الديوان » العصر المملوكي » ابن قيم الجوزية » حكم المحبة ثابت الأركان ( نونية)

عدد الابيات : 5804

طباعة

حُكمُ المَحَبَّةِ ثَابتُ الأركَانِ

مَا للصُّدُودِ بِفَسخِ ذَاكَ يَدَانِ

أنَّى وَقَاضِي الحُسنِ نفَّذ حُكمَها

فَلِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ الخَصمانِ

وَأتَت شُهُودُ الوَصلِ تَشهَدُ أنه

حَقًّا جَرَى في مَجلسِ الإِحسانِ

فتأكَّدَ الحُكمُ العزيزُ فَلَم تَجِد

فَسخُ الوُشَاةِ إلَيهِ مِن سُلطَانِ

وَلأجلِ ذَا حُكمُ العَذُولِ تَدَاعت ال

أركانُ مِنهُ فَخَرَّ للأذقَانِ

وأتى الوُشاةُ فَصَادَفُوا الحُكمَ الذِي

حَكَمُوا به مُتَيَقَّنَ البُطلانِ

ما صَادَفَ الحُكمُ المَحَلَّ وَلا هُوَ اس

تَوفَى الشُروطَ فَصَارَ ذا بُطلاَن

فَلِذَاكَ قَاضِي الحُسنِ أَثبَتَ مَحضَراً

بِفسَادِ حُكمِ الهَجرِ والسُّلوانِ

وَحكَى لَكَ الحُكمَ المُحالَ وَنَقضَهُ

فاسمع إذاً يا مَن لَهُ أُذُنَانِ

حُكمُ الوُشَاةِ بِغيرِ مَا بُرهَانِ

إنَّ المحبَّةَ والصُدُودَ لِدَانِ

وَاللهِ ما هذَا بِحُكمٍ مُقسِطٍ

أينَ الغَرامُ وصَدُّ ذِي هِجرَان

شتَّان بين الحالتَينِ فَإِن تُرِد

جَمعاً فما الضِّدَّانِ يَجتَمعَانِ

يَا وَالِهاً هَانَت عَلَيهِ نَفسُهُ

إذ بَاعَهَا غَبناً بِكُلِّ هَوَان

أتَبِيعُ مَن تَهواهُ نَفسُك طِائِعاً

بالصَّدِّ والتَّعذيبِ والهِجرَانِ

أجَهِلتَ أوصَافَ المبِيعِ وقَدرَهُ

أم كُنتَ ذا جَهلٍ بِذِي الأثمَانِ

وَاهاً لِقَلبٍ لا يُفَارِقُ طَيرُه ال

أغصَانَ قَائِمةً عَلى الكُثبَان

وَيَظَلُّ يَسجَعُ فوقَهَا وَلِغَيرِهِ

مِنهَا الثِّمَارُ وكُلُّ قِطفٍ دَانِ

ويبيتُ يَبكِي والمواصِل ضَاحِكٌ

وَيَظَلُّ يشكُو وهو ذُو هجرانِ

هَذا وَلَو أنَّ الجَمَالَ مَعلَّقٌ

بالنَّجمِ هَمَّ إليهِ بالطَّيرانِ

لِلَّهِ زائِرَةٌ بِلَيلٍ لَم تَخَف

عَسَسَ الاميرِ وَمَرصَدَ السَّجَانِ

قَطَعَت بِلادَ الشَّامِ ثُمَّ تَيمَّمَت

مِن أرضِ طَيبَةَ مَطلعَ الإِيمان

وأتَت على وادي العَقيقِ فجاوزت

مِيقَاتَهُ حِلاًّ بِلا نُكرانِ

وَأتَت على وَادِي الأرَاكِ وَلَم يَكُن

قَصداً لَها فألاً بِأن سَتَرانِي

وأتَت عَلى عَرفَاتِ ثُمَّ مُحَسِّرٍ

وَمِنًى فَكَم نَحَرَته من قُربَانِ

وأتَت عَلى الجَمَراتِ ثُمَّ تَيمَّمَت

ذاتَ السُّتُورِ وَرَبةَ الأركَانِ

هَذَا وما طَافَت ولا استَلمت ولا

رَمَتِ الجمارَ ولا سَعت لِقِرَانِ

وَرَقَت على أعلَى الصَّفَا فَتَيمَّمَت

دَاراً هنالِكَ لِلمُحِبِّ العَانِي

أتَرَى الدَّلِيلَ أعَارَهَا أثوَابَهُ

والرِّيحَ أعطَتها مِنَ الخَفَقَانِ

واللهِ لَو أنَّ الدَّلِيلَ مَكَانَها

ما كانَ ذلِك مِنهُ في امكَانِ

هذا وَلو سَارَت مِسِيرَ الريحِ مَا

وصَلَت بِه لَيلاً إلى نُعمَانِ

سَارَت وَكان دَليلُها في سَيرِها

سَعدَ السُّعُودِ وَلَيسَ بِالدَّبَرَانِ

وَرَدَت جِفَارَ الدَّمعِ وَهي غَزِيرَةٌ

فَلِذَاك ما احتَاجَت وُرُودَ الضَّانِ

وَعَلت عَلى مَتنِ الهَوَى وتزودَت

ذِكرَ الحبيبِ وَوَصلَهُ المَتدَانِ

وَعَدَت بِزَورَتِها فَأوفَت بِالذي

وعَدَت وَكَانَ بمُلتَقَى الأجفَانِ

لَم يَفجَأِ المُشتَاقَ إلا وَهي دا

خِلةُ السُّتُورِ بِغَيرِ مَا استئِذَانِ

قَالَت وَقَد كَشَفَت نِقابَ الحُسن ما

بالصَّبرِ لي عَن أن أرَاكَ يَدانِ

وَتَحدَّثَت عِندِي حَديثاً خِلتُه

صِدقاً وَقَد كَذَبَت بِه العينانِ

فَعجِبتُ مِنهُ وقُلتُ من فَرحِي بِه

طَمَعاً ولكنَّ المَنَامَ دَهَانِي

إن كًنتِ كَاذبَةَ الذي حَدَّثتِني

فَعلَيكَ إثمُ الكَاذِبِ الفَتَّانِ

جَهمِ بنِ صفوانٍ وشِيعَتِهِ الأُلَى

جَحَدُوا صِفاتِ الخالِقِ الديَّانِ

بل عَطَّلوا مِنهُ السَّمواتِ العُلَى

والعَرشَ أخلَوهُ مِنَ الرحمن

ونَفَوا كَلامَ الرَّبِّ جَلَّ جَلاَلُهُ

وَقَضَوا لَهُ بالخَلقِ والحِدثَانِ

قالوا وليس لِرَبِّنَا سَمعٌ وَلاَ

بَصَرٌ وَلاَ وَجهٌ فَكَيفَ يدان

وكذاك لَيسَ لربّنَا مِن قُدرةٍ

وَإرَادَةٍ أو رحمَةٍ وَحَنَانٍ

كلاَّ ولا وَصفٌ يقومُ به سِوَى

ذَاتٍ مُجَرَّدَةٍ بِغَيرِ معانِ 

وحياتهُ هي نفسُه وكَلاَمُه

هوَ غيرُه فاعجَب لِذَا البُهتَانِ

وكَذاكَ قَالُوا مَا لَهُ مِن خَلقِه

أحَدٌ يَكُونُ خَلِيلَهُ النَّفسَانِ

وخَليلُهُ المُحتَاجُ عِندهُمُ وفي

ذَا الوصفِ يدخُلُ عابدُو الأوثانِ

فَالكُلُّ مفتقرٌ إليه لذاتِه

في أسرِ قَبضتِهِ ذَليلٌ عَانِ

وَلأجلِ ذَا ضَحَّى بجعدٍ خالدُ ال

قَسرِيُّ يَومَ ذَبائِحِ القُربَانِ

إذ قَالَ إبرَاهِيمُ ليسَ خِليلَهُ

كلا ولا مُوسى الكليمَ الداني

شكَرَ الضَّحِيَّةَ كُلُّ صاحِبِ سُنَّةٍ

للهِ درُّكَ مِن أخِي قُربَانِ

وَالعبدُ عندهُمُ فَليسَ بِفَاعلٍ

بَل فعلُهُ كَتَحرُّكِ الرَّجفَانِ

وهَبُوبِ ريحٍ أو تحرُّكِ نائمٍ

وتحرُّكِ الأشجَارِ للمَيَلاَنِ

واللهُ يُصليهِ على مَا لَيس مِن

أفعالِهِ حَرَّ الحَمِيمِ الآنِ

لَكِن يُعاقِبُهُ على أفعَالِهِ

فيهِ تعالَى اللهُ ذُو الإِحسَانِ

والظُّلمُ عِندَهُمُ المحالُ لذاتِهِ

أنيَّ ينزَّه عَنهُ ذُو السُّلَطانِ

ويكونُ مَدحاً ذَلِكَ التنزيهُ ما

هَذا بِمَعقولٍ لِذِي الأذهَانِ

وَكَذاكَ قالُوا مَا لَهُ مِن حِكمَةٍ

هي غَايَةٌ للأمرِ والإتقَانِ

ما ثَمَّ غيرُ مَشِيئةٍ قد رَجَّحَت

مِثلاً على مِثلِ بِلاَ رُجحَانِ

هَذا وَمَا تِلكَ المَشِيئةُ وَصفَهُ

بَل ذَاتُه أو فِعلُهُ قَولاَنِ

وكلامُهُ مُذ كَانَ غَيراً كَانَ مَخ

لُوقاً لَهُ مِن جُملَةِ الأكوَانِ

قَالُوا وإقرَارُ العِبَادِ بِأنَّه

خلاَّقُهُم هُوَ مُنتهَى الإيمَانِ

والناسُ في الإِيمانِ شيءٌ واحدٌ

كالمِشطِ عِندَ تَماثُلِ الأسنَانِ

فاسأل أبا جَهلٍ وشيعتَهُ وَمَن

وَالأهُمُ مِن عَابِدِي الأوثَانِ

وسَلِ اليهُودَ وكُلَّ أقلَفَ مُشرِكٍ

عَبدَ المَسيحَ مُقَبِّلَ الصُّلبَانِ

وَاسأل ثَمُودَ وعادَ بل سَل قَبلَهُم

أعدَاءَ نُوحٍ أُمَّةَ الطُّوفَانِ

واسأل أبَا الجنِّ اللعينَ أتعرفُ ال

خَلاَّقَ م أصبَحتَ ذَا نُكرَانِ

وَاسأل شِرارَ الخلقِ أعني أُمَّةً

لُوطِيَّةً همُ ناكِحُو الذُّكرَانِ

وَاسأل كَذَاكَ إمَامَ كُلِّ مُعطَّلٍ

فِرعَونَ مَع قَارُونَ مَع هَامَانِ

هل كانَ فيهِم مُنكرٌ للخالِقِ الرَّ

بِّ العظيمِ مكوِّن الأكوانِ

فليَبشِرُوا ما فيهِمُ مِن كافِرٍ

هُم عندَ جَهمٍ كَامِلو الإِيمانِ

وَقَضَى بِأنَّ اللهَ كَانَ مُعطَّلاً

والفِعلُ مُمتنِعٌ بلا امكَانِ

ثُمَّ استَحَالَ وَصَارَ مَقدُوراً لَهُ

مِن غَيرِ أمرٍ قَامَ بالدَّيَّانِ

بَل حَالُهُ سُبحَانَه في ذَاتِه

قَبلَ الحُدوثِ وَبَعدَهُ سِيَّانِ

وَقَضَى بِأنَّ النَّارَ لَم تُخلَق وَلاَ

جَنَّاتُ عَدنٍ بَل هُمَا عَدَمَانِ

فَإذَا هُمَا خُلِقَا ليومِ مَعَادِنَا

فَهُمَا عَلى الأوقَاتِ فَانِيَتَانِ

وَتلَطَّفَ العَلاّفُ مِن أتبَاعِه

فَأتى بِضِحكَةِ جَاهِلٍ مَجَّانِ

قالَ الفَنَاءُ يكونُ في الحركَاتِ لا

في الذَّاتِ وَاعجَباً لِذَا الهذَيانِ

أيَصيرُ أهلُ الخُلدِ في جَنَّاتهم

وجَحِيمِهِم كحِجَارَةِ البُنيَانِ

ما حَالُ مَن قَد كَانَ يَغشَى أهلَه

عِندَ انقضاءِ تحرُّكِ الحَيَوانِ

وكذاكَ مَا حَالُ الذي رَفَعَت يدَا

هُ أكلَةً مِن صَفحَةِ وخِوَانِ

فَتَنَاهَتِ الحركَاتُ قَبلَ وصُولِها

لِلفَمِّ عِندَ تفتُّح الأسنَانِ

وكذاكَ مَا حَالُ الذِي امتدَّت يَدٌ

مِنهُ إلى قِنوٍ مِن القِنوانِ

فَتنَاهَتِ الحَرَكاتُ قَبلَ الأخذِ هَل

يَبقَى كَذلِكَ سَائِرَ الأزمَانِ

تَبًّا لهَاتِيكَ العُقُولِ فَإنها

واللهِ قَد مُسِخَت على الأبدَانِ

تَبًّا لمِن أضحَى يُقَدِّمُهَا على ال

آثارِ والأخبَارِ والقُرآنِ

وَقَضَى بِأنَّ اللهَ يَجعَلُ خَلقَهُ

عَدَماً ويقلِبُهُ وُجُوداً ثانِ

العَرشُ والكُرسِيُّ والأرواحُ وال

أملاكُ والأفلاكُ والقَمَرَانِ

والأرضُ والبَحرُ المحيطُ وسائِرُ ال

أكوَانِ مِن عَرَضٍ وَمِن جُثمَانِ

كُلٌّ سَيُفنِيهِ الفنَاءَ المَحضَ لا

يَبقَى لَهُ أثَرٌ كَظِلٍّ فَانِ

ويُعِيدُ ذَا المَعدُومَ أيضاً ثانياً

مَحضَ الوجودِ إعَادَةً بِزَمَانِ

هذا المعادُ وَذلِكَ المَبدَا لَدَى

جَهمٍ وقد نَسَبُوه للقرآنِ

هَذا الذِي قَأدَ ابنَ سينَا والألَى

قَالُوا مَقَالَتَه إلى الكُفرَانِ

لَم تَقبَلِ الأذهانُ ذَا وتَوهَّمُوا

أنَّ الرَّسُولَ عَنَاهُ بِالإِيمانِ

هَذا كِتابُ اللهِ أنَّى قَالَ ذَا

أو عَبدُهُ المبعُوث بالبُرهَان

أو صَحبُه مِن بعدِهِ أو تَابِعٌ

لَهمُ عَلى الإِيمانِ والإِحسَانِ

بَل صَرَّحَ الوحيُ المبينُ بأنهُ

حقًّا عَلى الإِيمانِ والإحسَانِ

بَل صَحبُه من بعدِه أو تَابشعٌ

لَهُم عَلى الإِيمانِ والإحسَانِ

بَل صَرَّحَ الوحيُ المبينُ بأنهُ

حقًّا مُغَيِّرُ هَذه الأكوَانِ

فَيَبَدِّلُ اللهُ السَّمواتِ العُلَى

والأرضَ أيضاً ذَاتَ تَبديلانِ

وهمَا كَتَبديلِ الجُلودِ لِسَاكِني النِّ

يرانِ عِندَ النُّضجِ مِن نِيرَانِ

وَكَذَاكَ يَقبِضُ أرضَهُ وَسَمَاءَهُ

بِيدَيهِ مَا العَدَمَانِ مقبُوضَانِ

وتُحدِّثُ الأرضُ التي كُنَّا بِهَا

أخبَارَها في الحَشرِ للرَّحمنِ

وتَظَلُّ تَشهَدُ وَهيَ عَدلٌ بِالذِي

مِن فَوقِهَا قَد أحدَثَ الثَّقَلاَنِ

أفيِشهَدُ العَدَمُ الذِي هُوَ كاسمِهِ

لا شيءَ هذا لَيسَ في الإِمكَانِ

لَكِن تُسَوَّى ثُمَّ تُبسَطُ ثُمَّ تَش

هَدُ ثم تُبدَل وَهِي ذَاتُ كِيانِ

وتُمدُّ أيضا مِثلَ مَدِّأدِيمِنَا

مِن غيرِ أودِيَةٍ ولا كُثبَانِ

وَتقيءُ يَومَ العَرضِ مِن أكبَادِهَا

كَالأُسطُوَانِ نَفائِسَ الأثمَانِ

كُلُّ يَرَاهُ بِعَينِهِ وعِيَانِهِ

مَا لاِمرىءٍ بِالأخذِ مِنه يَدَانِ

وَكَذا الجبالُ تُفَتُّ فَتًّا مُحكَماً

فَتَعُودُ مِثلَ الرَّملِ ذِي الكُثبَانِ

وتَكُونُ كالعِهنِ الَّذِي ألوَانُه

وصِبَاغُهُ مِن سائِرِ الألوَانِ

وَتُبَسُّ بَسًّا مِثلَ ذَاكَ فَتنثَنِي

مِثلَ الهَبَاءِ لِنَاظِر الإنسَانِ

وَكَذا البِحَارُ فَإِنَّهَا مسجورَةٌ

قَد فُجِّرَت تَفجِيرَ ذِي سُلطَانِ

وكذَلِك القَمَرَانِ يَأذَنُ رَبُّنَا

لَهُمَا فيجتَمِعَانِ يَلتَقِيَانِ

هَذِي مُكوَّرَةٌ وَهَذا خَاسِفٌ

وكِلاَهُمَا في النَّارِ مَطروحَانِ

وَكَوَاكِبُ الأفلاَكِ تُنثَرُ كُلَّهَا

كلآلِىءٍ نُثِرَت عَلَى مَيدَانِ

وَكَذا السَّمَاءُ تُشَقُّ شَقًّا ظَاهِراً

وَتَمورُ أيضاً أيَّمَا مَوَرَانِ

وتصيرُ بَعدَ الانشِقَاقِ كَمِثلِ هَ

ذَا المُهلِ أو تَكُ وردةً كَدِهَانِ

والعَرشُ وَالكُرسيُّ لا يُفنِيهمَا

أيضاً وَإنَّهُمَا لَمخلُوقَانِ

والحورُ لا تَفنَى كَذلِكَ جَنَّةُ ال

مأوَى وَمَا فِيهَا مِنَ الوِلدَانِ

ولأجلِ هَذَا قالَ جَهمٌ إنَّهَا

عدَمٌ وَلَم تُخلَق إلَى ذَا الآنِ

والأنبِياءُ فَإنَّهُم تَحتَ الثَّرَى

أجسَامُهُم حُفِظَت مِن الدِّيدَانِ

ما للبَلى بِلُحُومِهِم وجُسومِهِم

أبَداً وَهُم تَحتَ التُّرَابِ يَدَانِ

وَكذاكَ عَجبُ الظَّهرِ لاَ يبلَى بَلَى

مِنهُ تُرَكَّبُ خِلقَةُ الإنسَانِ

وَكَذلِكَ الأروَاحُ لاَ تَبلَى كَمَا

تَبلَى الجُسُومُ وَلاَ بِلَى اللَّحمَانِ

وَلأجلِ ذَلِكَ لم يُقِرَّ الجَهمُ بال

أروَاحِ خَارِجَةً عَنِ الأبدَانِ

لَكِنَّهَا مِن بَعضِ أعرَاضٍ بِهَا

قَامَت وَذَا في غَايَةِ البُطلاَنِ

فالشَّأنُ للأرواحِ بَعدَ فراقِهَا

أبدَانَها وَاللهِ أعظَمُ شَانِ

إمَّا عذَابٌ أو نَعِيمٌ دَائِمٌ

قَد نُعِّمت بِالرَّوحِ والرَّيحَانِ

وتصيرُ طيراً سَارِحاً مَع شكلِهَا

تجني الثِّمارَ بِجَنَّةِ الحَيَوانِ

وَتَظَلُّ وَاردَةً لأنهَارٍ بِها

حَتَّى تَعُودَ لِذَلِكَ الجثمَانِ

لَكِنَّ أرواحَ الذينَ استُشهِدُوا

فِي جَوفِ طَيرٍ أخضَرٍ رَيَّانِ

فلهُم بذَاكَ مزيَّةٌ في عَيشِهِم

ونَعِيمِهِم لِلرُّوحِ والأبدَانِ

بَذَلُوا الجُسُومَ لربِّهِم فأعَاضَهُم

أجسَامَ تلكَ الطَّيرِ بالإحسَانِ

وَلَهَا قَنَادِيلٌ إليهَا تَنتَهِي

مَأوَى لَهَا كَمَسَاكِنِ الإِنسَانِ

فالرُّوحُ بَعدَ الموتِ أكمَلُ حَالَةٍ

منهَا بِهَذِي الدَّارِ في جُثمَانِ

وَعذَابُ أشقَاهَا أشدُّ مِنَ الذِي

قد عَاينَت أبصَارُهَا بِعِيَانِ

والقَائِلُونَ بِأنَّهَا عَرَضٌ أبَوا

ذَا كُلَّهُ تَبًّا لِذِي نُكرانِ

وإذَا أرَادَ اللهُ إخرَاجَ الوَرَى

بَعدَ المَمَاتِ إِلى المَعَادِ الثَّانِي

ألقَى عَلَى الأرضِ التي هُم تحتها

واللهُ مُقتَدِرٌ وذُو سُلطَانِ

مَطَراً غَليظاً أبيضاً مُتَتَابِعاً

عَشراً وَعَشراً بَعدَهَا عَشرَانِ

فَتَظَلُّ تَنبُتُ منهُ أجسَامُ الوَرَى

وَلُحُومُهُم كَمَنَابِتِ الرَّيحَانِ

حَتَّى إذَا ما الأمُّ حَانَ وِلاَدُهَا

وتمخَّضَت فَنِفَاسُهَا مُتَدَانِ

أوحَى لَهَا ربُّ السَّما فتَشقَّقَت

فَبَدَا الجَنِينُ كَأكمَلِ الشُّبَّانِ

وتخلَّتِ الأمُّ الوَلُودُ وأخرَجَت

أثقَالَها أنثَى ومِن ذُكرَانِ

واللهُ يُنشِىءُ خَلقَهُ في نَشأةٍ

أُخرَى كَمَا قَد قَالَ في القرآنِ

هَذا الَّذِي جَاءَ الكتابُ وسنةُ ال

هَادِي بهِ فاحرِص عَلَى الإِيمَانِ

ما قَالَ إنَّ اللهَ يُعدِمُ خَلقَهُ

طُرّاً كقولِ الجاهلِ الحَيرَانِ

وَقَضَى بِأنَّ الله لَيسَ بفاعِلٍ

فِعلاً يَقومُ بِه بِلاَ بُرهَانِ

بَل فِعلُه المَفعُولُ خَارِجُ ذَاتِهِ

كَالوَصفِ غَير الذَّاتِ في الحُسبانِ

والجبرُ مَذهبُهُ الذِي قرَّت بهِ

عَينُ العُصَاةِ وشِيعةُ الشَّيطانِ

كانُوا عَلَى وَجَلٍ مِنَ العِصيانِ إذ

هُوَ فِعلهُم والذَّنبُ للإِنسَانِ

واللَّومُ لا يعدُوه إذ هُوَ فَاعِلٌ

بإرَادةٍ وَبِقَدرَةِ الحَيوَانِ

فَأراحَهُم جَهمٌ وَشِيعتُهُ مِنَ الل

ومِ العَنِيفِ وَما قَضوا بِأمَانِ

لكنَّهم حَمَلوا ذُنُوبَهُمُ عَلَى

ربِّ العِبَادِ بِعِزَّةٍ وأمَانِ

وتبرَّؤوا مِنهَا وقالُوا إنَّهَا

أفعالُهُ مَا حِيلَةُ الإنسَانِ

مَا كَلَّفَ الجبَّارُ نَفساً وُسعَها

أنَّى وقَد جُبِرَت عَلَى العِصيَانِ

وَكَذا عَلَى الطَّاعَاتِ أيضاً قَد غَدَت

مَجبُورةً فَلَهَا إذاً جَبرَانِ

وَالعَبدُ في التَّحقيقِ شِبهُ نَعَامَةٍ

قَد كُلِّفَت بِالحَملِ وَالطَّيرانِ

إذ كَانَ صُورَتَها تَدُلُّ عَلَيهِمَا

هَذَا ولَيسَ لَهَا بِذَاكَ يَدَان

فلِذَاكَ قَالَ بِأنَّ طَاعَاتِ الوَرَى

وكذَاكَ ما فَعلُوهُ مِن عِصيَانِ

هِيَ عَينُ فِعلِ الرَّبِّ لا أفعَالُهُم

فَيَصِحُّ عَنهُم عِندَ ذَا نَفيَانِ

نَفيٌ لِقُدرتِهِم عَلَيهَا أوَّلاً

وصُدورِهَا مِنهُم بِنَفيٍ ثَانِ

فَيُقَالُ ما صَامُوا ولاَ صَلَّوا وَلاَ

زَكَّوا ولا ذَبَحُوا مِنَ القُربَانِ

وكَذاكَ مَا شَرِبُوا وما قَتَلُوا ومَا

سَرَقُوا ولا فِيهِم غَوِيٌّ زانِ

وَكذاكَ لَم يأتُوا اختيَاراً مِنهُمُ

بالكُفر والإِسلاَم والإِيمَانِ

إلاَّ عَلَى وَجهِ المَجَازِ لأنَّهَا

قَامَت بِهِم كالطَّعمِ والألوَانِ

جُبِرُوا عَلَى ما شَاءَهُ خَلاَّقُهم

مَا ثَمَّ ذُو عَونٍ وَغَيرُ مُعانِ

والكُلُّ مَجبُورٌ وغَيرُ مُيَسَّرٍ

كَالمَيتش أُدرِجَ دَاخِلَ الأكفَانِ

وكذَاكَ أفعالُ المُهَيمنِ لَم تَقُم

أيضاً بِهِ خَوفاً مِنَ الحَدَثَانِ

فَإِذا جَمَعتَ مَقَالَتَيهِ أنتَجَا

كَذِباً وزُوراً واضِحَ البُهتَانِ

إذ لَيسَتِ الأفعَالُ فِعلَ إلَهِنَا

والرَّبُّ لَيسَ بِفَاعِلِ العِصيَانِ

فَإذَا انتَفَت صِفَةُ الإِلهِ وَفِعلُهُ

وَكَلاَمُهُ وَفَعائِل الإِنسَانِ

فهُنَاكَ لا خَلقٌ وَلا أمرٌ وَلاَ

وَحيٌ ولاَ تَكلِيفُ عَبدٍ فَانِ

وَقَضَى عَلى أسمائِهِ بِحُدُوثِهَا

وبِخَلقهَا مِن جُملَةِ الأكوانِ

فانظُر إلى تَعطيلِهِ الأوصَافَ وال

أفعَالَ والأسمَاءَ للرَّحمنِ

مَاذَا الذِي في ضِمن ذَا التعطِيلِ مِن

نَفيٍ وَمِن جَحدٍ وَمِن كُفرَانِ

لَكِنَّه أبدَى المَقَالَةَ هَكَذَا

في قَالَبِ التنزيهِ للرَّحمَنِ

وأتى إلى الكُفرِ العَظِيمِ فَصَاغَهُ

عِجلاً لِيَفتِنَ أمَّةَ الثِّيرَانِ

وَكَسَاهُ أنوَاعَ الجواهِرِ والحُلَى

مِن لُؤلُؤٍ صَافٍ وَمِن عِقيَانِ

فَرَآه ثيرانُ الوَرَى فَأصَابَهُم

كَمُصَابِ إخوَتِهِم قَدِيمَ زَمَانِ

عِجلاَنِ قَد فَتَنا العِبَادَ بصوتِهِ

إحدَاهُمَا وَبِحَرفِهِ ذَا الثَّانِي

وَالنَّاسُ أكثرُهُم فَأهلُ ظَوَاهِرٍ

تَبدُو لَهُم ليسُوا بِأهلِ مَعَانِ

فَهُمُ القشُورُ وَبالقُشُورِ قِوَامُهُم

وَاللُّبُّ حَظُّ خُلاَصَةِ الإِنسَانِ

وَلِذَا تَقَسَّمَتِ الطَوائِفُ قَولَهُ

وتوارَثُوه إرثَ ذِي السُّهمَانِ

لَم يَنجُ مِن أقوَالِه طُرًّا سِوَى

أهلِ الحَدِيثِ وَشِيعَةِ القرآنِ

فَتَبَرؤوا منهَا بَراءةَ حَيدَرٍ

وَبراءَةَ المولُودِ مِن عِمرَانِ

مِن كُلِّ شِيعِيٍّ خَبِيثٍ وَصفُهُ

وَصفُ اليهُودِ مُحَلِّلِي الحِيتَانِ

يا أيُّهَا الرَّجُلُ المرِيدُ نَجَاتَهُ

إسمَع مَقَالَةَ نَاصِحٍ مِعوَانِ

كُن في أمُورِكَ كُلِّها مُتمسِّكاً

بالوحيِ لا بزخارِفِ الهذَيَانِ

ٍوانصُر كتَابَ اللهِ والسُّنَن الَّتي

جَاءَت عَنِ المبعُوثِ بالفُرقَانِ

واضرِب بِسَيفِ الوحي كُلَّ مُعَطِّلٍ

ضَربَ المجاهِدِ فَوقَ كُلِّ بَنَانِ

واحمِل بعزمِ الصِّدق حَملَةَ مُخُلِصٍ

مُتَجَرِّدٍ للَّهِ غَيرِ جَبَانِ

واثبُت بِصَبرِكَ تَحتَ ألوِيةِ الهُدَى

فَإذَا أصِبتَ فَفِي رِضَا الرَّحمنِ

واجعَل كِتَابَ اللهِ والسُّنَنَ الَّتِي

ثَبَتَت سِلاَحَكَ ثُمَّ صِح بِجَنَانِ

مَن ذَا يُبَارِز فليقدِّم نَفسَهُ

أو مَن يسَابِق يَبدُ في الميدَانِ

وَاصدَع بِمَا قَالَ الرَّسُولُ ولا تَخَف

مِن قِلَّةِ الأنصَارِ والأعوَانِ

فَاللهُ نَاصِرُ دِينِهِ وكتَابِهِ

وَاللهُ كَافٍ عَبدَهُ بأمَانِ

لا تَخشَ مِن كَيدِ العدُوِّ وَمكرِهِم

فَقتَالُهُم بالكِذبِ والبُهتَانِ

فجُنودُ أتبَاعِ الرَّسُولِ مَلاَئِكٌ

وَجُنُودُهُم فَعَسَاكِرُ الشَّيطانِ

شَتَّانَ بينَ العَسكَرين فَمَن يَكن

مُتَحَيِّزاً فلينظُر الفئَتانِ

واثبُت وقاتِل تَحتَ راياتِ الهُدى

وَاصبِر فَنَصرُ اللهِ رَبِّكَ دَانِ

واذكُر مَقَاتلَهُم لفُرسَانِ الهُدَى

لِلَّهِ درُّ مَقَاتِلِ الفُرسَانِ

وادرَأ بِلَفظِ النَّصِّ في نَحرِ العِدى

وَارجُمهُم بِثَواقِبِ الشُّهبَانِ

لا تَخشَ كثرتَهُم فَهُم هَمَجُ الوَرَى

وَذُبَابُهُ أتَخَافُ مِن ذِبَّانِ

وَاشغَلهُم عِندَ الجِدَالِ بِبَعضِهِم

بَعضاً فَذَاكَ الحَزمُ للفُرسَانِ

وَإذا هُمُ حَمَلُوا عَلَيكَ فلا تَكُن

فَزِعاً لِحَملَتِهِم ولا بِجَبَانِ

واثبُت ولا تَحمِل بِلا جُندٍ فَمَا

هَذا بِمَحمودٍ لَدَى الشُّجعَانِ

فإذَا رَأيتَ عِصَابَةَ الإِسلاَمِ قَد

وَافَت عَسَاكِرُهَا مَعَ السُّلطَانِ

فَهُنَاكَ فَاختَرِقِ الصُّفُوفَ ولا تَكُن

بِالعَاجِزِ الوَانِي وَلاَ الفَزعَانِ

وَتَعَرَّ مِن ثوبَينِ مَن يَلبَسهما

يَلقَ الرَّدَى بِمَذَمَّةٍ وَهَوانِ

ثوبٌ مِنَ الجَهلِ المُرَكَّبِ فَوقَهُ

ثَوبُ التّعَصُّبِ بِئسَتِ الثَّوبَانِ

وتَحلَّ بالإنصَافِ أفخَرَ حُلَّةٍ

زِينَت بهَا الأعطافُ والكَتِفَانِ

واجعَل شِعَارَك خَشيَةَ الرّحمَنِ مَع

نُصح الرّسُولِ فَحَبَّذَا الأمرانِ

وَتَمسَّكَنَّ بحبلِهِ وَبوَحيِهِ

وَتَوَكَّلَنَّ حَقيقَةَ التُّكلاَنِ

فالحَقُّ وَصفُ الرّبِّ وَهوَ صِراطُهُ ال

هَادِي إليهِ لصَاحِبِ الإيمَانِ

وهُو الصِّراطُ عَلَيهِ رَبُّ العَرشِ أي

يضاً وَذَا قَد جَاءَ في القرآنِ

والحَقُّ مَنصُورٌ ومُمتَحَنٌ فَلاَ

تَعجَب فَهَذِي سُنَّةُ الرَّحمَنِ

وبِذَاكَ يَظهَرُ حِزبُه مِن حَربِهِ

ولأجلِ ذَاكَ النَّاسُ طَائِفَتَانِ

ولأجلِ ذَاكَ الحَربُ بَينَ الرُّسلِ وال

كُفَّارِ مُذ قَامَ الوَرَى سِجلاَنِ

لَكِنَّمَا العُقبَى لأهلِ الحَقِّ إن

فَاتَت هُنَا كانَت لَدَى الدَّيَّانِ

واجعَل لقلبِكَ هِجرتَينِ وَلاَ تَنَم

فهُمَا عَلَى كُلِّ امرِىءِ فَرضَانِ

فالهِجرةُ الأولَى إِلى الرَّحَمنِ بال

إخلاصِ في سٍِّ وفي إعلانِ

فالقصدُ وَجهُ الله بالأقوَالِ وال

أعمالِ والطَّاعَاتِ والشُّكرَانِ

فَبِذَاكَ يَنجُو العبدُ مِن إشراكِهِ

وَيَصِيرُ حَقًّا عَابِدَ الرَّحمنِ

وَالهِجرةُ الأخرَى إلى المبعوثِ بال

حَقِّ المُبِين وَوَاضِحِ البرهَانِ

فَيَدُورُ مَع قَولِ الرّسُول وَفِعلِهِ

نَفياً وإثبَاتاً بِلاَ رَوَغانِ

وُيحكِّمُ الوَحيَ المُبينَ عَلى الذِي

قَالَ الشُّيوخُ فَعِندَهُ حَكَمَانِ

لاَ يَحكُمانِ بِبَاطِلٍ أبَداً وكُلُّ

العَدلِ قَد جَاءَت بِه الحَكمَانِ

وَهُما كتابُ اللهِ أعدَلَ حاكِمٍ

فِيه الشِّفا وهِدايةُ الحيرانِ

والحَاكِمُ الثَّاني كَلامُ رَسُولِهِ

مَا ثَمَّ غيرُهُمَا لِذِي إيمانِ

فَإذَا دَعوكَ لغَيرِ حُكمِهمَا فَلا

سَمعاً لِدَاعِي الكُفرِ والعِصيانِ

قُل لاَ كَرَامةَ لاَ ولاَ نُعمَا وَلا

طَوعاً لِمَن يَدعُو إلى طُغيَانِ

وإذا دُعِيتَ إلى الرَّسُولِ فقل لَهُم

سَمعاً وَطَوعاً لستُ ذَا عِصيانِ

وإذا تَكاثَرَتِ الخصُومُ وَصيَّحُوا

فَأثبُت فَصَيحَتُهُم كَمِثلِ دُخَانِ

يَرقَى إلى الأوجِ الرَّفِيعِ وَبَعدَه

يَهوِي إلى قَعرِ الحَضِيضِ الدَّاني

هَذا وإنَّ قِتَالَ حِزبِ اللهِ بال

أعمالِ لا بِكَتَائِبِ الشُّجعَانِ

واللهِ مَا فَتَحوا البلادَ بكَثرَةٍ

أنَّى وأعدَاهُم بِلاَ حُسبَانِ

وَكَذَاكَ ما فتَحُوا القُلُوبَ بهذِهِ ال

آراءِ بل بالعِلمِ والإِيمَانِ

وَشَجَاعَةُ الحُكَّامِ والعلماءِ زه

دٌ في الثَّنَا مِن كلِّ ذِي بُطلاَنِ

فَإِذَا هُمَا اجتَمَعَا لِقَلبٍ صَادِقٍ

شُدَّت رَكَائبُهُ إل الرَّحمنِ

وَاقصِد إلى الأقرَانِ لاَ أطرَافِهَا

فالعِزُّ تَحتَ مَقَاتِلِ الأقرَانِ

وَاسمع نصيحَةَ من لهُ خُبرٌ بمَا

عندَ الوَرَى مِن كَثرةِ الجَولاَنِ

مَا عِندَهُم وَاللهِ خَيرٌ غَيرَما

أخذُوهُ عَمَّن جَاءَ بالقرآنِ

والكُلُّ بَعدُ فَبِدعةٌ أو فِريَةٌ

أو بَحثُ تَشكِيكٍ وَرأيُ فَلانِ

فاصدَع بِأمرِ اللهِ لا تَخشَ الوَرَى

فِي اللهِ وَاخشَاهُ تَفُز بأمَان

وَاهجُر وَلَو كُلَّ الوَرَى في ذاتِهِ

لاَ في هَوَاك وَنَخوةِ الشَّيطَانِ

وَاصبِر بِغَيرِ تَسَخُّ وشِكَايةٍ

وَاصفَح بِغَيرِ عِتَابِ مَن هُوَ جَانِ

واهجُرهُمُ الهَجرَ الجَمِيلَ بِلا أذًى

إن لَم يَكن بُدٌّ مِنَ الهِجرَانِ

وانظُر إلى الأقدَارِ جَارِيَةً بِمَا

قَد شَاءَ مِن غَيٍّ وَمِن إيمَانِ

واجعَل لِقَلبِكَ مُقلَتينِ كِلاَهُمَا

بالحَقِّ في ذَا الخَلقِ نَاظِرَتَانِ

فانظُر بِعَينِ الحُكمِ وَارحَمهمُ بِهَا

إذ لا تُرَدُّ مَشِيئةُ الدَّيَّانِ

وانظُر بِعَينِ الأمرِ واحملهُم عَلَى

أحكَامِهِ فَهُمَا إذاً نَظَرانِ

واجعَل لوجهكَ مُقلَتَينِ كِلاَهُما

مِن خَشيةِ الرَّحمنِ بَاكِيَتَانِ

لَو شَاءَ رَبُّكَ كُنتَ أيضاً مِثلَهُم

فَالقَلبُ بَينَ أصابِعِ الرَّحمَنِ

واحذَر كَمَائِنَ نَفسِكَ اللاَّتي مَتَى

خَرَجَت عَلَيكَ كُسِرت كَسرَ مُهَانِ

وَإِذا انتصَرت لَهَا فَأنتَ كَمَن بَغَى

طَفيَ الدُّخَانِ بِمَوقِدِ النِّيرَانِ

والله أخبَرَ وَهُوَ أصدَقُ قَائِلٍ

أن سَوفَ يَنصُر عَبدَهُ بأمَانِ

مَن يَعمَلِ السُّوآى سَيُجزَى مِثلَهَا

أو يَعمَلِ الحُسنَى يَفُز بِجِنَانِ

هَذِي وَصِيَّةُ نَاصِحٍ وَلِنَفسِهِ

وَصَّى وَبَعدُ سَائِرُ الإخوَانِ

فاجلِس إذاً في مَجلِسِ الحَكَمَينِ للرَّ

حمَنِ لا للنَّفسِ والشَّيطَانِ

الأولُ النقلُ الصحيحُ وبعدَهُ ال

عَقلُ الصَّريحُ وفِطرةُ الرَّحَمنِ

واحكُم إذَا فِي رُفقَةٍ قَد سَافَرُوا

يَبغُونَ فاطِرَ هَذِهِ الأكوَانِ

فترافَقُوا في سَيرِهم وَتَفَارَقُوا

عِندَ افتراقِ الطُّرقِ بالحَيرانِ

فأتَى فَرِيقٌ ثم قَالَ وَجَدتُهُ

هَذَا الوجودَ بِعَينِه وَعِيَانِ

ما ثَمَّ موجودٌ سِوَاهُ وَإِنَّمَا

غَلِطَ اللِّسَانُ فَقَالَ موجُودَانِ

فهوَ السَّماءُ بعينِهَا ونجُومِهَا

وكذَلِكَ الأفلاَكُ والقَمَرَانِ

وهو الغَمَامُ بعينِهِ والثَّلجُ وال

أمطَارِ مَعَ بَرَدٍ وَمَع حُسبانِ

وهو الهَواءُ بِعَينِهِ وَالمَاءُ وَال

تُّربِ الثَّقِيلُ وَنَفسُ ذِي النِّيرانِ

هَذِي بسائِطُهُ ومنه تركَّبت

هَذِي المظاهِرُ مَا هُنَا شَيئَانِ

وهو الفقيرُ لَها لأجلِ ظهُورِهِ

فِيهَا كفقرِ الرُّوحِ للأبدَانِ

وهي التي افتَقَرَت إليه لأنه

هو ذاتُهَا ووجودُهَا الحقَّانِ

وَتَظَلُّ تَلبسُه وتخلَعُه وذَا ال

إيجادُ والإِعدامُ كُلَّ أوَانِ

وَيظلُّ يَلبَسُهَا وَيَخلَعُهَا وَذَا

حُكمُ المَظَاهِر كَي يُرَى بِعِيَانِ

وَتَكثُّر الموجودِ كالأعضَاءِ في ال

محسُوس من بَشَرٍ وَمِن حَيَوَانِ

أو كالقُوَى فِي النَّفسِ ذَلِكَ واحدٌ

مُتَكَثِّرٌ قَامت بِهِ الأمرَانِ

فَيَكُونُ كُلاُّ هَذِهِ أجَزَاؤه

هذِي مقالَةُ مُدَّعِي العِرفَانِ

أو أنها كَتَكَثُّرِ الأنواعِ فِي

جِنسٍ كَمَا عقالَ الفريقُ الثَّانِي

فَيَكُونُ كُلِّيًّا وجُزئِيَّاتهُ

هَذَا الوجودُ فهذِهِ قَولاَنِ

إحداهُمَا نَصُّ الفُصُوصِ وَبَعدَهُ

قولُ ابنُ سَبعِينٍ ومَا القَولاَنِ

عِندَ العفيفِ التِّلمِسَانِيِّ الذي

هوَ غايةٌ فِي الكُفرِ والبُهتَانِ

إلاَّ مِنَ الأغلاَطِ في حِسٍّ وَفِي

وَهمٍ وتلكَ طَبيعَةُ الإِنسَانِ

وَالكُلُّ شَيءٌ واحِدٌ فِي نَفسِهِ

مَا لِلتَعَدُّدِ فِيهِ مِن سُلطَانِ

فَالضَّيفُ والمأكُولُ شَيءٌ وَاحِدٌ

والوَهمُ يَحسِبُ هَاهُنَا شَيئَانِ

وَكَذَلِكَ الموطُوءُ عَينُ الوَطءِ وال

الوَهمُ البعيدُ يقُول ذَان اثنَانِ

وَلَرُبَّمَا قَالاَ مَقَالَتَهُ كَمَا

قَد قَالَ قَولَهُمَا بِلاَ فُرقَانِ

وَأبَى سِوَاهُم هَذَا وقالَ مَظَاهِرٌ

تَجلُوهُ ذَاتُ توحُّدٍ ومَثَانِ

فالظَّاهِرُ المجلوُّ شيءٌ وَاحِدٌ

لَكِن مَظَاهِرُهُ بِلاَ حُسبَانِ

هَذِي عِبَارَاتٌ لَهُم مَضمُونُهَا

مَا ثَمَّ قَطُّ فِي الأعيَانِ

فَالقَومُ مَا صُانُوهُ عَن إنسٍ وَلاَ

جِنٍّ ولاَ شَجَرٍ وَلاَ حَيَوَانِ

كَلاَّ وَلاَ عُلوٍ وَلاَ سُفلٍ وَلاَ

وَادٍ وَلا جَبَلٍ وَلاَ كُثبَانِ

كَلاَّ وَلا طَعمٍ وَلاَ رِيحٍ وَلاَ

صَوتٍ وَلاَ لَونٍ مِن الألوَانِ

لَكِنَّهُ المطعُومُ والمَلبُوسُ وال

مَشمُومُ والمسمُوعُ بالآذانِ

وكذَاكَ قَالُوا إنَّهُ المنكُوحُ وال

مَذبوحُ بَل عَينُ الغَوِيِّ الزَّانِي

والكُفرُ عِندَهُمُ هُدًى وَلَو أنَّهُ

دِينُ المجُوسِ وعَابِدِي الأوثَانِ

قًالُوا وَمَا عَبَدُوا سِوَاهُ وإنَّمَا

ضَلُّوا بِمَا خَصُّوا مِنَ الأعيَانِ

وَلَوَ أنَّهُم عَمُّوا وقالُوا كلُّهَا

معبُودَةٌ مَا كَانَ مِن كُفرَانِ

فالكُفرُ سَترُ حَقِيقَةِ المعبودِ بِالتَّ

خصِيصِ عِندَ مُحَقِّقٍ رَبَّانِي

قَالُوا وَلَم يَكُ كافِراً فِي قَولِهِ

أنَا رَبُّكُم فِرعَونُ ذُو الطُّغيَانِ

بَل كَانَ حَقّاً قَولُه إذ كَانَ عَي

نَ الحَقِّ مُضطَلِعاً بهذَا الشَّانِ

وَلذَا غَدَا تَغرِيقُهُ في البَحر تَط

هِيراً مِنَ الأوهَامِ والحُسبَانِ

قَالُوا وَلَم يَكُ مُنكِراً مُوسَى لِمَا

عَبَدُوهُ مِن عِجلٍ لِذِي الخَوَرانِ

إلاَّ عَلَى مَن كَانَ لَيسَ بعابِدٍ

مَعهُم وأصبَحَ ضَيِّقَ الأعطَانِ

وَلذَاكَ جَرَّ بِلحيَةِ الأخِ حَيثُ لَم

يَكُ وَاسِعاً فِي قَومِهِ لِبِطَانِ

بَل فَرَّقَ الإِنكَارُ منهُ بينَهُم

لَمَّا سَرَى فِي وَهمِهِ غَيرَانِ

وَلَقَد رَأى إبليسَ عارِفُهُم فَأهب

السُّجُودِ هُوِيَّ ذِي خَضعَانِ

قَالُوا لَهُ مَاذَا صَنَعتَ فَقَالَ هَل

غَيرُ الإِلَهِ وأنتُمَا عِميَانِ

مَا ثَمَّ غَيرٌ فاسجُدُوا إن شِئتُمُ

للشَّمسِ والأصنَامِ والشَّيطَانِ

فَالكُلُّ عينُ اللهِ عِندَ مُحَقِّقٍ

وَالكُلُّ مَعبُودٌ لِذي عِرفَانِ

هَذَا هُوَ المعبُودُ عِندَهُم فقُل

سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ ذا السُّبحَانِ

يَا أمَّةً مَعبُودُهَا مَوطُءُهَا

أينَ الإِلَهُ وثُغرَةُ الطَّعَّانِ

يَا أمَّةً قََد صَارَ مِن كُفرَانِهَا

جُزءٌ يَسيرٌ جُملَةَ الكُفرَانِ

وَأتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قالَ وَجَدتُهُ

بالذَّاتِ مَوجُوداً بِكُلِّ مَكَانِ

هُو كالهَواءِ بعينِهِ لا عينُهُ

مَلأ الخُلُوَّ ولا يُرَى بِعِيَانِ

والقَومُ ما صَانُوهُ عن بِئرٍ ولاَ

قَبرٍ ولاَ دَاخِلَ هَذِهِ الأبدَانِ

بَل مِنهُمُ مَن قَد رَأى تَشبِيهَهُ

بالرُّوحِ دَاخِلَ هَذِهِ الأبدَانِ

مَا فِيهُمُ مَن قَالَ لَيسَ بِدَاخِلٍ

أو خَارِجٍ عن جُملةِ الأكوَانِ

لَكِنَّهُم حَامُوا عَلَى هَذا وَلَم

يَتَجَاسَرُوا مِن عَسكَرِ الإِيمَانِ

وَعَليهِمُ رَدَّ الأئِمةُ أحمَدٌ

وَصِحَابُهُ مِن كُلِّ ذِي عِرفَانِ

فهُمُ الخُصُوم لِكُلِّ صَاحِبِ سُنَّةٍ

وهُم الخصُومُ لِمُنزِلِ القُرآنِ

وَلَهُم مقَالاَتٌ ذَكَرتُ أصولَهَا

لَمَّا ذَكَرتُ الجَهمَ فِي الأوزَانِ

وأتى فَرِيقٌ ثُمَّ قَارَبَ وَصفَهُ

هَذَا وَلَكِن جَدَّ في الكُفرَانِ

فأسَرَّ قَولَ مُعَطِّلٍ وَمُكَذِّبٍ

في قَالَبِ التَّنزيهِ للرَّحمَنِ

إذ قَالَ لَيسَ بداخِلٍ فِينَا وَلاَ

هُوَ خَارِجٌ عَن جُملَةِ الأكوَانِ

بل قَالَ لَيسَ ببائِنٍ عَنهَا وَلاَ

فِيهَا ولا هُوَ عَينُهَا بِبَيَانِ

كَلاَّ وَلاَ فَوقَ السَّمواتِ العُلَى

والعَرشِ مِن رَبٍّ وَلاَ رَحمَنِ

والعَرشُ لَيسَ عَلَيهِ معبُودٌ سِوَى ال

عَدَمِ الذي لاَ شَيءَ في الأعيَانِ

بَل حَظُّهُ مِن رَبِّهِ حَظُّ الثَّرَى

مِنهُ وحَظُّ قَوَاعِدِ البُنيَانِ

لَو كَانَ فَوقَ العَرشِ كَانَ كَهذِهِ ال

أجسَامِ سُبحَانَ العظِيمِ الشَّانِ

وَلَقَد وَجَدتُ لفاضِلٍ مِنهُم مَقَا

ماً قَامَهُ في النَّاسِ مُنذُ زَمَانِ

قَالَ اسمَعُوا يَا قَومُ إنَّ نَبِيَّكُم

قَد قَالَ قَولاً وَاضِحَ البُرهَانِ

لاَ تَحكُمُوا بالفَضلِ لي أصلاً عَلى

ذِي النُّونِ يُونُسَ ذَلِكَ الغَضبَانِ

هَذَا يَرُدُّ عَلَى المُجَسِّمِ قَولَهُ

اللهُ فَوقَ العَرشِ والأكوانِ

وَيَدُلُّ أنَّ إلَهَنَا سُبحَانَهُ

وبِحَمدِهِ يُلقَى بِكُلِّ مَكَانِ

قَالُوا لَهُ بَيِّن لَنَا هَذَا فَلَم

يَفعَل فأعطَوهُ مِنَ الأثمَانِ

ألفاً مِنَ الذَّهَبِ العَتيقِ فَقَالَ في

تِبيَانِهِ فاسمَع لِذَا التِّبيَانِ

قَد كَانَ يُونُسُ في قَرَارِ البَحرِ تَح

تَ المَاءِ في قُبرِ مِنَ الحِيتَانِ

ومحَمَّدٌ صَعِدَ السَّمَاءَ وَجَاوَزَ السَّ

بعَ الطِّبَاقَ وَجَازَ كُلَّ عَنَانِ

وَكِلاَهُمَا في قُربِهِ مِن رَبِّهِ

سُبحَانَهُ إذ ذَاكَ مُستَوِيَانِ

فَالعُلوُ والسُّفلُ اللَذانِ كِلاَهُمَا

في بُعدِهِ مِن ضِدِّهِ طَرَفَانِ

إن يُنسَبَا لِلَّهِ نُزِّه عَنهُمَا

بالإِختِصَاصِ بَلَى سِيَّانِ

فِي قُربِ مَن أضحَى مُقِيماً فِيهمَا

مِن رَبِّهِ فَكِلاَهُمَا مِثلاَنِ

فَلأجلِ هَذَا خَصَّ يُونُسَ دُونَهُم

بالذِّكرِ تَحقِيقاً لهَذَا الشَّانِ

فأتَى النِّثَارُ عَلَيهِ مِن أصحَابِهِ

مِن كُلِّ نَاحِيةٍ بِلاَ حُسبَانِ

فاحمَد إلهَكَ أيُّهَا السُّنِّيُّ إذ

عَافَاكَ مِن تَحرِيفِ ذِي بُهتَانِ

والله مَا يَرضَى بِهَذَا خَائِفٌ

مِن رَبِّهِ أمسَى عَلَى الإِيمَانِ

هَذَا هُوَ الإلحَادُ حَقًّا بَل هُوَ التَّ

حرِيفُ مُحضاً أبرَدُ الهَذَيَانِ

واللهِ ما بُليَ المُجَسِّمُ قطُّ ذِي ال

بَلوَى وَلاَ أمسَى بِذِي الخُذلاَنِ

أمثَالُ ذَا التَّأويلِ أفسَدَ هَذِهِ ال

أديَانِ حِينَ سَرَى إلَى الأديَانِ

وَاللهِ لولاَ اللهُ حَافِظُ دِينِهِ

لتهدَّمت منهُ قُوَى الأركَانِ

وأتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَارَبَ وَصفَهُ

هَذَا وَزَادَ عَلَيهِ في الميزَانِ

قَالَ اسمَعُوا يَا قَومُ لا تُلهِيكُمُ

هَذِي الأمَانِي هُنَّ شَرُّ أمَانِي

أتعبتُ رَاحلَتي وَكَلَّت مُهجَتِي

وَبَذَلتُ مَجهُودِي وَقَد أعيَانِي

فَتَّشتُ فوقَ وَتحتَ ثُمَّ أمَامَنَأ

وَوَرَاءَ ثُمَّ يَسَارِ مَع أيمَانِ

مَا دلَّنِي أحَدٌ علَيهِ هُنَاكُمُ

كَلاَّ وَلاَ بَشَرٌ إليهِ هَدَانِي

إلاَّ طَوائِفُ بِالحَدِيثِ تَمَسَّكَت

تُعزَى مَذاهِبُهَا إِلَى القُرآنِ

قَالُوا الَّذِي تَبغِيهِ فَوقَ عِبَادِهِ

فَوقَ السَّمَاءِ وَفَوقَ كُلِّ مَكَانِ

وهو الَّذِي حَقًّا عَلَى العَرشِ استَوَى

لَكِنَّهُ استَولَى عَلَى الأكوانِ

وإلَيهِ يَصعَدُ كُلُّ قَولٍ طَيِّبٍ

وَإلَيهِ يُرفَعُ سَعيُ ذِي الشُّكرَانَِ

والروحُ والأملاَكُ مِنهُ تَنَزلَت

وإلَيهِ تَعرُجُ عِندَ كُلِّ أوَانِ

وإليه أيدِي السَّائِلينَ تَوجَّهَت

نَحوَ العُلُوِّ بِفِطرَةِ الرَّحمَنِ

وإليهِ قَد عَرجَ الرسُولُ فقُدِّرَت

مِن قُربِه مِن رَبِّه قَوسَانِ

وإلَيهِ قَد رُفِعَ المسِيحُ حَقِيقَةً

ولسَوفَ يَنزِلُ كَي يُرَى بِعِيَانِ

وإليه تصعَدُ رُوحُ كلِّ مُصَدِّقٍ

عِندَ المَمَاتِ فَتَنثَنِي بأمانِ

وإليهِ آمالُ العِبَادِ توجَّهَت

نَحوَ العُلُوِّ بِلاَ تَواصٍ ثَانِ

بَل فِطرةُ اللهِ التَي لَم يُفطرُوا

إلاَّ عَليهَا الخلقُ والثَّقَلاَنِ

وَنَظِيرُ هَذَا أنَّهُم فُطِرُوا عَلَى

إقرَارِهِم لاَ شَكَّ بالدَّيَّانِ

لَكِن أولُو التعطيلِ مِنهُم أصبَحُوا

مَرضَى بدَاءِ الجَهلِ والخُذلاَنِ

فَسألَتُ عَنهم رِفقَتي وأحبتي

أصحَاب جَهمٍ حِزبَ جِنكسخَانِ

مَن هؤلاءِ وَمن يُقالُ لهُم فقَد

جَاؤُوا بِأمرٍ مَالِىءٍ الآذَانِ

وَلَهُم عَلينَا صَولَةٌ مَا صَالَهَا

ذُو بَاطِلٍ بَل صَاحِبُ البُرهَانِ

أوَ مَا سَمعتُم قَولَهُم وَكَلاَمَهُم

مِثلَ الصواعِقِ لَيسَ ذَا لِجَبَانِ

جاؤوكُم من فَوقكُم وَأتَيتُم

من تَحتِهِم مَا أنتُم سِيَّانِ

جَاؤُوكُمُ بالوَحي لَكِن جِئتمُ

بِنُحَاتَهِ الأفكَارِ والأذهَانِ

قَالُوا مُشَبِّهَةٌ مَجَسِّمَةٌ فَلاَ

تَسمَع مَقَالَ مُجَسِّمٍ حَيَوَانِ

والعَنهُمُ لَعناً كَبيراً واغزُهُم

بِعَسَاكِرِ التَّعطِيلِ غَيرَ جَبَانِ

وَاحكُم بسَفكِ دِمَائِهِم وَبِحَبسِهِم

أو لاَ فشَرِّدهُم عَنِ الأوطَانِ

حَذِّر صِحَابَكَ مِنهُمُ فَهُمُ أضَلُّ

مِنَ اليَهُودِ وعَابِدِي الصُّلبَانِ

وَاحذَر تُجَادِلَهُم بقَالَ اللهُ أو

قَالَ الرسُولُ فَتَنثَني بِهَوَانِ

أنَّى وَهُم أولًى بِهِ قَد أنفَذُوا

فِيهِ قُوَى الأذهَانِ والأبدَانِ

فإذا ابتُلِيتَ بِهم فَغَالِطهُم عَلَى التَّ

أويلِ للأخبَارِ وَالقُرآنِ

وكذَاكَ غَالِطهُم عَلَى التكذِيبِ لل

آحَادِ ذَانِ لِصحبِنَا أصلاَنِ

أوصَى بِهَا أشيَاخَنا أشيَاخُهُم

فَاحفَظهُمَا بِيَدَيكَ والأسنَانِ

وإذا اجتَمعتَ وهم بمشهَدِ مَجلِسٍ

فَابدَر بإيرَادٍ وشُغلِ زَمَانِ

لا يَملِكُوهُ عَلَيكَ بالآثَارِ وال

أخبَارِ والتفسِيرِ للفُرقَانِ

فَتَصِيرَ إن وَافَقتَ مِثلَهُمُ وإن

عَارَضتَ زِندِيقاً أخَا كُفرَانِ

وإذا سَكَتَّ يُقَالُ هَذَا جَاهِلٌ

فَابدَر ولو بِالفَشرِ والهذَيَانِ

هَذَا الَّذِي أوصَى بِهِ أشيَاخُنَا

في سَالِفِ الأوقَاتِ والأزمَانِ

فرجعتُ مِن سَفَرِي وقلتُ لصَاحِبي

وَمَطِيَّتِي قَد آذنت بِحِرَانِ

عَطِّل رِكَابَكَ وَاسترِح مِن سَيرِهَا

ما ثَمَّ غيرُ هذي الأكوَانِ

لَو كَانَ للأكوَانِ ربٌّ خَالِقٌ

كَانَ المُجَسِّمُ صَاحِبَ البُرهَانِ

أو كَان رَبٌّ بائنٌ عَن ذِي الوَرَى

كَانَ المُجَسِّمُ صَاحِبَ الإِيمَانِ

وَلَكَانَ عِندَ النَّاسِ أولَى الخَلقِ بال

إسلاَمِ والإِيمَانِ والإِحسَانِ

وَلَكَانَ هَذَا الحِزبُ فَوقَ رؤوسِهِم

لَم يَختَلِف مِنهُم عَلَيهِ اثنَانِ

فَدَع التَّكالِيفَ الَّتِي حُمِّلتَهَا

وَاخلَع عِذَارَكَ وَارمِ بالأرسَانِ

مَا ثَمَّ فَوقَ العرشِ مِن رَبٍّ وَلَم

يَتَكَلّمِ الرَّحمَنُ بالقُرآنِ

لَو كَانَ فَوقَ العرشِ رَبٌّ نَاظِرٌ

لزِمَ التحيُّزُ وافتقارُ مَكَانِ

لو كَانَ القُرآنُ عَينَ كََلاَمِهِ

حَرفاً وَصَوتاً كَانَ ذَا جُثمَانِ

فإذَا انتَفَى هَذَا وَهَذا مَا الَّذِي

يَبقَى عَلَى ذَا النَّفيِ مِن إيمَانِ

فَدَع الحَلاَلَ مَعَ الحرَامِ لأهلِهِ

فهُمَا السِّيَاجُ لَهُم عَلَى البُستَانِ

فاخرَقهُ ثمَّ ادخُل تَرَى فِي ضِمنِهِ

قَد هُيِّئَت لَكَ سَائِرُ الألوَانِ

وتَرَى بِهَا ما لاَ يَرَاهُ مُحَجَّبٌ

مِن كُلِّ ما تَهوَى بِهِ زَوجَانِ

واقطَع عَلاَئِقَكَ الَّتِي قَد قَيَّدَت

هَذَا الوَرَى مِن سَالِفِ الأزمَانِ

لِتَصِيرَ حُرّاً لَستَ تَحتَ أوَامِرٍ

كَلاَّ وَلاَ نَهيٍ وَلاَ فُرقَانِ

لَكِن جَعَلتَ حِجَابَ نَفسِكَ إذ تَرَى

فَوقَ السَّمَا للنَّاسِ مِن دَيَّانِ

لَو قُلتَ مَا فَوقَ السَّمَاءِ مُدَبِّرٌ

وَالعَرشَ تُخلِيهِ مِنَ الرَّحمَنِ

واللهُ ليسَ مُكَلِّماً لِعبَادِهِ

كَلاَّ وَلاَ مُتَكَلِّماً بِقُرَآنِ

مَا قَالَ قَطُّ ولا يقولُ ولاَ لَهُ

قَولٌ بَدَا مِنهُ إِلَى إنسَانِ

لَحَلَلتَ طَلسَمَهُ وَفُزتَ بكَنزِه

وعَلِمتَ أنَّ النَّاسَ في هَذَيَانِ

لَكِن زَعَمتَ بأنَّ ربَّكَ بَائِنٌ

مِن خَلقِهِ إذ قُلتَ مَوجُودَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ الله فَوقَ العرشِ وال

كُرسِيُّ حَقًّا فَوقَهُ القَدَمَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ الله يَسمَعُ خَلقَهُ

وَيَرَاهُمُ مِن فَوقِ سَبعِ ثَمانِ

وَزَعَمتَ أنَّ كلاَمَهُ مِنهُ بَدَا

وإلَيهِ يَرجِعُ آخرَ الأزمَانِ

ووصَفتَهُ بالسَّمعِ والبَصَرِ الذِي

لا يَنبَغِي إلا لِذِي الجُثمَانِ

ووصَفتَهُ بِإرَادَةٍ وَبِقُدرَةٍ

وكَرَاهَةٍ ومحبَّةٍ وَحَنَانِ

وزَعَمتَ أنَّ الله يعلَمُ كُلَّ مَا

في الكَونِ مِن سِرٍّ وَمِن إعلانِ

والعِلمُ وصفٌ زائِدٌ عَن ذَاتِهِ

عَرَضٌ يَقُومُ بغَيرِ ذِي جُثمَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ الله كلَّمَ عَبدَهُ

موسَى فَاسمَعَهُ نِدَا الرَّحمَنِ

أفتسمَعُ الآذانُ غيرَ الحرفِ وَالصَّ

وتِ الَّذِي خُصَّت بهِ الأذُنَانِ

وكَذَا النِّدَاءُ فَإنَّهُ صَوتق بِإج

مَاعِ النُّحَاةِ وَأهلِ كُلِّ لِسَانِ

لَكِنَّهُ صَوتٌ رَفِيعٌ وَهُوَ ضِدٌ

لِلنِّجَاءِ كَلاَهُمَا صَوتَانِ

فَزَعَمتَ أنَّ الله نَادَاه وَنَا

جَاهُ وَفِي ذَا الزَّعمِ مَحذُورَانِ

قُربُ المَكَانِ وَبُعدُهُ والصَّوتُ بَل

نَوعَاهُ مَحذُورَانِ مُمتَنِعَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ مُحَمَّداً أسرَى بِهِ

لَيلاً إلَيهِ فَهوَ مِنهُ دَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ مُحَمَّداً يَومَ اللِّقَا

يُدنِيهِ رَبُّ العَرشِ بالرِّضوَانِ

حَتَّى يُرَى المُختَارُ حَقًّا قَاعِداً

مَعَهُ عَلَى العَرشِ الرَّفِيعِ الشَّانِ

وَزَعَمتَ أنَّ لعرشِهِ أطاً بِه

كالرَّحلِ أطَّ بِراكِبٍ عَجلاَنِ

وَزَعَمتَ أنَّ اللهَ أبدَى بَعضُهُ

للطُّورِ حتَّى عَادَ كَألكُثبَانِ

لَمَّا تَجلَّى يَومَ تَكلِيمِ الرِّضَى

موسَى الكلِيمِ مُكلَّمِ الرَّحمنِ

وَزَعَمتَ للمعبُودِ وَجهاً بَاقِياً

وَلَهُ يَمِينٌ بَل زَعَمتَ يَدَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ يَدَيهِ للسَّبعِ العُلَى

والأرضِ يَومَ الحشرِ قَابِضَتَانِ

وزَعَمتَ أنَّ يمينَهُ مَلأى مِنَ ال

خَيرَاتِ مَا غَاضَت عَلَى الأزمَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ العدلَ في الأخرَى بِهَا

رَفعٌ وَخَفضٌ وَهوَ بِالميزَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ الخَلقَ طُرّاً عِندَهُ

يَهتَزُّ فَوقَ أصَابِعِ الرَّحمنِ

وَزَعَمتَ أيضاً أنَّ قَلبَ العبدِ مَا

بَينَ اثنَتَينِ مِن الأصَابعِ عَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ اللهَ يَضحَكُ عِندَمَا

يَتَقَابَلُ الصَّفَّانِ يَقتتِلاَنِ

مِن عَبده يَأتي فَيُبدِي نَحرَهُ

لِعَدُوِّهِ طَلَباً لِنَيلِ جِنَانِ

وَكَذَاكَ يضحَكُ عِندَمَا يَثِبُ الفَتَى

مِن فُرشِهِ لتِلاوَةِ القُرآنِ

وَكَذَاكَ يَضحَكُ مِن قُنُوطِ عِبَادِهِ

إذ أجدَبُوا وَالغَيثُ مِنهُم دَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ الله يَرضَى عَن أُولي ال

حُسنَى ويغضَبُ مِن أولي العِصيَانِي

وَزَعَمتَ أنَّ اللهَ يَسمعُ صَوتَهُ

يَومَ المَعَأدِ بَعِيدُهُم والدَّاني

لَمَّا يَنادِيهِم أنَا الدَّيَانُ لاَ

ظُلمٌ لَدَيَّ فَيَسمَعُ الثَّقَلاَنِ

وَزَعمتَ أنَّ الله يُشرِقُ نُورُهُ

في الأرضِ يومَ الفصلِ والميزانِ

وَزَعَمتَ أنَّ الله يَكشِفُ سَاقَهُ

فَيَخِرُّ ذَاكَ الجمعُ للأذقَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ الله يَبسُطُ كَفَّهُ

لِمُسِيئِنَا لِيَتُوبَ مِن عِصيَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ يَمِينَهُ تَطوِي السَّمَا

طَيِّ السِّجِلِّ عَلَى كِتَابش بَيَانِ

وَزَعمتَ أنَّ اللهَ يَنزِلُ في الدُّجَى

في ثُلثِ لَيلٍ آخِرٍأو ثانِ

فَيقُولُ هَل مِن سَائِلٍ فَأُجِيبَهُ

فَأَنَا القرِيبُ أجِيبُ مَن نَادَاني

وَزَعمتَ أنَّ لَهُ نُزُولاً ثَانِياً

يَومَ القِيَامَةِ لِلقَضَاءِ الثَّانِي

وَزَعمتَ أنَّ اللهَ يَبدُو جَهرَةً

لِعِبَادِهِ حَتَّى يُرَى بِعِيانِ

بَل يَسمَعُونَ كَلاَمَهُ وَيَرَونَهُ

فَالمُقلَتَانِ إليهِ نَاظِرَتَانِ

وَزَعَمتَ أنَّ لربِّنَا قَدَماً وَأنَّ

اللهَ وَاضِعُهَا عَلَى النِّيرَانِ

فَهُنَاكَ يَدنُو بَعضُهَا مِن بَعضِهَا

وَتَقُولُ قَط قَط حَاجَتي وَكَفَانِي

وَزَعَمتَ أن النَّاس يَومَ مَزيدِهِم

كُلٌّ يُحَاضِرُ رَبَّهُ ويُدَانِي

بالحَاءِ مَع ضَادٍ وَجَامِعِ صَادِهَا

وَجهَانِ في ذَا اللَّفظِ مَحفُوظَانِ

في التِّرمِذِيِّ وَمُسنَدٍ وَسِوَاهُمَا

مِن كُتبِ تَجسِيمٍ بِلاَ كِتمَانِ

وَوَصَفتَهُ بِصِفَاتِ حَيٍّ فَاعِلٍ

بالإختِيَار وذَانِكَ الأصلاَنِ

أصلُ التَّفَرُّقِ بَينَ هَذَا الخَلقِ فِي ال

بَارِي فَكُن فِي النَّفي غَيرَ جَبَانِ

أو لاَ فَلاَ تَلعَب بِدِينِكَ نَاقِضاً

نَفياً بإثبَاتٍ بِلاَ فُرقَانِ

فَالنَّاسُ بَينَ مُعَطِّلٍ أو مُثبتٍ

أو ثَالِثٍ مُتنَاقِضٍ صَنعَانِ

وَاللهِ لَستَ بِرَابعٍ لَهُمُ بَلَى

إمَّا حِمَاراً أو مِنَ الثِّيرَانِ

فَاسمَح بإنكَار الجَمِيعِ وَلاَ تَكُن

مُتَنَاقِضاً رَجُلاَ لَهُ وَجهَانِ

أو لاَ فَفرِّق بَينَ مَا أثبتَّهُ

وَنَفَيتَهُ بِالنَّصِّ والبُرهَانِ

فَالبَابُ بَابٌ وَاحِدٌ في النَّفي وال

إثبَاتِ في عَقلٍ وَفي مِيزَانِ

فَمَتَى أقرَّ بِبعضِ ذَلِكَ مثبِتٌ

لَزِمَ الجَمِيعَ أو ائتِ بالفُرقَانِ

وَمَتَى نَفَى شَيئاً واثبتَ مِثلَهُ

فمجسِّمٌ مُتَنَاقِضٌ دَيصَانِ

فذَرُوا المِرَاءَ وَصَرِّحُوا بمذَاهِبِ ال

قُدَمَاءِ وانسَلِخُوا مِنَ الإِيمَانِ

أو قَاتِلُوا مَع إيمَّةِ التَّجسِيمِ والتَّ

شَبِيهِ تحتَ لِوَاءِ ذِي القرآنِ

أو لاَ فَلاَ تَتَلاَعَبُوا بِعُقُولِكُم

وَكِتَابِكُم وَبِسَائِرِ الأديَانِ

فَجَمِيعُهَا قَد صَرَّحَت بِصِفَاتِهِ

وَكَلاَمِهِ وعُلُوِّهِ بِبَيَانِ

وَالنَّاسُ بَينَ مصَدِّقٍ أو جَاحِدٍ

أو بَينض ذَلِكَ أو شَبِيهُ أتَانِ

فَاصنَع مِنَ التَّنزِيه تُرساً مُحكَماً

وَانفِ الجَمِيعَ بِصَنعَةٍ وَبَيَانِ

وَكَذَاكَ لَقِّب مَذهَبَ الإِثبَاتِ بِالتَّ

جسِيمِ ثُمَّ احمِل عَلَى الأقرَانِ

فَمَتَى سَمَحتَ لَهُم بِوَصفٍ وَاحِدٍ

حَمَلُوا عَلَيكَ بِحَملَةِ الفُرسَانِ

فَصُرِعت صِرعَةَ مَن غَدَا متلَبِّطاً

وَسَطَ العَرِينِ مُمزَّقَ اللُّحمَانِ

فَلِذَاك أنكَرنَا الجَمِيعَ مَخَافَةَ التَّ

جسِيمِ إن ضِرنَا إلى القُرآنِ

وَلِذَا خَلَعنَا رِبقَةَ الأديَانِ مِن

أعنَاقِنَا فِي سَالِفِ الأزمَانِ

وَلَنَا مُلُوكٌ قَاوَمُوا الرُّسلَ الألَى

جَاؤُوا بإثبَاتِ الصِّفَاتِ كَمَانِ

في آلِ فِرعَونٍ وَقَارُونَ وَهَا

مَان ونُمرُودٍ وَجِنكِسخَانِ

وَلَنَا الأئمَّةُ كالفَلاَسِفَةِ الألَى

لَم يَعبَؤُوا أصلاً بِذِي الأديَانِ

مِنهُم أرسطُوا ثُمَّ شِيعَتُهُ إلَى

هَذَا الأوَانِ وعِندَ كُلِّ أوَانِ

مَا فِيهُمُ مَن قَالَ إنَّ الله فَو

قَ العرشِ خَارِجَ هَذِهِ الأكوَانِ

كلاَّ وَلاَ قَالُوا بِأنَّ إلهَنَا

مُتَكَلِّمٌ بالوَحيِ والقُرآنِ

وَلأجلِ هَذَا رَدَّ فِرعَون عَلَى

مُوسَى وَلَم يقدِر عَلَى الإِيمَانِ

إذ قالَ مُوسَى رَبُّنَا مُتَكَلِّمٌ

فَوقَ السَّمَاءِ وَإنَّهُ نَادَانَي

وَكَذَا ابنُ سِينَا لَم يَكُن مِنكُم وَلاَ

أتبَاعُهُ بَل صَانَعُوا بِدِهَانِ

وَكَذَلِكَ  الطُّوسِيُّ لَمَّا أن غَدَا

ذَا قُدرَةٍ لَم يَخشَ مِن سُلطَانِ

قَتلَ الخَليفَةَ والقُضَاةَ وحَامِلي ال

قُرآنِ والفُقَهَاء في البُلدَانِ

إذ هُم مشَبِّهَةٌ مُجَسِّمَةٌ وَمَا

دَانُوا بِدِينش أكَابِرِ اليُونَانِ

وَلَنَا الملاَحِدَةُ الفُحُولُ أئِمَّةُ التَّ

عطِيلِ وَالتَّشبِيهِ آلُ سِنَانِ

وَلَنَا تَصَانِيفٌ بِهَا غَالبتُمُ

مِثلَ الشِّفَا وَرَسَائِلِ الإِخوَانِ

وَكَذَا الإشَارَاتُ التي هِيَ عِندكُم

قد ضُمِّنَت لِقَوَاطِعِ البُرهَانِ

قَد صَرَّحَت بالضِّدِّ مِمَّا جَاءَ فِي التَّ

وراةِ والإنجِيلِ والفُرقَانِ

هِيَ عِندَكُم مِثلُ النُّصُوصِ وَفَوقَهَا

في حُجَّةٍ قَطعِيَّةٍ وَبَيَانٍ

وَإِذَا تَحَاكَمنَا فَإنَّ إلَيهِمُ

يَقَعُ التَّحَاكُمُ لاَ إِلَى القُرآنِ

إذ قَد تَسَاعَدنَا بأنَّ نَصوصَهُ

لَفظِيَّةٌ عُزِلَت عَنِ الإيقَانِ

فَلِذَاك حَكَّمنَا عَلَيهِ وأنتُم

قَوفَ المعَلِّمِ أولاً والثَّانِي

يا وَيحَ جَهمٍ وابنِ دِرهَمَ والألَى

قَالُوا بِقَولِهِمَا مِنَ الخَوَرَانِ

بَقيَت مِنَ التَّشبِيهِ فِيهِ بَقيَّةٌ

نَقَضَت قَوَاعِدَهُ مِنَ الأركَانِ

يَنفِي الصِّفَاتِ مَخَافَةَ التَّجسِيمِ لاَ

يَلوِي عَلَى خَبرٍ وَلاَ قُرآنِ

ويقُولُ إنَّ اللهَ يَسمَعُ أو يَرَى

وكذَاكَ يَعلَمُ سِرَّ كُلِّ جَنَانِ

ويقُولُ إنَّ اللهَ قَد شَاءَ الَّذِي

هُوَ كَائِنٌ مِن هََذِهِ بالأكوَانِ

وَيقُولُ إنَّ الفِعلَ مقدُورٌ لَهُ

وَالكَونَ يَنسِبُهُ إِلَى الحِدثَانِ

وبِنَفيهِ التَّجسِيمَ يَصرخُ في الوَرَى

واللهِ مَا هَذَانِ مُتَّفِقانِ

لَكِنَّنَا قُلنا مُحَالٌ كُلُّ ذَا

حَذَراً مِنَ التَّشبِيهِ وَالإمكَانِ

وَأتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَالَ ألاَ اسمَعُوا

قَد جئتُكُم مِن مَطلَعِ الإِيمَانِ

مِن أرضِ طَيبَةَ مِن مُهَاجَرِ أحمَدٍ

بالحقِّ والبُرهَانِ والتِّبيَانِ

سافرتُ في طَلَبِ الإِلَهِ فَدَلَّني ال

الهَادِي عَلَيهِ ومُحكَمُ القُرآنِ

مَع فِطرَةِ الرَّحمَنِ جَلَّ جَلاَلُهُ

وَصَرِيحِ عَقلي فَاعتَلَى بِبَيَانِ

فَتَوَافَقَ الوَحيُ الصَّرِيحُ وَفِطرَةُ الرَّ

حمنِ والمعقُولُ في إيمَانِ

شَهِدُوا بأنَّ اللهَ جَلَّ جَلاَلُهُ

مُتَفَرِّدٌ بِالمُلكِ والسُّلطَانِ

وَهُوَ الإِلَهُ الحَقُّ لاَ مَعبُودَ إلاَّ

وَجهُهُ الأعلَى العَظِيمُ الشَّانِ

بَل كُلُّ مَعبُودٍ سِوَاهُ فَبَاطِلٌ

مِن عَرشِهِ حَتَّى الحَضِيض الدَّاني

وَعِبَادَةُ الرِّحمنِ غَايَةُ حُبِّهِ

مَع ذُلِّ عَابِدِهِ هُمَا قُطبَانِ

وَعَلَيهِمَا فَلَكُ العِبَادَةِ دَائِرٌ

مَا دَارَ حَتَّى قَامَتِ القُطبَانِ

ومَدَارُهُ بالأمرِ أمرِ رسُولِهِ

لاَ بِالهَوَى والنَّفسِ والشَّيطَانِ

فَقِيَامُ دِينِ اللهِ بالإخلاَصِ وَال

إحسَانِ إنَّهُمَا لَهُ أصلاَنِ

لَم يَنجُ مِن غَضَبِ الإِلَهِ وَنَارِهِ

إلاَّ الَّذِي قَامَت بِهِ الأصلاَنِ

وَالنَّاسُ بَعدُ فَمُشرِكٌ بإلهِهِ

أو ذُو ابتِدَاعِ أو لَهُ الوَصفَانِ

واللهُ لا يَرضَى بِكَثرَةِ فِعلِنَا

لَكِن بِأحسَنِهِ مَعَ الإِيمَانِ

فالعَارِفُون مُرادُهُم إحسَانُهُ

والجَاهِلُونَ عَمُوا عَنِ الإِحسَانِ

وَكَذَاكَ قَد شَهِدُوا بأنَّ اللهَ ذُو

سَمعٍ وَذُو بَصَرٍ هُمَا صِفَتَانِ

وَهُوَ العلَيُّ يَرَى وَيسمَعُ خَلقَهُ

مِن فَوقِ عَرشٍ فَوقَ سِتِّ ثَمَانِ

فَيَرى دَبِيبَ النَّملِ في غَسَقِ الدُّجَى

وَيَرَى كَذَاكَ تَقَلُّبَ الأجفَانِ

وَضَجَيجُ أصوَاتِ العِبَادِ بِسَمعِهِ

وَلَدَيهِ لاَ تَتشَابَهُ الصَّوتَانِ

وَهُوَ العَلِيمُ بِمَا يُوَسوِسُ عَبدُهُ

فِي نَفسِهِ مِن غَيرِ نُطقِ لِسَانِ

بَل يَستَوِي في عِلمِه الدَّانِي مَعَ ال

قَاضِي وَذُو الإِسرَارِ والإِعلاَنِ

وَهُوَ العَلِيمُ بِمَا يَكُونُ غَداً وَمَا

قَد كَانَ وَالمعلُومُ فِي ذَا الآنِ

وَبِكُلِّ شَيءٍ لَم يَكُن لَو كَان كَيفَ

يَكُونُ موجُوداً لذِي الأعيَانِ

وَهُوَ القدِيرُ فَكُلُّ شَيءٍ فَهوَ مَق

دُورٌ لَهُ طَوعاً بِلاَ عِصيَانِ

وَعُمُومُ قُدرَتِهِ تَدُلُّ بِأنَّهُ

هُوَ خَالِقُ الأفعَالِ للحَيَوَانِ

هِيَ خَلقُهُ حَقًّا وأفعَالٌ لَهُم

حَقًّا وَلاَ يَتنَاقَضُ الأمرَانِ

لَكنَّ أهلَ الجَبرِ والتَّكذِيبِ بِال

أَقدَارِ مَا انفَتَحَت لهُم عَينَانِ

نَظَرُوا بِعَينَي أعوَرٍ إذ فَاتَهُم

نَظَرُ البَصِيرِ وَغَارَتِ العَينَانِ

فَحَقِيقَةُ القَدَرِ الَّذِي حَارَ الوَرَى

في شَأنِهِ هوَ قُدرَةُ الرَّحمنِ

واستَحسَنَ ابنُ عَقِيل ذَا مِن أحمدٍ

لمَّا حَكَاهُ عَنِ الرِّضَى الرَّبَّانِي

قَالَ الإِمَامُ شَفَا القُلُوبَ بلَفظَةٍ

ذَاتِ اختِصَارٍ وَهيَ ذَاتُ بَيَانٍ

وَلَهُ الحَيَاةُ كَمَالُهَا فلأجلِ ذَا

مَا للمَمَاتِ عَلَيهِ مِن سُلطَانِ

وَكَذلِكَ القَيُّومُ مِن أوصَافِهِ

مَا لِلمَمَاتِ عَلَيهِ مِن سُلطَانِ

وَكَذَلِكَ أوصَافُ الكَمَالِ جَمِيعُهَا

ثبتَت لَهُ ومَدَارُهَا الوَصفَانِ

فَمُصَحّحُ الأوصَافِ وَالأفعَالِ وَال

أسمَاءِ حَقًّا ذَانِكَ الوَصفَان

وَلأجلِ ذَا جَاءَ الحَدِيثُ بِأنَّهُ

في آيَةِ الكُرسِي وَذِي عِمرَانِ

اسمُ الإلَهِ الأعظَمُ اشتَمَلاَ عَلَى اس

مِ الحَيِّ والقَيُومِ مُقتَرِنَانِ

فالكُلُّ مرجِعُهَا إِلَى الإِسمَين يَد

رِي عذاكَ ذُو بَصَرٍ بِهَذَا الشَّانِ

وَلَهُ الإِرَادَةُ وَالكَرَاهَةُ والرِّضَى

وَلَهُ المَحَبَّةُ وهوَ ذُو الإحسانِ

وَلَهُ الكَمَالُ المُطلَقُ العَارِي عَنِ التَّ

شبِيهِ والتَّمثِيلِ بالإنسَانِ

وَكَمَالُ مَن أعطَى الكَمَالَ بِنَفسِهِ

أولَى وَأقدَمُ وهوَ أعظَمُ شَانِ

أيكُونُ مَن أعطَى الكَمَالَ بِنَفسِهِ

ذَاكَ الكَمَالُ أذَاكَ ذُو إمكَانِ

أيَكُونُ إنسَانٌ سَمِيعاً مُبصِراً

مُتَكَلِّماً بِمَشِيئَةٍ وَبَيَانِ

وَلَهُ الحَيَاةُ وَقُدرَةٌ وإرَادَةٌ

والعِلمُ بِالكُلِّيِّ والأعيَانِ

واللهُ قَد أعطَاهُ ذَاكَ وَلَيسَ هَ

ذَا وَصفَهُ فاعجَب مِنَ البُهتَانِ

بِخِلاَفِ نَومِ العَبد ثًُمَّ جِمَاعِهِ

والأكلِ مِنهُ وَحَاجَةِ الأبدَانِ

إذ تِلكَ مَلزُومَاتُ كَونِ العَبدِ مُح

تَاجاً وَتِلكَ لَوازِمُ النُّقصَانِ

وَكَذَا لَوَازِمُ كَونِهِ جَسَداً نَعَم

وَلَوَازِم الإحدَاثِ والإِمكَانِ

يتقدَّسُ الرَّحمنُ جَلَّ جَلاَلُهُ

عَنهَا وَعَن أعضَاءِ ذِي جُثمَانِ

واللهُ رَبيِّ لَم يَزَل متكلِّماً

وَكَلاَمُهُ المَسمُوعُ بالآذَانِ

صِدقاً وعَدلاً أحكمَت كَلِمَاتُهُ

طَلَباً وإخبَاراً بِلاَ نُقصَانِ

وَرَسُولهُ قَد عَاذَ بالكلَِمَاتِ مِن

لَدغٍ وَمِن عَينٍ ومِن شَيطَانِ

أيُعَاذُ بالمخلُوقِ حَاشَاهُ مِنَ الإِش

رَاكِ وَهُوَ مُعَلِّمُ الإِيمَانِ

بَل عَاذَ بالكَلِمَاتِ وَهيَ صِفَاتُهُ

سُبحَانُهُ لَيسَت مِنَ الأكوانِ

وَكَذَلِكَ القرآنُ عَينُ كَلاَمِهِ المَس

مُوعِ مِنهُ حقِيقَةً بِبَيَانِ

هُوَ قُولُ رَبِّي كُلُّهُ لاَ بَعضُهُ

لَفظاً وَمَعنًى مَا هُمَا خَلقَانِ

تَنزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ وَقولُهُ

اللَّفظُ والمعنَى بِلاَ رَوَغَانِ

لَكِنَّ أصوَاتَ العِبَادِ وَفِعلَهُم

كَمِدَادِهِم والرَّقِّ مَخلوقَانِ

فالصَّوتُ للقَارِى وَلَكِنَّ الكَلاَ

مِ كَلاَمُ رَبِّ العرشِ ذِي الإِحسَانِ

هَذَا إِذَا مَا كَانَ ثَمَّ وَسَاطَةٌ

كَقِرَاءَةِ المخلُوقِ لِلقُرآنِ

فإذَا انتفَت تِلكَ الوَسَاطَةُ مِثلَمَا

قَد كلَّمَ المولُودَ مِن عِمرَانِ

فَهُنالِكَ المخلُوقُ نَفسُ السَّمع لاَ

شَيءٌ مِنَ المسمُوعِ فَافهَم ذَانِ

هَذِي مَقَالَةُ أحمدٍ ومُحَمَّدٍ

وخُصُومُهُم مِن بَعدُ طَائِفَتَانِ

إحدَاهُمَا زَعَمَت بِأنَّ كَلاَمَهُ

خَلقٌ لَهُ الفَاظُهُ ومَعَانِ

والآخَرُونَ أبَوا وَقَالُوا شَطرُهُ

خَلقٌ وَشَطرٌ قَامِ بالرَّحمنِ

زَعَمُوا القُرآنَ عِبَارَةٌ وَحِكَايَةٌ

قُلنَا كَمَا زَعَمُوهُ قُرآنَانِ

هَذَا الَّذِي نَتلُوه مخلُوقٌ كَمَا

قَالَ الوَلِيدُ وَبَعدَهُ الفِئَتَانِ

والآخَرُ المعنَى القَدَيمُ فقَائِمٌ

بالنَّفسِ لَم يُسمَع مِنَ الدَّيَّانِ

والأمرُ عَينُ النَّهيِ واستِفهَامُهُ

هُو عَينُ إخبَارٍ وَذُو وِحدَانِ

وَهُوَ الزَّبُورُ وَعَينُ تَورَاةٍ وإن

جِيلٍ وَعَينُ الذِّكرِ والفُرقَانِ

الكُلُّ شَيءٌ وَاحِدٌ في نَفسِهِ

لاَ يَقبَلُ التبعِيضَ في الأذهَانِ

مَا إن لَهُ كُلُّ ولاَ بَعضٌ وَلا

حَرفٌ وَلاَ عَرَبِي وَلاَ عِبرَانِي

وَدَلِيلُهُم في ذَاكَ بَيتٌ قَالَهُ

فِيمَا يُقَالُ الأخطَلُ النَّصرَانِيُّ

يَا قَومُ قَد غَلِطَ النَّصَارَى قَبلُ في

مَعنَى الكَلاَمِ ومَا اهتدَوا لِبَيَانِ

وَلأجلِ ذَا جَعَلُوا المَسِيحَ إلَهَهُم

إذ قِيلَ كِلمَةُ خَالِقٍ رَحمنِ

ولأجلِ ذَا جَعَلُوهُ نَاسُوتاً وَلاَ

هُوتاً قَدِيماً بَعدُ مُتَّحِدَانِ

وَنَظِيرُ هَذَا مَن يَقُولُ كَلاَمُهُ

مَعنًى قَديمٌ غَيرُ ذِي حِدثَانِ

والشَّطرُ مَخلُوقٌ وَتِلكَ حُرُوفُهُ

نَاسُوتُهُ لَكِن هُمَا غَيرَانِ

فَانظُر إِلَى ذَا الإِتِّفَاقِ فَإِنَّهُ

عَجَبٌ وَطَالِع سُنَّةَ الرَّحمنِ

وتَكَايَسَت أخرَى وقَالَت إنَّ ذَا

قَولٌ مُحَالٌ وَهوَ خَمسُ مَعَانِ

تِلكَ التي ذُكِرَت ومَعنى جَامِعٌ

لِجَمِيعِهَا كالأسِّ للبُنيَانِ

فَيَكُونُ أنواعاً وعِندَ نَظِيرِهِم

أوصَافُهُ وهُمَا فمُتَّفِقَانِ

إنَّ الذِي جَاءَ الرسُولُ بِهِ لَمَخ

لُوقٌ وَلَم يُسمَع مِنَ الدَّيانِ

والخُلفُ بَينَهُمُ فقيل مُحَمَّدٌ

أنشَاهُ تَعبِيراً عَنِ القُرآنِ

والآخرُونَ أبَوا وَقَالُوا إنَّمَا

جِبرِيلُ أنشَاهُ عَنِ المنَّانِ

وتكَايَسَت أخرَى وَقَالَت إنَّهُ

نَقلٌ مِنَ اللَّوحِ الرَّفِيعِ الشَّانِ

فاللَّوحُ مَبدَؤهُ وربُّ اللَّوحِ قَد

أنشَاهُ خَلقاً فِيه ذَا حِدثَانِ

هَذِي مقَالاَتٌ لُهُم فانظر تَرَى

فِي كُتبِهِم يَا مَن لَهُ عَينَانِ

لَكِنَّ أهلََ الحَقِّ قَالُوا إنَّمَا

جِبرِيلُ بلَّغَهُ عَنِ الرَّحمَنِ

ألقَاهُ مَسمُوعاً لَهُ مِن رَبِّهِ

للصَّادِقِ المَصدُوقِ بالبُرهَانِ

وَإِذَا أرَدتَ مَجَامِعَ الطُّرقِ الَّتِي

فِيهَا افتِرَاقُ النَّاسِ فِي القُرآنِ

فمَدارُهَا أصلاَنِ قَامَ عَلَيهِمَا

هَذَا الخِلافُ هُمَا رُكنَانِ

هَل قولُهُ بمشِيئَةٍ أم لاَ وَهَل

في ذَاتِهِ أم خَارِجٌ هَذَانِ

أصلُ اختِلاَفِ جَمِيعِ أهلِ الأرضِ في ال

قُرآنِ فَاطلُب مُقتضَى البُرهَانِ

ثُمَّ الألَى قَالُوا بِغيرِ مَشِيئَةٍ

وَإِرَادَةٍ مِنهُ فَطَائِفَتَانِ

إحدَاهُمَا جَعَلَتهُ مَعنًى قَائِماً

بالنَّفسِ أو قَالُوا بِخَمسِ مَعَانِ

وَاللهُ أحدَثَ هَذِهِ الألفَاظَ كَي

تُبدِيهِ مَعقُولاً إِلَى الأذهَانِ

وَكَذَاكَ قَالُوا إنَّهَا لَيسَت هيَ ال

قُرآنَ بَل مَخلُوقَةٌ دَلَّت عَلى القرآنِ

ولربَّما سُمِّى بِهَا القُرآنُ تَس

مِيَةَ المَجَازِ وذَاكَ وَضعٌ ثَانِ

وَكَذلِكَ اختَلَفُوا فقِيلَ حِكَايَةٌ

عَنهُ وقِيلَ عِبَارَةٌ لِبَيَانِ

إذ كَانَ مَا يُحكَى كَمَحكِّيٍّ وَهَ

ذَا اللَّفظُ والمعنَى فمختَلِفَانِ

ولذَا يُقَالُ حَكَى الحَدِيثَ بعَينِهِ

إذ كَانَ أولُهُ نَظِيرَ الثَّاني

فَلِذَاكَ قَالُوا لاَ نَقُولُ حِكَايَةٌ

وَنَقُولُ ذَاكَ عِبَارَةُ الفُرقَانِ

والآخَرُونَ يَرَونَ هَذَا البَحثَ لَف

ظِيًّا ومَا فِيهِ كَبِيرُ مَعَانِ

وَالفِرقَةُ الأخرَى فَقَالَت إنَّهُ

لَفظٌ وَمَعنًى لَيسَ ينفَصِلاَنِ

واللَّفظُ كالمعنَى قَدِيمٌ قَائِمٌ

بالنَّفسِ لَيسَ بقَابِلِ الحِدثَانِ

فَالسِّينُ عِندَ البَاءِ لا مَسبُوقَةٌ

لَكِن هُمَا حَرفَانِ مُقتَرِنَانِ

والقَائِلُون بِذَا يقُولُوا إنَّمَا

تَرتِيبُهَا بالسَّمعِ الآذَانِ

وَلَهَا اقتِرَانٌ ثَابِتٌ لذَوَاتِهَا

فاعجَب لِذَا التَّخلِيطِ والهَذَيَانِ

لَكِنَّ زَاغُونِيَّهُم قَد قَالَ إنَّ

ذَوَاتَهَا وَوُجُودَهَا غَيرَانِ

فَتَرَبَّتَت بِوُجُودِهَا لاَ ذَاتِهَا

يَا لَلَعُقُولِ وَزَيغَةِ الأذهَانَ

لَيسَ الوُجُودُ سِوى حَقِيقَتَهَا لِذِي ال

أذهَانِ بَل في هَذهِ الأعيَانِ

لَكِن إذَا أخَذَ الحقيقَةَ خَارجاً

وَوُجُودَهَا ذِهناً فمُختَلِفَانِ

وَالعَكسُ أيضاً مِثلُ ذَا فإذَا هُمَا

اتَّحَدَا اعتبَاراً لَم يَكُن شَيئَانِ

وَبِذَا يَزُولُ جَمِيعُ إشكَالاَتِهِم

في ذَاتِهِ وَوُجُودِهِ الرَّحمنِ

وَالقَائِلُونَ بِأنَّهُ بِمَشِيئَةٍ

وَإرَادَةٍ أيضاً فَهُم صِنفَانِ

إحدَاهمَا جَعَلَتهُ خَارِجَ ذَاتِهِ

كَمَشِيئَةٍ لِلخَلقِ والأكوَانِ

قَالوا وَصَارَ كَلامهُ بإضَافَةِ التَّ

شرِيفِ مِثلَ البيتِ ذِي الأركَانِ

مَا قَالَ عندَهُمُ ولا هُوَ قَائِلٌ

والقَولُ لَم يُسمَع مِنَ الدَّيَّانِ

فالقَولُ مَفعُولٌ لَدَيهِم قَائِمٌ

بِالغَيرِ كالأعرَاضِ والأكوَانِ

هَذِي مَقَالَةُ كُلِّ جَهميٍّ وهُم

فِيهَا الشُّيُوخُ مُعَلِّمو الصِّبيَانِ

لَكِنَّ أهلَ الإعتِزَالِ قَدِيمَهُم

لَم يذهَبُوا ذَا المَذهَبِ الشَّيطانِي

وَهُم الألَى اعتزَلُوا عَنِ الحسَنِ الرِّ

ضَى البَصرِيِّ ذَاكَ العالِمِ الربَّاني

وَكَذَاكَ أتبَاعٌ عَلَى مِنهَاجِهِم

مِن قَبلِ جَهمٍ صَاحِبِ الحِدثَانِ

لَكِنَّمَا متأخِّرُوهم بَعدَ ذَا

لَكَ وافَقُوا جَهماً عَلَى الكُفرانِ

فَهُمُ بذَا جَهمِيَّةٌ أهلُ اعتِزَا

لٍ ثَوبُهُم أضحَى لَه عَلَمَانِ

وَلَقَد تَقَلَّدَ كُفرَهُم خَمسُونَ في

عَشرٍ مِنَ العُلَمَاءِ في البُلدَانِ

وَاللاَّلَكَائِيُّ الإمامُ حَكَاهُ عَن

هُم هُم حَكَاهُ قَبلَهُ الطَّبَرَانِي

وَالقَائِلونَ بِأنَّهُ بمشِيئَةٍ

في ذَاتِهِ أيضاً فَهُم نَوعَانِ

إحدَاهُمَا جَعَلَتهُ مَبدُوءاً بِهِ

نَوعاً حِذَارَ تسلسُلِ الأعيَانِ

فَيَسُدُّ ذَاكَ عَلَيهمُ في زَعمِهِم

إثبَاتَ خَالِقِ هَذِهِ الأكوَانِ

فَلِذَاكَ قَالُوا إنَّهُ ذُو أوَّلٍ

مَا للِفَنَاءِ عَلَيهِ مِن سُلطَانِ

وَكَلاَمُهُ كَفِعَالِهِ وَكِلاَهُمَا

ذُو مَبدءٍ بَل لَيسَ يَنتَهِيَانِ

قَالُوا وَلَم يُنصِف خُصُومٌ جَعجَعُوا

وَأتَوا بتَشنِيعٍ بِلاَ بُرهَانِ

قُلنَا كَمَا قَالُوهُ في أفعَالِهِ

بَل بَينَنَا بَونٌ مِنَ الفُرقَانِ

بَل نَحنُ أسعَدُ مِنهُمُ بِالحقِّ إذ

قُلنَا هُمَا باللهِ قَائِمَتَانِ

وَهُمُ فَقَالُوا لَم يَقُم باللهِ لاَ

فِعلٌ وَلاَ قَولٌ فَتَعطِيلاَنِ

لفِعَالِهِ وَمَقَالِهِ شَرٌّ وأب

طَلُ مِن حُلُولِ حَوَادِثِ بِبَيانِ

تَعطِيلُهُ عَن فِعلِهِ وَكَلاَمِهِ

شَرٌّ مِنَ التشنِيعِ بِالهَذَيَانِ

هَذِي مَقَالاتُ ابنِ كرَّامٍ وَمَا

رَدُّوا عَلَيهِ قَطُّ بالبرهَانِ

أنَّى وَمَا قَد قَالَ أقرَبُ مِنهُمُ

لِلعَقلِ وَالآثَارِ والقُرآنِ

لَكِنَّهُم جَاؤُوا لَهُُ بِجَعَاجِعٍ

وَفَرَاقِعٍ وَقَعَاقِعٍ بِشِنَانِ

وَالآخَرُونَ أولُوا الحَدِيثِ كأحمَدٍ

ومُحَمَّدٍ وأئمةِ الإِيمَانِ

قَالُوا بِأنَّ اللهَ حَقًّا لَم يَزَل

مُتَكَلِّماً بِمَشِيئَةٍ وَبَيَانِ

إنَّ الكَلاَمَ هُوَ الكَمَالُ فَكَيفَ يَخ

لُو عَنهُ فِي أزلٍ بِلاَ إمكَانِ

وَيَصِيرُ فِيمَا لَم يَزَل مُتَكَلِّماً

مَاذَا اقتَضَاهُ لَهُ مِنَ الإِمكَانِ

وَتَعَاقُبُ الكَلِمَاتِ أمرٌ ثَابِتٌ

لِلذَّاتِ مِثلَ تَعَاقُبِ الأزمَانِ

واللهُ رَبُّ العرشِ قَالَ حَقِيقَةً

حضم مَع طَهَ بِغَيرِ قِرَانِ

بَل أحرُفٌ مترتِّبَاتٌ مِثلَمَا

قَد رُتِّبت في مَسمَعِ الإِنسَانِ

وَقتَانِ في وَقتٍ مُحَالٌ هَكَذَا

حَرفَانِ أيضاً يُوجَدَا في آنِ

مِن وَاحِدٍ مُتَكَلِّمٍ بَل يُوجَدَا

بالرَّسمِ أو بَتَكَلُّمِ الرجُلاَنِ

هذَا هُوَ المعقُولُ أمَّا الإِقترَا

نُ فَلَيسَ مَعقُولاً لِذِي الأذهَانِ

وَكَذَا كَلاَمٌ مِن سِوَى مُتَكَلِّمٍ

أيضاً مُحَالٌ لَيسَ في إمكَانِ

إلاَّ لِمَن قَامَ الكَلاَمُ بِهِ فَذَا

كَ كَلاَمُهُ المعقُولُ فِي الأذهَانِ

أيكونُ حَيًّا سَامِعاً أو مُبصِراً

مِن غَيرِ مَا سَمعٍ وَغَيرِ عِيَانِ

وَالسَّمعُ والإِبصَارُ قَامَ بِغَيرِهِ

هَذَا  المُحَالُ وَوَاضِحُ البُهتَانِ

وَكَذا مُريدٌ وَالإِرَادَةُ لَم تَكُن

وَصفاً لَهُ هَذَا مِنَ الهَذَيَانِ

وَكَذَا قَدِيرٌ مَالَهُ مِن قَدرَةٍ

قَامَت بِهِ أوضَحِ البُطلاَنِ

واللهُ جَلَّ جَلاَلُهُ مُتَكَلِّمٌ

بِالنَّقلِ وَالمَعقُولِ والبُرهَانِ

قَد أجمعَت رُسلُ الإِلَهِ عَلَيهِ لَم

يُنكِرهُ مِن أتبَاعِهِم رَجُلاَنِ

فَكَلاَمُهُ حَقًّا يَقُومُ بِهِ وإلاَّ

لَم يَكُن مُتَكَلِّماً بِقُرآنِ

واللهُ قَالَ وَقَائلٌ وَكَذَا يَقُو

لُ الحَقَّ لَيسَ كَلاَمُهُ بِالفَاني

وَيُكَلِّمُ الثقلَينِ يَومَ مَعَادِهِم

حَقًّا فَيَسمَعُ قَولَهُ الثَّقَلاَنِ

وَكَذَا يكلِّمُ حِزبَهُ في جَنَّةِ ال

حَيَوَانِ بِالتَّسلِيمِ والرِّضوَانِ

وَكَذَا يُكَلِّمُ رُسلَهُ يَومَ اللِّقَا

حَقًّا فَيَسالُهُم عَنِ التِّبيَانِ

وَيُراجِعُ التَّكلِيمَ جَلَّ جَلاَلُه

وَقتَ الجِدَالِ لَهُ مِنَ الإِنسَانِ

وَيُكَلِّمُ الكُفَّارَ في العَرَصَاتِ تَو

بِيخاً وَتَقرِيعاً بِلاَ غُفرَانِ

ويُكَلِّمُ الكُفَّارَ أيضاً فِي ال

جَحِيمِ أن أخسَؤُوا فِيهَا بِكُلِّ هَوَانِ

واللهُ قَد نَادَى الكَلِيمَ وَقَبلَهُ

سَمِعَ النِّدَا في الجَنَّةِ الأبَوَانِ

وأتى النِّدَا فِي تِسعِ آياتٍ لَهُ

وَصفاً فرَاجِعهَا مِنَ القُرآنِ

وَكَذَا يكلِّمُ جَبرَئِيلَ بأمرِهِ

حَتَّى يُنَفِّذَهُ بِكُلِّ مَكَانِ

واذكر حَدِيثاً فِي صَحيحِ مُحَمَّدٍ

ذَاكَ البُخَارِيُّ العظيمُ الشَّانِ

فِيهِ نِدَا اللهِ يَومَ مَعَادِنَا

بالصَّوتِ يَبلُغُ قَاصِياً والدَّاني

هَب أنَّ هَذَا اللَّفظَ لَيسَ بِثَابتٍ

بَل ذِكرُهُ مَع حَذفِهِ سِيَّانِ

وَرَواهُ عِندَكُمُ البُخَارِيُّ المُجَسِّ

مُ بَل رَوَاهُ مُجسِّمٌ فَوقَانِ

أيصِحُّ فِي عَقلٍ وَفِي نَقلٍ نِدَا

ءٌ لَيسَ مَسمُوعاً لَنَا بأذَانِ

أم أجمَعَ العلمَاءُ والعُقَلاءُ مِن

أهلِ اللِّسَانِ وأهلِ كُلٍّ لِسَانِ

أنَّ النِّدَا الصَّوتُ الرَّفِيعُ وَضِدُّهُ

فَهوَ النِّجَاءُ كِلاَهُمَا صَوتَانِ

واللهُ مَوصُوفٌ بِذَاكَ حَقِيقَةً

هَذَا الحَدِيثُ ومُحكمُ القُرآنِ

وَاذكُر حَدِيثاً لابنِ مسعودٍ صَرِي

حاً أنَّهُ ذُو أحرُفٍ بِبَيَانِ

الحَرفُ مِنهُ في الجَزَا عَشرٌ مِنَ ال

حَسَنَاتِ مَا فِيهنَّ مِن نُقصَانِ

وانظُر إِلَى السُّورِ الَّتِي افتُتِحَت بأح

رُفِهَا تَرَى سِرًّا عَظِيمَ الشَّانِ

لَم يأتِ قَطُّ بسُورَةٍ إِلاَّ أتَى

في إثرِهَا خَبَرٌ عَنِ القُرآنِ

إذ كَانَ إخبَاراً بِهِ عَنهَا وَفي

هَذَا الشِّفَاءُ لِطَالِبِ الإِيمَانِ

وَيَدُلُّ أن كَلاَمَهُ هُوَ نَفسُهَا

لاَ غيرُهَا والحَقُّ ذُو تِبيَانِ

فانظُر إلى مَبدَأ الكِتَابِ وَبَعدَها ال

أعرَافُ ثُمَّ كَذَا إِلى لُقمَانِ

مَع تِلوِهَا أيضاً وَمَع حَم مَع

يَس وافهَم مُقتَضَى الفُرقَانِ

واللهُ عَزَّ وَجَلَّ مُوصٍ آمِرٌ

نَاهٍ مُثيبٍ مُرسِلٌ لِبَيَانِ

وَمُخَاطِبٌ ومُحَاسِبٌ ومُنَبِّىءٌ

وَمُحَدِّثٌ ومُخَبِّرٌ بالشَّانِ

ومُكَلِّمٌ مُتَكَلِّمٌ بَل قَائِلٌ

وَمُحذِّرٌ ومُبَشِّرٌ بأمَانِ

هَادٍ يقوُلُ الحقَّ يُرشِدُ خَلقَهُ

بِكَلاَمِهِ لِلحَقِّ والإِيمَانِ

فَإذَا انتفَت صِفَةُ الكَلاَمِ فَكُلُّ هَ

ذَا مُنتَفٍ مُتَحَقِّقُ البُطلاَنِ

وإذَا انتفَت صِفَةُ الكَلاَمِ كَذَلِكَ ال

إرسَالُ مَنفِيٌّ بِلاَ فُرقَانِ

فَرِسَالَةُ المَبعُوثِ تَبلِيغُ كَلاَ

مِ المُرسِلِ الدَّاعِي بِلاَ نُقصَانِ

وَحقِيقَةُ الإرسَالِ نَفسُ خِطَابِهِ

لِلمُرسَلِينَ وإنَّهُ نَوعَانِ

نَوعٌ بِغَيرِ وَسَاطَةٍ كََلاَمِهِ

مُوسَى وَجِبرِيلَ القريبِ الدَّانيِ

مِنهُ إليهِ مِن وَرَاءِ حِجَابِهِ

إذ لاَ تَرَاهُ هَا هُنَا العَينَانِ

وَالآخَرُ التَّكلِيمُ مِنهُ بالوَسَا

طَةِ وَهوَ أيضاً عِندَهُ ضَربَانِ

وَحيٌ وإرسَالٌ إلَيهِ وَذَاكَ فشي الشُّ

ورَى أتَى فِي أحسَنِ التِّبيَانِ

فَإِذَا انتَفَت صِفَةُ الكَلاَمِ فَضِدُّهَا

خَرَسٌ وَذَلِكَ غَايَةُ النُّقصَانِ

فَلَئِن زَعَمتُم أنَّ ذَلِك في الذِي

هُو قَابِلٌ مِن أمَّةِ الحَيَوَانِ

والرَّبُّ ليسَ بقابِلٍ صِفةَ الكَلاَ

مِ فَنفيُهَا مَا فِيهِ مِن نُقصَانِ

إذ أخرَسُ الإِنسَانِ أكمَلُ حَالَةً

مِن ذَا الجَمَادِ بأوضَحِ البُرهَانِ

فَجَحَدتَ أوصَافَ الكَمَالِ مَخَافَةً التَّ

جسِيمِ والتَّشبِيهِ بالإِنسانِ

ووقَعتَ فِي تَشبِيهِ بِالجَامِدا

تِ الناقِصَاتِ وذَا مِنَ الخُذلاَنِ

اللهُ أَكبَرُ هُتِّكَت أستَارُكُم

حَتَّى غَدَوتُم ضُحكَةَ الصِّبيَانِ

أوَليسَ قَد قَامَ الدَّليلُ بأنَّ أف

عَالَ العِبادِ خَليقَةُ الرَّحمنِ

مِن ألفِ وَجهٍ أو قِرِيبِ الألفِ يُح

صِيهَا الذِي يُعنَي بهَذَا الشَّانِ

فيكُونُ كلُّ كَلاَمِ هَذَا الخَلقِ عَي

نَ كَلاَمِهِ سُبحَانَ ذِي السُّلطَانِ

إذ كَانَ مَنسُوباً إليهِ كَلاَمُهُ

خَلقاً كبَيتِ اللهِ ذِي الأركَانِ

هَذَا ولاَزِمُ قَولِكُم قَد قَالَه

ذُو الإِتحادِ مُصَرِّحاً بِبَيَانِ

حَذَرَ التَّنَاقُضِ إذ تَنَاقَصتُم وَلَ

كِن طَردُهُ فِي غَايَةِ الكُفرَانِ

فَلَئِن زَعَمتُم أنَّ تَخصِيصَ القُرا

تِ كَبيتِهِ وكِلاَهُمَا خَلقَانِ

فَيُقَالُ ذَا التَّخصِيصُ لا يَنفِي العُمُو

مَ ولا الخصوصَ كربِّ ذِي الأكوَانِ

ويُقَالُ رَبُّ العَرشِ أيضاً هَكَذَا

تَخصِيصُهُ لإِضَافَةِ القُرآنِ

لاَ يَمنَعُ التَّعمِيمَ فِي البَاقِي وذَا

فِي غَايَةِ الإِيضَاحِ والتِّبيَانِ

ولَقد أتَى الفُرقَانُ بَينَ الخَلقِ وال

الصَّريحِ وذَاكَ فِي الفُرقَانِ

وَكِلاَهُمَا عِندَ المُنَازِعِ وَاحِدٌ

والكُلُّ خَلقٌ مَا هُنَا شَيئَان

والعَطفُ عندَهُمُ كعَطفِ الفَردِ مِن

نَوعٍ عَلَيهِ وَذَاكَ فِي القُرآنِ

فَيُقَالُ هَذَا ذُنو امتناعٍ ظَاهِرٍ

فِي آيةٍ التَّفريقِ ذُو تَبيانِ

فالله بَعدَ الخَلقِ أخبَرَ أنهَا

قَد سُخِّرَت بالأمرِ للجَرَيَانِ

وأبَانَ عَن تَسخِيرِهَا سُبحَانَهُ

بالأمرِ بَعدَ الخَلقِ بالتِّبيَانِ

والأمرُ إمَّا مَصدَرٌ أو كَانَ مَف

عُولاً هُمَا فِي ذَاكَ مُستويَانِ

مَأمُورهُ هُوَ قَابِلٌ للأمرِ كال

مَصنُوعِ قَابِلُ صَنَعةِ الرَّحمَن

فإذا انتفَى الأمرُ انتفَى المأمُورُ كال

مَخلُوقِ يُنفَى لانتِفَا الحِدثَانِ

وانظُر إلى نَظمِ السِّياقِ تَجِد بِهِ

سِراًّ عَجِيباً وَاضِحَ البُرهَانِ

ذَكَرَ الخُصُوصَ وَبَعدَهُ مُتَقَدِّماً

والوصفَ والتعمِيمَ في ذَا الثَّانِي

فأتى بِنَوعَي خَلقِه وَبِأمرِهِ

فِعلاً وَوصفاً مُوجِزاً بِبَيَانِ

فَتَدَبَّرِ القُرآنَ إن رُمتَ الهُدَى

فَالعِلمُ تَحتَ تَدَبُّر القُرآنِ

وَالله أخبَرَ فِي الكِتَابِ بأنَّهُ

مِنه وَمجرورٌ بِمِن نَوعَانِ

عَينٌ وَوَصفٌ قَائمٌ بالعَينِ فَال

أعيَانُ خَلقُ الخَالِقِ الرَّحمَنِ

والوَصفُ بالمجرُورِ قَامَ لأنَّه

أولَى بِهِ فشي عُرفِ كُُلِّ لِسَانِ

وَنَظِيرُ ذَا أيضاً سَوَاءً مَا يضَا

فُ إليهِ مِن صِفَةٍ وَمِن أعيَانِ

فَإضَافَةُ الأوصَافِ ثَابِتَةٌ لِمَن

قَامَت بِهِ كإرادَةِ الرَّحمنِ

وإضافَةُ الاعيَانِ ثَابِتَةٌ لَهُ

مُلكاً وخَلقاً مَا هُمَا سِيَّانِ

فانظُر إلَى بَيتِ الإِلهِ وعِلمِهِ

لَمَّا أُضِيفَا كَيفَ يَفتَرِقَانِ

وَكَلاَمُهُ كَحَيَاتِهِ وكَعِلمِهِ

فِي هذي الإِضافَةِ إذ هُمَا وَصفَانِ

لَكِنَّ نَاقَتَهُ وَبَيتَ إلهِنَا

فكعَبدِهِ أيضاً هُمَا ذَاتَانِ

فَانظُر إِلَى الجَهمِيِّ لَمَّا فَاتَهُ ال

حَقُّ المُبِينُ وَوَاضِحُ الفُرقَانِ

كَانَ الجَمِيعُ لدَيه بَاباً واحِداً

والصُّبحُ لاَحَ لِمَن لَهُ عَينَانِ

وأتَى ابنُ حزمٍ بَعدَ ذَاكَ فَقَالَ مَا

لِلنَّاسِ قُرآنٌ وَلاَ إثنَانِ

بَل أربَعٌ كًلٌّ يُسمَّى بِالقُرآ

نِ وذَاكَ قَولٌ بَيِّنُ البُطلاَنِ

هَذَا الذِي يُتلَى وآخرُ ثَابِتٌ

فِي الرَّسمِ يُدعَى المُصحَفَ العُثمَانِي

والثَّالِثُ المحفوظُ بَينَ صُدُورنَا

هَذِي الثَّلاَثُ خَلِيقَةُ الرَّحمَنِ

والرَّابِعُ المعنَى القَدِيمُ كعِلمِهِ

كُلٌّ يُعَبَّرُ عَنهُ بِالقُرآنِ

وأظنُّهُ قَد رَامَ شَيئاً لَم يَجِد

عَنهُ عِبَارَةَ نَاطِقٍ بِبَيَانِ

إنَّ المُعَيَّنَ ذُو مَرَاتِبَ أربَعٍ

عُقِلت فَلاَ تَخفَى عَلَى إنسَانِ

فِي العينِ ثمَّ الذِّهنِ ثُمَّ اللَّفظِ ثُ

مَّ الرَّسمِ حِينَ تَخُطُّهُ بِبَنَانِ

وَعَلَى الجمِيعِ الإِسمُ يُطلَقُ لَكِنِ ال

أولَى بِهِ الموجُودُ فِي الأعيَانِ

بِخِلاَفِ قَولِ ابنِ الخَطِيبِ فَإنَّهُ

قَد قَالَ إنَّ الوَضعَ لِلأذهَانِ

فَالشَّيءُ شَيءٌ وَاحِدٌ لاَ أربَعٌ

فَدَهَى ابنَ حَزمٍ قِلَّةُ العِرفَانِ

والله أخبَرَ أنَّهُ سُبحَانَهُ

مُتَكَلِّمٌ بِالوَحيِ والفُرقَانِ

وَكَذاكَ أخبَرَنَا بِأنَّ كَلاَمَهُ

بِصُدُورِ أهلِ العِلمِ والإِيمَانِ

وكذَاكَ أخبَرَ أنهُ المكتُوبُ فِي

صُحُفٍ مُطَهَّرَةٍ مِنَ الرَّحمنِ

وكَذَاكَ أخبَرَ أنهُ المتلُوُّ وال

مَقروءُ عِندَ تِلاَوةِ الإِنسَانِ

والكُلُّ شَيءٌ وَاحِدٌ لاَ أنَّهُ

هُوَ أربَعٌ وَثَلاَثَةٌ واثنَانِ

وَتِلاَوَةُ القُرآنِ أفعَالٌ لَنَا

وَكَذَا الكِتَابَةُ فَهيَ خَطُّ بَنَانِ

لَكِنَّمَا المتلُوُّ والمكتُوبُ وال

مَحفُوظُ قَولُ الواحِدِ الرَّحمنِ

والعبدُ يقرَؤهُ بصَوتٍ طَيِّبٍ

وَبِضِدِّهِ فَهُمَا لَهُ خَطَّانِ

أصوَاتُنَا وَمِدَادُنَا وأدَاتُنا

والرَّقُّ ثُمَّ كِتَابَةُ القُرآنِ

ولَقَد أتَى فِي نَظمِهِ مَن قَالَ قَو

لَ الحَقِّ فيه وَهوَ غَيرَ جَبَانِ

إنَّ الذِي هُوَ فِي المَصَاحِفِ مُثبَتٌ

بأنَامِلِ الأشيَاخِ والشُّبَّانِ

هُوَ قَولُ رَبِّي آيُهُ وحُرُوفُهُ

وَمِدَادُنَا والرَّقُّ مَخلُوقَانِ

فَشَفَى وَفَرَّقَ بَينَ مَتلُوٍّ وَمَص

نُوعٍ وَذَاك حَقِيقَةُ العِرفَانِ

الكُلُّ مَخلُوقٌ وَلَيسَ كَلاَمَهُ ال

مَتلُؤُّ مَخلُوقاً هُمَا شَيئَانِ

فعلَيكَ بالتَّفصِيلِ والتَّمييزِ فال

إطلاقُ والإِجمَالُ دُونَ بَيَانِ

قَد أفسَدَا هَذَا الوُجُودَ وَخَبَّطَا ال

أذهَانَ والآراءَ كُلَّ زَمَانِ

وَتِلاَوَةُ القُرآن فِي تَعرِيفِهَا

باللِّمِ قَد يُعنَى بِهَا شَيئَانِ

يُعنَى بِهَا المتلُوُّ فَهُو كَلاَمُهُ

هُوض غَيرُ مَخلُوقٍ كذِي الأكوَانِ

وَيُرادُ أفعَالُ العِبَادِ كصَوتِهِم

وأدَائِهِم وكِلاَهُمَا خَلقَانِ

هَذَا الذِي نَصَّت عَلَيهِ أئمَّةُ ال

إسلاَمِ أهلُ العِلمِ والعِرفَانِ

وَهُوَ الذِي قَصَد البُخَارِيُّ الرِّضَى

لَكِن تَقَاصَرَ قَاصِرُ الأذهَانِ

عَن فَهمِهِ كَتَقَاصُرِ الأفهَامِ عَن

قَولِ الإِمَامِ الأعظَمِ الشَّيبَانِي

في اللَّفظِ لَمَّا أن نَفَى الضِّدَّينِ عَن

هُ واهتَدَى للنَّفيِ ذُو عِرفَانِ

فاللَّفظُ يًَصلُحُ مَصدَراً هُوَ فِعلُنَا

كَتَلَفُّظٍ بِتِلاَوَةِ القُرآنِ

وَكَذَاكَ يَصلُحُ نَفسَ مَلفوظٍ بِهِ

وَهُوَ القُرآنُ فَذَانِ مُحتَمِلاَنِ

فَلِذَاكَ أنكَرَ أحمَدُ الإِطلاَقَ فِي

نَفيٍ وإثبَاتٍ بِلاَ فُرقَانِ

وأتَى ابنُ سِينَا القُرمطِيُّ مُصَانِعاً

للمُسلِمِينَ بإفكِ ذِي بُهتَانِ

فَرَآهُ فَيضاً فَاضَ مِن عَقلٍ هُوَ ال

فَعَّالُ عِلَّةُ هَذِهِ الأكوَانِ

حَتَّى تَلَقَّاهُ زَكِيٌّ فَاضِلٌ

حَسَنُ التَّخيُلِ جَيِّدُ التِّبيَانِ

فأتَى بِهِ للعَالَمِينَ خَطَابَةً

وَمَوَاعِظاً عَرِيَت عَنِ البُرهَانِ

مَا صَرَّحَت أخبَارُهُ بالحَقِّ بَل

رَمزَت إلَيهِ إشَارَةً لِمَعَانِ

وخِطَابُ هَذَا الخَلقِ والجُمهُورِ بال

حَقِّ الصَّريحِ فَغَيرُ ذِي إمَكانِ

لاَ يَقبَلُونَ حَقَائِقَ المعُقُولِ إلاَّ

فِي مِثَالِ الحِسِّ والأعيَانِ

وَمَشَارِبُ العُقَلاَءِ لاَ يَرِدُونَهَا

إلاَّ إذَا وُضِعَت لَهُم بأوَانِ

مِن جِنسِ مَا ألِفَت طِبَاعُهُمُ مِنَ ال

مَحسُوسِ فِي ذَا العَالَمِ  الجُثمَانِ

فأتَوا بِتَشبِيهٍ وتَمثِيلٍ وتَج

سِيمٍ وتخييلٍ إلَى الأذهَانِ

ولِذَاكَ يَحرُمُ عِندَهُم تأوِيلُهُ

لَكِنَّهُ حِلٌّ لِذِي العِرفَانِ

فَإِذَا تَأوَّلنَاهُ كَانَ جِنَايَةً

مِنَّا وَخَرقَ سِيَاجِ ذَا البُستَانِ

لَكِن حَقِيقَةُ قَولِهِ أن قَد أتَوا

بِالكِذبِ عِندَ مَصَالِحِ الإِنسانِ

وَالفَيلَسُوفُ وَذَا الرَّسُولُ لَدَيهِمُ

مُتَفَاوِتَانِ وَمَا هُمَا عِدلاَنِ

أمَّا الرَّسُولُ فَفَيلَسُوفُ عَوَامِّهِم

وَالفَيلَسُوفُ نَبِيُّ ذِي البُرهَانِ

والحَقُّ عِندَهُم فَفِيمَا قَالَهُ

أتبَاعُ صَاحِبِ مَنطِقِ اليُونَانِ

وَمَضَى عَلَى هَذِي المَقَالَةِ أمَّةٌ

خَلفَ ابنِ سينَا فاغتَذُوا بِلِبَانِ

مِنهُم نَصِيرُ الكُفرِ فِي أصحَابِهِ

النَّاصِرينَ لِملَّةِ الشَّيطَانِ

فاسأل بِهِم ذَا خِبرَةٍ تَلقَاهُمُ

أعدَاءَ كُلِّ مُوَحِّدٍ رَبَّانِي

واسأل بِهِم ذَا خِبرَةٍ تَلقَاهُم

أعدَاء رُسلِ الله والقُرآنِ

صُوفِيُّهُم عَبَد الوُجُودَ المطلَقَ ال

مَعدُومَ عِندَ العَقلِ فِي الأعيَانِ

أو مُلحِدٌ بِالإتحَادِ يَدِينُ لاَ التَّ

وحِيدِ مُنسَلخٌ مِنَ الأديَانِ

مَعبُودُهُ مَوطُوءُهُ فِيهِ يَرَى

وَصفَ الجَمَالِ وَمَظهَرَ الإحسَانِ

الله أكبَرُ كَم عَلى ذَا المذهَبِ ال

مَلعُونِ بَينَ النَّاسِ مِن شِيخَانِ

يَبغُونَ مِنهُم دَعوَةً ويقَبِّلُو

نَ أيَادِياً مِنهُم رَجَا الغُفرَانِ

وَلَو أنَّهُم عَرَفُوا حقِيقَةَ أمرِهِم

رَجَمُوهُمُ لاَ شَكَّ بالصَّوَّانِ

فابذُر لَهُم إن كُنتَ تَبغِي كَشفَهُم

وَافرِش عَلَيهِم كَفًّا مِنَ الأتبَانِ

وَاظهَر بمَظهَرِ قَابِلٍ مِنهُم ولاَ

تَظهَر بِمَظهَرِ صَاحِبِ النُّكرَانِ

وَانظُر إِلَى أنهَأرِ كًفرٍ فُجِّرَت

وَتَهِمُّ لَولا السَّيفُ بِالجَرَيَانِ

وَأتَت طَوَائِفُ الاتِّحادِ بِمِلَّةٍ

طَمَّت عَلَى مَا قَالَ كُلُّ لِسَانِ

قَالُوا كَلاَمُ الله كُلُّ هَ

ذا خَلقِ مِن جِنٍّ وَمِن إنسَانِ

نَظَماً وَنَثراً زُورُهُ وَصَحِيحُهُ

صِدقاً وَكِذباً وَاضِحَ البُطلاَنِ

فالسَّبُّ والشَّتمُ القَبِيحُ وَقَذفُهُم

لِلمُحصَنَاتِ وَكُلٌّ نَوعِ أغَانِ

وَالنَّوحُ والتَّعزِيمُ والسِّحرُ المُبِي

نُ وَسَائِرُ البُهتَانِ والهَذَيَانِ

هُوَ عَينُ قَولِ الله جَلَّ جَلاَلُهُ

وَكَلاَمُهُ حَقًّا بلاَ نُكرَانِ

هَذَا الذِي أدَّى إليهِ أصلُهُم

وَعَلَيهِ قَامَ مُكَسَّحُ البُنيَانِ

إذ أصلُهُم أنَّ الإِلهَ حَقِيقَةً

عَينُ الوُجُودِ وَعَينُ ذِي الأكوَانِ

فَكَلاَمُهَا وَصِفَاتُهَا هُوَ قَولُهُ

وَصِفَاتُهُ مَا هَا هُنَا قَولاَنِ

وَكَذَاكَ قُالُوا إنَّهُ الموصُوفُ بالضِّ

دَّينِ مِن قُبحٍ وَمِن إحسَانِ

وَكَذَاكَ قَد وَصفُوهُ ايضاً بالكَمَا

لِ وَضِدِّهِ مِن سَائِرِ النُّقصَانِ

هَذِي مَقَالاَتُ الطَّوَائِفِ كُلِّهَا

حُمِلَت إليكَ رَخِيصَةَ الأثمَانِ

وأظُنُّ لَو فَتَّشتَ كُتبَ النَّاسِ مَا

ألفَيتَهَا أبداً بِذَا التِّبيَانِ

زُفَّت إِلَيكَ فإن يَكُن لَكَ نَاظِرٌ

أبصَرتَ ذَات الحُسنِ والإِحسَانِ

فَاعطِف عَلَى الجَهمِيَّةِ المغلِ الألى

خَرَقُوا سِيَاجَ العَقلِ والقُرآنِ

شَرِّد بِهِم مَن خَلفَهُم واكسِرهُمُ

بَل نَادِ فِي نَادِيهُمُ بأذَانِ

أفسَدتُمُ المنقُولَ وَالمعقُولَ وال

مَسمُوعَ مِن لُغَةٍ بِكُلِّ لِسَانِ

أيَصِحُّ وَصفُ الشَّيءِ بالمشتَقِّ لل

مَسلُوبِ مَعنَاهُ لِذِي الأذهَانِ

أيَصِحُّ صَبَّارٌ وَلاَ صَبرٌ لَهُ

وَيَصِحُّ شَكَّارٌ بلاَ شُكرَانِ

وَيَصِحُّ عَلاَّمٌ وَلاَ عِلمٌ لَهُ

وَيَصَحُّ غَفَّارٌ بِلا غُفرانِ

وَيُقَالُ هَذَا سَامِعٌ أو مُبصِرٌ

وَالسَّمعُ والإِبصَارُ مَفقُودَانِ

هَذا مُحالٌ في العقول وفي النُّقو

لِ وَفِي اللُّغَاتِ وَغيرُ ذِي إمكَانِ

فَلَئِن زَعَمتُم أنَّهُ مُتَكَلِمٌ

لَكِن بِقُولٍ قَامَ بِالإنسَانِ

أو غَيرِه فَيُقالُ هَذَا باطِلٌ

وَعَلَيكُمُ فِي ذَاكَ مَحذُورَانِ

نَفيُ اشتِقَاقِ اللَّفظِ للموجُودِ مَع

نَاهُ بِهِ وَثُبُوتُهُ للثَّانِي

أعنِي الَّذِي مَا قَامَ مَعنَاهُ بِهِ

قَلبُ الحَقَائِقِ أقبَحُ البُهتَانِ

وَنَظِيرُ ذَا أخَوَانِ هَذَا مُبصِرٌ

وَأخُوهُ مَعدَودٌ مِنَ العُميَانِ

سَمَّيتُمُ الأعمَى بَصِيراً إذ أخُو

هُ مُبصِرٌ وَبِعكسِهِ فِي الثَّانِي

فَلَئِن زَعَمتُم أنَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ

فِي فِعلِهِ كَالخَلقِ لِلأكوَانِ

وَالفِعلُ لَيسَ بِقَائِمٍ بِإِلهِنَا

إذ لاَ يَكُونُ مَحَلُ ذِي حِدثَانِ

وَيَصِحُ أن يَشتَقُ مِنهُ خَالِقٌ

فَكَذَلِكض المُتَكَلِّمُ الوَحدَانِ

هُوَ فَاعِلٌ لِكَلاَمِهِ وَكِتَابِهِ

لَيسَ الكَلاَمُ لَهُ بِوَصفِ مَعَانِ

وَمُخَالِفُ المَعقُولِ وَالمَنقُولِ وَال

فِطرَاتِ وَا والمَسمُوعِ لِلإِنسَانِ

مَن قَالَ إنَّ كَلاَمَهُ سُبحَانَهُ

وَصفٌ قَديمٌ أحرُفٌ ومَعَانِ

وَالسِّينُ عَد البَاءِ لَيسَت بَعدَهَا

لَكِن هُمَا حَرفَانِ مُقتَرِنَانِ

أو قَالَ إنَّ كَلاَمَهُ سُبحَانَهُ

مَعنَى قَدِيمٌ قَامَ بِالرَّحمَنِ

مَا إن لَهُ كُل ولاَ بَعضُ وَلاَ ال

عَرَبِيُّ حَقِيقَتُهُ وَلاَ العِبرَانِي

وَالأمرُ عَينُ النَّهيِ وَاستِفهَامُهُ

هُوَ عَينُ إخبَارٍ بِلاَ فُرقَانِ

وَكَلاَمَهُ كَحَيَاتِهِ مَا ذَاكَ مَق

دُوراً لَهُ بَل لاَزِم الرَّحمَنِ

هذََا الذِي قَد خَالَفَ المَعقُولَ وَال

مَنقُولِ والفِطرَاتِ للإِنسَانِ

أمَّا الذِي قَد قَالَ إنَّ كَلاَمَهُ

ذُو أحرُفٍ قَد رُتِبَت بَبيَانِ

وَكَلاَمَهُ بِمَشِِيئَةٍ وَإِرَادَةٍ

كَالفِعلِ مِنهُ كِلاَهُمَا سِيَّانِ

فَهوَ الذِي قَد قَالَ قَولاً يَعلَمُ ال

عُقَلاَءُ صِحَّتَهُ بِلاَ نُكرَانِ

فَلاَيِّ شَيءٍ كَانَ مَا قَد قُلتُم

أولَى وأَقرَبَ مِنهُ لِلبُرهَانِ

وَلأيِّ شَيءٍ دَائماً كَفَرتُم

أصحَابَ هَذَا القَولِ بِالعُدوَانِ

فَدَعُوا الدَّعَاوِي وَابحَثُوا مَعَنا بِتَح

قِيقٍ وَإنصَافٍ بِلاَ عُدوَانِ

وَارفَوا مَذَاهِبَكُم وَسُدُّوا خَرقَهَا

إن كَانَ ذَاكَ الرَّفوُ فِي الإِمكَانِ

فَاحكُم هَدَاكَ الله بَينَهُم فَقَد

أدلُوا إلَيكَ بِحُجَّةِ وَبَيَانِ

لاَ تَنصُرَنَّ سِوَى الحَدِيثِ وَأهلِهِ

هُم عَسكَرُ القُرآنِ وَالإِيمَانِ

وَتَحيزَنَّ إلَيهِم لاَ غَيرهم

لَتَكُونَ مَنصُوراً لَدَى الرَّحمَنِ

فَتَقُولُ هَذَا القَدَرُ قَد أعيَا عَلَى

أهلِ الكَلاَمِ وَقَادَهُ أصلاَنِ

إحدَاهُمَا هَل فِعلُهُ مَفعُولُهُ

أو غَيره فَهُمَا لَهُم قَولاَنِ

وَالقَائِلُونَ بِأنَّهُ هُوَ عَينُهُ

فَرُّوا مِنَ الأوصَافِ بَالحِدثَانِ

لَكِن حَقِيقَةَ قَولِهِم وَصَرِيحَهُ

تَعطِيلُ خَالِقِ هَذَا الأكوَانِ

عَن فِعلِهِ إذ فَعَلُهُ مَفعُولُهُ

لَكِنَّهُ مَا قَامَ بِالرَّحمَنِ

فَعَلَى الحَقِيقَةِ مَا لَهُ فِعلٌ إذ ال

مَفعُولُ مُنفَصِلٌ عَنِ الدَّيَّانِ

وَالقَائِلُونَ بِأنَّهُ غَير لَهُ

مُتَنَازِعُونَ وَهُم فَطَائِفَتَانِ

إحدَاهُمَا قَالَت قَدِيمٌ قَائِمٌ

بِالذَّاتِ وَهوَ كَقُدرَةِ المَنَّانِ

سَمُّوهُ تَكوِيناً قَدِيماً قَالَهُ

أتبَاعُ شَيخُ العَالَمِ النُّعمَانٍِ

وَخُصُومُهُم لَم يُنصِفُوا فِي رَدِّهِ

بَل كَابَرُوهُم مَا أتَوا بِبَيَانِ

وَالآخَرُونَ رَأوهُ أمراً حَادِثاً

بِالذَّاتِ قَامِ وَأنَّهُم نَوعَانِ

إحدَاهُمَا جَعَلَتهُ مُفتَتِحاً بِهِ

حَذَرَ التَسَلسُلِ لَيسَ ذَا إمكَانِ

هَذَا الذِِي قَالَتهُ كَرَامِيَةُ

فَفِعَالَهُ وَكَلاَمَهُ سِيَانِ

وَالآخَرُونَ أولُوا الحَديثَ كَأحمَدٍ

ذَاكَ ابنُ حَنبَل الرِضَى الشَّيبَانِي

قَد قالَ إنَّ حَقَّا لَم يَزَل

مُتَكَلِّماً إن شَاءَ ذُو إحسَانِ

جَعَلَ الكَلاَمَ صِفَات فِعلٍ قَائِمٍ

بِالذَّاتِ لَم يُفقَد مِنَ الرَّحمَنِ

وَكَذَاكَ نَصَّ عَلَى دَوَامِ الفِعلِ بَال

إحسَانِ أيضاً فِي مَكَانِ ثَانِ

وَكَذَا ابنَ عَبَّاسٍ فَرَاجِع قَولَهُ

لَمَّا أجَابَ مَسَائِلَ القُرآنِ

وَكَذَاكَ جَعفَرُ الإِمَامُ الصَّادِقُ ال

مَقُبولُ عِندَ الخَلقِ ذِي العِرفَانِ

قَد قَالَ لَم يَزَل المُهَيمِنُ مُحسِناً

بَرّاً جَوَاداً عِندَ كُلِّ أوَانِ

وَكَذَا الإِمَامُ الدَّارِمِيُّ فَإنَّهُ

قَد قالَ مَا فِيه هُدَى الحَيرَانِ

قَالَ الحَيَاةُ مَعَ الفَعَّالِ كِلاَهُمَا

مُتَلاَزِمَانِ فَلَيسَ يَفتَرقَانِ

صَدَقَ الإِمَامُ فَكُلُّ حَيٍّ فَهوَ فَعَّا

لٌ وَذَا فِي غَايَةِ التِّبيَانِ

إلاَّ إذَا مَا كَانَ ثُمَّ مَوَانِعَ

مِن آفَةٍ أو قَاسِرِ الحَيَوَانِ

وَالرَّبُّ لَيسَ لِفِعلِهِ مِن مَانِعٍ

مَا شَاءَ كَانَ بِقُدرَةِ الدَّيَّانِ

وَمَشِيئَة الرَّحمَنِ لاَزِمَةٌ لَهُ

وَكَذَاكَ قُدرَةُ رَبِّنا الرَّحمَنِ

هَذَا وَقد فَطَرَ الإِلَهُ عِبَادَهُ

أن المُهَيمِن دَائِمُ الإِحسَانِ

أوَلَستَ تَسمَعُ قَولَ كُلِّ مُوَحِّدٍ

يَا دَائِم المَعرُوفِ وَالسُّلطَانِ

وَقَدِيمَ الإِحسَانِ الكَثِيرِ وَدَائِمَ ال

جُودِ العَظِيمِ وَصَاحِب الغُفرَانِ

مِن غَيرِ إنكَارٍ عَلَيهِم فِطرَةٌ

فُطِروا عليها لاَ تَوغاص ثَانِي

أوَ لَيسَ فِعلُ الرَّبِّ تَابَع وَصفِه

وَكَمَالِهِ أفَذَاكَ ذُو حِدثَانِ

وَكَمَالِهِ سَبَبُ الفِعَالِ وَخَلقِهِ

أفعَالَهُم سَبَبُ الكَمَالِ الثَّانِي

أو مَا فِعَالُ الرَّبِّ عَينُ كَمَالِهِ

أفَذَاكَ مُمتَنِعٌ عَلَى المَنَّانِ

أزَلاً إِلَى أن صَارَ فِيمَا لَم يَزَل

مُتَمَكِّناً وَالفِعلُ ذُو إمكَانِ

تَالله قَد ضَلَّت عُقُولُ القَومِ إذ

قَالُوا بِهَذَا القَولِ ذِي البُطلاَنِ

مَاذَا الذِي أضحَى لَهُ مُتَجَدِّداً

حَتَّى تَمَكَّنَ فَانطِقُوا بِبَيَانِ

وَالرَّبُّ لَيسَ مُعَطَّلاً عَن فِعلِهِ

بَل كُل يَومٍ رَبُّنَا فِي شَانِ

وَالأمرُ والتَّكوِينُ وَصفُ كَمَالِهِ

مَا فَقدُ ذَا ووجُودُهُ سِيَّانِ

وَتَخَلفَ التَّأثِيرُ بَعدَ تَمَامِ مُو

جِبِهِ مُحَالٌ لَيس فِي الإمكَانِ

وَاللهُ رَبِي لَم يَزَل ذَا قُدرَةٍ

وَمَشِيئَةٍ وَيَلِيهُمَا وَصفَانِ

العِلمُ مَعَ وَصفِ الحَيَاةِ وَهَذِهِ

أوصَافُ ذَاتِ الخَالِقِ المّنَّانِ

وَبِهَا تَمَامُ الفِعلِ لَيسَ بِدُونِهَا

فِعلٌ يَتِمُ بِوَاضِحِ البُرهَانِ

فَلأيِّ شَيءٍ قَد تَأَخَّرَ فِعلُهُ

مَعَ مُوجِبٍ قَد تَمَّ بِالأركَانِ

مَا كَانَ مُمتَنِعاً عَلَيهِ الفِعلُ بَل

مَا زَالَ فِعلُ الله ذَا إمكَانِ

وَاللهُ عَابَ المُشرِكِينَ بِأنَّهُم

عَبَدُوا الحِجَارَةَ فِي رِضَى الشَّيطَانِ

وَنَعَى عَلَيهِم كَونَهَا لَيسَت بِخَا

لِقَةٍ وَلَيسَت ذَاتَ نُطقِ بَيَانِ

فَأَبَانَ أنَّ الفِعلَ وَالتَّكلِيمَ مِنَ

أوثَانِهِم لاَ شَكَّ مَفقُودَانِ

فَإِذَا هُمَا فُقِدَا فَمَا مَسلُوبُهَا

بِإلَه حَقٍّ وَهُوَ ذُو بُطلاَنِ

وَاللهُ فَهوَ إِلَه حَقٌّ دَائِماً

أفَعَنهُ ذَا الوَصفَانِ مَسلُوبَانِ

أزلاَ وَلَيسَ لِفَقدِهَا مِن غَايَةٍ

هَذَا المُحَالُ وَأعظَمُ البُطلاَنِ

إن كَانَ رَبُّ العَرشِ حَقًّا لَم يَزَل

أبَداً إلَهُ الحَقِّ ذَا سُلطَانِ

فَكَذَاكَ أيضاً لَم يَزَل مُتَكَلِّماً

بَل فَاعِلاً مَا شَاءَ ذَا إحسَانِ

وَاللهِ مَا فِي العَقلِ مَا يَقضِي لِذَا

بِالرَّدِّ وَالإِبطَالِ وَالنُّكرَانِ

بَل لَيسَ فِي المَعقُولِ غَيرُ ثُبُوتِهِ

لِلخَالِقِ الأزَلِيِّ ذِي الإِحسَانِ

هَذَا وَمَا دُونَ المُهَيمِنُ حَادِثٌ

لَيسَ القَدِيمُ سِوَاهُ فَي الأكوَانِ

وَاللهُ سَابِقُ كُلِّ شَيءٌ غَيرُهُ

مَا رَبُّنَا وَالخَلقُ مُقتَرِنَانِ

وَاللهُ كَانَ وَليسَ شَيءٌ غَيرُهُ

سُبحَانَهُ جَلَّ العَظِيمُ الشَّانِ

لَسنَا نَقُولُ كَمَا يَقُولُ المُلحِدُ الزَّ

ندِيقُ صَاحِبُ مَنطِقِ اليُونَانِ

بِدَوَامِ هَذَا العَالَمُ المَشهُودِ وَال

أروَاحِ فِي أزَلٍ وَلَيسَ بِفَانِ

هَذي مَقَالاتُ المَلاحِدَةٍ الألى

كَفَرُوا بِخَالِقَ هَذه الأكوانِ

وأتَى ابنُ سِينَا بَعدَ ذَاكَ مصَانعاً

لِلمُسلِمينَ فَقَالَ بالإِمكَانِ

لَكِنَّهُ الأزليُّ ليسَ بِمُحدَثٍ

ما كَانَ معدُوماً ولا هُوَ فَانِ

وأتى بِصُلحٍ بَين طَائِفَتَينِ بَي

نَهُمَا الحروبُ وما هُمَا سِلمَانِ

أنَّى يكون المسلمون وشيعةُ ال

يونان صُلحاً قَطُّ في الإِيمانِ

والسيفُ بين الأنبياءِ وَبَينَهُم

والحَربُ بينَهُمَا فَحربُ عَوَانِ

وَكَذَا أتى الطُّوسِيُّ بالحَربِ الصَّري

ح بِصَارِمٍ منهُ وَسَلِّ لِسَانِ

وَأتَى إِلَى الإِسلاَمِ هَدمَ أصلِهِ

مِن أسِّهِ وَقَوَاعِدِ البُنيَانِ

عُمرِ المَدَارِسَ لَلفَلاسِفَة الأُلَى

كَفَرُوا بِدِينِ الله وَالقُرآنِ

وَأتَى إِلَى أوقَافِ أهلِ الدِّينِ يَن

قُلُهَا إلَيهِم فَعَلَ ذِي أضغَانِ

وَأرَادَ تَحوِيلَ الإِشَارَاتِ التَي

هِيَ لابنِ سِينَا مَوضِعَ الفُرقَانِ

وَأرَادَ تَحوِيلَ الشَّرِيعَةَ بِالنَّوَا

مِيسِ التِي كَانَت لِذِي اليُونَانِ

لَكِنَّهُ عَلِمَ اللَّعِينُ بِأنَّ هَا

ذَا لَيسَ فِي المَقدُورِ وَالإِمكَانِ

إلاَّ إِذ قَتَلَ الخَلِيفَةَ وَالقَضَا

ةَ وَسَائِرَ الفُقَهَاءِ فِي البُلدَانِ

فَسَعَى لِذَاكَ وَسَاعَدَ المَقدُورِ بِال

أمرِ الذِي هُوَ حِكمَةُ الرَّحمَنِ

فَأشَارَ أنَّ يَضَعَ التَتَارُ سُيُوفَهُم

فِي عَسكَرِ الإِيمَانِ وَالقُرآنِ

لَكِنَّهُم يَبقُونَ أهلَ صَنَائِعِ الدُّ

نيَا لأجلِ مَصَالِحِ الأبدَانِ

فَغَدَا عَلَى سَيفِ التَّتَارِ الألف فِي

مِثلِ لَهَا مَضرُوبَةً بِوزَان

وَكَذَا ثَمَانِ مِئِينِهَا فِي ألفِهَ

مَضرُوبَةً بِالعَدِّ وَالحُسبَانِ

حَتَّى بَكَى الإِسلاَم أعدَاهُ اليَهُو

دُ كَذَا المَجُوسُ وَعَابِدُ الصُّلبَانِ

فَشَفَى اللَّعِينُ النَّفسَ مِنَ حَزبِ الرَّسُو

لِ وَعَسكَرُ الإِيمَانِ وَالقُرآنِ

وَبِوِدِّهِ لَو كَانَ فِي أحُدٍ وَقَد

شَهِدَ الوَقِيعَةَ مَعَ أبِي سُفيَانِ

لأقَرَّ أعيُنَهُم وَأوفَى نَذرَهُ

أو أن يَرَى مُتَمَزقَ اللُّحمَانِ

وَشَوَاهِدُ الأحدَاثِ ظَاهِرَةٌ عَلَى

ذَا العَالِمِ المَخلُوقِ بِالبُرهَانِ

وَأدِلَّةُ التَّوحِيدِ تَشهَدُ كُلُّهَا

بِحُدُوثِ كُلَّ مَا سِوَى الرَّحمَنِ

لَو كَانَ غَيرُ الله جَلَّ جَلاَلُهُ

مَعَهُ قَدِيماً كَانَ رَبًّا ثَانِي

إذ كَانَ عَن رَبِّ العُلَى مُستغنِياً

فَيكُونَ حِينَئِذٍ لَنَا رَبَّانِ

وَالرَّبُّ بِاستِقلاَلِهِ مُتَوَحِّدٌ

أفَمُمكِنٌ أن يَستقِلَّ اثنَانِ

لَو كَان ذَاك تَنَافِياً وَتَسَاقُطاً

فإِذَا هُمَا عَدَمَانِ مُمتَنِعَانِ

وَالقَهرُ والتَّوحِيدُ يَشهَدُ مِنهُمَا

كُلٌّ لِصَاحِبِهِ هُمَا عِدلاَنِ

وَلِذَلِكَ اقتَرَنَا جَمِيعاً فِي صِفَا

تِ الله فَانظُر ذَاكَ فِي القُرآنِ

فَالوَاحِدُ القَهَّارُ حَقًّا لَيسَ فِي ال

إمكَانِ أن تَحظَى بِهِ ذَاتَانِ

فَلَئِن زَعَمتُم أن ذَاكَ تَسَلسُل

قُلنَا صَدَقتُم وَهوَ ذُو إمكَانِ

كَتَسَلسُلِ التَّأثِيرِ فِي مُستَقبَلٍ

هَل بَينَ ذَينِكَ قَطُّ مِن قُرقَانِ

وَالله مَا افتَرَقَا لِذَي عَقلِ وَلاَ

نَقلٍ وَلاَ نَظَرٍ وَلاَ بُرهَانِ

فِي سلب إمكانِ ولا في ضِدِّه

هَذِي العُقولُ ونحن ذُو أذهَانِ

فليَأتِ بالفُرقانِ من هو فارقٌ

فرقا يُبَينُ لصالحِ الأذهانِ

وكذَاكَ سِوَى الجهمُ بينَهَا كَذَا ال

علاَف فِي الإِنكارِ وَالبُطلانِ

ولأجلِ ذَا حَكَمَا بِحكمِ باطِلٍ

قَطَعَا عَلَى الجَنَّاتِ والنيرَانِ

فَالجَهمُ أفنَى الذَّاتَ والعلاف لِل

حَركَاتِ أفنَى قالهُ الثورَانِ

وأبُو علِي وابنُهُ والأشعَرِي

وبَعدَهُ ابنُ الطيبِ الرَّبَّانِي

وجَميعُ أربَابِ الكَلاَمِ البَاطِلِ ال

مَذمُومِ عِندَ أئِمةِ الإِيمَانِ

فَرَّقُوا وقَالُوا ذَاكَ فِيمَا لَم يَزَل

حَقٌّ وَفِي أزَلٍ بِلاَ إمكَانِ

لَكِن دَوَامُ الفِعلِ فِي مُستقبلٍ

مَا فِيهِ محذُورٌ مِنَ النُّكرَانِ

فَانظُر إِلَى التَّلبِيسِ فِي ذَاتِ الفَرقِ تَر

وِيجاً عَلَى العُورَانِ وَالعُميَانِ

مَا قَالَ ذُو عَقلٍ بِأن الفَردَ ذُو

أزَلٍ لِذِي ذِهنٍ وَلاَ أعيَانِ

بَل كُل فَرد فَهوَ مَسبُوقِ بِفَر

دٍ قَبلَهُ أبداً بِلاَ حُسبَانِ

وَنَظِيرُ هَذَا كل فَردٍ فَهوَ مَل

حُوقٌ بِفَرد بَعدَه حُكمَانِ

النَّوعُ والآحَادُ مَسبُوق وَمَل

حُوقٌ وَكُلٌّ فَهوَ مِنهَا فَانِ

وَالنَّوعُ لاَ يَفنَى أخِيراً فَهوَ لاَ

يَفنَى كَذَلِكَ أولا بِبَيَانِ

وَتَعَاقُبِ الآنَاتِ أمرٌ ثَابِتٌ

فِي الذِّهنِ وَهوَ كَذَاكَ فِي الأعيَانِ

فَإِذَا أبَيتُم ذَا وَقُلتُم أوَّلَ ال

آنَاتِ مُفتَتِحٌ بِلاَ نُكرَانِ

مَا كَانَ ذَاكَ الآنَ مَسبُوقاً يَرَى

إلاَّ بِسَلبِ وُجُودِهِ الحَقَّانِ

فَيُقَالُ مَا تعنُون بالآنَاتِ هَل

تَعنُونَ مُدةَ هذِهِ الأزمَانِ

مِن حِينِ إحدَاثِ السَّمَواتِ العُلَى

وَالأرضِ وَالأفلاَكِ وَالقمَرَانِ

وَنَظُنُّكُم تَعنُونَ ذَاكَ وَلَم يَكن

مِن قَبلِهَا شَيء مِنَ الأكوَانِ

هَل جَاءَكُم فِي ذَاكَ مِن أثَر وَمِن

نَص وَمِن نَظَرٍ وَمِن بُرهَانِ

هَذَا الكِتَابُ وَهَذِهِ الآثَارِ وَال

مَعقُولِ فِي الفطرَاتِ وَالأذهَانِ

إنَّا نُحَاكِمُكُم إِلَى مَا شِئتُمُ

مِنهَا فَحُكمُ الحَقَّ فِي تِبيَانِ

أو لَيسَ خَلقَ الكونِ فِي الأيَّامِ كَا

نَ وَذَاكَ مَأخُوذٌ مِنَ القُرآنُ

أو ليسَ خَلقَ الكونِ فِي الأيَّامِ كَا

نَ وَذَاكَ مَأخوذٌ مِنَ القُرآنُ

أوَ لَيسَ ذَالِكُم الزَّمَانِ بِمُدَّة

لِحُدُوثِ شَيءٍ وَهوَ عَينُ زَمَانِ

فَحَقِيقَةُ الأزمَانِ نِسبَةُ حَادِثٍ

لِسِوَاهُ تِلكَ حَقِيقَةُ الأزمَانِ

وَاذكُر حَدِيثَ السَّبقِ للتَّقدِيرِ وَالتَ

وقِيتِ قَبلَ جَمِيعِ ذِي الأعيَانَ

خَمسِينَ ألفاً مِن سِنِينَ عَدَّهَا ال

مُختَارُ سَابِقَةً لِذِي الأكوَانِ

هَذَا وَعَرشُ الرَّبِّ فَوقَ المَاءِ مِن

قَبلِ السِّنِينَ بِمُدَّة وَزَمَانِ

وَالنَّاسُ مُختلفُون فِي القَلَمِ الذِي

كُتِبَ القَضَاءُ بِهِ مَنَ الدَّيَّانِ

هل كَانَ قبل العرشِ أو هُو بعدَه

قولاَن عِند أبِي العَلاَ الهَمذَانِي

والحقُّ أنَ العرشَ قبلُ لأنَّه

قَبلَ الكِتَابَةِ كَانَ ذَا أركَانِ

وَكِتابةُ القَلمِ الشَّريفِ تَعَقَّبَت

إيجَادَهُ مِن غَير فَصلِ زَمَانِ

لمَّا برَاهُ الله قَالَ اكتب كَذا

فَغدا بِأمرِ الله ذَا جَرَيَانِ

فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِن أبَداً إِلى

يَومِ المعَادِ بِقُدرَةِ الرَّحمَنِ

أفَكَان ربُّ العَرشِ جَلَّ جَلاَلُه

مِن قَبلُ ذَا عَجزِ وذَا نُقصَانِ

أم لَم يَزَل ذَا قُدرةٍ والفِعلُ مَق

دُورٌ لَهُ أبداً وذُو إمكانِ

فَلَئِن سَألتَ وَقُلتَ مَا هَذَا الذِي

أداهُمُ لخِلاَفِ ذَا التِّبيَانِ

وَلأَيِّ شَيءٍ لَم يَقُولُوا إنَّهُ

سُبحَانَهُ هُوَ دَائِمُ الإِحسَانِ

فاعلَم بأنَّ القومَ لمَّا أسسُوا

أصلَ الكَلاَمِ عَمُوا عَنِ القرآنِ

وَعَنِ الحَدِيثِ وَمُقتَضَى المَعقُولِ بَل

عَن فِطرة الرَّحمن والبرهَانِ

وبَنَوا قَواعِدَهُم عليهِ فَقَادَهُم

قسراً إلَى التعطيلِ وَالبُطلاَنِ

نَفي القِيامِ لكُل أمر حَادثٍ

بِالرَّبِّ خَوفَ تسلسُلِ الأعيَانِ

فَيَسُدُّ ذَاكَ عَلَيهِم فِي زَعمِهِم

إثبَاتُ صَانِعِ هَذِه الأكوَانِ

إذ أثبَتُوهُ بِكَونِ ذِي الأجسَادِ حَا

دِثَةً فلاَ تَنفَكُّ عَن حِدَثَانِ

فإذا تسَلسَلت الحَوادِثُ لَم يَكن

لِحُدُوثِها إذ ذَاك مِن بُرهَانِ

فلأجلِ ذَا قَالوا التسلسُلَ بَاطِلٌ

والجِسمُ لا يخلو عَن الحِدثَانِ

فَيَصِحُّ حِينَئِذ حُدُوثُ الجِسمِ مِن

هَذَا الدَّليل بِواضحِ البُرهَانِ

هَذِي نِهَايَات لأقدَامِ الوَرَى

فِي ذَا المَقَام الضَّيِّقِ الأعطَانِ

فَمَنِ الذِي يأتِي بِفَتح بين

يُنجِي الوَرَى مِن غَمرَةِ الحَيرَانِ

فَالله يُجزِيهِ الذِي هُو أهلُهُ

مِن جَنَّة المَأوَى مَعَ الرَّضوَانِ

فَاسمَع إذاً وافهَم فَذَاكَ مُعَطِّلٌ

وَمُشَبِّهٌ وَهَدَاكَ ذُو الغفرَانِ

هذا الدَّليلُ هو الذِي أرداهُمُ

بل هَدَّ كُلَّ قَوَاعِدِ القرآنِ

وَهُوَ الدَّلِيلُ الباطِلُ المردودُ عِن

دَ أئمَّةِ التحقيقِ وَالعِرفانِ

مَا زَالَ أمرُ النَّاسِ مُعتَدِلاً إلى

أن دَارَ في الأورَاقِ والأذهَانِ

وَتَمَكَّنَت أجزَاؤهُ بقُلُوبِهم

فَأتَت لَواَزِمُهُ إلى الإِيمَانِ

رَفَعَت قَواعِدَهُ وَنَحَّت أسَّهُ

فَهوَى البِنَاءُ وخَرَّ للأركَانِ

وَجَنوا عَلَى الإسلاَمِ كُلَّ جِنَايَةٍ

إذ سَلَّطُوا الأعدَاءَ بالعُدوَانِ

حَمَلُوا بأسلِحَةِ المَحَالِ فَخَانَهُم

ذَاك السِّلاحُ فما اشتَفَوا بِطِعَانِ

وأتَى العَدُوُّ إِلى سِلاَحِهمُ فقَا

تَلَهُم بِه فِي غَيبَةِ الفُرسَانِ

يا مِحنَةَ الإسلاَمِ والقرآنِ مِن

جَهلِ الصَّدِيقِ وبَغيِ ذِي طُغيَانِ

واللهِ لَولاَ اللهُ نَاصِرُ دِينِهِ

وَكِتَابِهِ بالحقِّ والبُرهَانِ

لَتَخَطَّفَت أعدَاؤه أروَاحَنَا

وَلَقُطِّعَت مِنَّا عُرَى الإِيمَانِ

أيكونُ حقًّا ذا الدليلُ وما اهتدَى

خَيرُ القُرونِ لَهُ مُحالٌ ذَانِ

وُفِّقتُمُ للحَقِّ إذ حُرِمُوهُ فِي

أصلِ اليَقِينِ ومقعَدِ العرفَانِ

وَهَديتُمونَا للَّذِي لَم يَهتَدُوا

أبَداً بهِ وَاشِدَّةً الحِرمَانِ

ودخلتُمُ للحقِّ مِن بَابٍ وَمَا

دَخَلُوه وَاعَجَباً لِذَا الخُذلانِ

وسلكتُمُ طُرقَ الهُدى والعلمِ دُو

نَ القَومِ وَاعَجَباً لِذَا البُهتَانِ

وعرفتُمُ الرحمنَ بالأجسَامِ وَال

أعرَاضِ والحَركاتِ والألوانِ

وَهُمُ فَمَا عَرَفُوهُ مِنهَأ بَل مِنَ ال

آياتِ وهيَ فغيرُ ذِي بُرهَانِ

الله أكبَرُ أنتُمُ أو هُم عَلَى

حَقٍّ وفِي غَيٍّ وفي خُسرانِ

دَع ذَا أليسَ الله قد أبدَى لَنَا

حقَّ الأدلةِ وَهي فِي القُرآنِ

متنوِّعاتٌ صُرِّفَت وتظَاهَرت

في كُلِّ وجهٍ فَهيَ ذُو أفنَانِ

مَعلومَةٌ للعَقلِ أو مشهودَةٌ

للحسِّ أو في فِطرَة الرحمنِ

أسَمِعتُمُ لِدَلِيلكُم فِي بَعضِهَا

خَبَراً أو احسَستُم لَهُ بِبَيَانِ

أيكونُ أصلُ الدينِ ماتمَّ الهدَى

إلاَّ بِهِ وبهِ قُوَى الإِيمَانِ

وسَوَاهُ ليسَ بموجبٍ من لم يُحِط

عِلماً بِهِ لم ينجُ من كفرانِ

واللهُ ثُمَّ رَسُولُهُ قَد بَيَّنَا

طُرُقَ الهُدَى فِي غَايَةِ التِّبيَانِ

فَلايِّ شَيءٍ أعرَضَا عَنهُ ولم

تَسمَعهُ فِي أثَرِ وَلاَ قُرآنِ

لَكِن أتَانَا بَعدَ خَيرَ قُرُونِنَا

فَظُهُورِ أحدَاث مِن الشَّيطانِ

وعَلَى لِسانِ الجهمِ جَاءُوا حِزبَهُ

مِن كُلِّ صَاحِبِ بِدعَةٍ حَيرَانِ

وَلِذَلِكَ اشتدَّ النَّكِيرُ عَلَيهِم

مِن سَائِرِ العُلَمَاءِ فِي البُلدَانِ

صَاحُوا بِهِم مِن كُل قطر بَل رَموا

فِي إثرِهِم بِثَوَقِبِ الشهبَانِ

عَرَفُوا الذِي يُفضِي إِليه قَولُهُم

وَدَلِيلُهُم بِحَقِيقَة العِرفانِ

وَأخُو الجَهَالَة فِي خَفَارة جَهلِهِ

وَالجَهلُ قَد يُنجي من الكُفرَان

وَالله كَانَ وَلَيسَ شَيءٌ غَيرُهُ

وَبَرَى البرِية وَهيَ ذُو حَدثَانِ

فَسَل المُعَطل هَل يَرَاهَا خَارِجا

عَن ذَاتِه أم فِيه حَلَّت ذَان

لاَبُد مِن إحدَاهُما أو أنَّها

هِيَ عَينُهُ مَا ثم مَوجُودَانِ

مَا ثَم مَخلُوق وَخَالِقُه وَمَا

شَيءٌ مُغَايِرُ هَذِهِ الأعيَانِ

لاَبُد مِن إحدَى ثَلاث مَالَهَا

مِن رَابِع خَلّوا عَنِ الرَّوغَانِ

وَلِذَاكَ قَالَ مُحَققُ القَومِ الذِي

رَفَعَ القَواعِدَ مُدعِي العِرفَانِ

هُوَ عَينُ هَذَا الكَونِ لَيسَ بِغَيرهِ

أنَّى وَلَيسَ مُبَايِنَ الأكوَانِ

كَلاَّ وَلَيسَ مُجَانِباً أيضاً لَهَا

فَهوَ الوُجُود بِعَينِهِ وَعيَانِ

إن لَم يَكُن فوقَ الخلاَئِقِ رَبُّهَا

فَالقَولُ هَذَا القَولُ فِي المِيزَانِ

إذ لَيسَ يُعقلُ بَعد إلا أنَّهُ

قَد حَلَّ فِيهَا وَهيَ كَالأبدَانِ

وَالرُّوحُ ذَاتُ الحَقِّ جَلَّ جَلاَلُهُ

حَلَّت بِهَا كَمَقَالَةِ النَّصرَانِي

فَاحكُم عَلَى مَن قَالَ لَيسَ بِخَارِجٍ

عَنهَا وَلاَ فِيهَا بِحُكم بَيَانِ

بِخِلاَفِهِ الوَحيينِ وَالإِجمَاعَ وَال

عَقلَ الصَّرِيحَ وَفِطرَةَ الرَّحمَانِ

فَعَلَيهِ أوقَعَ حَد مَعدُوم بلى

حَدُّ المُحَالِ بِغَيرِ مَا فُرقَانِ

يَا لِلعُقُولِ إذَا نَفَيتُم مُخبِرا

وَنَقِيضَهُ هَل ذَاكَ فِي إمكَانِ

إن كَانَ نَفي دُخُوله وَخُرُوجه

لاَ يَصدُقَانِ مَعا لِذِي الإمكانِ

إلاَّ عَلَى عَدَمِ صَرِيحِ نَفيِهِ

مُتَحَقِّقٌ بِبَداهَةِ الإِنسَان

أيَصِحُّ فِي المَعقُولِ يَا أهلَ النُهَى

ذَاتَانِ لاَ بِالغَيرِ قَائِمَتَانِ

لَيسَت تَباين مِنهُمَا ذَاتٌ لأخ

رَى أو تَحَايِثُها فَيَجتَمِعضانِ

إن كَانَ فِي الدُّنيَا مُحَالٌ فَهوَ ذَا

فَارجَع إِلَى المَعقُول وَالبُرهَانِ

فَلَئِن زَعَمتُم أنَّ ذَلِكَ فِي الذِي

هُوَ قَابِل مِن جِسمٍ أو جُثمَانِ

وَالرَّبُّ لَيسَ كَذَا فَنَفي دُخُولِهِ

وَخُرُوجِهِ مَا فِيهِ مِن بُطلانِ

فَيُقَالُ هَذَا أولا مِن قَولِكُم

دَعوَى مُجَرَّدةٌ بِلاَ بُرهَانِ

ذَاكَ اصطِلاَحُ مِن فَرِيق فَارقُوا ال

وَحيَ المُبِينَ بِحِكمَة اليُونَانِ

وَالشَّيءُ يَصدُقُ نَفيُه عَن قَابِل

وَسِوَاهُ فِي مَعهُود كُل لِسَانِ

أنَسِيت نَفي الظُلمِ عَنهُ وَقَولُكَ الظُ

لمُ المُحالُ وَليسَ ذَا إمكَانِ

وَنَسِيتَ نَفيُ النَّومِ وَالسِّنَةِ التِي

لَيسَت لِرَب العَرشِ فِي الإِمكَانِ

وَنَسِيت نَفيَ الطعم عَنه وَليسَ ذَا

مَقبُولَةٌ وَالنفيُ فِي القُرآنِ

وَنَسِيتَ نَفيَ وِلاَدَة أو زَوجَة

وَهُمَا عَلَى الرَّحمَنِ مُمتَنِعَانِ

وَالله قَد وَصَفَ الجَمَاد بِأنَّهُ

مَيتٌ أصَمُّ وَمَا لَهُ عَينَانِ

وَكَذَا نَفَى عَنهُ الشعورَ وَنُطقَهُ

وَالخَلقَ نَفياً وَاضحَ التِّبيَانِ

هَذَا وَليسَ لَهَا قُبُول لِلذِي

يُنفَى وَلاَ مِن جُملَةِ الحَيَوانِ

وَيُقَالُ أيضاً ثَانِياً لَو صَحَّ هَ

ذَا الشَّرطُ كَانَ لَمَّا هُمَا ضِدَّانِ

لاَ فِي النَّقِيضَينِ اللَّذينِ كِلاَهُمَا

لاَ يَثبُتَانِ وَلَيسَ يَرتَفِعَانش

وَيُقَالُ أيضاً نَفيُكُم لِقُبُولِهِ

لَهُمَا يزيلُ حَقِيقَةَ الإِمكَانِ

بَل ذَا كَنَفي قِيَامِهِ بِالنَّفسِ أو

بالغَيرِ فِي الفِطرَاتِ وَالأذهَانِ

فَإذَا المُعَطلُ قَالَ إن قِيَامَهُ

بالنَّفسِ أو بِالغَيرِ ذُو بُطلاَنِ

إذ  لَيسَ يقبَلُ وَاحِداً مِن ذَينِكَ ال

أمرَينِ إلاَّ وَهوَ ذُو إمكَانِ

جِسمٌ يَقُومُ بِنَفسِهِ أيضاً كَذَا

عَرَضٌ يَقُومُ بغَيرِهِ أخَوَانِ

فِي حُكمِ إمكَان وَلَيسَ بِوَاجِبٍ

مَا كَانَ فِيهِ حَقِيقَةُ الإِمكَانِ

فَكِلاَكُمَا يَنفِي الإِلَهَ حَقِيقَةً

وَكِلاَكُمَا فِي نَفيهِ سِيَّانِ

ماذَا يُردُّ عَلَيهِ من هُوَ مِثلُه

فِي النَّفيِ صِرفاً إذ هُمَا عِدلاَنِ

وَالفَرقُ لَيسَ بِمُمكَن لَكَ بعدَمَا

ضَاهَيتَ هَذا النَّفيَ فِي البُطلاَنِ

فَوزان هَذَا النَّفيُ مَا قَد قُلتُهُ

حَرفا بِحَرفٍ أنتُمَا صِنوَانِ

وَالخَصمُ يَزعَمُ أن مَا هُوَ قَابِلٌ

لِكِلَيهِمَا فَكَقَابِل لمَكَانِ

فَافرُق لَنا فَرقا يُبِين مَوَاقِعَ ال

إثبَاتِ والتَّعطِيلِ بِالبُرهَانِ

أو لاَ فَأعطِ القَوسَ بَارِيهَا وَخلِّ

الفَشرَ عَنكَ وَكَثرَةَ الهَذَيانِ

وَسَل المُعطل عَن مَسَائِلَ خَمسَةٍ

تُردي قَوَاعِدَهُ مِنَ الأركَانِ

قُل لِلمُعطل هَل تَقُول إلَهُنَا ال

مَعبُودُ حَقًّا خَارِجَ الأذهَانِ

فَإذَا نَفَى هَذَا فَذَاكَ مُعَطِّلٌ

لِلربِّ حَقًّا بَالِغَ الكُفرَانِ

وَإِذَا أقَرَّ بِهِ فَسَلهُ ثانِياً

أتَرَاهُ غَيرَ جَمِيعِ ذِي الأكوَانِ

فَإذَا نَفَى هَذَا وَقَالَ بِأنَّهُ

هُوَ عَينُها مَا هَاهُنا غَيرَانِ

فَقَدِ ارتَدَى بِالاتحَادِ مُصَرحا

بِالكُفرِ جَاحِد رَبه الرَّحمن

حَاشَا النَّصارَى أن يَكُونُوا مِثلَهُ

وَهُم الحَمِير وَعَابِدُوا الصُّلبَانِ

هُم خَصَّصُوهُ بِالمَسِيحِ وَأمِّهِ

وَأولاَءِ مَا صَانُوهُ عَن حَيَوَانِ

وَإذَا أقَرَّ بِأنَّهُ غَيرُ الوَرَى

عَبدٌ وَمعبُودٌ هُمَا شَيئَانِ

فَسأَلهُ هَل هَذَا الوَرَى فِي ذَاتِهِ

أم ذَاتُهُ فِيهِ هُنَا أمرَانِ

فَإذَا أقَرَّ بِوَاحِد مِن ذَينِكَ ال

أمرَينِ قَبَّلَ خَدَّهُ النَّصرَانِي

وَيَقُولُ أهلاَ بِالذِي هُوَ مِثلُنَا

خَشدَاشُنَا وَحَبِيبُنَا الحَقَّانِ

وَإِذَا نَفَى الأمرَينِ فَاسألهُ إذَاً

هَل ذَاتُهُ استَغنَت عَن الأكوَانِ

فَلِذَاكَ قَامَ بِنَفسِهِ أم قَامَ بَال

أعيَانِ كَالأعرَاضِ وَالألوَانِ

فَإِذَا أقَرَّ وَقَالَ بَل هُو قَائِمٌ

بِالنَّفسِ فَاسألهُ وَقُل ذَاتَانِ

بِالنَّفسِ قَائِمتَانِ أخبِرنِي هُمَا

مِثلاَنِ أو ضِدَّانِ أو غَيرَانِ

وعَلَى التَّقَادِير الثَّلاَثِ فَإنَّهُ

لَولاَ التبَايُنُ لَم يَكُن شَيئَانِ

ضِدَّينِ أو مِثلَينِ أو غَيرَينِ كَا

نَا بَل هُمَا لاَ شَك مُتَّحِدَانِ

فَلِذَاكَ قُلنَا إنَّكُم بَاب لِمَن

بِالإِتِّحَادِ يَقُولُ بَل بَابَانِ

نَقَّطتُمُ لَهُم وَهُم خَطَّوا عَلَى

نُقَط لَكُم كَمُعَلِّمِ الصِّبيَانِ

وَلَقَد أتَانَا عَشرُ أنوَاعٍ مِنَ ال

مَنقُولِ فِي فَوقِية الرَّحمَنِ

مَعَ مِثلِهَا أيضاً تَزيدُ بِوَاحِدٍ

هَا نَحنُ نَسرُدُهَا بِلاَ كِتمَانِ

مِنهَا استِوَاءُ الرَّبِّ فَوق العَرشِ فِي

سَبعِ أتَت فِي مُحكَمِ القُرآنِ

وَكَذَلِكَ اطَّردَت بِلاَ لاَم وَلَو

كَانَت بِمَعنَى اللاَّم فِي الأذهَانِ

لأتَت بهَا فِي مَوضِع كَي يَحمِل ال

بَاقِي عَلَيهَا بِالبَيَانِ الثَّانِي

وَنَظِير ذَا إضمَارُهُم فِي مَوضِعِ

حَملاً عَلَى المَذكُورِ فِي التِّبيَانِ

لاَ يُضمِرُونَ مَعَ اطِّرَاد دُونَ ذِك

رِ المُضمِرِ المَحذُوفِ دُونَ بَيَانِ

بَل فِي مَحل الحَذفِ يَكثُرُ ذِكرُهُ

فإذَا هُم ألِفُوهُ إلفَ لِسَانِ

حَذَفُوهُ تَخفِيفاً وَإيجَازاً فَلاَ

يَخفَى المُرَادُ بهِ عَلَى الإِنسَانِ

هَذَا وَمِن عِشرِينَ وَجهاً يَبطُلُ التَّ

فسِيرُ بِاستَولَى لِذِي العِرفَانِ

قَد أُفرِدَت بِمُصَنَّفٍ لإِمَامِ هَ

ذَا الشَّأنُ بَحرِ العَالَمِ الحرَّانِي

هَذَا وَثَانِيهَا صَريحُ عُلُوِّهِ

وَلَهُ بِحُكمِ صَرِيحِهِ لَفظَانِ

لَفظُ العَلِيِّ وَلَفظةُ الأعلَى مُعَرَّ

فَة أتَتكَ هُنا لِقَصدِ بَيَانِ

إنَّ العُلُوَّ بِمُطلَقِه عَلَى التَّ

عمِيم وَالإطلاَقِ بالبُرهَانِ

وَلَهُ العُلُوُّ مِن الوُجوهِ جَمِيعَها

ذَاتاً وَقَهراً مَعَ عُلُوِّ الشَّانِ

لَكِن نُفَاةُ عُلُوهِ سَلبُوهُ إك

مَالَ العُلُوِّ فَصَارَ ذَا نُقصَانِ

حَاشَاهُ مِن إفكِ النُّفَاةِ وَسَلبِهِم

فَلَهُ الكَمَالُ المُطلَقُ الرَّبَّانِي

وَعُلُوُّهُ فَوقَ الخَليقَة كُلِّهَا

فُطِرَت عَلَيهِ الخَلقُ وَالثَّقَلاَنِ

لاَ يَستَطِيعُ مُعَطِّلٌ تَبدِيلَهَا

أبداً وَذَلِكَ سُنَّةُ الرَّحمنِ

كُلٌّ إذَا مَا نَابَهُ أمرٌ يُرَى

مُتَوجِّهاً بِضَرُورَةِ الإنسَانِ

نَحوَ العُلُوِّ فَلَيسَ يَطلُبُ خَلفَهُ

وَأمَامَهُ أو جَانِبَ الإِنسَانِ

وَنِهَايَةُ الشُّبُهَات تَشكِيك وَتخ

مِيش وَتَغبِيرٌ عَلَى الإِيمَانِ

لاَ يستَطِيعُ تَعَارض المَعلُومِ وَال

مَعقُولِ عِندَ بدَائِه الأذهَانِ

فَمِن المُحَالِ القَدحُ فِي المَعلُومِ

بِالشُّبُهَاتِ هَذَا بَيِّنُ البُطَلاَنِ

وَإِذَا البدَائِهُ قابَلتهَا هَذِهِ الشُّ

بُهَاتِ لَم تَحتَج ِإلَى بُطلانِ

شَتَّان بَينَ مَقالَة أوصَى بِهَا

بَعضٌ لِبَعضٍ أولٌ للثَّانِي

وَمَقَالَةٍ فَطَرَ الإِلهُ عَبَادَهُ

حَقّا عَلَيهَا مَا هُمَا عِدلاَنِ

هَذَا وَثَالِثُهَا صَرِيحُ الفَوقِ مَص

حُوباً بِمِن وَبِدُونِهَا نَوعَانِ

إحدَاهُمَا هُوَ قَابِل التأويل وَال

أصلُ الحَقِيقَةُ وَحدهَا بِبَيَانِ

فَإِذَا ادَّعَى تَأوِيلَ ذَلِكَ مُدَّعٍ

وَلَم تُقبَلِ الدَّعوَى بِلاَ بُرهَانِ

لَكِنمَا المَجرُورُ لَيسَ بِقَابل التَّ

أوِيل فِي لُغة وَعُرفِ لِسَانِ

وَأصِخ لِفَائدةٍ جَلِيلٍ قَدرُهَا

تُهدِيكَ للتَّحقِيقِ وَالعِرفَانِ

إنَّ الكَلاَمَ إذَا أتَى بِسِيَاقِهِ

يُبدِي المُرَادَ لِمَن لَهُ أذُنَانِ

أضحَى كَنَصٍ قَاطع لاَ يَقبَل التَّ

أوِيلَ يَعرِفُ ذَا أولُوا الأذهَانِ

فَسِيَاقُهُ الألفَاظِ مِثلُ شَوَاهِدِ ال

أحوَالِ إنَّهُمَا لَنَا صِنوَانِ

إحدَاهُمَا لِلعَينِ مَشهُودٌ بِهَا

لَكِن ذَاكَ لِمَسمَعِ الإِنسانِ

فَإذَا أتَى التَّأوِيلُ بَعد سِيَاقَةٍ

تُبدِي المُرَادَ أتَى عَلَى استِهجَانِ

وَإذَا أتَى الكِتمَانُ بَعدَ شَوَاهِدِ ال

أحوَالِ كَانَ كَأقبَحِ الكِتمَانِ

فَتأمَّلِ الألفَاظَ وَانظُر مَا الذِي

سِيقَت لَهُ إن كُنتَ ذَا عِرفَانِ

وَالفَوقُ وَصفٌ ثَابِتٌ بِالذَّاتِ مِن

كُلِّ الوُجُوهِ لِفَاطِرِ الأكوَانِ

لَكِن نُفَاةَ الفَوقِ مَا وَافُوا بِهِ

جَحَدُوا كَمَال الفَوقِ لِلدَّيَّانِ

بَل فَسَّرُوهُ بِأن قَدرَ الله أع

لَى لاَ بِفَوق الذَّات لِلرَّحمَنِ

قَالُوا وَهَذَا مِثل قَولِ النَّاسِ فِي

ذَهَبٍ يُرَى مِن خَالِص العِقيَانِ

هُو فَوقَ جِنسِ الفِضةِ البَيضَاء لاَ

بِالذَّاتِ بَل فِي مُقتَضَى الأثمَانِ

وَالفَوقُ أنوَاع ثَلاث كُلُّهَا

للَّهِ ثَابِتةٌ بِلاَ نُكرَانِ

هَذَا الذِي قَالُوا وَفَوقُ القَهرِ وَال

فَوقِيةُ العُليَا عَلَى الأكوَانِ

هَذَا وَرَابِعُهَا عرُوجُ الرُّوحِ وَال

أملاَكِ صَاعِدَةً إِلَى الرَّحمَنِ

وَلَقَد أتَى فِي سُورَتَينِ لِكِلاَهُمَا اش

تَمَلاَ عَلَى التَّقدِيرِ بالأزمَانِ

فِي سُورَة فِيهِ المَعارِجُ قُدِّرَت

خَمسِينَ ألفاً كَامِلَ الحُسبَانِ

وَبِسَجدَة التَّنزِيل ألفاً قُدِّرَت

فَلأجلِ ذَا قَالُوا هُمَا يَومَانِ

يَومُ المَعَادِ بِذِي المَعَارِجِ ذِكرُهُ

وَاليَومُ فِي تَنزِيل فِي ذَا الآنِ

وَكِلاَهُمَا عِندِي فَيَومٌ وَاحِدٌ

وَعُرُوجُهُم فِيهِ إِلَى الدَّيَّانِ

فَالألفُ فِيهِ مَسَافَةٌ لِنُزُولِهِم

وَصُعُودِهِم نَحوَ الرَّفِيعِ الدَّانِي

هَذِي السَّمِاء فَإنَّهَا قَد قُدِّرَت

خَمسِينَ فِي عَشر وَذَا ضِعفَانِ

لَكِنمَا الخَمسُون ألفَ مَسَافَةُ السَّ

بعِ الطِّبَاقِ وَبَعدُ ذِي الأكوَانِ

مِن عَرشِ رَبِّ العَالَمِينَ إِلَى الثَّرَى

عِندَ الحَضِيضِ الأسفَل التَّحتَحانِي

وَاختَارَ هَذَا القَولَ فِي تَفسِيرِهِ ال

بَغَوِي ذَاكَ العَالِمُ الرَّبَّانِي

وَمُجَاهِدٌ قَد قَالَ هَذَا القَولَ لَ

كِنَّ ابنَ إسحَاقَ الجَلِيلَ الشَّانِ

قَالَ المَسَافَة بَينَنَا وَالعَرشِ ذَا ال

مِقدَارُ فِي سَيرٍ مِنَ الإِنسَانِ

وَالقَولُ الأوَّلُ قَولً عِكرِمَةٍ وَقَو

لُ قَتَادَةٍ وَهُمَا لَنَا عَلَمَانِ

وَاختَارَه الحَسَنُ الرَّضِى وَرَوَاهُ عَن

بَحرِ العُلُومِ مُفَسِّرِ القُرآنِ

وَيُرَجِّحُ القَولَ الذِي قَد قَالَهُ

سَادَاتُنَا فِي فَرقِهِم أمرَانِ

إحدَاهُمَا مَا فِي الصَّحِيحُ لِمَانِعٍ

لِزَكَاتِهِ مِن هَذِه الأعيَانِ

يُكوَى بِهَا يَومَ القِيَامَةِ ظَهرُهُ

وَجَبِينهُ وَكذَلِكَ الجَنبَانِ

خَمسُونَ ألفاً قَدرُ ذَاكَ اليَومِ فِي

هَذَا الحَدِيثُ وَذَاكَ تِبيَانِ

فَالظَّاهِرُ اليَومَانِ فِي الوَجهَينِ يَو

مٌ وَاحِدٌ مَا إن هُمَا يَومَانِ

قَالُوا وَإيرَادُ السِّيَاقِ يُبَيِّن ال

مَضمُونَ مِنهُ بِأوضَحِ التِّبيَانِ

فَانظُر إِلَى الإِضمارِ ضِمنض يَرَونَهُ

ونَرَاهُ مَا تَفسِيرُهُ بِبَيَانِ

فَاليَومُ بِالتَّفسِيرِ أولَى مِن عَذَا

بٍ وَاقِعٍ لِلقُربِ وَالجِيرَانِ

وَيَكُونُ ذِكرُ عُرُوجِهِم فِي هَذِهِ الدُّ

نيَا وَيَومَ قِيَامَةِ الأبدَانِ

فَنُزُولهُم أيضاً هُنَالِكَ ثَابِتٌ

كَنُزُولِهِم أيضاً هُنَا لِلشَّانِ

وَعُرُوجُهُم بَعدَ القَضَا كَعُرُوجِهِم

أيضاً هُنَا فَلَهُم إذاً شَأنَانِ

وَيُزُولُ هَذَا السَّقفُ يَومَ مَعَادِنَا

فَعُرُوجُهُم لِلعَرشِ وَالرَّحمَنِ

هَذَا وَمَا نَضِجَت لَدي وَعِلمُهَا ال

مَوكُولُ بَعد لِمُنزِلِ القُرآنِ

وَأعُوذُُ بِالرَّحمَنِ مِن جَزمٍ بِلاَ

عِلمٍ وَهَذَا غَايَةُ الإمكَانِ

وَاللهُ أعلَمُ بِالمُرَادِ بِقَولِهِ

وَرَسُولُهُ المَبعُوثُ بِالفُرقَانِ

هَذَا وَخَامِسُهَا صعُودُ كَلاَمِنَا

بِالطِّيِّبَاتِ إلَيهِ وَالإحسَانِ

وَكَذَا صُعُودُ البَاقِيَاتُ الصَّالِحَا

تُ مِن أعمَالِ ذِي الإِيمَانِ

وكَذَا صُعُودُ تَصَدُّقٍ مِن طَيبٍ

أيضا إلَيهِ عِندَ كُلِّ أوَانِ

وَكَذَا عُرُوجُ مَلاَئِكٍ قَد وُكِّلُوا

مِنَّا بِأعمَالٍ وَهُم بَدَلاَنِ

فَإِلَيهِ تَعرُجُ بُكرَةً وَعَشِيةً

وَالصُّبحُ يَجمَعُهُم عَلَى القُرآنِ

كَي يَشهَدُونَ وَيَعرُوجُونَ إِلَيهِ بِال

أعمَالِ سُبحَانَ العَظِيمِ الشَّانِ

وَكَذَاكَ سَعيُ اللَّيل تَرفَعُهُ إِلَى الرَّ

حمَنِ مِن قَبلِ النَّهَارِ الثَّانِي

وَكذَاكَ سَعيُ اليَومِ يَرفَعُه لَهُ

مِن قَبلِ لَيلٍ حَافِظُ الإِنسَانِ

وَكَذَاكَ مِعرَاجُ الرَّسُولِ إِلَيهِ حَقٌّ

ثَابِتٌ مَا فِيهِ مِن نُكرَانِ

بَل جَاوَزَ السَّبعَ الطِّبَاقَ وَقَد دَنَا

مِنهُ إِلَى أن قُدِّرَت قَوسَانِ

بَل عَادَ مِن مُوسَى إلَيهِ صَاعِداً

خَِمساً عِدَادَ الفَرضِ فِي الحُسبَانِ

وَكَذَاكَ رَفعُ الرُّوحِ عِيسَى المُرتَضَى

حَقًّا إلَيهِ جَاءَ فِي القُرآنِ

وَكَذَاكَ تَصعَدُ رُوحُ كُلِّ مُصَدِّقٌ

لَمَّا تَفُوزُ بِفُرقَةِ الأبدَانِ

حِقًّا إلَيهِ كَي تَفوزُ بِقُربِهِ

وَتَعُودَ يَومَ العَرضِ لِلجُثمَانِ

وَكَذَا دُعَا المُضطَرِّ أيضاً صَاعِدٌ

أبَداً إلَيهِ عِندَ كُلِّ أوَانِ

وَكَذَا دُعَا المَظلُومِ أيضاً صَاعِدٌ

حَقًّا إلَيهِ قَاطِعَ الأكوَانِ

هَذَا وَسَادِسُهَا وَسَابِعُهَا النُّزُو

لُ كَذَِلِكَ التَّنزِيلُ لِلقُرآنِ

وَالله أخبَرَنَا بِأنَّ كِتَابَهُ

تَنزِيلُهُ بِالحَقِّ وَألبُرهَانِ

أيَكُونُ تَنزِيلاً وَلَيسَ كَلاَم مَن

فَوقَ العِبَادِ أذَاكَ ذُو إمكَانِ

أيَكُونُ تَنزِيلاً مِنَ الرَّحمَنِ وَالرَّ

حمضنش لَيسَ مُبَاينَ الأكوَانِ

وَكَذَا نُزُولِ الرَّبِّ جَلَّ جَلاَلُهُ

فِي النِّصفِ مِن لَيل وذَاكَ الثَّانِي

فَيَقُولُ لَستُ بِسَائِلٍ غَيرِي بِأح

وَالِ العِبَادِ أنَا العَظِيمُ الشَّانِ

من ذَاكَ يَسألُنِي فَيُعطِي سُؤلَهُ

مَن ذَا يَتُوبُ إليَّ مِن عِصيَانِ

مَن ذَا يُرِيدُ شِفَاءَهُ مِن سُقمِهِ

فَأَنَا القَرِيبُ مُجِيبُ مَن نَادَانِي

ذَا شَأنُهُ سُبحَانَهُ وَبِحَمدِهِ

حَتَّى يَكُونَ الفَجرُ فَجراً ثَانِ

يَا قَومُ لَيس نُزُولُهُ وَعُلُّوهُ

حَقًّا لَدَيكُم بَل هُمَا عَدَمَانِ

وَكَذَاكَ يَقُولُ لَيسَ شَيئاً عِندَكُم

لاَ ذَا وَلاَ قَولاً سِوَاهُ ثَانِ

كُلٌّ مَجَازٌ لاَ حَقِيقَةَ تَحتَهُ

أوِّل وَزِد وَانقُص بِلاَ بُرهَانِ

هَذَا وَثَامِنُهَا بِسُورَةِ غَافِرٍ

هُوَ رِفعَةُ الدَّرَجَاتِ لِلرَّحمَنِ

دَرَجَاتُهُ مَرفُوعَةٌ كَمَعَارِجَ

أيضاً لَهُ وَكِلاَهُمَا رَفعَانِ

وَفَعِيل فِيهَا لَيسَ مَعنَى فَاعِلٍ

وَسِيَاقُهَا يَأبَاهُ  ذُو التِّبيَانُ

لَكِنَّهَا مَرفُوعَةٌ دَرَجَاتُهُ

لِكَمَالِ رِفعَتِهِ عَلَى الأكوَانِ

هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فَلا تَحِد

عَنهُ وَخُذ مَعنَاهُ فِي القُرآنِ

فَنظِيرُهَا المُبدِي لَنَا تَفسِيرَهَا

فِي ذِي المَعَارِجِ لَيس يَفتَرقَانِ

وَالرُّوحُ والأملاَكُ تَصعدُ فِي مَعَا

رِجِهِ إلَيهِ جَلَّ ذُو السُّلطَانِ

ذَا رِفعَةُ الدَّرَجَاتِ حَقًّا مَا هُمَا

إِلاَّ سَواءً أو هُمَا شِبهَانِ

فَخُذِ الكِتَابَ بِبعَضِهِ بَعضاً كَذَا

تَفسِيرُ أهلُ العِلمِ لِلقُرآنِ

هَذَا وَتَاسِعُهَا النُّصوص بأنَّه

فَوقَ السَّمَاءِ وَذَا بِلاَ حُسبَانِ

فَاستَحضِرِ الوَحيَينِ وَانظُر ذَاكَ تَل

قَاهُ مُبَيناً وَاضِحَ التِّبيَانِ

وَلَسَوفَ نَذكُر بَعضَ ذَلِكَ عَن قَرِي

بٍ كَي تَقُومَ شَواهِدُ الإِيمَانِ

وَإِذَا أتَتكَ فَلاَ تَكُن مُستَوحِشاً

مِنهَا وَلا تَكُ عِندَهَا بِجَبَانِ

لَيسَت تَدُلُّ عَلَى انحِصَارِ إِلهِنَا

عَقلاً وَلاَ عُرفاً وَلاَ بِلِسَانِ

إذ أجمَعَ السَّلَفُ الكِرَامُ بأنَّ مَع

نَاهَا كَمَعنَى فَوقِ بالبُرهَانِ

أو أنَّ لَفظَ سَمَائِهِ يُعنَى بِهِ

نَفسُ العُلُوِّ المُطلَقِ الحَقَّانِ

والرَّبُّ فِيهِ ولَيسَ يَحصُرُهُ مِن ال

مَخلُوقِ شَيءٌ عَزَّ ذُو السُّلطَانِ

كُلُّ الجِهَاتِ بأسرِهَا عَدَمِيَّةٌ

فِي حَقِّهِ هُوَ فَوقَهَا ببيَانِ

قَد بَانَ عنهَا كُلِّهَا فَهوَ المُحِي

طُ وَلاَ يُحَاطُ بخَالِقِ الأكوَانِ

مَا ذَاكَ يَنقِمُ بَعدُ ذُو التعطِيلِ مِن

وَصفِ العُلُوِّ لِرَبِّنَا الرَّحمنِ

أيَرُدُّ ذُو عقلٍ سَليمٍ قَطُّ ذَا

بَعدَ التَّصَوُّرِ يَا أولِي الأذهَانِ

واللهِ مَا رَدَّ امرُؤ هَذَا بِغَي

رِ الجَهلِ أو بِحَميَّةِ الشَّيطَانِ

هَذَا وَعَاشِرُهَا اختِصَاصُ البَعضِ مِن

أملاَكِهِ بالعِندِ للرَّحمنِ

وَكَذَا اختِصَاصُ كِتَابِ رَحمَتِهِ بِعن

دَ الله فَوقَ العَرشِ ذُو تِبيَانِ

لَو لَم يَكُن سُبحَانَه فَوقَ الوَرَى

كَانُوا جَمِيعاً عِندَ ذِي السُّلطَانِ

وَيَكُونُ عِندَ اللهِ إبليسٌ وَجِب

رِيلٌ هُمَا في العِند مُستوِيَانِ

وَتَمَامُ ذَاكَ القَولِ أنَّ مَحَبَّةَ الرَّ

حمنِ غَيرُ إرَادَة الأكوَانِ

وَكِلاَهُمَا مَحبُوبُهُ وَمُرَادُهُ

وَكِلاهُمَا هُوَ عِندَهُ سِيَّانِ

إن قُلتُم عِنديةُ التَّكوِينِ فالذَّ

اتَانِ عِندَ اللهِ مَخلُوقَانِ

أو قُلتُمُ عِندِيةُ التَّقرِيبِ تَق

رِيبِ الحَبِيبِ وَمَا هُمَا عِدلانِ

فَالحُبُّ عِندَكُم المشِيئَةُ نَفسُهَا

وَكِلاَهُمَا فِي حُكمِهَا مِثلاَنِ

لَكِن مُنَازِعُكُم يَقُولُ بِأنَّهَا

عِندِيَّةٌ حَقُّا بِلاَ رَوغَانِ

جَمَعَت لَهُ حُبَّ الإِلهِ وَقُربَهُ

مِن ذَاتِهِ وَكَرَامَةَ الإِحسَانِ

وَالحُبُّ وَصفٌ وَهوَ غَيرُ مَشِيئَةٍ

وَالعِندُ قُربٌ ظَاهِرُ التِّبيَانِ

هَذَا وَحَادِي عَشرَهُنَّ إشَارَةٌ

نَحوَ العُلُوِّ بإصبعٍ وَبَنَانِ

للَّهِ جَلَّ جَلالُهُ لاَ غَيرِهِ

إذ ذَاكَ إشرَاكٌ مِنَ الإِنسَانِ

وَلَقَد أشَارَ رَسُولُهُ فِي مَجمَعِ ال

حَجِّ العَظِيمِ بِمَوقِفِ الغُفرَانِ

نَحوَ السَّمَاءِ بأصبُعٍ قَد كُرِّمَت

مُستَشهِداً للوَاحِدِ الرَّحمنِ

يا رَبُّ فاشهَد أنَّنِي بَلَّغتُهُم

وَيُشِيرُ نَحوَهُم لِقَصد بَيَانِ

فَغَدَا البَنَانُ مُرَفَّعاً وَمُصَوَّباً

صَلَّى عَلَيكَ الله ذُو الغُفرَانِ

أدَّيتَ ثُمَّ نَصَحتَ إذ بَلَّغتَنَا

حَقَّ البَلاغِ الوَأجِبِ الشُّكرَانِ

هَذَا وَثَانِي عَشرِهَا وَصفُ الظُّهُو

رِ لَهُ كَمَأ قد قالَ ذُو البُرهَانِ

والظَّاهرُ العَالِي الَّذِي مَا فَوقَهُ

شيءٌ كمَا قَد قَالَ ذُو البُرهَانِ

حَقًّا رَسُولُ الله ذَا تَفسِيرُهُ

وَلَقَد رَوَاهُ مُسلَِمٌ بِضَمَانِ

فَاقبَلهُ لاَ تَقبَل سِوَاهُ مِنَ التَّفَا

سِيرِ التِي قِيلَت بِلاَ بُرهَانِ

والشَّيءُ حِينَ يَتِمُّ مِنه عُلُوُّهُ

فَظُهورُهُ فِي غَايَةِ التِّبيَانِ

أوَ مَا تَرَى هَذِي السَّمَا وَعُلُوَّهَأ

وَظُهُورَهَا وَكَذَلِكَ القَمَرَانِ

وَالعَكسُ أيضا ثابِتٌ فَسُفُولهُُ

وَخَفَاؤهُ إذ ذَاكَ مُصطَحِبَانِ

فَانظُر خَفَاءَ المركَزِ الأدنَى وَوَص

فَ السُّفلِ فِيهِ وَكَونَهُ تَحتَانِي

وَظُهُورُهُ سُبحَانَهُ بالذات مِث

لُ عُلُوِّهِ فَهُمَا لَهُ صِفَتَانِ

لاَ تَجحَدَنَّهُمَا جُحودَ الجَهمِ أو

صَافَ الكَمَالِ تَكُونُ ذَا بُهتَانِ

وَظُهُورُهُ هُوَ مُقتَض لِعُلُوِّهِ

وَعُلُوُّهُ لِظُهورِهِ بِبَيَانِ

وَكذَاكَ قَد دَخَلَت هُنَاكَ الفاءُ للت

سبِيبِ مُؤذِنَةً بِهَذَا الشَّانِ

فَتَأمَلَن تَفسِيرَ أعلَمِ خَلقِهِ

بِصِفَاتِهِ مَن جَاء بالقُرآنِ

إذ قَالَ أنتَ كَذا فَليسَ لِضدِّنهِ

أبَداً إلَيكَ تَطَرُّقَ الإتيَانِ

هَذَا وَثَالِثُ عَشرِهَا إخبَارُهُ

أنَّا نَرَاهُ بِجَنَّةِ الحَيَوَانِ

فَسَلِ المُعَطِّلَ هَل يُرى مِن تَحتَنَا

أم عَن شَمَائِلِنَا وَعَن أيمَانِ

أم خَلفَنَا وأمَامَنَا سُبحَانَهُ

أم هَل يُرَى مِن فَوقِنَا بِبَيَانِ

يَا قَومُ مَا فِي الأمرِ شَيءٌ غَيرَ ذَا

أنو أنَّ رُؤيَتَهُ بِلاَ إمكَانِ

إذ رُؤيَةٌ لاَ فِي مُقَابَلَةٍ مِنَ الرَّ

ائِى مُحَالٌ لَيسَ فِي الإمكَانِ

وَمَنِ ادَّعَى شَيئاً سِوَى ذَا كَانَ دَع

وَاهُ مُكَابَرَةً عَلَى الأذهَانِ

وَلِذَاكَ قَالَ مُحَقِّقٌ مِنكُم لأه

لِ الإِعتِزَالِ مَقَالَةً بأمَانِ

مَا بَينَنَا خُلفٌ وَبَينَكُمُ لِذِي التَّ

حقِيقِ فِي مَعنَى فَيَا إخَوَانِي

شُدُّوا بأجمَعِنَا لَنَحمِل حَملَةً

تَذَرُ المجَسِّمَ فِي أذَلِّ هَوَانِ

إذ قَالَ إنَّ إلهَنَا حَقًّا يُرَى

يَومَ المَعَادِ كَمَا يُرَى القَمرَانِ

وَتَصِيرُ أبصَارُ  العِبَادِ نَوَاظِراً

حَقًّا إلَيهِ رُؤيَةً بِعِيَانِ

لاَ رَيبَ أنَّهُمُ إذَا قَالُوا بِذَا

لَزِمَ العُلُوُّ لَفَاطِرِ الأكوَانِ

وَيَكُونُ فَوقَ العَرشِ جَلَّ جَلاَلُهُ

فَلِذَاكَ نَحنُ وَحِزبُهُم خَصمَانِ

لَكِنَّنَا سِلمٌ وأنتُمُ إذ تَسَا

عَدنَا عَلَى نَفيِ العُلَوِّ لِرَبِّنَا الرَّحمنِ

فَعُلُوُّهُ عَينُ المَحَالِ وَلَيسَ فَو

قَ العَرشِ مِن رَبٍّ وَلاَ دَيَّانِ

لاَ تَنصُبُوا مَعَنَا الخِلاَفَ فَمَا لَهُ

طَعمٌ فَنَحنُ وأنتُمُ سِلمَانِ

هَذا الَّذِي والله مُودَعُ كُتبِهِم

فانظُر تَرَى يَا مَن لَهُ عَينَانِ

هَذَا وَرَابِعُ عَشرِهَا إقرَارُ سَا

ئِلِهِ بِلَفظِ الأينَ للرَّحمنِ

وَلقَد رَوَاهُ أبُو رَزِينٍ بَعدَمَا

سَألَ الرَّسُولَ بِلَفظِهِ بوِزَانِ

وَرَوَاهُ تَبلِيغاً لَهُ ومُقرِّراً

لَمَّا أقَرَّ بِهِ بِلاَ نُكرَانِ

هَذَا وَمَا كَانَ الجَوَابُ جَوَابَ مَن

لَكِن جَوَابُ اللَّفظِ بِالمِيزَانِ

كَلاَّ وَلَيسَ لِمَن دُخُولٌ قَطُّ فِي

هَذَا السِّيَاقِ لِمَن لَهُ أذُنَانِ

دَع ذَا فَقَد قَالَ الرَّسُولُ بِنَفسِهِ

أينَ الإِلَهُ لِعَالِمٍ بِلِسَانِ

والله مَأ قَصَدَ المُخَاطِبُ غَيرَهُ مَع

نَاهَا الذِي وُضِعَت لَهُ الحقَّانِ

واللهِ مَا فَهِمَ المخَاطَبُ غَيرَهُ

واللَّفظُ موضُوعٌ لِقَصدِ بَيَانِ

يَا قَومُ لَفظُ الأينَ مَمتَنِعٌ عَلَى الرَّ

حمنِ عِندَكُمُ وذُو بُطلاَنِ

وَيَكَادُ قَائِلُكُم يُكَفِّرُنَا بِهِ

بَل قَد وَهَذَا غَايَةُ العُدوَانِ

لَفظٌ صَرِيحٌ جَاءَ عَن خَيرِ الوَرَى

قَولاً وإقرَاراً هُمَا نَوعَانِ

وَاللهِ مَا كَانَ الرَّسُولنُ بِعَاجِزٍ

عَن لَفظِ مَن مَع أنَّهَا حَرفَانِ

وَالأينُ أحرُفُهَا ثَلاثٌ وَهيَ ذُو

لَبسٍ ومَن فِي غَايَةِ التِّبيَانِ

وَاللهِ مَا الملَكَانِ أفصَحُ مِنهُ إذ

فِي القَبرِ مَن رَبُّ السَّمَا يَسَلاَنِ

وَيَقُولُ أينَ الله يَعنِي مَن فَلاَ

والله مَا اللَّفظَانِ مُتَّجِدَانِ

كَلاّ وَلاَ مَعنَاهُمَا أيضا لِذِي

لُغَةٍ وَلاَ شَرعٍ وَلاَ إنسَانِ

هَذَا وَخَامِسُ عَشرِهَا الإِجمَاعُ مِن

رُسُل الإِلهِ الواحِدِ المنَّانِ

فَالمُرسَلُونَ جَمِيعُهُم مَع كُتبِهِم

قَد حَلَّ فِيهَا وَهيَ كَالأبدَانِ

وَحَكَى لَنَا إجمَاعَهُم شَيخُ الوَرَى

والدِّينِ عَبدُ القَادِرِ الجِيلاَنِي

وأبو الوَليدِ المالِكِي أيضاً حَكَى

إجمَاعَهُم أعنِي ابنَ رُشدِ الثَّانِي

وَكَذَا أبُو العباسِ أيضاً قَد حَكَى

إجمَاعَهُم عَلَمُ الهُدَى الحَرَّانِي

ولَهُ اطِّلاَعٌ لَم يَكُن مِن قَبلِهِ

لِسِوَاهُ مِن مُتَكَلِّمٍ بِلِسَانِ

هَذَا وَنَقطَعُ نَحنُ أيضاً أنَّهُ

إجمَاعُهُم قَطعاً عَلَى البُرهَانِ

وَكَذَاكَ نَقطعُ أنَّهُم جَاؤوا بإث

بَاتِ الصِّفَاتِ لِخَالِقِ الأكوَانِ

وَكَذَاكَ نَقطَعُ أنهُم جَاؤوا بإث

بَأتِ الكَلاَمِ لرَبِّنَا الرحمنِ

وَكَذَاكَ نَقطَعُ أنَّهُم جَاؤوا بإث

بَاتِ المَعَادِ لهَذِهِ الأبدَانِ

وَكَذَاكَ نَقطَعُ أنَّهُم جَاؤوا بِتَو

حِيدِ الإلهِ وَمَا لَهُ مِن ثَانِ

وَكَذَاكَ نَقطَعُ أنَّهُم جاؤوا بإث

بَاتِ القَضَاءِ وَمَا لَهُم قَولاَنِ

فَالرُّسلُ مُتَّفِقُونَ قَطعاً فِي أصُو

لِ الدِّينِ دُونَ شَرَائِعِ الإِيمَانِ

كُلٌّ لَهُ شَرعٌ وَمِنهَاجٌ وَذَا

في الأمرِ لاَ التَّوحِيدِ فافهَم ذَانِ

فالدِّينُ فِي التَّوحِيدِ دِينٌ وَاحِدٌ

لَم يَختَلِف مِنهُم عَلَيهِ اثنَانِ

دِينُ الإلهِ اختَارَهُ لِعبادِهِ

وَلِنفسه هُوَ قَيِّمُ الاديَانِ

فَمِنَ المُحَالِ بأن يَكُونَ لِرُسلِهِ

فِي وَصفِهِ خَبرَانِ مُختَلِفَانِ

وَكَذاكَ نَقطَعُ أنَّهُم جَاؤُوا بِعَد

لِ الله بَينِ طَوَائِفِ الإنسَانِ

وَكَذَاكَ نَقطَعُ أنهُم أيضاً دَعَوا

للخَمسِ وهيَ قَواعِدُ الإِيمَانِ

إيمَانُنَا بالله ثُمَّ برُسلِهِ

وَبِكُتبِهِ وَقِيَامَةش الأبدَانِ

وَبِجُندِهِ وَهُم الملاَئِكَةُ الأولَى

هُم رُسلُهُ لمصَالِحِ الأكوَانِ

هَذِي أصُولُ الدِّين حَقًّا لاَ أصُو

لُ الخَمسِ للقَاضِي هوَ الهَمَذَانِي

تِلكَ الأصولُ للإعتِزَالِ وَكَم لَهَا

فَرعٌ فَمِنهُ الخَلقُ لِلقُرآنِ

وَجُحُودُ أوصَافِ الإِلهِ وَنَفيُهُم

لِعُلُوِّهِ وَالفَوقِ للرَّحمنِ

وَكذَاكَ نَفيُهُمُ لرؤيَتِنَا لَهُ

يَومَ اللّقَاءِ كَمَا يُرَى القَمَرَانِ

وَنَفَوا قَضَاءَ الرَّبِّ والقَدَرَ الَّذِي

سَبَقَ الكِتَابُ بِهِ هُمَا حَتمَانِ

مِن أجلِ هَاتِيكَ الأصُولِ وخَلَّدُوا

أهلَ الكَبَائِرِ فِي لَظَى النِّيرَانِ

وَلأجلِهَا نَفَوا الشَّفَاعَةَ فِيهُمُ

وَرَمَوا رُوَاةَ حَدِيثهَا بِطِعَانِ

وَلأجلِهَا قَالُوا بأنَّ اللهَ لَم

يقدِر عَلى إصلاَحِ ذِي العِصيانِ

ولأجلِهَا قَالُوا بأنَّ اللهَ لَم

يَقدِر عَلَى إيمَانِ ذِي الكُفرانِ

ولأجلِهَا حَكَمُوا عَلَى الرَّحمن بالشَّ

رعِ المحَالِ شريعَةِ البُهتَانِ

ولأجلِها هُم يُوجِبُونَ رِعَايةً

للأصلَحِ الموجُودِ فِي الإِمكَانِ

حَقًّا عَلَى رَبِّ الوَرَى بِعُقُولِهم

سُبحَانَك اللَّهم ذَا السُّبحَانِ

هَذَا وَسَادِسُ عَشرِهَا إجمَاعُ أه

لِ العِلمِ أعنِي حُجَّةَ الأزمَانِ

مِن كُلِّ صَاحِبِ سُنَّةٍ شَهَدَت لَهُ

أهلُ الحَدِيثِ وَعَسكَرُ القُرآنِ

لاَ عِبرَةً بِمُخَالِفٍ لَهُم وَلَو

كَانُوا عَدِيدَ الشَّاءِ والبُعرَانِ

أنَّ الذِي فَوقَ السَّمَواتِ العُلَى

والعَرشِ وَهوَ مُبَاينُ الأكوَانِ

هُوَ رَبُّنَا سُبحَانَهُ وَبِحَمدِهِ

حَقًّا عَلَى العَرشِ استَوَى الرَّحمنِ

فاسمَع إذاً أقوَالَهُم وَأشهَد عَلَي

هِم بَعدَهَا بِالكُفرِ والإِيمَانِ

واقرأ تَفَاسِيرَ الأئمَّةِ ذَاكِرِي ال

إسنَادِ فَهيَ هِدَايةُ الحَيرَانِ

وانظُر إِلَى قَولِ ابنِ عَبَّاسٍ بِتَف

سِيرِ استَوَى إن كُنتَ ذَا عِرفَانِ

وَانظُر إِلَى أصحَابِهِ مِن بَعدِهِ

كمُجَاهِدٍ ومُقَاتِلٍ حَبرَانِ

وانظُر إِلَى الكَلبِي أيضاً والذِي

قَد قَالَهُ مِن غَيرِ مَا نُكرَانِ

وَكَذَا رُفَيعُ التَّابِعِيُّ أجَلُّهُم

ذَاكَ الرِّياحِيُّ العَظِيمُ الشَّأنِ

كَم صَاحِبٍ ألقَى إِلَيهِ عِلمَهُ

فَلِذَاكَ مَا اختَلَفَا عَلَيهِ اثنَانِ

فَلَيهنَ مَن قَد سَبَّهُ إذ لَم يُوَا

فِق قَولَهُ تَحرِيفَ ذِي البُهتَان

فَلَهُم عِبَارَاتٌ عَلَيهَا أربَعٌ

قَد حُصِّلَت للفَارِسِ الطَّعَّانِ

وَهيَ استَقَرَّ وَقَد عَلاَ وَكَذَلِكَ ار

تَفَعَ الَّذِي مَا فِيهِ مِن نُكرَانِ

وَكَذَاكَ قَد صَعِدَ الَّذِي هُوَ رَابعٌ

وَأبُو عُبَيدَةَ صَاحِبُ الشَّيبَانِي

يَختَارُ هَذَا القَولَ فِي تَفسِيرِهِ

أدرَى مِنَ الجَهمِيِّ بالقُرآنِ

والأشعَريُّ يقُولُ تَفسِيرُ استَوَى

بحَقِيقَةِ استَولَى مِنَ البُهتَانِ

هُوَ قَولُ أهلِ الاعتِزَالِ وَقَولُ أت

بَاعٍ لجَهمٍ وَهوَ ذُو بُطلانِ

فِي كُتبِهِ قَد قَالَه مِن مُوجَزٍ

وإبَانَةٍ وَمَقَالَةٍ بِبَيَانِ

وَكَذَلِكَ البَغَوِيُّ أيضاً قَد حَكَا

هُ عَنهُمُ بِمَعَالِمِ القُرآنِ

وانظُر كَلاَمَ إمامِنَا هُوَ مَالِكٌ

قَد صَحَّ عَنهُ قَولُ ذِي إتقَانِ

فِي الاستِواءِ بأنَّهُ المعلُومُ لَ

كن كَيفُهُ خافٍ عَلَى الأذهَانِ

وَرَوى ابنُ نَافِعٍ الصَّدُوقُ سَمَاعُهُ

مِنهُ عَلَى التَّحقِيقِ والإتقَانِ

اللهُ حَقًّا فِي السَّمَاءِ وَعِلمُهُ

سُبحَانَهُ حَقًّا بِكُلِّ مَكَانِ

فانظُر إِلَى التفرِيقِ بَينَ الذَّاتِ وال

معلُومِ مِن ذَا العَالِمِ الربَّانِي

فالذَّاتُ خُصَّت بالسَّمَاءِ وإنَّمَا ال

مَعلُومُ عَمَّ ذِي الأكوَانِ

ذَا ثَابتٌ عَن مَالِكٍ مَن رَدَّهُ

فَلَسَوفَ يَلقَى مَالِكاً بِهَوَانِ

وَكَذاكَ قَالَ التِّرمِذِيُّ بِجَامِعٍ

عَن بَعضِ أهلِ العِلمِ والإِيمَانِ

الله فَوقَ العرشِ لَكِن عِلمُهُ

مَع خَلقِهِ تَفسِيرَ ذِي إِيمَانِ

وَكَذَاكَ أوزَاعِيُّهُم أيضاً حَكَآ

عَن سَائِرِ العُلَمَاءِ فِي البُلدَانِ

مِن قَرنِه والتَّابِعِينَ جَمِيعِهِم

مُتَوافِرِينَ وَهُم أولُو العِرفَانِ

إيمانُهُم بعُلُوِّهِ سُبحَانَهُ

فَوقَ العِبَادِ وَفَوقَ ذِي الأكوَانِ

وَكَذَاكَ قَالَ الشَّافِعِي حكَاه عَن

هُ البيهَقِيُّ وشيخُهُ الرَّبَّانِي

حَقًّا قَضَى الله الخِلاَفَةَ رَبُّنَا

فَوقَ السَّمَاءِ لأصدَقِ العُبدَانِ

حِبُّ الرَّسُولِ وقَائِمٌ مِن بَعدِهِ

بالحَقِّ لاَ فَشِلٌ وَلاَ مُتَوَانِ

فانظُر إِلى المقضِيِّ فِي ذِي الأرضِ لَ

كِن فِي السَّمَاءِ قَضَاءُ ذِي السُّلطَانِ

وَقَضَاؤهُ وَصفٌ لَهُ لَم يَنفَصِل

عَنه وَهَذا وَاضِحُ البُرهَانِ

وَكَذَلِكَ النُّعمَانُ قَالَ وَبَعدَهُ

يَعُقُوبُ والألفَاظُ للنُّعمَانِ

مَن لَم يُقِرَّ بِعَرشِهِ سُبحَانَهُ

فَوقَ السَّمَاءِ وَفَوقَ كُلِّ مَكَانِ

وَيُقرّ أنَّ اللهَ فوقَ العرشِ لاَ

يَخفَى عَلَيهِ هَواجسُ الاِذهَانِ

فَهوَ الَّذِي لاَ شَكَّ فِي تَكفِيرِه

لله دَرُّكَ مِن إمَامِ زَمَانِ

هَذَا الذي فِي الفِقهِ الأكبَرِ عِندَهُم

وَلَهُ شُرُوحٌ عِدَّةٌ لِبَيَانِ

وانظُر مَقَالاَتِ أحمَدٍ وَنُصُوصَهُ

فِي ذَاكَ تَلقَاهَا بِلاَ حُسبَانِ

فَجَمِيعُهَا قَد صَرَّحَت بعُلُوِّهِ

وَبِالاستِوَا والفَوقِ للرَّحمنِ

ولَهُ نُصُوصٌ وَارِدَاتٌ لَم تَقَع

لِسِوَاهُ مِن فُرسَانِ هَذَا الشَّانِ

إذ كَانَ مُمتَحَناً بِأعدَاءِ الحَدي

ثِ وَشِيعَةِ التَّعطِيلِ والكُفرَانِ

وإذا أردتََ نُصُوصَهُ فانظُر إِلَى

مَا قَد حَكَى الخَلاَّلُ ذُو الإِتقَانِ

وَكَذَاكَ إسحَاقُ الإِمَامُ فَإنَّهُ

قَد قَالَ مَا فِيهِ هُدَى الحيرَانِ

وابنُ المبَاركِ قَالَ قَولاً شَافِياً

إنكَارُهُ عَلَمٌ عَلَى البُهتَانِ

قَالُوا لَهُ مَا ذَاكَ نَعرِفُ رَبَّنَا

حَقًّا بِهِ لنَكُونَ ذَا إيمَانِ

فأجَابَ نَعرفُهُ بوَصفِ عُلُوِّهِ

فَوقَ السَّمَاءِ مُبَايِنَ الأكوَانِ

وَبِأنَّهُ سُبحَانَهُ حَقًّا عَلَى ال

عَرشِ الرَّفِيعِ فَجَلَّ ذُو السُّلطَانِ

وَهُوَ الَّذِي قَد شَجَّعَ ابنَ خُزِيمَةٍ

إذ سَلَّ الحَقَّ وَالعِرفَانِ

وَقَضَى بِقَتلِ المنكِرِينَ عُلُوَّهُ

بَعدَ استِتَابَتِهِم مِن الكُفرَانِ

وَبِأنَّهُم يُلقَونَ بَعدَ القَتلِ فَو

قَ مَزَابِلِ المَيتَاتِ والأنتَانِ

فَشَفَى الإِمَامُ العَالِمُ الحًبرُ الَّذِي

يُدعَى إمَامَ أئِمَّةِ الأزمَانِ

وَلَقَد حَكَاهُ الحَاكِمُ العَدلُ الرِّضَى

فِي كُتبهِ عَنهُ بِلاَ نُكرَانِ

وَحَكَى ابنُ عَبدِ البِرِّ فِي تَمهِيدِهِ

وَكِتَابِ الاستِذكَارِ غَيرَ جَبَانِ

إجمَاعَ أهلِ العِلمِ أنَّ الله فَو

قَ العَرشِ لَم يُنكِرهُ ذُو إيمَانِ

وأتَى هُنَاك بِمَا شَفَى أهلَ الهُدَى

لَكِنَّهُ مَرَضٌ عَلَى العُميَانِ

وَكَذَا عَلِيُّ الأشعَرِيُّ فإنَّهُ

فِي كُتبِهِ قَد جَاءَ بالتِّبيَانِ

مِن مُوجَزٍ وَإبانَةٍ وَمَقَالَةٍ

وَرَسَائِلٍ للثَّغرِ ذَاتِ بَيَانِ

وأتَى بِتَقرِيرِ استَواءِ الرَّبِّ فَو

قَ العرشِ بالإيضَاحِ والبُرهَانِ

وأتَى بِتقرِيرِ العُلوِّ بأحسَنِ التَّ

قرِيرِ فانظُر كُتبَهُ بِعِيَانِ

واللهِ مَا قَالَ المجَسِّمُ مِثلَ مَا

قَد قَالَهُ ذَا العَالِمُ الرَّبَّاني

فارمُوهُ ويحكُمُ بِمَا تَرمُوا بِهِ

هَذَا المُجَسِّمَ يَا أولِي العُدوَانِ

أو لاَ فَقُولُوا أنَّ ثَمَّ حَزَازَةً

وَتَنَفُّسَ الصُّعَدَاءِ مِن حَرَّانِ

فَسَلُوا الإِلهَ شِفَاءَ ذَا الدَّاءِ العُضَا

لِ مُجَانِبِ الإسلاَمِ والإِيمَانِ

وانظُر إِلَى حَربٍ وإجمَاعٍ حَكَى

لله دَرُّكَ مِن فَتًى كَرمَانِ

وانظُر إِلَى قَول ابنِ وَهبٍ أوحدِ ال

عُلَمَاءِ مِثلَ الشَّمسِ فِي الميزَانِ

وَانظُر إِلَى مَا قَالَ عَبدُاللهِ في

تِلكَ الرِّسَالَةِ مُفصِحاً بِبَيَانِ

مِن أنَّهُ سُبحَانَهُ وَبِحَمدِهِ

بالذَّاتِ فَوقَ العَرشِ والأكوَانِ

وَانظُر إِلَى مَا قَالَهُ الكرجِيُّ فِي

شَرحٍ لِتَصنِيفِ امرِىءٍ رَبَّانِي

وَانظُر إِلَى الأصلِ الذِي هُوَ شَرحُهُ

فَهُمَا الهُدَى لِمُلَدَّدٍ حَيرَانِ

وَانظُر إِلَى تَفسِيرِ عَبدٍ مَا الَّذِي

فِيهِ مِنَ الآثارِ فِي ذَا الشَّانِ

وَانظُر إِلَى تَفسِيرِ ذَاكَ الفاضِلِ الثَّ

بتِ الرِّضى المتَضَلِّعِ الرَّبَّانِي

ذَاكَ الإمَامُ ابنُ الإِمَامِ وَشَيخُهُ

وَأبُوهُ سُفيَانٌ فَرَازيَّانِ

وَانظُر إِلَى النِّسَائِي فِي تَفسِيرِهِ

هُوَ عِندَنَا سِفرٌ جَلِيلُ مَعَانِ

واقرَأ كِتَابَ العَرشِ للعَبسِيِّ وَه

وَ مُحَمَّدُ المولُودُ مِن عُثمَانِ

واقرَأ لمُسنَدِ عَمِّهِ وَمُصَنَّفٍ

أترَاهُمَا نَجمَينِ بَل شَمسَانِ

واقرَأ كِتَابَ الاستِقَامَةِ للرِّضَى

ذَاكَ ابنُ أصرَمَ حَافِظٌ رَبَّانِي

واقرَأ كِتَابَ الحَافِظِ الثِّقَة الرِّضَى

فِي السُّنَّةِ العُليَا فَتَى الشَّيبَانِي

ذَاكَ ابنُ أحمَدَ أوحَدُ الحُفَّاظِ قَد

شَهِدَت لَهُ الحُفَّاظُ بالإِتقَانِ

واقرَأ كِتَابَ الأثرمِ العَدلِ الرِّضَى

فِي السُّنَّةِ الأولَى إمَامَ زَمَانِ

وَكَذَا الإِمَامُ ابنُ الإِمَامِ المرتَضَى

حقَّا أبِي دَاوُدَ ذِي العِرفانِ

تَصنِيفُهُ نَظماً وَنَثراً وَاضِحٌ

فِي السُّنَّةِ المُثلَى هُمَا نَجمَانِ

واقرَأ كِتَابَ السُّنة الأولَى الذي

أبدَاهُ مُضطَلِعٌ مِنَ الإِيمَانِ

ذَاكَ النَّبِيلُ ابنُ النَّبِيل كِتَابُهُ

أيضاً نَبِيلٌ وَاضِحُ البُرهَانِ

وانظُر إِلَى قَولِ ابن أسباطَ الرِّضَى

وَانظُر إِلَى قَولِ الرِّضَى سُفيَانِ

وَانظُر إِلَى قَولِ ابنِ زَيد ذَاكَ حَمَّ

دٌ وحَمَّادُ الإِمَامُ الثَّانِي

وَانظُر إِلَى مَا قَالَهُ عَلَمُ الهُدَى

عُثمَانُ ذَاكَ الدَّارِمي الرَّبَّانِي

فِي نَقضِهِ وَالرَّدِّ يَالَهُمَا كِتَا

بَا سُنَّةٍ وَهُمَا لَنَا عَلَمَانِ

هَدَمَت قَوَاعِدَ فِرقَةٍ جَهمِيَّةٍ

خَرَّت سُقُوفُهُمُ عَلَى الحِيطَانِ

وانظُر إِلَى مَا فِي صَحِيحِ مُحَمَّدٍ

ذَاكَ البُخَارِيُّ العَظِيمُ الشَّانِ

مِن رَدِّهِ مَا قَالَهُ الجَهمِيُّ بِالن

قلِ الصَّحِيحِ الواضِحِ البُرهَانِ

وانظُر إِلَى تِلكَ التَّرَاجِمِ مَا الذِي

فِي ضِمنهَا إن كُنتَ ذَا عِرفَانِ

وَانظُر مَا قَالَهُ الطَّبَرِيُّ فِي الشَّ

رحِ الذِي هُوَ عِندَكُم سِفرَانِ

أعنِي الفقِيهَ الشَّافِعِيَّ اللاَّلكا

ئِيَّ المسدَّدَ نَأصِرَ الإِيمَانِ

وانظُر إلَى مَا قَالَهُ عَلَمُ الهُدَى التَّ

يمِيُّ فِي إيضَاحِهِ وَبَيَانِ

ذَاكَ الذِي هُوَ صَاحِبُ الترغيب والتَّر

هِيبِ ممدُوحٌ بِكلِّ لِسَانِ

وانظر إلَى مَا قَالهُ فِي السُّنَةِ ال

كُبرَى سُلَيمَانٌ هَوَ الطَّبرانِي

وانظُر إلى مَا قَالَهُ شَيخُ الهُدَى

يُدعَى بِطَلمَنكِيهُمُ ذُو شَانِ

وانظُر إلَى قَولِ الطَّحَاوِيِّ الرِّضَى

وَأجرهُ مِن تحرِيف ذِي بُهتَانِ

وَكَذَلِكَ القَاضِي أبُوبَكرٍ هو اب

نُ البَاقِلاَنِي قَائِدُ الفُرسَانِ

قَد قَالَ فِي تَمهِيدِهِ وَرَسَائِلٍ

وَالشَّرحِ مَا فِيهِ جَلِيُّ بَيَانِ

فِي بَعضِهَا حَقًّا عَلَى العَرشِ استَوَى

لَكِنَّهُ استَولَى عَلَى الأكوانِ

وأتَى بِتَقرِيرِ العُلُوِّ وأبطَلَ ال

لاَّمَ الَّتِي زِيدَت عَلَى القُرآنِ

مِن أوجُهٍ شَتَّى وَذَا فِي كُتبِه

بَادٍ لِمَن كانَت لَهُ عَينَانِ

وَانظُر إلَى قَولِ ابنِ كَلاَّبِ وَمَا

يَقضِي بِهِ لمعَطِّلِ الرَّحمَنِ

أخرِج مِنَ النَّقلِ الصَّحِيحِ وَعَقلِهِ

مَن قَالَ قَولَ الزُّورِ والبُهتَانِ

لَيسَ الإِلَهُ بِدَاخِلٍ فِي خَلقِهِ

أو خَارِجٍ عن جُملةِ الأكوَانِ

وَانظُر إِلَى مَا قَالَهُ الطَّبَرِيُّ فِي التَّ

فسِيرِ والتَّهذِيبِ قَولَ مَعَانِ

وَانظُر إِلَى مَا قَالَهُ فِي سُورَةِ ال

أعرَافِ مَع طَهَ وَمَع سُبحَانِ

وانظُر إِلَى مَا قَالَهُ البَغَوِيُّ فِي

تَفسِيرِهِ والشَّرحِ بِالإحسَانِ

فِي سُورَةِ الأعرَافِ عِندَ الإستِوَى

فِيهَا وَفِي الأولَى مِنَ القُرآنِ

وانظُر إِلَى مَا قَالَهُ ذُو سُنَّةٍ

وَقِراءَةٍ  ذَاكَ الإِمَامُ الدَّانِي

وَكَذَاكَ سُنَّةُ الأصبَهَانِي أبِي الشَّ

يخِ الرِّضَى المستَهلِّ مِن حَيَّانِ

وانظُر إِلَى مَا قَالَهُ ابنُ سُريجٍ ذَاكَ ال

بَحرُ الخِضَمُّ الشَّافِعِيُّ الثَّانِي

وانظٌر إِلَى مَا قَالَهُ عَلَمُ الهُدَى

أعنِي أبَا الخَيرِ الرِّضَى النُّعمَانِ

وَكِتَابُهُ فِي الفِقهِ وَهوَ بَيَانُهُ

يُبدِي مَكَانَتَهُ مِنَ الإِيمَانِ

وانظُر إِلَى السُّنَنِ الَّتِي قد صَنَّ

فَ العُلَمَاءُ بالآثَارِ والقُرآنِ

زَادَت عَلَى المائَتَينِ مِنهَا مُفرَداً

أو فَى مِن الخَمسِينَ فِي الحُسبَانِ

مِنهَا لأحمَدَ عِدَّةٌ مَوجُودَةٌ

فِينَا رَسَائِلُهُ إِلَى الإِخوَانِ

واللاَّءِ فِي ضِمنِ التَّصَانِيفِ التِي

شُهِرَت فَلَم تَحتَج إِلى حُسبَانِ

فَكَثِيرَةٌ جِدًّا فَمَن يَكُ رَاغِباً

فِيهَا يَجِد فِيها  هُدَى الحَيرَانِ

أصحَابُهُا هُم حَافِظُوا الإِسلاَمِ لا

أصحَابُ جَهمٍ حَافِظُو الكُفرَانِ

وهُمُ النُّجُومُ لِكُلِّ عَبدٍ سَائِرٍ

يَبغِي الإِلَهَ وَجَنَّةَ الحَيَوَانِ

وَسِوَاهُمُ وَاللهِ قُطَّاعُ الطَّرِي

قِ أئِمَّةٌ تَدعُو إِلَى النِّيرَانِ

مَا فِي الذِينَ حَكَيتُ عَنهُم آنِفاً

مِن حَنبَلِيٍّ وَاحِدٍ بِضَمَانِ

بَل كُلهُم وَاللهِ شِيعَةُ أحمَدٍ

فَأصُولُهُ وأصُولُهُم سِيَّانِ

وَبِذَاكَ فِي كُتبٍ لَهُم قَد صَرَّحُوا

وَأخُو العِمَايَةِ مَا لَهُ عَينَانِ

أتظُنُّهُم لَفظِيَّةً جَهلِيَّةً

مِثلَ الحَمِيرِ تُقَادُ بالأرسَانِ

حَاشَاهُمُ مِن ذَاكَ بَل واللهِ هُم

أهلُ العُقُولِ وَصِحَّةِ الأذهَانِ

فَانظُر إِلَى تَقرِيرِهِم لِعُلُوِّهِ

بِالنَّقلِ وَالمعقُولِ والبُرهَانِ

عَقلاَنِ عَقلٌ بِالنُّصُوصِ مُؤيِّدٌ

وَمُؤيَّدٌ بِالمنطِقِ اليُونَانِ

وَاللهِ مَا استَوَيَا وَلَن يَتَلاَقَيَا

حَتَّى تَشِيبَ مَفَارِقُ الغِربَانِ

أفَتَقذِفُونَ أولاَءِ بَل أضعَافَهُم

مِن سَادَةِ العُلَمَاءِ كُلَّ زَمَانِ

بِالجَهلِ والتَّشِبيهِ وَالتَّجسِيمِ والتَّ

بدِيعِ وَالتَّضلِيلِ وَالبُهتَانِ

يَا قَومَنَا اللهِ فِي إسلاَمِكُم

لاَ تُفسِدُوهُ بِنَخوَةِ الشَّيطَانِ

يا قَومَنَا اعتَبَرُوا بِمَصرَعِ مَن خَلاَ

مِن قَبلِكُم فِي هَذِهِ الأزمَانِ

لَم يُغنِ عَنهُم كِذبُهُم ومِحَالُهُم

وَقِتَالُهُم بِالزُّورِ وَالبُهتَانِ

كلاَّ وَلاَ التَّدلِيسُ وَالتَّلبِيس عِن

دَ النَّاسِ وَالحُكَّامِ وَالسُّلطَانِ

وَبَدَا لَهُم عِندَ انكِشَافِ غِطَائِهِم

مَا لَم يَكُن لِلقَومِ في حُسبَانِ

وبَدَا لَهُم عِندَ انكِشَافِ حَقَائِقِ ال

إيمَانِ أنَّهُمُ عَلَى البُطلاَنِ

مَا عِندَهُم واللهِ غَيرُ شِكَايَةٍ

فَأتُوا بِعِلمٍ وانطِقُوا بِبَيَانِ

مَا يَشتَكِي إِلاَّ الذِي هُوَ عَاجِزٌ

فَاشكُوا لِنَعذركُم إِلَى القُرآنِ

ثُمَّ اسمَعُوا مَا ذَا الذِي يَقضِي لَكُم

وَعَليكُمُ فَالحقُّ فِي الفُرقَانِ

لَبَّستُمُ مَعنَى النُّصُوصِ وَقَولنَا

فَغَدَا لَكُم للِحَقِّ فِي الفُرقَانِ

مَن حَرَّفَ النَّصَّ الصَّريحَ فكَيفَ لاَ

يأتِي بِتَحرِيفٍ عَلَى الإِنسَانِ

يَا قَومُ واللهِ العَظِيمِ أسَأتُمُ

بأئِمَّةش الإِسلاَمِ ظَنَّ الشَّانِ

مَا ذَنبُهُم وَنَبِيُّهُم قَد قَالَ مَا

قَالُوا كَذَلِكَ مُنزِلُ الفُرقَانِ

مَا الذَّنبُ إلا للنصوصِ لَدَيكمُ

إذ جَسَّمَت بَل شَبَّهَت صِنفَانِ

مَا ذنبُ مَن قَد قَالَ مَا نَطَقَت بِهِ

مِن غَيرِ تَحرِيفٍ وَلاَ عُدوَانِ

هَذَا كَمَا قَالَ الخَبِيثُ لِصَحبِهِ

كَلبُ الروافِضِ أخبَتثِ الحَيَوَانِ

لَمَّا أفاضُوا فِي حديث الرَّفضِ عِن

دَ القَبرِ لا تَخشَونَ مِن إنسَانِ

يا قَومُ أصلُ بلائِكُم ومُصَابِكُم

مِن صَاحِبِ القَبرِ الذِي تَرَيَانِ

كَم قَدَّم ابنُ أبِي قُحَافَةَ بَل غَدَا

يُثنِي عَلَيهِ ثَناءَ ذِي شُكرَانِ

وَيقُولُ فِي مَرَضِ الوفاءِ يَؤمُّكُم

عَنِّي أبُو بكرٍ بلاَ رَوغَانِ

وَيَظَلُّ يمنَعُ مِن إمَامَةِ غَيرِهِ

حَتَّى يُرَى فِي صَورَةٍ الغضبَانِ

ويقولُ لَو كُنتُ الخليلَ لِوَاحدٍ

فِي النَّاسِ كَانَ هو الخَلِيلَ الدَّانِي

لَكنَّه الأخ والرفيقُ وصَاحِبِي

ولَه عَلَينَا مِنَّةُ الإحسَانِ

وَيقُولُ للصِّدِّيق يَومَ الغَارِ لا

تَحزَن فَنحنُ ثَلاثَةٌ لاَ اثنَانِ

اللهُ ثَالِثُنَا وتِلكَ فَضِيلةٌ

مَا حَازَهَا إلاَّ فَتَى عُثمَانِ

يَا قومُ مَ ذنبُ النَّواصِبِ بَعدض ذَا

لَم يَدهَكُم إلاَّ كَبِيرُ الشَّانِ

فَتَفَرَّقَت تِلكَ الرَّوَافِضُ كلُّهُم

قَد أطبقَت أسنَانَهُ الشَّفتَانِ

وَكَذلِكَ الجَهمِيُّ ذَاكض رَضِيعُهُم

فَهُمَا رَضِيعَا كُفرِهِم بِلبَانِ

ثَوبَانِ قَد نُسِجَا عَلَى المِنوَالِ يَا

عُريَانُ لاَ تَلبَس فَمَا ثَوبَانِ

والله شرٌّ مِنهُمَا فَهُمَا عَلَى

أهلِ الضَّلاَلَةِ والشَّقَا عَلَمَانِ

هَذَا وَسَابِعُ عَشرِهَا إخبَارُه

سُبحَانَهُ فِي حُكَمِ القُرآنِ

عَن عَبدِهِ مُوسَى الكَلِيمِ وَحَربِهِ

فِرعَونَ ذِي التكذِيبِ والطُّغيَانش

تَكذِيبُه مُوسَى الكَلِيمِ بِقَولِهِ

الله رَبِّي فِي السَّمَا نَبَّاني

وَمِنَ المَصَائِبِ قَولُهُم إنَّ اعتِقَا

دَ الفوقِ مِن فِرعَونَ ذِي الكُفرانِ

فَإذَا اعتقَدتُم هَذَا فاشيَاعٌ لَهُ

أنتُم وَذَا مِن أعظَمِ البُهتَانِ

فاسمَع إذَا مَن ذَا الذِي أولَى بِفِر

عَونَ المعطِّلِ جَاحِدِ الرَّحمنِ

وَانظُر إِلَى مَا جَاءَ فِي القَصَصِ التِي

تَحكِي مَقَالَ إمَامِهِم بِبَيَانِ

واللهُ قَد جَعَل الضَّلاَلَةَ قُدوةً

بِأئِمَّةٍ تَدعُو إِلَى النِّيرَانِ

فإمَامُ كًلِّ مُعَطَّلٍ فِي نَفيهِ

فِرعَونُ مَع نَمرُودَ مَع هَامَانِ

طَلَبَ الصُّعُودَ إلَى السَّمَاءِ مُكَذِّباً

مُوسَى وَرَامَ الصَّرحَ بالبُنيَانِ

بَل قَالَ مُوسَى كَاذِبٌ فِي زَعمِهِ

فَوقَ السَّمَاءِ الرَّبُّ ذُو السُّلطَانِ

فَابنُوا لِيَ الصَّرحَ الرَّفِيعَ لَعَلَّنِي

أرقَى إليهِ بِحِيلَةِ الإِنسَانِ

وأظنُّ مُوسَى كَاذِباً فِي قَولِهِ

اللهُ فَوقَ العَرشِ ذُو السُّلطَانِ

وَكذَاك كذَّبَهُ بأنَّ إلهَهُ

نَادَاهُ بالتَّكليمِ دُونَ عِيَانِ

هُوَ أنكَرَ التَّكلِيمَ وَالفَوقِيَّةَ ال

عُليَا كَقولش الجَهمِ ذِي صَفوَانِ

فَمنِ الذِي أولَى بِفِرعَونٍ إذَاً

مِنَّا ومِنكُم بَعدَ ذَا التِّبيَانِ

يَا قَومَنَا وَاللهِ إنَّ لِقَولِنَا

ألفٌ تَدُلُّ عَلَيهِ بَل ألفَانِ

عَقلاً وَنَقلاً مَع صَرِيحِ الفِطرَةِ ال

أولَى وَذَوقِ حَلاَوَةِ الإِيمَانِ

كُلٌّ يَدُلُّ بأنَّهُ سُبحَانَهُ

فَوقَ السَّمَاءِ مُبَاينُ الأكوَانِ

أتُرَونَ أنَّا تَارِكُوا ذَا كُلِّهِ

لِجَعَاجِعِ التَّعطِيلِ والهَذَيَانِ

يَا قَوم مَا أنتُم عَلَى شَيءٍ إِلَى

أن تَرجِعُوا للوحي بالإذعَانِ

وتُحَكِّمُوهُ فِي الجَلِيلِ وَدِقِّهِ

تَحكِيمَ تَسلِيمٍ مَعَ الرضوَانِ

قَد أقسَمَ اللهُ العَظِيمُ بِنَفسِهِ

قَسَماً يُبِينُ حَقِيقَةَ الإِيمَانِ

أن لَيسَ يؤمِنُ مَن يَكُونُ مُحَكِّماً

غَيرَ الرَّسُولِ الوَاضِحِ البُرهَانِ

بَل لَيسَ يؤمِنُ غَيرُ مَن قَد حَكَّمَ ال

وَحيَينِ حَسبُ فَذَاكَ ذُو إيمَانِ

هَذَا وَمَا ذَاكَ المُحَكِّمُ مُؤمِناً

إن كَانَ ذَا حَرَجٍ وَضِيقِ بِطَانِ

هَذَا وَلَيسَ بمؤمنٍ حَتَّى يُسَلِّ

مَ للذِي يَقضِي بِهِ الوَحيَانِ

يَا قَومِ باللهِ العَظِيمِ نَشَدتُكُم

وَبِحُرمَةِ الإِيمَانِ والقُرآنِ

هَل حَدَّثَتكُم قَطّ أنفُسُكُم بِذَا

فَسَلُوا نُفُوسَكمُ عَنِ الإِيمَانِ

لَكِنَّ رَبَّ العَالَمِينَ وجُندَهُ

وَرَسُولَهُ المبعُوثَ بِالقُرآنِ

هُم يَشهَدُونَ بأنكُم أعدَاءُ مَن

ذَا شَأنُهُ أبَداً بِكُلِّ زَمَانِ

وَلأيِّ شَيءٍ كَانَ أحمَدُ خصمُكُم

أعنِي ابنَ حَنبَلٍ الرِّضَى الشَّيبَانِي

وَلأَيِّ شَيءٍ كَانَ بَعدُ خُصُومُكُم

أهلَ الحَدِيثِ وَعَسكَرِ القُرآنِ

ولأيِّ شَيءٍ كَانَ أيضاً خَصمُكُم

شَيخ الوجودِ العالمُ الحرَّانِي

أعنِي أبَا العبَّاسِ نَاصِرَ ال

مُختَارِ قَامِعَ سُنَّةِ الشَّيطَانِ

وَاللهِ لَم يَكُ ذَنبُهُ شَيئاً سِوَى

تَجرِيدُهُ للوَحيِ عَن بُهتَانِ

فَتَجَرَّدَ المقصُودُ عَن قَصدٍ لَهُ

فَلِذَاكَ لَم يَنضَف إِلَى إنسَانِ

مَا مِنهُمُ أحدٌ دَعَا لِمَقَالَةٍ

غَيرش الحَدِيثِ ومُقتَضَى الفُرقَانِ

فَالقَومُ لم يدعُوا إِلَى غَيرِ الهُدَى

وَدَعوتُمُ أنتُم لِرأي فَلاَنِ

شَتَّانَ بَينَ الدَّعوَتَينِ فَحَسبُكُم

يَا قَوم مَا بِكُمُ مِنَ الخُذلاَنِ

قَالُوا لنَا لمَّا دَعَونَاهُم إِلَى

هَذَا مَقَالَةُ ذِي هَوى مَلآنِ

ذَهَبَت مَقَادِيرُ الشُّيُوخِ وَحُرمَةُ ال

عُلَمَاءِ بَل عَبَرتهُمُ العَينَانِ

وَتَرَكتُمُ أقوَالَهُم هَدَرَاً وَمَا

أصغَتَ إلَيهَا مِنكُمُ أذُنَانَِ

لَكِن حَفِظنَا نَحنُ حُرمَتَهُم وَلَم

نَعدُ الذِي قَالُوهُ قَدرَ بَنَانِ

يَا قََومِ واللهِ العَظِيمِ كَذَبتُمُ

وَأتَيتُم بِالزُّورِ والبُهتَانِ

وَنَسَبتُمُ العُلَمَاءَ للأمرِ الذِي

هُم مِنهُ أهلُ بَرَاءَةٍ وَأمَانِ

وَاللهِ مَا أوصَوكُمُ أن تَتركُوا

قَولَ الرسُولِ لِقَولِهِم بِلِسَانِ

كَلاَّ وَلاَ فِي كُتبِهِم هَذَا بَلَى

بِالعَكسِ أوصَوكُم بِلاَ كِتمَانِ

إذ قَد أحَاطَ العِلمُ مِنهُم أنَّهُم

لَيسُوا بمعصُومِينَ بالبُرهَانِ

كَلاَّ وَمَا مِنهُم أحَاطَ بِكُلِّ مَا

قَد قَالَهُ المَبعُوثُ بِالقُرآنِ

فَلِذَاكَ أو صَوكُم بأن لاَ تَجعَلُوا

أقوَالَهُم كَالنَّصِّ فِي المِيزَانِ

لَكِن زِنُوهَا بِالنُّصُوصِ فَإن تُوَا

فِقهَأ فَتِلكَ صَحِيحَةُ الأوزَانِ

لَكِنَّكُم قَدَّمتُمُ أقوَالَهُم

أبداً عَلَى النَّصِّ العَظِيمِ الشَّانِ

واللهِ لاَ لِوَصِيَّةِ العُلَمَاءِ نَفَّ

ذتُم وَلاَ لِوَصِيَّةِ الرَّحمَنِ

وَرَكِبتُمُ الجَهلَينِ ثُمَّ تَركتُم النَّ

صَّينِ مَع ظُلمٍ وَمَع عُدوَانِ

قَلنَا لَكُم فَتَعَلَّمُوا قُلتُم أمَا

نَحنُ الأئمَّةُ فَاضِلُو الأزمَانِ

مَن أينَ وَالعُلَمَاءُ أنتُم فاستَحُوا

أينَ النُّجُومُ مِنَ الثَّرى التَّحتَانِي

لَم يُشبِهِ العُلَمَاءَ إلاَّ أنتُمُ

أشبَهتُمُ العُلَمَاءَ فِي الأذقَانِ

وَاللهُ لا َ علمٌ ولاَ دِينٌ وَلاَ

عَقلٌ وَلاَ بِمُرُوءَةِ الإِنسانِ

عَأمَلتُمُ العُلَمَاءَ حِينَ دَعَوكُمُ

لِلحَقِّ بَل بِالبَغيِ وَالعُدوَانِ

إن أنتُمُ إِلاَّ الذُّبَابُ إِذَا رَأى

طُعماً فَيَا لِمَسَاقِطِ الذِّبَّانِ

وَإِذَا رَأى فَزَعاً تَطَايَرَ قَلبُهُ

مِثلَ البُغَاثِ يُسَاقُ بِالعِقبَانِ

وَإِذَا دَعَونَاكُم إِلَى البُرهَانِ كَا

نَ جَوَابُكُم جَهلاً بِلاَ بُرهَانِ

نَحنُ المُقَلِّدَةُ الألَى ألفَوا كَذَا

آباءَهُم فِي سَالِفِ الأزمَانِ

قُلنَا فَكَيفَ تُكَفِّرُونَ وَمَا لَكٌم

عِلمٌ بِتَكفِيرٍ وَلاَ إِيمَانِ

إذ أجمَعَ العُلَمَاءُ أنَّ مُقَلِّداً

للنَّاسِ كَالأعمَى هُمَا أخَوَانِ

وَالعِلمُ مَعرِفَةُ الهُدَى بِدَلِيلِه

مَا ذَاكَ والتَّقلِيدُ مُستَوِيَانِ

حِرنَا بِكُم وَاللهِ لاَ أنتُم معَ ال

عُلَمَاءِ تَنقَادُونَ للبُرهَانِ

كلاَّ وَلاَ مُتَعَلِّمُونَ فَمَن تُرَى

تُدعَونَ نَحسِبُكُم مِنَ الثِّيرَانِ

لَكِنَّهَا وَالله أنفَعُ مِنكُمُ ال

مَعهُودَ مِن بَغيٍ وَمِن عُدوَانِ

نَالَت بِهِم خَيراً وَنَالَت خَيرٌ وأنفَعُ لِلوَرَى

أنتُم أمِ الثِّيرَانُ بِالبُرهَانِ

فَمِنِ الذِي خَيرٌ وأنفَعُ لِلوَرَى

انتُم أمِ الثِّيرَانُ بِالبُرهَانِ

هَذَا وَثَامِنُ عَشرِهَا تَنزِيهُهُ

سُبحَانَهُ عَن مُوجِبِ النُّقصَانِ

وَعَنِ العُيُوبِ وَمُوجِبِ التمثِيلِ وَالتَّ

شبِيهِ جَلَّ اللهُ ذُو السُّلطَانِ

وَلِذَاكَ نَزَّهَ نَفسَهُ سُبحَانَهُ

عَن أن يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ ثَانِ

أو أن يَكُونَ لَهُ ظَهِيرٌ فِي الوَرَى

سُبحَانَهُ عَن إفكِ ذِي بُهتَانِ

أو أن يُوَلِّي خَلقَهُ سُبحَانَهُ

مِن حَاجَةٍ أو ذِلَّةٍ وَهَوَانِ

أو أن يَكُونَ لَديهِ أصلاً شَافِعٌ

إلاَّ بإذنِ الوَاحِدِ المنَّانِ

وَكَذَاكَ نَزَّهَ نَفسَهُ عَن وَالِدٍ

وَكَذَاكَ عَن وَلَدٍ هُمَا نَسَبَانِ

وَكَذَاك نَزَّهَ نَفسَهُ عَن زَوجَةٍ

وَكَذَاكَ عَن كُفءٍ يكُون مُدَانِ

وَلَقَد أتَى التَّنزِيهُ عَمَّا لَم يُقَل

كَي لاَ يَدُورَ بِخَاطِرِ الإنسَانِ

فانظُر إِلَى التَّنزِيهِ عن طَعمٍ وَلَم

يُنسَب إلَيهِ قَطُّ مِن إنسَانِ

وَكَذَلِكَ التَّنزِيهُ عَن مَوتٍ وَعَن

نَومٍ وَعَن سِنَةٍ وَعَن غِشيَانِ

وَكَذَلِكَ التَّنزِيهُ عَن نِسيَانِهِ

وَالرَّبُّ لَم يُنسَب إِلَى نِسيَانِ

وَكَذَلِك التَّنزِيهُ عَن ظُلمٍ وَفِي ال

أفعَالِ عَن عَبَثٍ وَعَن بُطلاَنِ

وَكَذَلكَ التَّنزِيهُ عَن تَعَبٍ وَعَن

عَجزٍ يُنَافِي قُدرَةَ الرَّحمنِ

وَلَقََد حَكَى الرَّحمَنُ قَولاً قَالَه

فِنحَاصُ ذُو البُهتَان وَالكُفرَانِ

إنَّ الإِلهَ هُوَ الفَقِيرُ وَنَحنُ أص

حَابُ الغِنَى ذُو الوُجدِ وَالإِمكَانِ

وَلِذَاكَ أضحَى رَبَّنَا مُستَقرِضاً

أموَالَنَا سُبحَانَ ذِي الإِحسَانِ

وَحَكَى مَقالَةَ قَائِلٍ مِن قَومِهِ

أنَّ العُزَيرَ ابنٌ مِنَ الرَّحمنِ

هَذَا وَمَا القَولاَنِ قَطُّ مَقَالَةٌ

مَنصُورَةٌ فِي مَوضِعٍ وَزَمَانِ

لَكِن مَقَالَةُ كَونِهِ فَوقَ الوَرَى

وَالعَرشِ وَهُوَ مُبَايِنُ الأكوَانِ

قَد طَبَقَت شَرقَ البِلاَدِ وَغَربهَا

وَغَدَت مُقَرَّرَةً لَِذِي الأذهَانِ

فَلأيِّ شَيءٍ لَم يُنَزِّه نَفسَهُ

سُبحَانَهُ فِي مُحكَمِ القُرآنِ

عَن ذِي المَقَالَةِ مَع تَفَاقُمِ أمرِهَا

وَظُهُورِهَا فِي سَائِرِ الأديَانِ

بَل دَائِماً يُبدِي لَنَا إثبَاتَهَا

وَيُعِيدُهُ بِأدِلَّةِ التِّبيَانِ

لاَ سيَّمَا تِلكَ المقَالَةِ عِندَكُم

مَقرُونَةٌ بِعِبَادَةِ الأوثَانِ

أو أنَّهَا كَمَقَالَةٍ لِمُثَلِّثٍ

عَبدِ الصَّلِيبِ المشرِكِ النَّصرَانِي

إذ كَانَ جسماً كُلُّ مَوصُوفٍ بِهَا

لَيسَ الإلَهُ مُنَزِّلَ الفُرقَانِ

فَالعَابِدُونَ لِمَن عَلَى العَرشِ استَوى

بالذَّاتِ لَيسُوا عَأبِدِي الدَّيَّانِ

لَكِنَّهُم عُبَّادُ أوثَانٍ لَدَى

هَذَا المعطَّلِ جَاحِِدِ الرَّحمنِ

وَلِذَاكَ قَد جَعَلَ المُعَطِّلُ كُفرَهُم

هُوَ مُقتَضَى المَعقُولِ وَالبُرهَانِ

هَذَا رَأينَاهُ بِكتبِكُمُ وَلَم

نَكذِب عَلَيكُم فِعلَ ذِي البُهتَانِ

وَلأيِّ شَيءٍ علم يُحذِّر خَلقَهُ

عَنهَا وَهَذَا شَأنُهَا بِبَيَانِ

هَذَا وَلَيسَ فَسَادُهَا بِمُبَيِّنٍ

حَتَّى يُحَالَ لَنَا عَلَى الأذهَانِ

وَلِذَاكَ قَد شَهِدَت أفَاضِلُكمُ لَهَا

بِظُهُورِهَا لِلوَهمِ في الإِنسَانِ

وَخَفَاءُ مَا قَالُوهُ مِن نَفيٍ عَلَى ال

أذهَانِ بَل تَحتَاجُ لِلبُرهَانِ

هَذَا وَتَاسِعُ عَشرِهَا إلزَامُ ذِي التَّ

عطِيلِ أفسَدَ لاَزمٍ بِبَيَانِ

وَفَسَادُ لاَزِمِ قَولِهِ هُوَ مُقتضٍ

لِفَسَادِ ذَاك القَولِ بِالبُرهَانِ

فَسَلِ المعطِّلَ عَن ثَلاَثِ مَسَائِلٍ

تَقضِي عَلَى التعطِيلِ بِالبُطلاَنِ

مَاذَا تقُولُ أكَانَ يَعرِفُ رَبَّهُ

هَذَا الرَّسُولُ حَقِيقَةَ العِرفَانِ

أم لاَ وَهَل كَانَت نَصِيحَتُهُ لَنَا

كُلَّ النَّصِيحَةِ لَيسَ بالخَوَّانِ

أم لاَ وَهَل حَازَ البلاغَةَ كُلَّهَا

فَاللَّفظُ وَالمعنَى لَهُ طَوعَانِ

فَإِذَا انتَهَت هَذِي الثلاثَةُ فِيهِ كَا

مِلَةً مُبَرَّأةً مِنَ النُّقصَانِ

فَلأِيِّ شَيءٍ عَاشَ فِينَا كَاتِماً

لِلنَفي وَالتعطِيلِ فِي الأزمَانِ

بَل مُفصِحاً بِالضِّدِّ مِنهُ حَقِيقَةَ ال

إفصَاحِ مُوضَّحَةً بكلِّ بَيَانِ

وَلأيِّ شَيءٍ لَم يُصَرِّح بِالذِي

صَرَّحتُمُ فِي رَبِّنَا الرَّحمَنِ

ألِعَجزِهِ عَن ذَاكَ أم تَصِيرِهِ

فِي النُّصحِ أم لِخَفَاءِ هَذَا الشَّانِ

حَاشَاهُ بَل ذَا وَصفُكُم يَا أمَّةَ التَّ

عطِيلِ لاَ المبعُوثِ بالقُرآنِ

وَلأيِّ شَيءٍ كَانَ يَذكُر ضِدَّ ذَا

فِي كُلِّ مُجتَمَعٍ وكُلِّ زَمَانِ

أتَرَاهُ أصبَحَ عَاجِزاً عَن قَولِهِ اس

تَولَى وَيَنزِلُ أمرُهُ وَفُلاَنِ

وَيَقُولُ أينَ الله يَعنِي مَن بِلَف

ظِ الأينِ هَل هَذَا مِنَ التِّبيَانِ

وَاللهِ مَا قَالَ الأئِمَّةُ كُلَّ مَا

قَد قَالَهُ مِن غَير مَا كِتمَان

وَغَدَت بَصَائِرُهُم كَخُفَّاشٍ أتَى

ضَوءُ النهَأرِ فَكَفَّ عَن طَيَرَانِ

حَتَّى إِذَا مَا اللَّيلُ جَاءَ ظَلاَمُهُ

أبصَرتَهُ يَسعَى بِكُلِّ مَكَانِ

وَكَذَا عُقُولُكُمُ لَو استَشعَرتُمُ

يَا قَومُ كالحَشَرَاتِ والفِيرَانِ

أنِسَت بإيحَاشِ الظَّلاَمِ وَمَا لَهَا

بِمَطَالِعِ الأنوَارِ قَطُّ يَدَانِ

لَو كَانَ حَقًّا مَا يَقُولُ معَطِّلٌ

لِعُلُوِّهِ وَصِفَاتِهِ الرَّحمنِ

لَزِمَتكُمُ شُنَعٌ ثَلاَثٌ فَارتَؤُوا

أو خَلَّةٌ مِنهُنَّ أو ثِنتَانِ

تَقدِيمُهُم فِي العِلمِ أو فِي نُصحِهِم

أو فِي البَيَانِ أذَاكَ ذُو إمكَانِ

إن كَانَ مَا قَد قلتُمُ حقًّا فَقَد

ضَلَّ الوَرَى بالوَحي والقُرآنِ

إذ فِيهِمَا ضِدُّ الذِيي قُلتُمُ وَمَا

ضِدَّانِ فِي المعقُولِ يَجتَمِعَان

بَل كَانَ أولَى أن يُعَطَّلَ مِنهُمَا

ويُحَالَ فِي عِلمٍ وفِي عرفَانِ

إمَّا عَلَى جَهمٍ وَجَعدٍ أو عَلى النَّ

ظَّامِ أو ذِي المذهَبِ اليُونَانِ

وَكَذَاكَ أتبَاعٌ لَهُم فَقعُ الفَلاَ

صُمٌّ وَبكمٌ تَابعو العُميَانِ

وَكَذَاكَ أفراخُ القَرامِطَةِ الألَى

قَد جَاهَرُوا بِعَداوَةِ الرَّحمنِ

كَالحَاكمِيَّةِ والألَى وَالوهُمُ

كَأبِي سَعِيدٍ ثُمَّ آلِ سِنَانِ

وَكَذَا ابنُ سِينَا والنَّصيرُ نصيرُ أه

لِ الشِّركِ وَالتكذِيبِ والكُفرَانِ

وَكَذَاكَ أفراخُ المجُوسِ وشِبهُهُم

وَالصَّابِئينِ وَكُلِّ ذِي بُهتَانِ

إخوَانُ إبلِيسَ اللعِينِ وجُندُهُ

لاَ مَرحَباً بِعَسَاكِرِ الشَّيطَانِ

أفَمَن حَوَالَتُهُ عَلَى التنزِيل وال

وَحي المبينِ ومُحكمِ القُرآنِ

كَمُحَيَّرٍ أضحَت حَوَالَتُهُ عَلَى

أمثَالِهِ أم كَيفَ يَستَوِيَانِ

أم كَيفَ يشعُرُ تَائِهٌ بمُصَابِهِ

وَالقَلبُ قَد جُعِلَت لَهُ قُفلاَنِ

قُفلٌ مِنَ الجَهلِ المُرَكَّبِ فَوقَهُ

قُفلُ التَعصُّبِ كَيفَ يَنفَتِحضانِ

وَمَفََاتحُ الأقفَالِ فِي يَدِ مَن لَه الت

صرِيفُ سُبحَانَ العَظِيمِ الشَّأنِ

فَاسألهُ فَتحَ القُفلِ مجتهداً عَلى ال

أسنَانِ إنَّ الفَتحَ بالأسنَانِ

هَذَا وَخَاتِمُ هذه العِشرينَ وَجهاً

وَهوَ أقرَبُهَا إلَى الأذهَانِ

سَردُ النُّصُوصِ فإنَّهَا قَد نَوَّعَت

طُرقَ الأدِلَّةِ فِي أتَمِّ بَيَانِ

وَالنَّظمُ يَمنَعُنِي مِنَ استِيفَائِهَا

وَسَياقَةُ الألفَاظِ بالميزَانِ

فأشِيرُ بَعضَ إشَارَةٍ لِمَوَاضِعٍ

مِنهَا وَأينَ البَحرُ مِن خِلجَانِ

فاذكُر نُصُوصَ الإِستِوَاءِ فإنَّهَا

فِي سَبعِ آياتٍ مِنَ القُرآنِ

واذكر نُصُوصَ الفوقِ أيضاً فِي ثَلاَ

ثٍ قَد غَدَت مَعلُومَةَ التِّبيَانِ

واذكُر نُصُوصَ عُلُوِّهِ فِي خَمسَةٍ

مَعلُومةٍ بَرِئَت مِنَ النُّقصَانِ

واذكُر نُصُوصاً فِي الكِتَابِ تَضَمَّنت

تَنزِيلَهُ مِن رَبِّنَا الرَّحمنِ

فَتضَمَّنَت أصلَين قَامَ علَيهِمَا ال

إسلاَمُ والإِيمَان كالبُنيَانِ

كَونَ الكِتَابِ كَلاَمَهُ سُبحَانَهُ

وَعُلُوَّهُ مِن فَوقِ كُلِّ مَكَانِ

وَعِدَادُهَا سَبعُونَ حِينَ تُعَدُّ أو

زادَت عَلَى السَّبعِينَ فِي الحُسبَانِ

واذكُر نُصُوصاً ضُمِّنَت رَفعاً وَمِع

رَاجاً وَإصعَاداً إلَى الدَّيَّانِ

هِيَ خَمسَةٌ مَعلُومَةٌ بِالعَدِّ وَال

حُسبَانِ فاطلُبهَا مِنَ القُرآنِ

وَلَقَد أتَى فِي سُورَةِ المُلكِ التِي

تُنجِي لِقَارِئِهَا مِنَ النِّيرَانِ

نَصَّانِ أنَّ الله فَوقَ سَمَائِهِ

عِندَ  المُحرِّفِ مَا هُمَا نَصَّانِ

وَلَقَد أتَى التَّخصِيصُ بالعِندِ الذِي

قُلنَا بِسَبعٍ بَل أتَى بِثَمَانِ

مِنهَا صَرٍيحٌ مَوضِعَانِ بِسُورَةِ ال

أعرَافِ ثُمَّ الانبِياءِ الثَّانِي

فَتَدَبَّرِ النَّصينِ وانظُر مَا الذِي

لِسَواهُ ليسَت تَقتَضِي النَّصَّانِ

وَبِسُورَةِ التحرِيمِ أيضاً ثَالِثٌ

بَادِي الظُّهورِ لِمَن لَهُ أذُنَانِ

ولَدَيهِ فِي مُزَّمِّلٍ قَد بَيَّنَت

نَفسَ المُرَادِ وَقُيِّدَت بِبَيَانِ

لاَ تَنقُضِ البَاقِي فَمَا لمعَطِّلٍ

مِن رَاحَةٍ فِيهَا وَلاَ تِبيَانِ

وَبِسُورَةِ الشُّورَى وَفِي مُزَّمِّلٍ

سِرٌّ عَظيمٌ شَأنُهُ ذُو شَانِ

فِي ذِكرِ تَفطِيرِ السَّمَاءِ فَمَن يُرِد

عِلماً بِهِ فَهُوَ القَرِيبُ الدَّانِي

لَم يَسمَعِ المتَأخِّرُونَ بِنَقلِهِ

جُبناً وَضُعفاً عَنهُ فِي الإِيمَانِ

بَل قَالَهُ المُتقدِّمُونَ فَوارِصُ ال

إسلامِ هُم أمَراءُ هَذَا الشَّانِ

وَمحَمَّدُ بنُ جَرِيرٍ الطَبرِيُّ فِي

تَفسِيرِهِ حُكِيَت بِهِ القَولاَنِ

هَذَا وَحَادِيهَا وَعِشرِينَ الذِي

قَد جَاء فِي الأخبَارِ وَالقُرآن

إتيانُ ربِّ العَرشِ جَلَّ جَلاَلُهُ

وَمَجِيئُهُ لِلفَصلِ بِالمِيزَانِ

فانظُر إلَى التقسِيمِ وَالتَّنوِيع فِي ال

قُرآنِ تُلفِيهِ صَرِيحَ بَيَانِ

إنَّ المَجيءَ لِذَاتِهِ لاَ أمرِهِ

كَلاَّ وَلاَ مَلِكٍ عَظِيمِ الشَّانِ

إذ ذانِك الأمرَانِ قَد ذُكِرا وَبَي

نَهُمَا مَجِيءُ الرَّبِّ ذِي الغُفرَانِ

والله مَا احتملَ المجِيءُ سِوَى مَجِي

ءِ الذَّاتِ بَعدَ تَبَيُّنِ البُرهَانِ

مِن أينَ يأتِي يا أولِي المعقُولِ إن

كُنتُم ذَوِي عَقلٍ مَعَ العِرفَانِ

مِن فوقِنَا أو تَحتِنَا وأمَامِنَا

أو عَن شَمائِلنَا وَعَن أيمَانِ

واللهِ لاَ يَأتِيهُمُ مِن تَحتِهِم

أبَداً تَعَالَى الله ذُو السُّلطَانِ

كَلاَّ وَلاَ مِن خَلفِهِم وَأمَامِهِم

وَعَنِ الشَّمَائِلِ أو عَنِ الأيمَانِ

واللهِ لاَ يَأتِيهُم إلاَّ مِنَ ال

عُلو الذِي فَوقَ كُلِّ مَكَانِ

وَاذكُر حَدِيثاً فِي الصَّحِيحِ تَضَمَّنَت

كَلِمَاتُهُ تَكذِيبَ ذِي البُهتَانِ

لَمَّا قَضَى الله الخَلِيقَةَ ربُّنَا

كَتَبت يَدَاهُ كِتَابَ ذِي الإِحسَانِ

وَكِتَابُهُ هَوَ عِندَهُ وَضعٌ عَلى ال

عَرشِ المجِيدِ الثَّابِتِ الأركَانِ

إنِّي أنَا الرَّحمنُ تَسبِقُ رَحمَتِي

غَضَبِي وَذَاكَ لرأفتِي وَحَنَاني

وَلَقَد أشَارَ نَبِيُّنَا فِي خُطبَةٍ

نَحوَ السَّمَاءِ بِأصبُعِ وَبَنَانِ

مُستَشهِداً رَبَّ السَّمَواتِ العُلَى

لِيَرَى وَيَسمَعَ قَولَهُ الثَّقَلاَنِ

أتُرَاهُ أمسَى للسَّمَا مُستَشهِداً

أم للذِي هُو ذِي الأكوَانِ

وَلَقَد أتَى فِي رُقيَةِ المَرضَى عَنِ ال

هَادِي المُبِينِ أتمُّ مَا تِبيَانِ

نَصٌّ بِأنَّ اللهَ فَوقَ سَمَائِهِ

فَاسمَعهُ إن سَمَحَت لَكَ الأُذُنَانِ

وَلَقَد أتَى خَبَرٌ رَوَاهُ عَمُّه ال

عَبَّاسُ صِنوُ أبيهِ ذُو الإِحسَانِ

أن السَّمَواتِ العُلَى مِن فَوقِهَا ال

كرسِي عَلَيهِ العَرشُ للرَّحمَنِ

والله فَوقَ العَرشِ يُبصِرُ خَلقَهُ

فَانظُرهُ إن سَمَحَت لَكَ العَينَانِ

واذكُر حَدِيثَ حُصَينٍ بنِ المنذر الثِّ

قَةِ الرِّضَى أعنِي أبَا عِمرَانِ

إذ قَالَ رَبِّي فِي السَّمَاءِ لِرَغبَتِي

وَلِرَهبَتِي أدعُوه كُلَّ أوَانِ

فأقَرَّهُ الهَادِي البشيرُ وَلَم يَقُل

أنتَ المُجَسِّمُ قَائِلٌ بِمَكَانِ

حَيَّزتَ بَل جَهَّيتَ بَل شَبَّهتَ بَل

جَسَّمتَ لَستَ بعَارِفِ الرَّحمنِ

هَذي مَقَالَتُهُم لِمَن قَد قَالَ مَا

قَد قَالَهُ حَقًّا أبُو عمرَانِ

فَاللهُ ياخُذُ حَقَّهُ مِنهُم وَمِن

أتبَاعِهِم فَالحَقُّ للرَّحمنِ

وَاذكر شَهَادَتَهُ لِمَن قَد قَال رَب

ي فِي السَّمَا بحَقِيقَةِ الإِيمَانِ

وَشَهَادَةَ العَدلِ المعَطِّلِ للذِي

قَد قَالَ ذَا بِحَقِيقَةِ الكُفرَانِ

وَاحكُم بأيِّهِمَا تَشَاءُ وَإنَّنِي

لأراكَ تَقبَلُ شَاهِدَ البُطلاَنِ

إن كُنتَ مِن أتبَاعِ جَهمٍ صَاحِب التَّ

عطِيلِ وَالبُهتَانِ وَالعُدوَانِ

واذكُر حَدِيثاً لابن إسحَاقَ الرضَى

ذَاكَ الصَّدُوقُ الحَافِظُ الرَّبَّانِي

فِي قِصِّةَ استِسقَائِهِم يَستَشفِعُو

نَ إِلَى الرَّسُولش بربِّهِ المنَّانِ

فاستعظَمَ المُختَارُ ذَاكَ وقَالَ شَأ

نُ الله رَبِّ العَرشِ أعظَمُ شَانِ

اللهُ فَوقَ العَرشِ فَوقَ سَمَائِهِ

سُبحَانَ ذِي المَلَكُوتِ والسُّلطَانِ

وَلِعَرشِهِ مِنه أطِيطٌ مِنلَ مَا

قَد أطَّ رَحلُ الراكِبِ العَجلاَنِ

للَّهِ مَا لَقِي ابن اسحَاق مِنَ ال

جَهمِييِّ إذ يَرميهِ بالعُدوَانِ

وَيظَلُ يَمدَحُهُ إذَا كَانَ الذِي

يَروِي يُوَافِقُ مَذهَبَ الطَّعَّانِ

كم قَد رَأينَا مِنهمُ أمثَالَ ذَا

فَالحُكم للَّهِ العَلِيِّ الشَّانِ

هَذَا هُو التطفِيفُ لا التَّطفِيفُ فِي

ذَرعٍ وَلاَ كَيلٍ وَلاَ مِيزَانِ

واذكر حَدِيثَ نُزُولِهِ نِصفَ الدُّجَى

فِي ثُلثِ لَيلٍ آخرٍ أو ثَانِ

فَنُزُولُ رَبٍّ لَيسَ فَوقَ سَمَائِهِ

فِي العَقلِ مُمتَنِعٌ وَفِي القُرآنِ

واذكُر حَدِيثَ الصَّادِقِ ابنِ رَوَاحَةٍ

فِي شأنِ جَاريةٍ لَدَى الغِشيَانِ

فِيهِ الشَّهَادَةُ أنَّ عرشَ الله فَو

قَ الماءِ خَارِجَ هَذِهِ الأكوَانِ

وَاللهُ فَوقَ العَرشِ جَلَّ جَلاَلُه

سُبحَانَهُ عَن نَفي ذِي البُهتَانِ

ذَكَرَ ابنُ عَبدِ البَرِّ فِي استِيعَابِه

هَذَا وَصَحَّحَهُ بِلاَ نُكرَانِ

وَحَديثُ مِعراَجِ الرَّسُولِ فَثَابِتٌ

وَهُوَ الصَّرِيحُ بِغَايَةِ التِّبيَانِ

وإلَى إلهِ العَرشِ كَانَ عُروجُهُ

لَم يَختَلِف مِن صَحبِهِ رَجَلاَنِ

وَاذكُر بقصَّةِ خَندِقٍ حُكمًا جَرَى

لِقُرَيظَةٍ مِن سَعدٍ الرَّبَّانِي

شَهِدَ الرَّسُولُ بأنَّ حُكمَ إلهَنا

مِن فَوقِ سَبعٍ وِفقُهُ بِوزَانِ

وَاذكُر حَدِيثاً للبَرَاءِ رَوَاهُ أص

حَابُ المَسانِدِ مِنهُمُ الشَّيبَانِي

وأبُو عَوَانَةَ ثُمَّ حَاكِمُنَا الرِّضَى

وَأبُو نُعَيمِ الحَافِظُ الرَّبَّانِي

قَد صَحَّحُوهُ وَفِيهِ نصٌّ ظَاهِرٌ

مَا لَم يُحرِّفهُ أولُو العُدوَانِ

فِي شأنِ رُوحِ العَبدِ عِندَ وَدَاعِهَا

وَفِرَاقِهَا لِمَسَاكِنِ الأبدَانِ

فَتَظَلُّ تَصعَدُ فِي سَمَاءِ فَوقَهَا

أخرَى إلَى خَلاَّقِهَا الرَّحمنِ

حَتَّى تَصِيرَ إِلَى سَمَاءٍ رَبُّهَا

فِيهَا وَهَذَا نَصُّهُ بأمَانِ

واذكُر حَدِيثاً فِي الصَّحِيح وفيه تَح

ذِيرٌ لِذَاتِ البَعلِ من هِجرَانِ

مِن سُخطِ رَبٍّ فِي السَّمَاءِ عَلَى التِي

هَجَرَت بِلاَ ذَنبٍ وَلاَ عُدوَانِ

واذكُر حَدِيثاً قَد رَواهُ جَابِرٌ

فِيهِ الشِّفَاءُ لِطَالِبِ الإِيمَانِ

في شأن أهلِ الجَنَّةِ العُليَا وَمَا

يَلقَونَ مِن فَضلِ وَمِن إحسَانِ

بَينَاهُمُ فِي عَيشِهِم وَنَعِيمِهِم

وَإذَا بِنُورٍ سَاطِعِ الغِشيَانِ

لَكِنهُم رَفَعُوا إليهِ رُؤوسَهُم

فَإذَا هُوَ الرَّحمنُ ذُو الغُفرَانِ

فيُسلِّمُ الجَبَّارُ جَلَّ جَلاَلُهُ

حَقًّا عَلَيهِم وَهوَ ذُو الإِحسَانِ

وَاذكُر حَدِيثاً قَد رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ

طَريقُهُ فيهِ أبُو اليَقظَانِ

فِي فَضلِ يَومِ الجُمعَةِ اليَومِ الذِي

بِالفَضلِ قَد شَهِدَت لَهُ النَّصَّانِ

يَومُ استِوَاءِ الرَّبِّ جَلَّ جَلالُه

حقًّا عَلَى العَرشِ العَظيمِ الشَّانِ

وَاذكُر مَقَالَتَهُ ألَستُ أمِينَ مَن

فَوقَ السَّمَاءِ الوَاحِدِ المَنَّانِ

واذكُر حَدِيثَ أبِي رَزِينٍ ثُمَّ سُق

هُ بِطُولِهِ كَم فِيهِ مِن عِرفَانِ

وَاللهِ مَا لمعطِّلٍ بِسَمَاعِهِ

أبَداً قُوًى إِلاَّ عَلَى النُّكرَانِ

فأصُولُ دِينِ نبينَا فِيه أتَت

فِي غَايَةِ الإِيضاحِ والتبيَانِ

وبطُولِهِ قَد سَاقَهُ ابنُ إمَامِنَا

فِي سُنَّةٍ والحَافِظُ الطَّبَرَانِي

وَكَذَا أبُوبَكرٍ بِتَارِيخٍ لَهُ

وَأبُوه ذَاكَ زَهَيرٌ الرَّبَّانِي

واذكُر كَلامَ مُجَاهِدٍ فِي قَولِهِ

أقِمِ الصَّلاَةِ وَتِلكَ فِي سُبحَانِ

فِي ذِكرِ تَفسِيرِ المَقَامِ لأحمَدٍ

مَا قِيلَ ذَا بِالرَّأي وَالحُسبَانِ

إن كَانَ تَجسِيماً فَإنَّ مُجَاهِداً

هُوَ شَيخُهُم بَل شَيخُهُ الفَوقَانِي

وَلَقَد أتَى ذِكرُ الجُلُوسِ بِهِ وَفِي

أثَرٍ رَوَاهُ جَعفَرُ الرَّبَّانِي

أعنِي ابنَ عَمِّ نَبِيِّنَا وَبِغَيرِهِ

أيضاً أتَى وَالحَقُّ ذُو بَيَانِ

وَالدارَ قُطنِييُّ الإِمَامُ يَثَبِّتُ ال

آثَارَ فِي ذَا البَابِ غَيرَ جَبَانِ

وَلَهُ قَصِيدٌ ضُمِّنَت هَذَا وَفِي

هَا لَستُ لِلمَروِيِّ ذَا نُكرَانِ

وَجَرَت لِذَلِكَ فِتنَةٌ فِي وَقتِهِ

مِن فِرقَةِ التعطِيلِ والعُدوَانِ

والله نَاصِرُ دِينِهِ وَكِتَابِهِ

وَرسُولِهِ فِي سَائِرِ الأزمَانِ

لَكِن بِمِحنَةِ حِزبِهِ مِن حَربِهِ

ذَا حِكمَةٌ مُذ كَانَتِ الفِئَتَانِ

وَقَد اقتَصَرتُ عَلَى يَسيرٍ مِن كثِي

رٍ فَائِتٍ لِلعَدِّ وَالحُسبَانِ

مَا كُلُّ هَذَا قَابِلُ التأويلِ بالت

حرِيفِ فَاستَحيُوا مِنَ الرَّحمَنِ

هَذَا وَأصلُ بَلِيَّةِ الإسلامِ مِن

تَأوِيلِ ذِ التَّحرِيفِ وَالبُطلاَنِ

وَهُوَ الَّذِي قَد فَرَّقَ السَّبعِينَ بَل

زَادَت ثَلاَثاً قَولَ ذِي البُرهَانِ

وَهُو الَّذِي قَتَل الخَليفَةَ جَامَعَ ال

قُرآنِ ذَا النُّورَينِ وَالإِحسَانِ

وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ الخَلِيفَةَ بَعدَهُ

أعنِي عَلِيًّا قَاتِلَ الأقرَانِ

وَهُوَ الذِي قَتَلَ الحُسَينَ وَأهلَهُ

فَغَدَوا عَلَيهِ مُمَزَّقِي اللُّحمَانِ

وَهُوَ الذِي فِي يَومِ حَرَّتِهم أبَا

حَ حِمَى المَدِينَةِ مَعقِلَ الإِيمَانِ

حَتَّى جَرَت تِلكَ الدِّمَاءُ كَأنَّهَا

فِي يَومِ عِيدٍ سُنَّةُ القُربَانِ

وَغَدَا لَهُ الحَجَّاجُ يَسفِكُهَا وَيَق

تُلُ صَاحِبَ الإِيمَانِ وَالقُرآنِ

وَجَرى بمَكَّةَ مَا جَرَى مِن أجلِهِ

مِن عَسكَرِ الحَجَّاجِ ذِي العُدوَانِ

وَهُوَ الَّذِي أنشَا الخَوَارِجَ مِثلَمَا

أنشَا الرَّوَافِضَ أخبَثَ الحَيَوَانِ

ولأجلِهِ شَتَمُوا خِيَارَ الخَلقِ بَع

دَ الرُّسلِ بالعُدوَانِ والبُهتَانِ

ولأجلِهِ سَلَّ البُغَاةُ سُيُوفَهُم

ظَنًّا بِأنَّهُم ذَوُو إحسَانِ

وَلأجلِهِ قَد قَالَ أهلُ الإِعتِزَا

لِ مَقَالَةً هَدَّت قُوَى الإيمَانِ

وَلأجلِهِ قَالُوا بأنَّ كَلاَمَهُ

سُبحَانَهُ خَلقٌ مِنَ الأكوَانِ

وَلأجلِ قَد كَذَّبَت بِقَضَائِهِ

شِبهُ المَجُوسِ العَابِدِي النِّيرانِ

وَلأجلِهِ قَد خَلَّدُوا أهلَ الكَبَا

ئِرِ فِي الجَحِيمِ كَعَابِدِي الأوثَانِ

وَلأجلِهِ قَد أنكَرُوا لِشَفَاعَةِ ال

مُختَارِ فِيهِم غَايَة النُّكرَانِ

وَلأجلِهِ ضُرِبَ الإمَامُ بِسَوطِهِم

صِدِّيقُ أهلِ السُّنَّةِ الشَّيبَانِي

وَلأجلِهِ قَد قَال جَهمٌ لَيسَ رَبُّ

العَرشِ خَارِجَ هَذِهِ الأكوَانِ

كَلاَّ وَلاَ فَوقَ السَّمواتِ العُلَى

والعَرشَ أخلَوهُ مِنَ الرَّحمنِ

مَا فَوقَهَا رَبٌّ يُطَاعُ جِبَاهُنَا

تَهوِي لَهُ بِسُجُودِ ذِي خُضعَانِ

وَلأجلِهِ جُحِدَت صِفَاتُ كَمَالِهِ

وَالعَرشَ أخلَوهُ مِنَ الرَّحمَنِ

وَلأجلِهِ أفنَى الجَحِيمَ وَجَنَّةَ ال

مأوَى مَقَالَةَ كَاذِبٍ فَنَّانِ

وَلأجلِهِ قَالُوا الإلهُ مُعَطَّلٌ

أزَلاً بِغَيرِ نِهَايَةٍ وَزَمَانِ

وَلأجلِهِ قَد قَالَ لَيسَ لِفِعلِهِ

مِن غَايةٍ هِيَ حِكمَةُ الدَّيَّانِ

وَلأجلِهِ قَد كَذَّبُوا بِنُزُولِهِ

نَحوَ السَّماءِ بِنِصفِ لَيلٍ ثَانِ

وَلأجلِهِ زَعَمُوا الكِتَابَ عِبَارَةً

وحِكَايةً عَن ذَلِكَ القُرآنِ

مَا عِندَنَا شَيءٌ سِوَى المخلُوقِ وَال

قُرآنِ لَم يُسمَع مِنَ الرَّحمَنِ

مَاذَا كَلاَمَ الله قَطُّ حَقِيقَةً

لَكِن مَجَازٌ وَيحَ ذَا البُهتَانِ

وَلأجلِهِ قُتِلَ ابنُ نَصرٍ أحمَدٌ

ذَاكَ الخُزَاعِيُّ العَظِيمُ الشَّانِ

إذ قَالَ ذَا القُرآنُ نَفسُ كَلاَمِهِ

مَا ذَاكَ مَخلُوقٌ مِنَ الأكوَانِ

وَهُوَ الذِي جَرَّ ابنَ سِينَا والألَى

قَالُوا مَقَالَتهُ على الكُفرَانِ

فتَأوَّلُوا خَلقَ السَّمَوَاتِ العُلَى

وحُدُوثُها بِحَقِيقَةِ الإِمكَانِ

وَتَأوَّلُوا عِلمَ الإِلَهِ وَقَولَهُ

وَصِفَاتِهِ بِالسَّلبِ والبُطلاَنِ

وتَأوَّلُوا البَعثَ الَّذِي جَاءَت بِهِ

رُسُلُ الإِلَهِ بِهَذِهِ الأبدَانِ

بِفرَاقِها لِعَنَاصِرٍ قَد رُكِّبَت

حَتَّى تَعُود بَسِيطَةَ الأركَانِ

وَهُوَ الذِي جَرَّ القَرَامِطَةَ الألَى

يَتَأوَّلُونَ شَرَائِعَ الإِيمَانِ

فَتَأوَّلُوا العَملِيَّ مِثلَ تأوُّلِ ال

عِلمِ عِندكُمُ بِلاَ فُرقَانِ

وَهُو الذِي جَرَّ النَّصِيرَ وَحِزبَهُ

حَتَّى أتَوا بِعَسَاكِرِ الكُفرَانِ

فَجَرَى عَلَى الإِسلاَمِ أعظَمُ مِحنَةٍ

وَخُمَارُهَا فِينَا إلى ذَا الآنِ

وَجَمِيعُ مَا فِي الكَونِ مِن بدَعَ وَأح

دَاثٍ تُخَالِفُ مُوجِبَ القُرآنِ

فأسَاسُهَا التأوِيلُ ذُو البُطلاَنِ لاَ

تأوِيلُ أهلِ العِلمِ والإِيمَانِ

إذ قَالَ تَفسِيرُ المُرَانِ وَكَشفُهُ

وَبَيَانُ مَعنَاهُ إلى الأذهَانِ

قَد كَانَ أَعلَمُ خَلقِهِ بِكَلاَمِهِ

صَلَّى عَلَيهِ اللهُ كُلَّ أوَانِ

يَتَأولُ القُرآنِ عِندَ رُكُوعِهِ

وَسُجُودِهِ تأوِيلَ ذِي بُرهَانِ

هَذا الذِي قَالَتهُ أمُّ المُؤمني

نَ حِكَايَةً عَنهُ لَهَا بِلِسَانِ

فَانظُر إِلَى التأوِيلِ مَا تَعنِي بِهِ

خَيرُ النِّسَاء وَأفقَهُ النَّسوَانِ

أتَظُّنُّهَا تَعنِي بِهِ صَرفاً عَنِ ال

مَعنَى القَوِيِّ ذِي الرُّجحَانِ

وَانظُر إِلَى التَّأوِيلِ حِينَ يقولُ عَلِّمهُ

لِعَبدِ اللهِ فِي القُرآنِ

مَاذَا أرَادَ بِهِ سِوَى تَفسِيرهِ

وَظُهور معنَاه لهُ بِبَيَانِ

قَولُ ابنِ عَبَّاسٍ هُوَ التَّأوِيلُ لاَ

تأوِيلُ جَهمِيٍّ أخِي بُهتَانِ

وَحَقِيقَةُ التَّأوِيلِ مَعنَاهُ الرُّجُو

عُ إِلَى الحَقِيقَةِ لاَ إِلَى البُطلاَنِ

وَكَذَاكَ تأوِيلُ المَنَامِ حَقِيقَةُ ال

مَرئِي لاَ التَّحرِيفُ بِالبُهتَانِ

وَكَذَاكَ تَأويلُ الذِي قَد أخبَرَت

رُسلُ الإِلَهِ بِهِ مِنَ الإِيمَانِ

نَفسُ الحَقِيقَةِ إذ تُشَاهِدُهَا لَدَى

يَومِ المَعَادِ بِرُؤيَةٍ وَعِيَانِ

لاَ خُلفَ بَينَ أئِمَّةِ التَّفسِير فِي

هَذَا وَذلِكَ وَاضِحُ البُرهَانِ

هَذَا كَلاَمُ اللهِ ثُمَّ رَسُولِهِ

وَأئِمةِ التَّفسِيرِ للقُرآنِ

تَأوِيلُهُ هُوَ عِندَهُم تَفسِيرُه

بِالظَّاهِرِ المَفهُومِ للأذهانِ

مَا قَالَ مِنهُم قَطُّ شَخصٌ وَاحِدٌ

تَأوِيلُهُ صَرفٌ عَنِ الرُّجحَانِ

كَلاَّ وَلاَ نَفيُ الحَقِيقَة لاَ وَلاَ

عَزلُ النُّصُوصِ عَنِ اليقينِ فَذَانِ

تَأوِيلُ أهلِ البَاطِلِ المردُود عِن

دَ أئِمةِ العِرفَانِ وَالإِيمَانِ

وَهُوَ الذِي لا شَكَّ فِي بُطلاَنِهِ

وَالله يَقضِي فِيهِ بالبُطلاَنِ

فَجَعَلتُمُ بِلَّفظِ مَعنًى غَيرَ مَع

نَاهُ لَدَيهِم بِاصطِلاَحٍ ثَانِ

وَحَمَلتُمُ لَفظَ الكِتَابِ عَلَيهِ حَتَّ

ى جَاءَكُم مِن ذَاكَ مَحذُورَانش

كَذِبٌ عَلَى الألفَاظِ مَع كَذِبِ علَى

مَن قَالَهَا كَذِبَانٍ مَقبُوحَانِ

وَتَلاَهُمَا أمرَانِ أقبَحُ مِنهَمَا

جَحدُ الهُدَى وَشَهَادةُ البُهتَانِ

إذ يَشهَدُونَ الزُّورَ أنَّ مُرَادَهُ

غَيرُ الحَقِيقَةِ وَهيَ ذُو بُطلاَنش

وَعَلَيكُمُ فِي ذَا وَظَائِفُ أربَعٌ

وَالله لَيسَ لَكُم بِهِنَّ يَدَانِ

مِنهَا دَلِيلٌ صَارِفٌ لِلَّفظِ عَن

مَوضُوعِهِ الأصلِيِّ بِالبُرهَانِ

إذ مُدَّعِي نَفسِ الحَقِيقَةِ مُدَّعٍ

للأصلِ لَم يَحتَج إِلَى بُرهَانِ

فَإِذَا استقَامَ لَكُم دَلِيلُ الصَّرفِ يَا

هَيهَاتَ طُولِبتُم بِأمرٍ ثَانِ

وَهُوَ احتِمَالُ اللَّفظِ لِلمَعنَى الذِي

قُلتُم هُوَ المقصُودُ بِالتِّبيَانِ

فَغِذَا أتيتُم ذَاكَ طُولِبتُم بِأم

رٍ ثَالِثٍ مِن بَعدِ هَذَا الثَّانِي

إذ قُلتُمُ إنَّ المُرَادَ كَذَا فمَا

ذَا دَلَّكُم أتَخَرُّصُ الكُهَّانِ

هَب أنهُ لَم يَقصُدِ الموضُوعَ لَ

كِن قد يكُونُ القَصدُ مَعنًى ثَانِ

غَيرَ الذِي عَيَّنتُمُوهُ وَقَد يَكُو

نُ اللَّفظُ مَقصُونداً بدُونِ مَعَانِ

كَتَعَبُّدٍ وَتِلاَوَةٍ وَيَكُونُ ذَا

كَ القَصدُ أنفَعَ وَهوَ ذُو إمكَانِ

مِن قَصدِ تَحرِيفٍ لَهَا يُسمَى بِتأ

وِيلٍ مَعَ الأتعَابِ للأذهَانِ

وَاللهِ مَا القَصدَانِ فِي حَدِّ سَوَا

فِي حِكمَةِ المُتَكَلِّمِ المنَّانِ

بَل حِكمَةُ الرَّحمنِ تُبطِلُ قَصدَهُ التَّ

حرِيفَ حَاشَا حِكمَةُ الرَّحمنِ

وَكَذَاكَ تُبطِلُ قصدَهُ إنزَالَهَا

مِن غَير مَعنًى وَاضِحِ التِّبيَانِ

وَهُمَا طَريقَا فِرقَتَين كِلاَهُمَا

عَن مَقصَدِ القرآن مُنحَرِفَانِ

وَأتَى ابنُ سِينا بَعدَ ذَا بِطَرِيقَةٍ

أخرَى وَلَم يأنَف مِنَ الكُفرَانِ

قَالَ المرادُ حَقَائِقُ الألفَاظِ تَخيي

لاً وَتَقرِيباً إِلَى الأذهَانِ

عَجِزَت عَن الإِدراكِ للمَعقُولِ إلاَّ

فِي مِثَالِ الحِسِّ كَالصِّبيَانِ

كَي يُبرِزَ المعقُولَ فِي صُورٍ مِنَ ال

مَحسُوسِ مَقبُولاً لِذِي الأذهَانِ

فَتَسَلُّطُ التَّأوِيلِ إبطَالٌ لِهَذَا ال

قَصدِ وَهُوَ جِنَايَةٌ مِن جَانِ

هذَا الذِي قَد قَالَهُ مَع نَفيهِ

لِحَقَائِقِ الألفَاظِ فِي الأذهَانِ

وَطَرِيقَةُ التَّأوِيلِ أيضاً قَد غَدَت

مُشتَقَّةً مِن هَذِهش الخِلجَانِ

وَكِلاَهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أن الحَفِي

قَةَ مُنتَفٍ مَضمُونُهَا بِبَيَانِ

لَكِن قَدِ اختَلَفَا فَعِندَ فَرِيقِكُم

مَا إن أُرِيدَت قَطُّ بِالتِّبيَانِ

لَكِنَّ عِندَهُمُ أريدَ ثُبُوتُهَا

فِي الذِّهنِ إذ عُدِمَت مِنَ الإِحسَانِ

إذ ذَاكَ مَصلَحَةُ المخَاطِبِ عِندَهُم

وَطريقَةُ البُرهَانِ  أمرٌ ثَانِ

فَكِلاَهُمَا ارتَكَبَا أشَدَّ جِنَايَةٍ

جُنِيَت عَلَى القُرآنِ والإِيمَانِ

جَعَلُوا النُّصُوصَ لأجلِهَا غَرَضاً لَهُم

قَد خَرَّقُوهُ بأسهُمِ الهَذَيَانِ

وَتَسَلَّطَ الأوغَادُ والأوقَاحُ وال

أرذالُ بالتَّحرِيفِ وَالبُهتَانِ

كُلٌ إذَا قَابَلتَهُ بِالنَّصِّ قَا

بَلَهُ بِتَأوِيلٍ بِلاَ بُرهَانِ

وَيقُولُ تَأوِيلِي كَتأوِيلِ الذِي

نَ تَأوَّلُوا فَوقيَّةَ الرَّحمنِ

بَل دونَهُ فَظُهُورُهَا فِي الوَحي بِالنَّ

صَّينِ مِثلُ الشَّمسِ فِي التِّبيَانِ

أيَسُوغُ تَأوِيلُ العُلُوِّ لَكُم وَلاَ

تَتَأوَّلُوا البَاقِي بِلاَ فُرقَانِ

وَكَذَاكَ تَأوِيلُ الصِّفَاتِ مَع أنَّهَا

مِلءُ الحَديثِ وَمِلءُ ذِي القُرآنِ

واللهِ تَأوِيلُ العُلُوِّ أشَدُّ مِن

تَأوِيلِنَا لِقِيَامَةِ الأبدَانِ

وَأشَدُّ مِن تأوِيلِنَا بِحَيَاتِه

وَلِعِلمِهِ وَمَشِيئَةِ الأكوَانِ

وأشدُّ مِن تَأوِيلِنا لِحُدُوثِ هَ

هذَا العَالَم المحسُوسِ بِالإِمكَانِ

وأشَدُّ مِن تَأوِيلِنَا بَعضَ الشَّرَا

ئِعِ عِندَ ذِي الإنصَافِ وَالمِيزَانِ

وأشَدُّ مِن تأوِيلِنَا لِكَلاَمِهِ

بِالفَيضِ مِن فَعَّالِ ذِي الأكوَانِ

وَأشدُّ مِن تأوِيلِ أهلِ الرَّفضِ أخ

بَارَ الفَضَائِلِ حَازَهَا الشَّيخَانِ

وَأشَدُّ مِن تَأوِيلِ كُلِّ مُؤَولٍ

نَصًّا بِأن مُرَادَهُ الوَحيَانِ

إذ صَرَّحَ الوَحيَانِ مَع كُتُبِ الإِلَ

هِ جَميعِهَا بِالفَوقِ للرَّحمَنِ

فَلأيِّ شَيءٍ نَحنُ كُفَّارٌ بِذَا الت

أوِيلِ بَل أنتُم عَلَى الإيمَانِ

إنَّا تَأوَّلنَا وَأنتُم قَد تَأوَّ

لتُم فَهَاتُوا وَاضِحَ الفُرقَانِ

ألَكُم عَلَى تَأوِيلِكُم أجرَانِ حَي

ثُ لَنَا عَلَى تَأويلِنَا وِزرَانِ

هَذِي مَقَالَتُهُم لَكُم فِي كُتبِهِم

مِنهَا نَقَلنَاها بِلاَ عُدوَانِ

رُدُّوا عَلِيهِم إن قَدَرتُم أو فنَحُّ

وا عَن طَريقِ عَسَاكِرِ الإِيمَانِ

لاَ تَحطَمنَّكُم جُنُودهُم كَحَط

م السَّيلِ عما لاَقَى مِنَ الدِّيدَانِ

وَكَذَا نُطَالِبُكُم بِأمرٍ رَابِعٍ

وَاللهِ لَيسَ لَكُم بِذَا إمكَانِ

هُوَ الجَوابُ عَن المُعَارِضِ إذ به الدَّ

عوَى تَتِمُّ سَلِيمَةَ الأركَانِ

لَكِنَّ ذَا عَينُ المَحالِ وَلَو يُسَا

عِدُكم عَلَيهِ رَبُّ كُلِّ لِسَانِ

فَأدِلَّةُ الإِثبَاتِ حَقًّا لاَ يَقُو

مُ لَهَا الجِبَالُ وَسَائِرُ الأكوَانِ

تَنزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ وَوَحيُهُ

مَع فِطرَةِ الرَّحمنِ وَالبُرهَانِ

أنَّى يُعَارضُهَا كِنَاسَةُ هَذِهِ ال

أذهَانِ بالشُّبُهَاتِ وَالهَذَيَانِ

وَجَعَاجِعٌ وَفَرَاقِعٌ مَا تَحتَهَا

إلاَّ السَّرابُ لوَارِدٍ ظَمآنِ

فَلتَهنِكُم هَذي العُلُومُ اللاءِ قد

ذُخِرَت لَكُم عَن تَابِعِ الإِحسَانِ

بَل عَن مَشَايِخِهِم جَمِيعاً ثُمَّ وفق

تم لَهَا مِن بَعدِ طُولِ زَمَانِ

واللهِ مَا ذُخِرَت لَكُم لِفَضِيلَةٍ

لَكُمُ عَلَيهِمِ يَا أولِي النُّقصَانِ

لَكِن عُقُولُ القَومِ كَانَت فَوقَ ذَا

قَدراً وَشَأنُهُم فَأعظَمُ شَانِ

وَهمُ أجَلُّ وَعِلمُهُم أعلَى وَأش

رَفُ أن يُشَابَ بِزُخرُفِ الهَذَيَانِ

فَلِذَاكَ صَانَهُم الإِلَهُ عنِ الَّذِي

فِيهِ وَقَعتُم صَونَ ذِي إحسَانِ

سَمَّيتُمُ التَّحرِيفَ تَأوِيلاً كَذَا التَّ

عطِيلَ تَنزِيهاً هُمَا لَقَبَانِ

وَأضَفتُم أمراً إلَى ذَا ثَالِثاً

شَراًّ وَأقبَحَ مِنهُ ذَا بُهتَانِ

فَجَعَلتُم الإِثبَاتَ تَجسِيماً وَتَش

بيهاً وَذَا مِن أقبَحِ العُدوَانِ

فَقَلَبتُمُ تِلكَ الحَقَائِقَ مِثلَ مَا

قُلِبَت قُلُوبُكُمُ عَنِ الإِيمَانِ

وَجَعَلتُمُ الممدُوحَ مَذمُوماً كَذَا

بِالعكسِ حَتَّى استَكمَلَ اللَّبسَانِ

وَأرَدتُمُ  أن تُحمَدُوا بِالإِتِّبَا

عِ نَعَم لَكِن لِمَن يَا فِرقَةَ البُهتَانِ

وَبَغَيتُمُ أن تَنسِبُوا للابتِدَا

عِ عَسَاكِرَ الآثارِ والقُرآنِ

وَجَعَلتُم الوَحيَينِ غَيرَ مُفِيدَةٍ

للِعِلمِ وَالتَّحقِيقِ وَالبُهتَانِ

لَكِن عُقُولُ النَّاكِبِينَ عَن الهُدَى

لَهُمَا تُفِيدُ وَمَنطِقُ اليُونَانِ

وَجَعَلتُم الإِيمَانِ كُفراً وَالهُدَى

عَينَ الضَّلاَلِ وَذَا مِنَ الطُّغيَانِ

ثُمَّ استَخَفَّيتُم عُقُولاً مَا أرَا

دَ الله أن تَزكُو عَلى القُرآنِ

حَتَّى استَجَابُوا مُهطِينَ لدعوة التَّ

عطِيلِ قَد هَرَبُوا مِنَ الإِيمَانِ

يَا وَيحَهُم لَو يَشعُرُونَ بِمَن دَعَا

وَلِمَا دَعا قَعَدُوا قُعُودَ جَبَانِ

هذَا وَثَمَّ بَلِيةٌ مَستُورَةٌ

فِيهِم سَأبدِيهَا لَكُم بِبَيَانِ

وَرِثَ المُحرِّفُ مِن يَهُودَ وَهُم أولو التَّ

حرِيفِ وَالتَّبدِيلِ وَالكِتمَانِ

فَأرَادَ مِيرَاثَ الثَّلاَثَةِ مِنهُم

فَعَصَت عَلَيهِ غَايَةَ العِصيَانِ

إذ كَان لَفظُ النَّص مَحفُوظاً فمَا التَّ

بدِيلُ والكِتمَانُ فِي الإِمكَانِ

فَأرَادَ تَبدِيلَ المعَانِي إذ هِيَ ال

مَقصُودُ مِن تَعبِيرِ كُلِّ لِسَانِ

فَأتَى إليهَا وَهيَ بَارِزَةٌ مِنَ ال

ألفَاظِ ظَاهِرةٌ بِلاَ كِتمَانِ

فَنَفَى حَقَائِقَهَا وَأعطَى لَفظَهَا

مَعنًى سِوَى مَوضُوعِهِ الحَقَّانِ

فَجَنَى عَلَى المعنَى جِنَايَةَ جَاحِدٍ

وَجنَى عَلَى الألفَاظِ بِالعُدوَانِ

وَأتَى إِلَى حِزبِ الهُدَى أعطَاهُمُ

شِبهَ اليَهُودِ وَذَا مِنَ البُهتَانِ

إذ قَالَ أنَّهُمُ مُشَبِّهَةٌ وَأن

تُمُ مِثلُهُم فَمَنِ الَّذِي يَلحَانِي

فِي هَتكِ أستَارِ اليَهُودِ وَشبهِهِم

مِن فِرقَةِ التَّحرِيفِ لِلقُرآنِ

يَا مسلِمينَ بِحَقِّ رَبِّكُمُ اسمَعُوا

قَولِي وَعُوهُ وَعيَ ذِي عِرفَانِ

ثُمَّ احكُمُوا مِن بَعُد مَن هَذا الذِي

أولَى بِهَذَا الشَّبهِ بِالبُرهَانِ

أُمِرَ اليَهُودُ بأن يَقُولُوا حِطَّةٌ

فَأبَوا وَقَالُوا حِنطَةٌ لِهَوانِ

وَكَذَلِكَ الجهمِيُّ قِيلَ لَهُ استَوَى

فَابَى وَزَادَ الحَرفَ لِلنُّقصَانِ

قَالَ استَوى استولَى وَذَا مِن جَهلِهِ

لُغَةً وَعَقلاَ مَا هُمَا سِيَّانِ

عِشرُونَ وَجهاً تُبطِلُ التَّأوِيلَ بِاس

تولى فَلا تَخرُج عَنِ القُرآنِ

قَد أُفرِدَت بِمُصَنَّفٍ هُوَ عِندَنَا

تَصنِيفُ حَبرٍ عَالِمٍ رَبَّانِي

وَلَقَد ذَكَرنَا أربَعِينَ طِرِيقَةً

قَد أبطَلَت هَذَا بِحُسنِ بَيَانِ

هِيَ فِي الصَّوَاعِقِ إن تُرد تَحقِيقَهَا

لا تَختفَِي إلاَّ عَلَى العُميَانِ

نُونُ اليَهُودِ وَلاَمُ جَهمِيٍّ هُمَا

فِي وَحي رَبِّ العرش زَائِدَتَانِ

وَكَذَلِكَ الجَهمِيُّ عَطَّلَ وَصفَهُ

وَيَهُودُ قَد وَصَفُوهُ بِالنُّقصَانِ

فَهُما إذاً فِي نَفيهِم لِصفَاتِهِ ال

عُليَا كَمَا بَيَّنتُهُ أخَوَانِ

وَمِنَ العَجَائِبِ قَولُهُم فِرعَونُ مَذ

هَبُهُ العُلُوُّ وَذَاكَ فِي القُرآنِ

وَلِذَاكَ قَد طَلَبَ الصُّعُودَ إلَيهِ

بِالصَّرحِ الذِي قَد رَامَ مِن هَامَانِ

هَذَا رَأينَاهِ بِكُتبِهِمُ وَمِن

أفوَاهِهِم سَمعاً إِلَى الآذانِ

فَاسمَع إذاً مَن ذَا الذِي أولَى بِفر

عَونَ المُعَطِّلِ جَاحِدِ الرَّحمَنِ

وَانظُر إلَى مَن قَالَ مُوسَى كَاذِبٌ

حِينَ ادَّعَى فَوقِيةَ الرَّحمنِ

فَمِنَ المصَائِبِ أنَّ فِرعَونِيَّكُم

أضحَى يُكَفِّرُ صَاحِبَ الإِيمَانِ

وَيَقُولُ ذَاكَ مُبَدِّلٌ للدِّينِ سَا

عٍ بِالفَسَادِ وَذا مِن البُهتَانِ

إنَّ المورِّثَ ذَا لَهُم فِرعَونُ حِي

نَ رمَى بِهِ المُولُودَ مِن عِمرانِ

فَهوَ الإِمامُ لَهُم وَهَادِيهِم بِمَت

بُوعٍ يَقُودُهُمُ إِلَى النِّيرَانِ

هُوَ أنكَرَ الوَصفَينِ وَصفَ الفَوقِ وَالتَّ

كلِيمِ إنكَاراً عَلَى البُهتَانِ

إذ قَصدُهُ إنكَارُ ذَاتِ الرَّب فالتَّ

عطِيلُ مَرقَاةٌ لِذَا النُّكرَانِ

وَسوَاهُ جَاءَ بِسُلَّمٍ وَبِآلَةٍ

وَأتَى بِقَانُونٍ عَلَى بُنيَانِ

وَأتَى بِذَاكَ مُفَكِّراً وَمُقَدِّراً

وِرثَ الوَلِيدَ العَابِدَ الأوثَانِ

وَأتَى إِلَى التَّعطِيلِ مِن أبوَابِه

لاَ مِن ظُهُورِ الدَّارِ وَالجُدرَانِ

وأتَى به فِي قَالَبِ التَّنزِيهِ وَالتَّ

عظِيمِ تَلبِيساً عَلَى العُميَانِ

وَأتَى إلَى وَصفِ العُلُوِّ فَقَالَ ذَا التَّ

جّسِيمُ لَيسَ يَلِيقُ بِالرَّحمَنِ

فَاللَّفظُ قَد أنشَاهُ مِن تِلقَائِهِ

وكَسَاهُ وَصفَ الوَاحِدِ المنَّانِ

وَالنَّاسُ كُلُّهُمُ صَبِيُّ العَقلِ لَم

يَبلُغ وَلَو كانُوا مِنَ الشِّيخَانِ

إلاَّ أنَاساً سَلَّمُوا لِلوَحيِ هُم

أهلُ البُلُوغِ وَأعقَلُ الإِنسَانِ

فأتَى إلَى الصِّبيَانِ فَانقَادُوا لَهُ

كَالشَّاءِ إذ تَنقَادُ للجَوبَانِ

فَانظُر إلَى عَقلٍ صَغِيرٍ فِي يَدَي

شَيطَانَ مَا يَلقَى مِنَ الشِّيطَانِ

قَالُوا إذَا قَالَ المجَسِّمُ رَبُّنَا

حَقًّا عَلَى العَرشِ استَوَى بِلِسَانِ

فَسَلُوهُ كَم لِلعَرشِ مَعنًى وَاستَوَى

أيضاً لَهُ فِي الوَضعِ خَمسُ مَعَانِ

وَعلى فَكَم مَعنًى لَهَا أيضاً لَدَى

عَمرٍو فذَاكَ إمَامُ هَذَا الشَّانِ

بَيِّن لَنَا تِلكَ المَعَانِي وَالذِي

مِنهَا أرِيدَ بِوَاضِحِ التِّبيَانِ

فاسمَع فَذَاك مُعَطِّلٌ هَذِي الجَعَا

جعُ مَا الَّذِي فِيهَا مِنَ الهَذَيَانِ

قُل لِلمُجَعجِعِ وَيحَكَ اعقَل ما الذِي

قَد قُلتهُ إن كُنتَ ذَا عِرفَانِ

العَرشُ عَرشُ الربِّ جَلَّ جَلاَلُهُ

وَاللاَّمُ لِلمَعهُودِ فِي الأذهَانِ

مَا فِيه إجمَالٌ وَلاَ هُوَ مُوهِمٌ

نَقلَ المَجَازِ وَلاَ لَهُ وَضعَانِ

وَمُحَمَّدٌ وَالأنبياءُ جَمِيعُهُم

شَهِدُوا بِهِ للخَالِقِ الرَّحمَنِ

مِنهُم عَرَفنَاهُ وَهُم عَرَفُوهُ مِن

رَبٍّ عَلَيهِ قَدِ استَوَى دَيَّانِ

لَم تَفهَم الأذهَانُ مِنهُ سَريرَ بَل

قِيسٍ وَلاَ بَيتاً عَلَى الأركَانِ

كَلاَّ وَلاَ عَرشاً عَلى بحرٍ وَلا

عَرشاً لِجبريلَ بِلا بُنيَانِ

كَلاَّ وَلاَ العرشَ الذِي إن ثُلَّ مِن

عَبدٍ هَوَى تَحتَ الحضِيضِ الدَّانِي

كَلاَّ وَلاَ عَرشَ الكُرومِ وهذه ال

أعنَابِ فِي حَرثٍ وَفِي بُستَانِ

لَكنَّهَا فَهِمَت بِحمدالله عَر

شَ الرَّبِّ فَوقَ جِمِيعِ ذي الأكوَانِ

وَعَلَيهِ رَبُّ العالمِينَ قَدِ استَوَى

حَقًّا كَمَا قَد جَاءَ فِي القُرآنِ

وَكَذَا استَوَى الموصُولُ بالحرفِ الذِي

ظَهَرَ المُرادُ بهِ ظُهورَ بَيَانِ

لاَ فِيهِ إجمَالٌ وَلاَ هُوَ مُفهِمٌ

للإشتِرَاكِ وَلاَ مَجَازٍ ثَانِ

تَركِيبُهُ مَع حَرفِ الاستِعلاَءِ نَصٌّ

فِي العُلُوِّ بوضعِ كُلِّ لِسَانِ

فَإذَا تَركَّبَ مَع إلى فَالقَصدُ مَع

مَعنَى العُلُوِّ لِوضعِهِ بِبَيَانِ

وَإلَى السَّمَاءِ قَدِ استَوَى فَمُقَيَّدٌ

بِتَمَامِ صَنعتِهَا مَعَ الإتقَانِ

لَكِن عَلَى العَرشِ استَوَى هُو مُطَلقٌ

مِن بَعدِهَا قَد تَمَّ بِالأركَان

لَكِنَّمَا الجَهمِيُّ يَقصُرُ فَهمُهُ

عَن ذَا فَتِلكَ مَوَاهِبُ المنَّانِ

فإذَا اقتَضَى وَاوَ المعِيَّة كَانَ مَع

نَاهُ استَوَى مُقَدَّمٌ وَالثَّانِي

فَإذَا أتَى مِن غَيرِ حَرفٍ كَانَ مَع

نَاهُ الكَمَالَ فَلَيسَ ذَا نُقصَانِ

لاَ تَلبُسوا بِالبَاطِلِ الحقَّ الذِي

قَد بَيَّن الرَّحمَنُ فِي الفُرقَانِ

وَعَلَى للاستِعلاَءِ فَهيَ حَقيقَةٌ

فِيهِ لَدَى أربَابِ هَذَا الشَّانِ

وَكَذلِكَ الرَّحمَنُ جَلَّ جَلاَلُهُ

لَم يَحتَمِل مَعنًى سِوَى الرَّحمَنِ

يَا وَيحَهُ بِعَمَاهُ لَو وَجَدَ اسمَهُ الرَّ

حمَنَ مُحتَمِلاً لِخَمسِ مَعَانِ

لَقَضَى بأنَّ اللَّفظَ لاَ مَعنًى لَهُ

إلاَّ التَّلاَوَةُ عِندَنَا بِلِسَانِ

فَلِذَاكَ قَالَ أئِمةُ الإِسلاَمِ فِي

مَعنَاهُ مَا قَد سَاءَكُم بِبَيَانِ

وَلَقَد أحَلنَاكُم عَلَى كُتُبٍ لَهُم

هِي عَندَنَا وَاللهِ بالكِيمَانِ

وَاللَّفظُ مِنهُ مُفرَدٌ ومَركَّبٌ

فِي الاعتِبَارِ فَمَا هُمَا سِيانِ

واللَّفظُ فِي التَّركيبِ نَصٌّ فِي الذِي

قَصَدَ المُخَاطِبُ مِنهُ فِي التِّبيَانِ

أو ظَاهرٌ فِيه وَذَا مِن حيثُ نِس

بَتُهُ إلَى الأفهَامِ وَالأذهَانِ

فَيكُونُ نصًّا عِندَ طَائِفَةٍ وَعِن

دَ سِوَاهُمُ هُوَ ظَاهرُ التبيَانِ

وَلَدَى سِوَاهُم مُجمَلٌ لَم يَتَّضِح

لَهُم المُرَادُ بِهِ اتضَاحَ بَيَانِ

فَالأولُون لإلفِهِم ذَاكَ الخِطَا

بِ وإلفِهِم مَعنَاهُ طُولَ زَمَانِ

طَالَ المِرَاسُ لَهُم لمعنَاهُ كَمَا اش

تَدَّت عِنَايَتُهُم بِذَاكَ الشَّانِ

وَالعِلمُ مِنهُم بِالمُخَاطِبِ إذ هُمُ

أولَى بِهِ مِن سَائِرِ الإِنسَانِ

وَلَهُم أتمُّ عِنَايَةٍ بِكَلاَمِهِ

وَقُصُودِهِ مَع صِحَّةِ العِرفَانِ

فَخِطَابُه نَصٌ لَدَيهم قَاطِعٌ

فِيمَا أُريدَ بِهِ مِنَ التِّبيَانِ

لَكِنَّ مَن هُوَ دُونَهُم فِي ذَاكَ لَم

يَقطَع بِقَطعِهِم عَلَى البُرهَانش

وَيقُولُ يَظهَرُ ذَا وَليسَ بِقَاطِعٍ

فِي ذِهنِهِ لا سَائشرِ الأذهَانِ

وَلإلفِهِ بِكَلاَمِ مَن هُوَ مُقتَدٍ

بِكَلاَمِهِ مِن عَالِمِ الأزمَانِ

هُو قَاطِعٌ بِمُرَادِهِ وَكَلاَمُهُ

نَصٌّ لَدَيهِ وَاضِحُ التِّبيَانِ

وَالفتنَةُ العُظمَى مِنَ المتَسَلِّقِ المَ

خُدُوعِ ذِي الدَّعوَى أخِي الهَذَيَانِ

لَم يَعرِفِ العِلمَ الذِي فِيهِ الكَلاَ

مُ وَلاَ لهُ إلفٌ بِهَذَا الشَّانِ

لَكِنهُ مِنهُ غَرِيبٌ لَيسَ مِن

سُكَّانِهِ كَلاَّ وَلاَ الجِيرَانِ

فَهوَ الزَّنيمُ دَعِيُّ قَومٍ لَم يَكُن

مِنهُم وَلَم يَصحَبهُمُ بِمَكَانِ

وَكَلاَمُهُم أبداً لَدَيهِ مُجمَلٌ

وَبمعزَلٍ عَن إمرةِ الإِيقَانِ

شَدَّ التِّجَارَةَ بالزيُوفِ يَخَالُهَا

نَقداً صَحِيحاً وَهُوَ ذُو بُطلاَنِ

حَتَّى إذَا رُدَّت إلَيهِ نَالَهُ

مِن رَدِّهَا خِزيٌ وَسُوءُ هَوَانِ

فأرَادَ تَصحِيحاً لَهَا إذ لَم يَكُن

نَقدُ الزيُوفِ يَرُوجُ فِي الأثمَانِ

وَرَأى استِحَالَة ذَا بِدُونِ الطَّعنِ فِي

بَاقِي النُّقُودِ فَجَاءَ بِالعُدوَانِ

واستَعرضَ الثَّمَنَ الصَّحِيحَ بجَهلِهِ

وَبِظُلمِهِ يَبغِيهِ بِالبُهتَانِ

عِوَجاً لِيَسلَمَ نَقدُهُ بَينَ الوَرَى

وَيَرُوجَ فِيهِم كَامِلَ الأوزَانِ

وَالنَّاسُ لَيسُوا أهلَ نَقدٍ للذِي

قَد قِيلَ إلا الفردَ فِي الأزمَانِ

وَالزَّيفُ بَينَهُمُ هُوَ النَّقدُ الذِي

قَد رَاجَ فِي الأسفَارِ وَالبُلدَانِ

إذ هُم قَدِ اصطَلحُوا عَلَيهِ وارتَضَوا

بِجَوَازِهِ جَهراً بِلاَ كِتمَانِ

فَإذَا أتَاهُم غَيرُهُ وَلَو أنَّهُ

ذَهبٌ مُصفَّى خَالِصُ العِقيَانِ

رَدُوه واعتَذَرُوا بأنَّ نُقُودَهُم

مِن غَيرِهِ بِمَرَاسِمِ السُّلطَانِ

فَإِذَا تَعَامَلنَا بِنَقدٍ غَيرِهِ

قَطِعَت جَوَامِكُنَا مِنَ الدِّيوَانِ

وَاللهِ مِنهُم قَد سَمِعنَا ذا وَلَم

نَكذِب عَلَيهِم وَيحَ ذِي البُهتَانِ

يَا مَن يُريدُ تِجَارَةً تُنجِيهِ مِن

غَضَبِ الإِلهِ وَمُوقَدِ النِّيرَانِ

وَتُفِيدُهُ الأربَاحَ بِالجَنَّاتِ وَال

حُورِ الحِسَانِ ورُؤيَةِ الرَّحمَنِ

فِي جَنَّةٍ طَابَت وَدَامَ نَعِيمُهَا

مَا للفَنَاءِ عَلَيهِ مِن سُلطَانِ

هَيىء لَهَا ثَمَنَاً تُبَاعُ بِمِثلِهِ

لاَ تُشتَرَى بِالزَّيفِ مِن أثمَانِ

نَقداً عَلَيهِ سِكةٌ نَبَوِيةٌ

ضَربَ المَدِينَة أشرَفِ البُلدَانِ

أظَنَنتَ يَا مَغرُورُ بَائِعَهَا الذِي

يَرضَى بِنَقدٍ ضَربِ جِنكسخَانِ

مَنَّتكَ وَاللهِ المُحَالَ النَّفسُ إن

طَمِعَت بِذَا وَخُدعتَ بِالشَّيطَانِ

فَاسمَع إذاً سَبَبَ الضلاَلِ وَمَنشَأ التَّ

خليطِ إذ يَتَنَاظرُ الخَصمَانِ

يَحتَجُّ بِاللَّفظِ المرَكَّبِ عَارِفٌ

مَضمُونَهُ بِسِيَاقِهِ لِبَيَانِ

وَاللَّفظُ حِينَ يُسَاقُ بِالتركِيبِ مَح

فُوفٌ بِهِ للفَهمِ وَالتِّبيَانِ

جُندٌ يُنَادَى بالبَيَانِ عَلَيهِ مِث

لَ نِدَائِنَا بِإقَامَةٍ وَأذَانِ

كَي يَحصُلَ الإِعلاَمُ بِالمَقصُودِ مِن

إيرَادِهِ وَيَصِير فِي الأذهَانِ

فَيَفُكَّ تَركِيبَ الكَلاَمِ مُعَانِدٌ

حَتَّى يُقَلقِلَهُ مِنَ الأركَانِ

وَيرُومُ مِنهُ لَفظَةً قَد حُمِّلَت

مَعنَى سِوَاه فِي كَلاَمٍ ثَانِ

فَيَكُونُ دَبُّوسَ الشِّقَاقِ وَعُدَّةً

للدَّفعِ فِعلَ الجَاهِلِ الفتَّانِ

فَيقُولُ هَذَا مُجمَلٌ وَاللَّفظ مُح

تَمَلٌ وَذَا مِن أعظَمِ البُهتَانِ

وَبذَاكَ يَفسُدُ كُلُّ عِلمٍ فِي الوَرَى

وَالفَهمُ مِن خَبَرٍ وَمِن قُرآنِ

إذ أكثرُ الألفَاظِ تَقبَلُ ذَاكَ فِي ال

إفرَادِ قَبلَ العَقدِ وَالتِّبيَانِ

لَكِن إذَا مَا رُكِّبَت زَالَ الَّذِي

قَد كَانَ مُحتَمَلاً لَدَى الوِحدَانِ

فَإذَا تَجَرَّدَ كَانَ مُحتمَلاً لِغَي

رِ مُرَادِهِ أو فِي كَلاَمٍ ثَانِ

لَكِنَّ ذَا التَّجرِيدَ مُمتَنِعٌ فَإن

يُفرَض يَكُن لاَ شَكَّ فِي الأذهَانِ

وَالمُفرَدَاتُ بِغَيرِ تَركِيبٍ كَمِث

لِ الصَّوتِ تَنعَقُهُ بِتِلكَ الضَّانِ

وَهُنَالِكَ الإِجمَالُ وَالتَّشكِيكُ وَالتَّ

جهِيلُ وَالتَّحرِيفُ وَالإتيَانُ بِالبُطلاَنِ

فَإذَا هُمُ  فَعَلُوهُ رَامُوا نَقلَهُ

لِمُرَكَّبٍ قَد حُفَّ بِالتِّبيَانِ

وَقَضَوا عَلَى التَّركِيبِ بِالحُكمِ الَّذِي

حَكَمُوا بِهِ لِلمُفرَدِ الوحدَانِ

جَهلاً وَتَجهِيلاً وَتَدلِيساً وَتَل

بيساً وَتَرويجاً عَلَى العُميَانِ

هَذَا هَدَاكَ اللهُ مِن إضلاَلِهِم

وَضَلاَلِهِم فِي المَنطِقِ اليوناني

كَمجرَّدَاتٍ فِي الخَيَالِ وَقَد بَنَى

قَومٌ عَلَيهَا أوهَنَ البُنيَانِ

ظَنُّوا بِأنَّ لَهَا وَجُوداً خَارِجاً

وَوُجُودُهَا لَو صَحَّ فِي الأذهَانِ

أنَّى وَتِلكَ مُشَخَّصَاتٌ حُصِّلَت

فِي صُورَةٍ جُزئِيَّةٍ بِعِيَانِ

لَكِنَّهَا كُلِّيةٌ إن طَابَقَت

أفرَادَهَا كاللَّفظِ فِي الميزَانِ

يَدعُونَهُ  الكُلِّيَّ وَهوَ مَعيَّنٌ

فَردٌ كَذَا المعنَى هُمَا سِيَّانِ

تجَريدُ ذَا في الذِّهنِ أو فِي خَارِجٍ

عَن كُلِّ قَيدٍ لَيسَ فِي الإِمكَانِ

لاَ الذهنُ يَعقِلُهُ وَلاَ هُوَ خَارِجٌ

هُوَ كَالخَيَالِ لِطَيفِهِ السَّكرَانِ

لَكِن تَجرُّدُهَا المُقَيَّدِ ثَابِتٌ

وَسِوَاهُ مُمتَنِعٌ بِلاَ إمكَانِ

فَتَجَرُّدُ الأعيَانِ عَن وَصفٍ وَعَن

وَضعٍ وَعَن وَقتٍ لَهَا وَمَكَانِ

فَرضٌ مِنَ الأذهَانِ يَفرضُهُ كَفَر

ضِ المُستَحِيلِ هُمَا لَهَا فَرضَانِ

الله أكبرُ كَم دَهَى مِن فَاضِلٍ

هَذَا التَّجَرُّدُ مِن قَدِيمِ زَمَانِ

تَجرِيدُ ذِي الألفَاظِ عَن تَركِيبِهَا

وَكَذَاكَ تَجرِيدُ المَعَانِي الثَّانِي

وَالحَقُ أنَّ كلَيهمَا فِي الذهنِ مَف

رُوض فَلاَ تَحكُم عَلَيهِ وَهُوَ فِي الأذهَانِ

فيقُودُكَ الخَصمُ المُعَانِدُ بِالذِي

سَلَّمتَهُ للحُكمِ فِي الأعيَانِ

فَعَلَيكَ بِالتَّفصِيلِ إن هُم أطلَقُوا

أو أجمَلُوا فَعَلَيكَ بِالتِّبيَانِ

وَتَمَسَّكُوا بِظَوَاهِرِ المنقُولِ عَن

أشيَاخِهِم كَتَمَسُّكِ العُميانِ

وَأبَوا بأن يَتَمَسَّكُوا بِظَوَاهِر النَّ

صَّينِ وَاعجَباً مِنَ الخُذلاَنِ

قَولُ الشُّيُوخِ مُحَرَّمٌ تأوِيلُهُ

إذ قَصدُهُم للشَّرحِ وَالتِّبيَانِ

فَإذَا تَأوَّلنَا عَلَيهِم كَانَ إب

طَالاً لِمَا رَامُوا بِلاَ بُرهَانِ

فَعَلَى ظَوَاهِرِهَا تُمَرُّ نُصُوصُهُم

وَعَلَى الحَقِيقَةِ حَملُهَا لِبَيَانِ

يَا لَيتَهُم أجرَوا نُصُوصَ الوَحي وَال

مُجرَى مِنَ الآثَارِ وَالقُرآنِ

بَل عِندَهُم تِلكَ النُّصُوصُ ظَوَاهرٌ

لَفظِيَّةٌ عُزِلَت عَنِ الإِيقَانِ

لَم تُغنِ شَيئاً طَالِبَ الحقِّ الذِي

يَبغِي الدَّلِيلَ وَمُقتَضَى البُرهَانِ

وَسَطَوا عَلَى الوَحيَينِ بِالتَّحريفِ إذ

سَمَّوهُ تَأوِيلاً بوَضعٍ ثَانِ

فَانظُر إِلَى الأعرَافِ ثُمَّ لِيُوسُفٍ

وَالكَهفُ وَافهَم مُتَضَى القُرآنِ

فَإذَا مَرَرتَ بآلِ عِمرَانٍ فَهِم

تَ القَصدَ فَهمَ مُوَفَّقٍ رَبَّانِي

وَعِلمتَ أنَّ حَقِيقَةَ التأوِيل تَب

يينُ الحَقِيقَةِ لاَ المَجَازُ الثَّانِي

وَرَأيتَ تأوِيلَ النُّفَاةِ مُخَالِفاً

لِجَمِيعِ هَذَا لَيسَ يَجتَمِعَانِ

اللَّفظُ هُم أنشَوا لَهُ مَعنًى بِذَا

كَ الإصطِلاَحِ وَذَاكَ أمرٌ دَانِ

وَأتَوا إِلَى الإِلحَادِ فِي الأسمَاءِ وَالتَّ

حرِيفِ للألفَاظِ بِالبُهتَانِ

فَكَسَوهُ هَذَا اللَّفظَ تَلبِيساً وَتَد

لِيساً عَلَى العُميَانِ وَالعُورَانِ

فَاستَنَّ كُلُّ مُنَافِقٍ وَمُكَذِّبٍ

مِن بَاطِنِيٍّ قُرمُطِييٍّ جَانِي

فِي ذَا بِسُنَّتِهِم وَسَمَّى جَحدَهُ

لِلحَقِّ تَأوِيلاً بِلاَ فُرقَانِ

وَأتَى بِتَأوِيلٍ كَتَأوِيلاَتِهِم

شِبراً بِشِبرٍ صَارِخاً بِأذَانِ

إنَّا تَأوَّلنَا كَمَا أوَّلتُمُ

فَأتُوا نُحَاكِمكُم إلَى الوَزَّانِ

فِي الكِفَّتَينِ نَحُطُّ تَأوِيلاَتِنَا

وَكَذَاكَ تَأوِيلاَتِكُم بِوِزَانِ

هَذَا وَقَد أقرَرتُم أنَّا بِأي

دِينَا صَريحُ العَدلِ وَالمِيزَانِ

وَغَدَوتُمُ فِيهِ تَلاَمِيذاً لَنَأ

أوَ لَيسَ ذَلِكَ مَنطِقَ اليُونَانِ

مِنَّا تَعَلَّمتُم وَنَحنُ شُيُوخُكُم

لاَ تَجحَدُونَا مِنَّةَ الإِحسَانِ

فَسَلُوا مَبَاحِثَكُمُ سُؤالَ تَفَهُّمٍ

وَسَلُوا القَوَاعِدَ رَبَّةَ الأركَانِ

مِن أينَ جَاءَتكُم وَأينَ أصُولُهَا

وَعَلَى يَدَي مَن يَا أولِي النُّكرَانِ

فَلأيِّ شَيءٍ نَحنُ كُفَّارٌ وَأن

تُم مُؤمِنُونَ وَنَحنُ مُتَّفِقَانِ

أنَّ النُّصُوصَ أدِلَّةٌ لَفظِيَّةٌ

لَم تُفضِ قَطُّ بِنَا إلَى إيقَانِ

فَلِذَاكَ حَكَّمنَا العُقُولَ وَأنتُم

أيضاً كَذَاكَ فَنَحنُ مُصطَلِحَانِ

فَلأيِّ شَيءٍ قَد رَميتُم بَينَنَا

حَربَ الحُرُوبِ وَنَحنُ كَالأخَوَانِ

الأصلُ مَعقُولٌ وَلَفظُ الوَحي مَع

زُولٌ وَنَحنُ وأنتُمُ صِنوَانِ

لاَ بِالنُّصُوصِ نَقُولُ نَحنُ وَأنتُمُ

أيضاً كَذَاكَ فَنَحنُ مُصطَلِحَانِ

فَذَرُوا عَداوَتَنَا فَإنَّ وَرَاءَنَا

ذَاكَ العَدُوُّ الثِّقلُ ذُو الأضغَانِ

فَهُم عَدُوُّكُم وَهُم أعدَاؤنَا

فجَمِيعُنَا فِي حَربِهِم سِيَّانِ

تِلكَ المُجَسِّمَةُ الألَى قَالُوا بأنَّ

الله فَوقَ جَمِيعِ ذِي الأكوَانِ

وَإلَيهِ يَصعَدُ قَولُنَا وَفِعَالُنَا

وَإلَيهِ تَرقَى رُوحُ ذِي الإِيمَانِ

وَإلَيهِ قَد عَرَجَ الرَّسُولُ حَقِيقَةً

وَكَذَا ابنُ مَريَمَ مَصعَدَ الأبدَانِ

وَكَذاكَ قَالُوا إنه بالذَّاتِ فَو

قَ العَرشِ قُدرتُهُ بِكُلِّ مَكَانِ

وَكَذَاكَ يَنزلُ كُلَّ آخِرِ لَيلَةٍ

نَحوَ السَّمَاءِ فَهَاهُنَا جِهَتَانِ

للإِبتدَاءِ وَالإنتِهَاءِ وَذَانِ لِل

أجسَامِ أينَ الله مِنَ هَذَانِ

وَكَذَاكَ قُالُوا إنَّهُ مُتَكَلِّمٌ

قَامَ الكَلاَمُ بِهِ فَيَا إخوَانِ

أيَكُونُ ذَاكَ بِغيرِ حرفٍ أم بِلاَ

صَوتٍ فَهَذَا لَيسَ فِي الإمكَانِ

وَكَذَاكَ قُالوا مَا حَكَينَا عَنهُمُ

مِن قَبلُ قَولَ مُشَبِّهِ الرَّحمَنِ

فَذَرُوا الحِرَابَ لَنَا وشُدُّوا كُلُّنَا

جَمعَاً عَلَيهِم حَملَةَ الفُرسَانِ

حَتَّى نَسُوقَهُمُ بِأجمَعِنَا إلَى

وَسطِ العَرِينِ مُمَزَّقِي اللُّحمَانِ

فَلقَد كَوَونَا بِالنُصُوصِ وَمَا لَنَا

بِلِقَائِهَا أبَدَ الزَّمَانِ يَدَانِ

كَمَ ذَا يُقَالُ اللهُ قَالَ رَسُولُهُ

مِن فَوقِ أعنَاق لَنَا وَبنَانِ

إذ نَحنُ قُلنَا قَالَ آرِسطُوا المُعَلِّ

مُ أولاً أو قَالَ ذَاكَ الثَّانِي

وَكَذَاكَ إن قُلنَا ابنُ سِينَا قَالَ ذَا

أو قَالَهُ الرَّازِيُّ ذُو التِّبيانِ

قَالُوا لَنَا قَالَ الرَّسُولُ وَقَالَ فِي

القُرآنِ كَيفَ الدَّفعُ لِلقُرآنِ

وَكَذَاكَ أنتُم مِنهُمُ أيضاً بِهَ

ذَا المَنزِلِ مِن أثَرٍ وَمِن قُرآنِ

إن جِئتمُنوهُم بِالعُقُولِ أتَوكُمُ

بِالنَّصِّ الضَّنكِ الَّذِي تَرَيَانِ

فَتَحَالَفُوا إنَّا عَلَيهِم كُلُّنَا

حِزبٌ وَنَحنُ وَأنتُم سِلمَانِ

فَإذا فَرَغنا مِنهُمُ فَخِلاَفُنَا

سَهلٌ وَنَحنُ وَأنتُمُ أخَوَانِ

فَالعَرشُ عِندَ فَرِيقِنَا وَفَرِيقِكُم

مَا فَوقَهُ أحدٌ بِلاَ كِتمَانِ

مَا فَوقَهُ شَيءٌ سَوَى العَدَمِ الذِي

لاَ شَيءَ فِي الأعيَانِ والأذهَانِ

مَا الله مَوجُودٌ هُنَاكَ وإنَّمَا ال

عَدَمُ المُحَقَّقُ فَوقَ ذِي الأكوَانِ

وَالله مَعدُومٌ هُنَاكَ حَقِيقَةً

بِالذَّاتِ عَكسُ مَقَالَةِ الدِّيصَانِ

هَذَا هُوَ التَّوحِيدُ عِندَ فَرِيقِنَا

وَفَريقِكُم وَحَقِيقَةُ العِرفَانِ

وَكَذَا جَمَاعَتُنَا عَلَى التَّحقِيقِ فِي التَّ

ورَاةِ وَالإنجِيلِ وَالفُرقَانِ

لَيسَت كَلاَمَ الله بَل فَيضٌ مِنَ ال

فَعَّالِ أو خَلقٌ مِنَ الأكوَانِ

فالأرضُ مَا فِيهَا لَهُ قَولٌ وَلا

فَوقَ السَّمَا لِلخَلقِ مِن دَيَّانِ

بَشَرٌ أتَى بِالوَحي وَهوَ كَلاَمُهُ

فِي ذَاكَ نَحنُ وَأنتُمُ مِثلاَنِ

وَلِذَاكَ قُلنَا أنَّ رُؤيَتَنَا لَهُ

عَينُ المُحَالِ وَلَيسَ فِي الإِمكَانِ

وَزَعَمتُمُ أنَّا نَرَاهُ رُؤيَةَ ال

مَعدُومِ لاَ المَوجُودِ فِي الأعيَانِ

إذ كُلُّ مَرئِيٍّ يَقُومُ بِنَفسِهِ

أو غَيرِهِ لاَ بُدَّ فِي البُرهَانِ

مِن أن يُقَابِلَ مَن يرَاهُ حَقِيقَةً

مِن غَيرِ بُعدٍ مُفرِطٍ وَتَدَانِ

وَلَقَد تَسَاعَدنَا عَلَى إبطَالِ ذَا

أنتُم وَنَحنُ فَمَا هُنَا قَولاَنِ

أمَّا البَلِيَّةُ فَهيَ قَولُ مُجَسِّمٍ

قَالَ القُرآنُ بَدَا مِنَ الرَّحمَنِ

هُوَ قَولُهُ وَكَلاَمُهُ مِنهُ بَدَا

لَفظاً وَمَعنًى لَيسَ يَفتَرقَان

سَمِعَ الأمِينُ كَلاَمَهُ مِنهُ وَأدَّ

اهُ إلَى المُختَارِ مِن إنسَانِ

فَلَهُ الأدَاءُ كَمَا الأدَا لِرَسُولِهِ

وَالقَولُ قَولُ الله ذِي السُّلطَانِ

هَذَا الَّذِي قُلنَا وَأنتُم أنَّهُ

عَينُ المُحَالِ وَذَاكَ ذُو بُطلاَنِ

فَإذَا تَسَاعَدنَا جَمِيعاً أنَّهُ

مَا بَينَنَا للهِ مِن قُرآنِ

إلاَّ كَبَيت الله تلك إضافَةُ ال

مَخلُوقِ لاَ الأوصَافِ لِلدَّيَانِ

فَعَلاَمَ هَذَا الحَربُ فِيمَا بَينَنَا

مَع ذَا الوِفَاقِ وَنَحنُ مُصطَلِحَانِ

فَإذَا أبَيتُم سِلمَنَا فَتَحَيَّزُوا

لِمَقَالَةِ التَّجسِيمِ بِالإِذعَانِ

عُودُوا مُجَسِّمَةً وَقُولُوا دِينُنَا ال

إثبَاتُ دِينُ مُشَبِّهِ الدَّيَانِ

أو لاَ فَلاَ مِنَّا وَلاَ مِنهُم وَذَا

شَأنُ المنَافِقِ إذ لَهُ وَجهَانِ

هَذَا يَقُولُ مُجَسِّمٌ وَخُصُومُهُ

تَرمِيهِ بِالتَّعطِيلِ وَالكُفرَانِ

هُوَ قَائِمٌ هُوَ قَاعِدٌ هُوَ جَاحِدٌ

هُوَ مُثبِتٌ تَلقَاهُ ذَا ألوَانِ

يَوماً بِتَأوِيلٍ يَقُولُ وَتَارَةً

يَسطُو عَلَى التَّأوِيلِ بِالنُّكرَانش

فَنَقُولُ فَرِّق بَينَ مَا أوَّلتَهُ

وَمَنَعتَهُ تَفرِيقَ ذِي بُرهَانش

فَيقُولُ مَا يُفضِي إلَى التَّجسِيمِ أوَّ

لنَاهُ مِن خَبَرٍ وَمِن قُرآنِ

كَالاستِوَاءِ مَعَ التَّكَلُّمِ هَكَذَا

لَفظُ النُّزُولِ كَذَاكَ لَفظُ يَدَانِ

إذ هَذِهِ أوصَافُ جِسمٍ مُحدَثٍ

لاَ يَنبَغِي لِلوَاحِدِ المنَّانِ

فَنَقُولُ أنتَ وَصَفتَهُ أيضاً بِمَا

يُفضِي إلَى التَّجسِيمِ والحِدثَانِ

فَوصَفتَهُ بِالسَّمعِ وَالإبصَارِ مَع

نَفسِ الحَيَاةِ وَعِلمِ ذِي الأكوَانِ

وَوَصَفتَهُ بِمَشِيئَةٍ مَعَ قُدرَةٍ

وَكَلاَمِهِ النَّفسِيِّ وَهوَ مَعَانِ

أو وَاحِدٌ والجَِسمُ حَامِلُ هَذِهِ ال

أوصَافِ حقًّا فأتِ بِالفُرقَانِ

بينَ الَّذِي يُفضِي إلَى التَّجسِيمِ أو

لاَ يَقتَضِيهِ بِوَاضِحِ البُرهَانِ

وَالله لَو نُشِرت شُيُوحُكَ كُلُّهُم

لَم يَقدِرُوا أبداً على الفُرقَانِ

فَلِذَاكَ قَال زَعِيمُهُم فِي نَفسِهِ

فَرقاً سِوَى هَذَا الَّذِِي تَريَانِ

هَذِي الصِّفَاتُ عُقُولُنَا دَلَّت عَلَى

إثبَاتِهَا مَع ظَاهرِ القُرآنِ

فَلِذَاكَ صُنَّاهَا عَنِ التَّأوِيلِ فاع

جَب يَا أخَا التَّحِقيقِ وَالعِرفَانِ

كَيفَ اعتِرَافُ القَومِ أن عُقُولَهُم

دَلَّت عَلَى التَّجسِيمِ بالبُرهَانِ

فَيُقَالُ هَل فِي العقلِ تَجسِيمٌ أم ال

مَعقُولُ يَنفِيهِ كَذَا النُّقصَانِ

إن قُلتُم يَنفِيه فَانفُوا هَذِهِ ال

أوصَاف وَانسَلِخُوا مِنَ القُرآنِ

أو قُلتُمُ يَقضِي بإثبَاتٍ لَهُ

فَفِرَارُكُم مِنهَا لأيِّ مَعَانِ

أو قُلتُمُ يَنفِيهِ فِي وَصفٍ وَلاَ

يَنفِيهِ فِي وَصفٍ بِلاَ بُرهَانِ

فَيُقَالُ مَا الفُرقَانُ بَينَهمَا وَمَا ال

بُرهَانُ فأتُوا الآن بِالفُرقَانِ

وَيُقالُ قَد شَهِدَ العِيَانُ بأنَّهُ

ذُو حِكمَةٍ وَعِنَايَةٍ وَحَنَانِ

مَع رأفَةٍ وَمَحَبَّةٍ لِعِبَادِهِ

أهلِ الوَفَاءِ وَتَابِعِي القُرآنِ

وَلِذَاكَ خُصُّوا بِالكَرَامَة دُونَ أع

داءِ الإلهِ وَشِيعَةِ الكُفرَانِ

وَهُوَ الدَّلِيلُ لَنَا عَلَى غَضَبٍ وَبُغ

ضٍ مِنه مَع مَقتٍ لِذِي العِصيَانِ

وَالنَّصُّ جَاءَ بِهَذِهِ الأوصَافِ مَع

مثلِ الصِّفاتِ السَّبعِ فِي القُرآنِ

وَيُقَالُ سَلَّمنَا بأنَّ العَقلَ لاَ

يَقضِي إلَيهَا فَهيَ فِي الفُرقَانِ

أفَنَفيُ آحَادِ الدَّلِيلِ يكُونُ لل

مَدلُولِ نفياً يَا أولِي العِرفَانِ

أو نَفي مُطلِقهِ يَدُلُّ عَلَى انتِفَا ال

مَدلُولِ فِي عَقلٍ وَفِي قُرآنِ

أفبعدَ ذَا الإِنصافِ وَيحكمُوا سِوَى

مَحضِ العِنادِ وَنخوةِ الشَّيطانِ

وتَحَيُّزٍ مِنكُم إليهم لا إلى ال

قرُآنِ والآثارِ والإِيمَانِ

وَاعلَم بأنَّ طَريقَهُم عَكسُ الطَّرِ

يقِ المُستَقِيم لِمن لَهُ عَينَانِ

جَعَلُوا كَلاَمَ شُيُوخِهِم نَصًّا لَهُ ال

إحكَامُ مَوزُوناً بِهِ النَّصَّانِ

وَكَلاَمَ رَبِّ العَالَمِينَ وَعَبدِهُ

مُتَشَابهاً مُحَمِّلاً لِمَعَانِ

فَتولَّدَت مِن ذَينِكَ الأصلَينِ أو

لادٌ أتَت لِلغَيِّ وَالبُهتَانِ

إذ مِن سِفَاحٍ لا نِكَاحٍ كَونُهَا

بِئسَ الوَلِيدُ وَبئسَتِ الأبوَانِ

عَرَضُوا النُّصُوصَ عَلَى كَلاَمِ شُيُوخِهُم

فَكَأنَّهَا جَيشٌ لِذِي سُلطَانِ

وَالعزلُ وَالإبقاءُ مَرجِعُهُ إلَى السُّ

لطَانِ دُونَ رَعِيَّةِ السُّلطَانِ

وَكَذَاكَ أقوَالُ الشُّيوخِ فَإنَّهَا

المِيزَانُ دُونَ النصِّ وَالقُرآنِ

إن وَافقَا قَولَ الشُّيُوخِ فَمَرحَباً

أو خَالَفَت فَالدَّفعُ بِالإحسَانِ

إمَّا بِتاوِيلٍ فإن أعيَا فَتَف

وِيضٌ وَنَترُكهَا لِقُولِ فُلاَنِ

إذ قَولُهُ نَصٌّ لَدَينَا مُحكَمٌ

فَظَواهِرُ المَنقُولش ذَاتُ مَعَانِ

وَالنَّصُّ فَهوَ بِهِ عَلِيمٌ دُونَنَا

وَبِحَالِهِ مَا حِيلَةُ العُميَانِ

إلاَّ تَمَسُّكُم بأيدِي مُبصِرٍ

حَتَّى يَقُودَهُم كذِي الأرسَانِ

فَاعجَب لِعُميَانِ البَصَائِرِ أبصَرُوا

كَونَ المُقَلَّدِ صَاحِبَ البُرهَانِ

وَرَأوهُ بالتَّقليد أولَى مِن سِوَا

هُ بِغَيرِ مَا هدِي وَلا بُرهَانِ

وَعَمُوا عَنِ الوَحيَينِ إذ لَم يَفهَمُوا

مَعنَاهُمَا عَجباً لِذِي الحِرمَانِ

قَولُ الشُّيُوخِ أتَمُّ تِبيَاناً من ال

وَحيَينِ لاَ وَالوَاحِدِ الرَّحمَنِ

النَّقلُ نَقلٌ صَادِقٌ وَالقَولُ مِن

ذِي عِصمَةٍ في غَايَةِ التِّبيَانِ

وَسِوَاهُ إمَّا كَاذِبٌ أو صَحَّ لَم

يَكُ قَولَ مَعصُومٍ وَذِي تِبيَانِ

أفَيَستَوِي النَّقلاَنِ يَا أهلَ النُّهَى

وَالله لاَ يَتَمَاثَلُ النَّقلاَنِ

هَذَا الَّذِي ألقَى العَدَاوَةَ بَينَنَا

فِي الله نَحنُ لأجلِهِ خَصمَانِ

نَصَرُوا الضَّلاَلَةَ مِن سَفَاهَةِ رَأيِهِم

لَكِن نَصَرنَا مُوجبَ القرآنِ

وَلَنَا سُلُوكٌ ضِدَّ مَسلَكِهِم فَمَا

رَجُلاَنِ مِنَّا قَطُّ يَلتَقِيَانِ

إنَّا أبَينَا أن نَدِينَ بِمَا بِهِ

دَانُوا مِنَ الآرَاءِ وَالبُهتَانِ

إنَّا عَزلنَاهَا وَلَم نَعبَأ بِهَا

يَكفِي الرَّسُولُ وَمُحكَمُ الفُرقَانِ

مَن لَم يَكُن يَكفِيهِ ذانِ فَلاَ كَفا

هُ اللهُ شَرَّ حَوَادِثِ الأزمَانِ

مَن لَم يَكُن يَشفِيهِ ذَانِ فَلاَ شَفَا

هُ اللهُ فِي قَلبٍ وَلاَ أبدَانِ

مَن لَم يكُن يُغنِيهِ ذَانِ رَمَاهُ رَبُّ

العَرشِ بِالإِعدَامِ  وَالحِرمَانِ

مَن لَم يَكُن يَهدِيهِ ذَانِ فَلاَ هَدَا

هُ الله سُبلَ الحَقِّ وَالإِيمَانِ

إنَّ الكَلاَمَ مَعَ الكِبَارِ وَلَيسَ مَع

تِلكَ الأراذِلِ سِفلَةِ الحَيَوَانِ

أوسَاخِ هَذَا الخَلقِ بَل أنتَانِهِ

جِيَفِ الوُجُودِ وَأخبَثِ الأنتَانش

الطَّالِبِينَ دِمَاءَ أهلِ العِلمِ لل

كُفرَانِ والعُدوَانِ وَالبُهتَانِ

الشَّاتِمِي أهلَ الحَديثِ عَداوَةً

لِلسُّنَّةِ العُليَا مَعَ القُرآنِ

جَعَلُوا مَسَبَّتَهُم طَعَامَ حُلُوقِهِم

فالله يَقطَعُهَا مِنَ الأذقَانِ

كِبراً وَإعجَاباً وَتِيهَاً زَائِداً

وَتَجَاوُزاً لِمَراتِبِ الإِنسَانِ

لَو كَان هَذَا مِن وَرَاءِ كِفَايَةٍ

كُنَّا حَمَلنَا رَايةَ الشُّكرَانِ

لَكِنَّهُ مِن خَلفِ كُلِّ مُخَلَّفٍ

عَن رُتبَةِ الإِيمَانِ والإحسَانِ

مَن لِي بِشِبهِ خَوَارجٍ قَد كَفَّرُوا

بِالذَّنبِ تَأوِيلاً بِلاَ إحسَانِ

وَلَهُم نُصُوصٌ قَصَّرُوا فِي فَهمِهَا

فاتُوا مِنَ التقصيرِ فِي العِرفَانِ

وَخُصُومُنَا قَد كَفَّرُونَا بِالذِي

هُوَ غَايَةُ التَّوحِيدِ وَالإِيمَانِ

وَمِنَ العَجَائبِ أنَّهُم قَالُوا لِمَن

قَد دَانَ بِالآثَارِ وَالقُرآنِ

أنتُم بِذَا مِثلُ الخَوَارِجِ إنَّهُم

أخَذُوا الظَّوَاهِرَ مَا اهتَدَوا لِمَعَانِ

فَانظُر إلَى ذَا البُهتِ هَذَا وَصفُهُم

نَسَبُوا إلَيهِ شِيعَةََ الإِيمَانِ

سَلُّوا عَلَى سُنَنِ الرَّسُولِ وَحِزبِهِ

سَيفَينِ سَيفَ يَدٍ وَسَيفَ لِسَانِ

خَرَجُوا عَلَيهِم مِثلَ مَا خَرَجَ الألَى

مِن قبلِهِم بِالبَغي وَالعُدوَانِ

وَاللهِ مَا كَانَ الخَوَارِجُ هَكَذَا

وَهُم البُغَاةُ أَئِمَّة الطُّغيَانِ

كَفَّرتُم أصحَابَ سُنَّتِهِ وَهُم

فُسَّاقَ مِلَّتِهِ فَمَن يلحَانِي

إن قُلتُ هُم خَيرٌ وأهدَى مِنكُمُ

وَاللهِ مَا الفِئَتَانِ مُستَوِيَانِ

شَتَّان بَينَ مُكَفِّرٍ بِالسُّنَّةِ ال

عُليَا وَبَينَ مُكَفِّرِ العِصيَانِ

قُلتُم تَأوَّلنَا كَذَاكَ تَأوَّلُوا

وَكِلاكُمَا فِئتَانِ بَاغِيَتَانِ

وَلَكُم عَلَيهِم مِيزَةُ التَعطِيل والتَّ

حرِيفِ والتبدِيلِ والبُهتَانِ

وَلَهُم عَلَيكُم مِيزَةُ الإِثبَاتِ والتَّ

صدِيقِ مع خَوفٍ مِنَ الرَّحمَنِ

ألَكُم عَلى تأويلكم أجرَانِ إذ

لَهُمُ عَلَى تأوِيلهِم وِزرَانِ

حَاشَا رَسُولَ اللهِ مِن ذَا الحُكمِ بَل

أنتُم وَهُم فِي حُكمِه سِيَّانِ

وَكِلاَكُمَا للنِّصِّ فَهوَ مُخَالِفٌ

هَذَا وَبَينَكُمَا مِنَ الفُرقَانِ

هُم خَالَفُوا نَصًّا لِنَصٍّ مِثلِهِ

لَم يَفهَموا التَّوفِيقَ بِالإحسَانِ

لَكِنَّكُم خَالَفتُمُ المَنصُوصَ للش

بَهِ التِي هِيَ فِكرَةُ الأذهَانِ

فَلأيِّ شَيءٍ أنتُمُ خَيرٌ وَأق

رَبُ مِنهُمُ لِلحَقِّ وَالإِيمَانِ

هُم قَدَّمُوا المفهُومَ مِن لَفظِ الكِتَا

بِ عَلَى الحَدِيثِ المُوجِبِ التبيَانِ

لَكِنَّكُم قَدَّمتُمُ رَأيَ الرِّجَا

لِ عَلَيهِمَا أفأنتُم عِدلاَنِ

أم هُم إلَى الإِسلاَمِ أقرَبُ مِنكُمُ

لاَحَ الصَّبَاحُ لِمَن لَهُ عَينَانِ

وَالله يَحكُمُ بَينَكُم يَومَ الجَزَا

بِالعَدلِ وَالإِنصَافِ وَالميزَانِ

هَذَا وَنَحنُ فَمِنهُم بَل مِنكُمُ

بُرَاء إلاَّ مِن هُدًى وَبَيَانِ

فَاسمَع إذا قَولَ الخَوَارِجِ ثُمَّ قَو

لَ خُصُومِنَا واحكُم بِلاَ مَيَلاَنِ

مَن ذا الذِي مِنَّا إذاً أشبَاهُهُم

إن كُنتَ ذَا عِلمٍ وَذَا عِرفَانِ

قَالَ الخَوَارِجُ للرَّسُولِ اعدِل فَلَم

تَعدِل وَمَا ذِي قِسمَةُ الدَّيَّانِ

وَكَذَلِكَ الجَهمِيُّ قَالَ نَظِيرَ ذَا

لَكِنَّهُ قَد زَادَ فِي الطُّغيانِ

قَالَ الصَّوَابُ بانَّه استَولَى فَلِم

قُلتَ استَوَى وَعَدلتَ عَن تِبيَانِ

وَكَذَاكَ يَنزِلُ أمرُهُ سُبحَانَهُ

لِمَ قُلتَ يَنزِلُ صَاحِبُ الغُفرَانِ

مَاذَا بِعَدلٍ فِي العِبَارَةِ وَهيَ مُو

هِمةُ التَّحرُّكِ وانتِقَالِ مَكَان

وَكَذاكَ قُلتَ بأنَّ رَبَّكَ فِي السَّمَا

أوهَمتَ حَيِّزَ خَالِقِ الأكوَانِ

كَانَ الصَّوَابُ بِأن يُقَالَ بأنَّهُ

فَوقَ السَّمَا سُلطَانُ ذِي السُّلطَانِ

وَكَذَاكَ قُلتَ إلَيهِ يُعرَجُ وَالصَّوَا

بُ إلَى كَرَامَةِ رَبِّنَا المَنَّانِ

وَكَذَاكَ قُلتَ بأنَّ مِنهُ يَنزِلُ ال

قُرآنُ تَنزِيلاً مِنَ الرَّحمَنِ

كَانَ الصَّوَابُ بأن يُقَالَ نُزُولُهُ

مِن لَوحِهِ أو مِن مَحَلٍّ ثَانِ

وَتَقُولُ أينَ الله والأينُ مم

تَنِعٌ عَلَيهِ وَليسَ فِي الإمكانِ

لَو قُلتَ مَن كَانَ الصَّوَابَ كَمَا تَرَى

فِي القَبرِ يَسألُ ذَلِكَ المَلَكَانِ

وَتُقُولُ اللَّهُمَّ أنتَ الشَّاهِدُ ال

أعلَى تُشِيرُ بِأصبُعٍ وَبَنَانِ

نَحوَ السَّمَاءِ وَمَا إشَارَتُنَا لَهُ

حِسِّيَّةٌ بَل تِلكَ فِي الأذهَانِ

وَاللهِ مَا نَدرِي الذِي نُبدِيهِ فِي

هَذَا مَنَ التَّأوِيل للإِخوَانِ

قُلنَا لَهُم إنَّ السَّمَا هِي قِبلَةُ الدَّ

اعِي كَبَيتِ الله ذِي الأركَانِ

قَالُوا لنَا هَذا دَليلٌ أنَّهُ

فَوقَ السَّمَاءَِ بِأوضَحِ البُرهَانِ

فَالنَّاسُ طُرّاً إنمَا يَدعُونَه

مِن فَوقُ هذِي فِطرَةُ الرَّحمَنِ

لا يَسألُونَ القِبلَةَ العُليَا وَلَ

كِن يَسألُونَ الربَّ ذَا الإِحسَانِ

قَالُوا وَمَا كَانَت إشَارَتُهُ إلَى

غَيرِ الشَّهِيدِ مُنَزِّلِ الفُرقَانِ

أتُرَاهُ أمسَى لِلسَّمَا مُستشهِداً

حَاشَاهُ مِن تَحرِيفِ ذِي البُهتَانِ

وَكَذَاكَ قُلتُ بأنَّهُ مُتَكَلِّمٌ

وكَلاَمُهُ المَسمُوعُ بِالآذَانِ

نَادَى الكَلِيمَ بِنَفسِهِ وَكَذَاكَ قَد

سَمِعَ النِّدَا فِي الجَنَّةِ الأبَوَانِ

وَكَذَا يُنادِي الخَلقَ يَومَ مَعَادِهِم

بِالصَّوتِ يَسمَعُ صَوتَهُ الثِّقلاَنِ

إنَّي أنَا الدَّيَّانُ آخُذُ حقَّ مَظ

لُومٍ مِنَ العَبدِ الظَّلُومِ الجَانِي

وَتَقُولُ إنَّ اللهَ قَالَ وَقَائِلٌ

وَكَذَا يَقُولُ وَلَيسَ فِي الإِمكَانِ

قَولٌ بِلاَ حَرفٍ وَلاَ صَوتٍ يُرَى

مِن غَيرِ مَا شَفَةٍ وَغَيرِ لِسَانِ

أوقَعتَ فِي التَّشبِيهِ وَالتَّجسِيمِ مَن

لَم يَنفِ مَا قَد قُلتَ فِي الرَّحمَنِ

لَو لَم تَقُل فَوقَ السَّمَاءِ وَلَم تُشِر

بِإشَارَةٍ حِسِّيَّةٍ بِبَيَانِ

وسَكَتَّ عن تِلكَ الأحَادِيثِ التِي

قَد صَرَّحَت بِالفَوقِ  لِلدَّيَّانِ

وَذَكَرتَ أنَّ اللهَ لَيسَ بِدَاخِلٍ

فِينَا وَلاَ هُوَ خَارِجَ الأكوَانِ

كُنَّا انتَصَفنَا مِن أولِي التَّجسِيمِ بَل

كَانُوا لَنَا أسرَى عَبِيدَ هَوَانِ

لَكِن مَنَحتَهُم سِلاَحاً كلمَا

شَاؤوا لَنَا مِنهُم أشَدَّ طِعَانِ

وَغَدَوا بِأسهُمِكَ التِي أعطيتَهُم

يرمُونَنَا غَرَضاً بِكُلِّ مَكَانِ

لَو كُنتَ تَعدِلُ فِي العَبارةِ بَينَنَا

مَا كَانَ يُوجَدُ بَينَنَا رَجفَانِ

هَذَا لِسَانُ الحَالِ مِنهُم وَهوَ فِي

ذَاتِ الصُّدُورِ يُغَلُّ بِالكِتمَانِ

يَبدُوا عَلَى فَلَتَاتِ ألسُنِهِم وَفِي

صَفحَاتِ أوجُهِهِم يُرَى بِعِيَانِ

سِيمَا إذا قُرِىء الحَدِيثُ عَليهِمُ

وَتَلَوتَ شَاهِدَهُ مِنَ القُرآنِ

فَهنَاكَ بَينَ النَّازِعَاتِ وَكُوِّرَت

تِلكَ الوُجُوهُ كَثِيرَةُ الألوَانِ

وَيَكَادُ قَائِلُهُم يُصَرِّحُ لَو يَرَى

مِن قَابِلٍ فَترَاهُ ذَا كِتَمانِ

يَا قَومُ شَاهَدنَا رُؤوسَكُم عَلَى

هَذَا وَلَم نَشهَدهُ مِن إنسَانِ

إلا وَحَشَو فُؤَادِهِ غِلٌّ عَلَى

سُنَنش الرَّسُولِ وَشِيعَةِ القُرآنِ

وَهُوَ الذِي فِي كُتبِهِم لكن بِلُط

فِ عبَارَةٍ مِنهُم وَحُسنِ بَيَانِ

وَأخُو الجَهَالَة نِسبَةٌ للفظ وال

مَعنَى فَنَسبُ العَالشمِ الرَّبَّانِي

يَامَن يَظُنُّ بِأنَّنَا حِفنَا عَلَي

هِم كُتبُهُم تُنبِيكَ عن ذَا الشَّانِ

فَانظُر تَرَى لَكِن نَرَى لَكَ تَركَهَا

حَذَراً عَليكَ مَصَائِدَ الشَّيطَانِ

فَشِبَاكُهَا والله لَم يَعلَق بِهَا

مِن ذِي جَنضاحٍ قَاصِرِ الطَّيرَانش

إلا رَأيتَ الطَّيرَ فِي قَفَصِ الرَّدى

يَبكِي لَهُ نَوحٌ عَلَى الأغصَانِ

وَيَظَلُّ يَخبِطُ طَالِباً لِخَلاَصِهِ

فَيَضِيقُ عَنهُ فُرجَةُ العِيدَانِ

وَالذَّنبُ ذَنبُ الطَّيرِ خلَى أطيَبَ الثَّ

مَرَاتِ فِي عَالٍ مِنَ الأفنَانِ

وَأتَى إِلَى تِلكَ المَزَابِلِ يَبتَغِي ال

فَضَلاَتِ كالحَشَرَاتِ وَالدِّيدَانِ

يَا قَومُ وَالله العَظِيمِ نَصِيحةٌ

مِن مُشفِقٍ وَأخٍ لَكُم مِعَوَانِ

جَرَّبتُ هَذَا كُلَّهُ وَوَقَعت فِي

تِلكَ الشِّبًَاكِ وَكُنتُ ذَا طَيَرَانِ

حَتَّى أتاحَ لِيَ الإِلهُ بِفَضلِهِ

مَن لَيسَ تَجزِيهِ يَدِي وَلِسَانِي

حَبرٌ أتَى مِن أرضِ حَرَّانٍ فَيَا

أهلاً بِمَن قَد جَاءَ مِن حَرَّانِ

فَالله يَجزِيهِ الذِي أهلُه

مِن جَنَّةِ الماوَى مَعَ الرِّضوَانِ

أخَذَت يَدَاهُ يَدِي وَسَارَ فَلَم يَرم

حَتَّى أرَانِي مَطلَعَ الإِيمَانِ

وَرَأيتُ أعلاَمَ المدِينَةِ حَولَهَا

نُزُلُ الهُدَى وَعَسَاكِرُ القُرآنِ

وَرَأيتُ آثاراً عَظِيماً شَأنُهَا

مَحجُوبَةً عَن زُمرَةِ العُميَانِ

وَورَدتُ رَأسَ الماءِ أبيَضَ صَافِياً

حَصبَاؤهُ كلآلىء التِّيجَانِ

وَرَأيتُ أكوَاباً هُناكَ كَثِيرةً

مِثلَ النُّجُومِ لوَارِدٍ ظَمآنِ

وَرَأيتُ حَوضَ الكَوثَرِ الصَّافِي الذِي

لاَ زَالَ يَشخُبُ فِيهِ مِيزَابَانِ

مِيزابُ سُنَّتِهِ وَقَولُ إلهِهِ

وَهُمَا مَدَى الأيَّامِ لاَ يَنيَانِ

وَالنَّاسُ لاَ يَردُونَهُ إلاَّ مِنَ ال

آلافِ أفرَاداً ذَوو إيمَانِ

وَرَدُوا عِذَابَ مَنَاهِلٍ أكرِم بِهَا

وَوَردتُم أنتُم عَذَابَ هَوَانِ

فَبِحقِّ مَن أعطَاكُمُ ذَا العَدلَ وَال

إنصَافَ والتَّخصِيصَ بالعِرفَانِ

مَن ذَا عَلَى دِين الخَوَارِجِ بَعدَ ذَا

أنتُم أمِ الحَشَوِيُّ مَا تَرَيَانِ

والله مَا أنتُم لَدَى الحَشَوِي أه

لاً أن يُقَدِّمَكُم عَلَى عُثمَانِ

فَضلاً عَنِ الفَارُوقِ وَالصديقِ فَض

لاً عَن رَسُولِ الله وَالقُرآنِ

والله لَوأبصَرتُمُ لَرَأيتُمُ ال

حَشوِيَّ حَامِلَ رَايَةِ الإِيمَانِ

وَكَلاَمُ رَبِّ العَالَمِينَ وَعَبدِهُ

فِي قَلبهِ أعلَى وَأكبَرُ شَانِ

مِن أن يُحَرَّفَ عَن مَوَاضِعِهِ وَأن

يُقضَى لَهُ بِالعَزلِ عَن إيقَانِ

وَيَرَى الوِلايَة لابنِ سِينَا أو أبي

نَصرٍ أوِ المَولُودِ مِن صَفوَانِ

أو مَن يُتَابِعُهُم عَلَى كُفرانِهم

أو مَن يُقَلِّدهُم مِنَ العُميَانِ

يَا قَومَنَا بالله قُومُوا وَانظُرُوا

وَتَفَكَّرُوا فِي السِّرِّ وَالإِعلانِ

نَظَراً وإن شِئتُم مُنَاظرةً فَمِن

مَثنَى عَلَى هَذَا وَمِن وُحدَانِ

أيُّ الطَّوَائِفِ بَعد ذَا أدنَى إلَى

قَولِ الرَّسُولِ وَمُحكَمِ القُرآنِ

فَإذَا تَبَيَّنَ ذَا فَإِمَّا تَتبَعُوا

أو تَعذُرُا أو تُؤذِنُوا بِطِعَانِ

وَمِنَ العَجَائِبِ قَولُهُم لِمًَن أقتَدَى

بِالوَحي مِن أثرٍ وَمِن قُرآنِ

حَشوِيةٌ يَعنُونَ حَشواً فِي الوُجُو

دِ وَفَضلَةً فِي أمَّةِ الإِنسَانِ

وَيَظُنُّ جَاهِلُهُم بِأنَّهُمُ حَشَوا

رَبَّ العِبَادِ بِدَاخِلِ الأكوَانِ

إذ قَولُهُم فَوقَ العِبَادِ وَفِي السَّمَا

ءِ الرَّبُّ ذُو المَلَكُوتِ وَالسُّلطَانِ

ظَنَّ الحَمِيرُ بِأنَّ فِي لِلظَّرفِ وَالرَّ

حمَنُ مَحوِيٌّ بِظَرفِ مَكَانِ

وَالله لَم يَسمَع نِداً مِن فِرقَةٍ

قَالَتهُ فِي زَمَنٍ مِنَ الأزمَانِ

لاَ تَبهَتُوا أهلَ الحَدِيثِ بِهِ فَمَا

ذَا قَولَهُم تََبًّا لِذِي البُهتَانِ

بَل قَولُهُم إنَّ السَّمَوَاتِ العُلَى

فِي كَفِّ خَالِقِ هَذِهِ الأكوَانِ

حَقًّا كَخَردَلَةٍ تُرَى فِي كَفِّ مم

سِكِهَا تَعَالَى الله ذُو السُّلطَانِ

أتَرَونَهُ المَحصُورَ بَعدُ أمِ السَّمَا

يَا قَومَنَا ارتَدعُوا عَنِ العُدوَانِ

كَم ذَا مُشِّبِهَةٌ وَكَم حَشوِيَّةٌ

فَالبَهتُ لاَ يَخفَى عَلَى الرَّحمَنِ

يَا قَومُ إن كَانَ الكِتَابُ وَسُنَّةُ ال

مُختَارِ حَشواً فَاشهَدُوا بِبَيَانِ

أنَّا بِحَمدِ إلهنَا حَشوِيةٌ

صِرفٌ بِلاَ جَحدٍ وَلاَ كِتمَانِ

تَدرُونَ مَن سَمَّت شُيُوخُكُمُ بِهَ

ذَا الإِسمِ فِي المَاضِي مِنَ الأزمَانِ

سَمَّى بِهِ ابنُ عُبَيدِ عَبدَاللهِ ذَا

كَ ابنُ الخَلِيفَةِ طَارِدِ الشَّيطَانِ

فَوَرِثتُمُ عَمراً كَمَا وَرِثُوا لِعَب

دِ الله أنَّى يَستَوِي الإرثَانِ

تَدرُونَ مَن أولَى بِهَذَا وَهُ

وَ مُنَاسِبٌ أحوَالَهُ بِوِزَانِ

مَن قَد حَشَا الأورَاقَ وَالأذهَانَ مِن

بِدَعٍ تُخَالِفُ مُوجَبَ القُرآنِ

هَذَا هُوَ الحَشوِيُّ لاَ أهلُ الحَدِي

ثِ أئِمَّةُ الإِسلاَمِ وَالإِيمَانِ

وَرَدُوا عِذَابَ مَنَاهِلِ السُّنَنِ التِي

لَيسَت زُبَالَةَ هَذِهِ الأذهَانِ

وَوَرَدتُمُ القَلُّوطَ مَجرَى كُلِّ ذِي ال

أوسَاخِ وَالأقذَارِ وَالأنتَانِ

وَكَسِلتُمُ أن تَصعَدُوا لِلوِردِ مِن

رَأسِ الشرِيعَةِ خَيبَةَ الكَسلاَنِ

كَم ذَا مُشبِّهَةٌ مُجَسِّمَةٌ نَوَا

بِتَةٌ مَسَبَّةُ جَاهِلٍ فَتَّانِ

أسمَاءُ سَميتُم بِهَا أهلَ الحَدِي

ثِ وَنَاصِرِي القُرآنِ والإِيمَانِ

سَمَّيتُمُوهُم أنتُمُ وَشُيُوخُكُم

بَهتاً بِهَا مِن غَيرِ مَا سُلطَانِ

وَجَعَلتُمُوهَا سُبَّةً لِتُنَفِّرُوا

عَنهُم كَفِعلِ السَّاحِرِ الشَّيطَانِ

مَا ذَنبُهُم وَالله إلاَّ أنَّهُم

أخَذُوا بِوَحيِ اللهِ وَالفُرقَانِ

وَأبَوا بأن يَتَحَيَّزُوا لِمَقَالَةٍ

غَيرِ الحَدِيثِ وَمُقتَضَى القُرآنِ

وَأبَوا يَدِينُوا بِالذِي دِنتُم بِهِ

مِن هَذِهِ الآرَاءِ وَالهَذَيَانِ

وَصَفُوهُ بِالأوصَافِ فِي النَّصَّينِ مِن

خَبَرٍ صَحِيحٍ ثُمَّ مِن قُرآنِ

إن كَانَ ذَا التَّجسِيمَ عِندكُمُ فَيَا

أهلاً بِهِ مَا فِيهِ مِن نُكرَانِ

إنَّا مُجَسِّمَةٌ بِحَمدِاللهِ لَم

نَجحَد صِفَات الخَالِقِ الرَّحمَنِ

وَالله مَا قَالَ امرُؤ مِنَّا بِأنَّ

اللهَ جِسمٌ يَا أولِي البُهتَانِ

وَالله يَعلَم أنَّنَا فِي وَصفِهِ

لَم نَعدُ مَا قَد فِي القُرآنِ

أو قَالَهُ أيضاً رَسُولُ اللهِ فَه

وَ الصَّادِقُ المَصدُوقُ بِالبُرهَانِ

أو قَالَهُ أصحَابُهُ مِن بَعدِهِ

فَهُمُ النُّجُومُ مَطالِعُ الإِيمَانِ

سَمُّوهُ تَجسِيماً وَتَشبِيهاً فَلَس

نَا جَاحِدِيهِ لِذَلِكَ الهَذَيَانِ

بَل بَينَنَا فَرقٌ لَطِيفٌ بل هُو ال

فَرقُ العَظِيمُ لِمَن لَهُ عَينَانِ

إنَّ الحَقِيقَةَ عِندَنَا مَقصُودَةٌ

بِالنَّصِّ وَهوَ مُرَادهُ التِّبيَانِ

لَكِن لَدَيكُم فَهيَ غضيرُ مُرَادَةٍ

أنَّى يُرَادُ مُحَقَّقُ البُطلاَنِ

فَكَلاَمُهُ فِيمَا لَدَيكُم لا حقِي

قَةَ تَحتَهُ تَبدُو إلَى الأذهَانِ

فِي ذِكرِ آيَاتِ العُلُوِّ وَسَائِرِ ال

أوصَافِ وَهيَ القَلبُ للقُرآنِ

بَل قَولُ رَبِّ النَّاسِ لَيسَ حَقِيقَة

فِيمَا لَدَيكُم يَا أولِي العِرفَانِ

وَإذَا جَعَلتُم ذَا مَجَازاً صَحَّ أن

يُنفَى عَلَى الإِطلاَقِ وَالإمكَانِ

وَحَقَائِقُ الألفَاظِ بِالعَقلِ انتَفَت

فِيمَا زَعَمتُم فَاستَوَى النَّفيَانِ

نَفيُ الحَقِيقَةِ وانتِفَاءُ اللَّفظِ إن

دَلَّت عَلَيهِ فَحَظُّكُم نَفيَانِ

وَنَصِيبُنَا إثبَاتُ ذَاكَ جَمِيعِهِ

لَفظاً وَمَعنًى ذاكَ إثبَاتَانِ

فَمَنِ المعَطِّلُ فِي الحَقِيقَةِ غَيرُكُم

لَقَبٌ بِلاَ كَذِبٍ وَلاَ عُدوَانِ

وَإذَا سَبَبتُم بالمُحَالِ فَسَبُّنَا

بِأدِلَّة وَحِجَاج ذِي بُرهَانِ

تُبدِي فَضَائِحَكُم وَتَهتِكُ سِتركُم

وَتُبِينُ جَهلَكُكُ مَعَ العُدوَانِ

يَا بُعدَ مَا بَينَ السِّبَابَ بِذَاكُمُ

وَسِبَابُكُم بِالكِذبِ وَالطُّغيَانِ

مَن سَبَّ بِالبُرهَانِ لَيسَ بِظَالِمٍ

وَالظُّلمُ سَبُّ العَبدِ بالبُهتَانِ

فَحَقِيقَةُ التَّجسِيمِ إن يَكُ عِندكُم

وَصفُ الإِلهش الخَالِقِ الدَّيَّانِ

بِصِفَاتِهِ  العُليَا التَي شَهِدَت بِهَا

آيَاتُهُ وَرَسُولُهُ العَدلانِ

فَتَحَمَّلُوا عَنَّا الشَّهَادَةَ وَاشهَدُوا

فِي كُلِّ مُجتَمَعٍ وَكُلِّ مَكَانِ

أنَّا مُجَسِّمَةٌ بِفَضلِ اللهِ وَل

يَشهَد بِذَلِكَ مَعكُمُ الثَّقَلاَنِ

اللهُ أكبَرُ كَشَّرت عَن نَابِهَا ال

حَربُ العَوَانُ وَصِيحَ بالأقرَانِ

وَتَقَابَلَ الصَّفَّانِ وَانقَسَمَ الوَرى

قِسمَينِ وَاتَّضَحَت لَنَا القِسمَانِ

يَا وَارِدَ القَلُّوطِ وَيحَكَ لَو تَرَى

مَاذَا عَلَى شَفَتَيكَ وَالأسنَانِ

أو مَا تَرَى آثَارَهَا فِي القَلبِ وَالنِّ

يَّاتِ وَالأعمَالِ وَالأركَانِ

لَو طَابَ مِنكَ الوردُ طَابَت كُلُّهَا

أنَّى تَطِيبُ مَوَاردُ الأنتَانِ

يَاوَاردَ القَلُّوطِ طَهِّر فَاكَ مِن

خَبَثٍ بِهِ واغسِلهُ مِن أنتَانِ

ثُمَّ اشتُمِ الحَشوِيَّ حَشوَ الدينِ وال

قُرآنِ وَالآثَارِ وَالإِيمَانِ

أهلاَ بِهم حَشوَ الهُدَى وَسِوَاهم

حَشوُ الضَّلاَلِ فَمَا هُمَا سِيَّانِ

أهلاً بِهِم حَشوَ اليَقِينِ وَغَيرُهُم

حَشَوُ الشُّكُوكِ فَمَا هُمَا صِنوَانِ

أهلاً بِهِم حَشوَ المَسَاجِد وَالسِّوَى

حَشوُ الكَنِيفِ فَمَا هُمَا عِدلاَنِ

أهلاَ بِهِم حَشوَ الجِنَانِ وَغَيرُهُم

حَشوُ الجَحِيمِ أيَستَوِي الحَشوَانِ

يَا وَاردَ القَلُّوطِ وَيحَكَ لَو تَرَى ال

حَشوِيَّ وَارِدَ مَنهَلش القُرآنِ

وَتَرَاهُ مِن رأسِ الشَّرِيعَةِ شَارِباً

مِن كَفِّ مَن قَد جَاءَ بِالفُرقَانِ

وَتَرَاهُ يَسقِي النَّاسَ فَضلَةَ كَأسِهِ

وَخِتَامُهَا مِسكٌ عَلَى رَيحَانِ

لِعَذَرتَهُ إن بَالَ فِي القَلُّوطِ لَم

يَشرَب بِهِ مَع جُملَةِ العُميَانِ

يَا وَارِدَ القَلُّوطِ لاَ تَكسَل فَرأ

سُ المَاءِ فَاقصِدهُ قَرِيبٌ دَانِ

هُوَ مَنهَلٌ سَهلٌ قَرِيبٌ وَاسِعٌ

كَافٍ إذَا نَزَلت بِهِ الثَّقَلاَنِ

وَاللهِ لَيسَ بِأصعَبِ الوِردَين بَل

هُوَ أسهَلُ الوِردَينِ لِلظَّمآنِ

يَاقَومُ وَاللهِ انظُرُوا وَتَفَكَّرُوا

فِي هَذِهِ الأخبَارِ وَالقُرآنِ

مِثلَ التَّدَبُّرِ والتَّفَكُّرِ لِلَّذِي

قَد قَالَهُ ذُو الرَّايِ وَالحُسبَانِ

فَأقَلُّ شَيءٍ أن يَكُونَا عِندَكُم

حَدًّا يَا أولِي العُدوَانِ

وَاللهِ مَا استَوَيَا لَدَى زُعَمَائِكُم

فِي العِلم وَالتَّحقِيقِ وَالعِرفَانِ

عَزَلُوهُمَا بَل صَرَّحُوا بِالعزلِ عَن

نَيلِ اليَقِينِ وَرُتبَةِ البُرهَانِ

قَالُوا وَتِلكَ أدِلَّةٌ لَفظِيَّةٌ

لَسنَا نُحَكِّمُهَا عَلَى الإِيقَانِ

مَا أنزِلَت لِيُنَالَ مِنهَا العِلمُ بال

إثبَاتِ للأوصَافِ للرَّحمَنِ

بَل بِالعُقُولِ يُنَالُ ذَاكَ وَهَذِهِ

عَنهُ بِمَعزَلِ غَيرُ ذِي سُلطَانِ

فَبِجُهدِنَا تَأوِيلُهَا وَالدَّفعُ فِي

أكنَافِهَا دَفعاً لِذِي الصَّوَلاَنِ

كَكَبير قَومٍ جَاءَ يَشهَدُ عِندَ ذِي

حُكمٍ يُريدُ دِفَاعَهُ بِلِيَانِ

فَيَقُولُ قَدرُكَ فَوقَ ذَا وَشَهَادَةٌ

لِسَواكَ تَصلُحُ فَاذهَبَن بِأمَانِ

وَبِوُدِّهِ لَو كَانَ شَيءٌ غَيرَ ذَا

لَكِن مَخَافَةَ صَاحِب السُّلطَانِ

فَلَقَد أتَانَا عَن كَبِيرٍ فِيهِمُ

وَهُوَ الحَقِيرُ مَقَالَةُ الكُفرَانِ

لَو كَان َ يُمكِنُنِي وَلَيسَ بِمُمكِنٍ

لَحَكَكَتُ مِن ذَا المِصحَفِ العُثمَانِي

ذِكرَ استَوَاءِ الرَّبِّ فَوق العَرشِ لَ

كِن ذَاكَ مُمتَنِعٌ عَلَى الإِنسَانِ

وَألله لَولاَ هَيبَةُ الإِسلاَمِ وَال

قرآنِ وَالأمرَاءِ وَألسُّلطَانِ

لأتَوا بكُلِّ مُصِيبَةٍ وَلَد كدَكوا ال

إسلاَمَ فَوقَ قَواعِدِ الأركَانِ

فَلَقَد رَأيتُم مَا جَرَى لأئِمَّةِ ال

إسلاَمِ مِن مِحَنٍ عَلَى الأزمَانِ

لاَ سِيَّمَا لَمَّا استَمَالُوا جَاهِلاً

ذَا قُدرَةٍ فِي النَّاسِ مَع سُلطَانِ

وَسَعَوا إلَيهِ بِكُلِّ إفكٍ بَيِّنٍ

بَل قَاسَمُوهُ بِأغلَظِ الأيمَانِ

أنَّ النَّصِيحَةَ قَصدُهُم كَنَصِيحَةِ الشَّ

يطَانِ حِينَ خَلاَ بِهِ الأبَوَانِ

فَيَرَى عَمَائِمَ ذَاتَ أذنَابٍ عَلَى

تِلكَ القُشُورِ طَويلَةِ الأردَانِ

وَيَرَى هَيُولَى لاَ تَهُولُ لِمبصِرٍ

وَتَهُولُ أعمَى فِي ثِيَابش جَبَانِ

فَإذَا أصَاخَ بِسَمعِهِ مَلَؤوهُ مِن

كَذِبٍ وَتَلبِيسٍ وَمِن بُهتَانِ

فَيَرَى وَيَسمَعُ فَشرَهُم وَفُشَارَهُم

يَا مِحنَةَ العَينَينِ وَالأذُنَانِ

فَتَحُوا جِرَابَ الجَهلِ مَع كَذِبٍ فَخُذ

وَاحمِل بِلاَ كَيلٍ وَلاَ مِيزَانِ

وَأتَوا إِلَى قَلبِ المُطَاعِ فَفتَّشُوا

عَمَّا هُنَاكَ لِيَدخُلُوا بِأمَانِ

فَإِذَا بَدَا غَرَضٌ لَهُم دَخَلُوا بِهِ

مِنهُ إلَيهِ كَحِيلَةِ الشَّيطَانِ

فَإِذَا رَأوهُ هَشَّ نَحو حَدِيثِهِم

ظَفِرُوا وَقَالُوا وَيحَ آلِ فُلاَنِ

هُوَ فِي الطَّرِيقِ يَعُوقُ مَولاَنَا عَن ال

مَقصُودِ وَهوَ عَدُوُّ هَذَا الشَّانِ

فَإذَا هُمُ غَرَسُوا العَدَاوَة وَاظَبُوا

سَقيَ الغِرَاسِ كَفِعلِ ذِي البُستَانِ

حَتَّى إذاَ مَا أثمَرت وَدَنَ لَهُم

وَقتُ الجَذّاذِ وَصَارَ ذَا إمكَانِ

رَكِبُوا عَلَى جُردٍ لَهُم وَحَمِيَّةٍ

وَاستَنجَدُوا بِعَسَاكِرِ الشَّيطَانِ

فَهُنَالِكَ ابتُلِيَت جُنُودُ الله مِن

جُندِ اللعِينِ بِسَائِرِ الألوَانِ

ضَرباً وَحَبساً ثُمَّ تَكفِيراً وَتَب

دِيعاً وَشَتماً ظَاهِرَ البُهتَانِ

فَلَقَد رَأينَا مِن فَريِقٍ مِنهُمُ

أمراً تُهَدُّ لَهُ قُوَى الإِيمَانِ

مِن سَبِّهُم أهلَ الحَدِيثِ وَدِينُهُم

أخذُ الحَدِيث وَتَركُ قَولِ فَلاَنش

يَا أمَّةً غَضِبَ الإلَهُ عَلَيهِمُ

ألأجلِ هَذَا تَشتُمُوا بِهَوَانِ

تَبًّا لَكُم إذ تَشتُمُونَ زَوَامِلَ ال

إسلاَمِ حِزبَ الله وَالقُرآنِ

وَسَبَبتُمُوهُم ثُمَّ لَستُم كُفؤهُم

فََرَأوا مَسَبَّتَكُم مِنَ النُّقصَانِ

هَذَا وَهُم قَبِلُوا وَصِيَّةً رَبِّهِم

فِي تَركِهِم لِمَسَبَّةِ الأوثَانِ

حَذَرَ المُقَابَلَةَ القَبِيحَةَ مِنهُمُ

بِمَسَبَّةِ القُرآنِ وَالرَّحمَنِ

وَكَذَاكَ أصحَابُ الحَدِيثِ فَإنَّهُم

ضُرِبَت لَهُم وَلَكُم بِذَا مَثَلاَنِ

سَبُّوكُمُ جُهَّالُهُم فَسَبَبتُمُ

سُنَنَ الرَّسُولِ وَعَسكَرَ الإِيمَانِ

وَصَدَدتُمُ سُفَهَاءَكُم عَنهُم وَعَن

قَولِ الرَّسُولِ وَذَا مِنَ الطُّغيَانِ

وَدَعَوتُمُوهُم لِلَّذِي قَالَتهُ أش

يَاخٌ لَكم بِالخَرصِ وَالحُسبَانِ

فَأبَوا إجَابَتَكُم وَلَم يَتَحَيَّزُوا

إلاَّ إلَى الآثارِ وَالقُرآنِ

وَإلَى أولِي العِرفَانِ مِن أهلِ الحَدِي

ثِ خُلاَصَةِ الإِنسَانِ وَالأكوَانِ

قَومٌ أقَامَهُمُ الإلَهُ لِحِفظِ هَ

ذَا الدِّينِ مِن ذِي بِدعَةٍ شَيطَانِ

وَأقَامَهُم حَرَساً مِنَ التَّبدِيلِ وَالتَّ

حرِيفِ وَالتتمِيمِ وَالنُّقصَانِ

يُزكٌ عَلَى الإسلامِ بَل حِصنٌ لَهُ

يَأوِي إلَيهِ عَسَاكِرُ الفُرقَانِ

فَهُمُ المَحَكُّ فَمَن يُرَى مُتَنَقصاً

لَهُم فَزِندِيقٌ خَبِيثُ جَنَانِ

إن تَتَّهِمهُ فَقَبلَكَ السَّلَفُ عَلَى الهُدى

وَالعِلمِ والآثارِ والقُرآنِ

وَهُوَ الحَقِيقُ بِذَاكَ إذ عَادَى رُوَا

ةَ الدِّينِ وَهيَ عَدَاوَةُ الدَّيَّانِ

فَإِذَا ذَكَرتَ النَّاصِحينَ لِرَبِّهِم

وَكَتَابِهِ وَرَسُولِهِ بِلِسَانِ

فَاغسِلهُ وَيلَكَ مِنَ دَم التَّعطِيل وَالتَّ

كذِيبِ وَالكُفرَانِ وَالبُهتَانِ

أتَسُبُّهُم عَدواً وَلَستَ بِكُفئِهِم

فَالله يَفدِي حَِزبَهُ بِالجَانِي

قَومٌ هُمُ بِاللهِ ثُمَّ رَسُولِهِ

أولَى وَأقرَبُ مِنكَ لِلإِيمَانِ

شَتَّانَ بَينَ التَّارِكينَ نُصُوصَهُ

حَقًّا لأجلِ زَبَالَةِ الأذهَانِ

وَالتَّارِكِينَ لأجلِهَا آراءَ مَن

آرَائُهُم ضَربٌ مِنَ الهَذَيَانِ

لَمَّا فَسَا الشَّيطَانُ فِي آذَانِهِم

ثُقُلَت رُؤوسُهُمُ عَنِ القُرآنِ

فَلذَاكَ نَامُوا عَنه حَتَّى أصبَحُوا

يَتَلاعَبُوَنَ تَلاَعُبَ الصِّبيَانِ

وَالرَّكبُ قَد وَصَلُوا العُلَى وَتَيَمَّمُوا

مِن أرضِ طَيبَةَ مَطلَع الإِيمَانِ

وَأتَوا إلَى رَوضَاتِهَا وَتَيمَّمُوا

مِن أرضِ مَكَّة مَطلَع القُرآنِ

قَومٌ إذَا مَا نَاجِذُ النَّصِّ بَدَا

طَارُوا لَهُ بِالجَمعِ وَالوُحدَانِ

وَإذَا بَدَا عَلَمُ الهُدَى استَبَقُوا لَهُ

كَتَسَابُقِ الفُرسانِ يَومَ رِهَانِ

وَإِذَا هُمُ سَمِعُوا بِمُبتَدعٍ هَذَى

صَاحُوا بِهِ طُرًّا بِكُلِّ مَكَانِ

وَرِثُوا رَسُولَ اللهِ لِكِن غَيرُهُم

قَد رَاحَ بِالنُّقصَانِ وَالحِرمَانِ

وَإذَا استَهَانَ سِوَاهُمُ بِالنِّصِّ لَم

يَرفَع بِهِ رَأسا مِنَ الخُسرَانِ

عَضُّوا عَلَيهِ بِالنوَاجِذِ رَغبَةً

فِيهِ وَلَيسَ لَدَيهِمُ بِمُهَانِ

لَيسُوا كَمَن نَبَذَ الكِتَابَ حَقِيقَةً

وَتِلاَوَةً قَصداً بِتَركِ فُلاَنِ

عَزَلُوهُ فِي المَعنَى وَوَلُّوا غَيرَهُ

كَأبِي الرَّبِيعِ خَلِيفَةِ السُّلطَانِ

ذَكَرُوهُ فَوقَ مَنَابِرٍ وَبِسِكَّةٍ

رَقَمُوا اسمَهُ فِي ظَاهِرِ الأثمَانِ

وَالأمرُ وَالنَّهيُ المُطَاعُ لِغَيرِهِ

وَلِمُهتَدٍ ضُرِبَت بِذَا مَثَلاَنِ

يَا لِلعُقولِ أيَستَوِي مَن قَالَ بِال

قُرآنِ وَالآثارِ وَالبُرهَانِ

وَمُخَالِفٌ هَذَا وَفِطرَةَ رَبِّهِ

الله أكبَرُ كَيفَ يَستَوِيَانِ

بَل فِطرَةُ اللهِ التَي فُطِرُوا عَلَى

مَضمُونِهَا وَالعَقلُ مَقبُولاَنِ

وَالوَحيُ جَاءَ مُصدِّقاً لَهُمَا فَلاَ

تُلقِ العَدَاوَةَ مَا هُمَا حَربَانِ

سِلمَانِ عِندَ مُوَفَّقٍ وَمُصَدِّقٍ

وَالله يَشهَدُ إنَّهُمَا سِلمَانِ

فإذَا تَعَارَضَ نَصُّ لَفظٍ وَارِدٍ

وَالعَقلُ حَتَّى َلَيسَ يِلتَقِيَانِ

فَالعَقلُ إمَّا فَاسِدٌ وَيَظُنُّهُ الرَّا

ئِي صَحِيحَاً وَهوَ ذُو بُطلاَنِ

أو أنَّ ذَاكَ النصَّ لَيسَ بِثَابِتٍ

مَا قَالَهُ المَعصُومُ بِالبُرهَانِ

وَنُصُوصُهُ لَيسَت تُعَارِضُ بَعضُهَا

بَعضاً فَسَل عَنهَا عَلِيمَ زَمَانِ

وَإذَا ظَنَنتَ تَعَارُضاً فِيهَا فَذَا

مِن آفَةِ الأفهَامِ وَالأذهَانِ

أو أن يَكُونَ البَعضُ لَيسَ بِثَابِتٍ

مَا قَالَهُ المَبعُوثُ بِالقُرآنِ

لَكِنَّ قَولَ مُحَمَّدٍ وَالجَهمِ فِي

قَلبِ المُوَحِّدِ لَيسَ يَجتَمِعَانِ

إلا وَيطرُدُ كُلُّ قَولٍ ضِدَّهُ

فَإِذَا هُمَا اجتَمَعَا فَمُقتَتِلاَنِ

وَالنَّاسُ بَعدُ عَلَى ثَلاثٍ حِزبِهِ

أو حَربِهِ أو فَارِغٍ مُتَوَانِ

فَاختَر لِنَفسِكَ أينَ تَجعَلُهَا فَلاَ

وَالله لَستَ بِرَابِعِ الاعيَانِ

مَن قَالَ بِالتَّعطِيلِ فَهوَ مكَذِّبٌ

بِجَمِيعِ رُسلِ الله والفُرقَانِ

إنَّ المُعَطِّلَ لاَ إلَه لهُ سِوَى ال

مَنحُوتِ بِالأفكَارِ فِي الأذهَانِ

وَكَذَا إلَهُ المشرِكِينَ نُحَيتَهُ ال

أيدِي هُمَا فِي نَحتِهِم سِيَّانِ

لَكِن إلَهُ المُرسَلِينَ هُوَ الذِي

فَوقَ السَّمَاءِ مُكونُ الأكوَانِ

تاللَّهِ قَد نَسَبَ المعَطِّلُ كُلَّ مَن

بِالبيِّنَاتِ أتَى إلَى الكِتمَانِ

وَاللهِ مَا فِي المُرسَلِينَ مُعَطِّلٌ

نَافَى صِفَاتِ الوَاحِد الرَّحمنِ

كَلاَّ وَلاَ فِي المُرسَلِينَ مُشَبِّهٌ

حَاشَاهُمُ مِن إفكِ هذي بُهتَانِ

فَخُذِ الهُدَى مِن عبدِهِ وَكِتَابِهِ

فَهُمَا إلَى سُبُلِ الهُدَى سَبَبَانِ

وَاحذَر مَقَالاَتِ الذِينض تَفَرَّقُوا

شِيَعاً وَكَانُوا شِيعَةَ الشَّيطَانِ

وَأسأل خَبِيراً عَنهُم يُنبِيكَ عَن

أسرَارِهِم بِنَصِيحَةٍ وَبَيَانِ

قَالُوا الهُدَى لاَ يُستَفَادُ بِسُنَّةٍ

كَلاَّ وَلاَ أثَرٍ وَلاَ قُرآنِ

إذ كُلُّ ذَاكَ أدِلَّةٌ لَفظِيَّةٌ

لَم تُبدِ عَن عِلمٍ وَلاَ إيقَانِ

فِيهَا اشتِرَاكٌ ثُمَّ إجمَالٌ يُرَى

وَتَجَوُّزٌ بِالزَّيدِ وَالنُقصَانِ

وَكَذَلِكَ الإِضمَارُ وَالتَّخصِيصُ وَال

حَذفُ الذِي لَم يُبدِ عَن تِبيَانِ

وَالنَّقلُ آحادٌ فََموقُوفٌ عَلَى

صِدقِ الرُّوَاةِ وَلَيسَ ذَا بُرهَانِ

إذ بَعضُهُم فِي البَعضِ يَقدَحُ دَائِماً

وَالقَدحُ فِيهِم فَهوَ ذُو إمكَانِ

وَتَوَاتُرٌ وَهوَ القَلِيلُ وَنَادِرٌ

جِدًّا فَأينَ القَطعُ بِالبُرهَانِ

هَذَا وَيَحتَاجُ السَّلاَمَةَ بَعدُ مِن

ذَاكَ المُعَارِضِ صَاحِبِ السُّلطَانِ

وَهُوَ الذِي بِالعقلِ يُعرَفُ صِدقُهُ

وَالنَّفيُ مَظنُونٌ لَدَى الإِنسَانِ

فَلأجلِ هَذَا قَد عَزَلنَاهَا وَوَلَّي

نَا العُقُولَ وَمَنطِقَ اليُونَانِ

فانظُر إِلَى الإِسلامِ كَيفَ بَقُاؤهُ

مِن بَعدِ هَذَا القَولِ ذِي البُطلاَنِ

وَانظُر إلَى القُرآنِ مَعزَولاً لَدَي

هِم عضن نُفُوذِ وَلاَيَةِ الإِيقَانِ

وَانظًر إِلَى قَولِ الرَّسُولِ كذَلكَ مَع

زُولاً لَدَيهِم لَيسَ ذَا سُلطَانِ

وَاللهِ مَا عَزَلُوهُ تَعظِيماً لَهُ

أيَظُنُّ ذَلِكَ قَطُّ ذُو عِرفَانِ

يَا لَيتَهُم إذ يَحكُمُونَ بِعَزلِهِ

لَم يَرفعُوا رَايَاتِ جَنكِسخَانِ

يَا وَيلُهُم وَلُّوا نَتَاِجَ فِكرِهِم

وَقَضَوا بِهَا قَطعاً عَلَى القُرآنِ

وَرِذَالُهُم وَلُّوا إشَارَاتِ ابنِ سِي

نَا حِينَ وَلُّوا مَنطِقَ اليُونَانِ

وَانظُر إلَى نَصِّ الكِتَابِ مُجَدَّلاً

وَسَطَ العَرِينش مُمزَّقَ اللُّحمَانِ

بِالطَّعنِ بِالإِجمَالِ وَالإٍضمَارِ وَالتَّ

خصِيصِ وَالتَّأوِيلِ بِالبُهتَانِ

وَالإِشتِرَاكُ وَبِالمَجَازِ وَحَذفِ مَا

شَاؤُوا بِدَعوَاهُم بِلاَ بُرهَانش

وَانظُر إلَيهِ لَيسَ يَنفُذُ حُكمُهُ

بَينَ الخُصُومِ وَمَا لَهُ مِن شَانِ

وَانظُر إلَيهِ لَيسَ يُقبَلُ قولُهُ

فِي العِلمِ بِالأوصَافِ للرَّحمَنِ

لَكِنَّمَا المَقبُولُ حُكمُ العَقلِ لاَ

أحكَامُهُ لاَ يَستَوِي الحُكمَانِ

يَبكِي عَليهِ أهلُهُ وَجُودُهُ

بِدمَائِهِم وَمَدَامِعِ الأجفَانِ

عَهدُوهُ قِدماً لَيسَ يَحكُمُ غَيرُهُ

وَسوَاهُ مَعزُولٌ عَنِ السُّلطَانِ

إن غَابَ نَابَت عَنهُ أقوَالُ الرَّسُو

لِ هُمَا لَهُم دُونَ الوَرَى حَكَمَانِ

فَأتَاهُمُ مَا لَم يَكُن فِي ظَنِّهِم

فِي حُكمِ جَنكِسخَانِ ذِي الطُّغيَانِ

بِجُنُودِ تَعطِيلٍ وَكُفرَانٍ مِن ال

مَغُولِ ثُمَّ اللاَّصِ وَالعَلاَّنِ

فَعَلُوا بِمِلَّتِهِ وَسُنَّتِهِ كَمَا

فَعَلُوا بِأمَّتِهش مِنَ العُدوَانِ

وَاللهِ مَا انقَادُوا لِجَنكِسخَانَ حَتَّ

ى أعرَضُوا عَن مُحكَمِ القُرآنِ

وَاللهِ مَا وَلُّوه إلاَّ بَعدَ عَز

لِ الوَحيِ عَن عِلمٍ وَعَن إيقَانِ

عَزَلُوهُ عَن سُلطَانِهِ وَهُوَ اليَقِي

نُ المستَفَادُ لَنا مِنَ السُّلطَانِ

هَذَا وَلَم يَكفِ الذِي فَعَلُوهُ حَتَّ

ى تَمَّمُوا الكُفرَانَ بِالبُهتَانِ

جَعَلُوا القُرآنِ عِضِينَ إذ عَضَّوهُ أن

وَاعاً مُعَدَّدةً مِنَ النُّقصَانش

مِنهَا انتِفَاءُ خُرُوجِهِ مِن رَبِّنَا

لَم يَبدُ مِن رَبٍّ وَلاَ رَحمَنِ

لَكِنَّهُ خَلقٌ مِنَ اللَّوحِ ابتَدَا

أو جَبرَئِيلَ أوِ الرَّسُولِ الثَّانِي

مَا قَالَهُ رَبُّ السَّمَوَات العُلَى

لَيسَ الكَلامُ بِوَصفِ ذِي الغُفرَانِ

تَبًّا لَهُم سَلبُوهُ أكمَلَ وَصفِهِ

عَضَهُوهُ عَضهَ الرَّيبش وَالكُفرَانِ

هَل يَستَوِي باللهِ نِسبَتُهُ إلَى

بَشَرٍ وَنِسبَتُهُ إلَى الرَّحمنَ

مِن أينَ للمَخلُوقِ عَينُ صِفَاتِهِ

اللهُ أكبَرُ لَيسَ يَستَوِيَانِ

بَينَ الصِّفَاتِ وَبَينَ مَخلُوقٍ كَمَا

بَينَ الإِلَهِ وَهَذِهِ الأكوَانِ

هَذَا وَقَد عَضهُوهُ أنَّ نُصُوَصَهُ

مَعزُولَةٌ عَن إمرَةش الإِيقانِ

لَكِنَّ غَايَتَهَا الظُّنُونُ وَلَيتَهُ

ظَنًّا يَكُونُ مُطَابِقاً بِبَيَانِ

لَكِن ظَوَاهِرُ مَا يُطَابِقُ ظَنَّهَا

مَا فِي الحَقِيقَةِ عِندَنَا بِوِزَانِ

إلاَّ إِذَا مَا أوِّلَت فَمَجَازُهَا

بِزِيَادَةٍ فِيهَا أوِ النُّقصَانِ

أو بِالكِنَايَةِ وَاستِعَارَاتٍ وَتَش

بِيهٍ وَأنوَاعِ المَجَازِ الثَّانِي

فَالقَطعُ لَيسَ يُفِيدُهُ وَالظَّن مَن

فِيٌّ كَذَلِكَ فانتَفَآ الأمرَانِ

فَلِمَ المَلاَمَةُ إذ عَزَلنَاهَا وَوَلَّ

ينَا العُقُولَ وَفِكرَةَ الأذهَانِ

فَاللهُ يُعظِمُ فِي النُّصُوصِ أجُورَكُم

يَا أمَّةَ الآثَارِ والقُرآنِ

مَاتَت لَدَى الأقوَامِ لاَ يُحيُونَهَا

أبداً وَلاَ تُحييهُمُ لِهَوَانِ

هَذَا وَقَولُهُم خِلاَفُ الحِسِّ وَال

مَعقُولِ وَالمَنقُولِ وَالبُرهَانِ

مَعَ كَونِهِ أيضاً خِلاَفَ الفِطرَةش ال

أولَى وَسُنَّةِ رَبِّنَا الرَّحمَنِ

فَاللهُ قَد فَطَرَ العِبَادَ عَلَى التَّفَا

هُمِ بِالخِطَابِ لِمَقصَدِ التِّبيَانِ

كُلٌّ يَدُلُّ عَلَى الذِي فِي نَفسِهِ

بِكَلامِهِ مِن أهلِ كُلِّ لِسَانِ

فَتَرَى المُخَاطِبَ قَاطِعاً بِمُرَادِهِ

هَذَا مَعُ التَّقصِير فِي الإِنسَانِ

إذ كُلُّ لَفظٍ غَيرِ لَفظِ نَبِيِّنَا

هُوَ دُونَهُ فِي ذَا بِلاَ نُكرَانِ

حَاشَا كَلاَمَ اللهِ فَهوَ الغَايَةُ ال

قُصوَى لَهُ أعلَى ذُرَى التِّبيَانِ

لَم يَفهَمِ الثَّقَلاَنِ مِن لَفظٍ كَمَا

فَهِمُوا مِنَ الاخبَارِ وَالقُرآنِ

فَهُوَ الذِي استَولَى عَلَى التبيان كاس

تِيلاَئِه حَقًّا عَلَى الإِحسَانِ

مَا بَعدَ تِبيَانِ الرَّسُولِ لنَاظِرٍ

إلاَّ العَمَى وَالعيبُ فِي العُميَانِ

فَانظُر إلَى قَولِ الرَّسُولِ لِسَائِلٍ

مِن صَحبِهِ عَن رُؤيةِ الرَّحمَنِ

حَقًّا تَرَون إلَهَكُم يَومَ اللِّقَا

رُؤيَا العِيَانِ كَمَا يُرَى القَمَرَانِ

كَالبَدرِ لَيلَ تَمامِهِ وَالشَّمسِ فِي

نَحرِ الظَّهِيرَةِ مَا هُمَا مِثلاَنِ

بَل قَصدُه تَحقِيقُ رُؤيَتِنَا لَهُ

فَأتَى بأظهَرِ مَا يُرَى بِعِيَانِ

وَنَفَى السَّحَابَ وَذَاكَ أمرٌ مَانِعٌ

مِن رُؤيةِ القَمَرَينِ فِي ذَا الآنِ

فَإذَا أتَى بالمُقتَضِي وَنَفَى المَوَا

نِعَ خَشيَةَ التقصيرِ فِي التِّبيَانِ

صَلَّى عَلَيه الله مَا هَذَا الذِي

يَأتشي بِهِ مِن بَعدِ ذَا التِّبيَانِ

مَاذَا يَقُولُ القَاصِدُ التبيَانَ يَا

أهلَ العَمَى مِن بَعدِ ذَا التِّبيَانِ

فَبِأيِّ لَفظٍ جَاءَكُم قُلتُم لَهُ

ذَا اللَّفظِ مَعزُولٌ عَن الإِيقَانِ

وَضَربتُم فِي وَجهِهش بِعَسَاكِرِ التَّ

أوِيلِ دَفعاً مِنكُم بِلِيَانِ

لَو أنَّكُم وَاللهِ عَامَلتُم بِذَا

أهلَ العُلُومِ وَكُتبَهُم بِوِزَانِ

فَسَدَت تَصانِيفُ الُوجُودِ بأسرِهَا

وَغَدَت عُلُومُ النَّاسِ ذَاتَ هَوَانِ

هَذَا وَليسُوا فِي بَيَانِ عُلُومِهِم

مِثلَ الرَّسُولِ وَمنزِلِ القُرآنِ

وَالله لَو صحَّ الذِي قَد قُلتُمُ

قُطِعَت سَبِيلُ العِلمِ والإِيمَانِ

فَالعقلُ لا يَهدِي إلَى تَفصِيلِهَا

لَكِنَّ مَا جَاءَت بِهِ الوَحيَانِ

فإذَا غَدَا التفصِيلُ لَفظِيًّا وَمَع

زُولاً عَنِ الإِيقَانِ والرُّجحَانِ

فَهُنَاكَ لاَ عِلماً أفَادت لاَ وَلاَ

ظَنًّا وَهَذا غَايَةُ الحِرمَانِ

لَو صَحَّ ذَاكَ القَولُ لَم يَحصُل لَنَا

قَطعٌ بِقُولٍ قَطُّ مِن إنسَانِ

وَغَدَا التَّخَاطُبُ فَاسسداً وفَسَادُهُ

أصلُ الفَسَادِ لنَوعِ ذَا الإِنسَانِ

مَا كَانَ يَحصُلُ عِلمُنَا بِشَهَادَةٍ

وَوَصِيَّةٍ كَلاَّ وَلاَ أيمَانِ

وَكَذَلِكَ الإقرَارُ يُصبحُ فَاسِداً

إذ كَانض مُحتَمِلاً لِسَبعِ مَعَانِ

وَكَذَا عُقُودُ العَالَمِينَ بِأسرِهَا

بِاللَّفظِ إذ يَتَخَاطَبُ الرَّجُلاَنِ

أيَسُوغُ للشُّهَدَا شَهَادَتَهُم بِهَا

مِن غَيرِ عِلمٍ مِنهُمُ بِبَيَانِ

إذ تِلكُمُ الألفَاظُ غَيرُ مُفِيدَةٍ

لِلِعِلمِ بَل لِلظَّنِّ ذِي الرُّجحَانِ

بَل لاَ يَسُوغُ لِشَاهِدٍ أبَداً شَهَا

دتُهُ عَلَى مَدلُولِ نُطِقِ لِسَانِ

بَل لاَ يُرَاقُ دَمٌ بِلَفظِ الكُفرِ مِن

مُتَكَلِّمٍ بِالظِّنِّ وَالحُسبَانِ

بَل لاَ يُبَاحُ الفَرجُ بِالإِذنِ الذِي

هُوَ شَرطُ صِحَّتِهِ مِنَ النِّسوَانِ

أيَسُوغُ للشُّهَدَاءِ جَزمُهُم بِأن

رَضِيَت بَلَفظٍ قَابِلٍ لِمَعَانِ

هَذَا وَجُملَةُ مَا يُقَالُ بِأنَّهُ

فِي ذَا فَسَادُ العَقلِ وَالأديَانِ

هَذَا وَمِن بُهتَانِهِم أنَّ اللُّغَا

تِ أتَت بِنَقلِ الفَردِ وَالوحدَانِ

فَانظُر إلَى الألفَاظِ فِي جَرَيَانِهَا

فِي هَذِهِ الأخبَارِ وَالقُرآنِ

أتَظُنُّهَا تَحتَاجُ نَقلاً مُسنَداً

مُتَوَاتِراً أو نَقلُ ذِي وِحدَانِ

أم قَد جَرَت مَجرَى الضُّرُورِيَّاتِ لاَ

تَحتَاجُ نَقلاً وَهيَ ذَاتُ بَيَانِ

إلاَّ الاقَلُ فَإنَّهُ يَحتَاجُ للنَّ

قلِ الصَّحِيحِ وَذَاكَ ذُو تِبيَانِ

وَمِنَ المَصَائِبِ قَولُ قَائِلِهِم بِأنَّ

اللهَ أظهَرُ لَفظَةٍ بِلِسَانِ

وَخِلاَفُهُم فِيهِ كَثيرٌ ظَاهِرٌ

عَربِيُّ وَضع ذَاك أم سِريانِي

وَكذَا اختِلاَفُهُم أمشتَقًّا يُرَى

أم جَامِداً قَولاَنِ مَشهُورَانِ

وَالأصلُ مَاذَا فِيهِ خُلفٌ ثَابِتٌ

عِندَ النُّحَاةِ وَذَاكَ ذُو ألوَانِ

هَذَا وَلفظُ اللهِ أظهرُ لَفظٍ

نَطَقَ اللِّسَانُ بِهَا مَدَى الأزمَانِ

فانظُر بِحَقِّ اللهِ مَاذا فِي الَّذِي

قُالُوهُ مِن لَبسٍ وَمِن بُهتَانِ

هَل خَالَفَ العُقَلاَءُ أنَّ الله رّبُّ

العَالَمِينَ مُدَبِّرُ الأكوَانِ

مَا فِيهِ إجمَالٌ وَلاَ هُوَ مُوهِمٌ

نَقلَ المَجازِ وَلاَ لَهُ وَضعَانِ

وَالخَلفُ فِي أحوَالِ ذَاكَ اللَّفظِ لاَ

فِي وَضعِهِ لَم يَختِلِف رَجلاَنِ

وَإذا هُمُ اختَلَفُوا بِلَفظَةِ مَكَّةٍ

فِيهِ لَهُم قَولاَنِ مَعرُوفَانِ

أفَبَينَهُم خُلفٌ بِأنَّ مُرَادَهُم

حَرَمُ الإِلَهِ وَقِبلَةُ البُلدَانِ

وَإذَا هُمُ اختَلَفوا بِلَفظَةِ أحمَدٍ

فِيهِ لَهُم قَولاَنِ مَذكُورَانِ

أفَبَينَهُم خُلفٌ بِأنَّ مُرَادَهُم

مِنهُ رَسُولُ اللهِ ذُو البُرهَانِ

وَنظِيرُ هَذَا لَيسَ يُحصَرُ كَثرَةً

يَا قَومُ فَاستحيُوا مِنَ الرَّحمَنِ

أبِمِثلِ ذَا الهَذَيَانِ قَد عُزِلَت نُصُو

صُ الوَحيِ عَن عِلمٍ وَعَن إيقَانِ

فَالحَمدُ للهِ المُعَافِي عَبدَهُ

مِمَّا بَلاَكُم يَا ذَوِي العِرفَانِ

فَلأجلِ ذَاكَ نَبَذُوا الكِتَابَ وَرَاءهُم

وَمَضَوا عَلى آثارِ كُلِّ مُهَانِ

وَلأجلِ ذَاكَ غَدَوا عَلَى السُّنَنِ الَّتِي

جَاءت وأهلِيهَا ذوِي أضغَانِ

يَرمُونَهُم كَذِباً بِكُلِّ عَظِيمَةٍ

حَاشَاهُم مِن إفكِ ذِي بُهتَانِ

فَرَمَوهُمُ بَغياً بِمَا الرَّامِي بِهِ

أولَى لِيدفَعَ عَنهُ فِعلَ الجَانِي

يَرمِي البَرِيءَ بِمَا جَنَاهُ مُبَاهِتاً

وَلِذَاكَ عِندَ الغِرِّ يَشتَبِهَانش

سَمُّوهُمُ حَشويَّةً وَنَوَابتاً

وَمُجَسِّمِينَ وَعَابِدِي أوثَانِ

وَكَذاكَ أعدَاءُ الرَّسُولِ وَصَحبِهِ

وَهُمُ الرَّوَافِضُ أخبَثُ الحَيَوَانِ

نَصَبُوا العَداوَةَ للصَّحابَةِ ثُمَّ سَمَّ

وا بِالنَّوَاصِبِ شِيعَةَ الرَّحمَنِ

وَكَذَا المُعَطِّلُ شَبَّهَ الرَّحمَنَ بِال

مَعدُومِ فاجتَمَعَت لَهُ الوَصفَانِ

وَكَذَاكَ شَبَّهَ قَولَهُ بِكَلاَمِنَا

حَتَّى نَفَاهُ وَذَانِ تشبِيهَانِ

وأتَى إلَى وَصفِ الرَّسُولِ لِرَبِّهِ

سَمَّاهُ تَشبِيهاً فَيَا إخوَانش

بِاللهِ مَن أولَى بهذَا الإِسمِ مِن

هَذَا الخَبِيثِ المُخبِثِ الشَّيطانِ

إن كَانَ تَشبِيهاًً ثُبُوتُ صِفَاتِهِ

سُبحَانَهُ فَبِأَكمَلش ذِي شَانِ

لَكِنَّ نَفيَ صِفَاتِهِ تَشبِيهُهُ

بِالجَامَدَاتِ وَكُلِّ ذِي نُقصَانِ

بَل بِالذِي هُوَ غَيرُ شَيءٍ وَهُوَ مَع

دُومٌ وَإن يُفرَض فَفِي الأذهَانِ

فَمِنِ المُشَبِّهُ بِالحَقَيقَةِ أنتُمُ

أم مُثبِتُ الاوصَافِ للرِّحمَنِ

هَذَا وَثَمَّ لَطِيفَةٌ عَجَبٌ سَأب

دِيهَا لَكُم يَا مَعشَرَ الإِخوَانِ

فَاسمَع فَذَاكَ مُعَطِّلٌ وَمُشَبِّهٌ

وَاعقِل فَذَاك حَقِيقَةُ الإِنسَانِ

لاَ بُدَّ أن يَرِثَ الرَّسُولَ وَضِدَّهُ

فِي النَّاسِ طَائِفَتَانش مُختَلِفَانِ

فَالوَارِثُونَ لَهُ عَلَى مِنهَاجِهِ

والوَارثُونَ لِضِدِّهِ فِئتَانِ

إحدَاهُمَا حَربٌ لَهُ ولِحِزبِهِ

مَا عِندَهُم فِي ذَاكَ مِن كِتمَانش

فَرَمَوهُ مِن ألقَابِهِم بِعَظَائِمٍ

هُم أهلُهَا لاَ خِيرَةُ الرَّحمَنش

فَأتَى الألَى وَرِثُوهُمُ فَرَمَوا بِهَا

وُرَّاثَهُ بِالبَغيِ وَالعُدوَانِ

هَذَا يُحَقِّقُ إِرثَ كُلٍّ مِنهُمَا

فَاسمَع وَعِه يَا مَن لَهُ أذُنَانِ

وَالآخَرُونَ أولُو النِّفَاقَ فَأضمَرُوا

شَيئاً وَقَالُوا غَيرَهُ بِلِسَانِ

وَكَذَا المُعَطِّلُ مُضمِرٌ تَعطِيلَهُ

قَد أظهَرَ التَّنزِيهَ للرَحمَنِ

هَذِي مَوارِيثُ العِبَادِ تَقَسَّمَت

بَينَ الطَّوَائِفِ قِسمَةَ المَنَّانِ

هَذَا وَثَمَّ لَطِيفَةٌ أخرَى بِهَا

سُلوَانُ مَن قَد سُبَّ بِالبُهتَانِ

تَجِدُ المُعَطِّلَ لاَعِناً لِمُجَسِّمٍ

وَمُشَبِّهٍ لله بالإِنسَانِ

وَالله يَصرِفُ ذَاك عَن أهلِ الهُدَى

كَمُحَمَّدٍ وَمُذَمَّمٍ إسمَانِ

هُم يَشتُمُونَ مُذَمَّماً وَمُحَمَّدٌ

عَن شَتمِهِم فِي مَعزِلٍ وَصِيَانِ

صَانَ الإِلَهُ مُحَمَّداً عَن شَتمِهِم

فِي اللَّفظِ وَالمعنَى همَا صِنوَانِ

كَصِيَانَةٍ الأتبَاعِ عَن شتمِ المُعَطِّ

لِ للمُشَبِّهِ هَكَذَا الإرثَانِ

وَالسَّبُّ مَرجِعُهُ إلَيهِم إذ هُمُ

أهلٌ لِكُلِّ مَذَمَّةٍ وَهَوَانِ

وَكَذَا المُعَطِّلُ يَلعُنُ اسمَ مُشَبِّهٍ

وَاسمُ المُوَحِّدِ فِي حِمَى الرَّحمَنِ

هَذِي حِسَانُ عَرَائِسٍ زُفَّت لَكُم

وَلَدَى المُعطِّلِ هُنَّ غَيرُ حِسَانِ

وَالعِلمُ يَدخُلُ قَلبَ كُلِّ مُوَفَّقٍ

مِن غَيرِ بَوَّابٍ وَلاَ استئِذَانِ

وَيَرُدُّهُ المَحرُومُ مِن خُذلاَنِهِ

لاَ تُشقِنَا اللَّهُمَّ بالحِرمَانِ

يَا فِرقَةً نَفَتِ الإِلَهَ وَقَولَهُ

وَعُلُوَّهُ بِالجَحدِ وَالكُفرَانِ

مُوتُوا بِغَيظِكُمُ فَرَبِّي عَالِمٌ

بِسَرَائِرٍ مِنكُم وَخُبثِ جَنَانِ

فَالله نَاصِرُ دِينِهِ وَكِتَابِهِ

وَرَسُولِهِ بِالعِلمِ وَالسّلطَانِ

وَالحَقُّ رُكنٌ لاَ يَقُومُ لِهَدِّهِ

أحَدٌ وَلَو جُمِعَت لَهُ الثَّقَلاَنِ

تُوبُوا إلَى الرَّحمَنِ مِن تَعطِيلكُم

فَالرَّبُّ يَقبَلُ تَوبَةَ النَّدمَانِ

مَن تَابَ مِنكُم فَالجِنَانُ مَصِيرُهُ

أو مَاتَ جَهمِيًّا فَفِي النِّيرَانِ

وَاسمَع وَعِه سِراًّ عَجِيباً كَانَ مَك

تُوماً مِنَ الأقوَامش مُنذُ زَمَانِ

فَأذَعتُهُ بَعدَ اللُتَيَّا وَالتِي

نُصحاً وَخَوفَ مَعَرَّةِ الكِتَمَانِ

جِيمٌ وَجِيمٌ ثُمَّ جِيمٌ مَعهُمَا

مَقرُونَةً مَع أحرُفٍ بِوِزَانِ

فِيهَا لَدَى الأقوَامِ طِلَّسمٌ مَتَى

تَحلُلهُ تَحلُل ذِروَةَ العِرفَانِ

فَإذَا رَأيتَ الثَّورَ فِيهِ تَقَارَنَ ال

جِيمَاتُ بِالتَّثلِيثِ شَرَّ قِرَانِ

دَلَّت عَلَى أنَّ النُّحُوسَ جَمِيعَهَا

سَهمُ الَّذِي قَد فَازَ بِالخُذلاَنِ

جَبرٌ وَإرجَاءٌ ثُمَّ جِيمُ تَجَهُّمٍ

فَتَأمَّل المَجمُوعَ فِي المِيزَانِ

فَاحكُم بِطَالِعِهَا لِمَن حَصَلَت لَهُ

بِخَلاَصِهِ مِن رِبقَةِ الإِيمَانِ

فَاحمِل عَلَى الأقدَارِ ذَنبُكَ كُلَّهُ

حَملَ الجُذُوعِ عَلَى قُوَى الجُدرَانِ

وَافتَح لِنَفسِكَ بَابَ عُذرِكَ إذ تَرى ال

أفعَالَ فِعلَ الخَالِقِ الدَّيَّانِ

فَالجَبرُ يُشهِدُكَ الذُّنُوبَ جَمِيعَهَا

مِثلَ ارتِعَاشِ الشَّيخِ ذِي الرَّجَفَانِ

لاَ فَاعِلٌ أبَداً وَلاَ هُوَ قَادِرٌ

كَالمَيتِ أُدرِجَ دَاخِلَ الأكفَانِ

وَالأمرُ والنَّهيِ اللَّذَانِ تَوَجَّهَا

فَهُمَا كَأمرِ العَبدِ بِالطَّيَرَانِ

وَكَأمرِهِ الأعمَى بِنَقطِ مَصَاحِفٍ

أو شَكلِهَا حَذَراً مِنَ الألحَانِ

وَذَا ارتَفَعتَ دُرَيجَةً أخرَى رَأي

تَ الكُلَّ طَاعَاتٍ بِلاَ عِصيَانِ

إن قِيلَ قَد خَالفَت أمرَ الشَّرعِ قُل

لَكِن أطَعتُ إرَادَةَ الرَّحمَنِ

وَمُطِيعُ أمرِ اللهِ مِثلُ مُطِيعِ مَا

يَقضِي بِهِ وَكِلاَهُمَا عَبدانِ

عَبدُ  الأوَامِرِ مِثلُ عَبدِ مَشِيئَةٍ

عِندَ المُحَقِّقِ لَيسَ يَفتَرِقَانش

فَانظُر إلَى مَا قَادَتِ الجِيمُ الَّذِي

لِلجَبرِ مِن كُفرٍ وَمِن بُهتَانِ

وَكَذَلكَ الإِرجَاءُ حِينَ تُقِرُّ بِال

مَعبُودِ تُصبِحُ كَامِلَ الإِيمَانِ

فَارمِ المَصَاحِفَ فِي الحُشُوشِ وَخَرب

البَيتَ العَتِيقَ وَجِدَّ فِي العِصيَانِ

وَاقتُل إذَا مَا اسطَعتَ كُلَّ مُوَحِّدٍ

وَتَمَسَّحَن بِالقِسِّ وَالصُّلبَانِ

وَاشتُم جَمِيعَ المُرسَلِينَ وَمَن أتَوا

مِن عِندِهِ جَهراً بِلاَ كِتمَانِ

وَإِذَا رَأيت حِجَارَةً فَاسجُد لَهَا

بَل خُرَّ لِلأصنَامِ وَالأوثَانِ

وَأقِرَّ أنَّ اللهَ جَلَّ جَلاَلُهُ

هُوَ وَحدَهُ البَارِي لِذِي الأكوَانِ

وَأقِرَّ أنَّ رَسُولَهُ حَقًّا أتَى

مِن عِندِهِ بِالوَحيِ وَالقُرآنِ

فَتَكُونَ حَقًّا مُؤمِناً وَجَمِيعُ ذَا

وِزرٌ عَلَيكَ وَلَيسَ بِالكُفرَانِ

هَذَا هُوَ الإِرجَاءُ عِندَ غُلاَتِهِم

مِن كُلِّ جَهمِيٍّ أخِي الشَّيطَانِ

فَأضِف إلَى الجِيمَين جِيمَ تَجَهُّمٍ

وَانفِ الصِّفَاتِ وَألقِ بِالأرسَانِ

قُل لَيسَ فَوقَ العَرشِ رَبٌّ عَالِمٌ

بِسَرَائِرٍ مِنَّا وَلاَ إعلاَنِ

بَل لَيسَ فَوقَ العَرشِ ذُو سَمعٍ وَلاَ

بَصَرٍ وَلاَ عَدلٍ وَلاَ إحسَانِ

بَل لَيسَ فَوقَ العَرشِ مَعبُودٌ سِوَى ال

عَدَمِ الَّذِي لاَ شَيءَ فِي الأعيَانِ

بَل لَيسَ فَوقَ العَرشِ مِن مُتَكَلِّمٍ

بِأوَامِرٍ وَزَوَاجِرٍ وَقُرَانِ

كَلاَّ وَلاَ كَلِمٌ إلَيهِ صَاعِدٌ

أبَداً وَلاَ عَمَلٌ لِذِي شُكرَانِ

أنَّى وَحَظُّ العَرشِ مِنهُ كَحَظِّ مَا

تَحَتَ الثَّرَى عِندَ الحَضِيضِ الدَّانِي

بَل نِسبَةُ الرَّحمَنِ عِندَ فَرِيقِهِم

لِلعَرشِ نِسبَتُهُ إلى البُنيَانِ

فَعَلَيهِمَا استَولَى جَمِيعاً قُدرَةً

وَكِلاَهُمَا مِن ذَاتِهِ خِلوَانِ

هَذَا الَّذِي أعطَتهُ جِيمُ تَجَهُّمٍ

حَشواً بِلاَ كَيلٍ وَلاَ مِيزَانِ

تَاللهِ مَا استَجمَعنَ عِندَ مُعَطِّلٍ

جِيمَاتُهَا وَلَدَيهِ مِن إيمَانِ

وَالجَهمُ أصَّلَهَا جَمِيعاً فَاغتَدَت

مَقسُومَةً فِي النَّاسِ بِالمِيزَانِ

وَالوَارِثُونَ لَهُ عَلَى التَّحقِيقِ هُم

أصحَابُهَا لاَ شِيعَةُ الإِيمَانِ

لَكِن تَقَسَّمَتِ الطَّوَائِفُ قَولَهُ

ذُو السَّهمِ وَالسَّهمَينِ وَالسُّهمَانِ

لَكِن نَجَا أهلُ الحَدِيثِ المَحضِ أت

بَاعُ الرَّسُولِ وَتَابِعُو القُرآنِ

عَرَفُوا الَّذِي قَد قَالَ مَع عِلمٍ بِمَا

قَالَ الرَّسُولُ فَهُم أولُوا العِرفَانِ

وَسِوَاهُمُ فِي الجَهلِ وَالدَّعوَى مَعَ ال

كِبرِ العَظِيمِ  وَكثرَةش الهَذَيَانِ

مَدُّوا يَداً نَحوَ العُلَى بِتكَلُّفٍ

وَتَخَلُّفٍ وَتَكَبُّرٍ وَتَوَانِ

أتُرَى يَنَالُوهَا وَهَذَا شَانُهُم

حَاشَا العُلَى مِن ذَا الزَّبُونِ الفَانِي

وَسَلِ المُعَطِّلَ مَا تَقُولُ إذَا أتَى

فِئَتَانِ عِندَ الله يَختَصِمَانِ

إحدَاهُمَا حَكَمَت عَلَى مَعبُودِهَا

بِعُقَولِها وَبِفَكرَةِ الأذهَانِ

سَمَّتهُ مَعقُولاً وَقَالَت إنَّهُ

أولَى مِنَ المَنصُوصِ بِالبُرهَانِ

وَالنَّصُّ قَطعاً لاَ يُفِيدُ فَنَحنُ أوَّ

لنَا وَفَوَّضنَا لَنَا قَولاَنِ

قَالَت وَقُلنَا فِيكَ لَستَ بِدَاخِلٍ

فِينَا وَلَستَ بِخَارِجِ الأكوَانِ

وَالعَرشَ أخلَينَاهُ مِنكَ فَلَستَ فَو

قَ العَرشِ لَستَ بِقَابِلٍ لِمَكَانِ

وَكَذَاكَ لَستَ بِقَائِلِ القُرآنِ بَل

قَد قَالَهُ بَشَرٌ عَظِيمُ الشَّانِ

وَنَسَبتَهُ حَقَّا إلَيكَ بِنِسبَةِ التَّ

شرِيفِ تَعظِيماً لِذِي القُرآنِ

وَكَذَاكَ قُلُنَا لَستَ تَنزِلُ فِي الدُّجَى

إنَّ النُّزُولَ صِفَاتُ ذِي الجُثمَانِ

وَكَذَاكَ قُلُنَا لَست ذَا وَجهٍ وَلاَ

سَمعٍ وَلاَ بَصَرٍ فَكَيفَ يَدَانِ

وَكَذَاكَ قُلنَا لاَ تُرَى فِي هَذهِ الدُّ

نيَا وَلاَ يَومَ المَعَادِ الثَّانِي

وَكَذَاكَ قُلنَا مَا لِفِعلِكَ حِكمَةٌ

مِن أجلِهَا خَصَّصتَهُ بِزَمَانِ

مَا ثَمَّ غَيرُ مَشِيئَةٍ قَد رَجَّحَت

مِثلاً عَلَى مِثلٍ بِلاَ رُجحَانِ

لَكِنَّ مِنَّا مَن يَقُولُ بِحكمَةٍ

لَيسَت بِوَصفٍ قَامَ بالرَّحمَنِ

هَذَا وَقُلنَا مَا اقتَضَتهُ عُقَولُنَا

وَعُقُولُ أشيَاخٍ ذَوِي عِرفَانِ

قَالُوا لَنَا لاَ تَأخُذوا بِظََوَاهِرِ ال

وَحيَينِ تَنسَلِخُوا مِنَ الإِيمَانِ

بَل فَكِّرُوا بِعُقُولِكُم إن شِئتُمُ

أو فَاقبَلُوا آراءَ عَقلِ فَلاَنِ

فَلأجلِ هَذَا لَم نُحَكِّم إن شِئتُم

أو فَاقبَلُوا آراءَ عَقلِ فَلاَنِ

إذ كُلُّ تِلكَ أدِلَّةٌ لَفظِيَّةٌ

مَعزُولَةٌ عن مُقتَضَى البُرهَانِ

وَالآخَرُونَ أتَوا بِمَا قَد قَالَهُ

مِن غَيرِ تَحرِيفٍ وَلا كِتمَانِ

قَالُوا تَلَقَّينَا عَقِيدَتَنَا عنِ ال

وَحيَينِ بِالأخبَارِ وَالقُرآنِ

فَالحُكمُ مَا حَكَمَا بِهِ لاَ رَأيُ أه

لِ الإِختِلاَفِ وَظَنُّ ذِي الحُسبَانِ

آراؤهُم أحدَاثُ هَذَا الدِّينِ نَا

قِضَةٌ لأصلِ طَهَارَةِ الإِيمَانِ

آراؤهُم رِيحُ المَقَاعِدِ أينَ تِل

كَ الرِّيحُ مِن رَوحٍ وَمِن رَيحَانِ

قَالوا وأنتَ رَقِيبُنَا وَشَهِيدُنَا

مِن فَوقِ عَرشِكَ يَا عظِيمَ الشَّانِ

إنَّا أبَينَا أن نَدِينَ بِبِدعَةٍ

وَضَلاَلَةٍ أو إفكِ ذِي بُهتَانش

لَكِن بِمَا قَد قُلتَهُ أو قَالَهُ

مَن قَد أتَانَا عَنكَ بِالفُرقَانِ

وَكَذَاكَ فَارقنَاهُمُ حِينَ احتِيَا

جِ النَّاسِ لِلأنصَارِ وَالأعوَانِ

كَيلاَ نَصِيرَ مَصِيرَهُم فِي يَومِنَا

هَذَا وَنَطمَعُ مِنكَ بِالغفرَانِ

فَمَنِ الَّذِي مِنَّا أحَقُّ بِأمنِهِ

فَاختَر لِنفَسِكَ يَا أخَأ العِرفَانِ

لاَ بُدَّ أن نَلقَاهُ نَحنُ وَأنتمُ

فِي مَوقِفِ العَرضِ العَظِيمِ الشَّانِ

وَهُنَاكَ يَسألُنَا جَمِيعاً رَبُّنَا

وَلدَيهِ قَطعاً نَحنُ مُختَصِمَان

فَنَقُولُ قُلتَ كَذَا وَقَالَ نَبِيُّنَا

أيضاً كَذَا فَإمَامُنَا الوَحيَانِ

فَافعل بِنَا مَا أنتَ أهلٌ بَعدَ ذَا

نَحنُ العَبِيدُ وَأنتَ ذُو الإِحسَانِ

أفَتَقدِرُونَ عَلَى جَوَابٍ مِثلَ ذَا

أم تَعدِلُونَ إلَى جَوابٍ ثَانِ

مَا فِيهِ قَالَ اللهُ قَالَ رَسُولُهُ

بَل فِيهِ قُلنَا مِثلَ قَولِ فَلاَنِ

وَهُوَ الَّذِي أدَّت إلَيهِ عُقُولَنَا

لَمَّا وَزَنَّا الوَحيَ بِالمِيزَانِ

إن كَان ذَلِكُمُ الجَوَابُ مُخَلِّصاً

فَامضُوا عَلَيهِ يَا ذَوشي العِرفَانِ

تَالله مَا بَعدَ البَيَانِ لِمُنصِفٍ

إلاَّ العِنَادُ وَمَركَبُ الخُذلاَنِ

يَا أيُّهَا البَاغِي عَلَى أتبَاعِهِ

بِالظُّلمِ وَالبُهتَانِ وَالعُدوَانِ

قَد حَمَّلُوك شَهادَةً فَاشهَد بِهَا

إن كُنتَ مَقبُولاً لَدَى الرَّحمَنِ

وَاشهَد عَلَيهِم إن سُئِلتَ بأنَّهُم

قَالُوا إلَهُ العَرشِ وَالأكوَانِ

فَوقَ السَّمَوَاتِ العُلَى حَقًّا عَلَى ال

عَرشِ استَوَى سُبحَانَ ذِي السُّلطَانِ

والأمرُ يَنزِلُ مِنهُ ثُمَّ يَسِيرُ فِي ال

أقطَارِ سُبحَانَ العَظِيمِ الشَّانِ

وَإلَيهِ يَصعَدُ مَا يَشَاءُ بأمرِهِ

مِن طَيِّبَاتِ القَولِ وِالشُّكرَانِ

وَإلَيهِ قَد صَعِدَ الرَّسُولُ وَقَبلَهُ

عِيسَى ابنُ مَريَمُ كَاسِرُ الصُّلبَانِ

وَكَذلِكَ الأملاَكُ تَصعَدُ دَائِماً

مِن هَا هُنَا حَقًّا إلى الدَّيَّانِ

وَكَذَلِكَ  رُوحُ العَبدِ بَعدَ مَمَاتِهَا

تَرقَى إلَيهِ وَهوَ ذُو إيمَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّهُ سُبحَانَهُ

مُتَكَلِّمٌ بِالوَحَيِ وَالقُرآنِ

سَمِعَ الأمِينُ كَلاَمَهُ مِنهُ وَأدَّا

هُ إلَى المَبعُوثِ بِالفُرقَانِ

هُوَ قَولُ رَبِّ العَالَمِينَ حَقِيقَةً

لَفظاً وَمَعنًى لَيسَ يَفتَرقَان

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّه سُبحَانَهُ

قَد كَلَّمَ المَولُودَ مِن عِمرَانِ

سَمِعَ ابنُ عِمرَانَ الرَّسُولُ كَلاَمَهُ

مِنهُ إلَيهِ مَسمَعَ الآذانِ

واشهَد عَلَيهِم أنَّهُم قَالُوا بِأنَّ

الله نَادَاهُ بِلاَ كِتمَانِ

واشهَد عَلَيهم أنهُم قَالُوا بِأنَّ

الله نَادَى قَبلَهُ الأبَوَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنهُم قَالُوا بأنَّ

الله يَسمَعُ صَوتَهُ الثَّقَلاَنِ

وَاللهُ قَالَ بِنَفسِهِ لرَسُولِهِ

إنِّي أنَا الله العَظِيمُ الشَّانِ

وَاللهُ قَالَ بِنَفسِهِ لرَسُولِهِ

اذهَب إلَى فِرعَونَ ذِي الطُّغيَانِ

وَاللهُ قَالَ بِنَفسِهِ حَمَ مَع

طَهَ وَمَع يَس قَولَ بَيَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّهُم وَصَفُوا الإِل

هَ بِكُلِّ مَا قَد جَاءَ فِي القُرآنِ

وَبِكُلِّ مَا قَالَ الرَّسُولُ حَقِيقَةً

مِن غَيرِ تَحرِيفٍ وَلاَ عُدوَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّ قَولَ نَبِيِّهِم

وَكَلاَمَ رَبِّ العَرشِ ذَا التِّبيَانِ

نَصٌّ يُفِيدُ لَدَيهِم عِلمَ اليَقِي

نِ إفَادَةَ المَعلُومِ بِالبُرهَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّهُم قَد قَابَلُوا التَّ

عطِيلَ وَالتَّمثِيلَ بِالنُّكرَانِ

إنَّ المُعَطِّلَ وَالممثِّلَ مَا هُمَا

مُتَيَقِّنِينَ عِبَادَةَ الرَّحمَنِ

ذَا عَابِدُ المعدُومِ لاَ سُبحَانَهُ

أبداً وَهَذَا عَابِدُ الأوثَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّهُم قَد أثبَتُوا ال

أسمَاءَ وَالأوصَافَ للدَّيَّانِ

وَكَذِلِكَ الأحكَامُ أحكَامُ الصِّفَا

تِ وَهَذِهِ الأركَان للإِيمَانِ

قَالُوا عَلِيمٌ وَهوَ ذُو عِلمٍ وَيُع

لَمُ غَايَةَ الإِسرَارِ وَالإعلاَنِ

وَكَذَا بَصِيرٌ وَهوَ ذُو بَصَر وَيُب

صِرُ كُلَّ مَرئِيٍّ و‍َذِي الأكوَانِ

مُتَكَلِّمٌ وَلَهُ كَلاَمٌ وَصفُهُ

وَيُكَلِّمُ المَخصُوصَ بِالرِّضوَانِ

وَهُوَ القَوِيُّ بِقُوَّةٍ هِيَ وَصفُهُ

وَمَلِيكُ يَقدِرُ يَا أخَا السُّلطَانِ

وَهُوَ المُرِيدُ لَهُ الإِرَادَةُ هَكَذَا

أبَداً يُرِيدُ صَنَائعَ الإحسَانِ

وَالوَصفُ مَعنًى قَائِمٌ بِالذَّاتِ وَال

أسمَاءُ أعلاَمٌ لَهُ بِوزَانِ

أسمَاؤهُ دَلَّت عَلَى أوصَافِهِ

مُشتَقَّةً مِنهَا اشتِقَاقَ مَعَانِ

وَصِفَاتُهُ دَلَّت عَلَى أسمَائِهِ

وَالِفعِلُ مُرتَبٍطٌ بِهِ الأمرَانِ

وَالحُكمُ نِسبَتُهَا إلَى مُتَعَلِّقَا

تٍ تَقضِي آثَارَهَا بِبَيَانِ

وَلَرُبَّمَا يُعنَى بِهِ الإِخبَارُ عَن

آثارِهَا يُعنَى بِهِ أمرَانِ

وَالفِعلُ إعطَاءُ الإِرادَةِ حُكمَهَا

مَعَ قُدرَةِ الفَعَّالِ وَالإمكَانِ

فَإِذَا انتَفَت أوصَافُهُ سُبحَانَهُ

فَجِمِيعُ هَذَا بَيِّنُ البُطلاَنِ

وَاشهَد عَليهِم أنَّهُم قَالُوا بِهَ

ذَا كُلِّهِ جَهراَ بِلاَ كِتمَانِ

وَاشهَد عَليهِم أنَّهُم بُرَآءُ مِن

تَأويلِ كُلِّ مُحَرِّفٍ شَيطَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّهُم يَتَأوَّلُو

نَ حَقِيقَةَ التَّأوِيلِ فِي القُرآنِ

هُم فِي الحَقِيقَةِ أهلُ تَأوِيلِ الَّذِي

يُعنَى بِهِ لاَ قَائِلُ الهَذَيَانِ

وَاشهَد عَليهِم أنَّ تَأوِيلاَتِهم

صَرفٌ عَنِ المَرجُوحِ للرُّجحَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّهُم حَمَلُوا النُّصُو

صَ عَلَى الحَقِيقَةِ لاَ المَجَازِ الثَّانِي

إلاَّ مَا اضطَرَّهُم لِمَجَازِهَا ال

مُضطَرُّ مِن حِسٍّ وَمِن بُرهَانِ

فَهُنَاكَ عِصمَتُهَا إبَاحَتُهُ بِغَي

رِ تَجَانفٍ للإثمِ وَالعُدوَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّهُم لا يَكفِرُوا

نَكُمُ بِمَا قُلتُم مِنَ الكُفرَانِ

إذ أنتُم أهلُ الجَهَالَةِ عِندَهُم

لَستُم أولِي كُفرٍ وَلاَ إيمَانِ

لاَ تَعرِفُونَ حَقِيقَةَ الكُفرَانِ بَل

لاَ تَعرِفُونَ حَقِيقَةَ الإِيمَانِ

إلاَّ إذَا عَانَدتُمُ وَرَددتُمُ

قَولَ الرَّسُولِ لأجلِ قَولِ فُلاَنِ

فَهُنَاكَ أنتُم أكفَرُ الثَّقَلَينِ مِن

إنسٍ وَجِنٍّ سَاكِنِي النِّيرَانِ

وَاشهَد عَليهِم أنَّهُم قَد أثبَتُوا ال

أقدارَ وَارِدَةً مِنَ الرَّحمَنِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّ حُجَّةَ رَبِّهِم

قَامَت عَلَيهِم وَهُوَ ذُو غُفرَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّهُم هُم فَاعلُو

نَ حَقِيقَة الطَّاعَاتِ وَالعِصيَانِ

وَالجَبرُ عِندَهُم مُحَالٌ هَكَذَا

نَفيُ القَضَاءِ فبِئسَتِ الرَّأيَانِ

وَاشهَ عَلَيهِم أنَّ إِيمَانَ الوَرَى

قَولٌ وفِعلٌ ثُمَّ عَقدُ جَنَانِ

وَيزِيدُ بالطَّاعَاتِ قَطعاً هَكَذَا

بِالضِّدِّ يُمسِي وَهوَ ذُو نُقصَانِ

وَاللهُ مَا إيمَانُ عَاصِينَا كاي

مَانِ الأمِينِ مُنَزِّلِ القُرآنِ

كَلاَّ وَلاَ إيمَانُ مُؤمِنِنَا كاي

مَانِ الرَّسُولِ مُعَلِّمِ الإِيمَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّهُم لَم يُخلِدُوا

أهلَ الكَبَائِرِ فِي حَمِيمٍ آنِ

بَل يَخُرُجُونَ بِإذنِهِ بِشَفَاعَةٍ

وَبِدُونِهَا لِمَسَاكِنٍ بِجِنَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّ رَبَّهُمُ يُرَى

يَومَ المَعَادِ كَمَا يُرَى القَمرَانِ

وَاشهَد عَلَيهِم أنَّ أصحَابَ الرَّسُو

لِ خِيَارُ خَلقِ الله مِن إنسَانِ

حَاشَا النَّبِيِّينَ الكِرَامَ فإنَّهُم

خَيرُ البَريَّةِ خِيرةُ الرَّحمَنِ

وَخِيَارُهُم خُلفَاؤهُ مِن بَعدِهِ

وَخِيَارُهُم حَقًّا هُمَا العُمَرانِ

وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ أحَقُّ بِالتَّ

قدِيمِ مِنَّ بَعدَهُم بِبَيَانِ

كُلٌّ بِحَسبِ السَّبقِ أفضَلُ رُتبَةً

مِن لاَحِقٍ وَالفَضلُ لِلمنَّانِ

يَا نَاصِرَ الإِسلاَمِ وَالسُّنَنِ الَّتِي

جَاءَت عَنِ المَبعُوثِ بالفُرقَان

يَا مَن هُوَ الحَقُّ المُبينُ وَقَولُهُ

وَلِقَاؤهُ وَرَسُولُهُ بِبَيَانِ

اشرَح لِدِينِكَ صَدرَ كُلِّ مُوَحِّدٍ

شَرحاً يَنَالُ بِهِ ذُرَى الإِيمَانِ

وَاجعَلهُ مؤتَمًّا بِوَحيِكَ لاَ بِمَا

قَد قَالَهُ ذُو الإِفكِ وَالبُهتَانِ

وَانصُر بِهِ حِزبَ الهُدَى وَاكبِت بِهِ

حِزبَ الضَّلاَلِ وَشَيعَةَ الشَّيطَانِ

وَانعِش بِهِ مَن قَصدُهُ إحيَاؤهُ

وَاعصِمهُ مَن كَيدِ امرىءٍ فَتَّانِ

وَاضرِب بحَقِّكَ عُنُقَ أهل الزيع والتَّ

بدِيلِ وَالتكذِيبِ وَالطُّغيَانِ

فَوَحَقِّ نِعمَتِكَ التَي أولَيتَنِي

وَجَعَلتَ قَلبِي وَاعِيَ القُرآنِ

وَكَتَبتَ فِي قَلبِي مُتَابَعَةَ الهُدَى

فَقَرَاتُ فِيهِ أسطُرَ الإِيمَانِ

وَنَشَلتَنِي مِن حُبِّ أصحَابِ الهَوَى

بِحَبَائِلٍ مِن مُحكَمِ الفُرقَانِ

وَجَعلتَ شُربِي المنهَلَ العَذبَ الذِي

هُوَ رأسُ مَاءِ الوَارِدِ الظَّمآنِ

وَعَصَمتَنَي مِن شُربِ سِفلِ المَاءِ تَح

تَ نَجَاسَةِ الآراءِ وَالأذهَانِ

وَحَفِظتَنِي مِمَّا ابتلَيتَ بِهِ الألَى

حَكَمُوا عَلَيكَ بِشِرعَةِ البُهتَانِ

نَبَذُوا كِتَابَكَ مِن وَرَاءِ ظُهورِهِم

وَتَمَسَّكُوا بِزَخَارِفِ الهَذَيَانِ

وَأرَيتَنِي البِدَعَ المُضِلَّةَ كيفَ يُل

قِيهَا مُزخرَفَةً إلَى الإِنسَانِ

شَيطَانُهُ فَيَظَلُّ يَنقُشُهَا لَهُ

نَقشَ المُشَبِّهِ صُورَةً بِدِهَانِ

فَيَظُنُّهَا المغرُورُ حَقًّا وَهيَ فِي التَّ

حقِيقِ مِثلُ اللاَّلِ فِي القِيعَانِ

لأجَاهِدَنَّ عِدَاكَ مَا أبقَيتَنِي

ولأجعلَنَّ قِتَالَهُم دَيدَانِي

وَلأفضَحَنَّهُمُ عَلَى رُوسِ المَلا

وَلأفرِيَنَّ أدِيمَهُم بِلِسَانِ

وَلأكشِفَنَّ سَرَائِراً خَفِيت عَلَى

ضُعَفَاءِ خَلقِكَ مِنهُمُ بِبَيَانِ

وَلأتبَعَنَّهُمُ إلَى حَيثُ انتَهَوا

حَتَّى يُقَالَ أبَعدَ عَبَّادَان

وَلأرجُمَنَّهُمُ بِأعلاَمِ الهُدَى

رَجمَ المزيدِ بِثَاقِبٍ الشُّهبِانِ

وَلأقعُدَنَّ لَهُم مَرَاصِدَ كَيدِهِم

وَلأحصُرَنَّهُمُ بِكُلِّ مَكَانِ

وَلأجعَلَنَّ لُحُومَهُم وَدِمَاءَهُم

فِي يَومِ نَصرِكَ أعظَمَ القُربَانِ

وَلأحمِلَنَّ عَليهِمُ بعَسَاكِرٍ

لَيسَت تََفِرُّ إذَا التَقَى الزَّحفَانِ

بِعَسَاكِرِ الوَحيَينِوالفِطَرَات وال

مَعقُولِ وَالمَنقُولِ بِالإحسَانِ

حَتَّى يَبِينَ لِمَن لَهُ عَقلٌ مِنَ ال

أولَى بِحُكمِ العَقلِ وَألبُرهَانِ

وَلأنصَحَنَّ اللهَ ثُمَّ رَسُولَهُ

وَكِتَابَهُ وَشَرَائعَ الإِيمَانِ

إن شَاءَ رَبِّي ذَا يَكُونُ بِحَولِهِ

أو لَم يَشَأ فَالأمرُ للرَّحمَنِ

إنَّا تَحَمَّلنَا الشَّهَادةَ بِالذِي

قُلتُم نُؤدِيهَا لَدَى الرَّحمَنِ

مَا عِندَكُم فِي الأرضِ قُرآنٌ كَلاَ

مُ الله حَقًّا يَا أولِي العُدوَانِ

كَلاَّ وَلاَ فَوقَ السَّمَوَاتِ العُلَى

رَبٌّ يُطَاعُ بِوَاجِبِ الشُّكرَانِ

كَلاَّ وَلاَ فِي القَبرِ أيضاً عِندَكُم

مِن مُرسَلٍ وَالله عِندَ لِسَانِ

هَاتِيكَ عَورَاتٌ ثَلاَثٌ قَد بَدَت

مِنكُم فَغَطُّوهَا بِلاَ رَوَغَانِ

فَالرُّوحُ عِندَكُمُ مِنَ الأعرَاضِ قَا

ئِمَةٌ بِجِسمِ الحَيِّ كَالألوَانِ

وَكَذَا صِفَاتُ الحَيِّ قَائِمَةٌ بهِ

مَشرُوطَةٌ بِحَيَاةش ذِي الجُثمَانِ

فَإذَا انتَفَت تِلك الحَيَاةُ فَيَنتَفِي

مَشرُوطُهَا بِالعَقلِ وَالبُرهَانِ

وَرِسَالَةُ المَبعُوثِ مَشرُوطٌ بِهَا

كَصِفَاتِهِ بِالعِلمِ وَالإِيمَانِ

فَإِذَا انتَفَت تِلكَ الحَيَاةُ فَكُلُّ مَش

رُوطٍ بِهَا عَدَمٌ لِذِي الأذهَانِ

وَلأجلِ هَذَا رَامَ نَاصِرُ قَولِكُم

تَرقيعَهُ يَا كَثرَةَ الخُلقَانِ

قَالَ الرَّسُولُ بِقَبرِهِ حيٌّ كَمَا

قَد كَانَ فَوقَ الأرضِ وَالرَّجمَانِ

مِن فَوقِهِ أطبَاقُ ذَاكَ التُّرب وَاللَّ

بِنَاتُ قَد عُرِضَت عَلَى الجُدُرَانِ

لَو كَانَ حَيًّا فِي الضَّرِيحِ حَيَاتَهُ

قَبلَ المَمَاتِ بِغَيرِ مَا فُرقَانِ

مَا كَانَ تَحتَ الأرضِ بَل مِن فَوقِهَا

وَالله هَذِي سُنَّةُ الرَّحمَنِ

أتُرَاهُ تَحتَ الأرضِ حَيًّا ثُمَّ لاَ

يُفتِيهُمُ بِشَرَائِعِ الإِيمَانِ

وَيُرِيحُ أمَّتَهُ مِنَ الآرَاءِ وَال

خُلفِ العَظِيمِ وَسَائِرِ البُهتَانِ

أم كَانَ حَيًّا عَاجِزاً عَن نُطقِه

وَعَن الجَوَابِ لِسَائِلٍ لَهفَانِ

وَعَن الحِرَاكِ فَمَا الحَيَاةُ اللاَّتِ قَد

أثبَتُّمُوهَا أوضِحُوا بِبَيَانِ

هَذَا وَلِم لاَ جَاءَهُ أصحَابُهُ

يَشكُونَ بَأسَ الفَاجِرِ الفَتَّانِ

إذ كَانَ ذَلِكَ دَأبُهُم وَنَبِيُّهُم

حَيٌّ يُشَاهِدُهُم شُهُودَ عِيَانِ

هَل جَاءَكُم أثرٌ بِأنَّ صَحَابَهُ

سَالُوهُ فُتيَا وَهوَ فِي الأكفَانِ

فَأجَابَهُم بِجَوَابِ حَيٍّ نَاطِقٍ

فَأتُوا إذاً بِالحَقِّ وَالبُرهَانِ

هَلاَّ أجَابَهُمُ جَوَاباً شَافِياً

إن كَانَ حَيًّا نَأطِقاً بِلِسَانِ

هَذَا وَمَا شُدَّت رَكَائِبُهُ عَنِ ال

حُجُرَاتِ لِلقَاصِي مِنَ البُلدَانِ

مَع شِدَّةِ الحِرصَِ العَظِيمِ لَهُ عَلَى

إرشَادِهِم بِطَرَائِقِ التِّبيَانِ

أتُرَاهُ يِشهَدُ رأيَهُم وَخِلاَفَهُم

وَيَكُونُ لِلتِّبيَانِ ذَا كِتمَانِ

إن قُلتُمُ سَبَقَ البَيَانُ صَدَقتُم

قَد كَانَ بِالتِّكرَارِ ذَا إحسَانِ

هَذَا وَكَم مِن أمرٍ اشكِلَ بَعدَهُ

أعنِي عَلَى عُلَمَاءِ كُلِّ زَمَانِ

أوَ مَا تَرَى الفَارُوقَ وَدَّ بِأنَّهُ

قَد كَانَ مِنهُ العَهدُ ذَا تِبيَانِ

بِالجَدِّ فِي مِيرَاثِهِ وَكَلاَلَةٍ

وَبِبَعضِ أبوَابِ الرِّبَا الفَتَّانِ

قَد قَصَّرَ الفَارُوقُ عِندَ فَرِيقكُم

إذ لَم يَسَلهُ وَهُوَ فِي الأكفَانِ

أتَرَاهُمُ يَأتُونَ حَولَ ضَرِيحهِ

لِسُؤالِ أمِّهِمُ أعزِّ حَصَانِ

وَنَبِيُّهُم حَيٌّ يُشَاهِدُهُم وَيَس

معُهُم وَلاَ يَأتِي لَهُم بِبَيَانِ

أفكَانَ يَعجِزُ أن يُجِيبَ بِقَولِهِ

إن كَانَ حَيًّا دَاخِلَ البُنيَانِ

يَا قَومنَا استَحيُوا مِنَ العُقَلاَءِ وَال

مَبعُوثِ بِالقُرآنِ وَالرَّحمَنِ

وَالله لاَ قَدرَ الرَّسُولِ عَرَفتُمُ

كَلاَّ وَلاَ لِلنَّفسِ والإِنسَانِ

مَن كَانَ هَذَا القَدرُ مَبلَغَ عِلمِهِ

فَليَستَتِر بِالصَّمتِ وَالكِتمَانِ

وَلَقَد أبَانَ الله أنَّ رَسُولَهُ

مَيتٌ كَمَا قَد جَاءَ فِي القُرآنِ

أفجَاءَ أنَّ الله بَاعِثُهُ لَنَا

فِي القَبرِ قَبلَ قِيَامَةِ الأبدَانِ

أثَلاَثُ مَوتَاتٍ تَكُونُ لِرُسلِهِ

وَلِغَيرِهِم مِن خَلقِهِ مَوتَانِ

إذ عِندَ نَفخِ الصُّورِ لاَ يَبقَى امرُؤٌ

فِي الأرضِ حَيًّا قَطُّ بِالبُرهَانِ

أفَهَل يَمُوتُ الرُّسلُ أم يَبقَوا إذَا

مَاتَ الوَرَى أم هَل لَكُم قَولاَنِ

فَتَكَلَّمُوا بِالعِلمِ لاَ الدَّعوَى وَجِي

ؤُوا بِالدَّلِيل فَنَحنُ ذُو أذهَانِ

أوَ لَم يَقُل مِن قَبلِكُم للرَّافِعِي ال

أصوَاتِ حَولَ القَبرِ بِالنُّكرَانِ

لاَ تَرفَعُوا الأصوَاتَ حُرمَةُ عَبدِهِ

مَيتاً كَحُرمَتِه لَدَى الحَيَوانِ

قَد كَانَ يُمكِنُهُم يَقُولُوا إنَّهُ

حَيٌّ فَغُضُّوا الصَّوتَ بِالإحسَانِ

لَكِنَّهُم بِالله أعلَمُ مُنكُمُ

وَرَسُولِهِ وَحَقَائِق الإِيمَانِ

وَلَقَد أتَوا يَوماً إلَى العَبَّاسِ يَس

تَسقُونَ مِن قَحطٍ وَجَدبِ زَمَانِ

هَذَا وَبَينَهُمُ وَبَينَ نَبِيِّهِم

عَرضُ الجِدَارِ وَحُجرَةُ النِّسوَانِ

فَنبِيُّهُم حَيٌّ وَيَستَسقُونَ غَي

رَ نَبِيِّهِم حَاشَا أولِي الإِيمَانِ

فَإن احتَجَجتُم بِالشَّهِيدِ بِأنَّهُ

حَيٌّ كَمَا قَد جَاءَ فِي القُرآنِ

وَالرُّسلُ أكمَلُ حَالَةً مِنهُ بِلاَ

شَكٍّ وَهَذَا ظَاهِرُ التَّبيَانِ

فَلِذَاكَ كَانُوا بِالحَيَاةِ أحَقَّ مِن

شُهَدَائِنَا بِالعَقلِ وَالبُرهَانِ

وَبِأنَّ عَقدَ نِكَاحِهِ لَم يَنفَسِخ

فَنِسَاؤهُ فِي عِصمَةٍ وَصِيَانِ

وَلأجلِ هَذَا لَم يَحِلَّ لِغَيرِهِ

مِنهُنَّ وَاحِدَةٌ مَدَى الأزمَانِ

أفَلَيسَ فِي هَذَا دَلِيلُ أنَّهُ

حَيٌّ لِمَن كَانَت لَهُ أذُنَانِ

أوَ لَم يَرَ المُختَارُ مُوسَى قَائِماً

فِي قَبرِهِ لِصَلاةِ ذِي القُربَانِ

أفَمَيِّتٌ يَأتِي الصَّلاَةَ وَإنَّ ذَا

عَينُ المُحَالِ وَوَاضِحُ البُطلاَنِ

أوَ لَم يَقُل إنِّي أرُدُّ عَلَى الذِي

يَأتِي بِتَسلِيمٍ مَعَ الإِحسَانِ

أيَرُدُّ مَيِّتٌ السَّلاَمَ عَلَى الذِي

يأتِي بِهِ مِنَ البُهتَانِ

هَذَا وَقَد جَاءَ الحَدِيثُ بِأنَّهُم

أحيَاءُ فِي الأجدَاثِ ذَا تِبيَانِ

وَبِأنَّ أعمَالَ العِبَادِ عَلَيهِ

تُعرَضُ دَائماً فِي جُمعَةٍ يَومَانِ

يَومَ الخمِيسِ وَيَومَ الإِثنَينِ الَّذِي

قَد خُصَّ بِالفَضلِ العَظِيمِ الشَّانِ

فَيُقَالُ أصلُ دَلِيلِكُم فِي ذَاكَ حُجَّ

تُنَا عَلَيكُم وَهيَ ذَاتُ بَيَانِ

إنَّ الشَّهِيدَ حَيَاتُهُ مَنصُوصَةٌ

لاَ بِالقِيَاسِ القَائِمِ الأركَانِ

هَذَا مَعَ النَّهيِ المؤكَّدِ أنَّنَا

نَدعُوهُ مَيتاً ذَاك فِي القُرآنِ

وَنِسَاؤهُ حِلٌّ لَنَا مِن بَعدِهِ

وَالمَالُ مَقسُومٌ عَلَى السَّهمَانِ

هَذَا وَأنَّ الأرضَ تَأكُلُ لَحمَهُ

وَسِبَاعُهَا مَع أمَّةِ الدِّيدَانِ

لَكِنَّهُ مَعَ ذَاكَ حَيٌّ فَارِحٌ

مُستَبشِرٌ بِكَرَامَةِ الرَّحمَنِ

فَالرًّسلُ أولَى بِالحَيَاةِ لَدَيهِ مَع

مَوتِ الجُسُومِ وَهَذِهِ الأبدَانِ

وَهِيَ الطَّرِيَّةُ فِي التُّرَابِ وَأكلُهَا

فَهوَ الحَرَامُ عَلَيهِ بِالبُرهَانِ

وَلِبَعضِ أتبَاعِ الرِّسُولِ يَكُونُ ذَا

أيضاً وَقَد وَجَدُوهُ رَأيَ عِيَانِ

فَانظُر إلَى قَلبِ الدَّلِيلِ عَلَيهِمُ

حَرفاً بحَرفٍ ظَاهرِ التِّبيَانِ

لَكِن رَسُولُ اللهِ خُصَّ نِسَاؤهُ

بِخَصِيصَةٍ عَن سَائِرِ النِّسوَانِ

خُيِّرنَ بَينَ رَسُولِهِ وَسِوَاهُ فَاخ

تَرنَ الرَّسُولَ لِصِحَّةِ الإِيمَانِ

شَكَرَ الإِلَهُ لَهُنَّ ذَاكَ وَرُبُّنَا

سُبحَانَهُ لِلعَبدِ ذُو شُكرَانِ

قَصرُ الرَّسُولِ عَلَى أولَئِكَ رَحمَةً

مِنهُ بِهِنَّ وَشُكرَ ذِي الإِحسَانِ

وَكَذَاكَ أيضاً قَصرُهُنَّ عَلَيهِ مَع

لُومٌ بِلاَ شَكٍّ وَلاَ حُسبَانِ

زَوجَاتُهُ فِي هَذِهِ الدُّنيَا وَفِي ال

أخرَى يَقِيناً وَاضِحَ البُرهَان

فِلِذَا حَرُمنَ عَلَى سِوَاهُ بَعدَهُ

إذ ذَاكَ صَونٌ عَن فِرَاشٍ ثَانِ

لَكِن أتَينَ بِعشدَّةٍ شَرعِيَّةٍ

فِيهَا الحِدَادُ وَمَلزَمُ الأوطَانِ

هَذَا وَرُؤيَتُهُ الكَلِيمَ مُصَلِّياً

فِي قَبرِهِ أثَرٌ عَظِيمُ الشَّانِ

فِي القَلبِ مِنهُ حَسِيكةٌ هَل قَالَهُ

فَالحَقُّ مَا قَد قَالَه ذُو البُرهَانِ

وَلِذَاكَ أعرَضَ فِي الصَّحِيحِ مُحَمَّدٌ

عَنهُ عَلَى عَمدٍ بِلاَ نِسيَانِ

وَالدَّارَقُطنِيُّ الإِمَامُ أعَلَّهُ

بِرِوَايَةٍ مَعلَومَةِ التِّبيَانِ

أنَسٌ يَقُولُ رَأيُ الكَلِيمَ مُصَلِّياً

فِي قَبرِهِ فَاعجَب لِذَا الفُرقَانِ

فَرَوَاهُ مَوقُوفاً عَلَيهِ وَلَيسَ بِال

مَرفُوعِ وَاشوقاً إلى العِرفَانِ

بَينَ السِّيَاقِ إلَى السِّيَاقِ تَفَاوُتٌ

لاَ تَطرَحَنهُ فَمَا هُمَا سِيَّانِ

لَكِن تُقَلِّدُ مُسلِماً وَسَوَاهُ مِمَّ

ن صَحَّ هَذَا عِندَهُ بِبَيَانِ

فَرُوَاتُهُ الأثبَاتُ أعلاَمُ الهُدَى

حُفَّاظُ هَذَا الدِّينِ فِي الأزمَانِ

لَكِنَّ هَذَا لَيسَ مُختَصًّا بِهِ

وَالله ذُو فَضلٍ وَذُو إحسَانِ

فَرَوَى ابنُ حِبَّانَ الصَّدُوُقُ وَغَيرُهُ

خَبَراً صَحِيحاً عِندَهُ ذَا شَانِ

فِيهِ صَلاَةُ العَصرِ فِي قَبرِ الَّذِي

قَد مَاتَ وَهُوَ مُحَقِّقُ الإيمَانِ

فَتُمثِّلُ الشَّمسُ الَّذِي قَد كَانَ يَر

عَاهَا لأجلِ صَلاَةِ ذِي القُربَانِ

عِندَ الغُرُوبِ يَخَافُ فَوتَ صَلاَتِهِ

فَيَقُولُ للمَلَكَينِ هَل تَدَعَانِ

حَتَّى أصلِّي العَصرَ قَبلَ فَوَاتِها

قَالاَ سَتَفعَلُ ذَاكَ بَعدَ الآنِ

هَذَا مَعَ المَوتِ المُحَقَّقِ لاَ الذِي

حُكِيَت لَنَا بِثُبُوتِهش القَولاَنِ

هَذَا وَثَابِتُ البُنَانِيُّ قَد دَعَا ال

رَّحمَنَ دَعوَةَ صَادِقِ الإِيقَانِ

أن لاَ يَزَالُ مُصَلِّياً فِي قَبرِهِ

إن كَانَ أعطِيَ ذَاكَ مِن إنسَانِ

لَكِنَّ رُؤيَتَهُ لِمُوسَى لَيلَة ال

مِعرَاجِ فَوقَ جَمِيعِ ذِي الأكوَانِ

يَروِيهِ أصحَابُ الصِّحَاحِ جَمِيعُهُم

وَالقَطعُ مُوجَبُهُ بِلاَ نُكرَانِ

وَلِذَاك ظُنَّ مَعَارِضاً لِصَلاَتِهِ

فِي قَبرِهِ إذ لَيسَ يَجتَمِعَانِ

وَأُجِيبَ عَنهُ بِأنَّهُ أسرِى بِهِ

لِيَرَاهُ ثَمَّ مُشَاهِداً بِعَيَانِ

فَرَآهُ ثَمَّ وَفِي الضَّرِيحِ وَلَيسَ ذَأ

بِتَنَاقُضٍ إذ أمكَنَ الوَقتَانِ

هَذَا وَرَدُّ نَبِيِّنَا التَّسلِيمَ مَن

يَأتِي بِتَسلِيمٍ مَعَ الإِحسَانِ

مَا ذَاكَ مُختَصًّا بِهِ أيضاً كَمَا

قَد قَالَهُ المَبعُوثُ بِالقُرآنِ

مَن زَارَ قَبرَ أخٍ لَهُ فَأتَى بِتَس

لِيمٍ عَليهِ وَهُوَ ذُو إيمَانِ

رَدَّ الإِلهُ عَلَيهِ حَقًّا رُوحَهُ

حَتَّى يَرُدَّ عَلَيهِ رَدَّ بَيَانِ

وَحَدِيثُ ذِكرِ حَيَاتِهِم بِقُبِورِهِم

لَمَّا يَصِحَّ وَظَاهِرُ النُّكرَانِ

فَانظُر إلَى الإِسنَادِ تَعرِف حَالَهُ

إن كُنتَ ذَا عِلمٍ بِهَذَا الشَّانِ

هَذَا وَنَحنُ نَقُولُ هُم أحيَاءُ لَ

كِن عِندَنَا كَحَيَاةِ ذِي الأبدَانِ

وَالتُّربُ تَحتَهُمُ وَفَوقَ رُؤوسِهِم

وَعَنِ الشَّمَائِلِ ثُمَّ عَن أيمَانِ

مِثلَ الَّذِي قَد قُلتُمُوهُ مَعَاذُنَا

بِالله مِن أفكِ وَمِن بُهتَانِ

بَل عِندَ رَبِّهِمُ تَعَالَى مِثلَ مَا

قَد قالَ فِي الشُّهَدَاءِ فِي القُرآنِ

لَكِن حَيَاتُهُم أجَلُّ وَحَالُهُم

أعلَى وَأكمَلُ عِندَ ذِي الإِحسَانِ

هَذَا وَأمَّا عَرضُ أعمَالِ العِبَا

دِ عَلَيهِ فَهوَ نالحَقُّ ذُو إمكَانِ

وَأتَى بِهِ أثَرٌ فَإن صَح الحَدِي

ثُ بِهِ فَحَقٌّ لَيسَ ذَا نُكرَانِ

لَكِنَّ هَذَا لَيسَ مُختصًّا بِهِ

أيضاً بِآثَارٍ رُوِينَ حِسَانِ

فَعَلَى أبِي الإِنسَانِ يُعرِضُ سَعيُهُ

وَعَلَى أقَارِبِهِ مَعَ الإِخوَانِ

إن كَانَ سَعياً صَالِحاً فَرِحُوا بِهِ

وَاستَبشَرُوا يَا لَذَّةَ الفَرحَانِ

أو كَانَ سَعياً سَيئاً حَزِنُوا وَقَا

لُوا رَبِّ رَاجِعهُ إلَى الإِحسَانِ

وَلِذَا استَعَاذَ مِنَ الصَّحَابَةِ مَن رَوَى

هَذَا الحَدِيثَ عَقِيبَهُ بِلِسَانِ

يَا رَب إنِّي عَائِذٌ مِن خِزيَةٍ

أخزَى بِهَا عِندَ القَرِيب الدَّانِي

ذَاكَ الشَّهِيدُ المًرتَضَى ابنُ رَوَاحَةَ ال

مَحبُوُّ بِالغُفرَانِ وَالرِّضوَانِ

لَكِنَّ هَذَا ذُو اختِصَاصٍ وَالَّذِي

لِلمُصطَفَى مَا يَعمَلُ الثَّقَلاَنِ

هَذِي نِهَايَاتٌ لأقدَامِ الوَرَى

فِي ذَا المَقَامِ الضَّنكِ صَعبِ الشَّانِ

وَالحَقُّ فِيهِ لَيسَ تَحمِلُهُ عُقُو

لُ بَنِي الزَّمَانِ لِغِلظَةِ الأذهَانِ

وَلِجَهلِهِم بِالرُّوحِ مَع أحكَامِهَا

وَصِفَاتِهَا للإلفِ بالأبدانِ

فَارضَ الَّذِي رَضِيَ الإِلَهُ لَهٌُم به

أتُرِيدُ تَنقُضُ حِكمَةَ الدَّيَّانِ

هَل فِي عُقُولِهِمُ بأنَّ الرُّوحَ فِي

أعلَى الرَّفِيقِ مُقِيمَةٌ بِجِنَانِ

وَتَرُدُّ أوقَاتَ السَّلاَمِ عَلَيهِ مِن

أتبَاعِهِ فِي سَائِرِ الأزمَانِ

وَكَذَاكَ إن زُرتَ القُبُورَ مُسَلِّماً

رُدَّت لَهُم أروَاحُهُم للآنِ

فَهُمُ يَرُدُّونَ السَّلاَم عَلَيكَ لَ

كِن لَستَ تَسمَعُهُ بذِي الأُذُنَانِ

هَذَا وَأجوَافُ الطُّيُورِ الخُضرِ مَس

كَنُهَا لَدَى الجَنَّاتِ وَالرِّضوَانِ

مَن لَيسَ يَحمِلُ عَقلُهُ هَذَا فَلاَ

تَظلِمهُ شَأنُ الرُّوحِ أعجَبُ شَانِ

لِلرُّوحِ شَأنٌ غَير ذِي الأجسَامِ لاَ

تُهمِلهُ شَأنُ الرُّوحِ أعجَبُ شَانِ

وَهُوَ الَّذِي حَارَب الوَرَى فِيهِ فَلم

يَعرِفهُ غَيرُ الفَردِ فِي الأزمَانِ

هَذَا وَأمرٌ فَوقَ ذَا لَو قُلتُهُ

بَادرتَ بِالإنكَارِ والعُدوَانِ

فلِذَاكَ أمسَكتُ العِنَانَ وَلَو أرَى

ذَاك الرَّفِيقَ جَرَيتُ فِي المَيدَانِ

هَذَا وَقَولِي أنَّهَا مَخلُوقَةٌ

وَحُدُوثُهَا المَعلُومُ بِالبُرهَانش

هَذَا وَقَولِي أنَّهَا لَيسَت كَمَا

قَد قَالَ أهلُ الإِفكِ وَالُبُهتَانِ

لاَ دَاخِلٌ فِينَا وَلاَ هِيَ خَارِجٌ

عَنَّا كَمَا قَالُوهُ فِي الدَّيَّانِ

وَاللهِ لاَ الرَّحمَنِ أثبَتُّم وَلاَ

أروَاحَكُم يَا مُدَّعِي العِرفَانِ

عَطَّلتُمُ الأبدَانَ مِن أروَاحِهَا

وَالعرشَ عَطَّلتُم مِنَ الرَّحمَنِ

لاَ يُفزِعَنكَ قَعَاقِعٌ وَفَرَاقِعٌ

وَجَعَاجِعٌ عَرِيَت عَنِ البُرهَانِ

مَا عِندَهُم شَيءٌ يَهُولُكَ غَيرَ ذَا

كَ المَنجَنِيقِ مُقَطَّعَ الأركَانِ

وَهُوَ الَّذِِي يَدعُونَهُ التركِيبَ مَن

صُوباً عَلَى الإِثبَاتِ مُنذُ زَمَانِ

أَرَأيتَ هَذَان المنجَنِيقَ فَإنَّهُم

نَصَبُوهُ تَحتَ مَعَاقِلِ الإِيمَانِ

بَلَغَت حِجَارَتُهُ الحُصُونَ فَهَدَّتِ الشُّ

رُفَاتِ واستَولَت عَىَ الجُدرَانِ

للَّهِ كَم حِصنٍ عَلَيهِ استَولَتِ ال

كُفَّارُ مِن ذَا المنجَنِيقِ الجَانِي

وَاللهَ مَا نَصَبُوهُ حَتَّى عَبَّرُوا

قَصداً عَلَى الحِصنِ العَظيمِ الشَّانِ

وَمِنَ البَلِيَّةِ أنَّ قَوماً بَينَ أه

لِ الحِصنِ وَاطُوهُم عَلَى العُدوَانِ

وَرَمَوا بِهِ مَعهُم وَكَانَ مُصَابُ أهل

لِ الحِصنِ مِنهُم فَوقَ ذِي الكُفرَانِ

فَتَرَكَّبَت مِن كُفرِهِم وَوِفَاقِ مَن

فِي الحِصنِ أنوَاع مِنَ الطُّغيَانِ

وَجَرَت عَلَى الإِسلاَمِ أعظَمُ مِحنَةٍ

مِن ذَينِ تَقدِيراً مِنَ الرَّحمَنِ

وَاللهِ لَولاَ أن تَدَارَكَ دِينَهُ الرَّ

حمَنُ كَانَ كَسَائِرِ الأديَانِ

لَكِن أقَامَ لَهُ الإلَهُ بِفَضلِهِ

يَزَكاً مِنَ الأنصَارِ وَالأعوَانِ

فَرَمَوا عَلَى ذَا المَنجَنِيقِ صَوَاعِقاً

وَحِجَارَةً هَدَّتهُ لِلأركَانِ

فَاسألهُم مَاذَا الَّذِي يَعنُونَ بِالتَّ

ركِيبِ فَالتَّركِيبُ سِتُّ مَعَانِ

إحدَى مَعَانِيهِ هُوَ التَّركِيبُ مِن

مُتَبَأيِنٍ كَتَرَكُّبِ الحَيَوانِ

مِن هَذِهِ الأعضَا كَذَا أعضَاؤهُ

قَد رُكِّبَت مِن أربَعِ الأركَانِ

أفَلاَزِمٌ ذَا لِلصِّفَاتِ لِرَبِّنَا

وَعُلُوَّهُ مِن فَوقِ كُلِّ مَكَانِ

وَلَعَلَّ جَاهِلَكُم يَقُولُ مُبَاهِتاً

ذَا لاَزِمُ الإِثبَاتِ بِالبُرهَانِ

فَالبُهتُ عِندَكُمُ رَخِيصٌ سِعرُهُ

حَثواً بِلاَ كَيلٍ وَلاَ مِيزَانِ

هَذَا وَثَانِيهَا فَتركِيبُ الجِوَا

رِ وَذَاكَ بَينَ اثنَينِ يَفتَرِقَانِ

كالجِسرِ وَالبَابِ الذِي تركيبُهُ

بجِوَارِهِ لِمَحَلَّةٍ مِن بَانِ

والأولُ المدعُوُّ تركِيبُ امتِزَا

جٍ وَاختِلاَطٍ وَهوَ ذُو تِبيَانِ

أفَلاَزِمٌ ذَا مِن ثُبُوتِ صِفَاتِهِ

أيضاً تَعَالَى الله ذُو السُّلطَانِ

وَالثَّالِثُ التَّركِيبُ مِن مُتَمَاثِلٍ

يُدعَى الجَوَاهِرَ فَردَةَ الأكوَانِ

وَالرَّابِعُ الجِسمُ المُرَكَّبُ مِن هَيُو

لاَهُ وَصُورَتُهُ لِذِي اليُونَانِ

وَالجِسمُ فَهوَ مُرَكَّبٌ مِن ذَينِ عِن

دَ الفَيلَسُوفِ وَذَاكَ ذُو بُطلاَنِ

وَمِنَ الجَوَاهِرِ عِندَ أربَابِ الكَلاَ

مِ وَذَاكَ أيضاً وَاضِحُ البُطلاَنِ

فَالمثبِتُونَ الجَوهَرَ الفَردَ الَّذِي

زَعَمُوهُ أصلَ الدِّينِ وَالإِيمَانِ

قَالُوا بِأنَّ الجِسمَ مِنهُ مَرَكَّبٌ

وَلَهُم خِلاَفٌ وَهوَ ذُو ألوَانِ

هَل يُمكِنُ التَّركِيبُ مِن جُزأينِ أو

مِن أربَعٍ أو سِتَّةٍ وَثَمَانِ

أو سِتَّ عَشرَةَ قَد حَكَاهُ الأشعَرِيُّ

لِذِي مَقَالاَتٍ عَلَى التِّبيَانِ

أفَلاَزِمٌ ذَا مِن ثُبُوتِ صِفَاتِهِ

وَعُلُوِّهِ سُبحَانَ ذِي السُّبحَانِ

وَالحَقُّ أنَّ الجِسمَ لَيسَ مُرَكَّباً

مِن وَلاَ هَذَا هُما عَدَمَانِ

وَالجَوهَرُ الفَردُ الَّذِي قَد أثبَتُو

هُ لَيسَ ذَا إمكَانِ

لَو كَانَ ذَلِكَ ثَابِتاً لَزِمَ المَحَا

لُ لِوَاضِحِ البُطلاَنِ وَالبُهتَانِ

مِن أوجُهٍ شَتَّى وَيَعسُرُ نَظمُهَا

جِدًّا لأجلِ صُعُوبَةِ الأوزَانِ

أتَكُونُ خَردَلَةٌ تُسَاوِي الطَّودَ فِي ال

أجزَاء فِي شَيءٍ مِنَ الأذهَانِ

إذ كَانَ كُلٌّ مِنهُمَا أجزَاؤهُ

لاَ تَنتَهِي بِالعَدِّ وَالحُسبَانش

وَإذَا وَضعتَ الجَوهَرَينِ وَثَالِثاً

فِي الوَسطِ وَهوَ الحَاجِزُ الوسطَانِ

فَلأجلِهِ افتَرَقَا فَلاَ يَتَلاَقَيَا

حَتَّى يَزُولَ إذاً فَيَلتَقِيانِ

مَا مَسَّهُ إحداهُمَا مِنهُ هُوَ ال

مَمسُوسُ لِلثَّانِي بِلاَ فُرقَانِ

هَذَا مُحَالٌ أو تَقُولُوا غَيرَهُ

فَهُوَ انقِسَامٌ وَاضحُ التِّبيَانِ

وَالخَامِسُ التَّركِيبُ مِن ذَاتٍ مَعَ

الأوصَافِ هَذَا بِاصطِلاَحٍ ثَانِ

سَمَّوهُ تَركِيباً وَذَلِكَ وَضعُهُم

مَا ذَاكَ فِي عُرفٍ وَلاَ قُرآنِ

لَسنَا نُقِرُّ بلَفظَةٍ مَوضُوعَةٍ

بِالاصطِلاَحِ لِشِيعَةِ اليُونَانِ

أو مَن تَلَقَّى عَنهُمُ مِن فِرقةٍ

جَهمِيَّةٍ لَيسَت بِذِي عِرفَانِ

مِن وَصفِهِ سُبحَانَهُ بِصِفَاتِهِ ال

عُليَا وَيُترَكُ مُقتَضَى القُرآنِ

وَالعَقلِ والفِطرَاتِ أيضاً كُلِّهَا

قَبلَ الفَسَادِ وَمُقتَضَى البُرهَانِ

سَمُّوهُ مَا شِئتُم فَلَيسَ الشَّأنُ فِي ال

أسمَاءِ بِالألقَابِ ذَاتِ الشَّانِ

هَل مِن دَلِيلٍ يَقتَبضِي إبطَالَ ذَا التَّ

ركِيبِ مِن عَقلٍ وَمِن فُرقَانِ

وَالله لَو نُشِرَت شُيُوخُكُمُ لَمَا

قَدِرُوا عَلَيهِ لَو أتَى الثَّقَلاَنِ

وَالسَّادِسُ التَّركِيبُ مِن مَاهِيَّةٍ

وَوُجُودِهَأ مَا هَا هُنَا شَيئَانِ

إلاَّ إذَا اختَلَفَ اعتِبَارُهُمَا فَذَا

فِي الذِّهنِ وَالثَّانِي فَفِي الأعيَانِ

فَهُنَاكَ يُعقَلُ كَونُ ذَا غَيراً لِذَا

فَعَلَى اعتِبَارِهِمَا هُمَا غَيرَانِ

أمَّا إذَا اتَّحَدَا اعتِبَاراً كَانَ نَف

س وُجُودِهَا هُوَ ذَاتُهَا لا ثَانِ

مَن قَالَ شَيئاً غَيرَ ذَا كَانَ الَّذِي

قَد قَالَهُ ضَربٌ مِنَ الفُعلاَنِ

هَذَا وَكَم خَبطٍ هُنَا قَد زَالَ بِالتَّ

فصِيلِ وَهُوَ الأصلُ فِي العِرفَانِ

وابنُ الخَطِيبِ وَحِزبُهُ مِن بَعدِهِ

لَم يَهتَدُوا لِمَواقِعِ الفُرقَانِ

بَل خَبَّطُوا نَقلاً وَبَحثاً أوجَبَا

شَكًّا لِكُلِّ مُلَدَّدٍ حَيرَانِ

هَل ذَاتُ رَبِّ العَالَمِينَ وُجُودُهُ

أم غَيرُهُ فَهُمَا إذاً شَيئَانِ

فَيَكُونَ تَركِيباً مُحَالاً ذَاكَ إن

قُلنَا بِهِ فَيَصِيرُ ذَا إمكَانِ

وإذَا نَفَينَا ذَاكَ صَارَ وُجُودُهُ

كَالمُطلَقِ الموجُودِ فِي الأذهَانِ

وَحَكَوا أقَاوِيلاً ثَلاَثاً ذَينِكَ ال

قَولَينِ إطلاَقاً بلاَ فُرقَانِ

وَالثَّالِثُ التَّفرِيقُ بَينَ الوَاجِبِ ال

أعلَى وَبَينَ وُجُودِ ذِي الإِمكَانِ

وَسَطُوا عَلَيهَا كُلِّهَا بِالنَّقضِ وَال

إبطَالِ وَالتَّشكِيكِ بالإِنسَانِ

حَتَّى أتَى مِن أرضِ آمدَ آخراً

ثَورٌ كَبِيرٌ بَل حَقِيرٌ الشَّانِ

قَالَ الصَّوَابُ الوَقفُ فِي ذَا كُلِّهِ

وَالشَّكُّ فِيهِ ظَاهِرُ التِّبيَانِ

هَذَا قُصَارَى بَحثِهِ وَعُلُومِهِ

أن شَكَّ فِي الله العَظِيمِ الشَّانِ

فَالأوَّلاَنِ حَقِيقَةُ التَّركِيبش لاَ

تَعدُوهُمَا فِي اللَّفظِ والأذهَانِ

وَكَذَلكَ الأعيَانُ أيضاً أنَّمَا التَّ

ركيبُ فِيهَا ذَانَك النَّوعَانِ

وَالأوسَطَانِ هُمَا اللَّذَانِ تَنَازَعَا ال

عُقَلاَءَ فِي تَركِيبِ ذي الجُثمَانِ

وَلَهُم أقَاوِيلٌ ثَلاَثٌ قَد حَكَي

نَاهَا وَبَيَّنَّا  أتمَّ بَيَانِ

والآخِرَانِ هُمَا اللَّذَانِ عَلَيهِمَا

دَارَت رَحَى الحَربِ الَّتِي تَرَيَانِ

أنتُم جَعَلتُم وَصفَهُ سُبحَانَهُ

بِعُلُوِّهِ مِن فَوقِ ذِي الأكوَانِ

وَصِفَاتِهِ العُليَا التِي ثَبَتَت لَهُ

بِالنَّقلِ وَالمَعقُولِ ذِي البُرهَانِ

مِن جُملَةِ التَّركِيبِ ثُمَّ نَفَيتُمُ

مَضمُونَهَا مِن غَيرِ مَا بُرهَانِ

فَجَعَلتُمُ المِرقَاةَ للتَّعطِيل هَ

ذَا الاصطِلاَحَ وَذَا مِنَ العُدوَانِ

لَكِن إذَا قِيلَ اصطِلاَحٌ حَادِثٌ

لاَ حَجرَ فِي هَذَا عَلَى إنسَانِ

فَنَقُولُ نَفيُكُم بِهَذَا الاصطِلاَ

حِ صِفَاتِهِ هُو أبطَلُ البُطلاَنِ

وَكَذَاكَ نَفيُكُمُ بِهِ لِعُلُوِّهِ

فَوقَ السَّمَاءِ وَفَوقَ كُلَّ مَكَانِ

وَكَذَاكَ نَفيُكُمُ بِهِ لِكَلاَمِهِ

بِالوَحيِ كَالتَّورَاةِ وَالقُرآنِ

وَكَذَاكَ نَفيُكُم لِرؤيَتِنَا لَهُ

يَومَ المَعادِ كَمَا يُرَى القَمَرَانِ

وَكَذَاكَ نَفيكُمُ لِسَائِرِ مَا أتَى

فِي النَّقلِ مِن وَصفٍ بِغَيرِ مَعَانِ

كَالوَجهِ وَاليَدِ والأصَابِعِ وَالَّذِي

أبداً يَسُوؤكُمُ بِلاَ كِتمَانِ

وَبِوِدِّكُم لَو لَم يَقُلهُ رَبنَا

وَرَسُولُهُ المَبعُوثُ بِالبُرهَانِ

وَبِوِدِّكُم وَاللهِ لَمَّا قَالَهُ

أن لَيسَ يَدخُلُ مَسمَعَ الإِنسَانِ

قَامَ الدَّلِيلُ علَى استِنَادِ الكَونِ أجَ

مَعِهِ إلَى خَلاَّقِهِ الرَّحمَنِ

مَا قَامَ قَطُّ عَلَى انتفَاءِ صِفَاتِهِ

وَعُلُوِّهِ مِن فَوقِ ذِي الأكوَانِ

هُو وَاحِدٌ فِي وَصفِهِ وَعُلُوهِ

مَا لِلوَرَى رَبٌّ سِوَاهُ ثَانِ

فَلأيِّ مَعنًى يَجحَدُونَ عُلُوَّهُ

وَصِفَاتِهِ بِالفَشرِ وَالهَذَيَانِ

هَذَا وَمَا المحذُورُ إلاَّ أن يَقَا

لَ مَعَ الإِلهِ لَنَا إلهٌ ثَانِ

أو أن يُعَطَّلَ عَن صِفاتِ كَمَالِهِ

هَذَانِ مَحذُورَانِ مَحظُورَانِ

أمَّا إذَأ مَا قِيلَ رَبٌّ وَاحِدٌ

أوصَافُهُ أربَت عَلَى الحُسبَانِ

وَهُوَ القَدِيمُ فَلَم يَزَل بِصِفَاتِهِ

مُتوَحِّداً بَل دَائمَ الإِحسَانِ

فَبِأيِّ بُرهَانٍ نَفَيتُمُ ذَا وَقُل

تُم لَيسَ هَذَا قَطُّ فِي الإِمكَانِ

فَلَئِن زَعَمتُم أنَّهُ نَقصٌ فَذَا

بهتٌ فَمَا فِي ذَاكَ مِن نُقصَانِ

النَّقصُ فِي أمرَينِ سَلبُ كَمَالِهِ

أو شِركَةٌ بِالوَاحِدِ الرَّحمَنِ

أتَكُونُ أوصَافُ الكَمَالِ نَقِيصَةً

فِي أيِّ عَقلٍ ذَاكَ أم قُرآنِ

إنَّ الكَمَالَ بِكَثرَةِ الأوصَافِ لاَ

فِي سَلبِهَا ذَا وَاضِحُ البُرهَانِ

النَّقصُ غَيرُ السَّلبِ حَسبُ وَكُلُّ نَق

صٍ أصلُهُ سَلبٌ وَهَذَا وَاضِحُ التِّبيَانِ

فَالجَهلُ سَلبُ العِلمِ وَهُوَ نَقِيصَةٌ

وَالظُّلمُ سَلبُ العَدلِ وَالإحسَانِ

مُتَنَقِّصُ الرَّحمَنِ سَالِبُ وَصفِهِ

حَقًّا تَعَالَى الله عَن نُقصَانِ

وَكَذَا الثَّنَاءُ عَلَيهِ ذِكرُ صِفَاتِهِ

وَالحَمدُ وَالتَّمجِيدُ كُلَّ أوَانِ

وَلِذَاكَ أعلَمُ خَلقَِهِ أدرَاهُمُ

بِصِفَاتِهِ مَن جَاءَ بِالقُرآنِ

وَلَهُ صِفَاتٌ لَيسَ يُحصِيهَا سِوَا

هُ مِن مَلاَئِكَةٍ وَلاَ إنسَانِ

وَلِذَاكَ يُثنِي فِي القِيَامَةِ سَاجِداً

لَمَّا يَرَاهُ المُصطَفَى بِعِيَانِ

بِثََنَاءِ حَمدٍ لَم يَكُن فِي هَذِهِ الدُّ

نيَا لِيُحصِيَهُ مَدَى الأزمَانِ

وَثَنَاؤُهُ بِصِفَاتِهِ لاَ بِالسُّلُو

بِ كَمَا يَقُولُ العَادِمُ العِرفَانِ

وَالعَقلُ دَلَّ عَلَى انتِهَاءِ الكَونِ أج

مَعِهِ إلَى رَبٍّ عَظِيمِ الشَّانِ

وَثُبُوتِ أوصَافِ الكَمَالِ لِذَاتِهِ

لاَ يَقتَضِي إبطالَ ذَا البُرهَانِ

وَالكَونُ يَشهَدُ أنَّ خَالِقَهُ تَعَا

لَى ذُو الكَمَالِ وَدَائِمُ السُّلطَانِ

وَكَذَاكَ يَشهَدُ أنَّهُ سُبحَانَهُ

فَوقَ الوُجُودِ وَفَوقَ كُلِّ مَكَانِ

وَكَذَاكَ يَشهَدُ أنَّهُ سُبحَانَهُ ال

مَعبُودُ لاَ شَيءٌ مِنَ الأكوَانِ

وَكَذَاكَ يَشهَدُ أنَّهُ سُبحَانَهُ

ذُو حِكمَةٍ فِي غَايَةش الإِتقَانِ

وَكَذَاكَ يَشهَدُ أنَّهُ ذُو قُدرَةٍ

حَيُّ عَلِيمٌ دَائِمُ الإِحسَانِ

وَكَذَاكَ يَشهَدُ أنَّهُ الفَعَّالُ حَ

قًّا كُلَّ يَومٍ رَبُّنَا فِي شَانِ

وَكَذَاكَ يَشهَدُ أنَّهُ المُختَارُ فِي

أفعَالِهِ حَقًّا بِلاَ نُكرَانِ

وَكَذَاكَ يَشهَدُ أنَّهُ الحَيُّ الذِي

مَا لِلمَمَاتِ عَلَيهِ مِن سُلطَانِ

وَكَذَاكَ يَشهَدُ أنَّهُ القَيُّومُ قَا

مَ بِنَفسِهِ وَمُقِيمُ ذِي الأكوَانِ

وَكَذَاكَ يَشهَدُ أنَّهُ ذُو رَحمَةٍ

وَإرَادَةٍ وَمَحَبَّةٍ وَحَنَانِ

وَكَذَاك يَشهَدُ أنَّهُ سُبحَانَهُ

مُتَكَلِّمٌ بِالوَحيِ وَالقُرآنِ

وَكَذَاك يَشهَدُ أنَّهُ سُبحَانَه ال

خَلاَّقُ بَاعِثُ هَذِهِ الأبدَانِ

لاَ تَجعَلُوهُ شَاهِداً بِالزُّورِ وَالتَّ

عطِيلِ تِلكَ شَهَادَةُ البُطلاَنِ

وَإذَا تَأمَّلتَ الوُجُودَ رَأيتَهُ

إن لم تكن مِن زُمرةَ العُميَانِ

بِشَهَادَةِ الإِثبَاتِ حَقًّا قَائِماً

لله لاَ بِشَهَادَةِ النُّكرَانِ

وَكَذَاكَ رُسلُ الله شَاهِدَةٌ بِهِ

أيضاً فسَل عَنهُم عَلِيمَ زَمَانِ

وَكَذَاك كُتبُ اللهِ شاهَدَةٌ بِهِ

أيضاً فهذا مُحكَمُ القُرآن

وَكَذَلِكَ الفِطَرُ الَّتِي مَا غيِّرَت

عَن أصلِ خِلقَتِهَا بِأمرٍ ثَانِ

وَكَذَا العُقُولُ المستَنِيرَاتُ التِي

فِيها مَصَابِيحُ الهُدَى الرَّبَّانِي

أتَرَونَ أنَّا تَارِكُو ذَا كُلِّهِ

لِشَهَادَةِ الجَهمِيِّ وَاليُونَانِ

هَذِي الشُّهُودُ فَإن طَلَبتُم شَاهِداً

مِن غَيرِهَا سَيَقُومُ بعدَ زَمَانِ

إذ يَنجَلِي هَذَا الغَبَارُ فَيظهَرُ ال

حَقُّ المبِينُ مُشَاهَداً بِعِيَانِ

فَإذَا نَفَيتُم ذَا وَقُلتُم إنَّهُ

مَلزُومُ تَركِيبٍ فَمَن يَلحَانِي

إن قُلتُ لاَ عَقلٌ وَلاَ سَمعٌ لَكُم

وَصَرَختُ فِيمَا بَينَكُ بِأذَانِ

هَل يُجعَلُ المَلزُومُ عَينَ اللاَّزِمِ ال

مَنفِيِّ هَذَا بَيِّنُ البُطلاَنِ

فَالشَّيءُ لَيسَ لِنَفسِهِ يَنفِي لَدَى

عَقلٍ سَلِيمٍ يَا ذَوِي العِرفَانِ

قُلتُم نَفَينَا وَصفَهُ وَعُلُوَّهُ

مِن خَشيَة التَّركيبِ وَالإِمكَانِ

لَو كَانَ مَوصُوفاً لَكَانَ مُرَكَّباً

فَالوَصفُ وَالتَّركِيبُ مُتَّحِدَانِ

أو كَانَ فَوقَ العَرشِ كَانَ مُرَكَّباً

فَالفَوقُ وَالتَّركِيبُ مُتَّفِقَانِ

فنفيتُمُ التَّركِيبَ بِالتَّركِيبِ مَع

تَغيِيرِ إحدَى اللَّفظَتَينِ بِثَانِ

بَل صُورَةُ البُرهَانِ أصبَحَ شَكلُهَا

شَكلاً عَقِيماً لَيسَ ذَا بُرهَانِ

لَو كَانَ مَوصُوفاً لَكَان كَذَاكَ مَو

صُوفاً وَهَذَا حَاصِلُ البُرهَانِ

فَإذَا جَعَلتُم لَفظَةَ التَّركِيبِ بال

مَعنَى الصَّحِيحِ أمَارَةَ البُطلاَنِ

جِئنَا إلَى المَعنَى فَخَلَّصنَاهُ مِن

هَا واطَّرحنَاهَا اطِّرَاحَ مُهَانِ

هِيَ لَفَظَةٌ مَقبُوحَةٌ بِدعِيَّةٌ

مَذمُومَةٌ مِنَّا بِكُلِّ لِسَانِ

وَاللَّفظُ بِالتَّوحِيدِ نَجعَلُهُ مَكَا

نَ اللَّفظِ بِالتَّركِيبِ فِي التِّبيَانِ

وَاللَّفظُ بِالتَّوحِيدِ أولَى بِالصِّفَا

تِ وَبالعُلُوِّ لِمَن لَهُ أذُنَانِ

هَذَا هُوَ التَّوحِيدُ عِندَ الرُّسلِ لاَ

أصحَابِ جَهمٍ شِيعَةِ الكُفرَانِ

فَاسمَع إذَا أنوَاعَهُ هِيَ خَمسَةٌ

قَد حُصِلَت أقسَامُهَا بِبَيَانِ

تَوحِيدُ أتبَاعِ ابن سِينَا وَهُوَ مَن

سُوبٌ لآرسطُو مِنَ اليُونَانِ

مَا للإلَهِ لَدَيهِمُ مَاهِيَّةٌ

غَيرُ الوُجُودِ المُطلَقِ الوِحدَانِ

مَسلُوبُ أوصَافِ الكَمَالِ جَمِيعهَا

لَكِن وُجُودٌ حَسبُ لَيسَ بِفَانِ

مَا إن لَهُ ذَاتٌ سِوَى نَفسِ الوُجُو

دِ المطلَقِ المَسلُوبِ كُلِّ مَعَانِ

فَلِذَاكَ لاَ سَمعٌ وَلاَ بَصَرٌ وَلا

عِلمٌ وَلاَ قَولٌ مِنَ الرَّحمَنِ

وَلِذَاكَ قَالُوا لَيسَ ثَمَّ مَشِيئَةٌ

وَإِرَادَةٌ لِوُجُودِ ذِي الأكوَانِ

بَل تِلكَ لاَزِمَةٌ لَهُ بِالذَّاتِ لَم

تَنفَكَّ عَنهُ قَطُّ فِي الأزمَانِ

مَا اختَارَ شَيئاً قَطُّ يَفعَلُهُ وَلاَ

هَذَا لَهُ أبداً بِذِي إمكَانِ

وَبَنَوا عَلَى هَذَا استحَالَةَ خَرقِ ذَا ال

أفلاَكِ يَومَ قِيَامَةِ الأبدَانِ

وَلِذَاكَ قَالُوا لَيسَ يَعلَمُ قَطُّ شَيئاً

مَا مِنَ المَوجُودِ فِي الأعيَانِ

لاَ يَعلَمُ الأفلاَكَ كَم أعدَادُهَا

وَكَذَا النُّجُومُ وَذَانِكَ القَمَرَانِ

بَل لَيس يَسمَعُ صَوتَ كلِّ مُصوِّتٍ

كَلاَّ وَلَيسَ يَرَاهُ رَأيَ عِيَانِ

بَل لَيسَ يَعلَمُ حَالَةَ الإِنسَانِ تَف

صِيلاً مِنَ الطَّاعَاتِ وَالعِصيَانِ

كَلاَّ وَلاَ عِلمٌ لَهُ بِتَسَاقُطِ ال

أورَاقِ أو بِمَنَابِتِ الأغصَانِ

عِلماً عَلَى التَّفصِيلِ هَذَا عِندَهُم

عَينُ المُحَالِ وَلازِمُ الإِمكَانِ

بَل نَفسُ آدَمَ عِندَهُم عَينُ المُحَا

لِ وَلَم يَكُن فِي سِالِفِ الأزمَانِ

مَا زَالَ نَوعُ النَّاسِ مَوجُوداً وَلاَ

يَفنَى كَذَاكَ الدَّهرُ والملَوَانِ

هَذَا هُوَ التَّوحِيدُ عِندَ فَرِيقِهِم

مِثلَ ابنِ سِينَا وَالنَّصِيرِ الثَّانِي

قَالُوا وألجأنَا إلَى ذَا خَشيَةُ التَّ

ركِيبِ وَالتَّجسِيمِ ذِي البُطلاَنِ

وَلِذَاكَ قُلنَا مَالَهُ سَمعٌ وَلاَ

بَصَرٌ وَلاَ عِلمٌ فكَيفَ يَدَانِ

وَكَذَاكَ قُلنَا لَيسَ فَوقَ العَرشِ إلاَّ

المُستَحِيلُ وَلَيسض ذَا إمكَانِ

جِسمٌ عَلَى جِسمٍ كِلاَ الجِسمَينِ مَح

دُودٌ يَكُونُ كِلاَهُمَا صِنوَانِ

فَبِذَاكَ حَقًّا صَرَّحُوا فِي كُتبِهِم

وَهُمُ الفُحُولُ أئِمَّةُ الكُفرَانِ

لَيسُوا مَخَانِيثَ الوُجُودِ فَلا إلَى ال

كُفرَانِ يَنحَازُوا وَلاَ الإِيمَانِ

وَالشِّركُ عِندَهُم ثُبُوتُ الذَّاتِ وَال

أوصَافِ إذ يَبقَى هُنَاكَ إثنَانِ

غَيرُ الوُجُودِ فَصَارَ ثَمَّ ثَلاَثَةٌ

فَلِذَا نَفَينَا اثنَينِ بِالبُرهَانِ

نَفيُ الوُجُودِ فَلاَ يُضَافُ إلَيهِ شَي

ء غَيرَهُ فَيَصِيرَ ذَا إمكَانِ

هَذَا وَثَانِيهَا فَتَوحِيدُ ابنِ سَب

عِينٍ وَشِيعَتِهِ أُولِى البُهتَانِ

كُلِّ اتِّحَادِيٍّ خَبِيثٍ عِندَهُ

مَعبُودُهُ مَوطُوءُهُ الحَقَّانِ

تَوحِيدُهُم أنَّ الإِلَهَ هُوَ الوُجُو

دُ المُطلَقُ المَبثُوثُ فِي الأعيَانِ

هُوَ عَينُهَا لاَ غَيرُهَا مَا هَا هُنَا

رَبٌّ وَعبدٌ كَيفَ يَفتَرِقَانِ

لَكِنَّ وَهمَ العَبدِ ثُمَّ خَيَالُهُ

فِي ذِي المَظَاهِرِ دَائِماً يَلِجَانِ

فَلِذَاكَ حُكمُهُمَا عَلَيهِ نَافِذٌ

ابنُ الطَّبِيعَةِ ظَاهِرُ النُّقصَانِ

فَإذَا تَجَرَّدَ عِلمُهُ عَن حِسِّهِ

وَخَيَالِهِ بَل ثمَّ تَجرِيدَانِ

تَجرِيدُهُ عَن عَقلِهِ أيضاً فَإنَّ

العَقلَ لاَ يُدنِيهِ مِن ذَا الشَّانِ

بَل يَخرِقُ الحُجُب الكَثِيفَةَ كُلَّها

وَهماً وَحِسًّا ثُمَّ عَقلٌ وَانِ

فَالوَهمُ مِنهُ وحِسُّهُ وَخَيَالُهُ

وَالعِلمُ وَالمعقُولُ فِي الأذهَانِ

حُجبٌ عَلَى ذَا الشَّانِ فَاخرِقهَا وَإِلاَّ

كُنتَ مَحجُوباً عَنِ العِرفَانش

هَذَا وَأكثَفُهَا حِجَابُ الحِسِّ وَال

مَعقُولُ ذَانِكَ صَاحِبُ الفُرقَانِ

فَهُنَاكَ صِرتَ مُوحِّداً حَقًّا تَرَى

هَذَا الوُوجُودَ حَقِيقَةَ الدَّيَّانِ

وَالشِّركُ عِندَهُمُ فَتَنوِيعُ الوُجُو

دِ وَقَولُنَا إنَّ الوُجُودَ اثنَانِ

وَاحتَجَّ يَوماً بِالكِتَابِ عَلَيهِمُ

شَخصٌ فَقالُوا الشِّركُ فِي القُرآنِ

لَكِنَّمَا التوحِيدُ عِندَ القَائِلِي

نَ بالاتَّحَادِ فَهُم أولُوا العِرفَانِ

رَبٌّ وَعَبدٌ كَيفَ ذَاكَ وَإنَّمَا ال

مَوجُودُ فَردٌ مَالَهُ مِن ثَانِ

هَذَا وَثَالِثُهَا هُوَ التَّوحِيدُ عِن

دَ الجَهمِ تَعطِيلٌ بِلاَ إيمَانِ

نَفيُ الصِّفَاتِ مَعَ العُلُوِّ كَذَاكَ نَف

يُ كَلاَمِهِ بِالوَحيِ وَالقُرآنِ

فَالعَرشُ لَيسَ عَلَيهِ شَيءٌ بَتَّةً

لَكِنَّهُ خِلوٌ مِنَ الرَّحمَنِ

مَا فَوقَهُ رَبٌّ يُطَاعُ وَلاَ عَلَي

هِ للوَرَى مِن خَالِقٍ رَحمَنِ

بَل حَظُّ عَرشِ الرَّبِّ عِندَ فَرِيقَهِم

مِنهُ كَحظِّ الأسفَلِ التَّحتَانِي

فَهُوَ المعَطِّلُ عَن نُعُوتِ كَمَالِهِ

وَعِنِ الكَلاَمِ وَعَن جَمِيعِ مَعَانِ

وَانظُر إلَى مَا قَد حَكَينَا عَنهُ فِي

مَبدا القَصِيد حِكَايةَ التِّبيَانِ

هَذَا هُوَ التَّوحِيدُ عِندَ فَرِيقِهِم

تِلوَ الفُحُولِ مُقَدِّمِي البُهتَانِ

وَالشِّركُ عِندَهُم فَإثبَاتُ الصِّفَا

تِ لِرَبِّنَا وَنِهَايَةُ الكُفرَانِ

إن كَانَ شِركٌ ذَا وَكُلُّ الرُّسلِ قَد

جَاؤوا بِهِ خَيبَةَ الإِنسَانِ

هَذَا وَرَابِعَهَا فَتَوحِيدٌ لَدَى

جَبرِيِّهِم هُوَ غَايَةُ العِرفَانِ

العَبدُ مَيتٌ مَا لَهُ فِعلٌ وَلَ

كِن هُوَ فِعلُ ذِي السُّلطَانِ

وَالله فَاعِلُ فِعلِنَا مِن طَاعَةٍ

وَمِنَ الفُسُوقِ وَسَائِرَِ العِصيَانِ

هِيَ فِعلُ رَبِّ العَالَمِينَ حَقِيقَةً

لَيسَت بِفِعلٍ قَطُّ لِلإنسَانِ

فَالعَبدُ مَيتٌ وَهوَ مَجبُورٌ عَلَى

أفعَالِهِ كَالمَيتِ فِي الأكفَانِ

وَهُوَ المَلُومُ عَلَى فِعَالِ إلَهِهِ

فِيهِ وَدَاخِلُ جَاحِمِ النِّيرَانِ

يَا وَيحَهُ المِسكِينُ مَظلُومٌ يُرَى

فِي صُورَةِ العَبدِ الظلومِ الجَانِي

لَكِن نُقُولُ بأنَّهُ هُوَ ظَالِمٌ

فِي نَفسِهِ أدَباً مَعَ الرَّحمَنِ

هَذَا هُوَ التَّوحِيدُ عِندَ فَرِيقِهِم

مِن كُلِّ جَبرِيٍّ خَبِيثِ جَنَانِ

وَالكُلُّ عِندَ غُلاَتِهِم طَاعَاتُنَا

مَا ثَمَّ فِي التَّحقِيقِ مِن عِصيَانِ

وَالشِّركُ عِندَهُم اعتِقَادُكَ فَاعِلاً

غَيرَ الإلهِ المَالِكِ الدَّيَّانِ

فَانظُر إلَى التَّوحِيدِ عِندَ القَومِ مَا

فِيهِ مِنَ الإِشرَاكِ وَالكُفرَانِ

مَا عِندَهُم وَاللهِ شَيءٌ غَيرُهُ

هَاتِيكَ كُتبُهُمُ بِكُلِّ مَكَانِ

أترَى أبَا جَهلٍ وَشِيعَتَهُ رَؤوا

مِن خَالِقٍ ثَانٍ لِذِي الأكوَانِ

أم كُلُّهُم جَمعاً أقَرُّوا أنَّهُ

هُوَ وَحدهُ الخَلاَّقُ لِلإنسَانِ

فَإذَا ادَّعَيتُم أنَّ هَذَا غَايَةُ التَّ

وحِيدِ صَارَ الشِّركُ ذَا بُطلاَنِ

فَالنَّاسُ كُلُّهُمُ أقَرُّوا أنَّهُ

هُوَ وَحدَهُ الخَلاَّقُ لَيسَ اثنَانِ

إلاَّ المَجُوسَ فَإنَّهُم قَالُوا بِأنَّ

الشَّرَّ خَالِقُهُ إلَهٌ ثَانِ

فَاسمَع إذاً تَوحِيدَ رُسلِ الله ثُمَّ

اجعَلهُ دَاخِلَ كِفَّهِ المِيزَانِ

مَعَ هَذِهِ الأنوَاعِ وَانظُر أيُّهَا

أولَى لَدَى المِيزَانِ بِالرُّجحَانِ

تَوحِيدُهُم نَوعَانِ قَولِيٌّ وَفِع

لِيٌّ كِلاَ نَوعَيهِ ذُو بُرهَانِ

إحدَاهُمَا سَلبٌ وَذَا نَوعَانِ أي

ضاً فِي كِتَابِ الله مَذَكُورَانِ

سَلبُ النَّقَاِئصِ جَمِيعِهَا

عَنهُ هُمَا نَوعَانِ مَعقُولاَنِ

سَلبٌ لِمُتَّصِلٍ وَمنفَصِلٍ هُمَا

نَوعَانِ مَعرُوفَانِ أمَّا الثَّاني

سَلبُ الشَّريكِ مَعَ الظَّهِيرِ مَعَ الشَّ

فِيعِ بِدُونِ إذنِ المَالِكِ الدَّيَّانِ

وَكذَاكَ نَفيُ الكُفءِ أيضاً وَالوِليِّ

لَنَا سِوَى الرَّحمنِ ذِي الغفرَانِ

وَالأوَّلُ التَّنزِيهُ لِلرَّحمَنِ عَن

وَصفِ العُيُوبِ وَكُلِّ ذِي نُقصَانِ

كَالمَوتِ وَالإِعيَاءِ وَالتَّعَبِ الذِي

يَنفِي اقتِدَارَ الخَالِقِ المَنَّانِ

وَالنَّومِ وَالسِّنَةِ التَي هِيَ أصلُهُ

وَعُزُوبِ شَيءٍ عَنهُ فِي الأكوَانِ

وَكَذَلِكَ العَبَثُ الَّذِي تَنفِيهِ حِك

مَتُهُ وَحَمدِ الله ذِي الإِتقَانِ

وَكَذَاكَ تَركُ الخَلقِ إهمَالاً سُدًى

لاَ يُبعَثُونَ إلَى مَعَادٍ ثَانِ

كَلاَّ وَلاَ أمرٌ وَلاَ نَهيٌ عَلَي

هِم مِن إلَهٍ قَادِر دَيَّانِ

وَكَذَاكَ ظُلمُ عِبَادِهِ وَهُوَ الغَنِيُّ

فَمَا لَهُ والظُّلمَ للإِنسَانِ

وَكَذَاك غَفلَتُهُ تَعَالَى وَهوَ عَلاَّ

مُ الغُيُوبِ فَظَاهِرُ البُطلاَنِ

وَكَذَلِكَ النِّسيَانُ جَلَّ إلَهُنَا

لاَ يَعتَرِيهِ قَطُّ مِن نِسيَانِ

وَكَذَاكَ حَاجَتُهُ إلَى طَعمٍ وَرِز

قٍ وَهوَ رَزَّاقٌ بِلاَ حُسبَانِ

هَذَا وَثَانِي نَوعَي السَّلبِ الَّذِي

هُوَ أوَّلُ الأنوَاعِ فِي الأوزَانِ

تَنزِيهُ أوصَافِ الكَمَالِ لَهُ عَن التَّ

شبِيهِ وَالتَّمثِيلِ وَالنُّكرَانِ

لَسنَا نُشَبِّهُ وَصفَهُ بِصِفَاتِنَا

إنَّ المشَبَّهَ عَابِدُ الأوثَانِ

كَلاَّ وَلاَ نُخلِيهِ مِن أوصَافِهِ

إنَّ المعَطِّلَ عَابِدُ البُهتَانِ

مَن مَثَّلَ اللهَ العَظِيمَ بِخَلقِهِ

فَهوَ النَّسِيبُ لِمُشرِكٍ نَصرَانِي

أو عَطَّلَ الرَّحمَن مِن أوصَافِهِ

فَهُوَ الكَفُورُ وَلَيسَ ذَا إيمَانِ

هَذَا وَمِن تَوحِيدِهم إثبَاتُ أو

صَلى الكَمَالِ لرَبِّنَا الرَّحمَنِ

كَعُلُوِّهِ سُبحَانَهُ فَوقَ السَّمَ

وَاتِ العُلَى بَل فَوقَ كُلِّ مَكَانِ

فَهوَ العَلِيُّ بِذَاتِهِ سُبحَانَهُ

إذ يَستَحِيلُ خِلاَفُ ذَا ببَيَانِ

وَهُوَ الَّذِي حَقًّا عَلَى العَرشِ استَوَى

قَد قَامَ بِالتَّدبِيرِ للأكوَانِ

حَيٌّ مُرِيدٌ قَادِرٌ مُتَكَلِّمٌ

ذُو رَحمَةٍ وَإرَادَةٍ وَحَنَانِ

هُوَ أولٌ هو آخِرٌ هُو ظَاهِرٌ

هُو بَاطِنٌ هِي أربعٌ بوِزَانِ

مَا قَبلَهُ شَيءٌ كَذَا مَا بَعدَه

شَيءٌ تَعَالَى الله ذُو السُّلطَانِ

مَا فَوقَهُ شَيءٌ كَذَا مَا دُونَه

شَيءٌ وَذَا تَفسِيرُ ذِي البُرهَانِ

فَانظُر إلَى تَفسِيرِهِ بِتَدَبُّرٍ

وَتَبَصُّرٍ وَتَعَقُّلٍ لِمَعَانِ

وَانظُر إلَى مَا فِيهِ مِن أنوَاعِ مَع

رِفَةٍ لخَالِقِنَا العَظِيمِ الشَّانِ

وَهُوَ العَلِيُّ فَكُلُّ أنوَاعِ العُلُوِّ

لَهُ فَثَابِتَةٌ بِلاَ نُكرَانِ

وَهُوَ العَظِيمُ بِكُلِّ مَعنَآ يُوجِبُ التَّ

عظِيمَ لاَ يُحصِيهِ مِن إنسَانِ

وَهُوَ الجَلِيلُ فكُلُّ أوصَافِ الجَلاَ

لِ لَهُ مُحَقَّقَةٌ بِلاَ بُطلاَنِ

وَهُوَ الجَمِيلُ عَلَى الحَقِيقَةِ كَيفَ لاَ

وَجَمَالُ سَائِرِ هَذِهِ الأكوَانِ

مِن بَعضِ آثَارِ الجَمِيلِ فَرَبُّهَا

أولَى وأجدَرُ عِندَ ذِي العِرفَانِ

فَجمَالُهُ بِالذَّاتِ وَالأوصَافِ وَال

أفعَالِ والأسمَاءِ بِالبُرهَانِ

لاَ شَيءَ يُشبِهُ ذَاتَهُ وَصِفَاتِهِ

سُبحَانَهُ عَن إفكِ ذِي البُهتَانِ

وَهُوَ المَجِيدُ صِفَاتُهُ أوصَافُ تَع

ظِيمٍ فَشَأنُ الوَصفِ أعظَمُ شَانِ

وَهُوَ السَّمِيعُ يَرى وَيسمَعُ كُلَّ مَا

فِي الكَونِ مِن سِرٍّ وَمِن إعلاَنِ

وَلِكُلِّ صَوتٍ مِنهُ سَمعٌ حَاضِرٌ

فَالسِّرُّ وَالإعلاَنُ مُستَوِيَانِ

وَالسَّمعُ مِنهُ وَاسِعُ الأصوَاتِ لاَ

يَخفَى عَلَيهِ بَعِيدُهَا وَالدَّانِي

وَيرَى مَجَارِي القُوتِ فِي أعضَائِها

وَيَرَى عُرُوقَ بَيَاضِهَا بِعِيَانِ

وَيَرَى خِيَانَاتِ العُيَونِ بِلَحظِهَا

وَيَرى كَذَاكَ تَقَلُّبَ الأجفَانِ

وَهُوَ العَلِيمُ أحَاطَ عِلماً بِالذِي

فِي الكَونِ مِن سِرٍّ وَمِن إعلاَنِ

وَبِكُلِّ شَيءٍ عِلمُهُ سُبحَانَهُ

فَهوَ المُحِيطُ وَلَيسَ ذَا نِسيَانِ

وَكَذَاكَ يَعلَمُ مَا يَكُونُ غَداً وَمَا

قَد كَانَ وَالمَوجُودَ فِي ذَا الآنِ

وَكَذَاكَ أمرٌ لَم يَكُن لَو كَان كَي

فَ يَكُونُ ذَاكَ الأمر ذَا إمكَانِ

وَهُوَ الحَمِيدُ فَكُلُّ حَمدٍ وَاقِعٌ

أو كَانَ مَفرُوضاً مَدَى الأزمَانِ

مَلأ الوُجُودَ جَمِيعَهُ وَنَظِيرَهُ

مِن غَيرِ مَا عَدٍّ وَلاَ حُسبَانِ

هُوَ أهلُهُ سُبحَانَهُ وَبِحَمدِهِ

كُلُّ المَحَامِدِ وَصفُ ذِي الإِحسَانِ

وَهُوَ المُكَلِّمُ عَبدَهُ مُوسَى بِتَك

لِيمِ الخِطَابِ وَقَبلَهُ الأبَوَانِ

كَلِمَاتُهُ جَلَّت عَنِ الإِحصَاءِ وَالتَّ

عدَادِ بَل عَن حَصرِ ذِي الحُسبَانِ

لَو أنَّ أشجَارَ البِلاَدِ جَمِيعَا ال

أقلاَمُ تَكتُبُهَا بكُلِّ بَنَانِ

وَالبَحرَ تُلقَى فِيهِ سَبعَةُ أبحُرٍ

لِكِتَابِةِ الكَلِمَاتِ كُلَّ زَمَانِ

نَفِدَت وَلَم تَنفَد بِهَا كَلِمَاتُهُ

َليسَ الكَلاَمُ مِنَ الإِلَهِ بِفَانِ

وَهُوَ القَدِيرُ وَليسَ يُعجِزُهُ إذَا

مَا رَامَ شَيئاً قَطُّ ذُو سُلطَانِ

وَهُوَ القَوِيُّ لَهُ القُوَى جَمعاً تَعَا

لَى رَبُ ذِي الأكوَانِ والأزمانِ

وَهُوَ الغَنِيُّ بِذَاتِهَِ فَغِنَاهُ ذَا

تِيٌّ لَهُ كَالجُودِ وَالإِحسَانِ

وَهُوَ العَزِيزُ فَلَن يُرَامَ جَنَابُهُ

أنَّى يُرَامُ جَنَابُ ذِي السُّلطَانِ

وَهُوَ العَزِيزُ بِقُوَّةٍ هِيَ وَصفُهُ

فَالعِزُّ حِينَئِذٍ ثَلاَثُ مَعَانِ

وَهِيَ التِي كَمُلَت لَهُ سُبحَانَهُ

مِن كُلِّ وَجهٍ عَادِمِ النُّقصَانِ

وَهُوَ الحَكِيمُ وَذَاكَ مِن أوصَافِهِ

نَوعَانِ أيضاً مَا هُمَا عَدمَانِ

حُكمٌ وَإحكَامٌ فَكُلٌّ مِنهُمَا

نَوعَانِ أيضاً ثَابِتاً البُرهَانِ

وَالحُكمُ شَرعِيٌّ وَكَونِيٌّ وَلاَ

يَتَلاَزَمَانِ وَمَا هُمَا سِيَّانِ

بَل ذَاكَ يُوجَدُ دُونَ هَذَا مُفرَداً

وَالعَكسُ أيضاً ثُمَّ يَجتَمِعَانِ

لَن يَخلُو المَربُوبُ مِن إحدَاهُمَا

أو مِنهُمَا بَل لَيسَ يَنتَفِيَانِ

لَكِنَّما الشَّرعِيُّ مَحبُوبٌ لَهُ

أبَداً وَلَن يَخلُو مِنَ الأكوَانِ

هُوَ أمرهُ الدِّينِيُّ جَاءَت رُسلُهُ

بِقِيَامِهِ فِي سَائِرِ الأزمَانِ

لَكِنَّمَا الكَونِيُّ فَهوَ قَضَاؤهُ

فِي خَلقِهِ بِالعَدلِ وَالإِحسَانِ

هَوَ كُلُّهُ حَقٌّ وَعَدلٌ ذُو رِضَى

وَالشَّانُ فِي المَقضِيِّ كُلَّ الشَّانِ

فَلِذَاكَ نَرضَى بِالقَضَاءِ ونَسخط ال

مَقضِيِّ مضا الأمرَانِ مُتَّحدَانِ

فالله يَرضَى بِالقَضَاءِ ويَسخطُ ال

مَقضِيِّ مَا الأمرَانِ مُتَّحِدَانِ

فَقَضَاؤُهُ وصِفَةٌ بِهِ قَامَت وَمَا ال

مَقضِيُّ إلاَّ صَنعَةُ الإِنسَانِ

وَالكَونُ مَحبُوبٌ وَمَبغُوضٌ لَهُ

وَكِلاَهُمَا بِمَشِيئَةِ الرَّحمَنِ

هَذَا البَيَانُ يُزِيلُ لَبساً طَالَمَا

هَلَكَت عَلَيهِ النَّاسُ كُلَّ زَمَانِ

وَيَحِلُّ مَا قَد عَقَّدُوا بِأصُولِهِم

وَبُحُوثِهِم فَافهَمهُ فَهمَ بَيَانِ

مَن وَافقَ الكَونِيَّ وَافقَ سُخطهُ

إذ لَم يوافِق طَاعَةَ الدَّيَّانِ

فَلِذَاكَ لاَ يَعدُوهُ ذَمٌّ أو فَوَا

تُ الحَمدش مَع أجرٍ ومَع رِضوَانِ

وَمُوَافِقُ الدِّينِيِّ لاَ يَعدُوهُ أج

رٌ بَل لَهُ عِندَ الصَّوَابِ اثنَانِ

والحِكمَةُ العُليَا عَلَى نَوعَينِ أي

ضاً حُصِّلا بِقَوَاطِعَ البُرهَانِ

إحدَاهُمَا فِي خَلقِهِ سُبحَانَهُ

نَوعَانِ أيضاً لَيسَ يَفتَرقَانِ

إحكَامُ هَذَا الخَلقِ إذ إيجَادُهُ

فِي غَايَةِ الإِحكَامِ وَالإتقَانِ

وَصُدُورُهُ مِن أجلِ غَايَاتٍ لَهُ

وَلَهُ عَلَيهَا حَمدُ كُلِّ لِسَانِ

وَالحِكمَةُ الأخرَى فَحِكمَةُ شَرعِهِ

أيضاً وَفِيهضا ذَانِكَ الوَصفَانِ

غَايَاتُهَا اللاَّتِي حُمِدنَ وَكَونُهَا

فِي غَايَةِ الإِتقَانِ وَالإحسَانِ

وَهُوَ الحَييُّ فَلَيسَ يَفضَحُ عَبدَهُ

عِندَ التَّجاهُرِ مِنهُ بِالعِصيَانِ

لَكِنَّهُ يُلقِي عَلَيهِ سَترَهُ

فَهُوَ السَّتِيرُ وَصَاحِبُ الغُفرَانِ

وَهُوَ الحَلِيمُ فَلاَ يُعَاجِلُ عَبدَهُ

بِعُقُوبَةٍ لِيَتُوبَ مِن عِصيَتمِ

وَهُوَ العَفُوُّ فَعَفوُهُ وَسِعَ الوَرَى

لَولاَهُ غَارَ الأرضُ بِالسُّكَّانِ

وَهُوَ الصَّبُورُ عَلَى أذَى أعدَائِهِ

شَتَمُوهُ بَل نَسَبُوهُ لِلبُهتَانِ

قَالُوا لَهُ وَلَدٌ وَلَيسَ يُعِيدُنَا

شَتماً وَتَكذِيباً مِنَ الإِنسَانِ

هَذَا وَذَاكَ بسَمعِهِ وَبِعِلمِهِ

لَو شَاءَ عَاجَلَهُم بِكُلِّ هَوَانِ

لَكِن يُعَافِيهِم وَيَرزُقُهُم وَهُم

يُؤذُونَهُ بالشِّركِ وَالكُفرَانِ

وَهُوَ الرَّقِيبُ عَلَ الخَوَاطِرِ وَاللَّوَا

حِظِ كَيفَ بِالأفعَالِ بِالأركَانِ

وَهُوَ الحفِيظُ عَليهِمُ وَهُوَ الكَفِي

لُ بِحِفظِهِم مِن كُلِّ أمرٍ عَانِ

وَهُوَ اللَّطِيفُ بِعَبدِهِ وَلِعَبدِهِ

وَاللُّطفُ فِي أوصَافِهِ نَوعَانِ

إدرَاكُ أسرَارِ الأُمورِ بِخبرَةٍ

وَاللُّطفُ عِندَ مَواقِعِ الإِحسَانِ

فَيُرِيكَ عِزَّتَهُ وَيُبدِي لُطفَهُ

وَالعَبدُ فِي الغَفَلاَتِ عن ذَا الشَّانِ

وَهُوَ الرَّفِيقُ يُحِبُّ أهلَ الرِّفقِ بَل

يُعطِيهُمُ بِالرِّفقِ فَوقَ أمَانِ

وَهُوَ القَرِيبُ وَقُربُهُ المُختَصُّ بِالدَّ

اعِي وَعابِدِهِ عَلَى الإِيمَانِ

وَهُوَ المُجِيبُ يَقُولُ مَن يَدعُو أجِب

هُ أنَا المُجِيبُ لِكُلِّ مَن نَادَانِي

وَهُوَ الجَوادُ فَجُودُهُ عَمَّ الوُجُو

دَ جَمِيعَهُ بِالفَضلِ وَالإحسَانِ

وَهُوَ الجَوَادُ فَلاَ يُخَيِّبُ سَائِلاً

وَلَو أنَّهُ مِن أمَّةِ الكُفرَانِ

وَهُوَ المُغِيثُ لِكُلِّ مَخلُوقَاتِهِ

وَكَذَا يُجيبُ إغَاثَةَ اللَّهفَانِ

وَهُوَ الوَدُودُ يحِبُّهُم وَيُحِبُّهُ

أحبَابُهُ وَالفَضلُ للمَنَّانِ

وَهُوَ الذِي جَعَلَ المَحَبَّةَ فِي قُلُو

بِهِمُ وَجَازَاهُم بِحُبٍّ ثَانِ

هَذَا هُوَ الإحسَانُ حَقًّا لاَ مُعَا

وَضَةً وَلاَ لِتَوَقُّعِ الشُّكرَانِ

لَكِن يُحبُّ شُكُورَهم وَشَكُورَهُم

لاَ لاحتِياجٍ مِنهُ للشُّكرَانِ

وَهُوض الشًّكُورُ فَلَن يُضَيِّعَ سَعيَهُم

لَكِن يُضَاعِفُهُ بِلا حُسبَانِ

مَا لِلعِبَادِ عَلَيهِ حَقٌّ وَاجِبٌ

هُوَ أوجَبَ الأجرَ العَظِيمَ الشَّانِ

كَلاَّ وَلاَ عَمَلٌ لَدَيهِ ضَائِعٌ

إن كَانَ بِالإِخلاَصِ وَالإِحسَانِ

إن عُذِّبُوا فَبعَدلِهِ أو نُعِّمُوا

فَبِفَضلِهِ وَالحَمدُ لِلمَنَّانِ

وَهُوَ الغَفُورُ فَلَو أُتِي بِقُرَابِهَا

مِن غَيرِ شِركٍ بَل مِنَ العِصيَانِ

لأتَاهُ بِالغُفرَانِ مِلءَ قُرَابِهَا

سُبحَانَهُ هُوَ وَاسِعُ الغُفرَانِ

وَكَذَلِكَ التَّوَّابُ مِن أوصَافِهِ

وَالتَّوبُ فِي أوصَافِهِ نَوعَانِ

إذنٌ بتَوبَةِ عَبدِهِ وَقَبُولِهَا

بَعدَ المَتَابِ بِمِنَّةِ المَنَّانِ

وَهُوَ الإِلَهُ السَّيِّدُ الصَّمَدُ الَّذِي

صَمَدَت إلَيهِ الخلقُ بِالإِذعَانِ

الكَامِلُ الأوصَافِ مِن كُلِّ الوُجُو

هِ كَمَالُهُ مَا فِيهِ مِن نُقصَانِ

وَكَذِلِكَ القَهَّارُ مِن أوصَافِهِ

فَالخَلقُ مَقهُورُونَ بِالسُّلطَانِ

لَو لَم يَكُن حَيًّا عَزِيزاً قَادِراً

مَا كَانَ مِن قَهرٍ وَلاَ سُلطَانِ

وَكَذَلِكَ الجَبَّارُ مِن أوصَافِهِ

وَالجَبرُ فِي أوصَافِهِ قِسمَانِ

جَبرُ الضَّعِيفِ وَكُلِّ قَلبٍ قَد غَدَا

ذَا كَسرَةٍ فَالجَبرُ مِنهُ دَانِ

وَالثَّانِي جَبرُ القَهرِ بِالعِزِّ الذِي

لاَ يَنبَغِي لِسِوَاهُ مِن إنسَانِ

وَلَهُ مُسَمَّى ثَالِثٌ وَهُوَ العُلُوُّ

فَليسَ يَدنُو مِنهُ مِن إنسَانِ

مِن قَولِهُم جَبَّارَةٌ لِلنَّخلَةِ ال

عُليَا التِي فَاتَت لِكُلِّ بَنَانِ

وَهُوَ الحَسِيبُ كِفَايَةً وَحِمَايَةً

وَالحَسبُ كَافِي العَبدِ كُلَّ أوَانِ

وَهُوَ الرَّشِيدُ فَقُولُهُ وَفِعَالُهُ

رُشدٌ وَرَبُّكَ مُرشِدُ الحَيرَانِ

وَكِلاهُمَا حَقٌّ فَهذَا وَصفُهَُ

وَالفِعلُ لِلإرشَادِ ذَاكَ الثَّانِي

وَالعَدلُ مِن أوصَافِهِ فِي فِعلِهِ

وَمَقَالِهِ وَالحُكمِ بِالمِيزَانِ

فَعلَى الصِّرَاط المُستَقِيمِ إلَهُنَا

قَولاً وَفِعلاً ذَاكِ فِي القُرآنِ

هَذَا وَمِن أوصَافِهِ القُدُّوس ذُو التَّ

نزِيهِ بِالتَّعظِيمِ للرَّحمَنِ

وَهُوَ السَّلاَمُ عَلَى الحَقِيقَةِ سَالِمٌ

مِن كُلِّ تَمثِيلٍ ومِن نُقصَانِ

وَالبِرُّ مِن أوصَافِهِ سُبحَانَهُ

هُوَ كَثرَةُ الخَيرَاتِ وَالإحسَانِ

صَدَرَت عَنِ البَرِّ الذِي هُوَ وَصفُهُ

فَالبِرُّ حِينَئِذٍ لَهُ نَوعَانِ

وَصف وَفِعلٌ فَهوَ بَرٌّ مُحسِنٌ

مُولِي  الجَمِيل وَدَائِمُ الإِحسَانِ

وَكَذَلِكَ الوَهَّابُ مِن أسمَائِهِ

فَانظُر مَوَاهِبَهُ مَدَى الأزمَانِ

أهلُ السَّمَوَاتِ العُلَى والأرضِ عَن

تِلكَ المَوَاهِبِ لَيسَ يَنفَكَّانِ

وَكَذَلِكَ الفَتَّاحُ مِن أسمَائِهِ

وَالفَتحُ فِي أوصَافِهِ أمران

فَتحٌ بِحُكمٍ وَهوُ بشَرعُ لألَهِنَا

وَالفَتحُ بِالأقدَارِ فَتحٌ ثَانِ

وَالرَّبُّ فَتَّاحٌ بِذَينِ كِلَيهِمَا

عَدلاً وَإحسَاناً مِن الرَّحمَنِ

وَكَذَلِكَ الرَّزَّاقُ مِنَ أسمَائِهِ

وَالرِّزقُ مِن أفعَالِهِ نَوعَانِ

رِزقٌ عَلَى يَدِ عَبدِهِ وَرَسُولِهِ

نَوعَانِ أيضاً ذَانِ مَعرُوفَانِ

رِزقُ القُلُوبِ العِلم وَالإِيمَانَ وَالرِّ

زقُ المُعَدُّ لِهَذِهش الأبدَانِ

هَذَا هُوَ الرِّزقُ الحَلاَلُ وَربُّنَا

رَزَّاقُهُ وَالفَضلُ لِلمَنَّانِ

وَالثَّانِي سَوقُ القُوتِ للأعضَاءِ فِي

تِلكَ المَجَارِي سَوقَهُ بِوِزَانِ

هَذَان يَكُونُ مِنَ الحَلاَلِ كَمَا يَكُو

نُ مِنَ الحَرَام كِلاَهُمَا

وَاللهُ رَازِقُهُ بِهَذَا الاعتَبا

رِ وَلَيسَ بِالإِطلاَقِ دُونَ بَيَانِ

هَذَا وَمِن أوصَافِهِ القَيُّومُ وَال

قَيُّومُ فِي أوصَافِهِ أمَرَانِ

إحدَاهُمَا القَيُّومُ قَامِ بِنَفسِهِ

وَالكَونُ قَامَ بِهِ هُمَا الأمرَانِ

فَالأوَّلُ استِغنَاؤهُ عَن غَيرِهِ

وَالفَقرُ مِن كُلٍّ إلَيهِ الثَّانِي

وَالوَصفُ بِالقَيومِ ذُو شَأنٍ عَظِيمٍ هَ

كذَا مَوصُوفُهُ أيضاً عَظِيمُ الشَّانِ

وَالحَيُّ يَتلُوهُ فأوصَافُ الكَمَا

لِ هُمَا لأفقِ سَمَائِهَا قُطبَانِ

فَالحَيُّ وَالقَيُّومُ لَن تَتَخَلَّفَ ال

أوصَافُ أصلاً عَنهُمَا بِبَيَانِ

هُوَ قَابِضٌ هُوَ بَاسِطٌ هُوَ خَافِضٌ

هُوَ رَافِعٌ بِالعَدلِ وَالمِيزَانِ

وهو المُعزُّ لأهلِ طَاعَتِهِ وذَا

عِزٌّ حَقِيقِيٌّ بِلاَ بُطلاَنِ

وَهُوَ المُذِلُّ لِمَن يَشَاءُ بِذِلَّةِ الدَّ

ارَينِ ذُل شَقَا وَذُلُّ هَوَانِ

هُوَ مَانِعٌ مُعطٍ فَهَذَا فَضلُهُ

وَالمَنعُ عينُ العَدلِ لِلمَنَّانِ

يُعطِي بِرحمَتِهِ وَيَمنَعُ مَا يَشَا

ءُ بِحِكمَةٍ وَاللهُ ذُو سُلطَانِ

وَالنُّورُ مِن أسمَائِهِ أيضاً وَمِن

أوصَافِهِ سُبحَانَ ذِي البُرهَانِ

قَالَ ابنُ مَسعُودٍ كَلاَماً قَد حَكَا

هُ الدَّارِمِي عَنهُ بِلاَ نُكرَانِ

مَا عِندَهُ لَيلُ يَكُونُ وَلاَ نَهَا

رٌ قُلتُ تَحتَ الفَلكِ يُوجَدُ ذَانِ

نُورُ السَّمَوَاتِ العُلَى مِن نُورِهِ

وَالأرضِ كَيفَ النَّجمُ وَالقَمرَانِ

مِن نُورِ وَجهِ الرَّبِّ جَلَّ جَلاَلُهُ

وَكَذَا حَكَاهُ الحافِظُ الطَّبَرَانِي

فَبِهِ استَنَارَ العَرشُ وَالكُرسِيُّ مَع

سَبعِ الطِّبَاقِ وَسَائِرِ الأكوَانِ

وَكِتَابُهُ نُوؤٌ كَذَلِكَ شَرعُهُ

نُورٌ كَذَا المَبعُوثُ بِالفُرقَانِ

وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ فِي قَلبِ الفَتَى

نُورٌ عَلَى نُورٍ مَعَ القُرآنِ

وَحِجَابُهُ نُورٌ فَلَو كُشِفَ الحِجَا

بُ لأحرَقَ السُّبُحَاتُ للأكوَانِ

وإذَا أتَى للفَصلِ يُشرِقُ نُورُهُ

فِي الأرضِ يَومَ قِيَامَةِ الأبدَانِ

وَكَذَاك دَارُ الرَّبِّ جَنَّاتُ العُلَى

نُورٌ تَلألأَ لَيسَ ذَا بُطلاَنِ

وَالنُّورُ ذُو نَوعَينِ مَخلُوقٌ وَوَص

فٌ مَا هُمَا وَألله مُتَّحِدَانِ

وَكَذَلِكَ المَخلُوقُ ذُو نَوعَينِ مَح

سُوسٌ وَمَعقُولٌ هُمَا شَيئَانِ

احذَر تَزِلَّ فَتَحتَ رِجلِكَ هُوَّةٌ

كَم قَد هَوَى فِيهَا عَلَى الأزمَانِ

مِن عَابِدٍ بِالجَهلِ زَلَّت رِجلُهُ

فَهَوَى إلَى قَعرِ الحَضِيضِ الدَّانِي

لاَحَت لَهُ أنوَارُ آثارِ العِبَا

دَةِ ظَنَّهَا الأنوارَ للرَّحمَنِ

فَأتَى بِكُلِّ مُصِيبَةٍ وَبَلِيَّةٍ

مَا شِئتَ مِن شَطحٍ وَمِن هَذَيَانِ

وَكَذَا الحُلُولِيُّ الذِي هُوَ خِدنُهُ

مِن هَهُنَا حَقًّا هُمَا أخَوَانِ

وَيُقَابِلُ الرَّجلَينِ ذُو التَّعطِيلِ وَال

حُجُبِ الكَثِيفَةِ ما هُما سِيَّانِ

ذَا فِي كَثَافَةِ طَبعِهِ وَظَلاَمِهِ

وَبِظُلمَةِ التَّعطِيلِ هَذَا الثَّانِي

وَالنُّورُ مَحجُوبٌ فَلاَ هَذَا وَلاَ

هَذَا لَهُ مِن ظُلمَةٍ يَريَانِ

وَهُوَ المَقَدِّمُ وَالمؤخِّرُ ذَانِكَ الصِّ

فَتَانِ لِلأفعَالِ تَابِعَتَانِ

وَهُمضا صِفَاتُ الذَّاتِ أيضاً إذ هُمَا

بِالذَّاتِ لاَ بِالغَيرِ قَائِمَتَانِ

ولِذَاكَ قَد غَلَط المقسِّمُ حِينَ ظَنَّ

صِفَاتِهِ نَوعَينِ مُختَلِفَانِ

إن لَم يُرِد هَذَا وَلَكِنَ قَد أرَا

دَ قِيَامَهَا بِالفِعلِ ذِي الإِمكَانِ

وَالفِعلُ وَالمَفعولُ شَيءٌ وَاحِدٌ

عِندَ المقَسِّمِ مَا هُمَا شَيئَانِ

فَلِذَاكَ وَصفُ الفِعلِ لَيسَ لَدَيهِ إلاَّ

نِسبَةٌ عَدَمِيةٌ بِبَيَانِ

فَجَمِيعُ أسمَاءِ الفِعَالِ لَدَيهِ لَي

سَت قَطُّ ثَابِتَةٌ ذَوَاتِ مَعَانِ

مَوجُودَةٌ لَكِن أمُورٌ كُلُّهَا

نِسَبٌ تُرَى عَدَمِيَّةَ الوجدَانِ

هَذَا هُوَ التَّعطِيلُ للأفعَالِ كَالتَّ

عطِيلِ للأوصَافِ بِالمِيزَانِ

فَالحَقُّ أنَّ الوَصفَ لَيسَ بِمَورد التَّ

قسِيمِ هَذَا مُقتَضَى البُرهَانِ

بَل مَورِدُ التَّقسِيمِ مَا قَد قَامَ بِالذَّ

اتِ التِي للوَاحِدِ الرَّحمَنِ

فَهُمَا إذاً نَوعَانِ أوصَافٌ وَأف

عَألٌ فَهذِي قِسمَةُ التِّبيَانِ

فَالوَصفُ بالأفعَالِ يَستَدعِي قِيَا

مَ الفِعلِ بِالمَوصًوفِ بِالبُرهَانِ

كَالوَصفِ بِالمعنَى سِوَى الأفعالِ مَا

إن بَينَ ذَينِكَ قَطُّ مِن فُرقَانِ

وَمِنَ العَجَائِبِ أنَّهُم رَدُّوا عَلَى

مَن أثبَتَ الأسمَاءَ دُونَ مَعَانِ

قَامَت بِمَن هِيَ وَصفُهُ هَذَا مُحَا

لٌ غَيرُ مَعقُولٍ لِذِي الأذهَانِ

وَأتَوا إلَى الأوصَافِ بِاسمِ الفِعلِ قَا

لُوا لَم تَقُم بِالوَاحِدِ الدَّيَّانِ

فانظُر إلَيهِم أبطَلُوا الأصلَ الذِي

رَدُّوا بِهِ أقوَالَهُم بِوزَانِ

إن كَانَ هَذَا مُمكِناً فكَذَاكَ قَو

لُ خُصُومِكُم أيضاً فَذُو إمكَانِ

وَالوَصفُ بِالتَّقدِيمِ وَالتأخِيرِ كَو

نِيٌّ وَدِينِيٌّ هُمَا نَوعَانِ

وَكِلاَهُمَا أمرٌ حَقِيقيٌّ وَنِسبِيٌّ

وَلاَ يَخفَى المثَال عَلَى أولِي بالأذهَانِ

واللهِ قَدَّرَ ذَاكَ أجمَعَهُ بِإح

كَامٍ وإتقَانٍ مِنَ الرَّحمَنِ

هَذَا وَمِن أسمَائِهِ مَا لَيسَ يُف

رَدُ بَل يُقُالُ إذَا أتَى بِقِرَانِ

وَهِيَ التِي تُدعَى بِمِزدَوجَاتِهَا

إفرَادُهَا خَطَرٌ عَلَى الإِنسَانِ

إذ ذَاك مُوهِمُ نَوعِ نَقصٍ جَلَّ رَبُّ

العَرشِ عَن عَيبٍ وَعَن نُقصَانِ

كالمَانِعِ المعطِي وَالكضارِّ الذِي

هُوَ نَافِع وكَمَالُهُ الأمرَانِ

وَنظَيرُ هَذَا القَابِضُ المَقرُونُ بِاس

مِ البَاسطِ اللَّفظَانِ مُقتَرِنَانِ

وَكَذَا المُعِزُّ مَعَ المُذِلُّ وَخَافِضٌ

مَعَ رَافِعٍ لفظَانِ مُزدَوَجَانِ

وَحَدِيثُ إفرَادِ إسمِ مُنتَقِمٍ فَمَو

قُوفٌ كَمَا قَد قَالَ ذُو العِرفَانِ

مَا جَاءَ فِي القُرآنِ غَيرَ مُقَيَّدٍ

بِالمُجرِمينَ وَجَا بذُو نَوعَانِ

وَدَلاَلَةُ الأسمَاءِ أنوَاعٌ ثَلاَ

ثٌ كُلُّهَا مَعلُومَةٌ بِبَيَانِ

دَلَّت مُطَابَقَةً كَذَاكَ تَضَمُّناً

وَكَذَا التِزَاماً وَاضِحَ البُرهَانِ

أمَّا مُطَابَقَةُ الدَّلاَلَةِ فَهيَ أنَّ

الإِسمَ يُفهَمُ مِنهُ مَفهُومَانِ

ذَاتث الإِلهِ وَذَلِكَ الوَصفُ الذِي

يُشتَقُّ مِنهُ الإِسمُ بِالمِيزَانِ

لَكِن دَلالَتُهُ عَلَى إحدَاهُمَا

بِتَضَمُّنٍ فَافهَمهُ فَهمَ بَيَانِ

وَكَذَا دَلالَتُهُ عَلَى الصِّفَةِ التِي

مَا اشتُقَّ مِنهَا فالتِزَامٌ دَانِ

وَإذَا أرَدتَ لِذَا مِثَالاً بَيِّناً

فَمِثَالُ ذَلِكَ لَفظَة الرَّحمَنِ

ذَاتُ الإِلَهِ وَرَحمَةٌ مَدلُولُهَا

فَهُمَا لِهَذَا اللَّفظَِ مَدلُولاَنِ

إحدَاهُمَا بَعضٌ لِذَا المَوضُوعِ فَه

يَ تَضَمُّنٌ ذَا وَاضِحُ التِّبيَانِ

لَكِنَّ وَصفَ الحَيِّ لاَزِمُ ذَلِك ال

مَعنَى لُزُومَ العِلمِ للِرَّحمَنِ

فَلِذَا دَلاَلَتُهُ عَلَيهِ بِالتِزَا

مٍ بَيِّنٍ وَالحَقُّ ذُو تِبيَانِ

أسمَاؤهُ أوصَافُ مَدحٍ كُلُّهَا

مُشتَقَّةٌ قَد حُمِّلَت لِمَعَانِ

إيَّاكَ وَالإِلحَادَ فِيهَا إنَّهُ

كُفرٌ مَعَاذَ الله مِن كُفرَانِ

وَحَقِيقَةُ الإِلحَادِ فِيهَا المَيلُ بال

إشرَاكِ وَالتَّعطِيلِ وَالنُّكرَانِ

فَالمُلحِدُونَ إذاً ثَلاَثُ طَوَائِفٍ

فعَلَيهِمُ غَضَبٌ من الرَّحمَنِ

المُشرِكُونَ لأنَّهُم سَمَّوا بِهَا

أوثَانَهُم قَالُوا إلهٌ ثَانِ

هُم شَبَّهُوا المَخلُوقَ بِالخَلاَّقِ عَك

سَ مُشَبِّهِ الخَلاَّقِ بِالإِنسَانِ

وَكَذَاكَ أهلُ الإِتِّحَادِ فَإنَّهُم

إخوَانُهُم مِن أقرَبِ الإِخوَانِ

أعطَوُا الوُجُودَ جَمِيعَهُ أسمَاءَهُ

إذ كَانَ عَينَ اللهِ ذِي السُّلطَانِ

وَالمُشرِكُونَ أقَلُّ شِركاً مِنهُمُ

هُم خَصَّصُوا ذَا الإسمَ بِالأوثَانِ

وَلِذَاكَ كَانُوا أهلَ شِركٍ عِندَهُم

لَو عَمَّمُوا مَا كَانَ مِن كُفرَانِ

وَالمُلحِدُ الثَّانِي فَذُو التَّعطِيلِ إذ

يَنفِي حَقَائِقَهَا بِلاَ بُرهَانِ

مَا ثَمَّ غَيرُ الإِسمِ أوَّلَهُ بِمَا

يَنفِي الحَقِيقَةَ نَفيَ ذِي بُطلاَنِ

فَالقَصدُ دَفعُ النَّصِّ عَن مَعنَى الحَقِي

قَةِ فَاجتَهِد فِيهِ بِلَفظِ بَيَانِ

عَطِّل وَحَرِّف ثُمَّ أوِّل وَانفِهَا

واقذِف بِتَجسِيمٍ وَبِالكُفرَانِ

لِلمُثبِتِينَ حَقَائِقَ الأسمَاءِ وَال

أوصَافِ بِالأخبَارِ وَالقُرآنِ

فَإذَا هُمُ احتَجُّوا عَلَيكَ فَقَل لَهُم

هَذَا مَجَازٌ وَهوَ وَضعٌ ثَانِ

فَإِذَا غُلِبتَ علَى المَجَازِ فَقُل لَهُم

لاَ يُستَفاَدُ حَقِيقَةُ الإيقَانِ

أنَّى وَتِلكَ أدِلَّةٌ لَفظِيَّةٌ

عُزِلَت عَنِ الإيقَانِ مُنذُ زَمَانِ

فإذَا تَضَافَرَتِ الأدِلَّةُ كَثرَةً

وَغُلِبتَ عَن تَقرِيرِ ذَا بِبَيَانِ

فَعَلَيكَ حِينَئِذٍ بِقَانُونَ وَضَع

نَاهُ لِدَفعِ أدِلَّةِ القُرآنِ

وَلِكُلِّ نَصٍّ لَيسَ يَقبَلُ أن يُؤوَّ

لَ بِالمَجَازِ وَلاَ بِمَعنَىً ثَانِ

قُل عَارَضَ المَنقُولَ مَعقُولٌ وَمَا ال

أمرَانِ عِندَ العَقلِ يَتَّفِقَانِ

مَا ثَمَّ إلاَّ وَاحِدٌ مِن أربَعِ

مُتَقَابِلاَتٍ كُلُّهَأ بِوِزَانِ

إعمَالُ ذَينِ وعَكسُهُ أو تُلغِي ال

مَعلُولَ مَا هَذَا بِذِي إمكَانِ

العَقلُ أصلُ النَّقلِ وَهوَ أبُوهُ إن

تُبطِلهُ يَبطُل فَرعُهُ التَّحتَانِي

فَتَعيَّنَ الإِعمَالُ للمَعقُولِ وَال

إلغَاءُ للمَنقُولِ ذِي البُرهَانِ

إعمَالُهُ يُفضِي إلَى إلغَائِهِ

فَاهجُرهُ هَجرَ التَّركِ وَالنِّسيَانِ

وَاللهِ لَم نَكذِب عَلَيهِم إنَّنَا

وَهُمُ لَدَى الرَّحمَنِ مُختَصِمَانِ

وَهُنَاكَ يُجزَى المُلحِدُونَ وَمَن نَفى ال

إلحَادَ يُجزَى ثَمَّ بِالغفرَانِ

فَاصبِر قَليلاً إنَّمَا هِيَ سَاعَةٌ

يَا مُثبِتَ الأوصَافِ لِلرَّحمَنِ

فَلَسَوفَ تَجنِي أجرَ صَبرِكَ حِينَ يَج

نِي الغَيرُ وِزرَ الإِثمِ وَالعُدوَانِ

فَاللهُ سَائِلُنَا وَسَائِلُهُم عَن ال

إثبَاتِ وَالتَّعطِيلِ بَعدَ زَمَانِ

فَأعِدَّ حِينَئِذٍ جَوَاباً كَافِياً

عِندَ السُّؤالِ يَكُونُ ذَا تِبيَانِ

هَذَا وَثَالِثُهُم فَنَافِيهَا وَنَا

فِي مَا تَدُلُّ عَلَيهِ بِالبُهتَانِ

ذَا جَاحِدُ الرَّحمَنِ رَأساً لَم يُقِرَّ

بِخَالِقٍ أبَداً وَلاَ رَحمَنِ

هَذَا هُوَ الإلحَادُ فَاحذَرهُ لَعَلَّ

الله أن يُنجِيكَ مِن نِيرَانِ

وَتَفُوزَ بِالزُّلفَى لَدَيهِ وَجَنَّةِ  ال

مَأوَى مَعَ كَالأموَاتِ فِي الحَيَّانِ

لاَ تُوحِشَنَّكَ غُربَةٌ بَينَ الوَرَى

فَالنَّاسُ كَالأموَاتِ فِي الحَيَّانِ

أو مَا عَلِمتَ بأنَّ أهلَ السُّنَّةِ ال

غُرَبَاءُ حَقًّا كُلِّ زَمَانِ

قُل لِي مَتَى سَلِمَ الرَّسُولُ وَصَحبُهُ

وَالتَّابِعُونَ لَهُم عَلَى الإِحسَانِ

مِن جَاهِلٍ وَمُعَانِدٍ وَمَنَافِقٍ

وَمُحَارِبٍ بِالبَغيِ وَالطُّغيَانِ

وَتَظُنُّ أنَّكَ وَارثٌ لَهُم وَمَا

ذُقتَ الأذى فِي نُصرَةِ الرَّحمَنِ

كَلاَّ وَلاَ جَاهَدتَ حَقَّ جِهَادِهِ

فِي اللهِ لاَ بِيَدٍ وَلاَ بِلِسَانِ

مَنَّتكَ وَاللهِ المُحَالَ النَّفسُ فَاس

تَحدِث سِوى ذَا الرَّأيِ وَالحُسبَانِ

لَو كُنتَ وَارِثَهُ لآذَاكَ الألَى

وَرِثُوا عَدَاهُ بِسَائِرِ الألوَانِ

هَذَا وَثَانِي نَوعَي التَّوحِيدِ تَو

حِيدُ العِبَادَةِ مِنكَ لِلرَّحمَنِ

أن لاَ تَكُونَ لِغَيرِهِ عَبداً وَلاَ

تَعبُد بِغَيرِ شَرِيعَةِ الإِيمَانِ

فَتقُومَ بِالإِسلاَمِ وَالإِيمَانِ وَال

إحسَانِ فِي سِرِّ وَفِي إعلاَنِ

وَالصِّدقُ وَالإِخلاَصُ رُكنَا ذَلكَ التَّ

وحيدِ كَالرُّكنَينِ للبنيَانِ

وَحَقِيقَةُ الإخلاَصِ تَوحِيدُ المُرَا

دِ فَلاَ يُزَاحِمُهُ مُرَادٌ ثَانِ

لَكِن مُرَادُ العَبدِ يَبقَى وَاحِداً

مَا فِيهِ تَفرِيقٌ لَدَى الإِنسَانِ

إن كَانَ رَبُّكَ وَاحِداً سُبحَانَهُ

فَاخصُصهُ بِالتَّوحِيدِ مَع إحسَانِ

أو كَانَ رَبُّكَ وَاحِداً أنشَاكَ لَم

يَشرَكهُ إذ أنشَاكَ رَبٌّ ثَانِ

فَكَذَاكَ أيضاً وَحدَهُ فَاعبُدهُ لاَ

تَعبُد سِوَاهُ يَا أخَا العِرفَانِ

وَالصِدقُ تَوحِيدُ الإرَادَةِ وَهوَ بَذ

لُ الجَهدِ لاَ كَسَلاً وَلاَ مُتَوَانِ

وَالسُّنَّةُ المُثلَى لِسَالِكِهَا فَتَو

حِيدُ الطَّرِيقِ الأعظَمِ السُّلطَانِ

فَلِوَاحِدٍ كُن وَاحِداً فِي وَاحِدٍ

أعنِي سَبِيلَ الحَقِّ وَالإِيمَانِ

هَذِي ثَلاَثٌ مُسعِدَاتٌ لِلَّذِي

قَد نَالَهَا وَالفَضلُ لِلمَنَّانِ

فَإذَا هِيَ اجتَمَعَت لِنَفسٍ حُرَّةٍ

بَلَغَت مِنَ العَليَاءِ كُلَّ مَكَانِ

لله قَلبٌ شَامَ هَاتِيكَ البُرُو

قَ مِنَ الخِيَامِ فَهَمَّ بِالطَّيرَانِ

لَولاَ التَّعَلَّلُ بِالرَّجَاءِ تَصَدَّعَت

أعشَارُهُ كَتَصَدُّعِ البُنيَانِ

وَتَرَاهُ يَبسُطُهُ الرَّجَاءُ فَيَنثَنِي

مُتَمَايلاً كَتَمَايُلِ النَّشوَانِ

وَيعُودُ يَقبِضُهُ الإِيَاسُ لِكَونِهِ

مُتَخَلِّفاً عَن رُفقَةِ الإِحسَانِ

فَتَرَاهُ بَينَ القَبضِ وَالبَسطِ اللَّذَا

نِ هُمَا لأفقِ سَمَائِهِ قُطبَانِ

وَبَدَا لَهُ سَعدُ السُّعُودِ فَصَارَ مَس

رَاهُ عَلَيهِ لاَ عَلَى الدَّبَرَانِ

لله ذَيَّاكَ الفَرِيقُ فَإنَّهُم

خُصُّوا بِخَالِصَةٍ مِنَ الرَّحمَنِ

شُدَّت رَكَائِبُهُم إلَى مَعبُودِهِم

وَرَسُولِهِ يَا خَيبَةَ الكَسلاَنِ

وَالشِّركُ فَاحذَرهُ فَشِركٌ ظَاهِرٌ

ذَا القِسمُ لَيسَ بِقَابِل الغُفرَانِ

وَهُوَ اتِّخَاذُ النِّدِّ للرَّحمَنِ أيًّا كَا

نَ مِن حَجَرٍ وَمِن إنسَانِ

يَدعُوهُ أو يَرجُوهُ ثُمَّ يَخَافُهُ

وَيُحِبُّهُ كَمَحَبَّةِ الدَّيَّانِ

وَاللهِ مَا سَاوَوهُمُ بِاللهِ فِي

خَلقِ وَلاَ رِزقٍ وَلا إحسَانِ

فَالله عِندَهُم هُوَ الخَلاَّقُ والرَّ

زَّاقُ مُولِي الفَضلِ وَالإحسَانِ

لَكِنَّهُم سَاوَوهُمُ باللهِ فِي

حُبِّ وَتَعظِيمٍ وَفِي إيمَانِ

جَعَلُوا مَحَبَّتَهُم مَعَ الرَّحمَنِ مَا

جَعَلُوا المَحَبَّةَ قَطُّ للرَّحمَنِ

لَو كَانَ حُبُّهُمُ لأجلِ الله مَا

عَادَوا أحِبَّتَهُ عَلَى الإِيمَانِ

وَلَمَا أحَبُّوا سُخطَهُ وَتَجَنَّبُوا

مَحبُوبَهُ وَمَواقِعُ الرِّضَوَانِ

شَرطُ المَحَبَّةِ أن تَوَافِقَ مِن تُحِبُّ

عَلَى مَحَبَّتِهِ بِلاَ عِصيَانِ

فَإذا ادَّعَيتَ لَهُ المَحَبَّة مَع خِلاَ

فِكَ مَا يُحِبُّ فَأنتَ ذُو بُهتَانِ

أتُحِبُّ أعدَاءَ الحَبِيبِ وَتَدَّعِي

حُبًّا لَهُ مَا ذَاكَ فِي إمكَانِ

وَكَذَا تُعَادِي جَاهِداً أحبَابَهُ

أينَ المَحَبَّةُ يَا أخَا الشَّيطَانِ

لَيسَ العِبَادَةُ غَيرَ تَوحِيدِ المَحَبَّ

ةِ مَع خُضُوعِ القَلبِ وَالأركَانِ

وَألحُبُّ نَفسُ وِفَاقِهِ فِيمَا يًحِبُّ

وَبُغضُ مَا لاَ يَرتَضِي بِجَنَانِ

وَوِفَاقُهُ نَفسُ اتِّبَاعِكِ أمرَهُ

وَالقَصدُ وَجهُ الله ذِي الإِحسَانِ

هَذَا هُوَ الإِحسَانُ شَرطٌ فِي قَبُو

لِ السَّعيِ فَافهَمهُ مِنَ القُرآنِ

وَالإِتِّبَاعُ بِدُونِ شَرعِ رَسُولِهِ

عَينُ المُحَالِ وَأبطَلُ البُطلاَنِ

فَإذَا نَبَذتَ كِتَابَهُ وَرَسُولَهُ

وَتَبِعتَ أمرَ النَّفسِ وَالشَّيطَانِ

وَتَخِذتَ أندَاداً تُحِبُّهُمُ كَحُبِّ

اللهِ كُنتَ مُجَانِبَ الإِيمَانِ

وَلَقَد رَأينَا مِن فَرِيقٍ يَدَّعِي ال

إسلاَمَ شِركاً ظَاهِرَ التِّبيَانِ

جَعَلُوا لَهُ شُرَكَاءَ وَالوهُم وَسَوَّ

وهُم بِهِ فِي الحُبِّ لاَ السُّلطَانِ

وَاللهِ مَا سَاوَوهُم بِاللهِ بَل

زَادُوا لَهُم حُبًّا بِلاَ كِتمَانِ

وَالله مَا غَضِبُوا إذا انتُهِكَت مَحَا

رِمُ رَبِّهِم فِي السِّرِّ وَالإِعلاَنِ

حَتَّى إذَا مَا قِيلَ الوَثَنِ الَّذٍي

يَدعُونَهُ مَا فِيهِ مِن نُقصَانِ

فَأجَارَكَ الرَّحمَنُ مِن غَضَبٍ وَمِن

حَربٍ وَمِن شَتمٍ وَمِن عُدوَانٍ

وَأجَارَكَ الرَّحمَنُ مِن ضَربٍ وَتَع

زِيرٍ وَمِن سَبٍّ وَمِن سَجَّانِ

وَاللهِ لَو عَطَّلتَ كُلَّ صِفَاتِهِ

مَا قَابَلُوكَ بِبَعضِ ذَا العُدوَانِ

وَاللهِ لَو خَالَفتَ نَصَّ رَسُولِهِ

نَصًّا صَرِيحاً وَاضِحَ التِّبيَانِ

وَتَبِعتَ قَولَ شُيُوخِهِم أو غَيرِهِم

كُنتَ المُحَقِّقَ صَاحِبَ العِرفَانِ

حَتَّى إذَا خَالَفتَ آراءَ الرِّجَا

لِ لِسُنَّةِ المَبعُوثِ بِالقُرآنِ

نَادَو عَلَيكَ بِبِدعَةٍ وَضَلاَلَةٍ

قَالُوا وَفِي تَكفِيرِهِ قَولاَنِ

قَالُوا تَنَقَّصتَ الكِبَارَ وَسَائِرَ ال

عُلَمَاءِ بَل جَاهَرتَ بِالبُهتَانِ

هَذَا وَلَم نَسلُبهُمُ حَقًّا لَهُم

لِيَكُونَ ذَا كَذِبٍ وَذَا كِتمَانِ

لَم يَغضَبُوا بَل كَانَ ذَلِكَ عِندَهُم

عَينَ الصَّوَابِ وَمُقتضَى الإحسَانِ

وَالأمرُ وَالله العَظِيمِ يَزِيدُ فَو

قَ الوَصفِ لاَ يَخفَى عَلَى العًميَان

وَإذَا ذَكَرتَ الله تَوحِيداً رَأي

تَ وُجُوهَهُم مَكسُوفَةَ الألوَانِ

بَل يَنظُرُونَ إلَيكَ شَزراً مِثلَ مَا

نَظَرَ التُّيُوسُ إِلَى عَصَا الجُوبَانِ

وَإِذَا ذَكَرتَ بِمِدحَةٍ شُرَكَاءَهُم

يَتَبَاشَرُونَ تَبَاشُرَ الفَرحَانِ

وَالله مَا شَمُّوا رَوَائِحَ دِينِهِ

يَا زَكمَةً أعيَت طِبِيبَ زَمَانِ

يَا مَن يُشِبُّ الحَربَ جَهلاً مَا لَكُم

بِقِتَالِ حِزبِ الله قَطُّ يَدَان

أنَّى يُقَاوِمُ جَندَكُم لِجُنُودِهِم

وَهُم الهُدَاةُ وَعَسكَرُ القُرآنِ

وَجَنُودَكُم مَا بَينَ كَذَّابٍ وَدَجَّا

لٍ وَمُحتَالٍ وَذِي بُهتَانِ

مِن كُلِّ أرعَنَ يَدَّعِي المَعقُولَ وَه

وَ مُجَانِبٌ لِلعَقلِ وَالإِيمَانِ

أو كُلِّ مُبتَدعٍ وَجَهمِيٍّ غَدَا

فِي قَلبِهِ حَرَجٌ مِنَ القُرآنِ

أو كُلِّ مَن قَد دَانَ شُيُوخٍ أه

لِ الإِعتِزَالِ البَيِّنَ البُطلاَنِ

أو قَائِلٍ بِاتِّحَادِ وَإنَّهُ

عَينُ الإِلَهِ وَمَا هُنَا شَيئَانِ

أو مَن غَدَا فِي دِينِهِ مَتَحَيِّراً

أتبَاعُ كُلِّ مَلَدَّدٍ حَيرَانِ

وَجُنُودُهُم جِبرِيلُ مَع مِيكَالَ مَع

بَاقي المَلاَئِكِ نَاصِرِي القُرآنِ

وجَمِيعُ رُسلِ الله مِن نُوحٍ إلَى

خَيرِ الوَرَى المَبعُوثِ مِن عَدنَانِ

فَالقَلبُ خَمسَتُهُم أولُو العَزمِ الأُلَى

فِي سُورَةِ الشُّورَى أتَوا بِبَيَانِ

فِي أوَّلِ الأحزَابِ أيضاً ذِكرُهُم

هُم خَيرُ خَلقِ الله مِن إنسَانِ

وَلِوَاؤهُم بِيَدِ الرَّسُولِ مُحَمَّدٍ

وَالكُلُّ تَحتَ لِوَاءِ ذِي الفُرقَانِ

وَجَمِيعُ أصحَابِ الرَّسُولِ عِصَابَةُ ال

إسلاَمِ أهلُ العِلمِ وَالإِيمَانِ

وَالتَّابِعُونَ لَهُم بِإحسَانٍ عَلَى

طَبَقَاتِهِم فِي سَائِرِ الأزمَانِ

أهلُ الحَدِيثِ جَمِيعُهُم وَأئِمَّةُ ال

فَتوَى وَأهلُ حَقَائِقِ العِرفَانِ

العَارِفُونَ بِرَبِّهِم وَنَبِيِّهِم

ومَرَاتِبِ الأعمَالِ فِي الرُّجحَانِ

صُوفِيةٌ سُنِّيَّةٌ نَبَوِيَّةٌ

لَيسُوا أولِي شَطحٍ وَلاَ هَذَيَانِ

هَذَا كَلاَمُهُم لَدَينَا حَاضِرٌ

مِن غَيرِ مَا كَذِبٍ وَلاَ كِتمَانِ

فَاقبَل حَوالَةَ مَن أحَالَ علَيهِمُ

هُم أملِيَاؤهُم أولُو إمكَانِ

فَغذَا بَعَثنَا غَارَةً مِن أخرَيَا

تِ العَسكَرِ المَنصُورِ بِالقُرآنِ

طَحَنتُكُمُ طَحنَ الرَّحَى للحَبِّ حَتَّ

ى صِرتُم كَالبَعرِ فِي القِيعَانِ

أنَّى يُقَاوِمُ ذَا العَسَاكِرَ طَمطَمٌ

أو تَنكَلُوشَا أو أخُو اليُونَانِ

أعنِي أرِسطُو عَابِدَ الأوثَانِ أو

ذَاك الكَفُورَ مُعَلِّمَ الألحَانِ

ذَاكَ المُعَلِّمُ أولاً لِلحَرفِ وَالثَّا

نِي لِصَوتٍ بِئسَتِ العِلمَانِ

هَذَا أسَاسُ الفِسقِ وَالحَرفُ الذِي

وَضَعُوا أسَاسُ الكُفرِ والهَذَيَانِ

أو ذَلِكَ المَخدُوعُ حَامِلُ رَايَةِ ال

الحَادِ ذَاكَ خَلِيفَةُ الشَّيطَانِ

أعنِي ابنَ سِينَا ذَلِكَ المَحلُولَ مِن

أديَانِ أهلِ الأرضِ ذَا الكُفرَانِ

وَكَذَا نَصِيرَ الشِّركِ فِي أتبَاعِهِ

أعدَاءِ رُسلِ اللهِ وَالإِيمَانِ

نَصَرُوا الضَّلاَلَةَ مِن سَفَاهَةِ رَأيِهِم

وَغَزَوا جُيُوشَ الدِّينِ وَالقُرآنِ

فَجَرَى عَلَى الإِسلاَمِ مِنهُم مِحنَةٌ

لَم تَجرِ قَطُّ بِسَالِفِ الأزمَانِ

أو جَعدٌ أو جَهمٌ وَأتبَاعٌ لَهُم

هُم أمَّةُ التَّعطِيلِ وَالبُهتَانِ

أو حَفصُ أو بِشرٌ أو النَّطَّامُ ذَا

كَ مُقَدَّمُ الفُسَّاقِ وَالمُجَّانِ

وَالجَعفَرَانِ كَذَاكَ شَيطَانٌ وَيُد

عَى الطَّاقَ لاَ حُيِّيتَ مِن شَيطَانِ

وَكَذَلِكَ الشَّحَّامُ وَالعَلاَّفُ النَّ

جَّارُ أهلُ الجَهلِ بِالقُرآنِ

وَالله مَا فِي القَومِ شَخصٌ رَافِعٌ

بِالوَحيِ رَأساً بَل بِرَأيِ فُلاَنِ

وَخِيَارُ عَسكَرِكُم فَذَاكَ الأشعَرِيُّ

القَرمُ ذَاكَ مُقَدَّمُ الفُرسَانِ

لَكِنَّكُم وَاللهِ مَا أنتُم عَلَى

إثبَاتِهِ وَالحَقُّ ذُو بُرهَانِ

هُوَ قَالَ إنَّ اللهَ فَوقَ العَرشِ وَاس

تَولَى مَقَالَةُ كُلِّ ذِي بُهتَانِ

فِي كُتبِهِ طُرًّا وَقَرَّرَ قَولَ ذِي ال

إثبَاتِ تَقرِيراً عَظِيمَ الشَّانِ

لَكِنَّكُم أكفَرتُمُوهُ وَقُلتُمُ

مَن قَالَ هَذَا فَهوَ ذُو كُفرَانِ

فَخِيَارُ عَسكَرِكُم فَأنتُم مِنهُمُ

بُرَاءُ إذ قَرُبُوا مِنَ الإِيمَانِ

هَذِي العَسَاكِرُ قَد تَلاقَت جَهرَةً

وَدَنا القِتَالُ وَصِيحَ بِالأقرَانِ

صُفُّوا الجُيُوشَ وَعَبِّئُوهَا وَأبرُزُوا

لِلحَربِ وَاقتَربُوا مِنَ الفُرسَانِ

فَهُمُ إلَى لُقيَاكُمُ بِالشَّوقِ كَي

يُوفُوا بِنَذرِهِمُ مِنَ القُربَانِ

وَلَهُم إلَيكُم شَوقُ ذِي قُرمٍ فَمَا

يَشفِيهِ غَيرُ مَوَائِدِ اللُّحمَانِ

تَبًّا لَكُم لَو تَعقِلُونَ لَكُنتُمُ

خَلفَ الخُدُورِ كَأضعَفِ النِّسوَانِ

مِن أينَ أنتُم وَالحَدِيثُ وَأهلُهُ

وَالوَحيُ وَالمَعقُولُ بِالبُرهَانِ

مَا عِندَكُم إلاَّ الدَّعَاوِي وَالشَّكَا

وِي أو شَهَادَاتٌ عَلَى البُهتَانِ

هَذَا الذِي وَاللهِ نِلنَا مِنكُمُ

فِي الحَربِ إذ يَتَقَابَلُ الصَّفَّانِ

وَالله مَا جِئتُم بَِقَالَ اللهُ أو

قَالَ الرَّسُولُ وَنَحنُ فِي المَيدَانِ

إلاَّ بِجَعجَعَةٍ وَفَرقَعَةٍ وَغَمغَمَةٍ

وَقَعقَعَةٍ بِكُلِّ شِنَانِ

وَيَحِقُّ ذَاكَ لَكُم وَأنتُم أهلُهُ

أنتُم بِحَاصِلِكُم أولُو عِرفَانِ

وَبِحَقِّكُم تَحمُوا مَنَاصِبَكُم وَأن

تَحمُوا مَآكِلَكُم بِكُلِّ سِنَانِ

وَبِحَقِّنَا نَحمِي الهُدَى وَنَذُبُّ عَن

سُنَنِ الرَّسُولِ وَمُقتَضَى القُرآنِ

قَبحَ الإِلَهُ مَنَاصِباً وَمَآكِلاً

قَامَت عَلَى العُدوَانِ وَالطُّغيَانِ

وَاللهِ لَو جئتُم بِقَالَ اللهُ أو

قَالَ الرَّسُولُ كَفِعلِ ذِي الإِيمَانِ

كُنَّا لَكُم شَاوِيشَ تَعظِيمٍ وَإج

لاَلٍ كَشَاوِيشٍ لِذِي سُلطَانِ

لَكِن هَجَرتُم ذَا وَجِئتُم بِدعَةً

وَأرَدتُمُ التَّعظِيمَ بِالبُهتَانِ

العِلمُ قَالَ اللهُ قَالَ رَسُولُهُ

قَالَ الصَّحَابَةُ هُم أولُو العِرفَانِ

مَا العِلمُ نَصبَكَ لِلخِلاَفِ سَفَاهَةً

بينَ الرَّسُولِ وَبَينَ رَأي فَلاَنِ

كَلاَّ وَلاَ جَحدَ الصِّفَاتِ لِرَبِّنَا

فِي قَالَبِ التَّنزِيهِ وَالسُّبحَانِ

كَلاَّ وَالَ نَفيَ العُلُوِّ لِفَاطِرِ ال

أكوَانِ فَوقَ جَمِيعِ ذِي الأكوَانِ

كَلاَّ وَلاَ عَزلَ النُّصُوصِ وَأنَّهَا

لَيسَت تُفَيدُ حَقَائِقَ الإِيمَانِ

إذ لاَ تُفِيدُكُمُ يقِيناً لاَ وَلاَ

علماً فقد عُزِلَت عن الإِيقَانِ

وَالعِلمُ عِندَكُمُ يُنَالُ بِغَيرِهَا

بِزُبَالَةِ الأفكَارِ وَالأذهَانِ

سَمَّيتُمُوهُ قَوَاطِعاً عَقلِيَّةً

وَهيَ الظَّوَاهِرَ حَامِلاَتِ مَعَانِ

كَلاَّ وَلاَ التَّأوِيلَ وَالتَّبدِيلَ وَالتَّ

حرِيفَ لِلوحيَينِ بِالبُهتَانِ

كَلاَّ وَلاَ الإِشكَالَ وَالتَّشكِيك وَال

وَقفَ الذِي مَا فِيه مِن عِرفَانِ

هَذِي عًُلُومُكُمُ التَي مِن أجلِهَا

عَادَيتُمُونَا يَا أولِي العِرفَانِ

يَا قَومُ صَالَحتُمُ نًفَاةَ الذَّاتِ وَال

أوصَافِ صُلحاً مُوجِباً لأمَانِ

وَأغَرتُمُ وَهناً عَلَيهِم غَارَةً

قَعقَعتُم فِيهَا لَهُم بِشِنَانِ

مَا كَانَ فِيهَا مِن قَتِيلٍ مِنهُمُ

كَلاَّ وَلاَ فِيهَا لَهُم بِشِنَانِ

وَلَطَفتُمُ فِي القَولِ أو صَانَعتُمُ

وَأتَيتُمُ فِي بَحثِكُم بِدِهَانِ

وَجَلَستُمُ مَعَهُم مَجَالِسَكُم مَعَ ال

أُستَاذِ بِالآدابِ وَالمِيزَانِ

وَضَرَعتُمُ لِلقَومِ كُلَّ ضَرَاعَةٍ

حَتَّى أعَارُوكُم سِلاَحَ الجَانِي

فَغَزَرتُمُ بِسِلاحِهِم لِعَسَاكِرِ ال

إثبَاتِ وَالآثَارِ وَالقُرآنِ

وَلأجلِ ذَا صَانَعتُمُوهُم عِندَ حَر

بِكُمُ لَهُم بِاللُّطفِ وَالإذعَانِ

وَلأَجلِ ذَا كُنتُم مَخَانِيثاً لَهُم

لَم تَنفَتِح مِنكُم لَهُم عَينَانِ

حَذَراً مِن استِرجَاعِهِم لِسِلاَحِهِم

فَتُرَونَ بَعدَ السَّلبِ كَالنِّسوَان

وَبَحَثتُمُ مَعَ صَاحِبِ الإِثبَاتِ بِالتَّ

كفِيرِ وَالتَّضلِيلِ وَالعُدوَانِ

وَقَلَبتُمُ ظَهرَ المِجَنِّ لَهُ وَأج

لَبتُم عَلَيهِ بِعَسكَرِ الشَّيطَانِ

وَاللهِ هَذِي رِيبَةٌ لاَ يَختَفِي

مَضمُونُهَا إلاَّ عَلَى الثِّيرَانِ

هَذَا وَبَينَهُمَا أشَدُّ تَفَاوُتٍ

فِئَتَانِ فِي الرَّحمَنِ مُختَصِمَانِ

هَذَا نَفَى ذَاتَ الإِلهِ وَوَصفَهُ

نَفياً صَرِيحاً لَيسَ بِالكِتمَانِ

لَكِن ذَا وَصَفَ الإِلَهَ بِكُلِّ أو

صَافِ الكَمَالِ المُطلَقِ الرَّبَّانِي

وَنَفَى النَّقَائِصَ وَالعُيَوبَ كَنَفيِهِ التَّ

شبِيهَ لِلرَّحمَنِ بِالإِنسَانِ

فَلأيِّ شَيءٍ كَانَ حَربُكُمُ لَهُ

بِالحَدِّ دُونَ مُعَطِّلِ الرَّحمَنِ

قُلنَا نَعَم هَذَا المُجَسِّمُ كَافِرٌ

أفَكَانَ ذَلِكض كَامِلَ الإِيمَانِ

لاَ تَنطَفِي نِيرَانُ غَيظِكُم عَلَى

هَذَا المُجسِّمِ يَا أولِي النِّيرَانِ

فَالله يُوقِدُهَا وَيُصلِي حَرَّهَا

يَوم الحِسَابِ مُحَرِّفَ القُرآنِ

يَا قَومَنَا لَقَد ارتَكَبتُم خُطَّةً

لَم يَرتَكِبهَا قَطُّ ذُو عِرفَانِ

وَأعَنتُمُ أعدَاءَكُم بِوفَاقِكُم

لَهُمُ عَلَى شَيءٍ مِنَ البُطلاَنِ

أخَذُوا نَوَاصِيَكُم بِهَا وَلِحَاكُمُ

فَغَدَت تُجَرُّ بِذلَّةٍ وَهَوَانِ

قُلتُم بِقَولِهِمُ وَرُمتُم كَسرَهُم

أنَّى وَقَد غَلَقُوا لَكُم بِرِهَانِ

وَكَسَرتُمُ البَابَ الَّذِي مِن خَلفِهِ

أعدَاءُ رُسلِ الله وَالإِيمَانِ

فَأتَى عَدُوٌّ مَا لَكُم بِقِتَالِهِم

وَبِحَربِهِم أبَدَ الزَّمَانِ يَدَانِ

فَغَدَوتُمُ أسرَى لَهُم بِحِبَالِهِم

أيدِيكُمُ شُدَّت إلَى الأذقَانِ

حَمَلُوا علَيكُم كاسِّبَاعِ استَقبلت

حُمراً مُعقرةً ذَوِي أرسَانِ

صَالُوا عليكُم بالذي صُلتُم بِهِ

أنتُم علينا صَولَةَ الفُرسَانِ

لولا تَحَيُّزكُم إلَينَا كُنتُمُ

وَسطَ العَرِين مُمَزَّقِي اللُّحمَانِ

لَكِن بِنَا استَنصَرتُمُ وَبِقَولِنَا

صُلتُم عَلَيهِم صَولَةَ الشُّجعَانِ

وَلَّيتُمُ الإِثبَاتَ إذ صُلتُم بِهِ

وَعَزَلتُمُ التَّعطِيلَ عَزلَ مُهَانِ

وَأتَيتُمُ تَغزُونَنَا بِسَرِيَّةٍ

مِن عَسكَرِ التَّعطِيلِ وَالكُفرَانِ

مَن ذَا بِحَقِّ اللهِ أجهَلُ مِنكُمُ

وَأحَقُّنَا بِالجَهلِ وَالعُدوَانِ

تَاللهِ مَا يَدرِي الفَتَى بِمُصَابِهِ

وَالقَلبُ تَحتَ الخَتمِ وَالخُذلاَنِ

وَإِذَا أرَدتَ تَرَى مَصَارِعَ من خَلاَ

مِن أمَّةِ التَّعطِيلِ وَالكُفرَانِ

وَتَرَاهُمُ أسرَى حَقِيرٌ شَأنُهُم

أيدِيهُم غُلَّت إلَى الأذقَانِ

وَتَرَاهُمُ تَحتض الرِّمَاحِ دَرِيئَةً

مَا فِيهِمُ مِن فَارِسٍ طَعَّانِ

وَتَرَاهُمُ تَحتَ السُّيُوفِ تَنُوشُهُم

مِن عَن شَمَائِلِهِم وَعَن أيمَانِ

وَتَرَاهُمُ انسَلَخُوا مِنَ الوَحيَين وَال

عَقلِ الصَّحِيحِ وَمُقتضَى القُرآنِ

وَتَرَاهُمُ وَاللهِ ضُحكَةَ سَاخِرٍ

وَلَطَالَمَا سَخِرُوا مِنَ الإِيمَانِ

قَد أوحِشَت مِنهُم رُبُوعٌ زَادَهَا ال

جَبَّارُ إيحَاشاً مَدَى الأزمَانَِ

وَخَلَت دِيَارُهُمُ وَشُتِّتَ شَملُهُم

مَا فِيهُمُ رَجَلانِ مُجتَمِعَانِ

قَد عَطَّلَ الرَّحمَنُ أفئِدَةً لَهُم

مِن كُلِّ مَعرِفَةٍ وَمِن إيمَانِ

إذ عَطَّلُوا الرَّحمَنَ من أوصافِهِ

وَالعَرشَ أخلَوهُ مِنَ الرَّحمَنِ

بَل عَطَّلُوهُ عَنِ الكَلاَمِ وَعَن صِفَا

تِ كَمَالِهِ بِالجَهلِ وَالبُهتَانِ

فَاقرَأ تَصَانِيفَ الإِمَامِ حَقِيقَةً

شَيخِ الوُجُودِ العَالِمِ الرَّبَّانِي

أعنِي أبَا العَبَّاسِ أحمَدَ ذَلِكَ ال

بَحرَ المُحِيطَ بِسَائِرِ الخِلجَانِ

وَاقرَأ كِتَابَ العَقلِ وَالنَّقلِ الذِي

مَا فِي الوُجُودِ لَهُ نَظِيرٌ ثَانِ

وَكَذَاكَ مِنهَاجٌ لَهُ فِي رَدِّهِ

قَولَ الرَّوَافِضِ شِيعَةَ الشَّيطَانِ

وَكَذَاكَ أهلُ الإِعتِزَالِ فَإنَّهُ

أردَاهُمُ فِي حُفرَةِ الجَبَّانِ

وَكَذَلِكَ التَّأسِيسُ أصبَحَ نَقضُهُ

أعجُوبَةً لِلعَالِمِ الرَّبَّانِي

وَكَذَاكَ أجوِبَةٌ لَهُ مِصرِيَّةٌ

فِي سِتِّ أسفَارٍ كُتِبنَ سِمَانِ

وَكَذَاكَ جَوَابٌ لِلنَّصَارَى فِيهِ مَا

يَشفِي الصُّدُورَ وَإنهُ سِفرَانِ

وَكَذاكَ شَرحُ عقِيدَةٍ للاصبهَا

نِي شَارِحِ المَحصُولِ شَرحَ بَيَانِ

فِيهَا النُّبُوَّاتُ النُبُوَّاتُ الَّتِي إثبَاتُهَا

فِي غَايَةِ التَّقرِيرِ وَالتَّبيَانِ

وَالله مَا لأولِي الكَلاَمِ نَظِيرُهُ

أبَداً وَكُتبُهُمُ بِكُلِّ مَكَانِ

وَكَذَا حُدُوثُ العَالمِ العُلوِيِّ وَالسُّ

فلِيِّ فِيهِ فِي أتَمِّ بَيَانِ

وَكَذَا قَوَاعِدُ الاستِقَامَةِ إنَّهَا

سِفرَانِ فِيمَا بَينَنَا ضَخمَانِ

وَقراتُ أكثَرَهَا عَلَيهش فَزَادَنِي

وَالله فِي عِلمٍ وَفِي إيمَانِ

هَذَا وَلَو حَدَّثتُ نَفسِي أنَّهُ

قَبلِي يَمُوتُ لَكَانَ غيرَ الشَّانِ

وَكَذَاكَ تَوحِيدُ الفَلاَسِفَةِ الألَى

تَوحِيدُهُم هُوَ غَايَةُ الكُفرَانِ

سِفرٌ لَطِيفٌ فِيهِ نَقضُ أصُولِهِم

بِحَقِيقَةِ المَعقُولِ وَالبُرهَانِ

وَكَذَاكَ تِسعِينِيَّةٌ فِيهَا لَهُ

رَدٌّ عَلَى مَن قَالَ بِالنَّفسَانِي

تِسعُونَ وَجهاً بَيَّنَت بُطلاَنَهُ

أعنِي كَلاَمَ النَّفسِ ذَا الوحدَانِ

وَكَذَا قَوَاعِدُهُ الكِبَارُ وإنَّهَا

أوفَى مِنَ المِائَتَينِ فِي الحُسبَانِ

لَم يَتَّسِع نَظمِي لَهَا فَأسُوقهَا

فأشَرتُ بَعضَ إشَارَةٍ لِبَيَانِ

وَكَذَا رَسَائِلُهُ إلَى البُلدَانِ وَال

أطرَافِ وَالأصحَابِ وَالإخوَانِ

هِيَ فِي الوَرَى مَبثُوثَةٌ مَعلُومَةٌ

تُبتَاعُ بِالغَالِي مِنَ الأثمَانِ

وَكَذَا فَتَاوَاهُ فَأخبَرَنِي الَّذِي

أضحَى عَلَيهَا دَائِمَ الطَّوَفَانِ

بَلَغَ الَّذِي ألفَاهُ مِنهَا عِدَّةَ ال

أيَّامِ مِن شَهرٍ بِلاَ نُقصَانِ

سِفرٌ يُقَابِلُ كُلَّ يَومٍ وَالذِي

قَد فَاتَنِي مِنهَا بِلاَ حُسبَانِ

هَذَا وَلَيسَ يُقَصِّرُ التَّفسِيرُ عَن

عَشرٍ كِبَارٍ لَيسَ ذَا نُقصَانِ

وَكَذَا المفَارِيدُ الَّتِي فِي كُلِّ مَس

ألَةٍ فَسِفرٌ وَاضِحُ التِّبيَانِ

مَا بَينَ عَشرٍ أو تَزَيدُ بِضَعفِهَا

هِيَ كَالنُّجُومِ لِسَالِكٍ حَيرَانِ

وَلَهُ المَقَامَاتُ الشَّهِيرَةُ فِي الوَرَى

قَد قَامَهَأ لله غَيرَ جَبَانِ

نَصَرَ الإِلَهَ وَدِينَهُ وَكِتَابَهُ

وَرَسُولَهُ بِالسَّيفِ وَالبُرهَانِ

أبدَى فَضَائِحَهُم وَبَيَّنَ جَهلَهُم

وَأرَى تَنَاقُضَهُم بِكُلِّ زَمَانِ

وَأصَارَهُم وَالله تَحتَ نِعَالِ أه

لِ الحَقِّ بَعدَ مَلاَبِسِ التِّيجَانِ

وَأصَارَهُم تَحتَ الحَضِيضِ وَطَالَمَا

كَانُوا هُمُ الأعلاَمَ لِلبُلدانِ

وَمِنَ العَجَائِبِ أنَّهُ بِسِلاَحِهِم

أردَاهُمُ تَحتَ الحَضِيضِ الدَّانِي

كَانَت نَوَاصِينَا بِأيدِيهِم فَمَا

مِنَّا لَهُم إلاَّ أسِيرٌ عَانِ

فَغَدَت نَوَاصِيهِم بِأيدِينَا فَلاَ

يَلقَونَنَا إلاَّ بِحَبلِ أمَانِ

وَغَدَت مُلُوكُهُمُ مَمَالِيكاً لأن

صَارِ الرَّسُولِ بِمِنَّةِ الرَّحمَنِ

وَأتَت جُنُودُهُمُ الَّتِي صَالُوا بِهَا

مُنقَادَةً لِعَسَاكِرِ الإيمَانِ

يَدرِي بِهَذَا مَن لَهُ خُبرٌ بِمَا

قَد قَالَهُ فِي رَبِّهِ الفِئَتَانِ

وَالفَدمُ يُوحِشُنَا وَلَيسَ هُنَاكُمُ

فَحُضُورُهُ وَمَغِيبُهُ سِيَّانِ

يَا قَومُ أصلُ بِلاَئِكُم أسمَاءُ لَم

يُنزِل بِهَا الرَّحمَنُ مِن سُلطَانِ

هِيَ عَكَّسَتكُم غَايَةَ التَّعكِيسِ وَاق

تَلَعَت دِيَارَكُمُ مِنَ الأركَانِ

فَتَهَدَّمَت تِلكَ القًُصُورُ وأوحَشَت

مِنكُم رُبُوعُ العِلمِ وَالإِيمَانِ

وَالذَّنبُ ذَنبُكُمُ قَبِلتُم لَفظَهَا

مِن غَيرِ تَفصِيلٍ وَلاَ فُرقَانِ

وَهيَ الَّتِي اشتَمَلَت عَلَى أمرَينِ مِن

حَقٍّ وَأمرٍ وَاضِحِ البُطلاَنِ

سَمَّيتُمُ عَرشَ المُهَيمِنِ حَيِّزاً

وَالإِستوَاءَ تَحيُّزاً بِمَكَانِ

وَجَعَلتُمُ فَوقَ السَّمَوَاتِ العُلَى

جِهَةً وَسُقتُم نَفيَ ذَا بِوِزَانِ

وَجَعَلتُمُ الإِثبَاتَ تَشبِيهاً وَتَج

سِيماً وَهَذَا غَايَةُ البُهتَانِ

وَجَعَلتُمُ المَوصُوفَ جِسماً قَابِلَ ال

أعرَاضِ وَالأكوَانِ وَالألوَانِ

وَجَعَلتُمُ أوصَافَهُ عَرَضاً وَهَ

ذَا كُلهُ جِسرٌ إلَى النُّكرَانِ

وَكَذَاكَ سَمَّيتُم حُلُولَ حَوَادِثٍ

أفعَالهُ تَلقِيبَ ذِي عُدوَانِ

إذ تَنفِرُ الأسمَاعُ مِن ذَا اللَّفظِ نُف

رَتَهَا مِنَ التَّشبِيهِ وَالنُّقصَانِ

فَكَسَوتُمُ أفعَالَهُ لَفظَ الحَوَا

دِثِ ثُم قُلتُم قَولَ ذِي بُطلاَنِ

لَيسَت تَقُومُ بِهِ الحَوادِثُ وَالمُرَا

دُ النَّفيُ للأفعَالِ لِلدَّيَّانِ

فَإذَا انتفَت أفعَالُهُ وَصِفَاتُهُ

وَكَلاَمُهُ وَعُلُوُّ ذِي السُّلطَانِ

فَبِأيِّ شَيءٍ كَانَ رَبًّا عِندَكُم

يَا فِرقَةَ التَّحقِيقِ وَالعِرفَان

وَالقَصدُ نَفيُ فِعَالِهِ عَنهُ بِذَا التَّ

لقِيبِ فِعلَ الشَّاعِرِ الفَتَّانِ

وَكَذَاكَ حِكمَةُ رَبِّنَا سَمَّيتُمُ

عِلَلاً وَأغرَاضاً وَذَانِ اسمَانِ

لاَ يُشعِرَانِ بِمِدحَةٍ بَل ضِدِّهَا

فَيَهُونُ حِينَئِذٍ عَلَى الأذهَانِ

نَفيُ الصِّفَاتِ وَحِكمَةُ الخَلاَّقِ وَال

أفعَالُ إنكَاراً لِهَذَا الشَّانِ

وَكَذَا استِوَاءُ الرَّبِّ فَوقَ العَرشِ قُل

تُم إنَّهُ التَّركِيبُ ذُو بُطلاَنِ

وَكَذَاكَ وَجهُ الرَّبِّ جَلَّ جَلالُهُ

وكذَاكَ لَفظُ يَدٍ وَلَفظُ يَدَانِ

سَمَّيتُمُ ذَا كُلَّهُ الأعضَاءَ بَل

سَمَّيتُمُوهُ جَوَارِحَ الإِنسَانِ

وَسَطَوتُمُ بِالنَّفيِ حِينَئِذٍ عَلي

هِ كَنَفيِنَا لِلعَيبِ مَع نُقصَانِ

قُلتُم نُنَزِّهُهُ عَنِ الأعرَاضِ وَال

أغرَاضِ وَالأبعَاضِ وَالجُثمَانِ

وَعَنِ الحَوَادِثِ أن تَحِلَّ بِذَاتِهِ

سُبحَانَهُ مِن طَارِقِ الحَدثَانِ

وَالقَصدُ نَفيُ صِفَاتِهِ وَفِعَالِهِ

وَالإستِوَاءِ وَحِكمَةِ الرَّحمَنِ

وَالنَّاسُ أكثَرُهُم بِسِجنِ اللَّفظِ مَح

بُوسُونَ خَوفَ مَعَرَّةِ السَّجَّانِ

وَالكُلُّ إلاَّ الفَردَ يَقبَلُ مَذهَباً

فِي قَالَبٍ وَيَرُدُّهُ فِي ثَانِ

وَالقَصدُ أنَّ الذَّاتَ والأوصَافَ وَال

أفعَالَ لاَ تُنفَى بِذَا الهَذَيَانِ

سَمُّوهُ مَا شِئتُم فَلَيسَ الشَّأنُ فِي ال

أسمَاءِ بَل فِي مَقصِدٍ وَمَعَانِ

كَم ذَا تَوَسَّلتُم بِلَفظِ الجِسمِ وَالتَّ

جسِيمِ لِلتَّعطِيلِ وَالكُفرَانِ

وَجعَلتُمُوه التُّرسَ إن قُلنَا لَكُم

الله فَوقَ العَرشِ وَالأكوَانِ

قُلتُم لَنَا جِسمٌ عَلَى جِسمٍ تَعَا

لَى اللهُ عَن جِسمٍ وَعَن جُثمَانِ

وَكَذَاكَ إن قُلنَا القُرآن كَلاَمُهُ

مِنهُ بَدَا لَم يَبدُ مِن إنسَانِ

كَلاَّ وَلاَ مَلَكٍ وَلاَ لَوحٍ وَلَ

كِن قَالَهُ الرَّحمَنُ قَولَ بَيَانِ

قُلتُم لَنَا إنَّ الكَلاَمَ قِيَامُهُ

بِالجِسمِ أيضاً وَهوَ ذُو حَدَثَانِ

عَرَضٌ يَقُومُ بِغَيرِ جِسمٍ لَم يَكُن

هَذَا بِمَعقُولٍ لِذِي الأذهَانِ

وَكَذَاكَ حِينَ نَقُولُ يَنزِلُ رَبُّنَا

فِي ثُلثِ لَيلٍ آخِرٍ أو ثَانِ

قُلتُم لَنَا إنَّ النُّزُولَ لَغَيرِ أج

سَامٍ مُحَالٌ لَيسَ ذَا إمكَانِ

وَكَذَاكَ إن قُلنَا يُرَى سُبحَانَهُ

قُلتُم أجِسمٌ كَي يُرَى بِعَِيَانِ

أم كَانَ ذَا جِهَةٍ تَعَالَى رَبُّنَا

عَن ذَا فَلَيسَ يَرَاهُ مِن إنسَانِ

أمَّا إذَا قُلنَا لَهُ وَجهٌ كَمَا

فِي النَّصِّ أو قُلنَا كَذَاكض يَدَانِ

وَكَذَاكَ إن قُلنا كَمَا فِي النَّصِّ إنَّ

القَلبَ بَينَ أصَابِعِ الرَّحمَنِ

وَكَذَاكَ إن قُلنَا الأصابِعُ فَوقَهَا

كُلُّ العَوَالِمش وَهيَ ذُو رَجفَانِ

وَكَذَاكَ إن قُلنَا يَدَاهُ لأرضِهِ

وَسَمَائِهِ فِي الحَشرِ قَابِضَتَانِ

وَكَذَاكَ إن قُلنَا سَيَكشِفُ سَاقَهُ

فَيَخِرُّ ذَاكَ الجَمعُ لِلأذقَانِ

وَكَذَاكَ إن قُلنَا يَجِيءُ لِفَصلِهِ

بَينَ العِبَادِ بِعَدلِ ذِي سُلطَانِ

قَامَت قِيَامَتُكُم كَذَاكَ قِيَامَةُ ال

آتِي بِهَذَا القَولِ فِي الرَّحمَنِ

وَاللهِ لَو قُلنَا الَّذِي قَالَ الصَّحَا

بَةُ والألَى مِن بَعدِهِم بِلِسَانِ

لرَجَمتُمُونَا بِالحِجَارَةِ إن قَدِر

تُم بَعدَ رَجمِ الشَّتمِ وَالعُدوَانِ

والله قَد كَفَّرتُم مَن قَالَ بَع

ضَ مَقَالِهِم يَا أمَّةَ العُدوَانِ

وَجَعَلتُمُ الجِسمَ الَّذِي قَدَّرتُمُ

بُطلاَنَهُ طَاغُوتَ ذَا البُطلاَنِ

وَوَضَعتُمُ لِلجسمِ مَعنًى غَيرَ مَع

رُوفٍ بِهِ فِي وَضعِ كُلِّ لِسَانِ

وَبَنَيتُمُ نَفيَ الصِّفَاتِ عَلَيهِ فَاج

تَمَعَت لَكُم إذ ذَاكَ مَحذُورَانِ

كَذِبٌ عَلَى لُغَةِ الرَّسُولِ وَنَفيِ إث

بَاتِ العُلُوِّ لِفَاطِرِ الأكوَانِ

وَرَكِبتُمُ إذ ذَاكَ تضحرِيفَينِ تَح

رِيفَ الحَدِيثِ وَمُحكَمِ القُرآنِ

وَكَسَبتُمُ وِزرَينِ وِزرَ النَّفيِ وَالتَّ

حرِيفِ فَاجتَمَعَت لَكُم كِفلاَنِ

وَعَدَاكُمُ أجرَانِ أجرُ الصِّدقِ وَال

إيمَانِ حَتَّى فَاتَكُم حَظَّانِ

وَكَسَبتُمُ مَقتَينِ مَقتَ إلَهِكُم

وَالمُؤمنِينَ فَنَالَكُم مَقتَانِ

وَلَبِستُمُ ثَوبَينِ ثَوبَ الجَهلِ وَالظُّ

لمِ القَبِيحِ فِبِئسَت الثَّوبَانِ

وَتَخِذتُمُ طَرزَينِ طَرزَ الكِبرِ وَالتِّ

يهِ العَظِيمِ فَبِئسَتِ الطَّرزَانِ

وَمَدَدتُم نَحوَ العُلَى بَاعَينِ لَ

كِن لَم تَطُل مِنكُم لَهَا البَاعَانِ

وَأتَيتُمُوهَا مِن سِوَى أبوَابِهَا

لَكِن تَسَوَّرتُم مِنَ الحِيطَانِ

وَغَلَقتُمُ بَابَينِ لَو فُتِحَا لَكُم

فُزتُم بِكُلِّ بِكُلِّ بِشَارَةٍ وَتَهَانِ

بَابَ الحَدِيثِ وَبَابَ هَذَا الوَحيِ مَن

يَفتَحهُمَا فَليَهنِهِ البَابَانِ

وَفَتَحتُمُ بَابَينَ مَن يَفتَحهُمَا

تُفتَح عَلَيهِ مَوَاهِبُ الشَّيطَانِ

بَابَ الكَلاَمِ وَقَد نُهِيتُم عَنهُ وَال

بَابَ الحَرِيقَ فَمَنطِقُ اليُونَانِ

فَدَخلتُمُ دَارَينِ دَارَ الجَهلِ فِي الدُّ

نيَا وَدَارَ الخِزيِ فِي النِّيرَانِ

وَطَعِمتُمُ لَونَينِ لَونَ الشَّك وَالتَّ

شكِيكِ بَعدُ فَبِئسَتِ اللَّونَانِ

وَرَكِبتُمُ أمرَينِ كَم قَد أهلَكَا

مِن أمَّةٍ فِي سَالِفِ الأزمَانِ

تَقدِيمَ آرَاءِ الرِّجَالِ عَلَى الَّذِي

قَالَ الرَّسُولُ وَمُحكَمُ القُرآنِ

وَالثَّانِ نِسبَتُهُم إلَى الألغَازِ وَالتَّ

لبِيسِ وَالتَّدلِيسِ والكِتمَانِ

وَمَكَرتُمُ مَكرَينش لَو تَمَّا لَكُم

لَتَفَصَّمَت فِينَا عُرَى الإِيمَانِ

أطفَأتُمُ نُورَ الكِتَابِ وَسُنَّةِ ال

هَادِي بِذَا التَّحرِيفِ وَالهَذَيَانِ

لَكِنَّكُم أوقَدتُمُو لِلحَربِ نَا

راً بَينَ طَائِفَتَينِ مُختَلِفَانِ

وَاللهُ مُطفِيهَا بِألسِنَةِ الألَى

قَد خَصَّهُم بِالعِلمِ وَالإِيمَانِ

وَاللهِ لَو غَرِقَ المُجسِّمُ فِي دَمِ التَّ

جسِيمِ مِن قَدَمٍ إلَى الآذَانِ

فَالنَّصُّ أعظَمُ عِندَهُ وَأجَلُّ قَد

راً أن يُعَارِضَهُ بِقَولش فَلاَنِ

أهوِن بِذَا الطَّاغُوتِ لاَ عَزَّ اسمُهُ

طَاغُوتُ ذِي التَّعطِيلِ وَالكُفرَانِ

كَم مِن أسِيرٍ بَل جَرِيحٍ بَل قَتِي

لِ تَحتَ ذَا الطَّاغُوتِ فِي الأزمَانش

وَتَرَى الجَبَانَ يَكَادُ يُخلَعُ قَلبُهُ

مِن لَفظِهِ تَبًّا لِكُلِّ جَبَانِ

وَتَرَى المُخَنَّثَ حِينَ يَقرَعُ سَمعَهُ

تَبدُو عَلَيهِ شَمَائِلُ النِّسوَانِ

وَيَظَلُّ مَنكُوحاً لِكُلِّ مُعَطِّلٍ

وَلِكُلِّ زِندِيقٍ أخِي كُفرَانِ

وَتَرَى صَبِيَّ العَقلِ يُفزِعُهُ اسمُهُ

كَالغُولِ حِينَ يُقَالُ لِلصِّبيَانِ

كُفرَانَ هَذَا الإِسمُ لاَ سُبحَانَهُ

أبداً وَسُبحَانَ العَظِيمِ الشَّانِ

كَم ذَا التَّتَرسُ بِالمَحَال أمَا تَرَى

قَد مَزَّقَتهُ كَثرَةُ السَّهمَانِ

جِسمٌ وَتَجسِيمٌ وَتَشبِيهٌ أمَا

تَعيُونَ مِن فَشرٍ وَمِن هَذَيَانِ

أنتُم وَضَعتُم ذَلِك الطَّاغُوتَ ثُمَّ

بِهِ نَفَيتُم مُوجِبَ القُرآنِ

وَجَعلتُمُوهُ شَاهِداً بَل حَاكِماً

هَذَا عَلَى مَن يَا أولِي العُدوانِ

أعلَى كِتَابِ اللهِ ثُمَّ رَسُولِهِ

بِاللهِ فَاستَحيُوا مِنَ الرَّحمَنِ

فَقَضَاؤهُ بِالجَورِ وَالعُدوَانِ مِث

لُ قِيَامِهِ بِالزُّورِ وَالعُدوَانِ

وَقِيَامُهُ بِالزُّورِ مِثلُ قَضَائِهِ

بِالجَورِ وَالعُدوَانِ وَالبُهتَانِ

كَم ذِي الجَعَاجِعِ لَيسَ شَيءٌ تَحتَهَا

إلاَّ الصَّدَى كَالبُومِ فِي الخِربَانِ

وَنَظِيرُ هَذَا قَول مُلحِدِكُم وَقَد

جَحَدَ الصِّفَاتش لِفَاطِرِ الأكوَانِ

لَو كَانَ مَوصُوفَا لَكَانض مُرَكَّباً

فَالوَصفُ والتَّركِيبُ مُتَّحِدَانِ

ذَا المنجَنِيقُ وَذَلِكَ الطَّاغُوتُ قَد

هَدَمَا دِيَارَكُمُ إلَى الأركَانِ

وَاللهُ رَبِّي قَد أعَانَ بِكَسرِ ذَا

وَبِقَطعِ ذَا سُبحَانَ ذِي الإحسَانِ

فَلَئِن زَعمتُم أنَّ هَذَا لاَزِمٌ

لِمَقَالِكُم حَقًّا لُزُومَ بَيَانِ

فَلَنَا جَوَابَاتٌ ثَلاَثٌ كُلُّهَا

مَعلُومَةُ الإِيضَاحِ وَالتِّبيَانِ

مَنعُ اللُّزُومِ وَمَا بِأيدِيكُم سَوَى

دَعوَى مُجَرَّدَةٍ مِنَ البُرهَانِ

لاَ يَرتَضِيهَا عَالِمٌ أو عَاقِلٌ

بَل تِلكَ حِيلَةُ مُفلِسٍ فَتَّانِ

فَلَئِن زَعَمتُم أنَّ مَنعَ لُزُومِه

مِنكُم مُكَابَرَةٌ عَلَى البُطلاَنِ

فَجَوَابُنَا الثَّانِي امتَنَاعُ النفيِ فِي

مَا تَدَّعُونَ لُزُومَهُ بِبَيَانِ

إن كَانَ ذَلِكَ لاَزِماً لِلنصِّ فَال

مَلزُومُ حَقٌّ وَهُوَ ذُو بُرهَانِ

وَالحَقُّ لاَزِمُهُ فَحَقٌّ مِثلُهُ

أنَّى يَكُونُ الشَّيءُ ذَا بُطلاَنِ

وَيكُونُ مَلزُوماً بِهِ حَقًّا فَذَا

عَينُ المُحَالِ وَلَيسَ ذَا إمكَانِ

فَتَعَيَّنَ الإِلزَامُ حِينَئِذٍ عَلَى

قَولِ الرَّسُولِ وَمُحكَمِ القُرآنِ

وَجَعلتُمُ أتبَاعَهُ مَا تَستُراً

خَوفاً مِنَ التَّصرِيحِ بِالكُفرَانِ

وَالله مَا قُلنَا سِوَى مَا قَالَهُ

هَذِي مَقالَتُنَا بِلاَ كِتمَانِ

فَجَعلتُمُونَا جُنَّةً وَالقَصدُ مَف

هُومٌ فَنَحنُ وِقَايَةُ القُرآنِ

هَذَا وَثَالِثُ مَا نُجِيبُ بِهِ هُو اس

تِفسَارُكُم يَا فِرقَةَ العِرفَانِ

مَاذَا الَّذِي تَعنُونَ بِالجِسمِ الَّذِي

ألزَمتُمُونَا أوضِحُوا بِبَيَانِ

تَعنُونَ مَا هُوَ قَائِمٌ بِالنَّفسِ أو

عَالٍ عَلَى العَرشِ العَظِيمِ الشَّانِ

أو ذَا الذِي قَامَت بِهِ الأوصَافُ أو

صَافُ الكَمَالِ عَدِيمَةٌ النُّقصَانِ

أو مَا تَرَكَّبَ مِن جَواهِرَ فَردَةٍ

أو صُورَةٍ حَلَّت هُيُولَى ثَانِ

أو مَا هُوَ الجِسمُ الذِي فِي العُرفِ أو

فِي الوَضعِ عِندَ تَخَاطُبٍ بِلِسَانِ

أو مَا هُوَ الجِسمُ الذِي فِي الذَّهنِ ذَا

كَ يُقَُالُ تَعلِيمُ ذِي الأذهَانِ

مَاذَا الذِي فِي ذَاكَ يَلزَمُ مِن ثُبُو

تِ عُلُوِّه مِن فَوقِ كُلِّ مَكَانِ

فأتُوا بِبُرهَانَينِ بُرهَانِ اللُّزُو

مِ وَنَفيِ لاَزِمِهِ فَذَانِ اثنَانِ

وَاللهِ لَو نُشِرَت لَكُم أشيَاخُكُم

عَجَزُوا وَلَو وَاطاهُمُ الثَّقَلاَنِ

إن كُنتُمُ أنتُمُ فُحُولاَ فَابرُزُوا

وَدَعُوا الشَّكَاوِي حِيلَةَ النِّسوَانِ

وَإذَا اشتَكَيتُم فَاجعَلُوا الشَّكوَى إلَى ال

وَحيَينِ لاَ القَاضِي وَلاَ السُّلطَانِ

فَنَجِيبُ بِالتَركِيبِ حِينَئِذٍ جَوَا

باً شَافِياَ فِيهَ هُدَى الحَيرَانِ

الحَقُّ إثبَاتُ الصِّفَاتِ وَنَفيُهَا

عَينُ المُحَالِ وَليسَ فِي الإِمكَانِ

فالجِسمُ إمَّا لاَزِمٌ لِثُبُوتِهَا

فَهُوَ الصَّوَابُ وَلَيسَ ذَا بُطلاَنِ

أو لَيسَ يَلزَمُ مِن ثُبُوتِ صِفَاتِهِ

فَشَنَاعَةُ الإِلزَامِ بالبُهتَانِ

فَالمَنعُ فِي إحدَى المُقَدِّمَتَينِ مَع

لُومُ البَيَانِ إذاً بِلاَ نُكرَانِ

المَنعُ إمَّا فِي اللُّزُومِ أو انتِفَا

ءِ اللاَّزِمِ المَنسُوبِ لِلبُطلاَنِ

هَذَا هُوَ الطَّاغُوتُ قَد أضحَى كَمَا

أبصَرتُمُوهُ بِمِنَّةِ الرَّحمَنِ

يَا قَومِ تَدرُونَ العَدَاوَةَ بَينَنا

مِن أجلِ مَاذَا فِي قَدِيمِ زَمَانِ

إنَّا تَحَيَّزنَا إلَى القُرآنِ وَالنَّ

قلِ الصَّحِيحِ مُفَسِّرِ القُرآنِ

وَكَذَا إلَى العَقلِ الصَّرِيحِ وَفِطرَةِ الرَّ

حمَنِ قَبلَ تَغَيُّرِ الإِنسَانِ

هِيَ أربَعٌ مُتَلاَزِمَاتٌ بَعضُهَا

قَد صَدَّقَت بَعضاً عَلَى مِيزَانِ

وَاللهِ مَا اجتَمَعَت لَدَيكُم هَذِهِ

أبَداً كَمَا أقرَرتُمُ بِلِسَانِ

إذ قُلتُمُ العَقلُ الصَّحِيحُ يُعَارِضُ ال

مَنقُولَ مِن أثَرٍ وَمِن قُرآنِ

فَنُقَدِّمُ المَعقُولَ ثُمَّ نُصَرِّفُ ال

مَنقُولَ بالتَّأويلِ ذِي الألوانِ

فإذا عَجزنَا عَنهُ ألقَينَاهُ لَم

نَعبَأ بِهِ قَصداً إلَى الإِحسَانِ

وَلَكُم بِذَا سَلَفٌ لَهُم تَابَعتُمُ

لَمَّا دُعُوا لِلأخذِ بِالقُرآنِ

صَدُّوا فَلَمَّا أن أصِيبُوا أقسَمُوا

لمُرَادُنَا تَوفِيقُ ذِي الإِحسَانِ

وَلَقَد أصِيبُوا فِي قُلُوبِهِمُ وَفِي

تِلكَ العُقُولِ بِغَايَةِ النُّقصَانِ

فَأتَوا بِأقوَالٍ إذَا حَصَّلتَهَا

أسمَعتَ ضُحكَةَ هَازِلٍ مَجَّانِ

هَذَا جَزَاءُ المُعرِضِينَ عَن الهُدَى

مُتَعوِّضِينَ زَخَارِفَ الهَذَيَانِ

وَاضرِب لَهُم مَثَلاً بِشَيخِ القَومِ إذ

يَأبَى السُّجُودَ بِكِبَرِ ذِي طُغيَانِ

ثُمَّ ارتضَى أن صَارَ قَوَّاداً لأر

بَابِ الفُسُوقِ وَكُلِّ ذِي عِصيَانِ

وكَذاكَ أهلُ الشِّركِ قَالُوا كَيفَ ذَا

بَشَرٌ أتَى بِالوَحيِ وَالقُرآنِ

ثُمَّ ارتَضَوا أن يَجعَلُوا مَعبُودَهُم

مِن هَذِهِ الأحجَارِ وَالأوثَانِ

وَكَذَاكَ عُبَّادُ الصَّلِيبِ حَمَوا بَتَا

رِكَهُم مِنَ النِّسوَانِ وَالولدَانِ

وَأتَوا إلَى رَبِّ السَّمَوَاتِ العُلَى

جَعَلُوا لَهُ وَلَداً مِنَ الذُّكرَانِ

وَكَذَلِكَ الجَهمِيُّ نَزَّهَ رَبَّهُ

عَن عَرشِهِ مِن فَوقِ ذِي الأكوَانِ

حَذَراً مِنَ الحَصرِ الَّذِي فِي ظَنِّهِ

أو أن يُرَى مُتَحَيِّزاً بِمَكَانِ

فَأصارَهُ عَدَماً وَلَيسَ وُجُودُهُ

مُتَحَقَّقاً فِي خَارِجِ الأذهَانِ

لَكِنَّمَا قُدَمَاؤهُم قَالُوا بِأنَّ

الذَّاتَ قَد وُجِدَت بِكُلِّ مَكَانِ

جَعَلُوهُ فِي الآبارِ وَالأنجَاسِ وَال

خَانَاتِ والخَرِبَاتش وَالقِيعَانِ

وَالقََصدُ أنَّكُمُ تَحَيَّزتُم إلَى ال

آرَاءِ وَهيَ كِثيرَةُ الهَذَيَانِ

فَتَلَوَّنَت بِكُمُ فَجِئتُم أنتُمُ

مُتَلَوِّنِينَ عَجَائِبَ الألوَانِ

وَعَرَضتُمُ قَولَ الرَّسُولِ عَلَى الَّذِي

قَد قَالَهُ الأشيَاخُ عَرضَ وِزَانِ

وَجَعَلتُمُ أقوَالَهُم مِيزَانَ مَا

قَد قَالَهُ وَالعَولُ فِي المِيزَانِ

وَوَردتُّمُ سُفلَ المِيَاهِ وَلَم نَكُن

نَرضَى بِذَاكَ الوردِ للظَّمآنِ

وَأَخَدتُمُ أنتُمُ بُنَيَّاتِ الطَّرِيقِ وَنَح

نُ سِرنَا فِي الطَّرِيقِ الأعظَمِ السُّلطَانِ

وَجَعلتُمُ تُرسَ الكَلاَمِ مِجَنَّة

تَبًّا لِذَاكَ التُّرسِ عِندَ طِعَانِ

وَرَمَيتُمُ أهلَ الحَدِيثِ بِأسهُمٍ

عَن قَوسِ مَوتُورِ الفُؤَادِ جَبَانِ

فَتَتََرَّسُوا بِالوَحيِ وَالسُّنَنِ الَّتِي

تَتلُوهُ نِعمَ التُّرسُ لِلشُّجعَانِ

هُوَ تُرسُهُم وَاللهِ مِن عُدوَانِكُم

وَالتُّرسُ يَومَ البَعثِ مِن نِيرَانِ

أفَتَارِكُوهُ لِفَشرِكِم وَمُحَالِكُم

لاَ كَانَ ذَاكَ بِمِنَّةِ الرَّحمَنِ

وَدَعَوتُمُونَا لِلَّذِي قُلتُم بِهِ

قُلنَا مَعَاذَ اللهِ مِن خُذلاَنِ

فَاشتَدَّ ذَاكَ الحَربُ بَينَ فَرِيقِنَا

وَفَرِيقِكُم وَتَفَاقَمَ الأمرَانِ

وَتَأصَّلَت تِلكَ العَدَاوَةُ بَينَنَا

مِن يَومِ أمرِ اللهِ للشَّيطَانِ

بِسُجُودِهِ فَعَصَى وَعَارَضَ أمرَهُ

بِقِيَاسِهِ وَبِعَقلِهِ الخَوَّانِ

فَأتَى التَّلامِيذُ الوِقَاحُ فَعَارَضُوا

أخبَارَهُ بِالفَشرِ وَالهَذَيَانِ

وَمُعَارِضٌ لِلأمرِ مِثلُ مُعَارِضِ ال

أخبَارِ هُم فِي كُفرِهِم صِنوَانِ

مَن عَارَضَ المَنصُوصَ بِالمَعقُولِ قِد

ماً أخبِرُونَا يَا أولِي العِرفَانِ

أوَ مَا عَرَفتُم أنَّهُ القَدَرِيُّ وَال

جَبرِيُّ أيضاً ذَاكَ فِي القُرآنِ

إذ قَالَ قَد أغوَيتَنِي وَفَتَنتَنِي

لأزَيِّننَّ لَهُم مَدَى الأزمانِ

فاحتَجَّ بِالمَقدُورِ ثَمَّ أبَانَ أنَّ

الفِعلَ مِنهُ بِغَيَّةٍ وَزِيَانِ

فَانظُر إلَى مِيرَاثِهِم ذَا الشَّيخَ بِالتَّ

عصِيبِ وَالمِيرَاثُ بِالسُّهمَانِ

فَسَألتُكُم بِاللهِ مَن وُرَّاثُهُ

مِنَّا ومِنكُم بَعدَ ذَا التِّبيَانِ

هَذَا الَّذِي ألقَى العَدَاوَة بَينَنَا

إذ ذَاكَ واتَّصَلَت إلَى ذا الآنِ

أصَّلتُمُ أصلاً وَأصَّلَ خَصمُكُم

أصلاً فَحِينَ تَقَابَلَ الأصلاَنِ

ظَهَرَ التَّبَايُنُ فَانتَشَت مَا بَينَنَا ال

حَرقبُ العُوَانُ وَصِيحَ بِالأقرَانِ

أصَّلتُم آرَا الرِّجَالِ وَخَرصَهَا

مِن غَيرِ بُرهَانٍ وَلاَ سُلطَانِ

هَذَا وَكضم رَأيٍ لَهُم فَبِرَأيِ مَن

نَزِنُ النُّصُوصَ فَأوضِحُوا بِبَيَانِ

كُلٌّ لَهُ رَأيٌ وَمَعقُولٌ لَهُ

يَدعُو وَيَمنَعُ أخذَ رَأيِ فُلاَنِ

وَالخَصمُ أصَّلَ مُحكَمَ القُرآنِ مَع

قَولِ الرَّسُولِ وَفِطرَةِ الرَّحمَنِ

وَبَنَى عَلَيهِ فَاعتَلَى بُنيَانُهُ

نَحوَ السَّمَا أعظِم بِذَا البُنيَانِ

وَعَلَى شَفَا جُرُفٍ بَنَيتُم أنتُمُ

فَأتَت سُيُولُ الوَحيِ وَالإِيمَانِ

قَلَعَت أسَاسَ بِنَائِكُم فَتهَدَّمَت

تِلكَ السُّقُوفُ وَخَرَّ لِلأركَانِ

الله أكبَرُ لَو رَأيتُم ذَلِكَ ال

بِنيَانَ حِينَ عَلاَ كَمِثلِ دُخَانِ

تَسمُو إلَيهِ نَوَاظِرٌ مِن تَحتِهِ

وَهُوَ الوَضِيعُ وَلو يُرَى بِعِيَانِ

فَاصبِر لَهُ وَهناً وًرُدَّ الطَّرفَ تَل

قَاهُ قَرِيباً فِي الحَضِيضِ الدَّانِي

مَن قَالَ إنَّ الله لَيسَ بِفَاعِلٍ

فِعلاً يَقُومُ بِهِ قِيَامَ مَعَانِ

كَلاَّ وَلَيسَ الأمرُ أيضاً قَائِماً

بِالرَّبِّ بَل مِن جُملَةِ الأكوَانِ

كَلاَّ وَليسَ الله فَوقَ عِبَادِهِ

بَل عَرشُهُ خِلوٌ مِنَ الرَّحمَنِ

فَثَلاَثَةٌ والله لاَ تُبقِي مِنَ ال

إيمَانِ حَبَّةَ خَردَلٍ بِوِزَانِ

وَقَدِ استَرَاحَ مُعَطِّلٌ هَذِي الثَّلاَ

ثَ مِنَ الإِلَهِ وَجُملَةِ القُرآنِ

وَمِنَ الرَّسُولِ وَدِينِهِ وَشَرِيعَةِ ال

إسلاَمِ بَل مِن جُملَةِ الأديَانِ

وَتَمَامُ ذَاكَ جُحُودُهُ لِصِفَاتِهِ

وَالذَّاتُ دُونَ الوَصفِ ذُو بُطلاَنِ

وَتَمَامُ ذَا الإِيمَانُ إقرَارُ الفَتَى

بِاللهِ فَاطِرِ هَذِهِ الأكوَانِ

فَإذَا أقَرَّ بِهِ وعَطَّلَ كُلَّ مَف

رُوضٌ وَلَم يَتَوقَّ مِن عِصيَانِ

لَم يَنقُصِ الإٍِيمَانُ حَبَّةَ خَردَلٍ

أنَّى وَلَيسَ بِقَابِلِ النُّقصَانِ

وَتَمَامُ هَذَا قَولُهُ إنَّ النَّبُوَّ

ة لَيسَ وَصفاً قَامَ بالإِنسَانِ

لَكِن تَعَلُّقُ ذَلِكَ المَعنَى القَدِي

مُ بِوَاحِدٍ مِن جُملَةِ الإِنسَانِ

هَذَا وَمَا ذَاكَ التَّعلِيقُ ثَابِتاً

فِي خَارِجٍ بَل ذَاكَ فِي الأذهَانِ

فَتَعَلُّقُ الأقوَالِ لاَ يُعطِي الَّذِي

وَقفَت عَلَيهِ الكَونُ فِي الأعيَانِ

هَذَا إذَا مَا حَصَّلَ المَعنَى الذِي

قُلتُم هُوَ النَّفسِيُّ فِي البُرهَانِ

لَكِنَّ جُمهُورَ الطَّوَائِفِ لَم يَرَوا

ذَا مُمكِناً بَل ذَاكَ ذُو بُطلاَنِ

مَا قَالَ هَذَا غَيرُكُم مِن سَائِرِ النُّ

ظَّارِ فِي الآفَاقِ وَالأزمَانِ

تِسعُونَ وَجهاً بَيَّنَت بُطلاَنَهُ

لَولاَ القَرِيضُ لَسُقتُهَا بِوِزَانِ

يَا قَومُ أينَ الرَّبُّ أينَ كَلاَمُهُ

أينَ الرَّسُولُ فَأوضِحُوا بِبَيَانِ

مَا فَوقَ عَرشِ الرَّبِّ مَن هُوَ قَائِلٌ

طَهَ وَلاَ حَرفاً مِنَ القُرآنِ

وَلَقَد شَهِدتُم أنَّ هَذَا قَولُكُم

وَالله يَشهَدُ مَع أولِي الإٍِيمَانِ

وَارحمَتَاهُ لَكُم غُبِنتُم حَظَّكُم

مِن كُلِّ مَعرِفَةٍ وَمِن إيمَانِ

وَنَسَبتُمُ لِلكُفرِ أولَى مِنكُمُ

بِاللهِ وَالإِيمَانِ وَالقُرآنِ

هَذِي بِضَاعَتُكُم فَمَن يَستَامُهَا

فَقَدِ ارتَضَى بِالجَهلِ وَالخُسرَانِ

وَتَمَامُ هَذَا قَولُكُم فِي مَبدَءٍ

وَمَعَادِنضا أعنِي المَعَادَ الثَّانِي

وَتَمَامُ هَذَا قَولُكُم بِفَنَاءِ دَا

رِ الخُلدِ فَالدَّارَانِ فَانِيَتَانِ

يَا قَومَنا بَلَغَ الوُجُودَ بأسرِهِ الدُّ

نيَا مَعض الأخرَى مَعَ الإِيمَانِ

وَالخَلقَ وَالأمرَ المُنَزَّلَ وَالجَزَا

ءَ وَمَنَازِلَ الجَنَّاتِ وَالنِّيرَانِ

وَالنَّاسُ قَد وَرِثُوهُ بَعدُ فَمِنهُمُ

ذُو السَّهمِ وَالسَّهمَينِ وَالسُّهمَانِ

بِئسَ المُوَرِّثُ وَالمُوَرَّثُ وَالتُّرَا

ثُ ثَلاَثَةٌ أهلٌ لِكُلِّ هَوَانِ

يَا وَارِثِينَ نِبِيَّهُمُ بُشرَاكُمُ

مَا إرثُكُم مَع إرثِهِم سِيَّانِ

شَتَّانَ بَينَ الوَارِثِينَ وَبَينَ مَو

رُوثِيهِمَا وَسهَامِ ذِي سُهمَانِ

يَا قَومُ مَا صَاحَ الأئِمَّةُ جُهدَهُم

بِالجَهمِ مِن أقطَارِهَا بأذَانِ

إلاَّ لِمَا عَرَفُوهُ مِن أقوَالِهِ

وَمَآلِهَا بِحَقِيقَةِ العِرفَانِ

قَولُ الرَّسُولِ وَقَولُ جَهمٍ عِندَنَا

فِي قَلبِ عبدٍ لَيسَ يَجتَمِعَانِ

نَصَحُوكُمُ وَاللهِ جَهدَ نَصِيحَةٍ

مَا فِيهُمُ وَاللهِ مِن خَوَّانِ

فَخُذُوا بَهَديِهِم فَرَبِّى ضَامِنٌ

وَرَسُولُهُ إن تَفعَلُوا بِجِنَانِ

فَإذَا أبَيتُم فَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّ

بَعَ الهُدَى وَانقَادَ لِلقُرآنِ

سِيرُوا عَلَى نُجُبِ العَزَائِمِ وَاجعَلُوا

بِظُهُورِهَا المَسرَى إلَى الرَّحمَنِ

سَبَقَ المَفَرِّدُ وَهُوَ ذَاكِرُ رَبِّهِ

فِي كُلِّ حَالٍ لَيسَ ذَا نِسيَانِ

لَكِن أخَا الغَفَلاَتِ مُنقَطِعٌ بِهِ

بَينَ المفاوزِ تَحتَ ذِي الغِيلاَنِ

صَيدُ السِّبَاعِ وَكُلِّ وَحشٍ كَاسِرٍ

بئسَ المُضِيفُ لأعجَزِ الضِّيفَانِ

وَكَذَلِكَ الشَّيطَانُ يَصطَادُ الذِي

لاَ يَذكُرُ الرَّحمَنَ كُلَّ أوَانِ

وَالذكرُ أنوَاعٌ فَأعلَى نَوعِهِ

ذِكرُ الصِّفَاتِ لِرَبِّنَا المَنَّانِ

وَثُبُوتُهَا أصلٌ لِهَذَا الذكرِ والنَّا

فِي لَهَا دَاعٍ إلَى النِّسيَانِ

فَلِذَاكَ كَانَ خَلِيفَةَ الشَّيطَانِ ذَا

لاَ مَرحَباً بِخَلِيفَةِ الشَّيطَانِ

وَالذَّاكِرُونَ عَلَى مَرَاتِبِهِم فَأع

لاَهم أولُو الإِيمضانِ وَالعِرفَانِ

بِصِفَاتِهِ العُليَا إذَا قَامُوا بِحَم

دِ الله فِي سِرٍّ وفِي إعلاَنِ

وَأخَصُّ أهلِ الذِّكرِ بِالرَّحمنِ أع

لَمُهُم بِهَا هُم صَفوَةُ الرَّحمَنِ

وَكَذاكَ كَانَ مُحمدٌ وأَبوهُ إب

راهِيمُ والمَولودُ مِن عِمرَانِ

وَكَذَاكَ نُوحٌ وابنُ مَريَمَ عِندَنَا

هُم خَيرُ خَلقِ الله من الإِنسَانِ

وَهُم أولُو العَزمِ الذِينَ بِسُورَتِ ال

أحزَابِ وَالشُّورَى أتَوا بِبَيَانِ

وَكَذَلِكَ القُرآنُ مَملُوءٌ مَنَ ال

أوصَافِ وَهيَ القَصدُ بِالقُرآنِ

لِيَصِيرَ مَعرُوفاً لَنَا بِصِفَاتِهِ

وَيَصِيرَ مَذكُوراً لَنَا بِجَنَانِ

وَلِسَانٍ أيضاً مَع مَحَبَّتِنَا لَهُ

فَلأجلِ ذَا الإِثبَاتُ فِي الإيمَانِ

مِثلُ الأسَاسِ مِنَ البِنَاءِ فَمَن يَرُم

هَدمَ الأسَاسِ فَكَيفَ بِالبُنيَانِ

وَاللهِ مَا قَامَ البِنَاءُ لِدِينِ رُس

لِ الله بِالتَّعطِيلِ للدَيَّانِ

مَا قَامَ إلاَّ بِالصِّفَاتِ مُفَصِّلاً

إثبَاتَهَا تَفصِيلَ ذِي عِرفَانِ

فَهيَ الأسَاسُ لِدِينِنَا وَلِكُلِّ دِي

نٍ قَبلَهُ مِن سَائِرِ الأديَانِ

وَكَذَاكَ زَندَقَةُ العِبَادِ أسَاسُهَا التَّ

طِيلُ يَشهَدُ ذَا أولُو العِرفَانِ

وَاللهِ مَا فِي الأرضِ زَندَقَةٌ بَدَت

إلاَّ مِنَ التَّعطِيلِ وَالنُّكرَانِ

وَاللهِ مَا فِي الأرضِ زَندَقَةٌ بَدَت

مِن جَانِبِ الإِثبَاتِ وَالقُرآنِ

هذِي زَنَادِقَةَ العِبَادِ جَمِيعَهُم

وَمُصَنَّفَاتُهُم بِكُلِّ مَكَانِ

مَا فِيهِمُ أحدٌ يَقُولُ اللهُ فَو

قَ العَرشِ مُستَولٍ عَلَى الأكوَانِ

وَيَقُولُ إنَّ اللهَ جَلَّ جَلاَلُهث

مُتَكَلِّمٌ بِالوَحيِ وَالقُرآنِ

وَيَقُولُ إنَّ اللهَ كَلَّمَ عَبدَهُ

مُوسَى فَأسمَعَهُ بِذِي الآذَانِ

وَيَقُولُ إنَّ النَّقلَ غَيرُ مُعَارِضٍ

لِلعَقلِ بَل أمرَانِ مُتَّفِقَانِ

وَالنَّقلُ جَاءَ بِمَا يَحَارُ العَقلُ فِي

هِ لاَ المُحَالُ البَيِّنُ البُطلاَنِ

فَانظُر إلَى الجَهمِي كَيفَ أتَى إلَى

أسِّ الهُدَى وَمَعَاقِلِ الإِيمَانِ

بِمِعَاولِ التَّعطِيلِ يَقطَعُهَا فَمَا

يُبقِي عَلَى التَّعطيل من إيمَانش

يَدرِي بِهَذَا عَارِفٌ بِمآخِذ ال

أقوَالِ مُضطَلعٌ بِهَذَا الشَّانِ

وَاللهِ لَو حَدَّقتُمُ لَرَأيتُمُ

هَذَا وأعظَم مِنهُ رَأيَ عِيَانِ

لَكِن عَلَى تِلكَ العُيُونِ غِشَاوَةٌ

مَا حِيلَةُ الكَحَّالِ فِي العُميَانِ

قَالوا تَنَقَّصتُم رَسُولَ اللهِ وَا

عَجباً لِهَذَا البَغيِ وَالبُهتَانِ

عَزَلُوهُ أن يُحتَجَّ قَطُّ بِقَولِهِ

فِي العِلمِ بِاللهِ العَظِيمِ الشَّانِ

عَزَلُوا كَلاَمَ الله ثُمَّ رَسُولِهِ

عَن ذَاكَ عَزلاً لَيسَ ذَا كِتمَانِ

جَعَلُوا حَقِيقَتَهُ وَظَاهِرَهُ هُوَ ال

كفرُ الصَّرِيحُ البيّنُ البُطلاَنِ

قَالوا وَظَاهِرُهُ هُوَ التَّشبِيهُ وَالتَّ

جسِيمُ وَالتَّمثِيلُ حَاشَا ظَاهِرَ القُرآنِ

مَن قَالَ فِي الرَّحمَنِ مَا دَلَّت عَلَي

هِ حَقِيقَةُ الأخبَارِ وَالفُرقَانِ

فَهُوَ المُشَبِّه وَالمُمثِّلُ وَالمُجَسِّ

مُ عَابِدُ الأوثَانِ لاَ الرَّحَمَنِ

تَالله قَد مُسخَت عُقُولُكُمُ فَلَي

سَ وَرَاءَ هَذَا قَطُّ مِن نُقصَانِ

وَرَمَيتُمُ حِزبَ الرَّسُولِ وَجُندَهُ

بِمُصَابِكِم يَا فِرقَةَ البُهتَانِ

وَجَعَلتُمُ التَّنقِيصَ عَينَ وِفَاقِهِ

إذ لَم يَوَافِق ذَاك رَأيَ فُلاَنِ

أنتُمُ تَنَقَّصتُم إلَهَ العَرشِ وَال

قُرآنَ والمَبعُوثَ بِالقُرآنِ

نَزَّهتُمُوهُ عَن صِفَاتِ كَمَالِهِ

وَعَنِ الكَلاَمِ وَفَوقِ كُلِّ مَكَانِ

وَجَعَلتُمُ ذَا كُلَّهُ التَّشبِيهَ وَالتَّ

مثِيلَ وَالتَّجسِيمَ ذَا البُطلاَنِ

وَكَلاَمَكُم فِيهِ الشِّفَاءُ وَغَايَةُ التَّ

حقِيقِ يَا عَجَباً لِذَا الخُذلاَنِ

جَعَلُوا عُقُولَهُمُ أحَقَّ بِأخذِ مَا

فِيهَا مِنَ الأخبَارِ وَالقُرآنِ

وَكَلاَمَهُ لاَ يُستَفَادُ بِهِ اليَقِي

نُ لأجلِ ذَا لاَ يَقبَلُ الخَصمَانِ

تَحكِيمُهُ عِندَ اختِلاَفِهِمَا بَل المَع

قُولَ ثُمَّ المَنطِقَ اليُونَانِ

أيُّ التَّنَقُّصِ بَعدَ ذَا لَولاَ الوَقَا

حَةُ وَالجَراءَةُ يَا أولِي العُدوَانِ

يَا مَن لَهُ عَقلٌ وَنُورٌ قَد غَداَ

يَمشِي بِهِ فِي النَّاسِ كُلَّ زَمَانِ

لَكِنَّنَا قُلنَا مَقَالَةَ صَارِخٍ

فِي كُلِّ وَقتٍ بَينَكُم بِأذَانِ

الرَّبُّ رَبٌّ وَالرَّسُولُ فَعَبدُهُ

حَقًّا وَلَيسَ لَنَا إلَهٌ ثَانِ

فَلِذَاكَ لَم نَعبُدهُ مِثلَ عِبَادَةِ ال

رَّحمَنِ فِعلَ المُشرِكِ النَّصرَانِي

كَلاَّ وَلَم نَغلُ الغُلُوَّ كَمَا نَهَى

عَنهُ الرَّسُولُ مَخَافَةَ الكُفرَانِ

لِلّهِ حَقٌّ لاَ يَكُونُ لِغَيرِهِ

وَلِعَبدِهِ حَقٌّ هُمَا حَقَّانِ

لاَ تَجعَلُوا الحَقَّينِ حَقًّا وَاحِداً

مِن غَيرِ تَمييزٍ وَلاَ فُرقَانِ

فَالحَجُّ لِلرَّحمَنِ دُونَ رَسُولِهِ

وَكَذَا الصَّلاَةُ وَذبحُ ذِي القُربَانِ

وَكَذَا السُّجُودُ وَنَذرُنَا وَيَمِينُنَا

وَكذَا مَثَابُ العَبدِ مِن عِصيَانِ

وَكَذَا التَّوَكُّلُ وَالإنَابَةُ والتُّقَى

وَكَذَا الرَّجَاءُ وَخَشيَةُ الرَّحمَنِ

وَكَذَا العِبَادَةُ وَاستِعَانَتُنَا بِهِ

إيَّاكَ نَعبُدُ ذَانِ تَوحِيدَانِ

وَعَلَيهِمَا قَامَ الوُجُودُ بِأسرِهِ

دُنيَا وَأخرَى حَبَّذَا الرُّكنَانِ

وَكَذَلِك التَّسبِيحُ وَالتَّ

هلِيلُ حَقُّ إلَهِنَا الدِّيَّانِ

لَكِنَّمَا التَّعزِيرُ وَالتَوقِيرُ حَقٌّ

لِلرَّسُولِ بِمُقتَضَى القُرآنِ

وَالحُبُّ وَالإِيمَانُ وَالتَّصدِيقُ لاَ

يَختَصُّ بَل حَقَّانِ مُشتَرِكَانِ

هَذِي تَفَاصِيلُ الحُقُوقِ ثَلاَثَةٌ

لاَ تَجهَلُوهَا يَا أولِي العُدوَانِ

حَقُّ الإلَهِ عِبَادَةٌ بالأمرِ لاَ

بِهَوَى النُّفُوسِ فَذَاكَ لِلشَّيطَانِ

مِن غَيرِ إشرَاكٍ بِهِ شَيئاً هُمَا

سَبَبَا النَّجَاةِ فَحَبَّذَا السَّبَبَانِ

وَرَسُولُهُ فَهُوَ المُطَاعُ وَقَولُهُ ال

مَعقُولُ إذ هُوَ صَاحِبُ البُرهَانِ

وَالأمرُ مِنهُ الحَتمُ لاَ تَخيِيرَ فِي

هِ عِندض ذِي عَقلٍ وَذِي إيمَانِ

مَن قَالَ قَولاً غَيرَهُ قَمنَا عَلَى

أقوَالِهِ بِالسَّبرِ وَالمِيزَانِ

إن وَافَقت قولَ الرَّسُولِ وَحُكمَهُ

فَعَلَى الرُّؤوسِ تُشَالُ كَالتِّيجَانِ

أو خَالَفَت هَذَا رَددَنَاهَا عَلَى

مَن قَالَهَا مَن كَان مِنَ إنسَانِ

أو أُشكِلَت عَنَّا توَقَّفنَا وَلَم

نَجزِم بِلاَ عِلمٍ وَلاَ بُرهَانِ

هَذَا الذِي أدَّى إلَيهِ عِلمُنَا

وَبِهِ نَدِينُ الله كُلَّ أوَانِ

فَهُوَ المُطَاعُ وَأمرُهُ العَالِي عَلَى

أمرِ الوَرَى وَامرِ ذِي السُّلطَانِ

وَهُوَ المُقَدَّمُ فِي مَحَبَّتِنَا عَلَى ال

أهلِينَ وَالأزوَاجِ وَالوِلدَانِ

وَعَلَى العِبَادِ جَمِيعِهِم حَتَّى عَلَى النَّ

فسِ التِي قَد ضَمَّهَا الجَنبَانِ

وَنَظِيرُ هَذَا قَولُ أعدَاءِ المَسِي

حِ مِنَ النَّصَارَى عَابِدِي الصُّلبَانِ

إنَّا تَنَقَّصنَا المَسِيحَ بِقَولِنَا

عَبدٌ وَلِكَ غَايَةُ النّقصَانِ

لَو قُلتُمُ وَلَدٌ إلهٌ خَالِقٌ

وَفَّيتُمُوه حَقَّهُ بِوِزَانِ

وَكَذَاكَ أشبَاهُ النَّصَارَى مُذ غَلَوا

فِي دِينِهِم بِالجَهلِ وَالطُّغيَانِ

صَارُوا مَعَادِينَ الرَّسُولَ وَدِينِهِ

فِي صُورَةِ الأحبَابِ وَالإخوَانِ

فَانظُر إلَى تَبدِيلِهِم تَوحِيدَهُ

بِالشِّركِ وَالإِيمَانِ بِالكُفرَانِ

وَانظُر إلَى تَجرِيدِهِ التَّوحِيدِ مِن

أسبَابِ كُلِّ الشِّركِ بِالرَّحمَنِ

وَاجمَع مَقَالَتَهُم وَمَا قَد قَالَهُ

وَاستَدعِ بِالنَّقادِ وَالوَزَّانِ

عَقلٍ وَفِطرَتِكَ السَّلِيمَةِ ثُمَّ زِن

هَذَا وَذَا لاَ تَطغِ فِي المِيزَانِ

فَهُنَاكَ تَعلَمُ أيُّ حِزبَينَا هُوَ ال

مُتَنَقِّصُ المَنقُوصُ ذُو العُدوَانِ

رَامِي البَرِيءِ بِدَائِهِ وَمُصَابهِِ

فِعلَ المُباهِتِ أوقَحِ الحَيَوَانِ

كَمُعَيِّرٍ لِلنَّاسِ بِالزغَلِ الَّذِي

هُوَ ضَربُهُ فَاعجَب لِذَا البُهتَانِ

يَا فِرقضةَ التَّنقِيصِ بَل يَا أمَّةَ الدَّ

عوَى بِلاَ عِلمٍ وَلاَ عِرفَانِ

وَاللهِ مَا قَدَّمتُمُ يَوماً مَقَا

لَتَهُ عَلَى التَّقلِيدِ للإنسَانِ

وَاللهِ مَا قَالَ الشُّيُوخُ وَقَالَ إلاَّ

كُنتُم مَعَهُم بِلاَ كِتمَانِ

وَاللهِ أغلاَطُ الشُّيُوخِ لَدَيكُمُ

عَينُ الصَّوَابِ ومُقتَضَى البُرهَانِ

وَلِذَا قَضَيتُم بِالذِي حَكَمَت بِهِ

جَهلاً عَلَى الأخبَارِ وَالقُرآنِ

وَاللهِ إنَّهُمُ لَدَيكُم مِثلُ مَع

صُومٍ وَهذَا غَايَةُ الطُّغيَانِ

تَبًّالَكُم مَاذَا التَّنَقُّصُ بَعدَ ذَا

لَو تَعرِفُونَ العَدلَ مِن نُقصَانِ

وَاللهُ مَا يُرضِيهِ جَعلُكُم لَهُ

تُرساً لِشِركِكُم وَلِلعُدوَانِ

وَكَذَاكًَ جَعلُكُم المشَايخَ جُنَّةً

بِخِلاَفِهِ وَالقَصدُ ذُو تِبيَانِ

وَاللهُ يَشهَدُ ذَا بِجِذرِ قُلوبِكُم

وَكَذَاكَ يَشهَدُهُ أولُوا الإِيمَانِ

وَالله مَا عَظَّمتُمُوهُ طَاعَةً

وَمَحَبَّةً يَا فِرقَةَ العِصيَانِ

أنَّى وَجهلُكُم بِهِ وَبِدِينِهِ

وَخِلاَفُكُم لِلوَحيِ مَعلُومَانِ

أوصَاكُمُ أشيَاخُكُم بِخِلاَفِهِم

لِوَفَاقِهِ فِي سَالِفِ الأزمَانِ

خَالَفتُمُ قَولَ الشُّيُوخِ وَقَولَهُ

فَغدَا لَكُم خُلفَانِ مُتَّفِقَانِ

وَاللهِ أمرُكُم عَجِيبٌ مُعجِبٌ

ضِدَّانِ فِيكُم لَيسَ يَتَّفِقَانِ

تَقدِيمُ آرَاءِ الرِّجَالِ عَلَيهِ مَع

هَذَا الغُلُوِّ فَكَيفَ يَجتَمِعَانِ

كَفَّفرتُمُ مَن جَرَّدَ التَّوحِيدَ جَه

لاً مِنكُم بِحَقَائِقِ الإِيمَانِ

لَكِن تَجَرَّدتُم لِنَصرِ الشِّركِ وَال

بِدَعِ المُضِلَّةِ فِي رِضَى الشَّيطَانِ

وَاللهِ لَم نَقصِد سِوَى التَّجرِيد للتَّ

وحِيدِ ذَاكَ وَصِيَّةُ الرَّحمَنِ

وَرِضَى رَسُولِ الله مِنَّا لاَ غُلُوَّ

الشِّركِ أصلَ عِبَادَةِ الأوثانِ

وَاللهِ لَو يَرضَى الرَّسُول دُعاءَنَا

إيَّاهُ بَادَرنَأ إلَى الإَِذعانِ

وَاللهِ لَو يَرضَى الرُّسُولُ سُجودَنَا

كُنَّا نَخِرُّ لَهُ عَلَى الأذقَانِ

وَاللهِ مَا يُرضِيهِ مِنَّا غَيرَ

إخلاَصٍ وَتَحكِيمٍ لِذَا القُرآنِ

وَلَقَد نَهَى ذَا الخَلقِ عَن إطرَائِه

فِعلَ النَّصَارَى عَابِدِي الصُّلبَانِ

وَلَقَد نَهَانَا أن نُصَيِّرَهُ قَبرَهُ

عِيداً حِذَارَ الشِّركِ بِالرَّحمَنِ

وَدَعَا بِأن لاَ يُجعَل القََبرُ الذِي

قَد ضَمَّهُ وَثَناً مِنَ الأوثَانِ

فَاجَابَ رَبُّ العَالمِينَ دُعَاءَهُ

وَأحَاطَهُ بِثَلاَثَةِ الجُدرَانِ

حَتَّى اغتَدَت أرجَاؤهُ بِدُعَائِهِ

فِي عِزَّةٍ وَحِمَايَةٍ وَصِيَانِ

وَلَقَد غَدَا عِندَ الوَفَاةِ مُصَرِّحاً

بِاللَّعنِ يَبصرُخُ فِيهِمُ بِأذَانِ

وَعَنَى الألَى جَعلُوا القُبُورَ مَسَاجِداً

وَهُمُ اليَهُودُ وَعَابِدُو الصُّلبَانِ

وَاللهِ لَولاَ ذَاك أُبرِزَ قَبرُهُ

لَكِنَّهُم حَجَبُوهُ بِالحِيطَانِ

قَصَدُوا إلَى تَسنِيمِ حُجرَتِهِ لِيَم

تَنِعَ السُّجَودُ لَهُ عَلَى الأذقَانِ

قَصَدُوا مُوَافَقَةَ الرَّسُولِ وَقَصدُهُ التَّ

جرِيدُ لِلتَّوحِيدِ لِلرَّحمَنِ

يَا فِرقَةً جَهِلَت نُصُوصَ نَبِيِّهِم

وَقُصُودَهُ وَحَقِيقَةَ الإِيمَانِ

فَسَطَوا عَلَى أتبَاعِهِ وَجُنُودِهِ

بِالبَغيِ وَالعُدوَانِ وَالبُهتَانِ

لاَ تَعجَلُوا وَتَبَيُّنُوا وَتَثَبَّتُوا

فَمُصَابُكُم مَا فِيهِ مِن جُبرَانِ

قُلنَا الذِي قَالَ الأئِمَةُ قَبلَنا

وَبِهَِ النُّصُوصُ أتَت عَلَى التِّبيَانِ

القَصدُ حَجُّ البَيتِ وَهُوَ فَرِيضَةُ الرَّ

حمَنِ وَاجِبَةٌ عَلَى الأعيَانِ

وَرِحَالُنَا شُدَّت إلَيهِ مشن بِقَا

عِ الأرض قَاصِيهَا كَذَاك الدَّانِي

مَن لَم يَزُر بَيتَ الإِلَهِ فَمَا لَهُ

مِن حَجِّهِ سَهمٌ وَلاَ سَهمَانِ

وَكَذَا نشُدُّ رِحَالَنَا لِلمَسجشدِ النَّ

بَوِيِّ خَيرِ مَسَاجِدِ البُلدَانِ

مِن بَعدِ مَكَّةِ أو عَلَى الإِطلاَقِ فِي

هِ الخُلفُ بَينَ النَّاسِ مُنذُ زَمَانِ

وَنَرَاهُ عِندَ النَّذرِ فَرضاً لَكِن النُّ

عمَانُ يَأبَى ذَا وَللنعمَانِ

أصلٌ هُوَ النَّافِي الوُجُوبُ فَإنَّهُ

مَا جِنسُهُ فَرضاً عَلَى الإِنسَانِ

وَلَنَا بَرًَاهِينٌ تَدُلُّ بِأنَّهُ

بِالنَّذرِ مُفتَرَضٌ عَلَى الإنسَانِ

أمرُ الرَّسُولِ لِكُلِّ نَاذِرِ طَاعَة

بوَفَائِهِ بِالنَّذرِ بِالإحسَانِ

وَصَلاَتُنَا فِيهِ بِألفٍ مِن سِوَا

هُ مَا خَلاَ ذَا الحِجرِ وَالأركَانِ

وَكَذَا صَلاَةٌ فِي قُبَا فَكَعُمرَةٍ

فِي أجرِهَا وَالفضلُ لِلمَنَّانِ

فَإذَا أتينَا المَسجِدَ النَّبَوِيَّ صَلَّ

ينَا التَّحِيَّةَ أوَّلاً ثِنتَانِ

بِتَمَامِ أركَانٍ لَهَا وَخُشُوعِهَا

وَحُضُورِ قَلبٍ فِعلَ ذِي الإِحسَانِ

ثُمَّ انثَنَينَا لِلزِيَارَةِ نَقصِدُ ال

قُبرِ الشَّرِيفَ وَلَو عَلَى الأجفَانِ

فَنَقُومَ دُونَ القَبرِ وِقفَةَ خَاضِعٍ

مُتَذَلِّلٍ فِي السِّرِّ وَالإِعلاَنِ

فَكَأنَّهُ فِي القَبرِ حَيٌّ نَاطِقٌ

فَالوَاقِفُونَ نَوَاكِسُ الأذقَانِ

مَلَكَتهُمُ تِلكَ المَهَابَةُ فَاعتَرَت

تِلكَ القَوَائِمَ كَثرَةُ الرَّجفَانِ

وَتَفَجَّرَت تِلكَ العُيُونُ بِمَائِهَا

وَلَطَالَمَا غَاضَت عَلَى الأزمَانِ

وَأتَى المسَلِّمُ بِالسَّلاَمِ بِهَيبَةٍ

وَوَقَارِ ذِي عِلمٍ وَذِي إيمَانِ

لَم يَرقع الأصوَاتَ حَولَ ضَريحِهِ

كَلاَّ وَلم يَسجُد عَلَى الأذقَان

كلاَّ ولَم يُرَ طَائِفاً بِالقَبرِ أُس

بُوعاً كَأنَّ القَبرًَ بَيتٌ ثَانِ

ثُمَّ انثَنَى بِدُعَائِهِ مُتَوَجِّهاً

للهِ نضحوَ البَيتِ ذِي الأركَانش

هَذِي زِيَارَةٌ مَن غَدا مُتَمَسِّكاً

بِشَرِيعَةِ الإِسلاَمِ والإِيمَانِ

مِن أفضَلِ الأعمَالِ هَاتِيكَ الزِّيَا

رَةُ وَهيَ يَومَ الحَشرِ فِي المِيزَانِ

لاَ تَلبِسُوا الحَقَّ الذِي جَاءَت بِهِ

سُنَنُ الرَّسُولِ بِأعظَمِ البُطلاَنِ

هَذِي زِيَارَتُنا وَلَم نُنكِر سِوَى ال

بِدَعِ المُضِلَّةِ يَا أولِي العُدوانِ

وَحَدِيثُ شَدِّ الرَّحلِ نَصٌّ ثَابِتٌ

يَجِبُ المَصِيرُ إليهِ بِالبُرهَانِ

يَا مَن يُرِيدُ نَجَاتَهُ يَومَ الحِسَا

ب مِنَ الجَحِيمِ وَمُوقَدِ النِّيرَانِ

اتبَع رَسُولَ اللهِ فِي الأقوَالِ وَال

أعمَالِ لاَ تَخرُج عَنِ القُرآنِ

وَخُذِ الصَّحِيحَينِ اللَّذَينِ هُمَا لِعِق

دِ الدينِ وَالإِيمَانِ وَاسطَتَانِ

وَاقرَأهُمَا بَعدَ التَّجَرُّدِ مِن هَوىً

وَتَعَصُّبٍ وَحَمِيَّةِ الشَّيطَانِ

واجعَل مَقَالَتَهُ كَبَعضِ مَقَالَةِ ال

أشيَاخِ تَنصُرُهَا بِكُلِّ أوَانِ

وَانصُر مَقَالَتَهُ كَنَصرِكَ لِلذِي

قَلَّدتَهُ مِن غَيرِ مَا بُرهَانِ

قَدِّر رَسُولَ اللهِ عِندَكَ وَحدَهُ

وَالقَولُ مِنهُ إلَيكَ ذُو تِبيَانِ

مَاذَا تَرَى فَرضاً عَلَيكَ مُعَيَّناً

إن كُنتَ ذَا عَقلٍ وَذَا إيمَانِ

عَرضَ الَّذِي قَالُوا عَلَى أقوَالِهِ

أو عَكسَ فَذَانِكَ الأمرَانِ

هِيَ مَفرِقُ الطُّرُقَاتِ بَينَ طَرِيقِنَا

وَطَرِيقِ أهلِ الزِّيغِ وَالعُدوَانِ

قَدِّر مَقَالاَتِ العِبَادِ جَمِيعِهِم

عَدماً وَرَاجِع مَطلَعَ الإِيمَانِ

وَاجعَل جُلُوسَكَ بَينَ صَحبِ مُحَمَّدٍ

وَتَلَقَّ مَعهُم عَنهُ بالإِحسَانِ

وَتَلََقَّ عَنهُم مَا تَلَقَّوهُ هُمُ

عَنهُ مِنَ الإِيمَانِ وَالعِرفَانِ

أفَلَيسَ فِي هَذَا بَلاَغُ مُسَافِرٍ

يَبغِي الإِلَهَ وَجَنَّةَ الحَيَوَانِ

لَولاَ التَّنَافُسُ بَينَ هَذَا الخَلقِ مَا

كَان التَّفَرُّقُ قَدُّ فِي الحُسبَانِ

فَالرَّبُّ رَبٌّ وَاحِدٌ وَكِتَابُهُ

حَقٌّ وَفَهمُ الحَقِّ مِنهُ دَانِ

وَرَسُولُهُ قَد أوضَحَ الحَقَّ المُبِي

نَ بِغَايَةِ الإِيضَاحِ وَالتِّبيَانِ

مَا ثَمَّ أوضَحُ مِن عِبَارَتِهِ فَلاَ

يَحتَاجُ سَامِعُهَا إلَى تِبيَانِ

وَالنُّصحُ مِنهُ فَوقَ كُلِّ نَصِيحَةٍ

وَالعِلمُ مَأخُودٌ عَنِ الرَّحمَنِ

فَلأيَّ شَيءٍ يَعدِلُ البَاغِي الهُدَى

عَن قَولِهِ لَولاَ عَمَى الخُذلانِ

فَالنَّقلُ عَنهُ مُصَدَّقٌ وَالقَولُ مِن

ذِي عِصمَةٍ مَا عِندَنَا قَولاَنِ

وَالعَكسُ عِند سِوَاهُ فِي الأمرَينِ يَا

مَن يَهتَدِي هَل يَستَوِي النَّقلاَنِ

تَاللهِ قَد لاَح الصَّبَاحُ لِمَن لَهُ

عَينَانِ نضحوَ الفَجرِ نَاظِرَتَانِ

وَأخُو العِمَايَةِ فِي عِمَايَتِهِ يَقُو

لُ اللَّيلُ بَعدُ أيَستَوِي الرَّجُلاَنِ

تَاللهِ قَد رُفِعت لَكَ الأعلاَمُ إن

كُنتَ المُشَمِّرَ نِلتَ دَارَ أمَانِ

وَإذَا جَبُنتَ وَكُنتض كَسلاَناً فَمَا

حُرِمَ الوُصُولَ إلَيهِ غَيرُ جَبَانِ

فَاقدِم وَعِد بِالوَصلِ نَفسَكَ وَاه

جُر المَقطُوعَ مَنهُ قَاطِعَ الإِنسَانِ

عَن نَيلِ مَقصِدِهِ فَذَاك عَدُوُّهُ

وَلَو أنَّهُ مِنهُ القَرِيبُ الدَّانِي

يَا قَاعِداً سَارَت بِهِ أنفَاسُهُ

سَيرَ البَرِيدِ وَليسَ بِالذَّمَلاَنِ

حَتَّى مَتَى هَذَا الرُّقَادُ وَقَد سَرَى

وَفدُ المَحَبَّةِ مَع أولِي الإحسَان

وَحَدَت بِهِم عَزَمَاتُهُم نَحوَ العُلَى

لاَ حَادِيَ الرُّكبَانِ وَالأظعَانِ

رَكِبُوا العَزائِمَ وَاعتَلَوا بِظُهُورِهَا

وَسَرَوا فَمَا حَنُّوا إلَى نُعمَانِ

سَارُوا رُوَيداً ثُمَّ جاؤُوا أوَّلاَ

سَيرَ الدَّلِيلِ يَؤُمُّ بِالرُّكبَانِ

سَارُوا بإثبَاتِ الصِّفَاتِ إلَيهِ لاَ التَّ

عطِيلِ وَالتَّحرِيفِ وَالنُّكرَانِ

عَرَفُوهُ بِالأوصَافِ فَامتَلأت قُلُو

بُهُمُ لَهُ بِالحُبِّ وَالإِيمَانِ

فَتَطَايَرَت تِلكَ القُلُوبُ إلَيهش بِال

أشوَاقِ إذ مُلِئَت مِنَ العِرفَانش

وَأشدُّهُم حُبًّا لَهُ أدرَاهُمُ

بِصِفَاتِهِ وَحَقَائِقِ القُرآنِ

فَالحُبُّ يَتبَعُ لِلشُّعُورِ بِحَسبِهِ

يَقوَى وَيَضعُفُ ذَاكَ ذُو تِبيَانِ

وَلِذَاكَ كَان العَارِفُونَ صِفَاتِهِ

أحبَابَهُ هُم أهلُ هَذَا الشّانِ

وَلِذَاكَ كَانَ العَالِمُونَ بِرَبِّهِم

أحبَابَهُ وَبِشَرعَةِ الإِيمَانِ

وَلِذَاكَ كَانَ المُنكِرُونَ لَهَا هُمُ ال

أعدَاءُ حَقًّا هُم أولُو الشَّنآنِ

وَلِذَاكَ كَانَ الجَاهِلُونَ بِعذَا وَذَا

بُغضَاءَهُ حَقًّا ذَوشي شَنَآنِ

وَحَيَاةُ قَلبِ العَبدِ فِي شَيئَينِ مَن

يُرزَقهُمَا يَحيَا مَدَى الأزمَانش

فِي هَذِهِ الدُّنيَا وَفِي الأخرَى يَكُو

نُ الحَيَّ ذَا الرِّضوَانِ وَالإحسَانِ

ذِكرُ الإِلَهِِ وَحُبُّهُ مِن غَيرِ اش

رَاكٍ بِهِ وَهمَا فَمُمتَنِعَانِ

مِن صَاحِبِ التَّعطِيلِ حَقًّا كَامتِنَا

عِ الطَّائِرِ المَقصُوصِ مِن طَيَرَانِ

أيُحِبُّهُ مَن كَانَ يُنكِرُ وَصفَهُ

وَعُلُوَّهُ وَكَلاَمَهُ بِقُرَانِ

لاَ والذِي حَقًّا عَلَى العَرشِ استَوَى

مُتَكَلِّماً بِالوَحيِ وَالفُرقَانِ

اللهُ أكبَرُ ذَاكَ فَضلُ اللهِ يُؤ

تِيهِ لِمَن يَرضَى بِلاَ حُسبَانِ

وَتَرَى المُخَلَّفَ فِي الدِّيَارِ تَقُولُ ذَا

إحدَى الأثَافِي خُصَّ بِالحِرمَانِ

اللهُ أكبَرُ ذَاكَ عَدلُ اللهش يَق

ضِيهِ عَلَى مَن شَاءَ مِن إنسَانِ

وَلَهُ عَلَى هَذَا وَهَذَا الحَمدُ فِي ال

أولَى وَفِي الأخرَى هُمَا حَمدَانِ

حَمدٌ لِذَاتِ الرَّبِّ جَلَّ جَلاَلُهُ

وَكَذَاكَ حَمدُ العَدلِ وَالإِحسَانِ

يَا مَن تَعِزُّ عَلَيهِمُ أرواحُهُم

وَيَرَونَ غَبناً بَيعَهَا بِهَوَانِ

وَيرَونَ خُسرَاناً مُبِيناً بَيعَهَا

فِي إثرِ كُلِّ قَبِيحَةٍ وَمُهَانِ

وَيَرَونَ مَيدَانَ التَّسَابُقِ بَارِزاً

فَيُتَارِكُونَ تَقَحُّمَ المَيدَانِ

وَيَرَونَ أنفَاسَ العِبَادِ عَلَيهِمُ

قَد أحصِيَت بِالعَدِّ وَالحُسبَان

وَيَرَونَ أنَّ أمَامَهُم يَومَ اللِّقَا

للهِ مَسألتَانِ شَامِلَتَانِ

مَاذَا عَبَدتُم ثُمَّ مَاذَا قَد أجَب

تُم مَن أتَى بِالحَقِّ وَالبُرهَانِ

هَاتُوا جَوَاباً لِلسُّؤالِ وَهَيِّئُوا

أيضاً صَوَاباً لِلجَوَابِ يَدَانِ

وَتَيَقَّنُوا أن لَيسَ يُنجِيكُم سِوَى

تَجرِيدِكُم لِحَقَائِقِ الإِيمَانِ

تَجرِيدُكُم تَوحِيدَهُ سُبحَانَهُ

عَن شِركَةِ الشَّيطَانِ والأوثَانِ

وَكَذَاكَ تَجرِيدُ اتِّبَاعِ رَسُولِهِ

عَن هَذِهِ الآراءِ وَالهَذَيَانِ

وَاللهِ مَا يَنجِي الفَتَى مِن رَبِّهِ

شَيءٌ سِوَى هَذَا بِلاَ رَوغَانِ

يَا رَبِّ جَرِّد عَبدَكَ المِسكِينَ رَا

جِي الفَضلِ مِنكَ أضعَفَ العُبدَانش

لَم تَنسَهُ وَذَكَرتَهُ فَاجعَلهُ لاَ

يَنسَاكَ أنتض بَدَأتَ بالإحسَانِ

وَبِهِ خَتَمتَ فَكُنتَ أولَى بِالجَمِي

لِ وَبِالثَّنَاءِ مِنَ الجَهُولِ الجَانِي

فَالعَبدُ لَيسَ يَضِيعُ بَينَ فَوَاتِحٍ

وَخَوَاتِمٍ مِن فَضلِ ذِي الغُفرَانِ

أنتَ العَلَيمُ بِهِ وَقَد أنشَأتَهُ

مِن تُربَةٍ هِيَ أضعَفُ الأركَانِ

كُلُّ عَلَيهَا قَد عَلاَ وَهَوت إلَى

تَحتِ الجَمِيعِ بشذِلَّةٍ وَهَوانِ

وَعَلَت عَلَيهَا النَّارُ حَتَّى ظُنَّ أن

يَعلُو عَلَيهَا الخَلقُ مِن نِيرَانِ

وَأتَى إلَى الأبَوَينِ ظَنًّا أنَّهُ

سَيُصَيِّرُ الأبَوَينِ تَحتَ دُخَانِ

فَسَعَت إلَى الأبَوَينِ رَحمَتُكَ الَّتِي

وَسِعَتهُمَا فَعَلاَ بِكَ الأبَوَانِ

هَذَا وَنحنُ بَنُوهُمَا وَحُلُومُنَا

فِي جَنبِ حِلمِهِمَا لَدَى المِيزَانِ

جُزءٌ يَسِيرٌ وَالعَدُوُّ فَوَاحِدٌ

لَهُمَا وَعدَانَا بِلاَ حُسبَانِ

وَالضَّعفُ مُستَولٍ عَلَينَا مِن جمِي

عِ جِهَاتِنا سِيمَا مِنَ الإِيمَانِ

يَارَبُّ فَانصُرنَا عَلَى الشَّيطَانِ لَي

َسَ لَنَا بِهِ لَولاَ حِمَاكَ يَدَانِ

وَالفَرقُ بَينَكُمُ وَبَينَ خُصُومِكُم

مِن كُلِّ وَجهٍ ثَابِتٌ بِبَيَانِ

مَا أنتُمُ مِنهُم وَلاَ هُم مِنكُمُ

شَتَّانَ بَينَ السَّعدِ وَالدَّبَرَانِ

فَإذَا دَعَونَا لِلقُرآنِ دَعَوتُمُ

لِلرَّأيِ أينَ الرَّأيُ مِن قُرآنِ

وَإذَا دَعَونَا لِلحَدِيثِ دَعَوتُمُ

أنتُم إلَى تَقلِيدِ قَولِ فُلاَنِ

وَكَذَا تَلَقَّينَا نُصُوصَ نَبِيِّنَا

بِقَبُولِهَا بِالحَقِّ وَالإِذعَانِ

مِن غَيرِ تَحرِيفٍ وَلاَ جَحدٍ وَلاَ

تَفوِيضِ ذِي جَهلٍ بِلاَ عِرفَانِ

لَكِن بِإعرَاضٍ وَتَجهِيلٍ وَتَا

وِيلٍ تَلَقَّيتُم مَعَ النُّكرَانِ

أنكَرتُمُوهَا جَهدَكُم فَإذَا أتَى

مَا لاَ سَبِيلَ لَهُ إلَى نُكرَانِ

أعرَضتُمُ عَنهُ وَلَم تَستَنبِطُوا

مِنهُ هُدًى لِحَقَائِقِ الإِيمَانِ

فَإذَا ابتُلِيتُم مُكرِهِينَ بِسَمعِهَا

فَوَّضتُمُوهَا لاَ عَلَى العِرفَانِ

لَكِن بِجَهلٍ لِلَّذِي سِيقَت لَهُ

تَفوِيضَ إعرَاضٍ وَجَهلِ مَعَانِ

فَإذَا ابتُلِيتُم بِحتِجَاجِ خُصُومِكُم

أولَيتُمُوهَا دَفعَ ذِي صَوَلاَنِ

فَالجَحدُ وَالإِعرَاضُ وَالتَّأوِيلُ وَالتَّ

جهِيلُ حَظُّ النَّصِّ عِندَ الجَانِي

لَكِن لَدَينَا حَظُّهُ التَّسلِيمُ مَع

حُسنِ القَبُولِ وَفَهمش ذِي الإِحسَانِ

وَلَنَا الحَقِيقَةُ مِن كَلاَمِ إلَهِنَا

وَنَصِيبُكُم مِنهُ المَجَازُ الثَّانِي

وَقَوَاطِعُ الوَحيَينِ شَاهِدَةٌ لَنَا

وَعَلَيكُمُ هَل يَستَوِي الأمرَانِ

وَأدِلَّةُ المَعقُولِ شَاهِدَةٌ لَنَا

أيضاً فَقَاضُونَا إلَى البُرهَانِ

وَكَذَاكَ فِطرَةُ رَبِّنَا الرَّحمَنِ شَا

هِدَةٌ لَنَا أيضاً شُهُودَ بَيَانِ

وَكَذَاكَ إجمَاعُ الصَّحَابَة وَالألَى

تَبِعُوهُمُ بِالعِلمِ وَالإِحسَانِ

وَكَذاكَ إجمَاعُ الأئِمَةِ بَعدَهُم

هَذَا كَلاَمُهُم بِكُلِّ مَكَانش

هَذِي الشُّهُودُ فَهَل لَدَيكُم أنتُمُ

مِن شَاهدٍ بِالنَّفيِ وَالنُّكرَانِ

وَجَنُودُنَا مَن قَد تَقَدَّمَ ذِكرُهُم

وَجُنُودُكُم فَعَسَاكِرُ الشَّيطَانِ

وَخِيَامُنَا مَضرُوبَةٌ بِمَشَاعِرِ ال

وَحيَينِ مِن خََبَرٍ وَمِن قُرآنِ

وَخِيَامُكُم مَضرُوبَةٌ بِالتِّيهِ فَالسُّ

كَّانُ كُلُّ مُلَدَّدٍ حَيرَانِ

هَذِي شَهَادَتُهُم عَلَى مَحصُولِهِم

عِندَ المَمَاتِ وَقَولُهُم بِلِسَانش

وَاللهُ يَشهَدُ أنَّهُم أيضاً كَذَا

تَكفِي شَهَادَةُ رَبِّنَا الرَّحمَنِ

وَلَنَا المَسَانِدُ وَالصِّحَاحُ وَهَذِهِ السُّ

نَنُ الَّتِي نابَت عَنِ القُرآنِ

وَلَكُم تَصَانِيفُ الكَلامِ وَهذِهِ ال

آرَاءُ وَهيَ كَثِيرَةُ الهَذَيَانِ

شُبَهٌ يُكَسِّرُ بَعضُهَا بَعضاً كَبَي

تٍ مِن زَجَاجٍ خَرَّ للأركَانِ

هَل ثَمَّ شَيءٌ غَيرَ رَأيٍ أو كَلاَ

مٍ بَاطِلٍ أو مَنطِقِ اليُونَانِ

وَنَقُولُ قَالَ اللهُ قَالَ رَسُولُهُ

فِي كُلِّ تَصنِيفٍ وَكُلِّ مَكَانِ

لَكِن تَقُولُوا قَالَ أرَسطُو وَقَا

لَ ابنُ الخَطِيبِ وَقَالَ ذُو العِرفَانِ

شَيخٌ لَكُم يُدعَى ابنَ سِينَا لَم يَكُن

مُتَقَيِّداً بالدِّينِ وَالإِيمَانِ

وَخِيَارُ مَا تَأتُونَ قَالَ الأش

عَرِيُّ وَتَشهَدُونَ عَلَيهِ بِالبُهتَانِ

فَالأشعَرِيُّ مُقَرِّرٌ لِعُلُوِّ رَبِّ

العَرشِ فَوقَ جَمِيعِ ذِي الأكوَانِ

فِي غَايَةِ التَّقرِيرِ بِالمَعقُولِ وَال

مَنقُولِ ثُمَّ بِفِطرَةِ الرَّحمَنِ

هَذَا وَنَحنُ فَتَارِكُو الآراءِ لِلنَّ

قلِ الصَّحِيحِ مُفَسِّرِ القُرآنِ

لَكِنَّكُم بِالعَكسِ قَد صَرَّحتُمُ

وَوَضَعتُمُ القَانُونَ ذَا البُهتَانِ

وَالنَّفيُ عِندَكُمُ علَى التَّفصِيلِ وَال

إثبَاتُ إجمَالاً بِلاَ نُكرَانِ

وَالمُثبِتُونَ طَرِيقُهُم نَفيٌ عَلَى ال

إجمَالِ وَالتَّفصِيلِ  بِالتِّبيَانِ

فَتَدَبَّرُوا القُرآنَ مَع مَن مِنكُمَا

وَشَهَادَةَ المَبعُوثِ بِالقُرآنِ

وَعَرَضتُمُ قَولَ الرَّسُولِ عَلَى الَّذِي

قَالَ الشُّيُوخُ وَمُحكَمَ الفُرقَانِ

فَالمُحكَمُ النَّصُّ المُوافِقُ قَولَهُم

لاَ يَقبَلُ التَّأوِيلَ فِي الأذهَانِ

لَكِنَّمَا النَّصُّ المُخَالِفُ قَولَهُم

مُتَشَابِهٌ مُتَأوَّلٌ بِمَعَانِ

وَإذَا تَأدَّبتُم تُقُولُوا مُشكِلٌ

أفَوَاضِحٌ يَا قَومُ رَأيُ فُلاَنِ

وَالله لَو كَانَ المُوَافِقَ لَم يَكُن

مُتَشَابِهاً مُتَأوَّلاً بِلِسَانِ

لَكِن عَرَضنَا نَحنُ أقوَالَ الشُّيُو

خِ عَلَى الَّذِي جَاءَت بِهِ الوَحيَانِ

مَا خَالَفَ النَّصَّينِ لَم نَعبَأ بِهِ

شَيئاً وَقُلنَا حَسبُنَا النَّصَّانِ

وَالمُشكِلُ القَولُ المُخَالِفُ عِندَنَا

فِي غَايَةِ الإِشكَالِ لاَ التِّبيَانِ

وَالعَزلُ وَالإبقَاءُ مَرجِعُهُ إلَى ال

آرَاءِ عِندَكُمُ بِلاَ كِتمَانِ

لَكِن لَدَينَا ذَاكَ مَرجِعُهُ إلَى

قَولِ الرَّسُولِ وَمُحكَمِ القُرآنِ

وَالكُفرُ وَالإسلاَمُ عَينُ خِلاَفِهِ

وَوِفَاقِهِ لاَ غَيرُ بالبُرهَانِ

وَالكُفرُ عِندَكُم خِلاَفُ شُيُوخِكِم

وَوِفَاقُهُم فَحَقِيقَةُ الإِيمَانِ

هَذِي سَبِيلُكُم وَتِلكَ سَبِيلُنَا

وَالمَوعِدُ الرَّحمَنُ بَعدَ زَمَانِ

وَهُنَاكَ يُعلَمُ أيُّ حِزبَينَا عَلَى ال

حَقِّ الصَّرِيحِ وَفِطرَةِ الدَّيَّانِ

فَاصبِر قَلِيلاً إنَّمَا هِيَ سَاعَةٌ

فَإذَا أُصِبتَ فَفِي رِضَى الرَّحمَنِ

فَالقَومُ مِثلُكَ يَألمُونَ وَيَصبِرُو

نَ وَصبرُهُم فِي طَاعَةِ الشَّيطَانِ

يَاطَالِبَ الحَقِّ المُبِينِ وَمُؤثِراً

عِلمَ اليَقِينِ وَصِحَّةَ الإِيمَانِ

اسمَع مَقَالَةَ نَاصِحٍ خَبِرَ الذِي

عِندَ الوَرَى مُذ شَبَّ حَتَّى الآنِ

مَازَالَ مُذ عَقَدَت يَدَاهُ إزَارَهُ

قَد شَدَّ مِيزَرَهُ إلَى الرَّحمَنِ

وَتَخَلُّلُ الفَتَرَاتِ لِلعَزَمَاتِ أم

رٌ لاَزِمٌ لِطَبِيعَةِ الإِنسَانش

وَتَوَلُّدُ النُّقصَانِ مِن فَتَرَاتِهِ

أوَ لَيسَ سَائِرُنَا بَنِي النُّقصَانِ

طَافَ المَذَاهِبَ يَبتَغِي نوراً لِيَه

دِيَهُ وَيُنجِيَهُ مِنَ النِّيرَانِ

وَكَأنَّهُ قَد طَافَ يَبغِي ظُلمَةَ اللَّي

يلِ البَهِيمِ وَمَذهَبَ الحَيرَانِ

وَاللَّيلُ لاَ يَزدَادُ إلاَّ قَوَّةً

وَالصُّبحُ مَقهُورٌ بِذَا السُّلطَانِ

حَتَّى بَدَت فِي سَيرِهِ نَارٌ عَلَى

طَودِ المَدِينَةِ مَطلَعِ الإِيمَانِ

فَأتَى لِيَقبِسَهَا فَلَم يُمكِنهُ مَع

تِلكَ القُيُودِ مَنَالُهَا بِأمَانِ

لَولاَ تَدَارَكَهُ الإِلَهُ بِلُطفِهِ

وَلَّى عَلَى العَقِبَينِ ذَا نُكصَانِ

لَكِن تَوَقَّفَ خَاضِعاً مُتَذَلِلاً

مُستَشعِرَ الإِفلاَسِ مِن أثمَانِ

فَأتَاهُ جُندٌ حَلَّ عَنهُ قُيُودَهُ

فَامتَدَّ حِينَئِذٍ لَهُ البَاعَانِ

وَاللهِ لَولاَ أن تُحَلَّ قُيُودُهُ

وَتَزُولَ عَنهُ رِبقَةُ الشَّيطَانِ

كَانَ الرُّقِيُّ إلَى الثُّرَيَّا مُصعِداً

مِن دُونِ تِلكَ النَّارِ فِي الإِمكَانِ

فَرَأى بِتِلكَ النَّارِ آطَامَ المَدِي

نَةِ كَالخِيَامِ تَشُوفُهَا العَينَانِ

وَرَأى عَلَى طُرُقَاتِهَا الأعلاَمَ قَد

نُصِبَت لأجلِ السَّالِكِ الحَيرَانِ

وَرَأى هُنَالِكَ كُلَّ هَادٍ مُهتَدٍ

يَدعُو إلَى الإِيمَانِ وَالإيقَانِ

فَهُنَاكَ هَنَّأ نَفسَهُ مُتَذَكِّراً

مَا قَالَهُ المُشتَاقُ مُنذُ زَمَانِ

وَالمُستَهَامُ عَلَى المَحَبَّةِ لَم يَزل

حَاشَا لِذِكرَاكُم مِنَ النِّسيَانِ

لَو قِيلَ مَا تهوَى لَقَالَ مُبَادِراً

أهوَى زِيَارَتَكُم عَلَآ الأجفَانِ

تَاللهِ إن سمَحَ الزَّمَانُ بِقُربِكُم

وَحَلَلتُ مِنكُم بِالمَحَلِّ الدَّانِي

لأُعَفِّرَنَّ الخَدَّ شُكراً فِي الثَّرَى

وَلأكحَلَنَّ بِتُربِكُم أجفَانِي

إن رُمتَ تُبصِرُ مَا ذَكَرتُ فَغُضَّ طَر

فاً عَن سِوَى الآثارِ وَالقُرآنِ

وَاترُك رُسُومَ الخَلقِ لاَ تَعبأ بِهَا

فِي السَّعدِ مَا يُغنِيكَ عَن دَبَرَانِ

حَدِّق لِقَلبِكَ فِي النُّصُوصِ كَمِثلِ مَا

قَد حَدَّقُوا فِي الرَّأيِ طُولَ زَمَانِ

وَاكحَل جُفُونَ القَلبِ بِالوَحيَينِ وَامح

ذَر كُحلَهُم يَا كَثرَةَ العُميَانِ

فَاللهُ بَيَّنَ فِيهِمَا طُرُقَ الهُدَى

لِعِبَادِهِ فِي أحسَنِ التِّبيَانِ

لَم يُحوِجِ اللهُ الخَلاَئِقَ مَعهُمَا

لِخَيَالِ فَلتَانٍ وَرَأيُ فُلاَنِ

فَالوَحيُ كَافٍ لِلَّذِي يُعنَى بِهِ

شَافٍ لِدَاءِ جَهَالَةِ الإِنسَانِ

وَتَفَاوُتُ العُلَمَاءِ فِي أفهَامِهِم

لِلوَحيِ فَوقَ تَفَاوُتِ الأبدَانِ

وَالجَهلُ دَاءٌ قَاتِلٌ وَشِفَاؤُهُ

أمرَانِ فِي التَّركِيبِ مُتَّفِقَانِ

نَصٌّ مِنَ القُرآنِ أو مِن سُنَّةٍ

وَطَبِيبُ ذَاكَ العَالَمُ الرَّبَّانِي

وَالعِلمُ أقسَامُ ثَلاَثٌ مَا لَهَا

مِن رَابِعٍ وَالحَقُّ ذُو تِبيَانِ

عِلمٌ بِأوصَافِ الإِلَهِ وَفِعلِهِ

وَكَذَلِكَ الأسمَاءُ لِلرَّحمَنِ

وَالأمرُ وَالنَّهيُ الذِي هُوَ دِينُهُ

وَجَزَاؤهُ يَومَ المَعَادِ الثَّانِي

وَالكُلُّ فِي القُرآنِ وَالسُّنَنِ الَّتِي

جَاءَت عَنِ المَبعُوثِ بالفُرقَان

وَاللهِ مَا قَالَ امرُؤٌ مُتَحَذلِقٌ

بِسِوَاهُمَا إلاَّ مِنَ الهذَيَانِ

إن قُلتُمُ تَقرِيرُهُ فَمُقَرِّرٌ

بِأتَمِّ تَقرِيرٍ مِنَ الرَّحمَنِ

أو قُلتُمُ إيضَاحُهُ فَمُبَيِّنٌ

بِأتَمِّ إيضَاحٍ وَخَيرِ بَيَانِ

أو قُلتُمُ إيجَازُهُ فَهُوَ الَّذِي

فِي غَايَةِ الإِيجَازِ وَالتِّبيَانِ

أو قُلتُمُ مَعنَاهُ هَذَا فَاقصُدُوا

مَعنَى الخِطَابِ بِعَينِهِ وَعِيَانِ

أو قُلتُمُ نَحنُ التَّزَاجِمُ فاقصُدوا ال

مَعنى بِلاَ شَطَطٍ وَلاَ وَلاَ نُقصَانِ

أو قُلتُمُ بِخِلاَفِهِ فَكَلاَمُكُم

فِي غَايَةِ الإِنكَارِ وَالبُطلاَنِ

أو قُلتُمُ قِسنَا عَلَيهِ نَظِيرَهُ

فَقِيَاسُكُم نَوعَانِ مُختَلِفَانِ

نَوعٌ يُخَالِفُ نَصَّهُ فَهُوَ المُحَا

لُ وَذَاكَ عِندَ اللهِ ذُو بُطلاَنِ

وَكَلاَمُنَا فِيهِ وَلَيسَ كَلاَمُنَا

فِي غَيرِهِ أعنِي القِيَاسَ الثَّانِي

مَا لاَ يُخَالِفُ نَصَّهُ فَالنَّاسُ قَد

عَمِلُوا بِهِ فِي سَائِرِ الأحيَانِ

لَكِنَّهُ عِندَ الضَّرُورَةِ لاَ يُصَا

رُ إلَيهِ إلاَّ بَعدض ذَا الفُقدَانِ

هَذَا جَوَابُ الشَّافِعِي لأحمَدٍ

للهِ دَرُّكَ مِن إمَامِ زَمَانِ

فضإذَا رَأيتَ النَّصَّ عَنهُ سَاكِتاً

فَسُكُوتُهُ عَفوٌ مِنَ الرَّحمَنِ

وَهَوَ المُبَاحُ إبَاحَةَ العَفوِ الذِي

مَافِيهِ مِن حَرَجٍ وَلاَ نُكرَانِ

فَأضِف إلَى هَذَا عُمُومَ اللَّفظِ وَال

مَعنَى وَحُسنَ الفِهمِ فِي القُرآنِ

فَهُنَاكَ تُصبِحُ فِي غِنًى وَكِفَايَةٍ

عَن كُلِّ ذِي رَأيٍ وَذِي حُسبَانِ

وَمُقَدَّرَاتُ الذَّهنِ لَم يُضمَن لَنَا

تِبيَانُها بِالنَّصِّ وَالقُرآنِ

وَهِيَ الَّتِي فِيهَا اعترَاكَ الرَّأيِ مِن

تَحتش العَجَاجِ وَجَولَةِ الأذهَانِ

لَكِن هُنَا أمرَانِ لَو تَمَّا لَما اح

تَجنَا إلَيهِ فَحَبَّذَا الأمرَانِ

جَمعُ النًّصُوصِ وَفَهمُ مَعنَاهَا المُرَا

دِ بِلَفظِهَا وَالفَهمُ مَرتَبَتَانِ

إحدَاهُمَا مَدلُولُ ذَاكَ اللَّفظِ وَض

عاً أو لُزُوماً أبَداً لَهُ طَرَفَانِ

فَالشَّيءُ يَلزَمُهُ لَوَازِمُ جَمَّةٌ

عِندَ الخَبِيرِ بِهِ وَذِي العِرفَانِ

فَبِقَدرِ ذَاكَ الخُبرِ يُحصِي مِن لَوَا

زِمِهِ وَهَذا وَاضِحُ التِّبيَانِ

وَلِذَاكَ مَن عَرَفَ الكِتَابَ حَقِيقَةً

عَرَفَ الوُجُودَ جَمِيعَهُ بِبَيَانِ

وَكَذَاكَ يَعرِفُ جُملةَ الشَّرعِ الَّذِي

يَحتَاجُهُ الإِنسَانُ كُلَّ زَمَانِ

عِلماً بِتَصِيلٍ وَعِلماً مُجمَلاً

تَفصِيلُهُ أيضاً بِوَحيٍ ثَانِ

وَكِلاَهُمَا وَحيَانِ قَد ضَمِنَا لَنَا

أعلَى العُلُومِ بِغَايَةِ التِّبيَانِ

وَلَذَاكَ يُعرَفُ مِن صِفَاتِ اللهِ وَال

أفعَالِ والأسمَاءِ ذِي الإِحسَانِ

مَا لَيسَ يُعرَفُ مِن كِتَابٍ غَيرِهِ

أبدَاً وَلاَ مَا قَالَتِ الثَّقَلاَنِ

وَكَذَاكَ يَعرِفُ مِن صِفَاتِ البَعثِ بِالتَّ

فصِيلش وَالإجمَالِ فِي القُرآنِ

مَا يَجعَلُ اليَومَ العَظِيمَ مُشَاهَداً

بِالقلبِ كَالمَشهُودِ رَأيَ عِيَانِ

وَكَذَاكَ يُعرَفُ مِن حَقِيقَةِ نَفسِهِ

وَصِفَاتِهَا بِحَقِيقَةِ العِرفَانِ

يَعرِف لَوازِمَهَا وَيَعرِفُ كَونَها

مَخلُوقَةً مَربُوبَةً بِبَيَانِ

وَكَذَاكَ يَعرِفُ مَا الَّذِي فِيهَا مِنَ ال

حَاجَاتِ وَالإعدَامِ وَالنُّقصَانِ

وَكَذَاكَ يَعرِفُ رَبَّهُ وَصِفَاتِهِ

أيضاً بِلاَ مِثلٍ وَلاَ نُقصَانِ

وَهُنَا ثَلاَثَةُ أوجُهٍ فَافطَن لَهَا

إن كُنتَ ذَا عِلمٍ وَذَا عِرفَانِ

بِالضِّدِّ والأولَى كَذَا بِالإمتِنَا

عِ لِعِلمِنَا بِالنَّفسِ وَالرَّحمَنِ

فَالضِّدُّ مَعرِفَةُ الإِلَهِ بِضِدِّ مَا

فِي النَّفسِ مِن عَيبٍ وَمِن نُقصَانِ

وَحَقِيقَةُ الأولَى ثُبُوتُ كَمَالِهِ

إذ كَانَ مُعطِيهِ عَلَى الإِحسَانِ

وَكِفَايَةُ النَّصَّينِ مَشرُوطٌ بِتَج

رِيدِ التَّلَقَى عَنهُمَا لمَعَانِ

وَكَذَاكَ مَشرُوطٌ بِخَلعِ قُيُودِهِم

فَقُيُودُهُم غِلٌّ إلَى الأذقَانِ

وَكَذَاكَ مَشرُوطٌ بِهَدمِ قَوَاعِدٍ

مَا أنزِلَت بِبَيَانِهَا الوَحيَانِ

وَكَذَاكَ مَشرُوطٌ بِإقدَامٍ عَلَى ال

آرَاءِ إن عَرِيَت عَنِ البُرهَانِ

بِالرَّدِّ وَالإبطَالِ لاَ تَعبَأ بِهَا

شَيئاً إذَا مَا فَاتَهَا النَّصَّانِ

لَولاَ القَوَاعِدُ وَالقُيُودُ وَهَذِهِ ال

آرَاءُ لاتَّسَعَت عُرَى الإِيمَانِ

لَكِنَّهَا وَاللهِ ضَيِّقَةُ العُرَى

فَاحتَاجَتِ الايدِي لِذَاكَ تَوَانِ

وَتَعَطَّلَت مِن أجلِهَا وَاللهِ أع

دَادٌ مِنَ النَّصَّينِ ذَاتُ بَيَانِ

وَتَضَمَّنَت تَقيِيدَ مُطلَقِهَا وَإط

لاَقِ المُقَيَّدِ وَهوَ ذُو مِيزَانِ

وَتَضَمَّنَت تَخصِيصَ مَا عَمَّتهُ وَالتَّ

عمِيمُ لِلمَخصُوصِ بالأعيَانِ

وَتَضَمَّنَت تَفرِيقَ مَا جَمَعَت وَجَم

عاً لِلَّذِي وَسَمَتهُ بِالفُرقَانِ

وَتَضَمَّنَت تَضيِيقَ مَا قَد وَسَّعَت

هُ وَعَكسَهُ فَلتَنظُرِ الأمرَانِ

وَتَضَمَّنَت تَحلِيلَ مَا قَد حَرَّمَت

هُ وَعكسَهُ فَلتَنظُرِ النَّوعَانِ

سَكَتَت وَكَانَ سُكُوتُهَا عَفواً فَلَم

تَعفُ القَوَاعِدُ بِتَّسَاعِ بِطَانِ

وَتَضَمَّنَت إهدَارَ ما اعتَبَرَت كًَذَا

بِالعَكسِ وَالأمرَانِ مَحذُورَانِ

وَتَضَمَّنَت أيضاً شُرُوطاً لَم تَكُن

مَشرُوطَةً شَرعاً بِلاَ بُرهَانِ

وَتَضَمَّنَت أيضاً مَوَانِعَ لَم تَكُن

مَمنُوعَةً شَرعاً بِلاَ تِبيَانِ

إلاَّ بِأقيسَةٍ وَآرَاءٍ وَتَقلِي

دٍ بِلا عِلمٍ أو استِحسَانِ

عَمَّن أتَت هَذِي القَوَاعِدُ مِن جَمِي

عِ الصَّحبِ والأتبَاعِ بِالإحسَانِ

مَا أسَّسُوا إلاَّ اتِّبَاعَ نَبِيِّهِم

لاَ عَقلَ فَلتَانٍ وَرَأيَ فُلاَنِ

بَل أنكَرُوا الآرَاءَ نُصحاً مِنهُمُ

للهِ وَالدَّاعِي وَلِلقُرآنِ

أوَ لَيسَ فِي خُلفٍ بِهَا وَتَنَاقُضٍ

مَا دَلَّ ذَا لُبٍّ وَذَا عِرفَانِ

وَالله لَو كَانَت مِنَ الرَّحمَنِ مَا اخ

تَلَفَت وَلاَ انتَقَضَت مَدَى الأزمَانِ

شُبَهٌ تَهَافَتُ كَالزُّجَاجِ تَخَالُهَا

حَقًّا وَقَد سَقَطَت عَلَى صَفوَانِ

وَاللهُ لاَ يَرضَى بِهَا ذُو هِمَّةٍ

عَليَاءَ طَالِبَةٍ لِهَذَا الشَّانِ

فَمِثَالُهَا وَالله فِي قَلبِ الفَتَى

وَثَبَاتِهَا فِي مَنبَتِ الإِيمَانِ

كَالزَّرعِ يَنبُتُ حَولَهُ دَغَلٌ فَيَم

نَعُهُ النَّمَا فَتَرَاهُ ذَا نُقصَانِ

وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ فِي قَلبِ الفتَى

غَرسٌ مِنَ الرَّحمَنِ فِي الإِنسَانِ

وَالنَّفسُ تُنبِتُ حَولَهُ الشَّهَوَاتِ وَالشُّ

بُهَاتِ وَهيَ كَثِيرَةُ الأفنَانِ

فَيَعُودُ ذَاك الغَرسُ يَبساً ذَاوِياً

أو نَاقِصَ الثَّمَرَاتِ كُلَّ أوَانِ

فَتَرَاهُ يَحرُثُ دَائِباً وَمَغَلُّهُ

نَزرٌ وَذَا مِن أعظَمِ الخُسرَانِ

وَالله لَو نَكَشَ النَّبَاتَ وَكَانَ ذَا

بَصَرٍ لِذَاكَ الشَّوكِ وَالسَّعدَانِ

لأتَى كَأمثَالِ الجِبَالِ مَغَلُّهُ

وَلَكَانَ أضعَافاً بِلاَ حُسبَانِ

هَذَا وَلَيس الطَّعنُ بِالإطلاقِ فِي

هَا كُلِّهَا فِعلَ الجَهُولِ الجَانِي

بَل فِي الَّتِي قَد خَالَفَت قَولض الرَّسُو

لِ وَمُحكَمَ الإِيمَانِ وَالفُرقَانِ

أو فِي التِي مَا أنزَلَ الرَّحمَنُ فِي

تَقرِيرِهَا يَا قَومُ مِن سُلطَانِ

فَهِيَ التِي كَم عَطَّلَت مِن سُنَّةٍ

بَل عَطَّلَت مِن مُحَكَمِ القُرآنِ

هَذَا وَنَرجُو أنَّ وَاضِعَهَا فَلاَ

يَعدُوهُ أجرٌ أو لَهُ أجرَانِ

إذ قَالَ مَبلَغُ عِلمِهِ مِن غَيرِ إي

جَابِ القَبُولِ لَهُ عَلَى إنسَانِ

بَل قَد نَهَانَا عَن قَبُولِ كَلاَمِهِ

نَصًّا بِتَقلِيدٍ بِلاَ بُرهَانِ

وَكَذَاكَ أوصَانَا بِتَقدِيمِ النُّصُو

صِ عَلَيهِ مِن خَبَرٍ وَمِن قُرآنِ

نَصَحَ العِبَادَ بِذَا وَخَلَّصَ نَفسَهُ

عِندَ السُّؤالِ لَهَا مِنَ الدَّيَّانِ

وَالخَوفُ كُلُّ الخَوفِ فَهُوَ عَلَى الذِي

تَرَكَ النُّصُوصَ لأجلِ قَول فُلاَنِ

وَإذَا بَغَى الإِحسَانَ أوَّلَهَا بِمَا

لَو قَالَهُ خَصمٌ لَهُ ذُو شَانِ

لَرَمَاهُ بِالدَّاءِ العُضَالِ مُنَادِياً

بِفَسَادِ مَا قَد قَالَهُ بِأذَانِ

وَلَوَازِمُ المَعنَى تُرَادُ بِذِكرِهِ

مِن عَارِفٍ بِلُزُومِهَا الحَقَّانِ

وَسِوَاهُ لَيسَ بِلاَزِمٍ فِي حَقِّهِ

قَصدُ اللَّوَازِمِ وَهيَ ذَاتُ بَيَانِ

إذ قَد يَكُونُ لُزُومُهَا المَجهُولُ أو

قَد كَانَ يَعلَمُهُ بِلاَ نُكرَانِ

لَكِن عَرَتهُ غَفلَةٌ بِلُزُومِهَا

إذ كَانَ ذَا سَهوٍ وَذَا نِسيَانِ

وَلِذَاكَ لَم يَكُ لاَزِماً لِمَذَاهِبِ ال

عُلَمَاءِ مَذهَبُهُم بِلاَ بُرهَانِ

فَالمُقدِمُونَ عَلَى حِكَايَةِ ذَاكَ مَذ

هَبُهُم أولُو جَهلٍ مَعَ العُدوَانِ

لاَ فَرقَ بَينَ ظُهورِهِ وَخَفَائِهِ

قَد يَذهَلُونَ عَنِ اللُّزُومِ الدَّانِي

سِيَمَا إذَا مَا كَانَ لَيسَ بِلاَزِمٍ

لَكِن يُظَنُّ لُزُومُهُ بِجَنَانِ

لاَ تَشهَدُوا بِالزُّورِ وَيلَكُمُ عَلَى

مَا تُلزِمُونَ شَهَادَةَ البُهتَانِ

فَلِذَا دَلاَلاَتُ النُّصُوصِ جَلِيَّةٌ

وَخَفِيةٌ تَخفَى عَلَى الأذهَانِ

وَاللهُ يَرزُق مَن يَشَاءُ الفَهمَ فِي

آيَاتِهِ رِزقاً بِلاَ حُسبَانِ

وَاحذَر حِكَايَاتٍ لأربَابش الكَلاَ

مِ عَنِ الخُصُومِ كَثِيرَةِ الهَذَيَانِ

فَحَكَوا بِمَا ظَنُّوهُ يَلزَمُهُم فَقَا

لُوا مَذهَبُهُم بِلاَ بُرهَانِ

كَذَبُوا عَلَيهشم بَاهِتِينَ لَهُم بِمَا

ظَنُّوهُ يَلزَمُهُم مِنَ البُهتَانِ

فَحَكَى المُعَطِّلُ عَن أولِي الإِثبَاتِ قَو

لَهُمُ بِأنَّ اللهَ ذُو جُثمَانِ

وَحَكَى المُعَطِّلُ أنَّهُم قَالُوا بِأنَّ

الله لَيسَ يُرَى لَنَا بِعِيَانِ

وَحَكَى المُعَطِّلُ أنَّهُم قَالُوا يَجُو

زُ كَلاَمُهُ مِن غَيرِ قَصدِ مَعَانِ

وَحَكَى المُعَطِّلُ أنَّهُم قَالُوا بِتَح

يِيزِ الإِلَهِ وَحَصرِهِ بِمَكَانِ

وَحَكَى المُعَطِّلُ أنَّهُم قَالُوا لَهُ ال

أعضَاءُ جَلَّ الله عَن بُهتَانِ

وَحَكَى المُعَطِّلُ أنَّ مَذهَبَهُم هُوَ التَّش

بِيهُ لِلخَلاَّقِ بِالإنسَانِ

وَحكَى المُعَطِّلُ عَنهُمُ مَا لَم يَقُو

لُوهُ وَلاَ أشيَاخُهُم بِلِسَانِ

ظَنَّ المُعَطِّلُ أنَّ هَذَا لاَزِمٌ

فَلِذَا أتَى بِالزُّورِ وَالعُدوَانِ

فَعَلَيهِ فِي هَذَا مَحَاذِيرٌ ثَلاَ

ثٌ كُلُّهَا مُتَحَقّقُ البُطلاَنِ

ظَنُّ اللُّزُومِ وَقَذفُهُم بِلُزُومِهِ

وَتَمَامث ذَاكَ شَهَادَةُ الكُفرَانِ

يَا شَاهِداً بِالزُّورِ وَيلَكَ لَم تَخَف

يَومَ الشَّهَادَةِ سَطوَةَ الدَّيَّانِ

يَا قَائِلَ البُهتَانِ غَطِّ لَوَازِماً

قَد قُلتَ مَلزُومَاتِهَا بِبَيَانِ

وَاللهِ لاَزمُهَا انتِفَاءُ الذَّاتِ وَال

أوصَافِ وَالأفعَالِ للرَّحمَنِ

وَاللهِ لاَزِمُهَا انتِفَاءُ الدِّينِ وَال

قُرآنِ وَالإسلاَمِ وَالإِيمَانِ

وَلُزُومُ ذَلِكَ بَيِّنٌ جِدَّا لِمَن

كَانَت لَهُ أذُنَانِ وَاعِيَتَانِ

وَاللهِ لَولاَ ضِيقُ هَذَا النَّظمِ بَيَّ

نتُ اللُّزُومَ بِأوضَحِ التِّبيَانِ

وَلَقَد تَقَدَّمَ مِنهُ مَا يَكفِي لِمَن

كَانَت لَهُ عَينَانِ نَاظِرَتَانِ

إنَّب الذَّكِيَّ بِبَعضِ ذَلِكض يَكتَفِي

وَأخُو البَلاَدَةِ سَاكِنُ الجَبَّانِ

يَا قَومَنَا اعتَبَرُوا بِجَهلِ شُيُوخِكُم

بِحَقَائِقِ الإِيمَانِ وَالقُرآنِ

أو مَا سِمِعتُم قَولَ أفضَلِ وَقتِهِ

فِيكُم مَقَالَةَ جَاهِلٍ فَتَّانِ

إنَّ السَّمَوَاتش العُلَى وَالأرضَ قَب

لَ العَرشِ بِالإِجمَاعِ مَخلُوقَانِ

وَاللهِ مضا هَذِي مَقَالَةَ عَالِمٍ

فَضلاً عَنِ الإِجمَاعِ كُلَّ زَمَانِ

مَن قَالَ ذَا قَد خَالَفَ الإِجمضاعَ وَال

خَبَرَ الصَّحِيحض وَظَاهِرَ القُرآنِ

فَانظُر إلَى مَا جَرَّهُ تَأوِيلُ لَفض

ظِ الإِستِوَاءِ بِظَاهِرِ البُطلاَنِ

زَعَمَ المُعَطِّلُ أنَّ تَأوِيلَ استَوَى

بِالخَلقِ وَالإقبَالِ وَضعُ لِسَانِ

كَذَبَ المُعَطِّلُ لَيسَ ذَا لُغَةَ الألَى

قَد خُوطِبُوا بِالوحيِ وَالقُرآنِ

فَأصَارَهُ هَذَا إلَى أن قَالَ خَل

قُ العَرشِ بَعدَ جَمِيعِ ذِي الأكوَانِ

يَهنِيهِ تَكذِيبُ الرَّسُولِ لَهُ وَإج

مَاعِ الهُدَاةِ وَمُحكَمِ القُرآنِ

وَمِنَ العَجَائِبِ أنَّكُم كَفَّرتُمُ

أهلَ الحَدِيثِ وَشِيعَةَ القُرآنِ

إذ خَالَفُوا رَأياً لَهُ رَأيٌ يُنَا

قِضُهُ لأجلِ النَّصِّ وَالبُرهَانِ

وَجَعَلتُمُ التَّكفِيرَ عَينَ خِلاَفِكُم

وَوِفَاقَكُمُ فَحَقِيقَةُ الإِيمَانِ

فَوفَاقُكُم مِيزَانُ دِينِ الله لاَ

مَن جَاءَ بِالبُرهَانِ وَالفُرقَانِ

مِيزَانُكُم مِيزَانُ بَاغٍ جَاهِلٍ

وَالعَولُ كُلُّ العَولِ فِي المِيزَانِ

اهوِن بِهِ مِيزَانَ جَورٍ عائِلٍ

بِيَدِ المُطَفِّفِ وَيلَ ذَا الوَزَّانِ

لَو كَانَ ثَمَّ حَيًّا وَأدنَى مِسكَةٍ

مِن دِينٍ أو عِلمٍ وَمِن إيمَانِ

لَم تَجعَلُوا آرَاءَكُم مِيزَانَ كُف

رِ النَّاسِ بِالبُهتَانِ وَالعُدوَانِ

هَبكُم تَأوَّلتُم وَسَاغَ لَكُم أيَك

فُرُ مَن يُخَالِفُكُم بِلاَ بُرهَانِ

هَذِي الوَقَاحَةُ وَالجَرَاءَةُ وَالجَهَا

لَةُ وَيحَكُم يَا فِرقَةَ الطُّغيَانِ

اللهُ أكبَرُ ذَا عُقُوبَةُ تَارِكِ ال

وَحيَينِ للآرَاءِ وَالهَذَيَانِ

لَكِنَّنَا نَأتِي بِحُكمٍ عَادِلٍ

فِيكُم لأجلِ مَخَافَةِ الرَّحمَنِ

فَاسمَع إذاَ يَا مُنصِفاً حُكمَيهِمَا

وَانظُر إذاً هَل يَستَوِي الحُكمَانِ

هُم عِندَنَا قِسمَانِ أهلُ جَهَالَةٍ

وَذَوُو العِنَادِ وَذَانِكَ القِسمَانِ

جَمعٌ وَفَرقٌ بَينض نَوعَيهِم هُمَا

فِي بِدعَةٍ لا شَكَّ يَجتَمِعَانِ

وَذُوو العِنادِ فَأهلُ كُفرٍ ظَاهِرٍ

وَالجَاهِلُونَ فَإنَّهُم نَوعَانِ

مَتَمَكِّنُونَ مِنَ الهُدَى وَالعِلمش بِال

أسبَابِ ذَاتش اليُسرِ وَالإمكَانِ

لَكِن إلَى أرضِ الجَهَالَةِ أخلَدُوا

وَاستَسهَلُوا التَّقلِيدَ كَالعُميَانِ

لَم يَبذُلُوا المَقدُورَ فِي إدرَاكِهِم

لِلحَقِّ تَهوِيناً بِهَذَا الشَّانِ

فَهُمُ الألَى لاَ شَكَّ فِي تَفسِيقِهِم

وَالكُفرُ فِيهِ عِندَنَا قَولاَنِ

وَالوَقفُ عِندِي فِيهِمُ لَستُ الذِي

بِالكُفرِ أنعَتُهُم وَلاَ الإِيمَانِ

وَاللهُ أعلَمُ بِالبَطَانَةِ مِنهُمُ

وَلَنَا ظَهَارَةُ حُلَّةش الإِعلاَنِ

لَكِنَّهُم مُستوجِبُونَ عِقَابَهُ

قَطعاً لأجلِ البَغيِ وَالعُدوَانِ

هَبكُم عُذِرتُم بِالجَهَالَةِ إنَّكُم

لَن تُعذَرُوا بِالظُلمِ وَالطُّغيَانِ

وَالطَّعنِ فِي قَولِ الرَّسُولِ وَدِينِهِ

وَشَهَادَةٍ بِالزُّورِ وَالبُهتَانِ

وَكَذَلِكَ استِحلاَلُ قَتلِ مُخَالِفِي

كُم قَتلَ ارتكَبُوا مِنَ العِصيَانِ

وَسَمِعتُمُ قَولَ الرَّسُولِ وَحُكمَهُ

فِيهِم وَذَلِكَ وَاضِحُ التِّبيَانِ

لَكِنَّكُم أنتُم أبَحتُم قَتلَهُم

بِوِفَاقِ سُنَّتِهِ مَعَ القُرآنِ

وَاللهِ مَا زَادُوا النَّقِيرَ عَلَيهِمَا

لَكِن بِتَقرِيرٍ مَعَ الإِيمَانِ

فَبِحَقَّ مَن قَدَّ خَصَّكُم بِالعِلمِ وَالتَّ

حقِيقِ وَالإِنصَافِ وَالعِرفَانِ

أنتُم أحَقُّ أمِ الخَوَارِجُ بِالَّذِي

قَالَ الرَّسُولُ فَأوضِحُوا بِبَيَانِ

هُم يَقتُلُونَ لِعَابِدِ الرَّحمَنِ بَل

يُدعَونَ أهلَ عِبَادَةِ الأوثَانِ

هَذَا وَلَيسُوا أهلَ تَعطِيلٍ وَلاَ

عَزلِ النُّصُوصِ الحَقَّ بِالبُرهَانِ

والآخرُونَ فَأهلُ عَجزٍ عَن بُلُو

غِ الحَقِّ مَع قَصدٍ وَمَع إيمَانِ

بِاللهِ ثُمَّ رَسُولِهِ وَلِقَائِهِ

وَهُمُ إذَا مَيَّزتَهُم ضَربَانِ

قَومٌ دَهَاهُم حضسن ظَنِّهِمُ بِمَا

قَالَتهُ أشياخٌ ذَوُو أسنَانِ

وَدِيَانَةٍ فِي النَّاسِ لَم يَجِدُوا سِوَى

أقوَالِهِم فَرَضُوا بِهَا بأمَانِ

لَو يَقدِرُونَ عَلَى الهُدَى لَم يَرتَضُوا

بَدلاً بِهِ مِن قَائِلِ البُهتَانِ

فأولاَءِ مَعذُورُونض إن لَم يَظلِمُوا

وَيُكَفِّرُوا بِالجَهلِ وَالعُدوَانِ

وَالآخرونَ فَطَالِبُونَ الحَقَّ لَ

كِن صَدَّهُم عَن عِلمِهِ شَيئَانِ

مَعَ بَحثِهِم وَمُصَنَّفَاتٍ قَصدُهُم

مِنهَا وُصُولُهُمُ إلَى العِرفَانِ

إحدَاهُمَا طَلَبُ الحَقَائِقِ مِن سِوَى

أبوَابِهَا مُتَسَوِّرِي الجُدرَانِ

وَسُلُوكُ طُرقٍ غَيرِ مُوصِلَةٍ إلَى

دَركِ اليَقِينِ وَمَطلَعِ الإيمَانِ

فَتَشَابَهَت تِلك الأمُورِ عَلَيهِمُ

مِثلَ اشتِبَاهِ الطُّرقِ بِالحَيرَانِ

فَتَرَى أفَاضِلَهُم حَيَارَى كُلَّهَا

فِي التِّيهِ يَقرَعُ نَاجِذَ النَّدمَانِ

وَيَقُولُ قَد كَثُرَت عَليَّ الطُّرقُ لاَ

أدرِي الطَّرِيقَ الأعظَم السُّلطَانِي

بَل كُلُّهُم طُرقٌ مَخُوفَاتُ بِهَا ال

آفَاتُ حَاصِلَةٌ بِلاَ حُسبَانِ

فَالوَقفُ غَايَتُهُ وَآخِرُ أمرِهِ

مِنَ غَيرِ شَكٍّ مِنهُ فِي الرَّحمَنِ

أو دِينِهِ وَكِتَابِهِ وَرَسُولِهِ

وَلِقَائِهِ وَقِيَامَةِ الأبدَانِ

فَأولاَءِ بَينَ الذَّنبِ وَالأجرَينِ أو

إحدَاهُمَا أو وَاسِعِ الغُفرَانِ

فَانظُر إلَى أحكَامِنَا فِيهِم وَقَد

جَحَدُوا النُّصُوصَ وَمُقتَضَى القُرآنِ

وَانظُر إلَى أحكَامِهِم فِينَا لأج

لِ خِلاَفِهِم إذ قَادَهُ الوَحيَانِ

هَل يَستَوِي الحُكمَانِ عِندَ اللهِ أو

عِندَ الرَّسُولِ وَعِندَ ذِي الإِيمَانِ

الكُفرُ حَقُّ اللهِ ثُمَّ رَسُولِهِ

بِالشَّرعِ يَثبُتُ لاَ بِقَولِ فَلاَنِ

مَن كَانَ رَبُّ العَالمِينَ وَعبدُهُ

قَد كَفَّرَاهُ فَذَاك ذُو الكُفرَانِ

فَهَلُمَّ وَيحَكُم نُحَاكِمكُم إلَى النَّ

صَّينِ مِن وَحيٍ وَمِن قُرآنِ

وَهُنَاكَ يُعلَمُ أيُّ حِزبَينَا عَلَى ال

الكُفرَانِ حَقًّا أو عَلَى الإِيمَانِ

فَليَهنِكُم تَكفِيرُ مَن حَكَمَت بِِإس

لاَمٍ وَإيمَانٍ لَهُ النَّصَّانِ

لَكِنَّ غَايَتَهُ كفَايَةِ مَن سِوَى ال

مَعصُومِ غَايَةِ نَوعِ ذَا الإِحسَانِ

خَطأٌ يُصِيرُ الأجرَ كَفلاً وَاحِداً

إن فَاتَهُ مِن أجلِهِ الكِفلاَنِ

إن كَان ذَاكَ مُكَفِّراً يَا أمَّةَ ال

عُدوَانش مَن هَذَا عَلَى الإِيمَانِ

قَد دَارَ بَينَ الأجرِ وَالأجرَينِ وَالتَّ

كفِيرِ بِالدَّعوَى بِلاَ بُرهَانِ

كَفَّرتُمُ وَاللهِ مَن شَهِدَ الرَّسُو

لُ بِأنَّهُ حَقًّا علَى الإِيمَانِ

ثِنتَانِ مِن قِبَلِ الرَّسُولِ وَخصلَةٌ

مِن عِندِكُم أفَأنتُمَا عِدلاَنِ

كم ذا التلاعب منكم بالدين وال

إيمان مثل تلاعب الصبيان

خسفت قلوبكم كما خسفت عقو

لكم فلا تزكو على القرآن

كم ذا تقولوا مجمل ومفصل

وظواهر عزلت عن الايقان

حتى إذا رأى الرجال أتاكم

فاسمع لما يوصي بلا برهان

مثل الخفافيش التي ان جاءها

ضوء النهار ففي كوى الحيطان

عميت عن الشمس المنيرة لا تطي

ق هداية فيها الى الطيران

حتى إذا ما الليل جاء ظلامه

جالت بظلمته بكل مكان

فترى الموحد حين يسمع قولهم

ويراهم في محنة وهوان

وارحمتاه لعينه ولأذنه

يا محنة العينين والأذنان

إن قال حقا كفروه وإن يقو

لوا باطلا نسبوه للايمان

حتى إذا ما رده عادوه مث

ل عداوة الشيطان للانسان

قالوا له خالفت أقوال الشيو

خ ولم يبالوا الخلف للفرقان

خالفت أقوال الشيوخ فأنتم

خالفتم من جاء بالقرآن

خالفتم قول الرسول وانما

خالفت من جراه قولا فلان

يا حبذا ذاك الخلاف فإنه

عين الوفاق لطاعة الرحمن

أو ما علمت بأن أعداء الرسو

ل عليه عابوا الخلف بالبهتان

لشيوخهم ولما عليه قد مضى

أسلافهم في سالف الأزمان

ما العيب الا في خلاف النص لا

رأي الرجال وفكرة الأذهان

أنتم تعيبونا بهذا وهو من

توفيقنا والفضل للمنان

فليهنكم خلف النصوص ويهننا

خلف الشيوخ أيستوي الخلفان

والله ما تسوى عقول جميع أه

ل الآرض نصا صح ذا تبيان

حتى نقدمها عليه معرض

ين مؤولين محرّفي القرآن

والله أن النص فيما بيننا

لأجل من آراء كل فلان

والله لم ينقم علينا منكم

أبدا خلاف النص من انسان

لكن خلاف الأشعري بزعمكم

وكذبتم أنتم على الانسان

كفرتم من قال ما قد قاله

في كتبه حقا بلا كتمان

هذا وخالفناه في القرآن مث

ل خلافكم الفوق للرحمن

فالأشعري مصرح بالاستوا

ء وبالعلو بغاية التبيان

ومصرح أيضا بإثبات اليدين ووج

ه رب العرش ذي السلطان

ومصرح أيضا بأن لربنا

سبحانه عينان ناظرتان

ومصرح أيضا باثبات النزو

ل لربنا نحو الرفيع الداني

ومصرح أيضا بأثبات الأصا

بع مثل ما قد قال ذو البرهان

ومصرح أيضا بأن الله يو

م الحشر يبصره أولو الايمان

جهرا يرون الله فوق سمائه

رؤيا العيان كما يرى القمران

ومصرح أيضا باثبات المج

يء وأنه يأتي بلا نكران

ومصرح بفساد قول مؤول

للاستواء بقهر ذي سلطان

وصرح أن الألى قد قالوا بذا الت

أويل أهلا ضلالة ببيان

ومصرح أن الذي قد قاله

أهل الحديث وعسكر القرآن

هو قوله يلقى عليه ربه

وبه يدين الله كل أوان

لكنه قد قال أن كلامه

معنى يقوم بربنا الرحمن

في القول خالفناه نحن وأنتم

في الفوق والأوصاف للديان

لم كان نفس خلافنا كفرا وكا

ن خلافكم هو مقتضى الايمان

هذا وخالفتم لنص حين خا

لفنا لرأي الجهم ذي البهتان

والله ما لكم جواب غير تك

فير بلا علم ولا إيقان

أستغفر الله العظيم لكم جوا

ب غير ذا الشكوى الى السلطان

فهو الجواب لديكم ولنحن من

تظروه منكم يا أولي البرهان

والله لا للأشعري تبعتم

كلا ولا للنص بالاحسان

يا قوم فانتبهوا لأنفسكم وخل

وا الجهل والدعوى بلا برهان

ما في الرياسة بالجهالة غير ضح

كة عاقل منكم مدى الأزمان

لا ترتضوا برياسة البقر التي

رؤساؤها من جملة الثيران

يا مبغضا أهل الحديث وشاتما

أبشر بعقد ولاية الشيطان

أو ما علمت بأنهم أنصار دي

ن الله والايمان والقرآن

أو ما علمت بأن أنصار الرسو

ل هم بلا شك ولانكران

هل يبغض الأنصار عبد مؤمن

أو مدرك لروائح الايمان

شهد الرسول بذاك وهي شهادة

من أصدق الثقلين بالبرهان

أو ما علمت بأن خزرج دينه

والأوس هم أبدا بكل زمان

ما ذنبهم إذ خالفوك لقوله

ما خالفوه لأجل قول فلان

لو وافقوك وخالفوه كنت تش

هد أنهم حقا أولو الايمان

لما تحيّزتم الى الأشياخ وان

حازوا الى المبعوث بالقرآن

نسبوا اليه دون كل مقالة

او حالة أو قائل ومكان

هذا انتساب أولى التفريق نسبته

من أربع معلومة التبيان

فلذا غضبتم حينما انتسبوا الى

خبر الرسول بنسبة الاحسان

فوضعتم لهم من باب الألقاب ما

تستقبحون وذا من العدوان

هم يشهدونكم على بطلانها

أفتشهدونهم على البطلان

ما ضرهم والله بغضكم لهم

إذ وافقوا حقا رضا الرحمن

يا من يعاديهم لأجل مآكل

ومناصب ورياسة الاخوان

تهنيك هاتيك العداوة كم بها

من جسرة ومذلة وهوان

ولسوف تجني غيها والله عن

قرب وتذكر صدق ذي الايمان

فإذا تقطعت الوسائل وانتهت

تلك المآكل في سريع زمان

هناك تقرع سن ندمان على الت

فريط وقت السير والامكان

وهناك تعلم ما بضاعتك التي

حصلتها في سالف الأزمان

الا الوبال عليك والحسرات وال

خسران عند الوضع في الميزان

قيل وقال ما له من حاصل

إلا العناء وكل ذي الأذهان

والله ما يجدي عليك هنالك الا

ذا الذي جاءت به الوحيان

والله ما ينجيك من سجن الجحي

م سوى الحديث ومحكم القرآن

والله ليس الناس الا أهله

وسواهم من جملة الحيوان

ولسوف تذكر بر ذي الايمان عن

قرب وتقرع ناجذ الندمان

رفعوا به رأسا ولم يرفع به

أهل الكلام ومنطق اليونان

فهم كما قال الرسول ممثلا

بالماء مهبطة على القيعان

لا الماء تمسكه ولا كلأ بها

يرعاه ذو كبد من الحيوان

هذا اذا لم يحرق الزرع الذي

بجوارها بالنار أو بدخان

والجاهلون بذا وهذا هم زوا

ن الزرع أي والله شر زوان

وهم لدى غرس الاله كمثل غر

س الدلب بين مغارس الرمان

يمتص ماء لزرع مع تضييقه

أبدا عليه وليس ذا قنوان

ذا حالهم مع حال أهل العلم ان

صار الرسول فوراس الايمان

فعليه من قبل الاله تحية

والله يبقيه مدى الأزمان

لولاه ما سقى الغراس فسوق ذا

ك الماء للدلب العظيم الشان

فالغرس جلب كله وهو الذي

يسقى ويحفظ عند أهل زمان

فالغرس في تلك الحضارة شارب

فضل المياه مصاوه البستان

لكنما البلوى من لحطاب قط

اع الغراس وعاقر الحيطان

بالفوس يضرب في أصول الغرس كي

يجتثها ويظن ذا احسان

ويظل يحلف كاذبا لم أعتمد

في ذا سوى التثبيت للعيدان

يا خيبة البستان من حطابه

ما بعد ذا الحطاب من بستان

في قلبه غل على البس

تان فهو موكل بالقطع كل أوان

فالجاهلون شرار أهل الحق وال

علماء سادتهم أولو الاحسان

والجاهلون خيار أحزاب الضلا

ل وشيعة الكفران والشيطان

وشرارهم علماؤهم هم شر خل

ق الله آفة هذه الأكوان

يا قوم فرض الهجرتين بحاله

والله لم ينسخ الى ذا الآن

فالهجر الأول الى الرحمن بال

إخلاص  في سر وفي اعلان

حتى يكون القصد وجه اله بال

أقوال والأعمال والايمان

ويكون كل الدين للرحمن ما

لسواه شيء فيه من إنسان

والحب والبغض اللذان هما ل

كل ولاية وعداوة أصلان

لله أيضا هكذا الاعطاء والمن

ع اللذان عليهما يقفان

والله هذا شطر دين الله

والتحيكم للمختار شطر ثان

وكلاهما الاحسان لمن يتقبل الرح

من من سعي بلا احسان

والهجرة الأخرى الى المبعوث بال

إسلام والايمان والاحسان

أترون هذي هجرة الأبدان لا

والله بل هي هجرة الايمان

قطع المسافة بالقلوب اليه في

درك الأصول مع الفروع وذان

أبدا اليه حكمها لا غيره

فالحكم ما حكمت به النصان

يا هجرة طالت مسافتها على

من خص بالحرمان والخذلان

يا هجرة طالت مسافتها على

كسلان منخوب الفؤاد جبان

يا هجرة والعبد فوق فراشه

سبق السعادة لمنزل الرضوان

ساروا أحث السير وهو فسيره

سير الدلال وليس بالذملان

هذا وتنظره أمام الركب كالع

لم العظيم يشاف في القيعان

رفعت له أعلام هاتيك النصو

ص رؤؤوسها شابت من النيران

نار هي النور المبين ولم يكن

ليراه إلا من له عينان

محكولتان بمرود الوحيين لا

بمراود الآراء والهذيان

فلذاك شمر نحوها لم يلتفت

لا عن شمائله ولا أيمان

يا قوم لو هاجرتم لرأيتم

أعلان طيبة رؤية بعيان

ورأيتم ذاك اللواء وتحته الرس

ل الكرام وعسكر القرآن

أصحاب بدر والألى قد بايعوا

أزكى البرية بيعة الرضوان

وكذا المهاجرة الألى سبقوا كذا ال

أنصار أهل الدار والايمان

والتابعون لهم باحسان وسا

لك هديهم أبدا بكل زمان

لكن رضيتم بالأماني وابتلي

تم بالحظوظ ونصرة الاخوان

بل غركم ذاك الغرور وسولت

لكم النفوس وساوس الشيطان

ونبذتم غسل النصوص وراءكم

وقنعتم بقطارة الأذهان

وتركتم الوحيين زهدا فيهما

ورغبتم في رأي كل فلان

وعزلتم النصين عما وليا

للحكم فيه عزل ذي عدوان

وزعمتم أن ليس يحكم بيننا

الا العقول ومنطق اليونان

فهما بحكم الحق أولى منهما

سبحانك اللهم ذا السبحان

حتى إذا انكشف الغطاء وحصلت

أعمال هذا الخلق في الميزان

وإذا انجلى هذا الغبار وصار مي

دان السباق تناله العينان

وبدت على تلك الوجوه سماتها

وسم المليك القادر الديان

مبيضة مثل الرياض بجنة

والسود مثل الفحم للنيران

فهناك يعلم كل راكب ما تحته

وهناك يقرع ناجذ الندمان

وهناك تعلم كل نفس ما الذي

معها من الأرباح والخسران

وهناك يعلم مؤثر الآراء والش

طحات والهذيان والبطلان

أي البضائع قد أضاع وما الذي

منها تعوض في الزمان الفاني

سبحان رب الخلق قاسم فضله

والعدل بين الناس في بالميزان

لو شاء كان الناس شيئا واحدا

ما فيهم من تائه جيران

لكنه سبحانه يختص بالفض

ل العظيم خلاصة الانسان

وسواهم لا يصلحون لصالح

كالشوك فهو عمارة النيران

وعمارة الجنات هم أهل الهدى

الله أكبر ليس يستويان

فسل الهداية من أزمة أمرنا

بيديه مسألة الذليل العاني

وسل العياذ من اثنتين هما اللتا

ن بهلك هذا الخلق كافلتان

شر النفوس وسيء الأعمال ما

والله أعظم منهما شران

ولقد أتى هذا التعوذ منهما

في خطبة المبعوث بالقرآن

لو كان يدري العبد أن مصابه

في هذه الدنيا هما الشران

جعل التعوذ منهما ديدانه

حتى تراه داخل الأكفان

وسل العياذ من التكبر والهوى

فهما لكل الشر جامعتان

وهما يصدان الفتى عن كل طر

ق الخير إذ في قلبه يلجان

فتراه يمنعه هواه تارة

والكبر أخرى ثم يشتركان

والله ما في النار إلا تابع

هذين فاسأل ساكني النيران

والله لو جردت نفسك منهما

لأتت اليك وفود كل تهان

والفرق بين الدعوتين فظاهر

جدا لمن كانت له أذنان

فرق مبين ظاهر لا يختفي

إيضاحه الا على العميان

فالرسل جاؤونا بإثبات العلو

لربنا من فوق كل مكان

وكذا أتونا بالصفات لربنا

الرحمن تفصيلا بكل بيان

وكذاك قالوا أنه متكلم

وكلامه المسموع بالآذان

وكذاك قالوا أنه سبحانه

المرئي يوم لقائه بعيان

وكذاك قالوا أنه الفعال حق

ا كل يوم ربنا في شان

وأتيتمونا أنتم بالنفي والت

عطيل بل بشهادة الكفران

للمثبتين صفاته وعلوه

ونداءه في عرف كل لسان

شهدوا بإيمان المقر بأنه

فوق السماء مباين الأكوان

وشهدتم أنتم بتمفير الذي

قد قال ذلك يا أولي العدوان

وأتى بأين الله اقرارا ونط

قا قلتم هذا من البهتان

فسلوا لنا بالأين مثل سؤالنا

ما الكون عندكم هما شيئان

وكذا أتونا بالبيان فقلتم

باللغز أين اللغز من تبيان

إذ كان مدلول الكلام ووضعه

لم يقصدوه بنطقهم بلسان

والقصد منه غير مفهوم به

ما اللغز عند الناس إلا ذان

يا قوم رسل الله أعرف منكم

وأتم نصحا في كمال بيان

اترونهم قد ألغزوا التوحيد إذ

بينتموه يا أولي العرفان

أترونهم قد أظهروا التشبيه وه

و لديكم كعبادة الأوثان

ولأي شيء صرحوا بخلافه

تصريح تفصيل بلا كتمان

ولأي شيء بالغوا في الوصف با

لإثبات دون النفي كل زمان

ولأي شيء أنتم بالغتم

في النفي والتعطيل بالقفزان

فجعلتم نفي الصفات مفصلا

تفصيل نفي العيب والنقصان

وجعلتم الاثبات أمرا مجملا

عكس الذي قالوه بالبرهان

أتراهمعجزوا عن التبيان واس

توليتم أنتم على التبيان

أترون أفراخ اليهود وأم

ة التعطيل والعبّاد للنيران

ووقاح أرباب الكلام الباطل الم

ذموم عند أئمة الايمان

من كل جهمي ومعتزل ومن

والاهما من حزب جنكسخان

بالله أعلم من جميع الرسل والت

وراة والانجيل والقرآن

فسلوهم بسؤال كتبهم التي

جاءوا بها عن علم هذا الشأن

وسلوهم هل ربكم في أرضه

أو في السماء وفوق كل مكان

أم ليس من ذا كله شيء فلا

هو داخل أو خارج الأكوان

فالعلم والتبيان والنصح الذي

فيهم يبين الحق كل بيان

لكنما الألغاز والتلبيس وال

كتمان فعل معلم شيطان

يا رب هم يشكوننا أبدا

ببغيهم وظلمهم الى السلطان

ويلبسون عليه حتى أنه

ليظنهم هم ناصرو الايمان

فيرونه البدع المضلة في قوا

لب سنة نبوية وقرآن

ويرونه الاثبات للأوصاف في

أمر شنيع ظاهر النكران

فيلبسون عليه تلبيسين لو

كشفنا له باداهم بطعان

يا فرقة التلبيس لا حييتم

ابدا وحييتم بكل هوان

لكننا نشكوهم وصنيعتهم

أبدا اليك فأنت ذو السلطان

فاسمع شكايتنا وأشك محقتنا

والمبطل اردده عن البطلان

راجع به سبل الهدى والطف به

حتى تريه الحق ذا تبيان

وارحمه وارحم سعيه المسكين قد

ضل الطريق وتاه في القيعان

يا رب قد عم المصاب بهذه الآ

راء والشطحات والبهتان

هجروا لها الوحيين والفطرات

والآثار لم يعبوا بذا الهجران

قالوا وتلك ظواهر لفظية

لم تغن شيئا طالب البرهان

فالعقل أولى أن يصار اليه من

هذه الظواهر عند ذي العرفان

ثم ادعى كل بأن العقل ما

قد قلته دون الفريق الثاني

يا رب قد خار العباد بعقل من

يزنون وحيك فائت بالميزان

وبعقل من يفقضي عليك فكلهم

قد جاء بالمعقول والبرهان

يا رب ارشدنا الى معقول من

يقع التحاكم أننا خصمان

جاءوا بشبهات وقالوا أنها

معقولة ببدائه الأذهان

وكل يناقض بعضه بعضا وما

في الحق معقولان مختلفان

قضوا بها كذبا علي وجرأة

منهم وما التفتوا الى القرآن

يا رب قد أوهى النفاة حبائل ال

قرآن والآثار والايمان

يا رب قد قلب النفاة الدين والا

يمان ظهر منه فوق بطان

يارب قد بغت النفاة وأجلبوا

بالخيل والرجل الحقير الشان

نصبوا الحبائل والغوائل للألى

أخذوا بوحيك دون قول فلان

ودعوا عبادك أن يطيعوهم فمن

يعصيهم ساموه شر هوان

وقضوا على من لم يقل بضلالهم

باللعن والتضليل والكفران

وقضوا على أتباع وحيك بالذي

هم أهله لا عسكر الفرقان

وقضوا بعزلهم وقتلهم وحب

سهم ونفيهم عن الأوطان

وتلاعبوا بالدين مثل تلاعب ال

حمر التي نفرت بلا أرسان

حتى كأنهم تواصوا بينهم

يوصي بذلك أول للثاني

هجروا كلامك مبتدع لمن

قد دان بالآثار والقرآن

فكأنه فيما لديهم مصحف

في بيت زنديق أخي كفران

أو مسجد بجوار قوم همهم

في الفسق لا في طاعة الرحمن

وخواصهم لم يقرءوه تدبرا

بل للتبرك لا لفهم معان

وعوامهم في الشع أو في ختمة

أو تربة عوضا لذي الأثمان

هذا وهم حرفية التجويد أو

صوتية الأنغام والألحان

يا رب قد قالوا بأن مصاحف الا

سلام ما فيها من القرآن

الا المداد وهذه الأوراق وال

جلد الذي قد سل من حيوان

والكل مخلوق ولست بقائل

أصلا ولا حرفا من القرآن

ان ذاك الا قول مخلوق وهل

هو جبريل أو الرسول فذان

قولان مشهوران قد قالتهما

أشياخهم يا محنة القرآن

لو داسه رجل لقالوا لم يطأ

الا المداد وكاغد الانسان

يا رب زالت حرمة القرآن من

تلك القلوب وحرمة الايمان

وجرى على الأفواه منهم قولهم

ما بيننا لله من قرآن

منا بيننا الا الحكاية عن

ه والتعبير ذاك عبارة بلسان

هذا وما التالون عمالا به

إذ هم قد استغنوا بقول فلان

ان كان قد جاز الحناجر منهم

فبقدر ما عقلوا من القرآن

والباحثون فقدموا رأي الرجا

ل عليه تصريحا بلا كتمان

عزلوه إذ ولوا سواه وكان ذا

ك العزل قائدهم لى الخذلان

قالوا ولم يحصل لنا منه يقي

ن فهو معزول عن الايقان

إن اليقين قواطع عقلية

ميزانها هو منطق اليونان

هذا دليل الرفع منه وهذه

أعلامه في آخر الأزمان

يا رب من أهلوه حقا كي يرى

إقدامهم منا على الأذقان

أهلوه نت لا يرتضي منه بدي

لا فهو كافيهم بلا نقصان

وهو الدليل لهم وهاديهم الى ال

إيمان والايقان والعرفان

هو موصل لهم الى درك اليقي

ن حقيقة وقواطع البرهان

يا رب نحن العاجزون بحبهم

يا قلة الأنصار والأعوان

يا قوم قد حانت صلاة الفجر فان

تبهوا فإني معلن بأذان

لا بالملحن والمبدل ذاك بل

تأذين حق واضح التبيان

وهو الذي حقا اجابته على

كل مارئ فرض على الأعيان

الله أكبر أن يكون كلامه ال

عربي مخلوقا من الأكوان

والله أكبر أن يكون رسوله ال

ملكي أنشأه عن الرحمن

والله أكبر أن يكون رسوله الب

شري أنشأه لنا بلسان

هذي مقالات لكم يا أمة الت

شبيه ما أنتم على إيمان

شبهتم الرحمن بالأوثان في

عدم الكلام وذاك للأوثان

مما يدل بأنها ليست بآ

لهة وذا البرهان في الفرقان

في سورة الأعراف مع طه وثا

لثها فلا تعدل عن القرآن

أفصح أن الجاحدين لكونه

متكلما بحقيقة وبيان

هم أهل تعطيل وتشبيه معا

بالجامدات عظيمة النقصان

لا تقذفوا بالداء منكم يا شيعة الر

حمن أهل العلم والعرفان

إن الذي نزل الأمين به على

قلب الرسول الواضح البرهان

هو قول ربي اللفظ والمعنى جمي

عا إذ هما أخوان مصطحبان

لا تقطعوا رحما تولى وصلها

الرحمن وتنسلخوا من الايمان

ولقد شفانا قول شاعرنا الذي

قال الصواب وجاء بالاحسان

إن الذي هو في المصاحف مثبت

بأنامل الأشياخ والشبان

هو قول ربي آية وحروفه

ومدادنا والرق مخلوقان

والله أكبر من على العرش استوى

لكنه استولى على الأكوان

والله أكبر ذو المعارج من الي

ه تعرج الأملاك كل أوان

والله أكبر من يخاف جلاله

املاكه من فوقهم ببيان

والله أكبر من غدا لسريره

أط به كالرحل للركبان

والله أكبر من أتانا قوله

من عنده من فوق ست ثمان

نزل الأمين به بأمر الله من

رب على العرش استوى الرحمن

والله أكبر قاهر فوق العبا

د فلا تضع فوقية الرحمن

من كل وجه تلك ثابتة له

لا تهضموها يا أولي البهتان

قهرا وقدرا واستواء الذات فو

ق العرش بالبرهان

فبذاته خلق السموات العلى

ثم استوى بالذات فافهم ذان

فضمير فعل الاستواء يعود لل

ذات التي ذكرت بلا فرقان

هو ربنا خالق هو مستو

بالذات هذي كلها بوزان

والله أكبر ذو العلو المطلق ال

معلوم بالفطرات والايمان

فعلوه من كل وجه ثابت

فالله أكبر جل ذو السلطان

والله أكبر من رقا فوق الطبا

ق رسوله فدنا من الديان

واليه قد صعد الرسول حقيقة

لا تنكروا المعراج بالبهتان

ودنا من الجبار جل جلاله

ودنا اليه الرب ذو الاحسان

والله قد أحصى الذي قد قلتم

في ذلك المعراج بالميزان

قلتم خيالا أو أكاذيبا او ال

معراج لم يحصل الى الرحمن

إذا كان ما فوق السموات العلى

رب اليه منتهى الانسان

والله أكبرمن أشار رسوله

حقا اليه بإصبع وبنان

في مجمع الحج العظيم بموقف

دون المعرف موقف الغفران

من قال منكم من أشار بأصبع

قطعت فعند الله يجتمعان

والله أكبر ظاهر ما فوقه

شيء وشأن الله أعظم شان

والله أكبر عرشه وسع السما

والأرض والكرسي ذا الأركان

وكذلك الكرسي قد وسع الطبا

ق السبع والأرضين بالبرهان

فوق العرش والكرسي لا

يخفى عليه خواطر الانسان

لا تحصروه في مكان إذ تقو

لوا ربنا حقا بكل مكان

نزهتموه بجهلكم عن عرشه

وحصرتمونه في مكان ثان

لا تقدموه بقول داخل

فينا ولا هو خارج الأكوان

الله أكبر هتكت أستاركم

وبدت لمن كانت له عينان

والله أكبر جل عن شبه وعن

مثل وعن تعطيل ذي كفران

والله أكبر من له الأسماء وال

أوصاف كاملة بلا نقصان

والله أكبر جل عن ولد وصا

حبة وعن كفء وعن آخذان

والله أكبر جل عن شبه الجما

د كقول ذي التعطيل والكفران

هم شبهوه بالجماد وليتهم

قد شبهوه بكامل ذي شأن

الله أكبر جل عن شبه العبا

د فذان تشبيهان ممتنعان

والله أكبر واحد صمد فك

ل الشأن في صمدية الرحمن

نفت الولادة والأبوة عنه وال

كفء الذي هو لازم الانسان

وكذاك أثبتت الصفات جميعها

لله سالمة من النقصان

واليه يصمد كل مخلوق فلا

صمد سواه عز ذو السلطان

لا شيء يشبهه تعالى كيف يشب

هه خلقه ما ذاك في إمكان

لكن ثبوت صفاته وكلامه

وعلوه حقا بلا نكران

لا تجعلوا الاثبات تشبيها له

يا فرقة التشبيه والطغيان

كم ترتقون بسلم التنزيه للت

عطيل ترويجا على العميان

فالله أكبر أن يكون صفاته

كصفاتنا جل العظيم الشان

هذا هو التشبيه لا إثبات أو

صاف الكمال فما هما سيان

واعلم بأن الشرك والتعطيل مذ

كانا هما لا شك مصطحبان

أبدا فكل معطل هو مشرك

حتما وهذا واضح التبيان

فالعبد مضطر الى من يكشف الب

لوى ويغني فاقة الانسان

واليه يصمد في الحوائج كلها

واليه يفزع طالب لأمان

فإذا انتفت أوصافه وفعاله

وعلوه من فوق كل مكان

فزع العباد الى سواه وكان ذا

من جانب التعطيل والنكران

فمعطل الأوصاف ذاك معطل الت

وحيد حقا ذان تعطيلان

قد عطلا بلسان كل الرسل من

نوح الى المبعوث بالقرآن

والناس في هذا ثلاث طوائف

ما رابع  بذي امكان

احدى الطوائف مشرك بإلهه

فإذا دعاه إلها ثان

هذا وثاني هذه الأقسام ذا

لك جاحد يدعو سوى الرحمن

هو جاحد للرب يدعو غيره

شركا وتعطيلا له قدمان

هذا وثالث هذه الأقسام خير ال

خلق ذاك وخلاصة الانسان

يدعو الاله الحق لا يدعو سوا

قط في الأشياء والأكوان

يدعوه في الرغبات والرهبان وال

حالات من سر ومن اعلان

توحيده نوعان علمي وقص

دي كما قد جرد النوعان

في سورة الاخلاص مع تال لنث

ر الله قل يا أيها ببيان

ولذاك قد شرعا بسنة فجرنا

وكذاك سنة مغرب طربفان

ليكون مفتتح النهار وختمه

تجريدك التوحيد للديان

وكذاك قد شرعا بخاتم وترنا

ختما لسعي الليل بالآذان

وكذاك قد شرعا بركعتي الطوا

ف وذاك تحقيق لهذا الشان

فهما إذا أخوان مصطحبان لا

يتفارقان وليس ينفصلان

فمعطل الأوصاف ذو شرك كذا

ذو الشرك فهو معطل الرحمن

أو بضع أوصاف الكمال له فحق

ق ذا ولا تسرع الى نكران

لكن أخو التعطيل شر من أخي ال

إشراك بالمعقول والبرهان

إن المعطل جاحد للذات أو

لكمالها هذان تعطيلان

متضمنان القدح في نفس الألو

هة كم بذاك القدح من نقصان

والشرك فهو توسل مقصوده الز

لفى من الرب العظيم الشان

بعبادة المخلوق من حجر ومن

بشر ومن قبر ومن أوثان

فالشرك تعظيم بجهل من قيا

س الرب بالأمران والسلطان

ظنوا بان الباب لا يغشى بدو

ن توسط الشفعاء والأعوان

ودهاهم ذاك القياس المستبين

فساده ببداهة الانسان

الفرق بين الله والسلطان من

كل الوجوه لمن له أذنان

إن الملوك لعاجزون وما لهم

علم بأحوال الدعا بأذان

كلا ولا هم قادرون على الذي

يحتاجه الانسان كل زمان

كلا وما تلك الارادة فيهم

لقضا حوائج كل ما انسان

كلا ولا وسعوا الخليقة رحمة

من كل وجه هم أولو النقصان

فلذلك احتاجوا الى تلك الوسا

ئط حاجة منهم مدى الأزمان

أما الذي هو عالم للغيب مق

تدر على ما شاء ذو إحسان

وتخافه الشفعاء ليس يريد من

هم حاجة جل العظيم الشأن

بل كل حاجات لهم فاليه لا

لسواه من ملك ولا انسان

وله الشفاعة كلها وهو الذي

في ذاك يأذن للشفيع الداني

لمن ارتضى ممن يوحده ولم

يشرك به شيئا لما قد جاء في القرآن

سبقت شفاعته اليه فهو مش

فوع اليه وشافع ذو شان

فلذا أقام الشافعين كرامة

لهم ورحمة صاحب العصيان

فالكل منه بدا ومرجعه الي

ه وحده ما من اله ثان

غلط الألى جعلوا الشفاعة من سوا

ه اليه دون الاذن من رحمن

هذي شفاعة كل ذي شرك فلا

تعقد عليها يا أخا الايمان

والله في القرآن أبطلها فلا

تعدل عن الآثار والقرآن

وكذا الولاية كلها لله لا

لسواه من ملك ولا إنسان

والله لم يفهم أولو الاشراك ذا

ورآه تنقيصا أولو النقصان

إذ قد تضمن عزل من يدّعي س

وى الرحمن بل أحدية الرحمن

بل كل مدعو سواه من لدن

عرش الاله الى الحضيض الداني

هو باطل في مفسه ودعاه عا

بده له من أبطل البطلان

فله الولاية والولاية ما لنا

من دونه وال من الأكوان

فإذا تولاه امرؤ دون الورى

طرا تولاه العظيم الشان

وإذا تولى غيره من دونه

ولاه ما يرضى به لهوان

في هذه الدنيا وبعد مماته

وكذاك عند قيامة الأبدان

حقا يناديهم ندا سبحانه

يوم المعاد فيسمع الثقلان

يا من يريد ولاية الرحمن دو

ن ولاية الشيطان والأوثان

فارق جميع الناس في إشراكهم

حتى تنال ولاية الرحمن

يكفيك من وسع الخلائق رحمة

وكفاية ذو الفضل والاحسان

يكفيك رب لم تزل ألطافه

تأتي اليك برحمة وحنان

يكفيك رب لم تزل في ستره

ويراك حين تجيء بالعصيان

يكفيك رب لم تزل في حفظه

ووقاية منه مدى الأزمان

يكفيك رب لم تزل في فضله

متقلبا في السر والاعلان

يدعوه أهل الأرض مع أهل السما

ء فكل يوم ربنا في شان

وهو الكفيل بكل ما يدعونه

لا يعتري جدواه من نقصان

فتوسط الشفعاء والشركاء والظ

هراء أمر بيّن البطلان

ما فيه الا محض تشبيه لهم

بالله وهو فأقبح البهتان

ما قصدهم تعظيمه سبحانه

ما عطلوا الأوصاف للرحمن

لكن أخو التعطيل ليس لديه

الا النفي أين النفي من إيمان

والقلب ليس يقرّ الا بالتعب

د فهو يدعوه الى الأكوان

فترى المعطل دائما في حيرة

متنقلا في هذه الأعيان

يدعو الها ثم يدعو غيره

ذا شأنه أبدا مدى الأزمان

ونرى الموحد دائما متنقلا

بمنازل الطاعات والاحسان

ما زال ينزل في الوفاء منازلا

وهس الطريق له الى الرحمن

لكنما معبوده هو واحد

ما عنده ربان معبودان

أين الذي قد قال في ملك عظي

م لست فينا قط ذا سلطان

ما في صفاتك من صفات الملك شيء

كلها مسلوبة الوجدان

فهل استويت على سرير الملك أو

دبرت أمر الملك والسلطان

أو قلت مرسوما تنفذه الرعا

يا أو نطقت بلفظة ببيان

أو كنت ذا أمر وذا نهي وتك

ليم لمن وافى من البلدان

أو كنت ذا سمع وذا بصر وذا

علم وذا سخط وذا رضوان

أو كنت قط مكلما متكلما

متصرفا بالفعل كل زمان

أو كنت تفعل ما تشاء حقيقة ال

فعل الذي قد قام بالأذهان

أو كنت حيا فاعلا بمشيئة

وبقدرة أفعال ذي السلطان

فعل يقوم بغير فاعله محا

ل غير معقول لذي الانسان

بل حالة الفعال قبل ومع وبع

د هي كالتي كانت بلا فرقان

والله لست بفاعل شيئا إذا

ما كان شأنك منك هذا الشان

لا داخلا فينا ولا بخارج

عنا خيالا درت في الأذهان

فبأي شيء كنت فينا مالكا

ملكا مطاعا قاهر السطان

اسما ورسما لا حقيقة تحته

شأن الملوك أجل من ذا الشأن

هذا وثان وقال أنت مليكنا

وسواك لا نرضاه من سلطان

إذ حزت أوصاف الكمال جميعها

ولأجل ذا دانت لك الثقلان

وقد استويت على سري الملك واس

توليت مع هذا على البلدان

لكن بابك ليس يغشاه امرؤ

إن لم يجيء بالشافع المعوان

ويذلّ للبواب والحجاب والش

فعاء أهل القريب والاحسان

أفيستوي هذا وهذا عندكم

والله ما استويا لدى انسان

والمشركون أخف في كفرانهم

وكلاهما من شيعة الشيطان

إن المعطل بالعداوة قائم

في قالب التنزيه للرحمن

هذا وللمتمسكين بسنة ال

مختار عند فساد ذي الأزمان

أجر عظيم ليس يقدر قدره

الا الذي أعطاه للانسان

فروى أبو داود في سنن له

ورواه أيضا أحمد الشيباني

أثرا تضمن أجر خمسين أمرا

من صحب أحمد خيرة الرحمن

اسناده حسن ومصداق له

في مسلم فافهمه بالاحسان

ان العبادة وقت هرج هجرة

حقا الىّ وذاك ذو برهان

هذا وكم من هجرة لك أيها الس

ني بالتحقيق لا بأماني

هذا وكم من هجرة لهم بما

قال الرسول وجاء في القرآن

ولقد أتى مصداقه في الترمذي

لمن له أذنتان واعيتان

في اجر محيي سنة ماتت فذا

ك مع الرسول رفيقه بجنان

هذا ومصداق له أيضا أتى

في الترمذي لمن له عينان

تشبيه أمته بغيث أول

منه وآخره فمشتبهان

فلذالك لا يدري الذي هو منهما

قد خص بالتفضيل والرجحان

ولقد أتى أثر بأن الفضل في ال

طرفين أعني أولا والثاني

والوسط ذو ثبج فاعوج هكذا

جاء الحديث وليس ذا نكران

ولقد أتى في الوحي مصداق له

في الثلتين وذاك في القرآن

أهل اليمن  فثلة مع مثلها

والسابقون أقل في الحسبان

ما ذاك الا أن تابعهم هم ال

غرباء ليست غربة الأوطان

لكنها والله غربة قائم

بالدين بين عساكر الشيطان

فلذاك شبههم به متبوعهم

في الغربتين وذاك ذو تبيان

لم بشبهوهم في جميع أمورهم

من كل وجه ليس يستويان

فانظر الى تفسيره الغرباء بال

محيين سنته بكل زمان

طوبى لهم والشوق يحدوهم الى

أخذ الحديث ومحكم القرآن

طوبى لهم لم يعبأوا بنحاتة الأ

فكار أو بزبالة الأذهان

طوبى لهم ركبوا على متن العزا

ئم قاصدين لمطلع الايمان

طوبى لهم لم يعبأوا شيئا بذي الآ

راء إذ أغناهم الوحيان

طوبى لهم وامامهم دون الورى

من جاء بالايمان والفرقان

والله ما ائتموا بشخص دونه

إلا إذا ما دلهم ببيان

في الباب آثار عظيم شأنها

أعيت على العلماء في الأزمان

إذ أجمع العلماء أن صحابة ال

مختار خير طوائف الانسان

ذا بالضرورة ليس فيه الخلف بي

ن اثنين ما حكيت به قولان

فلذاك ذي الآثار أعضل أمرها

وبغوا لها التفسير بالاحسان

واسمع اذاً تأويلها وافهمه لا

تعجل برد منك أو نكران

ان البدار برد شيء لم تحط

علما به سبب الى الحرمان

الفضل منه مطلق ومقيد

وهما لأهل الفضل مرتبتان

والفضل ذو التقييد ليس بموجب

فضلا على الاطلاق من انسان

لا يوجب التقييد أن يقضي له

بالاستواء فكيف بالرجحان

إذ كان ذو الاطلاق حاز على الفضا

ئل فوق ذي التقييد بالاحسان

فاذ فرضنا واحدا قد حاز نو

عا لم يجزه فاضل الانسان

لم يوجب التخصيص من فضل علي

ه ولا مساواة ولا نقصان

ما خلق آدم باليدين بموجب

فضلا على المبعوث بالقرآن

وكذا خصائص من أتى من بعده

من كل رسل الله بالبرهان

فمجمد أعلاهم فوقا وما

حكمت لهم بهزيمة الرجحان

فالحاشز الخمسين أجرا لم يجز

ها في جميع شرائع الايمان

هل حازها في بدر أو أحد أو ال

فتح المبين وبيعة الرضوان

بل حازها إذ كان قد فقد المع

ين وهم فقد كانوا أولي أعوان

والرب ليس يضيع ما يتحمل

المتحملون لأجله من شان

فتحمل العبد الوحيد رضاه مع

فيض العدو وقلة الأعوان

مما يدل على يقين صادق

ومحبة وحقيقة العرفان

يكفيه ذلا واغترابا قلة الأ

نصار بين عساكر الشيطان

في كل يوم فرقة تغزوه ان

ترجع يوافيه الفريق الثاني

فسل الغريم المستضام عن الذي

يلقاه بين عدا بلا حسبان

هذا وقد بعد المدى وتطاول ال

عهد الذي هو موجب الاحسان

ولذاك كان كقابض جمرا فسل

أحشاءه عن حرّ ذي النيران

والله أعلم بالذي في قلبه

يكفيه علن الواحد المنان

في القلب أمر لييس يقدر قدره

الا الذي آتاه للانسان

بر وتوحيد وصبر مع رضا

والشكر والتحكيم للقرآن

سبحانه قاسم فضله بين العبا

د فذاك مولى الفضل والاحسان

فالفضل عند الله ليس بصورة الأ

عمال بل بحقائق الايمان

وتفاضل الأعمال يتبع ما يقو

م بقلب صاحبها من البرهان

حتى يكون العاملان كلاهما

في رتبة تبدو لنا بعيان

هذا وبينهما كما بين السما

والأرض في فضل وفي رجحان

ويكون بين ثواب ذا وثواب ذا

رتب مصاعفة بلا حسبان

هذا عطاء الرب جل جلاله

وبذاك تعرف حكمة الرحمن

يا خاطب الحور الحسان وطالبا

لوصالهن بجنة الحيوان

لو كنت تدري من خطبت ومن طلب

ت بذلت ما تحوي من الأثمان

أو كنت تدري أين مسكنها جعل

ت السعي منك لها على الأجفان

ولقد وصفت طريق مسكنها فان

رمت الوصال فلا تكن بالواني

أسرع وحدث السير جهدك انما

مسراك هذا ساعة لزمان

فاعشق وحدّث بالوصال النفس واب

ذل مهرها ما دمت ذا امكان

واجعل صيامك قبل لقياها ويو

م الوصل يوم الفطر من رمضان

واجعل نعوت جمالها الحادي وسر

تلقي المخاوف وهي ذات أمان

لا يلهينك منزل لعبت به

أيدي البلا من سالف الأزمان

فاقد ترحل عنه كل مسرة

وتبدلت بالهم والأحزان

سجن يضيق بصاحب الايمان ل

كن جنّة الماوى لذي الكفران

سكانها أهل الجهالة والبطا

لة والسفاهة أنجس السكان

وألذهم عيشا فأجلهم لحق

الله ثم حقائق القرآن

عمرت بهم هذي الديار وأقفرت

منخم ربوع العلم والايمان

قد آثروا الدنيا ولذة عيشها ال

فاني على الجنات والرضوان

صحبوا الأماني وابتلوا بحظوظهم

ورضوا بكل مذلة وهوان

كدحا وكدا لا يفتر عنهم

ما فيه من غم ومن أحزان

والله لو   شاهدت هاتيك الصدو

ر رأيتها كمراجل النيران

ووقودها الشهوات والحسرات والآ

لام لا تخبو مدى الأزمان

أبدانهم أجداث هاتيك النفو

س اللائي قد قبرت مع الأبدان

أرواحهم في وحشة وجسومهم

في كدحها لا في رضا الرحمن

هربوا من الرق الذي خلقوا له

فبلو ربق النفس والشيطان

لا ترض ما اختاروه هم لنوفسهم

فقد ارتضوا بالذل والحرمان

لو سارت الدنيا جناح بعوضة

لم يسق منها الرب ذو الكفران

لكنها والله أحقر عنده

من ذا الجناح القاصر الطيران

ولقد تولت بعد عن أصحابها

فالسعد منها حل بالدبران

لا يرتجي منها الوفاء لصبها

أين الوفا من غادر خوان

طبعت على كدر فكيف ينالها

صفو أهذا قط في  الامكان

ياعاشق الدنيا تأهب للذي

قد ناله العشاق كل زمان

أو ماسمعت بل رأيت مصارع ال

عشاق من شيب ومن شبان

فاسمع اذا أوصافها وصفات ها

تيك المنازل ربة الاحسان

هي جنة طابت وطاب نعيمها

فنعيمها باق وليس بفان

دار السلام وجنة المأوى ومن

زل عسكر الايمان والقرآن

فالدار دار سلامة وخطابهم

فيها سلام واسم ذي الغفران

درجاتها مائة وما بين اثنتي

ن فذاك في التحقيق للحسبان

مثل الذي بين السماء وبين هذي

الأرض قول الصاق والبرهان

لكن عاليها هو الفردوس مس

قوف بعرش الخالق الرحمن

وسط الجنان وعلوها فلذاك كا

نت قبة من أحسن البنيان

منه تفجر سائر الأنهار فال

ينبوع منه نازل بجنان

أبوابها حق ثمانية أتت

في النص وهي لصاحب الاحسان

باب الجهاد  وذاك أعلاها وبا

ب الصوم يدعي الباب بالريان

ولكل سعي صالح باب ورب

السعي منه داخل بأمان

ولسوف يدعى المرء من أبوابها

جميعا إذا وفى حلى الايمان

منهم أبو بكر الصديق ذا

ك خليفة المبعوث بالقرآن

سبعون عاما بين كل اثنين من

ها قدّرت بالعد والحسبان

هذا حديث لقيط المعروف بال

خبر الطويل وذا عظيم الشان

وعليه كل جلالة ومهابة

ولكم حواه بعد من عرفان

لكن بينهما مسيرة أربعي

ن رواه حبر الامة الشيباني

في مسند بالرفع وهو لمسلم

وقف كمرفوع بوجه ثان

ولقد روى تقديره بثلاثة ال

أيام لكن عند ذي العرفان

أعني البخاري الرضي وهو منكر

وحديث رواية ذو نكران

هذا وفتح الباب ليس بممكن

الا بنفتاح على أسنان

مفتاحه بشهادة الاخلاص والتو

حيد تلك شهادة الايمان

أسنانه الأعمال وهي شرائع ال

إسلام والمفتاح بالأسنان

لا تلغين هذا المثال فكم به

من حل أشكال لذي العرفان

هذا ومن يدخل فليس بداخل

الا بتوقيع من الرحمن

وكذاك يكتب للفتى لدخوله

من قبل توقيعانمشهوران

إحداهما بعد الممات وعرض أر

اح العباد به على الديان

فيقول رب العرش جا جلاله

للكاتبين وهم أولو الديوان

ذا الاسم في الديوان يكتب ذاك دي

وان الجنان مجاور المنان

ديوان عليين أصحاب القرآ

ن وسنة المبعوث بالقرآن

فإذا انتهى للجسر يوم الحشر يع

طى للدخول اذا كتاب ثان

عنوانه هذا الكتاب من عزي

ز راحم لفلان ابن فلان

فدعوه يدخل جنة المأوى التي ار

تفعت ولكن لقطوف دوان

هذا وقد كتب اسمه مذ كان في ال

أرحام قبل ولادة الانسان

بل قبل ذلك هو وقت القبضتي

ن كلاهما للعدل والاحسان

سبحان ذي الجبروت والملكوت وال

إجلال والاكرام والسبحان

والله أكبر عالم الأسرار وال

إعلان واللحظات بالأجفان

والحمد لله السميع لسائر ال

أصوات من سر ومن إعلان

وهو الموحد والمسبح والممج

د والحميد ومنزل القرآن

والأمر من قبل ومن بعد له

سبحانك اللهم ذا السلطان

هذا وان صفوفهم عشرون مع

مائة وهذي الأمة الثلثان

يرويه عنه بريدة إسناده

سرط الصحيح بمسند الشيباني

وله شواهد من حديث أبي هري

رة وابن مسعود وحبر زمان

أعني ابن عباس وفي إسناده

رجل ضعيف غير ذي اتقان

ولقد أتانا في الصحيح بأنهم

شطر وما اللفظان مختلفان

إذ قال أرجو تكونوا شطرهم

هذا رجاء منه للرحمن

أعطاه رب العرش ما يرجو وزا

د من العطاء فعال ذي الاحسان

هذا وأول زمرة فوجوههم

كالبدر ليل الست بعد ثمان

السابقون هم وقد كانوا هنا

أيضا أولي سبق الى الاحسان

والزمرة الأخرلا كأضواء كوكب

في الأفق تنظره به العينان

أمشاطهم ذهب ورشحهم فمس

ك خالص يا ذلة الحرمان

ويرى الذين بذيلها من فوقهم

مثل الكواكب رؤية بعيان

ما ذاك مختصا برسل الله بل

لهم وللصديق ذي الايمان

هذا وأعلاهم فناظر ربه

في كل يوم وقته الطرفان

لكن أدناهم وما فيهم دني

إذ ليس في الجنات من نقصان

فهو الذي تلقى مسافة ملكه

بسنيننا ألفان كاملتان

فيرى بها أقصاه حقا مثل رؤ

يته لأدناه القريب الداني

أو ماسمعت بأن آخر أهلها

يعطيه رب لعرش ذو الغفران

أضعاف دنيانا جميعا عشر أم

ثال لها سبحان ذي الاحسان

هذا وسنهم ثلاث مع ثلا

ثين التي هي قوة الشبان

وصغيرهم وكبيرهم في ذا على

حد سواء ما سوى الولدان

ولقد روى الخدري أيضا أنهم

أبناء عشر بعدها عشران

وكلاهما في الترمذي وليس ذا

بتناقض بل ها هنا أمران

حذف الثلاث ونيف بعد العقو

د وذكر ذلك عندهم سيان

عند اتساع في الكلام فعندما

يأتوا بتحرير فبالميزان

والطول طول أبيهم ستون ل

كن عرضهم سبع بلا نقصان

الطول صح بغير شك في الصحي

حين اللذين هما لنا شمسان

والعرض لم نعرفه في احداهما

لكن رواه أحمد الشيباني

هذا ولا يخفى التناسب بين ه

ذا العرض والطول البديع الشان

كل على مقدرا صاحبه وذا

تقدير متقن صنعة الانسان

ألوانهم بيض وليس لهم لحى

جعد الشعور مكحّلوا الأجفان

هذا كمال الحسن في أبشارهم

وشعورهم وكذلك العينان

ولقد أتى أثر بأن لسانهم

بالمنطق العربي خير لسان

لكنّ في اسناده نظرا ففي

ه راويان وما هما ثبتان

أعني العلاء هو ابن عمرو ثم يح

يى الأشعري وذان مغموزان

والريح يوجد من مسيرة أربعي

ن وإن تشأ مائة فمرويان

وكذا روى سبعين أيضا صح ه

ذا كله وأتى به اثران

ما في رجالهما لنا من مطعن

والجمع بين الكل ذو إمكان

وقد أتى تقديره مائة بخم

س ضربها من غير ما نقصان

إن صح هذا فهو أيضا والذي

من قلبه في غاية الامكان

أما بحسب المدركين لريحها

قربا وبعدا ما هما سيّان

أو باختلاف قرارها وعلوّها

أيضا وذلك اضح التبيان

أو باختلاف السير أيضا فهو أن

واع بقدر إطاقة الانسان

ما بين ألفاظ الرسول تناقض

بل ذلك في الأفهام والأذهان

ونظير هذا سبق أهل الفقر لل

جنات في تقديره أثران

مائة بخمس ضربها أو أربعي

ن كلاهما في ذاك محفوظان

فأبو هريرة قد روى أولاهما

وروى لنا الثاني صحابيان

هذا بحسب تفاوت الفقراء في أس

تحقاق سبقهم الى الاحسان

أو ذا بحسب تفاوت في الأغنيا

ء كلاهما لا شك موجودان

هذا وأولهم دخولا خير خل

ق الله من قد خصّ بالقرآن

والأنبياء على مراتبهم من الت

فضيل تلك مواهب المنان

هذا وأمة أحمد سباق با

قي الخلق عند دخولهم بجنان

وأحقهم بالسبق أسبقهم الى ال

إسلام والتصديق بالقرآن

وكذا أبو بكر هو الصديق أس

بقهم دخولا قول عند ذي البرهان

وروى ابن ماجه أن أولهم يصا

فحه اله العرش ذو الاحشان

ويكون أولهم دخولا جنة ال

فردوس ذلك قامع الكفران

فاروق دين الله ناصر قوله

ورسوله وشرائع الايمان

لكنه أثر ضعيف فيه مج

روح يسمى خالدا ببيان

لو صلح كان عمومه المخصوص بالص

ديق قطعا غير ذي نكران

هذا وأولهم دخولا فهو حم

اد على الحلالات للرحمن

إن  كان في السراء أصبح حامدا

أو كان في الضرا فحمد ثان

هذا الذي هو عارف بإلهه

وصفائه وكماله الرباني

وكذا الشهيد فسبقه متيقن

وهو الجدير بذلك الاحسان

وكذلك الملوك حين يقوم بال

حقين سباق بغير توان

وكذا فقير ذو عيال ليس بال

ملحاح بل ذو عفة وصيان

والجنة اسم الجنس وهي كثيرة

جدا ولكن أصلها نوعان

ذهبيتان بكل ما حوتاه من

حلى وآنية ومن بنيان

وكذاك أيضا ففضة ثنتان من

حلى وبنيان وكل أوان

لكن دار الخلد والمأوى وعد

ن والسلام اضافة لمعان

أوصافها استدعت اضفتها الي

ها مدحة مع غاية التبيان

لكنما الفردوس أعلاها وأو

سطها مساكن صفوة الرحمن

أعلاه منزلة لأعلى الخلق من

زلة هو المبعوث بالقرآن

وهي الوسيلة وهي أعلى رتبة

خلصت له فضلا من الرحمن

ولقد أتى في سورة الرحمن تف

ضيل الجنان مفصلا ببيان

هي أربع ثنتان فاضلتان ثم

يليهما ثنتان مفضولان

فالأوليان الفضليان لأوجه

عشر ويعسر نظمها بوزان

واذا تأملت السياق وجدتها

فيه تلوح لمن له عينان

سبحان من غرست يداه جنة ال

فردوس عند تكامل البنيان

ويداه أيضا أتقنت لبنائها

فتبارك الرحمن أعظم بان

هي في الجنان كآدم وكلاهما

تفضيله من أجل هذا الشان

لكنما الجهميّ ليس لديه من

ذا الفضل شيء فهو ذو نكران

ولد عقوق عق والده ولم

يثبت بذا فضلا على شيطان

فكلاهما تأثير قدرته وتأ

ثير المشيئة ليس ثم يدان

آلاهما أو نعمتاه وخلقه

كل بنعمة ربه المنان

لما قضى رب العباد العرش  قا

ل تكلمي فتكلمت ببيان

قد أفلح العبد الذي هو مؤمن

ماذا ادّخرت له من الاحسان

ولقد روى حقا أبو الدرداء ذا

ك عويمر أثرا عظيم الشان

يهتز قلب العبد عند سماعه

طربا بقدر حلاوة الايمان

ما مثله أبدا يقال برأيه

أو كان يا أهلا بذا العرفان

فيه النزول ثلاث ساعات فاح

داهن ينظر في الكتاب الثاني

يمحو ويثبت ما يشاء بحكمة

وبعزة وبرحمة وحنان

فترى الفتى يمسي على حال ويص

بح في سواها ما هما مثلان

هو نائم واموره قد دبرت

ليلا ولا يدري بذاك الشان

والساعة الأخرى الى عدن مسا

كن أهله هم صفوة الرحمن

الرسل ثم الأنبياء ومعهم الص

ديق حسب فلا تكن بجبان

فيها  الذي والله لا عين رأت

كلا ولا سمعت به الأذنان

كلا ولا قلب به خطر المثا

ل له تعالى الله ذو السلطان

والساعة الأخرى الى هذي السما

ء يقول هل من تائب ندمان

أو داع أو مستغفر أو سائل

أعطيه اني واسع الاحسان

حتى يصلي الفجر يشهدها مع ال

أملاك تلك شهادة القرآن

هذا الحديث بطوله وسياقه

وتمامه في سنة الطبراني

وبناؤها اللبنات من ذهب

وأخرى فضة نوعان محتلفان

وقصورها من لؤلؤ وزبرجد

أو فضة أو خالص العيقان

وكذاك من در وياقوت به

نظم الناء بغاية الاتقان

والطين مسك خالص أو زعفرا

ن جابذا أثران مقبولان

ليسا بمختلفين لا تنكرهما

فهما الملاط لذلك البنيان

والأرض مرمرة مخالص فضة

مثل المرات تناله العينان

في مسلم تشبيهها بالدرمك الص

افي وبالمسك العظيم الشان

هذا لحسن اللون لكن ذا لطي

ب الريح صار هناك تشبيهان

حصباؤها در وياقوت كذا

ك لآلىء نثرت كنثر جمان

وترابها من زعفران أو من الم

سك الذي ما استلّ من غزلان

غرفاتها في الجو ينظر بطنها

من ظهرها والظهر من بطنان

سكانها أهل القيام مع الصيا

م وطيب الكلمات والاحسان

ثنتان خالص حقه سبحانه

وعبيده أيضا لهم ثنتان

للعبد فيها خيمة من لؤلؤ

قد جوفت هي صنعة الرحمن

ستون ميلا طولها في الجو في

كل الزوايا أجمل النسوان

يغشى الجميع فلا يشاهد بعضهم

بعضا وهذا لاتساع مكان

فيها مقاصير بها الأبواب من

ذهب ودر زين بالمرجان

وخيامها منصوبة برياضها

وشواطئ الأنهار ذي الجريان

ما في الخيام سوى التي لو قابلت

للنيرين لقلت منكسفان

له هاتيك الخيام فكم بها

للقلب من علق ومن أشجان

فيهن حور قاصرات الطرف خي

رات حسان من خير حسان

خيرات أخلاق حسان أوجها

فالحسن والاحسان متفقان

فيها الأرائك وهي من سرر علي

هن الحجال كثيرة الألوان

لا تستحق اسم الأرائك دون ها

تيك الحجال وذاك وضع لسان

بشخانة يدعونها بلسان فا

رس وهو ظهر البيت ذي الأركان

أشجارها نوعان منها ما له

في هذه الدنيا مثال ذان

كالسدر أصل النبق مخضود مكا

ن الشوك من ثمر ذوي ألوان

هذا وظل السدر من خير الظلا

ل ونفعه الترويح للأبدان

وثماره أيضا ذوات منافع

من بعضها تفريح ذي الأحزان

والطلح وهو الموز منضود كما

نضدت يد باصابع وبنان

أو أنه شجر البوادي موقرا

حملا مكان الشوك في الأغصان

وكذلك الرمان والأعناب والن

خل التي منها القطوف دوان

هذا ونوع ما له في هذه الد

نيا نظير كي يرى بعيان

يكفي من التعجاج قول الهنا

من كل فاكهة بها زوجان

وأتوا به متشابها في اللون مخ

تلف الطعوم فذاك ذو ألوان

أو أنه متشابه في الاسم مخ

تلف الجعوم فذاك قول ثان

أو انه وسط خيار كله

فالفحل منه ليس ذا ثنيان

أو أنه لثمارنا ذي مشبه

في اسم ولون ليس يختلفان

لكن لبهجتها ولذة طعمها

أمر سوى هذا الذي تجدان

فيلذها في الأكل عند منالها

وتلذها من قبله العينان

قال ابن عباس وما بالجنة ال

عليا سوى أسماء ما تريان

يعني الحقائق لا تماثل هذه

وكلاهما في الاسم متفقان

يا طيب هاتيك الثمار وغرسها

في المسك ذاب الترب للبستان

وكذلك الماء الذي يسقى به

ياطيب ذاك الورد للظوآن

وإذا تناولت المار أتت نظي

رتها فحلت دونها بمكان

لم تنقطع أبدا ولم ترقب نزو

ل الشمس من حمل الى ميزان

وكذاك لم تمنع ولم تحنج الى

أن ترتقي للقنو في العيدان

بل ذللت القطوف فكيف ما

شئت انتزعت بأسهل الامكان

ولقد أتى أثر بأن الساق من

ذهب رواه الترمذي ببيان

قال ابن عباس وهاتيك الجذو

ع زمرد من أحسن الألوان

ومقطعاتهم من الكرم الذي

فيها ومن سعة من العقيان

وثمارها ما فيه من عجم كأم

ثال القلال فجلّ ذو الاحسان

وظلالها معدودة ليست تقي

حرا ولا شمسا وأنى ذان

أو ما سمعت بظل أصل واحد

فيه يسير الراكب العجلان

مائة سنين قدرت لا تنقضي

هذا العظيم الأصل والأفنان

ولقد روى الخدري أيضا أن طو

بى قدريها مائة بلا نقصان

تتفتح الأكمام فيها عن لبا

سهم بما شاءوا من الألوان

قال ابن عباس ويرسل ربنا

ريحا تهز ذوائب الأغصان

فتثير أصواتا تلذ لمسمع الا

نسان كالنغمات بالأوزان

يا لذة الأسماع لا تتعوضي

بلذاذة الأوتار والعيدان

أو ما سمعت سماعهم فيها غنا

ء الحور بالأصوات والألحان

واها لذيّاك السماع فإنه

ملئت به الأذنان بالاحسان

واها لذيّاك السماع وطيبه

من مثل أقمار على أغصان

واها لذيّاك السماع فكم به

للقلب من طرب ومن أشجان

واها لذيّاك السماع ولم أقل

ذيّاك تصغيرا له بلسان

ما ظن سامعه بصوت أطيب ال

أصوات من حور الجنان حسان

نحن النواعم والخوالد خيرا

ت كاملات الحسن والاحسان

لسنا نموت ولا نخاف وما لنا

سخط ولا ضغن من الأضغان

طوبى لمن كنا له وكذاك طو

بى للذي هو حظنا لفظان

في ذاك آثار روين وذكرها

في الترمذي ومعجم الطبراني

ورواه يحيى شيخ الأوزاعي تف

سيرا للفظة يحبرون أغان

نزه سماعك إن أردت سماع ذي

اك الغناء عن هذه الألحان

لا تؤثر الأدنى على الأعلى فتح

رم ذا وذا يا ذلة الحرمان

إن اختيارك للسماع النازل ال

أدنى على الأعلى من النقصان

والله أن سماعهم في القلب وال

إيمان مثل السم في الأبدان

والله ما انفك الذي هو دأبه

أبدا من الاشراك بالرحمن

فلقلب بيت الرب جل جلاله

حبا واخلاصا مع الاحسان

فإذا تعلق بالسماع اصاره

عبدا لكل فلانة وفلان

حب الكتاب وحب ألحان الغنا

في قلب عبد ليس يجتمعان

ثقل الكتاب عليهملما رأوا

تقييده بشرائع الايمان

واللهو خف عليهم ولما رأوا

ما فيه من طرب ومن ألحان

قوت النفوس وانما القرآن قو

ت القلب أنى يستوي القوتان

ولذا تراه حظ ذي النقصان كال

جهال والصبيان والنسوان

وألذهم فيه أقلهم من العقل

الصحيح فسل أخا العرفان

يا لذة الفساق لست كلذة ال

أبرار في عقل ولا قرآن

أنهارها في غير أخدود جرت

سبحان ممسكها عن الفيضان

من تحتهم تجري كما شاءوا مفج

رة وما للنهر من نقصان

عسل مصفى ثم ماء ثم  خم

ر  ثم أنهار من الألبان

والله ما تلك المواد كهذه

لكن هما في اللفظ مجتمعان

هذا وبينهما يسير تشابه

وهو اشتراك قام بالأذهان

وطعامهم ما تشتهيه نفوسهم

ولحوم طير ناعم وسمان

وفواكه شتى بحسب مناهم

يا شبعة كملت لذي الايمان

لحم وخمر والنسا وفواكه

والطيب مع روح ومع ريحان

وصحافهم ذهب تطوف عليهم

بأكف خدام من الولدان

وانظر الى جعل اللذاذة للعيو

ن وشهوة للنفس في القرآن

للعين منها لذة تدعو الى

شهواتها بالنفس والأمران

سبب التناول وهو يوجب لذة

أخرى سوى ما نالت العينان

يسقون فيها من رحيق ختمه

بالمسك أوله كمثله الثاني

مع خمرة لذت لشاربها بلا

غول ولا داء ولا نقصان

والخمر في الدنيا فهذا وصفها

تغتال عقل الشارب السكران

وبها من الأدواء ما هي أهله

ويخاف من عدم لذي الوجدان

فنفى لنا الرحمن أجمعها عن ال

خمر التي في جنة الحيوان

وشرابهم من سلسبيل مزجه ال

كافور ذاك شراب ذي الاحسان

هذا شرب أولي اليمين ولكن ال

أبرار شربهم المقرب خيرة الرحمن

صفى المقرب سعيه فصفا له

ذاك الشراب  فتلك تصفيتان

لكن أصحاب اليمين فأهل مز

ج بالمباح وليس بالعصيان

مزج الشراب لهم كما مزجوا

هم الأعمال ذاك المزج بالميزان

هذا وذو التخليط مزجا أمره

والحكم فيه لربه الديان

هذا وتصريف المآكل منهم

عرق يفيض لهم من الأبدان

كروائح المسك الذي ما فيه خل

ط غيره من سائر الألوان

فتعود هانيك البطون ضوامرا

تبغي الطعام على مدى الأزمان

لا غائط فيها ولا بول ولا

مخط ولا بصق من الانسان

ولهم جشاء ريحه مسك يكو

ن به تمام الهم بالاحسان

هذا وهذا صح عنه فواحد

في مسلم ولأحمد الأثران

وهم الملوك على الأسرة فوق ها

تيك الرؤوس مرصع التيجان

ولباسهم من سندس خضر ومن

استبرق نوعان معروفان

ما ذلك من دود بنى من فوقه

تلك البيوت وعاد ذا الطيران

كلا ولا نسجت على المنوال نس

ج ثيابنا بالقطن والكتان

لكنها حلل تشق ثمارها

عنها رأيت شقائق النعمان

بيض وخضر ثم صفر ثم حم

ر كالرباط بأحسن الألوان

لا تقرب الدنس المقرب للبلى

ما للبلى فيهن من سلطان

ونصيف احداهن وهو خمارها

ليست له الدنيا من الأثمان

سبعون من حلل عليها لا تعو

ق الطرق عن مخ ورا الساقان

لكن يراه من ورا ذا كله

مثل الشراب لذي زجاج أوان

والفرش من استبرق قد بطنت

ما ظنكم بظهارة لبطان

مرفوعة فوق الأسرة يتكئ

هو والحبيب بخلوة وأمان

يتحدثان عن الأرائك ما ترى

حبين في الخلوات ينتجيان

هذا وكم زريبة ونمارق

ووسائد صفت بلا حسبان

والحلى أصفى لؤلؤ وزبرجد

وكذاك أسورة من العقيان

ما ذاك يختص الاناث وانما

هو للاناث كذاك للذكران

التاركين لباسه في هذه الد

نيا لأجل لباسه بجنان

أو ما سمعت بأن حليتهم الى

حيث انتهاء وضوئهم بوزان

وكذا وضوء أبي هريرة كان قد

فازت به العضدان والساقان

وسواه أنكر ذا عليه قائلا

ما الساق موضع حلية الانسان

ما ذاك الا موضع الكعبين والز

دين لا الساقان والعضدان

وكذاك أهل الفقه مختلفون في

هذا وفيه عندكم قولان

والراجح الأقوى انتهاء وضوئنا

للمرفقين كذلك الكعبان

هذا الذي قد حده الرحمن في ال

قرآن لا تعدل عن القرآن

واحفظ حدود الرب لا تتعدها

وكذاك لا تجنح الى النقصان

وانظر الى فعل الرسول تجده قد

أبدى المراد وجاء بالتبيان

ومن استطاع يطيل غرته فمو

قوف على الراوي هو الفوقاني

فأبو هريرة قال ذا من كيسه

فغدا يميزه أولو العرفان

ونعيم الراوي له قد شك في

رفع الحديث كذا روى الشيباني

وإطالة الغرات ليس ببمكن

أبدا وذا في غاية التبيان

يا من يطوف بكعبة الحسن التي

خفت بذاك الحجر والأركان

ويظل يسعى دائما حول الصفا

ومحسّر مسعاه لا العلمان

ويروم قربان الوصال على منى

والخيف يحجبه عن القربان

فلذا تراه محرما أبدا ومو

ضع حله منه فليس بدان

يبغي التمتع مفردا من حبه

متجردا يبغي شفيع قران

فيظل بالجمرات يرمي قلبه

هذي مناسكه بكل زمان

والناس قد قضوا مناسكهم وقد

حثوا ركائبهم الى الأوطان

وحدت بهم همم لهم وعزائم

نحو المنازل أول الأزمان

زفعت لهم في السير أعلام الوصا

ل فشمّروا يا خيبة الكسلان

ورأوا على بعد خياما نشرفا

ت مشرقات النور والبرهان

فتيمموا تلك الخيام فآنسوا

فيهن أقمارا بلا نقصان

من قاصرات الطرف لا تبغى سوى

محبوبها من سائر الشبان

قصرت عليه طرفها من حسنه

والطرف في ذا الوجه للنسوان

أو أنها قصرت عليه طرفه

من حسنها فالطرف للذكران

والأول المعهود من وضع الخطا

ب فلا تحدن عن ظاهر القرآن

ولربما دلت اشارته على الث

اني فتلك اشارة لمعان

هذا وليس القاصرات كمن غدت

مقصورة فهما اذا صنفان

يا مطلق الطرف المعذب في الألى

جردن عن حسن وعن احسان

لا تسبينّك صورة من تحتها

الداء الدوي تبوء بالخسران

قبحت خلائقها وقبح فعلها

شيطانه في صورة الانسان

تنقاد للأنذال والأرذال هم

أكفاؤها من دون ذي الاحسان

ما ثم من دين ولا عقل ولا

خلق ولا خوف من الرحمن

وجمالها زور ومصنوع فان

تركته لم تطمح لها العينان

طبعت على ترك الحفاظ فما لها

بوفاء حق البعل قط يدان

ان قصر الساعي عليها ساعة

قالت وهل أوليت من احسان

أو رام تقويما لها استعصت ولم

تقبل سوى التعويج والنقصان

أفكارها في المكر والكيد الذي

قد حار فيه فكرة الانسان

فجمالها قشر رقيق تحته

ما شئت من عيب ومن نقصان

نقد رديء فوقه من فضة

شيء يظن به من الأثمان

فالناقدون يرون ماذا تحته

والناس أكثرهم من العميان

أما جميلات الوجوه فخائنا

ت بعولهن وهن للأخدان

والحافظات الغيب منهن التي

قد أصبحت فردا من النسوان

فانظر مصارع من يليك ومن خلا

من قبل من شيب ومن شبان

وارغب بعقلك أن تبيع العالي ال

باقي بذا الأدنى الذي هو فان

إن كان قد أعياك خود مثل ما

تبغي ولم تظفر الى ذا الآن

فاخطب من الرحمن خودا ثم قد

م مهرها ما دمت ذا إمكان

ذاك النكاح عليك أيسر أن يكن

لك نسبة للعلم والايمان

والله لم تخرج الى الدنيا للذ

ة عيشها أو للحطام الفاني

لكن خرجت لكي تعد الزاد لل

أخرى فجئت بأقبح الخسران

أهملت جمع الزاد حتى فات بل

فات الذي ألهاك عن ذا الشان

والله لو أنّ القلوب سليمة

لتقطعت أسفا من الحرمان

لكنها سكرى بحب حياتها الد

نيا وسوف نفيق بعد زمان

فاسمع صفات عرائس الجنات ثم اخ

تر لنفسك يا أخا العرفان

حور حسان قد كملن خلائقا

ومحاسنا من أجمل النسوان

حتى يحار الطرف في الحسن الذي

قد ألبست فالطرف كالحيران

ويقول لما أن يشاهد حسنها

سبحان معطي الحسن والاحسان

والطرف يشري من كؤوس جمالها

فتراه مثل الشارب النشوان

كملت خلائقها وأكمل حسنها

كالبدر ليل الست بعد ثمان

والشمس تجري في محاسن  وجهها

والليل تحت ذوائب الأغصان

فتراه يعجب وهو موضع ذاك من

ليل وشمس كيف يجتمعان

فيقول سبحان الذي ذا صنعه

سبحان متقن صنعة الانسان

لا اليل يدرك شمسها فتغيب عن

د مجيئه حتى الصباح الثاني

والشمس لا تأتي بطرد الليل بل

يتصاحبان كلاهما اخوان

وكلاهما مرآة صاحبه اذا

ما شاء يبصر وجهه يريان

فيرى محاسن وجهه في وجها

وترى محاسنها به بعيان

حمر الخدود ثغورهن لآلئ

سود العيون فواتر الأجفان

والبرق يبدو حين يبسم ثغرها

فيضيء سقف القفصر بالجدران

ولقد روينا أن برقا ساطعا

يبدو فيسأل عنه من بجنان

فيقال هذا ضوء ثغر صاحبك

في الجنة العليا كما تريان

لله لاثم ذلك الثغر الذي

في لثمه إدراك كل أمان

ريانة الأعطاف من ماء الشبا

ب فغصنها بالماء ذو جريان

لما جرى ماء النعيم بغصنها

حمل الثمار كثيرة الألوان

فالورد والتفاح والرمان في

غصن تعالى غارس البستان

والقد منها كالقضيب اللدن في

حسن القوام كأوسط القضبان

في مغرس كالعاج تحسب أنه

عالي النقا أو واحد الكثبان

لا الظهر يلحقها وليس ثديها

بلواحق للبطن أو بدوان

لكنهن كواعب ونواهد

فثديهن كألطف الرمان

والجيد ذو طول وحسن في بيا

ض واعتدال ليس ذا نكران

يشكو الحليّ بعاده فله مدى ال

أيام وسواس من الهجران

والمعصمان فان تشأ شبههما

بسبيكتين عليهما كفان

كالزبد لينا في نعومة ملمس

أصداف در دورت بوزان

والصدر متسع على بطن لها

حفت به خصران ذا أثمان

وعليه أحسن سرة هي مجمع ال

خصرين قد غارت من الأعكان

حق من العاج استدار وحوله

حبات مسك جل ذو الاتقان

وإذا انحدرت رأيت أمرا هائلا

ما للصفات عليه من سلطان

لا الحيض يغشاه ولا بول ولا

شيء من الآفات في النسوان

فخذان قد جفا به حرسا له

فجنابه في عزة وصيان

قاما بخدمته هو السلطان بي

نهما وحق طاعة السلطان

وهو المطاع أميره لا ينثني

عنه ولا هو عنده بجبان

وجماعها فهو الشفا لصبها

فالصبّ منه ليس بالضجران

وإذا يجامعها تعود كما أتت

بكرا بغير دم ولا نقصان

فهو الشهي وعضوه لا ينثني

جاء الحديث بذا بلا نكران

ولقد رأينا أن شغلهم الذي

قد جاء في يس دون بيان

شغل العروس بعرسه من بعدما

عبثت به الأشواق طول زمان

بالله لا تسأله عن أشغاله

تلك اليالي شأنه ذو شان

واضرب لهم مثلا بصب غاب عن

محبوبه في شاسع البلدان

والشوق يزعجه اليه وما له

بلقائه سبب من الامكان

وافى اليه بعد طول مغيبه

عنه وصار الوصل ذا امكان

أتلومه ان صار ذا شغل به

لا والذي أعطى بلا حسبان

يا رب غفرا قد طغت أقلامنا

يا رب معذرة من الطغيان

أقدامها من فضة قد ركبت

من فوقها ساقان ملتفان

والساق مثل العاج ملموم يرى

مخ العظام وراءه بعيان

والريح مسك الجسوم نواعم

واللون كالياقوت والمرجان

وكلاهما يسبي العقول بنغمة

زادت على الأوتار والعيدان

وهي العروب بشكلها وبدرها

ونحبب للزوج كل أوان

وهي التي عند الجماع تزيد في

حركاتها للعين والأذنان

لطفا وحسن تبعل وتغنج

وتحبب تفسير ذي العرفان

تلك الحلاوة والملاحة أوجبا

اطلاق هذا اللفظ وضع لسان

فملاحة التصوير قبل غناجها

هي أول وهي المحل الثاني

فإذا هما اجتمعا لصب وامق

بلغت به اللذات كل مكان

أتراب سن واحد متماثل

سن الشباب لأجمل الشبان

بكر فلم يأخذ بكارتها سوى ال

محبوب من انس ولا من جان

حصن عليه حارس من أعظن ال

حرّاس بأسا شأنه ذو شان

فاذا أحسّ بداخل للحصن ول

ى هاربا فتراه ذا امعان

ويعود وهنا حين رب الحصن يخ

رج منه فهو كذا مدى الأزمان

وكذا رواه أبو هريرة أنها

تنصاغ بكرا للجماع الثاني

لكن دراجا أبا السمح الذي

فيه يضعفه أولو الاتقان

هذا وبعضهم يصحح عنه في الت

فسير كالمولود من حبان

فحديثه دون الصحيح وأنه

فوق الضعيف وليس ذا اتقان

يعطي المجامع قوة المائة التي أج

تمعت لأقوى واحد الانسان

لا أن قوته تضاعف هكذا

اذ قد يكون لأضعف الأركان

ويكون أقوى منه ذا نقص من ال

إيمان والأعمال والاحسان

ولقد روينا أنه يغشى بيو

م واحد مائة من النسوان

ورجاله شرط الصحيح رووا لهم

فيه وذا في معجم الطبراني

هذا ودليل أن قدر نسائهم

متفاوت بتفاوت الايمان

وبه يزول توهم الأشكال عن

تلك النصوص بمنة الرحمن

وبقوة المائة التي حصلت له

أفضى الى مائة لا خوران

وأعفهم في هذه الدنيا هو ال

أقوى هناك لزهده الفاني

فاجمع قواك لما هناك وغمض ال

عينين واصبر ساعة لزمان

ما ههنا والله ما يسوى قلا

مة ظفر واحدة ترى بجنان

ما ههنا الا النقار وسيّيء ال

أخلاق مع عيب ومع نقصان

هم وغم دائم لا ينتهي

حق الطلاق أو الفراق الثاني

والله قد جعل النساء عوانيا

شرعا فأضحى البعل وهو العاني

لا تؤثر الأدنى على الأعلى فان

تفعل رجعت بذلة وهوان

وإذا بدت في حلة من لبسها

وتمايلت كتمايل النشوان

تهتز كالغصن الرطيب وحمله

ورد وتفاح على رمان

وتبخرت في مشيها ويحق ذا

ك لمثلها في جنة الحيوان

ووصائف من خلفها وأمامها

وعلى شمائلها وعن أيمان

كالبدر ليلة تتمة قد حف في

غسق الدجى بكواكب الميزان

فلسانه وفؤاده والطرف في

دهش وإعجاب وفي سبحان

فالقبل قبل زفافها في عرسه

والعرس من أثر العرس متصلان

حتى إذا ما واجهته تقابلا

أرايت إذ يتقابل القمران

فسل المتيم هل يحل الصبر عن

ضم وتقبيل وعن فلتان

وسل المتيم ابن خلف صبره

في أي واد أم بأي مكان

وسل المتيم كيف حالته وقد

ملئت له الأذنان والعينان

من منطق رقت حواشيه ووج

ه كم به للشمس من جريان

وسل المتيم كيف عيشته إذا

وهما على فرشيهما خلوان

يتساقطان لآلءا منثورة

من بين منظوم كنظم جمان

وسل المتيم كيف مجلسه مع ال

محبوب في روح وفي ريحان

وتدور كاسات الرحيق عليهما

بأكف أقمار من الولدان

يتنازعان الكأس هذا مرة

والخود أخرى ثم يتكئان

فيضمها وتضمه أرأيت مع

شوقين بعد البعد يلتقيان

غاب الرقيب وغاب كل منكد

وهما بثوب الوصل مشتملان

أتراهما ضجرين من ذا العيش لا

وحياة ربك ما هما ضجران

ويزيد كل منهما حبا لصا

حبه جديدا سائر الأزمان

ووصاله يكسوه حبا بعده

متسلسلا لا ينتهي بزمان

فالوصل محفوف بحب سابق

وبلاحق وكلاهما صنوان

فرق لطيف بين ذاك وبين ذا

يدريه ذو شغل بهذا الشان

ومزيدهم في كل وقت حاصل

سبحان ذي الملكوت والسلطان

يا غافلا عما خلقت له انتبه

جد الرحيل فلست باليقظان

سار الرفاق وخلفوك مع الألي

قنعوا بذا الحظ الخسيس الفاني

ورأيت أكثر من ترى متخلفا

فتبعتهم ورضيت بالحرمان

لكن أتيت بخطتي وعجز وجه

ل بعد ذا وصحبت كل امان

منتك نفسك باللحاق مع القعو

د عن المسير وراحة الأبدان

ولسوف تعلم حين ينكشف الغطا

ماذا صنعت وكنت ذا امكان

والناس بينهم خلاف هل بها

خبل وفي هذا لهم قولان

فنفاه طاوس وابراهيم ثم

مجاهد هم أولو العرفان

وروى العقيلي الصدوق أبو رزي

ن من صاحب المبعوث بالقرآن

أن لا توالد في الجنان رواه تع

ليقا محمد عظيم الشان

وحكاه عنه الترمذي وقال اس

حاق بن ابراهيم ذو الاتقان

لا يشتهي ولدا بها ولو اشتها

ه لكان ذك محقق الامكان

وروى هشام لابنه عن عامر

عن ناجي عن سعد بن سنان

ان المنعم بالجنان إذا اشتهى ال

ولد الذي هو نسخة الانسان

فالحمل ثم الوضع ثم السن في

فرد من الساعات في الأزمان

اسناده عندي صحيح قد روا

ه الرمذي وأحمد الشيباني

ورجال ذا الاسناد محتج بهم

في مسلم وهم أولو اتقان

لكن غريب ما له من شاهد

فرد بذا الاسناد ليس بثان

لولا حديث أبي رزين كان ذا

كلنص يقرب منه في التبيان

ولذاك أوله ابن ابراهيم بال

شرط الذي هو منتفى الوجدان

وبذاك رام الجمع بين حديثه

وأبي رزين وهو ذو امكان

هذا وفي تأويله نظر ف

ان اذا لتحقيق وذي اتقان

ولربما جاءت لغير تحقق

والعكس في أن ذاك وضع لسان

واحتج من نصر الولادة أن في الج

نات سائر شهوة الانسان

والله قد جعل البنين مع النسا

من أعظم الشهوات في القرآن

فأجيب عنه بأنه لا يشتهي

ولدا ولا حبلا من النسوان

واحتج من منع الولادة أنها

ملزومة أمرين ممتنعان

حيض وإنزال المنى وذانك ال

أمران في الجنات مفقودان

وروى صدى عن رسول الله

أن منيّهم إذ ذاك ذو فقدان

بل لا منيّ ولا منية هكذا

يروي سليمان هو الطبراني

وأجيب عنه بأنه نوع سوى ال

معهود في الدنيا من النسوان

فالنفي للمعهود في الدنيا من ال

إيلاد والاثبات نوع ثان

والله خالق نوعنا من أربع

متقابلات كلها بوزان

ذكر وأنثى والذي هو ضده

وكذاك من أنثى بلا نكران

والعكس أيضا مثل حوا أمنا

هي أربع معلومة التبيان

وكذاك مولود لجنان يجوز أن

يأتي بلا حيض ولا فيضان

والأمر في ذا ممكن في نفسه

والقطع ممتنع بلا برهان

ويرونه سبحانه من فوقهم

نظر العيان كما يرى القمران

هذا تواتر عن رسول الله لم

ينكره الا فاسد الايمان

وأتى به القرآن تصريحا وتع

ريضا هما بسياقه نوعان

وهي الزيادة قد أتت في يونس

تفسبر من قد جاء بالقرآن

ورواه عنه مسلم بصحيحه

يروي صهيب ذا بلا كتمان

وهو المزيد كذاك فسر أبو

بكر هو الصديق ذو الايقان

وعليه أصحاب الرسول وتابعو

هم بعدهم تبعية الاحسان

ولقد أتى ذكر اللقا لربنا ال

رحمن في سور من الفرقان

ولقاؤه إذ ذاك رؤيته حكى ال

إجماع فيه جماعة ببيان

وعليه أصحاب الحديث جميعهم

لغة وعرفا ليس يختلفان

هذا ويكفي أنه سبحانه

وصف الوجوه بنظرة بجنان

وأعاد أيضا وصفها نظرا وذا

لا شك بفهم ورؤية بعيان

وأتت أداة اليّ لرفع الوهم من

فكر كذاك ترقب الانسان

وإضافة لمحل رؤيتهم  بذك

ر الوجه إذ قامت به العينان

تالله ما هذا بفكر وانتظا

ر مغيب أو رؤية لجنان

ما في الجنان من انتظار مؤلم

واللفظ يأباه لذي العرفان

لا تفسدوا لفظ الكتاب فليس في

ه حيلة يا فرقة الروغان

ما فوق ذا التصريح شيء ما الذي

يأتي به من بعد ذا التبيان

لو قال أبين ما يقال لقلتم

هو مجمل ما فيه من تبيان

ولقد أتى في سورة التطفيف أن

القوم قد حجبوا عن الرحمن

فيدل بالمفهوم أن المؤمني

ن يرونه في جنة الحيوان

وبذا استدل الشافعي وأحمد

وسواهما من عالمي الأزمان

وأتى بذا المفهوم تصريحا بآ

خرها فلا تخدع عن القرآن

وأتى بذاك مكذبا للكافري

ن الساخرين بشيعة الرحمن

ضحكوا من الكفار يومئذ كما

ضحكوا هم منهم على الايمان

وأثابهم نظرا اليه ضد ما

قد قاله فيهم أولو الكفران

فلاك فسرها الأئمة أنه

نظر الى الرب العظيم الشان

لله ذاك الفهم يؤتيه الذي

هو أهله من جاد بالاحسان

وروى ابن ماجة مسندا عن جابر

خبرا وشاهده ففي القرآن

بينا هم في عيشهم وسرورهم

ونعيمهم في لذة وتهان

واذا بنور ساطع قد أشرقت

منه الجنان قصيها والداني

رفعوا اليه رؤوسهم فرأوه نور

الرب لا يخفى على انسان

واذا بربهم تعالى فوقهم

قد جاء للتسليم بالاحسان

قال السلام عليكم فيرونه

جهرا تعالى الرب ذو السلطان

مصداق ذا يس قد ضمنته عن

د القول من رب بهم رحمن

من ردّ ذا فعلى رسول الله رد

وسوف عند الله يلتقيان

في ذا الحديث علوه ومجيئه

وكلامه حتى يرى بعيان

هذي أصول الدين في مضمونه

لا قول جهم صاحب البهتان

وكذا حديث أبي هريرة ذلك ال

خبر الطويل أتى به الشيخان

فيه تجلى الرب جل جلاله

ومجيئه وكلامه ببيان

وكذاك رؤيته وتكيم لمن

يختاره من أمة الانسان

فيه أصول الدين أجمعها فلا

تخدعك عنه شيعة الشيطان

وحكى رسول الله فيه تجدد ال

غضب الذي للرب ذي السلطان

إجماع أهل العزم من رسل ال

إله وذاك اجماع  على البرهان

لا تخدعنّ عن الحديث بهذه ال

آراء فهي كثيرة الهذيان

أصحابها أهل التخرص والتنا

قض والتهاتر قائلو البهتان

يكفيك أنك لو حرصت فلن ترى

فئتين منهم قط يتفقان

الا اذا ما قلدا لسواهما

فتراهم جيلا من العميان

ويقودهم أعمى يظن كمبصر

يا محنة العميان خلف فلان

هل يستوي هذا ومبصر رشده

الله أكبر كيف يستويان

أو ما سمعت منادي الايمان يخ

بر عن منادي جنة الحيوان

يا أهلها لكم لدى الرحمن وع

د وهو منجزه لكم بضمان

قالوا أما بيضت أوجهنا كذا

أعمالنا أثقلت في الميزان

وكذاك قد أدخلتنا الجنات حي

ن أجرتنا من مدخل النيران

فيقول عندي موعد قد آن أن

أعطيكموه برحمتي وحناني

فيرونه من بعد كشف حجابه

جهرا روى ذا مسلم ببيان

ولقد أتانا في الصحيحين اللذي

ن هما أصح الكتب بعد قرآن

برواية الثقة الصدوق جري

ر البجلي عمن جاء بالقرآن

ان العباد يرونه سبحانه

رؤيا العيان كما يرى القمران

فان استطعتم كل وقت فاحفظوا ال

بردين ما عشتم مدى الأزمان

ولقد روى بضع وعشرون أمرا

من صحب أحمد خيرة الرحمن

أخبار هذا الباب عمن قد أتى

بالوحي تفصيلا بلا كتمان

وألذ شيء للقلوب فهذه ال

أخبار مع أمثالها هي بهجة الايمان

والله لولا رؤية الرحمن في ال

جنات ما طابت لذي العرفان

أعلى نعيم رؤية وجهه

وخطابه في جنة الحيوان

وأشد شيء في العذاب حجابه

سبحانه عن ساكني النيران

وإذ رآه المؤمنون نسوا الذي

هم فيه مما نالت العينان

فإذا توارى عنهم عادوا الى

لذاتهم من سائر الألوان

فلهم نعيم عند رؤيته سوى

هذا النعيم فحبذا الأمران

أو ما سمعت يؤال أعرف خلقه

بجلاله المبعوث بالقرآن

شوقا اليه ولذة النظر التي

بجلال وجه الرب ذي السلطان

فالشوق لذة روحه في هذه ال

دنيا ويوم قيامة الأبدان

تلتذ بالنظر الذي فازت به

دون الجوارح هذه العينان

والله ما في هذه الدنيا ألذ

من اشتياق العبد للرحمن

وكذاك رؤية وجهه سبحانه

هي أكمل اللذات للانسان

لكنما الجهمي ينكر ذا وذا

والوجه أيضا خشية الحدثان

تبا له المخدوع أنكر وجهه

ولقاءه ومحبة الديان

وكلامه وصفاته وعلوه

والعرش عطله من الرحمن

فتراه في واد ورسل الله في

واد وذا من أعظم الكفران

أوماعلمت بأنه سبحانه

حقا يكلم حزبه بجنان

فيقول جل جلاله هل أنتم

راضون قالوا نحن ذو رضوان

أم كيف لا نرضى وقد أعطيتنا

ما لم ينله قط من انسان

هل ثم شيء غير ذا فيكون أف

ضل منه نسأله من المنان

فيقول أفضل منه رضواني فلا

يغشاكم سخط من الرحمن

وبذكر الرحمن واحدهم بما

قد كان منه سالف الازمان

منه اليه ليس ثم وساطة

ما ذاك توبيخا من الرحمن

لكن يعرّفه الذي قد ناله

من فضله والعفو والاحسان

ويسلم الرحمن جل جلاله

حقا عليهم وهو في القرآن

وكذاك يسمعهم لذيذ خطابه

سبحانه بتلاوة الفرقان

فكأنهم لم يسمعوه فبل ذا

هذا رواه الحافظ الطبراني

هذا سماع مطلق وسماعنا ال

قرآن في الدنيا فنوع ثان

والله يسمع قوله بوساطة

وبدونها نوعان معروفان

فسماع موسى لم يكن بوساطة

وسماعنا بتوسط الانسان

من صير النوعين نوعا واحدا

فمخالف للعقل والقرآن

أو ما سمعت بشانهم يوم المزي

د وأنه شأن عظيم الشان

هو يوم جمعتنا ويوم زيارة ال

رحمن وقت صلاتنا وأذان

والسابقون الى الصلاة هم الألى

فازوا بذاك السبق بالاحسان

سبق بسبق والمؤخر ههنا

متأخر في ذلك الميدان

والأقربون الى الامام فهم أولو الز

لفى هناك فههنا قربان

قرب بقرب والمباعد مثله

بعد ببعد حكمة الديان

ولهم منابر لؤلؤ وزبرجد

ومنابر الياقوت والعيقان

هذا وأدناهم وما فيهم دنيّ

من فوق ذاك المسك كالكثبان

ما عندهم أهل المنابر فوقهم

مما يرون بهم من الاحسان

فيرون ربهم تعالى جهرة

نظر العيان كما يرى القمران

ويحاضر الرحمن واحدهم محا

ضرة الحبيب يقول يا ابن فلان

هل تذكر اليوم الذي كنت في

ه مبارزا بالذنب والعصيان

فيقول رب أما مننت بغفرة

قدما فانك واسع الغفران

فيجيبه الرحمن مغفرتي التي

قد أوصلتك الى المحل الداني

ويظلهم اذ ذاك منه سحابة

تأتي بمثل الوابل الهتان

بينا هم في النور اذ غشيتهم

سبحان منشيها من الرضوان

فتظل تمطرهم بطيب ما رأوا

شبها له في سالف الأزمان

فيزيدهم هذا جمالا فوق ما

لهم وتلك مواهب المنان

فيقول جل جلاله قوموا الى

ما قد ذخرت لكم من الاحسان

يأتون سوقا لا يباع ويشترى

فيه فخذ منه بلا أثمان

قد أسلف التجار أثمان المبي

ع بعقدهم في بيعة الرضوان

لله سوق قد أقامته الملا

ئكة الكرام بكل ما احسان

فيها الذي والله لا عين رأت

كلا ولا سمعت به اذنان

كلا ولم يخطر على قلب امرئ

فيكون عنه معبرا بلسان

فيرى امرأ من فوقه في هيئة

فيروعه ما تنظر العينان

فإا عليه مثلها اذ ليس يل

حق أهلها شيء من الأحزان

واها لذا السوق الذي من حله

نال التهاني كلها بأمان

يدعى بسوق تعارف ما فيه من

صخب ولا غش ولا ايمان

وتجارة من ليس تلهيه تجا

رات ولا بيع عن الرحمن

أهل المروة والفتوة والتقى

والذكر للرحمن كل أوان

يا من تعوض عنه بالسوق الذي

ركزت لديه راية الشيطان

لو كنت تدري قدر ذاك السوق لم

تركن الى سوق الكساد الفاني

فاذا هم رجعوا الى أهليهم

بمواهب حصلت من الرحمن

قالوا لهم أهلا ورحبا ما الذي

أعطيتم من ذا الجمال الثاني

والله لازددتم جمالا فوق ما

كنتم عليه قبل هذا الآن

قالوا وأنتم والذي أنشأكم

قد زدتم حسنا على الاحسان

لكن يحق لنا وقد كنا اذا

جلساء رب العرش ذي الرضوان

فهم الى يوم المزيد أشد شو

قا من محب للحبيب الداني

هذا وخاتمة النعيم خلودهم

ابدا بدار الخلد والرضوان

أو ما سمعت منادي الايمان يخ

بر عن مناديهم بحسن بيان

لكم حياة ما بها موت وعا

فية بلا سقم ولا أحزان

ولكم نعيم ما به بؤس وما

لشبابكم هرم مدى الأزمان

كلا ولا نوم هناك يكون ذا

نوم وموت بيننا اخوان

هذا علمناه اضطرارا من كتا

ب الله فافهم مقتضى القرآن

والجهم أفناها وأفنى أهلها

تبا لذاك الجاهل الفتان

طردا لنفي دوام فعل الرب في ال

ماضي وفي مستقبل الأزمان

وأبو الهذيل يقول  يفنى كلما

فيها من الحركات للسكان

وتصير دار الخلد مع سكانها

وثمارها كحجارة البنيان

قالوا ولولا ذاك لم يثبت لنا

رب لأجل تسلسل الأعيان

فالقوم أما جاحدون لربهم

أو منكرون حقائق الايمان

أو ما سمعت بذبحه للموت بي

ن المنزلين كذبح كبش الضان

حاشا لذا الملك الكريم وانما

هو موتنا المحتوم للانسان

والله ينشىء منه كيشا أملحا

يوم المعاد يرى لنا بعيان

ينشىء من الأعراض أجساما كذا

بالعكس كل قابل الامكان

أفما تصدق أن أعمال العبا

تحط يوم العرض في الميزان

وكذاك تثقل تارة وتخف أخ

رى ذاك في القرآن ذو تبيان

وله لسان كفتاه تقيمه

والكفتان اليه ناظرتان

ما ذاك أمرا معنويا بل هو ال

محسوس حقا عند ذي الايمان

أو ما سمعت بأن تسبيح العبا

د وذكرهم وقراءة القرآن

ينشيه رب العرش في صورة يجا

دل عنه يوم قيامة الابدان

أو ما سمعت بأن ذاك حول عر

ش الرب ذو صوت وذو دوران

يشفعن عند الرب جل جلاله

ويذكرون بصاحب الاحسان

أو ما سمعت بأن ذلك مؤنس

في القبر للملفوف في الأكفان

في صورة الرجل الجميل الوجه في

سن الشباب كأجمل الشباب

يأتي يجادل عنك يوم الحشر للر

حمن كي ينجيك من نيران

في صورة الرجل الذي هو شا

حب يا حبذا ذاك الشفيع الداني

أو ما سمعت حديث صدق قد

أتى في سورتين من أول القرآن

فرقان من طير صواف بينهما

شرق ومنه الضوء ذو تبيان

شبههما بغمامتين وان تشا

بغيابتين هما لذا مثلان

هذا مثال الأجر وهو فعالنا

كتلاوة القرآن بالاحسان

فالموت مخلوق بنص الوحي وال

مخلوق يقبل سائر الألوان

في نفسه وبنشأة أخرى بقد

رة قالب الأعراض والألوان

أو ما سمعت بقلبه سبحانه ال

أعيان من لون الى ألوان

وكذلك الأعراض يقلب ربها

أعيانها والكل ذو امكان

لم يفهم الجهال هذا كله

فأتوا بتأويلات ذي البطلان

فمكذب ومؤول ومحير

ما ذاق طعم حلاوة الايمان

لما فسى الجهال في آذانه

أعموه دون تدبر القرآن

فثنى لنا العطفين منه تكبرا

وتبخترا في حلة الهذيان

ان قلت قال الله قال رسوله

فيقول جهلا أين قول فلان

أوما سمعت بأنها القيعان فاغ

رس ما تشاء بذا الزمان الفاني

وغراسها التسبيح والتكبير والت

حميد والتوحيد للرحمن

تبار لتارك غرسه ماذا الذي

قد فاته من مدة الامكان

يا من يقر بذا ولا يسعى له

بالله قل لي كيف يجتمعان

أرأيت لو عطلت أرضك من غرا

س ما الذي تجني من البستان

وكذاك لو عطلتها من بذرها

ترجو المغل يكون كالكيمان

ما قال رب العالمين وعبده

هذا فراجع مقتضى القرآن

وتأمل الباء التي قد عينت

سبب الفلاح لحكمة الفرقان

وأظن باء النفي قد غرتك في

ذاك الحديث أتى به الشيخان

لن يدخل الجنات أصلا كادح

بالسعي منه ولو على الأجفان

والله ما بين النصوص تعارض

والكل مصدرها عن الرحمن

لكنّ بالاثبات للتسبيب وال

باء التي للنفي بالأثمان

والفرق بينهما ففرق ظاهر

يدريه ذو حظ من العرفان

بالله ما عذر امرئ هو مؤمن

حقا بهذا ليس باليقظان

بل قلبه في رقدة فاذا استفا

ق فلبسه هو حلة الكسلان

تالله لو شاقتك جنات النعي

م  طلبتها بنفائس الأثمان

وسعيت جهدك في وصال نواعم

وكواعب بيض الوجوه حسان

جليت عليك عرائس والله لو

تجلى على صخر من الصوان

رقت حواشيه وعاد لوقته

ينهال مثل نقى من الكثبان

لكن قلبك في القساوة جاز حد

الصخرة والحصباء في أشجان

لو هزك الشوق المقيم وكنت ذا

حس لما استبدلت بالأهوان

أو صادفت منك الصفات حياة قل

ب كنت ذا طلب لهذا الشان

خود تزف الى ضرير مقعد

يا محنة الحسناء بالعميان

شمس لعنين تزف اليه ما

ذا حلية العنين في الغشيان

يا سلعة الرحمن لست رخيصة

بل انت غاليى على الكسلان

يا سلعة الرحمن ليس ينالها

في الألف الا واحد لا اثنان

يا سلعة الرحمن ماذا كفؤها

الا أولو التقوى مع الايمان

يا سلعة الرحمن سوقك كاسد

بين الأراذل سلفة الحيوان

يا سلعة الرحمن أين المشتري

فلقد عرضت بأيسر الأثمان

يا سلعة الرحمن هل من خاطب

فالمهر قبل الموت ذو امكان

يا سلعة الرحمن كيف تصبر ال

خطاب عنك وهم ذوو ايمان

يا سلعة الرحمن لولا أنها

حجبت بكل مكاره الانسان

ما كان عنها قط من متخلف

وتعطلت دار الجزاء الثاني

لكنها حجبت بكل كريهة

ليصد عنها المبطل المتواني

وتنالها الهمم التي تسمو الى

رب العلى بمشيئة الرحمن

فاتعب ليوم معادك الأدنى تجد

راحاته يوم المعاد الثاني

واذا أبت ذا الشان نفسك فات

همها ثم راجع مطلع الايمان

فإذا رأيت الليل بعد وصبحه

ما انشق عنه عمودة لأذان

والناس قد صلوا صلاة الصبح وان

تظروا طلوع الشمس قرب زمان

فاعلم بأن العين قد عميت فنا

شد ربك المعروف بالاحسان

واسأله ايمانا يباشر قلبك ال

محجوب عنه لتنظر العينان

واسأله نورا هاديا يهديك في

طرق المسير اليه كل أوان

والله ما خوفي الذنوب فانها

لعلى طريق العفو والغفران

لكنما أخشى انسلاخ القلب من

تحكيم هذا الوحي والقرآن

ورضا بآراء الرجال وخرصها

لا كان ذاك بمنة الرحمن

فبأي وجه التقى ربي اذا

أعرضت عن ذا الوحي طول زمان

وعزلته عمّا أريد لأجله

عزلا حقيقيا بلا كتمان

صرّحت أن يقيننا لا يستفاد

به وليس لديه من اتقان

أوليته هجرا وتأويلا وتح

ريفا وتفويضا بلا برهان

وسعيت جهدي في عقوبة ممسك

بعراه لا تقليد رأي فلان

يا معرضا عما يراد به وقد

جد المسير فمنتهاه دان

جذلان يضحك آمنا متبخترا

فكأنه قد نال عقد أمان

خلع السرور عليه أوفى حلة

طردت جميع الهم والأحزان

يختال في حلل المسرة ناسيا

ما بعدها من حلة الأكفان

ما سعيه الا لطيب العيش في الد

نيا ولو أفضى الى النيران

قد باع طيب العيش في دار النعي

م بذا الحطام المضمحل الفاني

اني أظنك لا تصدق كونه

بالقرب بل ظن بلا ايقان

بل قد سمعت الناس قالوا جنة

ايضا ونار بل لهم قولان

والوقف مذهبك الذي تختاره

واذا انتهى الايمان للرجحان

أم تؤثر الأدنى عليه وقالت الن

فس التي استعلت على الشيطان

أتبيع نقدا حاصلا بنسيئة

بعد الممات وطي ذي الأكوان

لو أنه بنسيئة الدنيا لها

ن الأمر لكن في معاد ثان

دع ما سمعت الناس قالوه وخذ

ما قد رأيت مشاهدا بعيان

والله لو جالست نفسك خاليا

وبحثتها بحثا بلا روغان

لرأيت هذا كامنا فيها ولو

أمنت لألقته الى الآذان

هذا هو السر الذي من أجله اخ

تارت عليه العاجل المتدان

نقد قد اشتدت اليه حاجة

منها ولم يحصل لها بهوان

أتبيعه بنسيئة في غير هذي

الدار بعد قيامة الأبدان

هذا وان جزمت بها قطعا ول

كن حظها في حيّز الامكان

ما ذاك قطعيا لها والحاصل ال

موجود مشهود برأي عيان

فتألفت من بين شهوتها وشب

هتها قياسات من البطلان

واستنجدت منها رضا بالعاجل ال

أدنى على الموعود بعد زمان

وأتى من التأويل كل ملائم

لمرادها يا رقة الايمان

وضعت الى شبهات أهل الشرك وال

تعطيل مع نقص من العرفان

واستنقصت أهل الهدى ورأيتهم

في الناس كلغرباء في البلدان

ورأت عقول الناس دائرة على

جمع الحطام وخدمة السلطان

وعلى المليحة والمليح وعشرة ال

أحباب والأصحاب والاخوان

فاستوعرت ترك الجميع ولم تجد

عوضا تلذ به من الاحسان

فالقلب ليس يقر ألا في انا

ء فهو دون الجسم ذو جولان

يبغي له سكنا يلذ بقربه

فتراه شبه الواله الحيران

فيحب هذا ثم يهوى غيره

فيظل منتقلا مدى الأزمان

لو نال كل مليحة ورياسة

لم يطئن وكان ذا دوران

بل لو ينال بأسرها الدنيا لما

قرت بما قد ناله العينان

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى

واختر لنفسك أحسن الانسان

فالقلب مضطر الى محبوبه ال

أعلى فلا يغنيه حب ثان

وصلاحه وفلاحه ونعيمه

تجريد هذا الحب للرحمن

فإذا تخلى منه أصبح حائرا

ويعود في ذا الكون ذا هيمان

لكن ذا الايمان يعلم أن ه

ذا كالظلال وكل هذا فان

كخيال طيف ما استتم زيارة

الا وصبح رحيله بأذان

وسحابة طلعت بيوم صائف

فالظل منسوخ بقرب زمان

وكزهرة وافى الربيع بحسنها

او لامعا فكلاهما أخوان

أو كالسراب يلوح للظمآن في

وسط الهجير بمستوى القيعان

أو كالأماني طاب منها ذكرها

بالقول واستحضارها بجنان

وهي الغرور رؤوس أموال المفا

ليس الألى اتجروا بلا أثمان

أو كالطعام يلذ عند مساغه

لكن عقباه كما تجدان

هذا هو المثل الذي ضرب الرسو

ل لها وذا في غاية التبيان

وإذا أردت ترى حقيقتها فخذ

منه مثالا واحدا ذا شان

أدخل بجهدك أصبعا في أليم وان

ظر ما تعلقه اذا بعيان

هذا هو الدنيا كذا قال الرسو

ل ممثلا والحق ذو تبيان

وكذاك مثلها بظل الدوح في

وقت الحرور لقائل الركبان

هذا ولو عدلت جناح بعوضة

عند الاله الحق في الميزان

لم يسق منها كافرا من شربة

ماء وكان الحق بالحرمان

تالله ما عقل امرئ قد باع ما

يبقى بما هو مضمحل فان

هذا ويفتي ثم يقضي حاكما

بالحجر من سفه لذا الانسان

اذ باع شيئا قدره فوق الذي

يعتاضه من هذه الأثمان

فمن السفيه حقيقة ان كنت ذا

عقل واكن العقل للسكران

والله لو أن القلوب شهدن من

ا كان شأن غير هذا الشأن

نفس من الأنفاس هذا العيش ان

قسناه بالعيش الطويل الثاني

يا خسة الشركاء مع عدم الوفا

ء وطول جفوتها من الهجران

هل فيك معتبر فيسلو عاشق

بمصارع العشاق كل زمان

لكن على تلك لعيون غشاوة

وعلى القلوب أكنة النسيان

أخو البصائر حاضر متيقظ

متفرد عن زمرة العميان

يسمو الى ذاك الرفيق الأرفع الأ

على وخلى اللعب للصبيان

الناس كلهم فصبيان وان

بلغوا سوى الأفراد والوحدان

اذا ما رأى ما يشتهيه قال مو

عدك الجنان وجد في الأثمان

اذا أبت الا الجماح أعاضها

بالعلم بعد حقائق الايمان

يرى من الخسران بيع الدائم ال

باقي به يا ذلة الخسران

يرى مصارع أهله من حوله

وقلوبهم كمراجل النيران

مسراتها هن الوقود فان خبت

زادت سعيرا بالوقود الثاني

جاءوا فرادى مثل ما خلقوا بلا

مال ولا أهل ولا اخوان

ما معهم شيء سوى الأعمال فه

ي متاجر للنار أو لجنان

تسعى بهم أعمالهم سوقا الى الد

ارين سوق الخيل بالركبان

صبروا قليلا فاستراحوا دائما

يا عزة التوفيق للانسان

حمدوا التقى عند الممات كذا السرى

عند الصباح فحبذا الحمدان

وحدت بهم عزماتهم نحو العلى

وسروا فما نزلوا الى نعمان

باعوا الذي يفنى من الخزف الخسي

ي بدائم من خالص العقيان

رفعت لهم في السير اعلام  السعا

دة والهدى يا ذلة الحيران

فتسابق الأقوام وابتدروا لها

كتسابق الفرسان يوم رهان

وأخو الهوينا في الديار مخلف

مع شكله يا خيبة الكسلان

يا أيها القارئ لها اجلس مجلس ال

حكم الأمين أتى له الخصمان

واحكم هداك الله حكما يشهد ال

عقل الصريح به مع القرآن

واحبس لسانك برهة عن كفره

حتى تعارضها بلا عدوان

فإذا فعلت فعنده أمثالها

فنزال آخر دعوة الفرسان

فالكفر ليس سوى العناد ورد ما

جاء الرسول به لقول فلان

فانظر لعلك هكذا دون الذي

قد قالها فتفوز بالخسران

فالحق شمس والعيون نواظر

لا تختفي الا على العميان

والقلب يعمى عن هداه مثل ما

تعمى وأعظم هذه العينان

هذا وأني بعد ممتحن بأر

بعة وكلهم ذو أضغان

فظ غليظ جاهل متعلم

ضخم العمامة واسع الأردان

متفيهف متضلع بالجهل ذو

صلع وذو جلح من العرفان

مزجي البضاعة في العلوم وأنه

زاج من الايهام والهذيان

يشكو الى الله الحقوق تظلما

من جهله كشكاية الأبدان

من جاهل متطبب يفتي الورى

ويحيل ذاك على قضا الرحمن

عجت فروج الخلق ثم دماؤهم

وحقوقهم منه الى الديان

ما عنده علم سوى التكفير والت

بديع والتضليل والبهتان

فاذا تيقن أنه المغلوب عن

د تقابل الفرسان في الميدان

قال اشتكوه الى القضاة فانهم

حكموا وألا أشكوه للسلطان

قولوا له هذا يحل الملك بل

هذا يزيل الملك مثل فلان

فاعقره من قبل اشتداد الأمر من

ه بقوة الاتباع والأعوان

واذا دعاكم للرسول وحكمه

فادعوه كلكم لرأي فلان

واذا اجتمعتم في المجالس فالغو

والغوا اذا ما احتج بالقرآن

واستنصروا بمحاضر وشهادة

قد أصلحت بالرفق والاتقان

لا تسألوا الشهداء كيف تحملوا

وبأي وقت بل بأي مكان

وارفوا شهادتهم ومشوا حالها

بل أصلحوها غاية الامكان

واذا هم شهدوا فزكوهم ولا

تصغوا لقول الجارح الطعان

قولوا العدالة منهم قطيعة

لسنا نعارضها بقول فلان

ثبتت على الحكام بل حكموا بها

فالطعن فيها ليس ذا امكان

من جاء يقدح فيهم فليتخذ

ظهرا كمثل جدارة الصوان

واذا هو استعدادهم فجوابكم

أتردها بعداوة الديان

أو حاسد قد بات يغلي صدره

بعداوتي كالمرجل الملآن

لو قلت هذا البحر قال مكذبا

هذا السراب يكون بالقيعان

أو قلت هذي الشمس قال مباهتا

الشمس لم تطلع الى ذا الآن

أو قلت قال الله قال رسوله

غضب الخبيث وجاء بالكتمان

أو حرف القرآن عن موضوعه

تحريف كذاب على القرآن

صال النصوص عليه فهو بدفعها

متوكل بالدأب والديان

فكلامه في النص عند خلافه

من باب دفع الصائل الطعان

فالقصد دفع النص عن مدلوله

كيلا يصول اذا التقى الزحفان

والثالثل الأعمى المقلد ذينك الر

جلين قائد زمرة العميان

فاللعن والتكفير والتبديع والت

ضليل والتفسيق بالعدوان

فاذا هم سألوه مستندا له

قال اسمعوا ما قاله الرجلان

هذا ورابعهم وليس بكلبهم

حاشا الكلاب الآكلي الأنتان

خنزير طبع في خليقة ناطق

متسوف بالكذب والبهتان

كالكلب يتبعهم يشمشم أعظما

يرمونها والقوم للحمان

يتفكهون بها رخيصا سعرها

ميتا بلا عوض ولا أثمان

هو فضلة في الناس لا علم ولا

دين ولا تمكين ذي سلطان

فإذا رأى شرا تحرك يبتغي

ذكرا كمثل تحرك الثعبان

ليزول منه أذى الكساد فينفق ال

كلب العقور على ذكور الضان

فبقاؤه في الناس أعظم محنة

من عسكر يعزى الى غازان

هذي بضاعة ضارب في الأرض يب

غي تاجرا يبتاع بالأثمان

وجد التجار جميعهم قد سافروا

عن هذه البلدان والأوطان

الا الصعافقة الذين تكلفوا

أن يتجروا فينا بلا أثمان

فهم الزبون لها فبالله ارحموا

من بيعة من مفلس مديان

يا رب فارزقها بحقك تاجرا

قد طاف بالآفاق والبلدان

ما كل كنقوش لديه أصفر

ذهبا يراه خالص العقيان

وكذا الزجاج ودرة الغواص في

تمييزه ما إن هما مثلان

هذا ونصر الدين فرض لازم

لا للكفاية بل على الأعيان

بيد وأما باللسان فان عجز

ت فبالتوجه والدعاء بحنان

ما بعد ذا والله للايمان حب

ة خردل يا ناصر الايمان

بحياة وجهك خير مسئول به

وبنور وجهك يا عظيم الشان

وبحق نعمتك التي أوليتها

من غير ما عوض ولا أثمان

وبحق رحمتك التي وسعت جميع ال

خلق محسنهم كذاك الجاني

وبحق أسماء لك الحسنى معا

نيها نعوت المدح للرحمن

وبحق حمدك وهو حمد واسع ال

أكوان بل أضعاف ذي الأكوان

وبأنك الله الاله الحق مع

بود الورى متقدس عن ثان

بل كل معبود سواك فباطل

من دون عرشك للثرى التحتاني

وبك المعاذ ولا ملاذ سواك أن

ت غياث كل ملدد لهفان

من ذاك للمضطر يسمعه سوا

ك يجيب دعوته مع العصيان

انّا توجهنا اليك لحاجة

ترضيك طالبها أحق معان

فاجعل قضاها بعض أنعمك التي

سبغت علينا منك كل زمان

انصر كتابك والرسول ودينك ال

عالي الذي أنزلت بالبرهان

واخترته دينا لنفسك واصطفي

ت مقيمه من أمة الانسان

ورضيته دينا لمن ترضاه من

هذا الورى هو قيم الأديان

وأقر عين رسولك المبعوث بال

دين الحنيف بنصره المتدان

وانصره بالنصر العزيز كمثل ما

قد كنت تنصره بكل زمان

يا رب وانصر خير حزبينا على

حزب الضلال وعسكر الشيطان

يا رب واجعل شر حزبينا فدى

لخيارهم ولعسكر القرآن

يا رب واجعل حزبك المنصور أه

ل تراحم وتواصل وتدان

يا رب وارحمهم من البدع التي

قد أحدثت في الدين كل زمان

يا رب جنبهم طرائقها التي

تفضي بسالكها الى النيران

يا رب واهدهم بنور الوحي كي

يصلوا اليك فيظفروا بجنان

يا رب كن لهم وليا ناصرا

واحفظهم من فتنة الفتان

وانصرهم يا رب بالحق الذي

أنزلته يا منزل القرآن

يا رب هم الغرباء قد

لجأوا اليك وأنت ذو الاحسان

يا رب قد عادوا لأجلك كل

هذا الخلق الا صادق الايمان

قد فارقوهم فيك أحوج ما هم

دنيا اليهم في رضا الرحمن

ورضوا ولايتك التي من نالها

نال الأمان ونال كل اماني

ورضوا بوحيك من سواه وما ار

تضوا بسواه من آراء ذي الهذيان

يا رب ثبتهم على الايمان واج

علهم هداة التائه الحيران

وانصر على حزب النفاة عساكر ال

إثبات أهل الحق والعرفان

وأقم لأهل السنة النبوية ال

انصار وانصرهم بكل زمان

واجعلهم للمتقين أئمة

وارزقهم صبرا مع الايقان

تهدي بأمرك لا بما قد أحدثوا

ودعوا اليه الناس بالعدوان

وأعزهم بالحق وانصرهم به

نصرا عزيزا أنت ذو السلطان

واغفر ذنوبهم وأصلح شأنهم

فلأنت أهل العفو والغفران

ولك المحامد كلها حمدا كما

يرضيك لا يفنى على الأزمان

ملك السموات العلى والأرض وال

موجود بعد ومنتهى الامكان

مما تشاء وراء ذلك كله

حمدا بغير نهاية بزمان

وعلى رسولك أفضل الصلوات والت

سليم منك وأكمل الرضوان

وعلى صحابته جميعا والألى

تبعوهم من بعد بالاحسان

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن قيم الجوزية

avatar

ابن قيم الجوزية حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Ibn-Qayyim-al-Jawziyya@

2

قصيدة

1

الاقتباسات

295

متابعين

محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزُّرْعي الدمشقي، أبو عبد الله، شمس الدين. من أركان الإصلاح الإسلامي، وأحد كبار العلماء. مولده ووفاته في دمشق. تتلمذ لشيخ الإسلام ابن تيمية ...

المزيد عن ابن قيم الجوزية

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة