الديوان » عمان » أبو مسلم البهلاني » سقى الله سوحا منبتي من جنابها

عدد الابيات : 80

طباعة

سقى اللّه سوحاً منبتي من جنابِها

وبارك في قُطانها ورحابها

وسحت شآبيب الرضا ببشامها

ولا فتئت مغبوطة بشبابها

فرغت لها من كل همّ وإن نأَت

وخلفتُ نفي لا تريم ببابها

وإن ارتباط النفس في عرصاتها

شهود يُريح النفس بين إغترابها

وكيف سلوي وارتياحي بغيرها

وعنبرة الأكوان نفس تُرابها

أهابت بشكواها إلينا افتقادنا

وفيها إلينا فوق أضعاف ما بها

إذا لاح برق أوقدت في جوانحي

لواعجَ تنسى النار لفح اهابها

ولم تقدح الشكوى شرارة مهجتي

ونيران شوق النفس ملء اهابها

ولكن شكوى الحب للحب بثه

مزيد تباريح الجوى في عذابها

بنفسي من تشكو إلى ذي صبابَةٍ

وليت النوى طارت مطار غرابها

بحكم بنات الدهر فارقتُ إلفَها

وسلني عنها لم أضق عن جوابها

بهن تركتُ الالف رغماً وأنهُ

لترك حياة النفس بين شعابها

خليل شان الدهر بين مشتت

فما الفة الاثنين إلا اعتِنا بها

ولولا ولوع الدهر بالبين لم تزل

يتيمة هذا البحر تحت عبابها

ولا رجّعت فوق الفنون حنينها

هتوف شجتها مثلها بغيابها

ولا خليت دور الفضائل والتقى

وطارت أعاصير الفنا بصَحابها

أما هكذا الاقدار تنفذ حكمها

بلى إن هذا خصلة من عجابها

تريد الأماني أن تقر قرارها

وتابى لها الاقدار غير انتيابها

على عجمات الصبر شجت قلوبنا

ليمتاز رخو الصبر بين صلابها

بعيشكما هل تعَلمان وديعةً

ولم تطرق الأكدار عتبة بابها

وهل مقلة لم يملأ الدمع غربها

وهل كبد لم تحترق بمصابها

أفيضا علي العذر إن تلك أسوقي

لدى فعلات الدهر أهل صعابها

انلزم هذا الدهر خلة منصف

تزول جبال الأرض قبل انقلابها

وللكل منهُ طعنة فوق نحره

ولا تنثني للبرء إلا ثنى بها

ومن لي وللأيام إن تعقب امرءاً

وقد فرغت كل النهى من عتابها

لقد كاشفتنا بالذي في ضميرها

وعم الورى ما أنفقت من جوابها

لأعَمد ممن ينسب الغدر نحوها

وتصريفها فرع لأصل صوابها

ألم تظهر التحقيق عن ذات طبعها

فما ثقة الأحرار منها بعابها

ومن ظن بالأيام ما ليس خلقها

أضاف لها ما لم يكن من حسابها

أفادت ذوي الأبصار كيف اقتضاؤها

بما أتقنوا من درسهم في كتابها

فاذسقت المخدوع شهداً بكاسها

فقد بَصّرته لو درى كأس صابها

شكا الناس من أيامهم بعد فوزها

لهم بين بحري مائها وسرابها

ولا أشتكي منها ولستُ ألومها

على الحلو والمر الذي في شرابها

ومن كشف الأيام كشفي خصالها

وشاهَدَ كنه الحال خلف حجابها

رماها بصير لا تقيم ظهورها

عليه وألقى حبله في رقابها

على أنني والصبر بعد أحبتي

كهيم فلاةٍ أثكلت بذئابها

متى أدعي صبراً لماضي عهودهم

ولستُ بلاقيها عقيب دهابها

عهود كأمثال العرائس ودّعت

وواحزنا حادي المنايا حدَابها

أقمت لعهد الحزن بعد انصرافها

ظعائن تم السير اثر ركابها

ابعد بني السبطين في الأرض سلوة

وقد أضمرتهم في قلوب يبابها

ابعد النجوم المشرقات هدايَة

وقد أفلت لا مرتجى لإِيابها

ابعد انفرادي عن عرانين هاشم

هناء وفي عيني انهداد قبابها

فيا لسراة القوم أين مقركم

معهادكم قد عمرت بخرابها

وعهدي بكم والنور في الأرض ساطع

بأوجهكم فاليوم أينَ ثوى بها

وعهدي بكم أن الرسول بحارها

فماذا قضى وحيا بغور عُبابها

وعهدي بكم أهل الكساء كساءها

فواحربا قد عرّيَتْ من ثيابها

وعهدي بكم والعلم في كبد السما

سراجاً فما بال الظلام سَجى بها

وعهدي بكم والأرض أنتم غيوثها

فقد أجدبَت من غيثها وسحابها

بنى العلم ما بالاختيار كسرتُمُ

معاهده بالحزن بعد انتصابها

لقد كان هذا العلم نفساً وروحها

جباتكم ما الشان بعد اقتضابها

مدينته أنتم مباني عروشها

وأنتم بني الزهراء أبناء بابها

فمن لي بالأنوار بعد انطفائها

وعضتكم أم اللهيم بنابها

أفيقوا بني المختار بعد هجوعكم

تدع سنة المعروف بعد انتحابها

أفيقوا تداعى الفضل وانقض اسه

وعزّ على العلياء ندب انتدابها

أفيقوا فإن المكرمات تعطلت

معالمها واندك مرسى هضابها

زكت بهم الأكوان حيناً وبوركت

فيا بركات أفرغت من عيابها

وكنتم نصاب الفضل في الخلق حقبةً

فمن للعلى بعد افتقاد انتصابها

فيا غرباء الأرض هل هي نجعة

تمنّ برجعاها عقيب اغترابها

فهيهات لا أقفال والرمس حائل

وأينق أظفار الردى في هبابها

أرى الأرض تدري أنكم من سيوفها

فمن دابها أغمادكم في قرابها

فيا لسميط ما رضائي بعيشةٍ

خلافكم إلا رضا بذهابها

أجدّكمُ هذا الرحيل مجدّد

وقد بنتم للنفس طول اكتئابها

أعيشاً وقد ألقى الجران طليحكم

بزيزاء تذروها الرياح بما بها

نوعتم إلى الارماس وَحياً وتلكم

لعمركم لا منثنى عن مآبها

لقد أنطقتني بالرثاء صفاتكم

وإذ أخرستني دهشتي بانسلابها

ولو أن تابين الرثاء مبرّد

أسا النفس لكن مسعر لالتهابها

أحباي برح الطاعنينَ مبرح

ولكن عزاء النفس فضل احتسابها

تذوب الليالي من أسى بين أضلعي

بمعترك بيني وبين حِرابها

ولو حجزت بيني وبين صروفها

صروف لكان العزم لي في ضرابها

ولكنها تعنو لذل انتقابها

مقادير تفري جلدها باختلابها

وأوشك مقدار يؤم حصادها

بلا دافع يأتي بحين انتكابها

كذا كل شيء ما خلا اللّه مُنتهٍ

لحد ومرمى نفسه لتبابها

فيا عرصة الأبرار ما عنك رغبة

وإن دام بالاشباح طول مغابها

وني لأرجو أن فيك بقيةً

من البيت تسعى في صلاح منابها

وتعمر رسماً شدّ ما التمأت بهِ

شعائر دين اللّه بعد انشعابها

وتجري مياه الفضل في مدح روضةٍ

بكف أمين الوحي فيض شرابها

هنا مطمح الأمال في عثرة الهوى

لان كمال المصطفى من ذنابها

فلا توحشونا من معالي أصولكم

وطبع فروع الأصل صدق انجذابها

عليكم سلام اللّه ما السحب أمطرت

وروى شباماً رائنات انسكابها

وعلل هاتيك المشاهد رَوحُه

وَرَيحانُه ما لاح برق جنابها

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو مسلم البهلاني

avatar

أبو مسلم البهلاني حساب موثق

عمان

poet-Abu-Muslim-Al-Bahlani@

248

قصيدة

1

الاقتباسات

124

متابعين

ناصر بن سالم بن عديِّم بن صالح بن محمد بن عبدالله بن محمد الرواحي البهلاني العماني أبو المهنا الشهير بأبي مسلم: شاعر قاض صحافي من كبار شعراء عمان كان في ...

المزيد عن أبو مسلم البهلاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة