الديوان » الأردن » محمد خضير » وجهُ أمّي

يا وجهَ أمّي
هذه القَسَماتُ منْفىً
حين يلفظُني الحصَى
أخلو بها
لأنامَ بين ظِلالها
فهناكَ رائحةُ الخيامِ
وبعضُ ذكرى
من أغانٍ ساهرةْ.
يا وجهَ أمّي
من ملامحِكَ العتيقةِ
قدْ نثرتَ العمرَ فوضى
في تلابيبِ الحياةِ
وصِرْتَ كَهْلًا...
ها بياضُ الشَعْرِ دُفلى
وانحناءُ الظهرِ عيبٌ طارئٌ
بشوارعِ المنفى
وما في العُمرِ مِنْ سَعَةٍ
وما للعمْرِ من قَدَمٍ
تعيدُ إلى الطريق خُطاكِ.
عُكّازكِ الخشبيُّ صارتْ
ثالث الأقدامِ فوقَ جِناننا
فتريَّثي بالمشي
نحنُ العابرونَ
إلى الجنانْ.
يا وجهَ أمّي
ألفُ ذكرى تستبيحُ الروحَ
رَجْعًا
نحو حضن من بلادٍ
فاجمعي كفيَّ عشرًا
كي أعانقَ ما تبقّى
منْ حياةْ...
غَرِقتْ بِحارُ العُمرِ
في زَبَدِ انتظاري
والمدائنُ في زَحامٍ
من فراغٍ آدميٍّ.
مَنْ سِواكِ يلمُّ بعْضي
إذْ تَناثرَ في المنافيْ
والشتاتِ!
ومَنْ سِواكِ
يُعيدُ شكلَ الأغنياتِ
لمهدِ طفلٍ في قميصِ الأمنياتِ!
ومن سواكِ
يقود ليلَ المتعبينَ إلى النهار
بركب كفٍ أو دعاءْ!
يا وجهَ أمّي
يا بلادَ الأنبياءْ
شُهداؤنا خُضْرُ السَنابلِ
إنْ ذَراها الريحُ
عادتْ بعدَ تِسْعٍ في انحناءٍ
ثم هاجَتْ
تحملُ الأكفانَ بِيْضًا
نحو موتٍ في البلادْ
فاصْفرَّ وجهُ الحاملينَ مناجلًا
عَقِبَ الحصادْ.
يا وجهَ أمّيْ
مَنْ سِواك
يشدُّ أزْرَ الموتِ
حينَ يباغت الأطفالَ
في وضَحَ البَراءةِ
ثمَّ راحَ الّلحمُ يلهو
ظنَّ أنَّ الحربَ ألعابٌ
فألقى للعناقيدِ
التحيّة!
يا وجهَ أمّي
ما عَساني إن تكالبت الّلغاتُ
وصارَ قلبي أعجميًّا!
أيُّ ضادٍ
في نحول الحرف يكفي
كي يصيرَ الشعرُ صوتَ البندقيَّةْ!
يا وجهَ أمّيْ
من سواك؟

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد خضير

avatar

محمد خضير حساب موثق

الأردن

poet-Muhammad-Khudair@

57

قصيدة

70

متابعين

محمد خضير وُلد في العام 1968م، لعائلة فلسطينية لجأت إلى مخيّم الطالبيّة جنوب عمّان، عضو الهيئة الإدارية لرابطة الكتّاب الأردنيين وأمين النشر والإعلام فيها، ومدير تحرير مجلة أوراق الصادرة عنها ...

المزيد عن محمد خضير

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة