الديوان » العصر الأندلسي » التطيلي الأعمى » يا لذة العيش إني عنك في شغل

عدد الابيات : 59

طباعة

يا لذّةَ العيشِ إني عنكِ في شُغُلِ

لا ناقتي منكِ في شيءٍ ولا جَمَلي

حسبي خَلَعتُك للأعلامِ خافقةً

ألموتُ في ظِلّها أحلى منَ العسل

في كلِّ مضطرمِ الأحشاءِ حالِكِها

ترى الرَّدى فيهِ مُفتاتاً على الأجل

تَعْدُو بسرْجِي إليه كلُّ سابحةٍ

كأنَّ غُرَّتَها في مُرْتَقى زُحَل

قد عُوِّدَتْ أن تخوضَ الماءَ وادعةً

تَهاديَ الخودِ بين الحلْي والحُلَل

والخيلُ فوضى تَبَارَى في أَعِنَّتِها

تعومُ في الدم أو تعْلُو على القُلَل

والحربُ تُلْحِمُ نصلَ السيفِ كلَّ فتىً

لا يُلْحِم السيف إلا هامةَ البَطَل

هناك سَلْ بي ولولا أن يَغُضَّ بها

قومٌ لقلت اشْهدِ الهيجا ولا تَسَل

ونازحٍ بين قُطْرَيْهِ يضيقُ به

ملءُ الفضاءِ فقصّرء عنه أو أطِل

لا ينشأُ الدَّجْنُ فيه خوفَ هاجرةٍ

تَشْتَفُّ ما في نَوَاحِيْهِ منَ البلل

وتَنْثَني الريح عن أَدنى مقاصدهِ

حسْرى تَبَيَّنُ فيها فَتْرَة الكسلِ

نُمْسي المنونُ به غَرْثى ولو ظَفِرَتْ

بأَكْلَةٍ ما أساغَتْها منَ الوجَل

فَسَلْهُ بي فَلَعمْرِيْ إن ثبتَّ له

ليخبرنَّكَ عن أُعْجُوبةٍ جلل

عن قُلَّبِ القَلْبِ يَفْري كلَّ نازلة

حَزماً يسدُّ طريقَ العارِضِ الهَطِل

أكلَّما طلعتْ نفسي إلى أملٍ

لم يَعْدُها عائقٌ عن ذلك الأمل

ذَنْبي إلى الدَّهْرِ حلمْي عن جَرَائمِهِ

أوْلى له لستُ بالواني ولا الوَكِل

لأقْدِمنَّ ولو أثناءَ داهيةٍ

دهياءَ لم تشْتَمِل قَبْلي على رَجُل

لا يحرزُ المجدَ إلا من تَوَزَّرها

إنّ المآثر لا يُحْرَزْن بالحيل

من مُبلغٌ عنّيَ الفتيانَ مألُكَةً

ولستُ أنطِقُ عن إفْكٍ ولا خَطَل

إني تركتَ ابن منظورٍ لواردِهِ

لمعُ السَّرابِ وداعيه ابنة الجبل

فلست أحْنُو بمرآه على صَنمٍ

ولا أُعَرِّجُ مِنْ مَغْنَاه في طَلَلِ

ولا ألوذُ به ملآنَ من صَلَفٍ

يخاتِلُ المجدَ بين الجُبْنِ والبَخَلِ

هذي القصائدُ وَاسمُ الهوزنيِّ لها

وها أنا وأياديهِ الجزيلةُ لي

بَيْني وبينَ العُلا منْ ذِكْرِهِ أردٌ

مثلُ النسيمِ خِلالَ الروضة الخَضِلِ

إليك داعيه لفظ غير مشترك

على الأماني ومعنى غير مشتكل

هات الأحاديث عَنْهُ ربما نَفَعَتْ

ما ليسَ يَنْفَعُ بَرْدُ الماءِ لِلْغُلل

وَمُنْيَتي مَجْلِسٌ منه أغيظ به

قَوْماً ولو جئتُهُ أمْشِي على الأسل

فالثمْ أنَامِلَهُ عنْ خاطِري وَفَمي

واشكرْهُ عنّي وعنْ إحسانه قِبَلي

منْ لي به البحرَ معسولاً مواردُهُ

وقد جلستُ على الضحضاح والوَشل

وأين لي عنه شمساً غير آفِلَةٍ

وإن أردتَ فظلٌّ غيرث منتقل

وقائلاً غيرَ مَنْزُورٍ ولا خَطِلِ

وفاعلاً غير مَنَّانٍ ولا مَذِل

وحامياً لا يُبَالي مَنْ يلوذُ به

أنْ يَكْشِرَ الموتُ عن أنْيَابهِ العُصل

تَقَاصَرَتْ عن عُلاَهُ كلُّ مَرْقَبَةٍ

لو طاولتها مَرَاقي الشُّهْبِ لم تَطُل

يضيقُ شِعْريَ عما أنتَ فاعِلُهُ

وفيه فَضْلٌ على الأيّامِ والدُّولِ

وطائرِ الذِّكْرِ إلاَّ أنَّه نَبَأٌ

إفكٌ يُخَوِّضُ فيه كلُّ مُنْتَحل

شتّى الظنونِ كأنَّ الأرضَ تَطْلُبُهُ

بما جَنَى فَوْقَها من غَامِضِ الوجل

ضَمَّنْتُ مَجْدَكَ أشْعَاري فباتَ لها

كأَنّهُ نَهْبُ أطْرَافِ القنا الذُّبُل

حسادةً لك لا تَعْدُوهُ صَرْعَتُها

وإنْ أتَتْهُ بها الأيَّامُ في مَهَل

عمداَ إليكَ تركْتُ الناسَ كلَّهُمُ

السيدُ الرأيِ لا يؤتْى مِنَ الزلل

أوْلى الأنامِ بأَشْعَاري وإن كَسَدَتْ

مَنْ كانَ أوْلاهُمُ بالقولِ والعمل

جَرَّبتُ من زَمَني ما فيه لي عِظَةٌ

لمثلها أسْرَفَ العُذَّالُ في عَذَلي

لا أخْدَعُ النَّاسَ عنّي قد بَلَوْتُهمُ

يا دهرُ أُنْجُ ويا وشكَ الحمامِ غُلِ

أيَنَفَضِي الدَّهْرُ لم تَظْفَرْ يَدِي بأَخٍ

إذا سمعتُ بسوْءٍ عنهُ لم أخَل

نعمَ النصيبُ منَ الدنيا أخو ثقةٍ

إن حالَ شيءٌ من الأيَّامِ لم يَحُل

حقاً أقولُ لقد أَعْلَيْتَ مِنْ هِمَمي

فسرنَ بي في العُلا سَيْرُورَةَ المثل

حتَّى لأوْهَمْنَني أنَّ الكواكبَ منْ

حَلْييْ وأن صروفَ الدَّهرِ منْ خَوَلي

مُرِ اللياليَ تَفْعَل غيرَ وانيةٍ

وَحُدَّ للقَدَرِ المقدُورِ يَمْتَثِل

واستقصِ بأسَ أبي حَفْصٍ ونائِلَهُ

كلاهما بالذي تَرْضَى عُلاك كِلِ

فَرع سموتَ به في كلِّ مَكْرُمَةٍ

نَسْلٌ لأيِّ ذُراها الشمِّ لم يَنَلِ

وصارمٌ تَتَمَنَى كلُّ شارقَةٍ

في الجوِّ لو أنَّها نِيطَتْ عليه حُلِيْ

وإنْ تَجانَفَتِ الأيّامُ قوَّمَها

بعزمِ مُخْتَبرٍ في حدِّ مُهْتَبِل

تُرَنّمُ الطيرُ شعري بعدُ عجْمَتِها

حمصُ الزمانُ وأنت الشمسُ في الحمل

أُثْني عليكَ وحسبي أنّهُ سببٌ

بيني وبينَ المعالي جدُّ مُتَّصل

وكم تَمَطّرَ بي في شأْوِ كلِّ علا

وإن غدا وهو للحرمان في شَكَل

وارحْمَتَا ليَ سَيْفاً لو ضربتَ به

عَضْبَ المضاربِ رثَّ الجَفْنِ والخِلَلِ

تشوَّفَ العيدُ مِنْ جَدْوى يديكَ إلى

عيدٍ على النَّاسِ والأيامِ مشتمل

فاهنأ بعيدٍ لها الأفْرادُ فيه إذا

لم يهنأُوا غيرَ عَقْرِ الضانِ والإبل

ولا يَزَلْ يَتَصَدَّى في ذُراك إلى

عِناقِ ما شاءَ من أنْسٍ ومِنْ جَذَل

ولا انتحتنيْ مِنَ الأيّامِ نائبةٌ

حتّى تَوَهَّم قلبي من هواكَ خِلي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن التطيلي الأعمى

avatar

التطيلي الأعمى حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Al-Tutili@

111

قصيدة

101

متابعين

أحمد بن عبد الله بن هريرة القيسي أبو العباس الأعمى التطيلي. شاعر أندلسي نشأ في إشبيلية. له (ديوان شعر - ط) و (قصيدة - ط) على نسق مرثية ابن عبدون ...

المزيد عن التطيلي الأعمى

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة