الديوان » عمان » أبو مسلم البهلاني » لن ترضي الله حتى تخلص الورعا

عدد الابيات : 87

طباعة

لن ترضيَ اللّه حتى تخلص الورعا

ولن ترى ورعاً بالجهل مجتمعا

حق العباد فرض لن تؤديه

إن كنت تجهل مفروضاً وممتنعا

أمانة اللّه تسطيع الأداء لها

إذا علمت بعون اللّه ما شرعا

ولم يُجدْ صانع اتقان صنعته

حتى يكون على علم بما صنعا

ومن مضى في طريق لا دليل لها

ولا معالم تهدي ضل وانقطعا

وفاقد العين محتاج لقائده

لولاه لم يدر مهما جار أو سدعا

فاستنهض النفس في إدراك ما جهلت

حتى ترى العلم في حافاتها سطعا

فهذه النفس مرآة جبلتها

ما قابلت كائناً إلا بها انطبعا

مضيئة الذات والأكدار عارضة

لنورها فإذا استجليته انصدعا

والعلم أشرف ما أوليت من خطر

ما حل في موضع اللّه فاتضعا

فاطلبه للّه يفتحه بلا تعب

لا تحتجز غير ما يرضى به طمعا

واليسر يصحب مرتاد العلوم إذا

كان ارتياداً عن الأكوان منقطعا

والعلم بحر محيط لست محصيه

فكن بأنفعه في الدين مقتنعا

ولو فرضنا انحصار العلم في بشر

وقصده غير وجه اللّه ما نفعا

فاصرف إلى اللّه وجه القصد معتقلاً

عقائل العلم فالانسان حيث سعى

والعلم باللّه أولى ما عنيت به

وما سواه إلى إدراكه نزعا

فابغ المعارف آلات لصنعته

بكل علم يعيش العبد منتفعا

فاطلب واطلق بلا قيد ولا حرج

وقف إذا كان عنه الشرع قد منعا

وقدم العلم بالطاعات تقض به

حقاً لمحظوره أو ما إليه دعا

دع المهندس في الأشكال مختبطاً

وصاحب النجم يرعى النجم إن طلعا

واقصد فقيهاً بنور اللّه مشتعلاً

يريك ما ضاق عنه الجهل متسعا

فلا يهمك يوم الحشر هندسة

ولا سؤال عن المريخ كم قطعا

ولن ترى من كتاب خطه ملك

يوم القيامة إلا الذنب والورعا

فاعمل بعلم واشغل كاتبيك به

فلا يفوتك ما تملي وما جمعا

لا تنفق العمر بطالاً فلست ترى

يوم الندامة للأعمال متسعا

في لمحة العمر امكان ومزرعة

وسوف يحصد في عقباه ما زرعا

إذا حشرت بلا علم ولا عمل

عرفت كونك بالتفريط منخدعا

أدرك بقية أيام تمر بلا

مهل فإن نجاز العمر قد قرعا

وأيقظ العز إن نامت لواحظه

في الجد للّه لا وهناً ولا هلعا

واصرف حياتك من بدء لخاتمة

في علم دينك للقرآن متبعا

هو المهم الذي ترجى عواقبه

إن مت أحياك أو قدمته شفعا

مزية العلم أعلى نعمة رفعت

عبداً ولولاه لم يذكر من ارتفعا

ما فوق مرتبة المختار مرتبة

ولا وساعة تسمو فوق ما وسعا

وكل علم لمخلوق تقدمه

أو سوف يعقبه من بحره نبعا

وكل ذرة نور أو مقام هدى

فمن مشارق نور المصطفى طلعا

وكل ذلك والقرآن يأمره

قل رب زدني علماً فوق ما جمعا

لأن للعلم شأناً كل مرتبة

وكل شان رفيع دونه اتضعا

والنفس قابلة للازدياد فلا

تضيق عنه اتساعاً كيفما اتسعا

فارقمه في لوحها واجعله مرشدها

إلى حقائق أعمال لها وضعا

فلتطلب العلم للأعمال يخدمها

كالسيف يحمله للضرب من شجعا

ماذا تريد بعلم لا يردك عن

شر ولست به للخير متبعا

ليس الحمار من الأسفار يحملها

بغير أثقالها إياه منتفعا

بئس المثال لمن أوعى العلوم ولم

تفده إلا فلان عالم برعا

وإن طلبت به الدنيا فموبقة

أحرى بها من خسيس الجهل أن تقعا

جدره من كل شيء لا يشاكله

ما أقبح العلم مهما قارن الطمعا

واشرف العلم ما يهدي لصالحة

تكون ذخراً وما عن سيىء ردعا

ليس السيادة في مال ولا نشب

لكنها العلم مهما رافق الورعا

للّه نخبة أبرار فقدتهم

كانوا الأمان فأبقوا بعدهم فزعا

كانوا البحر فأبقوا بعدهم يبساً

كانوا السحاب فأبقوا بعدهم قزعا

صحبتهم وغيوث العلم هاطلة

وفارقوني فضن الغيث وانقطعا

أولئك القوم ملح الأرض إن فسدت

فأين هم وفساد الأرض قد قرعا

ما للمعارف من أفلاكها نزلت

والآن حلت بطون الأرض والتلعا

من لي بهم في زمان بعض موعده

رفع العلوم وهذا العلم قد رفعا

ورفعه موت من يبغي به عملاً

براً ولو حل فيمن ضل وابتدعا

عسى لطائف روح اللّه منشئة

بعد الاياسم سحاباً يمطر الطمعا

فتنجلي غبرة الأيام عن خلف

صدق يقوم بنفع الحلق مضطلعا

فإن لي أملاً في فنية نجب

وريثما حاولوا إدراكه خضعا

تناولوا المجد من أركان سالفهم

برق الفضيلة في أعطافهم لمعا

لهم وجوه مصابيح مشعشعة

كأنما الدر في أغصانها طلعا

نُجدٌ أماجدُ في أحسابهم فلق

ومن أياديهم البيضاء قد نبعا

زهر المناقب ينشق المجاد بها

عن حاجب الشمس أو عن صبحها انصدعا

مثل الكواكب في علم وفي عمل

وفي قلوب وفي صيت لهم شسعا

تنافسوا في اقتناء المجد واستبقوا

والكل جلى لمجد ليس مخترعا

سمعت بهم همة كالشمس نيرة

فكل هم عزيز تحتها ركعا

وناصبوا الدهر والأيام كالحة

بفضل حرية الأحرار فاندفعا

ونظموا عقد مجد باجتماعهم

لا زال عقداً بعين اللّه مجتمعا

تناولُ المجدِ صعب غير أنهم

تناولوه وما شدوا له النعسا

بخ بخ يا سَراةَ المجد إنكم

ذكرتم المجد ما أعطى وما منعا

ما زال ينتخب الأحرار في زمن

مقطم الوجه حتى فيكم وقعا

فكنتم الغُرةَّ الزهراءَ فيه ولم

يبصر بأكمل منكم لا ولا سمعا

لنا الهناء بأن المجد بشرنا

منكم بأكرم من في مفخر نزعا

وإن مستقبلاً يأتي لنزعتكم

من دون حصر المعالي ليس مقتنعا

وإنكم لسان الصدق يشهد لي

وصلتم من حبال العرف ما انقطعا

ومن شعرتم بأن الجهل منقصة

والعلم يعلي برغم الجهل ما اتضعا

أسستم لعلوم الدين مدرسة

كهالة الشمس أنواراً ومنتفعا

ضمت شبيبة اطهار نفوسهم

أصفى من الدر بالأصداف ملتفعا

تعطشوا لاكتساب العلم إذ فهموا

كون الجهالة في حكم الحجى شنعا

مثمرين ذيول الجد همهم

أن يعبدوا اللّه بالوجه الذي شرعا

أوحت إليهم عقول غير قاصرة

ضرورة العلم فانقادوا لها تبعا

على نشاط وعزم لا يعارضه

معارض فكأن البحر مندفعا

بشراكم يا وعاة العلم إن لكم

يوماً سيرجع فيه الجهل منهزعا

وتسعدون بألباب منورة

يصونها اللّه أن تستمرىء البدعا

يا عمدتي يا غيوث الأرض حسبكم

مسح الملائك تبريكاً ومنتفعا

هل تقبلوني فرداً من رجالكم

حتى نعيش على هذا الفلاح معا

قد اختصصتم بشأن كله شرف

هل تسمحون بأن يبقى لنا شرعا

ما زلت ادعوا إلى أمثال نهضتكم

فكنتم يا رجال الفضل مستمعا

فثبت اللّه مسعاكم وزادكم

تقدماً في العلا ما كوكب طلعا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو مسلم البهلاني

avatar

أبو مسلم البهلاني حساب موثق

عمان

poet-Abu-Muslim-Al-Bahlani@

248

قصيدة

1

الاقتباسات

120

متابعين

ناصر بن سالم بن عديِّم بن صالح بن محمد بن عبدالله بن محمد الرواحي البهلاني العماني أبو المهنا الشهير بأبي مسلم: شاعر قاض صحافي من كبار شعراء عمان كان في ...

المزيد عن أبو مسلم البهلاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة