنْ نقَشا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الصنوبري

avatar

الصنوبري حساب موثق

العصر العباسي

poet-alsanubri@

693

قصيدة

1

الاقتباسات

109

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسن بن مرار الضبي الحلبي الأنطاكي، أبو بكر، المعروف بالصنوبري. شاعر اقتصر أكثر شعره على وصف الرياض والأزهار. وكان ممن يحضر مجالس سيف الدولة. تنقل بين ...

المزيد عن الصنوبري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة