الديوان » لبنان » المفتي عبداللطيف فتح الله » قفا نتل من أذكار دار وأحباب

عدد الابيات : 64

طباعة

قِفا نَتلُ مِن أَذكارِ دارٍ وَأحبابِ

بِجلَّق ذاتِ الأُنسِ وَالميسَمِ الرّابي

لَدى بابِ كيسان لَدى غايَةِ العُلى

لَدى ساحَةِ الشّاغورِ عالية البابِ

تَرى العِزَّ ثمَّ المَجدَ فيها تَوطَّنا

وَحَلَّت بِها العَلياءُ مِن حُسنِ آدابِ

تَرى الكَيس فيها وَالمَحاسِنَ كلَّها

وَكُلَّ بَديعٍ ماسَ في ثَوبِ إِعجابِ

وَقَفت بِها بِعدَ اِغتِرابي مُقلّباً

بِها مُقلَتي وَالدّمعُ أَعظَمُ صبّابِ

كَتَقليدِ ذي الإِعجابِ في حُسنِ مَن رَأى

عَلى غَفلةٍ لا مثل تَقليبَ مُرتابِ

وَبي اِحتاطَ أَخدانٌ وصَحْبٌ أَعِزّةٌ

وَأَبهِجْ بِمَن قَد صارَ مُحتاطَ أَصحابِ

يَقولونَ لي أَهلاً وَسَهلاً وَمَرحباً

وَقَد أَكثَروا التّرحيبَ تَرحيبَ أَحبابِ

فَنِلتُ شِفاءَ القَلبِ مِن وَسمَةِ الرّدى

وَنِلتُ شِفاءَ الجسمِ مِن كلّ أَوصابي

كِرامٌ إِذا قاموا تَضوَّعَ مِسْكُهم

مِنَ الشّرقِ في غَربٍ عَلى مَتنِ هبّابِ

وَضمّخَ أهل الغربِ فيه نَسيمُهُ

فَطابوا عَلى التّطييبِ مِن طيبِ أَطيابِ

كَأَنّهمُ حَولي شُموسٌ مُضيئَةٌ

تَجلَّت بلا حُجبٍ تحول وحجّابِ

كَأنّيَ بَدرٌ إذ كَسونيَ ضوءَهم

ثِياباً فَكانَ الضّوءُ مِن خَيرِ أَثوابي

بِروحِيَ يَومٌ قَد أَداروا حَديثَهُم

عَلَيّ سُلافاً تَزدَري خَمرَ أَكوابِ

وَقَد مَزجوها بِالسّرورِ وَأشربوا

شَذاها بِريّاهم بِأَحسنِ إِشرابِ

سَقوني بِها عَقلاً وروحاً وَجُثّةً

فَرُحتُ بِها الوَلهانَ وَالمُغرَمَ الصابي

وَفي الرّوحِ قَد سارَت وَتِلكَ حَياتُها

وَدَبَّتْ كبُرءٍ في المَفاصِلِ دبّابِ

سَكِرتُ فَلا أَصحو وَلَيسَ لِسَكرتي

مَدىً بَل وَلا حدّ كَقرنٍ وَأَحقابِ

وَشَنَّفت مِن ذاكَ الحَديثِ مَسامِعي

بِدُرٍّ يَزين البكرَ ما بَينَ أَترابِ

وَقُلتُ لَهُم وَالوا عَليَّ حَديثَكُم

فَإِنّ حَياةَ القلبِ في ذلكَ الطابِ

وَيومَ دَخَلتَ الدّارَ في أَرضِ جِلَّقٍ

فَقالت لَكَ الإِسعادُ في دارِ أَنجابِ

فَإِنّيَ دارُ العزِّ وَالمجدِ وَالعُلى

أَتيهُ عَلى الدّنيا بِرِفعَةِ أَعتابي

وَحُسني وَأُنسي ثمَّ سَعدي وَرِفعَتي

وَيُمني وَتَرصيني عَلى حُسنِ أَرحابي

وَدار التّقى وَالفَضل وَالعِلم وَالهُدى

وَدار النّدى وَالنّفع وَالكَرَم الرّابي

وَإِنّيَ دار الكزبريّ الّذي خَلا

بِذا الدَّهرِ عَن شبهٍ وَمثلٍ وَأَضرابِ

إِمامُ دِمشق الشّام مَن قامَ خَلفَهُ

أَئِمّتُها تَأتَمُّ في كُلِّ مِحرابِ

فَقيهٌ نَبيهٌ شافِعِيُّ زَمانِهِ

نَحا مَنهَجَ التّحقيقِ مِن أَجلِ طلابِ

بُخاريُّه يَدري شُذوذاً وعلّةً

وَحادَ إِلى التّصحيحِ عَن وَضعِ كَذّابِ

هوَ العالِمُ النّحريرُ أَذكى مُدقِّقٍ

عَلى غايَةِ الإِتقانِ في حُسنِ إِعرابِ

هُوَ البحرُ وَاِبنُ البَحرِ عِلماً وَعنهُما

فَحَدِّث بِما قَد شِئتَه غيرَ مُرتابِ

هوَ البحرُ وَاِبن البحرِ جُوداً وَعَنهُما

فَبالِغ وَإِن جاوَزتَ غايَةَ إِسهابِ

هوَ البدرُ إِلّا أَنّه دامَ تِمُّهُ

هوَ الشّمسُ إِلّا أَنّه غَير غرّابِ

هوَ الكامِلُ السامي كَمالاً عَلى تُقىً

مَصوناً بِكلِّ الدَّهرِ عَن عيبِ عَيّابِ

إِذا اِغتابَهُ المُغتابُ مِن نَحوِ حاسِدٍ

وَأَحسِنْ بِما يغتابُ مِن قَولِ مُغتابِ

رَماهُ بِحسنِ الخُلقِ وَالخَلق سارداً

شَمائِلَه الحَسناء في حُسنِ إِيعابِ

وَصيتٌ جَميلٌ ثمَّ نفسٌ كَريمَةٌ

وَخيم فَخيم النّطقِ في مَجدِ أَنسابِ

وَيَختمُ إِجمالاً يَقول بِأَنّهُ

كَمالٌ بِلا نَقصٍ يَلوح لثُلّابِ

بَليغٌ فَصيحُ اللّفظِ ثمّ بَليغُهُ

يحاشي عَلى الإِعرابِ مِن شوبِ إِغرابِ

وَلَكِنَّ مَعناهُ غَريبٌ وَسَلسَلٌ

تَناوَلُه الأَفهامُ مِن غَيرِ أَتعابِ

يَطابِق فيهِ الحال فيما قَدِ اِقتَضت

فَتاراً بِإِيجازٍ وَطَوراً بإِطنابِ

وَما هوَ إِلّا الدّرّ يلقيهِ ثَغرُهُ

فَيَنثُرُهُ نَظماً بِه سلبُ الاِلْبابِ

إِذا قالَ أَمّا بَعد يَوماً حسبتَهُ

مِنَ العَربِ العَرباءِ عُربٍ وأعرابِ

أَلَيسَ المَعاني قَد أَطاعَت بَيانَهُ

إِطاعَةَ مَأمورٍ مِنَ الأَمرِ هَيّابِ

تَولَّد في صُلبِ العُلى فَهوَ بِكرُها

وَكانَت لَهُ العَلياءُ مِن خَيرِ أَصلابِ

تَربّى بِمَهدِ المَكرُماتِ وَحجرِها

رَضيع ثَدي المَجدِ في حُضنِهِ رابي

تُوسِّدهُ بالعزّ في سرُر العُلى

مِنَ الشّرفِ الأَعلى عَلى حُكمِ إِيجابِ

تُزيّنه بِالفخرِ مِن دُرِّ سُؤددٍ

وَتَكسوهُ رَفعَ الشَّانِ أَحسنَ جلبابِ

لَهُ الهمَّةُ العلياءُ يَسمو مَضاؤُها

فَإِن تَمضِ لَم تَحتَج لأَخذٍ بِأَسبابِ

فَإِنْ سَلَّ سَيفَ العزمِ فيما يَرومهُ

تَراهُ بِذاكَ السّيفِ أَسرعَ ضَرّابِ

لَهُ الرّايةُ البيضاءُ في كُلّ مَوكِبٍ

تَعودُ بِحُسنِ الحمدِ أَربح كَسّابِ

وَأَمّا سَجاياهُ إِذا ريمَ عَدّها

تَعودُ وَلَم تُحصر بِإعياءِ حسّابِ

وَأَمّا مَزاياهُ فَتِلكَ بِلا اِنتِها

فَمَن رامَها بِالحَصرِ يُرمى بِإِكذابِ

فَإِن رُمتُ طولَ المَدحِ فيه بِحَصرِها

رَجعتُ بِما قَد رمتُ كاسِبَ أَنصابِ

وَلَكِنَّ تَلخيصَ المَديحِ بَلاغَةٌ

وَكَم قَد كَفى التّلخيصُ عَن فَرطِ إِسهابِ

لِذاكَ اِختَصَرت المَدح فيهِ مُهذّباً

بِسلسلِ أَلفاظٍ مجانبَ إِغرابِ

فَيا أَيّها المَولى الّذي رَقَّ طَبعُهُ

فَأَصبَحَ فيهِ اللّطفُ أَحسنَ مُنسابِ

إِلَيكَ رَعاكَ اللَّهُ بِكراً بَديعَةً

يَتيمَة دُرٍّ لَم تُثَقّب بِمِثقابِ

خَريدَةَ حُسنٍ غادةً خوطَ بانةٍ

تَثَنَّتْ تهزُّ الإِطلَ مِن فَرطِ إِعجابِ

وَقَد وَقَفَتْ في بابِ مَجدِكَ تَرتَجي

لَدى الإِذن أَن تَحظى بِخِدمَةِ الاِعتابِ

وَتَرضى بِلَثمِ الكفّ مِنك صَداقها

لِتَفخرَ فيهِ الدّهرَ ما بَينَ أَترابِ

فَأَحسن لَها حينَ الزّفافِ قبولَها

فَإِنّي أَخا الإِحسانِ أَحسنْتُ إِيجابي

وَدُم بِأَمانِ اللَّه مَسرورَ خاطِرٍ

بِعِزٍّ رغيد العَيشِ يَزهو بِإِخصابِ

مَدى الدّهرِ ما عادَت لِرَوضٍ حياتُهُ

بِوَبلٍ غَزير النّفعِ تَهّامٍ وَسَكّابِ

وَما قالَ ذو حِبٍّ لِمَدحِ أَحِبَّةٍ

قِفا نَتلُ مِن أَذكارِ دارٍ وَأَحبابِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المفتي عبداللطيف فتح الله

avatar

المفتي عبداللطيف فتح الله حساب موثق

لبنان

poet-Mufti-Fathallah@

1294

قصيدة

3

الاقتباسات

84

متابعين

عبد اللطيف بن علي فتح الله. أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء. له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200ه‍في ...

المزيد عن المفتي عبداللطيف فتح الله

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة