الديوان » العصر الأندلسي » يوسف بن هارون الرمادي » من حاكم بيني وبين عذولي

عدد الابيات : 58

طباعة

مَن حاكمٌ بَيني وَبينَ عَذولي

الشَّجوُ شَجوي وَالعَويلُ عَويلي

أَقصِر فَما دينُ الهَوى كُفرٌ وَلا

أَعتَدُّ لَومَك لي مِن التَّنزيلِ

عَجباً لِقَومٍ لَم تَكُن أَذهانهم

لِهَوىً وَلا أَجسادهم لِنحولِ

دَقَّت مَعاني الحُبِّ عَن أَفهامِهم

فَتأولُوهُ أَقبَح التَأويلِ

فَي أَيِّ جارِحَةٍ أَصُونُ مُعذبي

سَلِمَت مِن التَّعذيبِ وَالتَّنكيلِ

إِن قُلتُ في عَيني فَثَمَّ مَدامِعي

أَو قُلتُ في قَلبي فَثَمَّ غَليلي

لَكن جَعلت لَهُ المَسامِعَ مَسكناً

وَحَجَبتُهُ عَن عَذلِ كُلِّ عَذولِ

وَثَلاثِ شَيباتٍ نَزَلن بِمَفرقي

فَعَلِمتُ أَنَّ نَزولهن رَحيلي

طلعت ثَلاثاً في نزولِ ثَلاثةٍ

واشٍ وَوَجهِ مراقبٍ وَثقيلِ

فَعَزَلنني عَن صَبوَتي فَلَئِن ذلل

تُ فَقَد سَمعتُ بذلة المَعذولِ

إِن كُنتُ وَدَّعتُ التَّصابي عن قلىً

وَبَدَت بِرَأسي حجة لعذولِ

قَد أغتَدي وَالصُّبحُ في تَوريسه

تَقضي العُيونُ لَهُ بِوَجهِ عَليلِ

بِأَقبَّ لَونِ الآبنوس مفضضٍ

في غُرَّةٍ مِنهُ وَفي تَحجيلِ

مُستَغرق لصفاتِ زَيدِ الخَيل وال

غَنَويِّ وَالمُزنِيِّ وَالضليلِ

يُزهى بِتحليةِ اللِّجامِ كما زَها

مَلِكٌ مُحَلَّى الرَّأسِ بِالأكيلِ

مُتَقَلِّبٌ مرحُ القَضيبِ اللدنِ قَد

مالَت بِهِ الأَرواحُ كُلَّ مميلِ

يَعلو وَيخفضُ في الصَّهيل كَأَنَّما

هُوَ مُفرِدٌ لَحناً لِكُلِّ صَهيلِ

فَكَأَنَّ في فيه المَلاهي حُرِّكَت

لَكَ في خَفيفٍ تارَةً وَثَقيلِ

قيدت لَنا بيضٌ بَعُدنَ فَلم تُنَل

إِلا بِعَينِ الوَهمِ وَالتَّخييلِ

ريحٌ وَلَكن ما تُغِبُّ بإِثرها

بَرقاً فلم تَمطُلهُ بِالتَّطويلِ

فَلَهُ الملاحظُ مِن حَبيبٍ هاجرٍ

للصبِّ أَو مُتَكبرٍ لِذَليلِ

وَكَأَنَّما فلَّ الخطوبَ لِحازمٍ

قَبل الجِياد بِجدّه المَغلولِ

حَتّى إِذا صِدنا الوُحوشَ فَلم نَدَع

مِنهُنَّ غَيرَ مَعالمٍ وَطُلولِ

قامَت قَوائِمُهُ لَنا بِطعامنا

غَضّاً وَقامَ العُرفُ بِالمنديلِ

وَمُكَبَّلٍ لَم يَجترم جُرماً وَلا

دانَت سَحائِبُهُ بِغَير كبول

مُتدرعٌ بِالوشي إِلا أَن مِد

رَعَهُ يحاكُ عَلَيهِ غَيرَ طَويلِ

فَكَأنَّ بَلقيساً عَلَيهِ إِذ دَنَت

في الصَّرحِ رافعةً لِفَضلِ ذُيولِ

مُتلفتٌ كَتلفّتِ المرتاعِ يَق

سِمُ لَحظه في الجُولِ بَعدَ الجُولِ

حَتَّى إِذا ما السّربُ عَنَّ للحظه

أَومى بِقادمتيه خلِّ سَبيلي

وَنَهَت مُحافظة اللِّسان فَلم تَصل

كَفِّي إِلى ظَبي أَغنَّ كحيلِ

أَرسلته في إِثرِهنَّ كَأَنَّهن

نَ عَصين لي أَمراً وَكانَ رَسولي

وَلَّت جَماعتُها فَشدَّ وَراءَها

وَكَأَنَّهُ بطلٌ وَراءَ رَعيلِ

عَجِلَت وَأَدرَكها ردىً في إِثرها

إِنَّ الرَّدى قَيدٌ لِكلِّ عجولِ

فَقَضى عَلى سَبعين ضارٍ خَطمُهُ

هو عُقدةُ التَّعبير في التَّمثيلِ

حَتَّى إِذا حمل السّحابَ بِجيدِهِ

لَم تَحتَملهُ فَرائصُ المَحمولِ

وَلَقَد غَدَوتُ بِأَهرتٍ مُتضائلٍ

سرُّ النُّفوسِ إِلَيهِ غَير ضَئيلِ

وَلربَّما اشتمَّ الصّعيدَ بِأَنفِهِ

حيناً فَقامَ لَهُ مَقام دَليلِ

مُتَتَبِّعٌ لِطلابه فَكَأنهُ

في القيظ يَطلبُ ظلَّهُ لمقيلِ

في إِثرها وَقعت مَلاحم تَجتَلي

التاريخ بَينَ سَحائب وَمحولِ

فَكأنَّها جَيشٌ بدهم خيول

غاز إِلى جَيش بِشُهبِ خيولِ

قامَت رَواعدها لَهُ بطبول

في حَربِها وَبروقها بنصولِ

وَلَّت جُنودُ المحلِ ثم تَحصنت

في قَلبِ كُلِّ متيمٍ مَعذولِ

بَكَتِ السّحابُ عَلى الرِّياض فَحسنت

مِنها غُروساً مِن دُموع ثكولِ

فَكأنَّها وَالطلُّ يُشرِقُ فَوقَها

وَشيٌ يحاك بلؤلؤ مَفصولِ

غَلَبَت عَلى شَمس النَّهار فَأَلبَسَت

مِنها ظَهيرتها ثيابَ أَصِيلِ

فَنَزَلتُ في فرش الرِّياض وَلَم يَكُن

ليَحوزها مثلي بِغَيرِ نزولِ

سَلب العمامةَ بَيننا مُتَعَمِّمٌ

لَطَمَت سَوالفَه يَدا مَغلولِ

فَوضعتُ في فَمه فمي فعل الَّذي

يَهوى بريق حَبيبه المَعسولِ

غنيَّ الطُّراةُ مِن الذباب لَنا بِها

طرباً فَهجنَ شَمائِلاً بِشمولِ

رَوضٌ تعاهده السّحابُ كَأَنَّه

مُتعاهدٌ مِن عَهدِ إِسماعيلِ

قِسهُ إِلى الأَعرابِ تعلم أَنَّهُ

أَولى مِن الأَعرابِ بِالتَّفضيلِ

حازَت قَبائلهم لغاتٍ جمعت

فيهم وَحازَ لغاتِ كُلِّ قَبيلِ

فَالشَّرقُ خالٍ بَعده فَكأَنَّما

نَزل الخَرابُ بربعه المَأهولِ

جَمَعوا بغيبته وَمَوتِ شُيوخه

عَنهُم وَلما يَظفروا بِبَديلِ

مُذ جاءَهُم وَهُمُ بِلَيلِ هُمومِهم

مِنهُ فَصاروا في دُجى مَوصولِ

فَكَأنَّهُ شَمسٌ بَدَت في غَربنا

وَتَغرَّبَت في شَرقِهم بأفولِ

يا سَيدي هَذا ثنائي لَم أَقُل

زوراً وَلا عَرَّضتُ بِالتَّنويلِ

مَن كانَ يَأملُ نائِلاً فَأَنا اِمرؤٌ

لَم أَرجُ غَيرَ القُربِ في تَأميلي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن يوسف بن هارون الرمادي

avatar

يوسف بن هارون الرمادي حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Youssef-bin-Harun-Al-Ramadi@

139

قصيدة

79

متابعين

يوسف بن هارون الكندي الرمادي، أبو عمر.شاعر أندلسي، عالي الطبقة، من مدّاح المنصور بن أبي عامر. أصله من رمادة (من قرى شلب Silves) ومولده ووفاته بقرطبة. له كتاب (الطير) أجزاء، ...

المزيد عن يوسف بن هارون الرمادي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة