الديوان » العصر الأندلسي » ابن خاتمة الأندلسي » وشى بسرك دمع ظل ينسكب

عدد الابيات : 33

طباعة

وَشَى بِسرِّكَ دَمعٌ ظلَّ يَنْسَكِبُ

وغالَ صَبركَ صَدْعٌ ليسَ يَنْشعِبُ

فَما اعِتذارُكَ لِلَّاحي وقَدْ هَتكَتْ

عنكَ الحِجابَ أُمورٌ ليسَ تَنحجبُ

هَيْهاتَ عندي جَوىً لو فَضَّ بادِرةً

منهُ على الشُّهْب ما دارَتْ بهِ الشُّهُبُ

ما كُلُّ جُرحٍ جَناهُ طَرفُ ذي حَوَرٍ

كلّا ولا كُلُّ سُكْرٍ جرَّهُ شَنَبُ

شَربتُ كأْسَ الهَوى وَحدي مُعَتَّقةً

والعاشقونَ جَميعاً فَضْلَها شَربوا

فَمَنْ يَكُنْ عاشِقاً مِثلي يَحقُّ لهُ

ألَّا يُبالي أقامَ الحَيُّ أمْ ذَهبوا

في وَجْهِ مَنْ هَامَ قَلبي فيهِ لي شُغُلٌ

عنْ كُلِّ شُغلٍ فلا يُزْري بكَ الرَّغَبُ

وجهٌ إذا انتَسَبتْ كُلُّ الوُجوهِ إلى

حُسنٍ فَما لِسِواهُ الحُسْنُ ينتسبُ

يالهفَ نَفْسي على خِلٍّ أُفاوضهُ

حَديثَ لَيْلَى فَيُصغي لي كَما يجبُ

مُطَهَّرِ السَّمعِ لا يَثْني لِلائِمةٍ

وَجْهاً ولا يَزدَريه المَيْنُ والكذِبُ

أبثُّه سِرَّ حُسْنٍ جلَّ مُضمَرُهُ

عنْ أن تُطالعهُ الأقلامُ والكُتُبُ

فيه شِفاءٌ من الدَّاءِ العَياءِ سِوى

أنَّ القُلوبَ إلى نَجْواهُ تَنجذِبُ

فَلا تظنَّنَّ أنْ يُصْغي لِنَغْمتِهِ

قلبٌ فَيُسلِمَهُ أخُرى المدى وَصَبُ

سِرٌّ من الحُسْنِ لو يُجلَى سَناهُ عَلى

أعْمَى لأبصرَ ما قَدْ وارَتِ الحُجُبُ

أو قيلَ في أُذُنٍ صمَّاءَ أسْمَعَها

أو رامَهُ أخرسٌ دانتْ له الخُطَبُ

أو خَطَّ في وَجْنَتَيْ مَيْتٍ لأنشرَهُ

وقامَ للحِينِ في أثوابِه يَثِبُ

فهل بذا الحُسنِ ما يُصغَى لناعِته

أو بالَّذي قد بَدا من نَعْتِهِ عَجَبُ

هَبْ صَحَّت الكِيْمِيا أيْنَ المُصيخُ لَها

هَيْهاتَ قَدْ صَعُبَ المَطْلوبُ والطَّلبُ

عَزَّ الرجالُ فهَل مَنْ يُستراح لهُ

بنَفْثةٍ دونَها الأرجاءُ تضطربُ

كرِّرْ لِحاظَكَ في هذا الوُجودِ تَجدْ

عن ذلكَ السِّرِّ مايَبْدو وَيحتجبُ

فَعَنْ لَطائِفِهِ الأفلاكُ دائرةٌ

والشَّمْسُ حاسِرةٌ والبَدر مُنْتقِبُ

والرَّوض مُلْتَحِفٌ والغُصْنُ مُنْعَطِفٌ

والزَّهْرُ مُبْتَسِمٌ والقَطْرُ مُنتَحبُ

ومِلْ بِسَمْعِكَ للطَّيرِ المُرِنِّ إذا

نَمَّ الصَّباحُ فعنهُ ذلِكَ الطَّرَبُ

ولِلمياهِ فَفِيه ما تَراجَعُهُ

ولِلْحُليِّ ففيه الحَلْيُ يَصطخِبُ

وشُمَّ إنْ شِئتَ أنفاسَ النَّسيم إذا

ما حَمَّلَتْهُ شَميمَ الرَّوضةِ السُّحُبُ

تَجِدْ عَليهِ أريجاً عَرْفُهُ عَبِقٌ

لاشَكَّ أنَّ شَذاهُ منهُ مُكْتَسَبُ

في كُلِّ حُسنٍ له مَعْنىً يُشاهِدُه

قَلْبٌ خَلا عنه إفكٌ وامَّحَتْ رِيَبُ

لا يَطمعُ الطَّرْفُ أن يَحْظَى بملْمَحَةٍ

مِن حُسنهِ ولِغَيْرٍ عِنْدهُ أربُ

مابَعَّد الرَّاحَ عَن عَلياءِ حَضْرتهِ

شَيءٌ سوى أنَّها قَدْ خانَها الأدبُ

وعاذلٍ ما دَرى مِقْدارَ مَوْجدتي

يَظُنُّ أنِّيَ مِمَّنْ سَعيُه خَببُ

عَنِّي بلومكَ إنِّي عَنْهُ في شُغُلٍ

ما كلُّ مُلتهب الأحشاءِ مكتئبُ

لي لَوعَتانِ وللعُشَّاقِ واحِدةٌ

شَيءٌ تفرَّدتُ فيهِ والهَوى رُتَبُ

أرضَى لِمَنْ ظَلَّ يَلحاني بِحالتهِ

يَقضي المَدى وهوَ لم يَعْلَق بهِ سَبَبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن خاتمة الأندلسي

avatar

ابن خاتمة الأندلسي حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Ibn-Khatma@

226

قصيدة

108

متابعين

حمد بن عليّ بن محمد بن عليّ بن محمد بن خاتمة، أبو جعفر الأنصاري الأندلسي. طبيب مؤرخ من الأدباء البلغاء. من أهل المريّة (Alme'ria) بالأندلس. تصدر للإقراء فيها بالجامع الأعظم. ...

المزيد عن ابن خاتمة الأندلسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة