على مَهَلٍ’ يا غريبُ , جدائلَ شعري . وقُلْ
لِيَ في مَ تُفَكِّرُ. قُلْ لِيِ ما مَرَّ
في بال يُوسُفَ. قل لِيِ بعضَ الكلام
البسيطِ ... الكلام الذي تشتهي اُمرأةٌ
أَن يُقَالُ لها دائماً . لا أُريدُ العبارةَ
كاملةً . أَكتفي بالإشارة تنثُرُني في مَهَبِّ
الفراشاتِ بين الينابيع والشمس . قُل لِيِ
إِنِّي ضرورَّيةٌ لَكَ كالنوم , لا لامتلاء
الطبيعة بالماء حولي وحولك . وأبسُطْ
عليَّ جناحاً من الأزرق اللانهائيِّ...
إنَّ سمائي رماديَّةٌ
ورماديَّةٌ مثل لَوْحِ الكتابة, قبل
الكتابة. فاُكُتُبْ عليها بحبر دمي أَيَّ
شيء يُغيِّرُها : لفظةً... لفظتين بلا
هَدَفٍ مُسْرِفٍ في المجاز . وقُلْ إنَّنا
طائرانِ غريبانِ في أَرضِ مِصْرَ وفي
الشام.
قل إننا طائران غريبان في
ريشنا . واكتُبِ اُسميَ واُسمَكَ تحت
العبارة. ما الساعة الآن؟ ما لَوْنُ
وجهي ووجهك فوق المرايا الجديدةِ ؟
ما عُدْت أَملكُ شيئاً ليُشْبِهَني . هل
أَحبَّتك سيِّدةُ الماء أكثرَ؟ هل راوَدَتْك
على صخرة البحر عن نفسِكَ , اُعْتَرِفِ
الآن أَنَّكَ مَدَّدْتَ تِيهَكَ عشرين عاماً
لتبقى أَسيرَ يديها. وقُلْ لِيِ في مَ
تُفَكِّرُ حين تصيرُ السماءُ رماديَّة اللون...
إنَّ سمائي رماديَّةٌ
صرتُ أُشْبه ما ليس يشبهني .
هل تريدُ الرجوع إلى ليل منفاك
في شَعْر حُوريّةٍ؟ أَم تريد الرجوع
إلى تين بيتك. لا عَسَلٌ جارحٌ للغريب
هنا أَو هناك . فما الساعَةُ الآن؟
ما اُسمُ المكان الذي نحن فيه ؟ وما
الفرق بين سمائي وأَرضك. قل لِيَ
ما قال آدَمُ في سَرِّه . هل تَحَرَّرَ
حين تَذَكَّرَ . قل أَيّ شيء يُغَيِّر لون
السماء الرماديَّ . قل لِيَ بعضَ الكلام
البسيط , الكلام الذي تشتهي اُمرأةٌ
أَنَّ يُقال لها بين حينٍ وآخرَ . قُلْ
إنَّ في وسع شخصين , مثلى ومثلك ,
أَن يحملا كل هذا التشابه بين الضباب
وبين السراب , وأَن يَرْجِعَا سالمين . سمائي
رماديَّةٌ , فبماذا تفكِّرُ حين تكونُ السماءُ
رماديَّةً ؟
محمود درويش (1942–2008)
يُعد محمود درويش أحد أعمدة الشعر العربي المعاصر، ورمزًا من رموز المقاومة الفلسطينية. اقترن اسمه بشعر الثورة، وارتبطت كلماته بحلم الوطن المسلوب، حتى غدا صوته لسان حال الفلسطينيين ...