الديوان » العصر الأندلسي » ابن حزم الأندلسي » بلغت من لذة الدنيا ذرى أربي

عدد الابيات : 26

طباعة

بَلَغتُ مِن لَذَّةِ الدُّنيَا ذُرَى أرَبِي

فِي لَذَّة العَيش وَالسُّلطَانِ وَالنشَبِ

فَأذهَبَت دُوَلُ الأيامِ مَنزلَتِي

وَزَادَ فَقديَ اللذَّات فِي كَرَبِي

وَكَانَ مَالِي لِهَذَا كلِّه تَبَعاً

بَل صَارَ عَوناً لأعدَائِي عَلَى طَلَب

لَكِن رَجَعتُ وَقَد جَدَّ الزَّمَانُ إلَى

كَنز مِنَ العِلم وَالأخلاَق والأدَب

فَأعجَزَ الدَّهرَ أن يؤذَى بِوَاحِدَة

مِنهَا وَأقصَرَ عَنِّي وَاهِيَ السبَب

لاَ أختَشِي تَضَعُ الأيامُ مَنزلَتِي

مَدَى الزَّمَان وَعِندي أغلَبُ الطَلب

لاَ يَستَطِيعونَ عَزلِي عَن ولاَيَتِهَا

إذ كل وَال لَهم بِالعَزل فِي العُقَب

هَذَا بِلاَ كلفَة مِنِّي وَلاَ حَرَس

وَلاَ عَديدٍ وَلاَ إنفاق مُكتَسَبِ

وَكَم أخ لِيَ مصف غَير مضطَربٍ

لأنَّ مَا فِيه آخَى غَيرُ مضطَرب

وَكل مَن كَانَ فِي دُنيَايَ يَصحَبنِي

نَادَيتُهُ حِينَ خَانَتنِي فَلَم يُجِب

كَلاَمُ مَن جَرَّبَ الأمرَين وَانفَتَحَت

له المَذاهِبُ من جِدّ وَمن لَعِب

أنَا ابنُ مَن دَبَّرَ الدنيَا بِخَاتَمِه

عِشرينَ عَاماً وَعَشرٌ بَعدُ لَم يَرب

وَإنَّ مَنزلَتِي فِي العِلم مَنزلَةٌ

فِي المُلك خَطُّ كَخَطّ الصَّادق النسَب

مَازَلتُ أدخِرُهُ دَهري وَأنفِقُهُ

كَفِعلِه في اللجَين المَحض وَالذَّهضب

وَإننِي لَبَخِيلٌ بِالسلاَم إذَا

بَخِلتُ بِالعِلم مِن لَفظِي وَمن كُتُبِي

لَوَاستَطَعتُ مَنَحتُ الناسَ كُلَّهُمُ

مَا قَد تَجَمعُ فِي حَفظِي وَفي كَسَبِي

أأبذُلُ المَالَ يُفنِي البَذلُ حَاصِلَهُ

وَلَستُ أبدلُ مَا يَنمِي عَلَى النهَب

وَكَيفَ أستُرُ مُعلِي رُتبَتِي أبَداً

وَمَن يُخَلِّدُ ذِكري آخِرَ الحِقب

وَمَن يُكَثِّرُ لِي أهلِي وَيَجعَلُنِي

صَديقَ مَن شئِتُ مِن عُجمٍ وَمن عَرَب

أنِيسُ رُوحِي إذَا ما الدَّهرُ أوحَشَنِي

وَنُورُ عَقلِي وَجَالِي غُمةَ النكَب

سَائِل بِأيّ عُلُوم العَالَمِينَ تَجِد

عِندي يَنَابِيعَ ذاكَ العِلم من كُتُب

لاَ أنثَنِي لِسِوَى البُرهَان أسألُهث

وَلاَ إلَى مَقَال البَاحِث اللجِبِ

لَكِن إذَا أشكَلَت دُنيَا مُعَضّلَةٌ

قَابَلتُهَا بِسَنَا ذَِهنِي وَحَسبُكَ بِي

مِن فِكرَتِي لِيَ عَينٌ لاَ تَغِيضُ وَمِن

مَاضِي لِسَانِي مَا يَمضِي مَضَى الشُّهُبِ

فَإن أضَفتُ إلَى ذَا الحَظّ مِن عَمَلِي

شَيئاً أفُوزُ بِهِ فِي يَومِ مُنقَلَبِ

فَقَد حَصُلتُ عَلَى الآمَالِ أجمَعِهَا

وَخَابَ مَن فِي سِوَى ذَا كَانَ ذا تَعَبِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن حزم الأندلسي

avatar

ابن حزم الأندلسي حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Ibn-Hazm@

167

قصيدة

2

الاقتباسات

681

متابعين

علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، أبو محمد. عالم الأندلس في عصره، وأحد أئمة الإسلام. كان في الأندلس خلق كثير ينتسبون إلى مذهبه، يقال لهم (الحزْمية). ولد بقرطبة. ...

المزيد عن ابن حزم الأندلسي

أضف شرح او معلومة