الديوان » العراق » حيدر الحلي » عجبا سمرت بذكر غير مسامر

عجباً سمرتُ بذكر غيرِ مسامرِ
وسهرتُ فيمن ليس فيَّ بساهر
ولأجلِ أن يجتازَ بين محاجري
ناديتُ مَن سَلب الكرى عن ناظري
وتجلُّدي بقطيعةٍ وفراقِ
ودعوتُ دونَكِ يا صبا بحياتِه
عتباً نسيمُكِ كانَ خيرَ رواته
فاستخجلي ليَ في شذا نفحاته
مَن أخجلَ الغزلانَ في لفتاته
والشمسَ من خدَّيه بالإِشراقِ
هبني أقولُ وما أسأتُ مقالةً
يا تاركاً مني الدموعَ مُذالةً
أرأيتَ قبلك إذ هجرت ضَلالةً
مَن مالَ عنِّي واستقلَّ ملالةً
والدمعُ فيه انهلَّ من آماقي
فلو أنَّ لي إذ كانَ هجرك جائحي
قلباً سواك نبوتُ نبوةَ جامح
كن كيف شئت فما هواك مُبارحي
أَمنايَ أنت القلبُ بين جوانحي
أَمنايَ أنت النورُ في أحداقي
يا مَن أقامَ على الجفاء وما ارعوى
لا ترقدنَّ مكانَ حبِّك بالجوى
فعلى سواك فؤادُ صبِّك ما انطوى
أَمنايَ حنَّ إليك من فرطِ الهوى
توقاً فؤادُ مُتيَّمٍ مشتاق
أبداً لغيرِك ما شُغفتُ بفاتنٍ
وعلى الوفاءِ أقمتُ منك بضاعن
ألهيتني عن أن أهيمَ بشادِنٍ
وغدا الهوى إلفي وليس فداوني
غيرُ الوصال لدائه من راق
رفقاً بصبٍّ في هواك معذَّبٍ
لك في غويرِ حشاه أحسنُ مَلعبٍ
يدعوك دعوةَ خائفٍ مُترقِّبٍ
هلاَّ ترقُّ لخائفٍ متجلببٍ
بُردَ العفافِ رميّة الأشواق
بالوصلِ خلتُك قد برقتَ إثابةً
فمطرتني جَهراً وكنتَ سحابةً
أو ما كفاك بأن أشفَّ كآبةً
فحشاشتي ذابت عليك صبابةً
والعينُ ترعفُ بالدم المهراق
أنا في هواك فطنتَ أو لم تفطنِ
كلفٌ حسنتُ لديك أو لم أَحسن
يا ثالث القمرين صِل وتبيَّن
إن كنت فرداً في الجمال فاتني
تاللهِ فيك لواحدُ العشَّاق
وانظُر لنفسِك إن أردت تحوُّلاً
أيليقُ غير حُشاشتي لك منزلا
أنت المنيرُ السعد شمسُ ضُحى الملا
وأنا الأثيلُ المجد بدرُ سما العَلا
فرعُ المكارمِ طيِّبُ الأعراقِ
من دوحةٍ بالمجدِ طابَ نماؤُها
لبني الزمانِ مظلّةٌ أفياؤُها
أنا مَن عليه تجمَّعت أهواؤُها
وإذا الملا اضطربت بها آراؤُها
لعظيمةٍ كشفت لهم عن ساق
أوضحتُ مُشكلها بأوَّلِ نظرةٍ
وفتحتُ مُقفلَها بأوَّلِ خَطرةٍ
ما زلتُ مُذ ظلَّ الأنامُ بحيرةٍ
أهديهمُ نهجَ الصوابِ بفكرةٍ
كالشمسِ مشرقةً على الآفاق
شَهِدت ليَ الدنيا غداةَ أتيتُها
أنِّي نهضتُ لأهلِها فكفيتُها
فإذا بها التوتِ الخطوبُ لويتُها
وإذا السنونُ تتابعت أوليتُها
من راحتيَّ بوابلٍ مغداق
وإذا القنا انتظمت نثرتُ عقودَها
بيدٍ تحلُّ طلا العدى وبنودَها
وإذا الظُبا ازدحمت ثنيتُ حدودَها
وإذا الوغى استعرت أذقتُ أُسودها
طعمَ الحمامِ على مُتونِ عِتاق
ألقى الوفودَ بطلعةٍ ميمونةٍ
ويدٍ بربحِ ثنائِها مفتونةٍ
تثني العدى في صفقةٍ مغبونةٍ
بأسنَّةٍ خطّيَّةٍ مسنونةٍ
وصوارمٍ صُمَّ الشفارِ رقاق
حاربتَ بالهجران مَن لك سالَما
حتَّى كأَنَّا كاشحانِ تظالما
بك لستُ لا وأبيكَ أعذرُ عالما
فلئن وصلتَ أخا الهوى فلطالما
كنتَ الحريَّ بأحسن الأخلاقِ
أفبعد صدقِ مودَّةٍ لم تمننِ
تجفو وتُكذِبُ ظنَّ مَن لم يظنن
فلئن لحظتَ فأنتَ عينُ المحسنِ
ولئن أقمتَ على الجفاء فإنَّني
أشكوك مبتهلاً إلى الخلاَّقِ
متحرِّكٌ شوقي بمن هو ساكنٌ
أدعوهُ وهو مع التجنُّبِ بائن
أين المودَّةُ فالوفاءُ معادن
فأجابني خجلاً ودادُك كامن
بحشايَ خيفةَ عامدٍ لنفاق
شوقي لوصلِك يابن أكرمِ ماجدٍ
صلتي إليك وأنت أكرمُ عائدِ
فتصفَّح الدعوى بفكرةِ ناقدٍ
فالقلبُ منك فسله أعدلُ شاهدٍ
لي بالمودَّةِ والقلوبُ سواقي
فأمالني لهوًى به استأنفتُه
عَوداً على بدءٍ عليه ألفتُه
والصدقُ فيما يدَّعيهِ عرفتُه
فلثمتُه في فيهِ ثمَّ رشفتُه
وجذبته وضممته لعناق
ودعوتُ وصلَك في نهاية بُغيتي
فلقد حفظتُ عليَّ فيه بقيَّتي
بشرايَ فزتُ بمن يُشاقُ لرؤيتي
وطفقتُ أنشدُ نلتُ غاية منيتي
يا حبَّذا لو أنَّ وصلَك باقي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن حيدر الحلي

avatar

حيدر الحلي حساب موثق

العراق

poet-haidar-alheli@

283

قصيدة

471

متابعين

حيدر بن سليمان بن داود الحلي الحسيني. شاعر أهل البيت في العراق. مولده ووفاته في الحلة، ودفن في النجف. مات أبوه وهو طفل فنشأ في حجر عمه مهدي بن داود. ...

المزيد عن حيدر الحلي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة