الديوان » مصر » محمود سامي البارودي » ردي الكرى لأراك في أحلامه

عدد الابيات : 34

طباعة

رُدِّي الْكَرَى لأَرَاكِ فِي أَحْلامِهِ

إِنْ كَانَ وَعْدُكِ لا يَفِي بِذِمَامِهِ

أَوْ فَابْعَثِي قَلْبِي إِلَيَّ فَإِنَّهُ

جَارَى هَوَاكِ فَقَادَهُ بِزِمَامِهِ

قَدْ كَانَ خَلَّفَنِي لِمَوْعِدِ سَاعَةٍ

مِنْ يَوْمِهِ فَقَضَى مَسِيرَةَ عَامِهِ

لَمْ أَدْرِ هَلْ ثَابَتْ إِلَيْهِ أَنَاتُهُ

أَمْ لَمْ يَزَلْ فِي غَيِّهِ وَهُيَامِهِ

عَهْدِي بِهِ صَعْبُ الْقِيَادِ فَمَا لَهُ

أَلْقَى يَدَاً لِلسِّلْمِ بَعْدَ غَرَامِهِ

خَدَعَتْهُ سَاحِرَةُ الْعُيُونِ بِنَظْرَةٍ

مِنْهَا فَمَلَّكَهَا عِذَارَ لِجَامِهِ

يَا هَلْ يَعُودُ إِلَى الْجَوَانِحِ بَعْدَمَا

سَلَبَتْ فَتَاةُ الْحَيِّ ثِنْيَ لِجَامِهِ

تَاللَّهِ لَوْ مَلَكَتْ يَدَايَ جِمَاحَهُ

لَعَقَدْتُ قَائِمَ رَسْنِهِ بِخِدَامِهِ

يَا لائِمَ الْمُشْتَاقِ فِي أَطْرَابِهِ

مَهْلاً إِلَيْكَ فَلَسْتَ مِنْ لُوَّامِهِ

أَظَنَنْتَ لَوْعَتَهُ فُكَاهَةَ مَازِحٍ

فَطَفِقْتَ تَعْذِلُهُ عَلَى تَهْيَامِهِ

إِنْ كُنْتَ تُنْكِرُ شَجْوَهُ فَانْظُر إِلَى

أَنْفَاسِهِ وَدُمُوعِهِ وَسَقَامِهِ

صَبّ بَرَتْهُ يَدُ الضَّنى حَتَّى اخْتَفَى

عَنْ أَعْيُنِ الْعُوَّادِ غَيْرَ كَلامِهِ

نَطَقَتْ مَدَامِعُهُ بِسِرِّ ضَمِيرِهِ

وَذَكَتْ جَوَانِحُهُ بِنَارِ غَرَامِهِ

طَوْرَاً يُخَامِرُهُ الذُّهُولُ وَتَارَةً

يَبْكِي بُكَاءَ الطِّفْلِ عِنْدَ فِطَامِهِ

يَصْبُو إِلَى بَانِ الْعَقِيقِ وَرَنْدِهِ

وَعَرَارِهِ وَبَرِيرِهِ وَبَشَامِهِ

وَادٍ سَرَى فِي جَوِّهِ كَنَسِيمِهِ

وَبَكَى عَلَى أَغْصَانِهِ كَحَمَامِهِ

أَرِجُ النَّبَاتِ كَأَنَّمَا غَمَرَ الثَّرَى

طِيباً مُرُورُ الْخِضْرِ بَيْنَ إِكَامِهِ

مَالَتْ خَمَائِلُهُ بِخُضْرِ غُصُونِهِ

وَصَفَتْ مَوَارِدُهُ بِزُرْقِ جِمَامِهِ

يَا صَاحِبِيإِنْ جِئْتَ ذَيَّاكَ الْحِمَى

فَاحْذَرْ عُيُونَ الْعَيْنِ مِنْ آرامِهِ

وَاسْأَلْ عَنِ الْبَدْرِ الَّذِي كَسَمِيِّهِ

فِي نُورِ غُرَّتِهِ وَبُعْدِ مَرَامِهِ

فَإِنِ اشْتَبَهْتَ وَلَمْ تَجِدْ لَكَ هَادِياً

فَاسْمَعْ أَنِينَ الْقَلْبِ عِنْدَ خِيَامِهِ

فَبِذَلِكَ الْوَادِي غَزَالَةُ كِلَّةٍ

تَرْوُي حَدِيثَ الْفَتْكِ عَنْ ضِرْغَامِهِ

ضَاهَتْ بِقَامَتِهَا سرَاحَ قَنَاتِهِ

وَحَكَتْ بِلَحْظَتِهَا مَضَاءَ حُسَامِهِ

هِيَ مِثْلُهُ فِي الْفَتْكِ أَوْ هُوَ مِثْلُهَا

سِيَّانِ وَقْعُ لِحَاظِهَا وَسِهَامِهِ

فَسَقَى الْحِمى دَمْعِي إِذَا ضَنَّ الْحَيَا

بِجُمَانِ دِرَّتِهِ سُلافَةَ جَامِهِ

مَغْنَىً رَعَيْتُ بِهِ الشَّبِيبَةَ غَضَّةً

وَرَوَيْتُ قَلْبِي مِنْ سُلافِ غَمَامِهِ

فَنَسِيمُ رُوحِي مِنْ أَثِيرِ هَوَائِهِ

وَقِوَامُ جِسْمِي مِنْ مِزَاجِ رَغَامِهِ

لا يَنْتَهِي شَوْقِي إِلَيْهِ وَقَلَّمَا

يَسْلُو حَمَامُ الأَيْكِ عَنْ تَرْنَامِهِ

يَا حَبَّذَا عَصْرُ الشَّبَابِ وَحَبَّذَا

رَوْضٌ جَنَيْتُ الْوَرْدَ مِنْ أَكْمَامِهِ

عَصْرٌ إِذَا رَسَمَ الْخَيَالُ مِثَالَهُ

فِي لَوْحِ فِكْرِي لاحَ لِي بِتَمَامِهِ

إِنِّي لأَذْكُرُهُ وَأَعْلَمُ أَنَّنِي

بَاقٍ عَلَى التَّبِعَاتِ مِنْ آثَامِهِ

مَا كَانَ أَحْسَنَ عَهْدَهُ لَوْ دَامَ لِي

مِنْهُ الْوِدَادُ وَكَيْفَ لِي بِدَوَامِهِ

وَالدَّهْرُ مَصْدَرُ عِبْرَةٍ لَوْ أَنَّنَا

نَتْلُو سِجِلَّ الْغَدْرِ مِنْ آثَامِهِ

عَمْرِي لَقَدْ رَحَلَ الشَّبَابُ وَعَادَنِي

شَيْبٌ تَحَيَّفَ لِمَّتِي بِثَغَامِهِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمود سامي البارودي

avatar

محمود سامي البارودي حساب موثق

مصر

poet-mahmoud-samial-baroudi@

374

قصيدة

8

الاقتباسات

1654

متابعين

محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري. 1255-1322 هـ / 1839-1904 م أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من ...

المزيد عن محمود سامي البارودي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة