الديوان » العصر الايوبي » العماد الأصبهاني » بحياتكم ما عندكم بعدي

عدد الابيات : 74

طباعة

بحياتكمْ ما عندكمْ بَعْدي

فسِوَى الأَسَى ما بعدكُمْ عندي

جُودوا برِفْدٍ من خيالكمُ

فخيالكمْ لي غايةُ الرِّفدِ

اسْدُوا إليَّ يداً لأَشْكُرَها

فالشُّكرُ لا يعدو يدَ المُسْدِي

ما لي مجبرٌ غيرُ طيفكُمُ

يُهدي إليَّ القربَ في البعدِ

والعينُ قد دَميَتْ وليس لها

إلاّ مَعينُ الدَّمعِ منْ وِرْدِ

والسَّمعُ في وَقْرٍ لعاذِلهِ

فيكمْ ونارُ الشّوقِ في وَقد

مَنْ غَيْركم للوصلِ أَستَدعي

أو مَن على الهجْرانِ استَعْدي

ما كنتُ أَعلمُ قبلَ فرقتنا

أَنَّ الهوى يومَ النّوى يُردِي

سَقمي شفائي في مودَّتكمْ

وضلالتي في حُبّكم رُشْدي

بالرُّوحِ يفديكم مُحبُّكُمُ

والرُّوحُ أكرمُ ما بهِ يَفْدِي

يا مالكي رِقِّي أَما لكمُ

من رِقةٍ يا حافظي وُدِّي

يا جاحدي حقَّ الودادِ وهل

حقُّ الودادِ يضيعُ بالجَحْدِ

يا دمعُ لا تتركْ مساعدتي

فقد استقالَ الصبرُ من وجدي

طلبَ التّصبُّرَ جاهداً فأبى

قلبٌ مِن الأشواقِ في جَهْدِ

وتكحّلتْ ليلاً بإئمدهِ

عينٌ له مِرهَتْ من السُّهدِ

مُتَفَرِّدٌ بتَجَرُّعِ الأسفِ ال

مُظمي لشوقِ الأجرعِ الفرْدِ

شَهدَ الوداعَ فزادَهُ أَلماً

لمّا أَصابَ الصابَ في الشّهْد

إنْ أَنتَ لم تُهْدِ الشّفاءَ له

وهواكَ ممرضُهُ فمنْ يُهْدِي

أَمَلْتُ نجحكَ لا تُخبْ أَملي

وقصدتُ حِفْظَكَ لا تُضعْ قصدِي

رحَلُوا وقلبي في رحالهمُ

يشكو صدىً ويُشاكُ من صَدِّ

أَلقيتُ عند مثارِ عيسهمُ

نفسي وقلتُ خِدِي على خَدِّي

ناديتُ حاديهمْ بعيشكَ قفْ

للبينِ من حَدْوٍ على حدِّ

رفقاً بعيشِهم أَما لهُمُ

ممّا بدا للبينِ من بُدِّ

فاهدأ هُديتَ فمذ حدوتَ رَموا

جَلَدي الضعيفَ الأُسَّ بالهَدِّ

وجدي بمصرَ يَهيجُ ساكنَهُ

شَغَفي بذكرى ساكني نجدِ

والوجدُ في الأحزانِ كامنةً

عندي خلافُ النّارِ في الزَّندِ

ما للأَحبَّةِ لا عَدِمْتُهُمُ

رَغِبُوا عن الإسعادِ في الزُّهْدِ

أو ليس أحبابي بنو زمني

لا غَرْوَ إنْ لم يحفظوا عَهدي

إن لم يَفوا فلقد وفى كَرَماً

عبدُ الرحيم بذمّةِ المجدِ

الفاضلُ المفضالُ والنَّدِسُ ال

مُسْدي النّدى والماجدُ المُجدي

ما إنْ يضلُّ بقاصدٍ أَمَل

إلاّ ويضمنُ أَنه يَهْدي

يُسدي إِليَّ منيرَ انعُمه

وأنيرُ مِدْحَتَهُ كما أُسدي

العُرفُ معتاد له خلقٌ

وبه تراه غيرَ مُعتدِّ

بجنابهِ يدنو جَنَى أَملي ال

نّائي وراحةُ حظيَ المُكدِي

أَبداً تَوالَى مِنْ عوارفه

طُرفٌ تُضافُ لنا إلى تُلْدِ

ويرى رجائي مِن مكارمهِ

في النُّجحِ طَرْفٌ غيرُ مُرتَد

زاكي النِّجارِ أَخو الفخارِ وذو ال

مجدِ الأثيرِ الطاهرِ البُرْدِ

ذو الرتبةِ الشّماءِ والشّرفِ ال

عالي السّنا والسؤْددِ العد

النّاسُ كلهمُ له تَبَعٌ

في فضلهِ والدَّهرُ كالعَبْدِ

والبحرُ ذو جَزْرٍ وراحتُهُ

بحرٌ مدَى الأيام في مَدِّ

وله اليراعُ وليُّه أَبداً

يُرْعَى به ويُراعُ ذو الحقْدِ

كم غاضَ بحرُ بنانهِ فغدا

دُرُّ البيانِ يُساقُ في العقْدِ

إن سوَّدَ البيضاءَ بيّضَ منْ

ثوبِ اللّيالي كلَّ مُسْوَد

قَلَمٌ أَقاليمُ البلادِ به

وثغورُها في الضّبْطِ والشّدِ

بهُزالهِ سمَنُ العُلا وكذا

في الهَزْلِ منه حقيقةُ الجد

للسانهِ حُجَجٌ يَرُدُّ بها

جزماً قضايا الألسنِ اللُّدِ

ظمآن يُردي كلَّ ذي ظمإٍ

فاعجبْ لذي وِرْدٍ بلا وِرْدِ

مَلكٌ كتيبتُهُ كتابتُهُ

فَرْدٌ بجيشِ النّصرِ في جُنْدِ

الأسمرُ الخطيُّ تابعُهُ

في حكمه والأبيضُ الهندي

والنائباتُ بحدِّهِ أَبداً

مثلومةٌ مغلولهُ الحَدِّ

كم مأزقٍ نَقّى الغرارُ به

للرُّعبِ من جَفنٍ ومن غمْدِ

نَفَذَتْ به اللاماتُ طاعنةً

أَلفاتِ خُرْصانِ القنا المُلْدِ

والسُّمْرُ داميةٌ مطاعنُها

كمراودٍ في أَعيُنٍ رُمْدِ

فرَّجْتَهُ بشَبا مُلَطِّفَةٍ

وَرَدَتْ بقَسْرِ القَسْوَرِ الوَرْدِ

بلطيفِ تدبيرٍ يَرِقُّ له

لصفائهِ قلبُ الصّفا الصَّلْدِ

عُرْفٌ يُبّدلُ بالرَّجاء لنا

في الأزْمِ نُكْرَ الأزمُنِ النُّكْدِ

ناديكَ من نَدِّ النّدَى عَطرٌ

يا مَنْ يَجلُّ نَداهُ عن ندِّ

من سَبْي سَبْيك كلُّ مَحْمَدَةٍ

فَلأَنْتَ حَقّاً مالكُ الحمدِ

وتعيدُ ما تُبدي وتُضعفُهُ

ومَنِ المعيدُ سواكَ والمُبدي

يا مَنْ وجدتُ بلاغتي حَصَراً

في حَصْرِ ما يُوليهِ والعَدِّ

من كلِّ مَنْ عقدَ النوائبَ عن

حَظِّي عُرىً مُوثَوقَةَ الشَّدِّ

فَرَّقتَ أعدائي غداةَ هُمُ

للشرِّ في حشرٍ وفي حَشْدِ

ورفعتّني فوقَ اليّفاعِ ولو

لم تُسْمني لمكثتُ في الوَهْدِ

فَضْلي طرادُ الدَّهرِ غادره

وحظوظُهُ كلَّتْ من الطَّرْدِ

غدرَ الزَّمانُ بكلِّ ذي حَسَبٍ

يأبى الوفاءَ بعيشهِ الرَّغْدِ

زِدْ غَرْسَ رِيِّكَ ريّهُ فلقد

أَضحى بعيدَ العَهْدِ بالعَهْدِ

عَدْوُ العدوِّ يهونُ أَصعبُهُ

ما دمتَ دمتَ عليه لي مُعدي

والشوكُ لا يشكو جنايتَهُ

من كانَ مطلبَهُ جَنَى الوردِ

أَخفى بنو زمني محاسنَهُ

وعتابُ أمي معي وَحْدي

هذا أَوانُ نجازِ وعدِكَ لي

إنَّ الكريمَ لمُنْجزُ الوعدِ

من شَدَّ ظهرَ رجائهِ بكَ هل

يبقى بأَمرٍ غيرِ مُشتّدِ

أَيكونُ زبدةُ ما أُؤَمِّلُهُ

عدمَ التمخُّضِ فيه عن زُبْدِ

أَرِغْم بفضلكَ ضدَّ مَنْقَبتي

لا زالَ فضلُكَ مُرِغمَ الضّدِ

ساعدْ بجدِّكَ لي بقيتَ على

رغمِ الأعادي صاعدَ الجَدّ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن العماد الأصبهاني

avatar

العماد الأصبهاني حساب موثق

العصر الايوبي

poet-Al-Imad-Al-Asbahani@

176

قصيدة

41

متابعين

محمد بن محمد صفي الدين بن نفيس الدين حامد بن ألُه، أبو عبد الله، عماد الدين الكاتب الأصبهاني. مؤرخ، عالم بالأدب، من أكابر الكتاب. ولد في أصبهان، وقدم بغداد حدثاً، فتأدب ...

المزيد عن العماد الأصبهاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة