الديوان » العصر الأندلسي » ابن حزم الأندلسي » أخ لي مشكور المساعي وسيد

عدد الابيات : 59

طباعة

أخٌ لِيَ مَشكُورُ المَسَاعِي وَسَيِّدٌ

تَسُرُّ بَوَادِيهِ إذَا سَاءَكَ الصَّحبُ

ألَمَّ يُجَالِينِي جَلاَءَ مُجَرّبٍ

عَلَى أنَّهُ حَقَّا بِيَ العَالِمُ الطَّبُّ

يُطَالِعُ فِي سُبلِ البَلاَغَةِ مَذهَبِي

وَهَل يَستَوِي مَنهَا لِيَ الحَزنُ وَالسُّهبُ

وَكَيفَ أنَا فِيهَأ إذَا مَا تَشَعَّبَت

وَضَاقَ عَلَى طُلاَّبِهَا المَنهَجُ الرَّحبُ

فَلُحتُ لَهُ خربت غفل وَمَجهَلٍ

يَضَلَّ لَدَيهِ النَّجمُ وَالقَشَمُ النَّكبُ

فَيَا أيُّهَا القَأضِي المُبَجَّلُ وَالَّذِي

مَوَارِدُهُ من سري البَاردِ العَذبُ

وَمَن دَان أربَابُ العُلُومِ بأسرِهِم

لَهُ بِصَرِيحِ الرّقّوَهوَ لَهُم رَبُّ

أعِيذُكَ أن تَرتَابَ أنَّنِيَ الذِي

أتَى سَابِقاً وَالكُلُّ يَنجُرُ أو يحبُو

وَمِثلَي إذَا جَدَّ الرّجَالُ وَاتعَبُوا

نُفُوسَهُم سَعياً وَكَدَّهُمُ الخطبُ

تَقَدَّمَ سَبقاً ثَانِياً مِن عِنَانِهِ

وَغَادَرَ مَن جَارَاهُ فِي رَهجِهِ يَكبُو

أمِثلُكَ يَعشُو عَن مَكَانِي وَيَمتَرِي

بِأنِّيَ مِن أفلاَكِ ذَا الأدَبِ القُطبِ

أيَخفَى عَلَيكَ البَدرُ لَيلَةَ تَمِّهِ

وَلَم يَستَتِر عَنكَ البَيَازِكُ وَالشُّهبُ

وَأنتَ الذِي يَلقَى الخَفِيَّاتِ ظَاهِراً

بِعَينش نُهًى لَم تُرجَ مِن دُونِهَا الحُجبُ

فَكَيفَ بَمَا وَازَى الجَهُولَ تَمَكُّناً

ذُوُو العِلمِ فِيهِ وَاستَوَى السّودُ وَالصُّهبُ

وَحَاشَايَ أن يَمتَدَّ زَهوٌ بِمَنطِقِي

وَأن يَستَفِزَّ الحِلمَ فِي قَولِيَ العُجبُ

وَلَكِنَّ لِي فِي يُوسُفَ خَيرَ أسوَةٍ

وَلَيسَ عَلَى مَن بَالنَّبِيّ ائتَسَى ذَنبُ

يَقُولُ وَقَالَ الحَقُّ وَالصّدقُ إنَّنِي

حَفِيظٌ عَلِيمٌ مَا عَلَى صَادِقٍ عَتبُ

فَلَو كُسِيَ الفُولاَذُ حِدَّةَ خَاظِرِي

تَسَاوَى لَدَيهِ اللَّحمُ وَالحَجَرُ الصُّلبُ

وَلَو كَانَ لِلنِّيرَانِ بَعضُ ذَكَائِهِ

وَفَاضَت عَلَيهِ لُجَّة البَحرِ لَم يَخبُ

وَمَا اختَصَّ عِلمٌ دُونَ عِلمٍ بِوِجهَتِي

بَلَى مَسرَحِي فِي كُلِّهَا الوَاسِعُ الخَصب

تَظَلُّ فُنُونُ العِلمِ تَجلَى إذَا غَدَت

بِأيدِي رِجالٍ وَهيَ مَنجُولَةٌ غَصبُ

وَمَا عَزَّنِي وَالحَمدُ لِلَّهِ مَطلَبٌ

مِنَ العِلمِ مِمَّا أبقَتِ العُجمُ وَالعُربُ

حَلِيفِي وَمُحيِي هِمَّتِي وَمُنِيرُهَا

وَرَافِعُ ذِكرِي حَيثُمَا اتَّصَلَ الرَّكبُ

وَأنسِيَ مُذ خَمسٍ وَعِشرِينَ حِجَّةً

أرُوحُ وَأغدُو وَهوَ صَارِمِيَ الغَصبُ

وَخِطَّتِيَ العُليَا الَّتِي لَستُ أتَّقِي

حَيَاتِيَ مِنهَأ العَزلُ مَا رَتَعَ الضَّبُ

وَمَالٌ عَمِيمٌ لَستُ أخشَى نَفَادَهُ

بِإنفَاقِهِ لاَ بَل يَزيدُ وَيَنصَبُّ

سَمَوتُ بِنَفسِي لاَ بِمَجد هَوَت بِه

مِنَ الزَّمَنِ العَدَّاءِ آلاَتُهُ الحُدبُ

عَلَى أنَّنِي لَو شِئتُ قُلتُ مُصَدَّقاً

وَأقبَحُ قَولٍ مَا ألَمَّ بِهِ الكَذبُ

وَلَكِنَّهُ مَن لَم يُشِد مَا حَلاَ لَهُ

رَغَا فِي مَبَانِيهِ وَضعضَعَهَا السَّقبُ

فَإن شِئتَ فِي عِلمِ الدّيَانَةِ تَلقَنِي

نِقَاباً لَهُ لَم يَخفَ عَنِّي لَهُ نَقبُ

وَأمَّا أفَانِينُ الحَدِيثِ فَإنَّنِي

أنَا بَحرُهَا الطَّامِي وَيُنبُوعُهَا السَّكبُ

وَقَيَّدت مِن فُتيَا ذَوي الفِقهِ ضَابِطاً

بِحِفظِيَ مَا طَالَت بِهِ قَبلَهَا الحِقبُ

وَإن لاَذَ طُلاَّبُ الكَلاَمِ بِجَانِبِي

فَإنَّيَ سَاقِيهِم وَكُلُّهُمُ شَربُ

وَعِلمِي بِمَا فِي سِرّ خَصمِي كَعِلمِه

فَمَا غَأبَ عَنِّي مِنهُ سَهلٌ وَلاَ صَعبُ

وَإن تُذكَرِ الأشعَأرُ لَم يَكُ خَارِجاً

أمَامِي جَريرٌ فِي الرّهَانِ وَلاَ كَعبُ

وَمَا ضَرَّ شِعرِي ان منو شهر والذي

وَلَم يَحظَ بِي عِلماً تَمِيمٌ وَلاَ كَلبُ

وأمّا تُسَائِل بِاللُّغَات وَنَحوهَا

فَمَا غَابَ عَنِّي مِنهُ سَهلٌ وَلاَ صَعبُ

وَمَا إنَّ شَأنِي عِندَ ذَلِكَ سَابِقٌ

عَلَى أنَّنِي لَم يُغرنِي التَّعبُ وَالوَطبُ

وَحَسبُكَ بِي فِي ذي الأعَارِيضِ مَمنَعاً

إذَا عُدَّتِ الأوتَادُ وَالشَّطرُ وَالضَّربُ

وَإن شِئتَ أخبَارَ الدهُورِ فَإِنَّنِي

أنَا جَامِعُ التَّارِيخ مُذ نَبَتَ الهُضبُ

فَمَا غَابَ عَنِّي أمرُ مَلكٍ مسونه

وَلاَ شَدَّ دُونِي أمرُ سِلمٍ وَلاَ حَربُ

سَوَاءٌ عَلَى ذِكرِي قَرِيبٌ وَنَازِحٌ

وَمَن حَمَلَت أرضٌ وَمَن ضَمَّهُ التُّربُ

وَإن تُذكَرِ الأنسَابُ كُنتُ نَقِيبَهَا

وَلم يَخفَ عَن ذِكرَايَ حَيٌّ وَلاَ شِعبُ

وَلَو أنَّ رُسطَالِيسَ حَي بَدَدتُّهُ

وَمَا عَاشَ إلاَّ وَهوَ لِي بِالحَرَى تِربُ

يُسَافِرُ عِلمِي حَيثُ سَافضرتُ ظَاعِناً

وَيَصحَبُنِي حَيثُ استَقَلَّت بِيَ الرَّكبُ

مَحَلَّتُهُ صَدرِي وَمَسكَنُ عُمرِهِ

بِحَيثُ التَقَى مِنِّي التَّرَائِبُ وَالتِّربُ

إذَا مَا الجَنوبُ استَوطَأت فِي ضِجَاعِهَا

فَعَنهُ نَبَا عَن مَضجَعِي مِنِّيَ الجَنبُ

أنَا الشَّمسُ فِي جَوّ العُلُومِ مُنِيرَةٌ

وَلَكِنَّ عَيبِي أنَّ مَطلَعِيَ الغَربُ

وَلَو أنَّهُ مِن جَانِبِ الشَّرقِ طَالِعٌ

لَجَدَّ عَلَى مَا ضَاعَ من ذِكرِيَ النَّهبُ

وَلِي نَحوَ أكنَافِ العِرَاقِ صَبَابَةٌ

وَلاَ غَروَ أن يَستَوحِشَ الكَلِفُ الصَّبُّ

فَإن يُنزِلِ الرَّحمَانُ رَحلِيَ دُونَهُم

فَحِينَئِذٍ يَمضِي التَّأسُّفُ وَالكَربُ

فَكَم قَائِلٍ أغفَلتُهُ وَهوَ حَاضِرٌ

وَأطلُبُ مَا عَنهُ تَجِيءُ بِهِ الكُتبُ

هُنَالِكَ يُدرَى أنَّ لِلبُعدِ قِصَّةً

وَأنَّ فَسَادَ العِلمِ آفَتُهُ القُربُ

فَيَا عَجَباً مَن غَابَ عَنهُم تَشَوَّقُوا

لَهُ وَدَنَوا لِمُزمِنِ دَرَاهِم ذَنبُ

وَإنَّ مَكَاناً ضَاقَ عَنِّي لَضَيِّقٌ

عَلَى أنَّهُ فَيحٌ مَذَاهِبُهُ سُهبُ

وَإنَّ رِجَالاً ضَيَّعُونِي لَضُيَّعٌ

وَإنَّ زَمَاناً لَم أنَل خِصبَهُ جَدبُ

وَلَو إنَّنِي خضاطَبتُ فَي النَّاسِ جَاهِلاً

لَقِيلَ دَعَأوٍ لاَ يَقُوم لَهَا طُنبُ

وَلَكِنَّنِي خَاطَبتُ أعلَمَ مَن مَشَى

وَمَن كُلُّ عِلمٍ فَهوَ فِيهِ لَنَا حَسبُ

يُصَدّقُنِي فِي وَصفِهِ كُلُّ سَامِعٍ

يَقِيناً وَلاَ يَأبَى لِسَانٌ وَلاَ قَلبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن حزم الأندلسي

avatar

ابن حزم الأندلسي حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Ibn-Hazm@

167

قصيدة

2

الاقتباسات

688

متابعين

علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، أبو محمد. عالم الأندلس في عصره، وأحد أئمة الإسلام. كان في الأندلس خلق كثير ينتسبون إلى مذهبه، يقال لهم (الحزْمية). ولد بقرطبة. ...

المزيد عن ابن حزم الأندلسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة