الديوان » لبنان » المفتي عبداللطيف فتح الله » اضحك سرورا للهوى وتبسما

عدد الابيات : 77

طباعة

اِضحَك سُروراً لِلهَوى وَتَبسُّما

وَاِفترَّ ثَغراً بِالغَرامِ وَمَبسما

وَاِطرَب غَراماً بِالجَوى وَصَبابَةً

فَأَخو الهَوى مَن كانَ يَطرَبُ مغرما

وَاِخلَع جَلابيبَ الكآبَةِ في الهَوى

وَاِنزَع بِهِ ثَوبَ الكمودَةِ تعدما

وَاِلبَس بِهِ حُلُل اِنبِساطكَ بِالصّفا

وَتَحلَّ في عقدِ الهَناءِ منظّما

وَاِنشد بِهِ مَغنى التّهاني راقِصاً

وَاِضرِب بِهِ دفَّ الحبورِ وَدمدِما

وَهِمِ الزّمانَ بِحُبِّ أَغيَد أَهيفٍ

حَسنِ الشّمائِلِ بِالجَمالِ تَلَثّما

قاني الخُدودِ تَضَرَّجت بِمَحاسِنٍ

ماءُ المَحاسِنِ سالَ مِنها عَندما

شَمس تَجَسَّمَ مِن جَمالٍ زاهِرٍ

باهٍ يُضيءُ وَيَزدَري شَمس السّما

البدرُ أَضحى عَبدهُ فَبِأَمرِهِ

يَبدو وَيَخفى إِذ يَقول لَه اِعدما

إِذ حُسنهُ مِن حُسنِهِ عارِية

لَو لَم يُعره كانَ جرماً مُظلِما

ظَبيٌ أَغنّ لَهُ المَحاسِنُ رَوضة

قَد ماسَ فيها بِالدّلالِ مُنعّما

غَنّاءُ فيها كلّ قَلب طائِر

فيها تَغَنّى بِالجَوى وَتَرنّما

حُلوُ الشّفاهِ اللّعسِ وَهيَ رَقيقَة

ماءُ الحَياةِ بِضمنها يَطفي الظّما

يَفتَرُّ ثَغراً عَن لآلٍ نُظّمت

وَالدّرّ أَحسَنُهُ الّذي قَد نظّما

فيهِ اللّمى مثلَ الزّلالِ وَقَد حَلا

وَهوَ الطّلى وَهَلِ الطّلى إِلّا اللّمى

في الرّيحِ مِسكٌ في المَذاقِ حَلاوَة

في الفِعلِ خَمرٌ شُربُها مَن حَرّما

وَجناتُه لِلوردِ أَضحَت جَنّةً

جَعَلَت فُؤادي بِالغَرامِ جَهنّما

نَسَجت بِها أَيدي الجَمال عِذارَه

زَرداً أَرقّ مِنَ الحريرِ وَأَنعَما

غَنجٌ كَحيلُ الطّرفِ أَحورُ أَدعجٌ

باهي البَهاءِ لِكُلِّ حسنٍ تَمَّما

مِن طَرفِهِ السّحر المؤثّر عاجلا

أَوحاهُ حتّى في العقولِ اِستَحكما

قَد سالَ مِنهُ فَلَم يَدَع عَقلَ اِمرئٍ

إِلّا تَمَلَّكهُ وَفيهِ تَحَكَّما

لَكِنَّ فيهِ مُهنّداً ما اِستَلَّهُ

إِلّا وَمِن عشّاقِهِ أَجرى الدّما

وَقَدِ اِستَحَلَّ دِماءَهم فَاِهراقَها

أَفَلا رَأى سَفكَ الدّماءِ مُحرَّما

سُلطان حُسنٍ وَالمِلاحُ عَبيدُهُ

مَلك الجَميعَ وَعندهُ قَد خدّما

فَإِذا بَدا وَالبدرُ في سُلطانِهِ

فَالبَدرُ غابَ وَبِالخُسوفِ تَلَثَّما

نَشوانُ مِن خَمرِ المَلاحَةِ ما صَحا

وَالصّحوُ مِن خَمرِ المَلاحَةِ قَلَّما

لانَت مَعاطِفُهُ وَلَكِن قَلبه

كَالصّخرِ قاسٍ لَن يَلينَ وَيَرحَما

عَلّقتُه زَمَنَ الشّبيبَةِ وَالصّبا

وَغَدوتُ فيهِ المُستَهامَ المُغرَما

وَأَدمتُ فيهِ تَوَلُّعي حتّى اِغتَدى

مُتَمَكِّناً إِذ صِرتُ شَيخاً قَشعَما

قَد قَلَّ صَبري في هَواهُ وَحيلَتي

وَاِزدادَ عِشقي وَالغرامُ بِهِ نَما

يا لائِمي في حُبِّهِ لا تَتَّئد

عَن لَومِ صَبٍّ بِالمَلامِ تَألّما

لُمني وَأَكثِر في كَلامِك ذِكرَهُ

وَبِذِكرِهِ في النّاسِ كُن لي أَلوَما

فَاللّومُ جرحٌ لِلقُلوبِ وَذِكرُهُ

أَضحى لَها وَأَنا المُجَرِّب مَرهما

وَاِحذَر تَلحْ ضِمنَ اِفتِكارِكَ سَلوَتي

حبّ الّذي فيهِ فُؤادي أُغرِما

بَل لا أَزالُ الدَّهرَ يَلزَمُ حبُّه

مِنّي فُؤاداً وَالضّلوعَ وَأَعظُما

أُحيي الدّياجي في هَواهُ بِذِكرِهِ

أَجفو الكَرى سُهداً وَأَرعى الأَنجُما

وَأُساهِرُ القُطبَ الشّمالي دائِماً

حَتّى يَرى مِن شَرقِهِ فَجرَ السّما

يَبدو عَلى الآفاقِ يَملَؤُها ضيا

مِنهُ ذَهابُ اللّيل كانَ مُحَتَّما

كَضِيا أَبي المِصباحِ قَد مَلأ العُلى

وَنَودُّه أَن لا يَزول وَيعدَما

بَدرُ المَعالي مِن ذُرى المَجدِ اِرتَقى

شَرف السّعودِ وَفي ثريّاهُ سَما

شَمسٌ مَنافِعُها المَكارمُ وَالنّدى

وَمَحاسِنُ الأَخلاقِ تَسمو مَيسما

وَشُعاعُها الجاهُ الّذي بِظِلالِهِ

مِن كلِّ باغٍ يُستَظَلّ وَيُحتَمى

لَيثُ الشّرى ضِرغامُ كلِّ كَريهَةٍ

ما مِثلُهُ في النّاسِ شِمنا ضَيغَما

الفارِسُ الصنديدُ وَالبطلُ الّذي

هَزَمَ الأُسودَ وَمِثلها لَن يُهزَما

هابَتهُ في آجامِها فَتَخَبّأَت

لِتَفوزَ مِنهُ بِالنّجاةِ وَتَسلَما

وَالخَوفُ حَلَّ قُلوبَها فَإِذا بِها

رُعباً وَقَد نَخَر المَخاف الأَعظُما

مِنهُ كَساها الخَوف خِلعةَ رَعشَةٍ

فَعَلى قُواها قَد قَضَت أَن تهدَما

تَبقى وَلا تَبلى الزّمانَ وَإِنّها

نَسجُ المَخافِ لِنَسجِها قَد أحكَما

ما حَلَّ مُعتَركاً وَسَلَّ حُسامَهُ

إِلّا تَطايَرَتِ الرّؤوسُ إِلى السّما

أَو فيهِ هَزَّ سِنانَهُ نَحوَ العِدى

إِلّا وَفيهِ قُلوبهم قَد نظَّما

فَسِنانهُ يَدري كَلام قُلوبهم

فَلِذا لَها بِسِنانِهِ قَد كَلَّما

يَعدو عَلى طرف كَحيل عَجوزَةٍ

نَجديّ أَصلٍ قَد تَبَدّى صَلَدما

حَسَنُ الصّفاتِ بَديع خَلقٍ مُوخِرا

وَجَميلُ خَلقٍ لا يُضاهى مقدما

بَحرٌ وَسيمٌ أَحمرٌ في لَونِهِ

كَم يَزدَري العِنّابُ ثمَّ العندَما

فَإِذا عَلاهُ شِمتهُ فَخراً بِهِ

قَد كادَ رَأساً أَن يَطولُ الأَنجُما

ما سابقَ الرّيحَ العَصوفَ إِذا جَرَت

إِلّا وَكانَ السّابِقَ المُتَقَدِّما

طِرفٌ لَهُ حَيثُ اِعتَلاهُ في الوَغى

سَطَواتُ لَيثٍ فاقَ فيها الهَيضَما

يَسطو عَلى خَيلِ العداةِ بِعَضّهِ

وَبِضَربِهِ وَوثوبهِ إِنْ أَقدَما

لا غَروَ إِنْ في الخَيلِ قَلَّ مِثالُهُ

فَمِثالُ فارِسِهِ عَديم قَلَّما

يا أَيّها الشّهمُ الفَريدُ شَهامَةً

مَن قَد حَوى القَدر الفَخيمَ الأَفخَما

يا ذا السّيادَةِ لا يُضاهى سُؤدداً

يَرقى المَعالي بِالسّيادَةِ سُلّما

يا بَحرَ جودٍ لَم يُماثل جُودُهُ

أَنسى بِهِ مَن قَد مَضى وَتَقَدَّما

حَدِّثْ وَلَست مكذّباً عَن جودِهِ

لَو أَنّه أَعطى الدّنى لَم يَندما

إِنّي إِلَيك لَمرسلٌ بِخَريدَةٍ

ضاءَت مُحيّاً وَهيَ تبسم مَبسَما

حَسناء بِكر زُيّنَت بِسلاسَةٍ

وَلَها الرّشاقَةُ قَد تَبَدَّت مَيسما

غَيداءُ بِنتُ فَصاحَةٍ وَبَلاغَةٍ

فيها البَديعُ لَقَد أَقامَ وَخيَّما

مَهما تُكِرِّرْ يستَطبْ تِكرارها

وَمِنَ الرّشاقَةِ كَونها لم تُسأَما

أَلبستها أَغلى المَعاني حُلَّةً

وَمَنَحتها درَّ البَيانِ مُنَظَّما

أَركَبتها طِرفَ القَريضِ مُهذّباً

سَهلَ الخَلائِقِ بِالجَزالَةِ ملجما

جاءَتكَ تَسعى وَالحَياءُ رِداؤُها

حَتّى تقبِّلَ راحَتَيكَ وَتَلثِما

تَرجو رِضاكَ وَإِنّه لَمرادُها

حَتّى تَفوزُ بِهِ الزّمانَ وَتَغنَما

أَقبِلْ عَلَيها وَاِقبَلَنْها مِنّةً

وَبِذاكَ مَنٌّ تَفضلا وَتَكرُّما

لا زِلتَ في العَلياءِ مُرتَفِع الذّرى

رَحب الرِّحابِ مُكرّما وَمُعظما

مَع شبلكَ المصباح دامَ ضِياؤُهُ

يَجلو مِنَ العَلياءِ ما قَد أَظلَما

وَمنحتما العُمرَ الطَويلَ بِصحَّةٍ

وَبَقيتُما حِصنَ الضّعيفِ وَمحتَمى

ما لاحَ بَرقٌ ما نَسيمٌ نَسَّمت

ما اِهتَزّ غُصنٌ ما الحمامُ تَرَنَّما

ما قالَ خِدن الوَجدِ مَسروراً بِهِ

اِضحَك سُروراً للهَوى وَتَبسَّما

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المفتي عبداللطيف فتح الله

avatar

المفتي عبداللطيف فتح الله حساب موثق

لبنان

poet-Mufti-Fathallah@

1294

قصيدة

3

الاقتباسات

84

متابعين

عبد اللطيف بن علي فتح الله. أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء. له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200ه‍في ...

المزيد عن المفتي عبداللطيف فتح الله

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة