الديوان » العصر العثماني » علي الغراب الصفاقسي » عند الغير لبادي العقول تبيان

عدد الابيات : 44

طباعة

عند الغير لبادي العقول تبيانُ

ودُونهُ لكماة البحث ميزانُ

يغدُو إذا اصطكّت الأبحاثُ في وهم

بعقد ما اعتاد منها وهو حيرانُ

أمسى يعاقد تقليدا على خطإ

لهُ على ذلك التّقليد أعوانُ

مُستغرقا في بحار الخلف تجذُبه

إليه من سُوء ذاك الوهم أرسانُ

مًستصوبا للخطإ من فرط غيبته

كأنّه بعبيق الرّاح نشوانُ

حتّى إذا ضاء منهُ الحقّ أنكرهُ

جهلا وهل يبصر الأضواء عميانُ

وظلّ مُدّعيا دعوى كسفسطة

يُغري بها الوهمُ أو زُورٌ وبهتانُ

يا آخذا من دُرُوس العلم ظاهرها

ما في ظواهرها للحقّ تبيانُ

دع عنك ما تدّعي للعلم من نسب

فللعلوم مجالٌ فيه فُرسانُ

فما أراك من الإفهام مُجترئا

إلا على كلّ درس فيه صبيانُ

فمن يكن طالبا للعلم مُجتهدا

والقلبُ منه إلى التّحقيق ظمآنُ

ورام للعلم تحصيلا يكن كأبي

مُحمّد حسن شيخٌ لهُ شانُ

يحبرٌ زكيٌّ جليلٌ فاضلٌ علمٌ

لفكره في مجال البحث جولانُ

سما على كلّ قرن في الفنون وقد

سرى بتحقيقه في العلم رُكبانُ

إذا تزيّنت الأزمانُ وافتخرت

بأهلها فيه الأيّامُ تزدانُ

فكلُّ معنى بعيد من تناوُله

يدنُو ولو أنّهُ في البعد كيوانُ

في الدّرس ترزُ من أبحاثه نُكتٌ

كأنّها فوق صحن الخدّ خيلانُ

لهُ فوارسُ فهم كلّما طلبت

في حومة الدّرس ليثا فهو سرحانُ

كأنّ كلّ المعاني من جلائله

فما سواهُ لهُ منهنّ إمكانُ

أطاعهُ كلُّ فنّ في الفنون متى

دعاهُ جاء مُطيعا وهو عجلانُ

فالنّحوُ مذ فارق الخلان قال له

أنت الخليلُ فما لي عنك سُلوانُ

أمّا البيانُ فعبدٌ وهو سيّدُهُ

وكم لهُ فيه إيضاحٌ وتبيانُ

كذا الأصولُ بصدر منهُ قد ثبتت

تقولُ هذا محلّي منك أزمانُ

ما ضمّ كبرى لصغرى في عقائده

غلا وللشّبه العمياء بُطلانُ

كلٌّ إذا ذكر الميزان كان لهُ

عليه في كفّة الميزان رُجحانُ

أمّا القراءةُ والتّفسيرُ ليس يُرى

لغيره فيهما ضبط وإتقانُ

لهُ فما اعتلّ من طرف الحديث وما

قد صحّ في نقلها حفظ وعرفانُ

لو لم يكن مالكا للفقه أجمع ما

أمسى لهُ منهُ للأحكام إذعانُ

إذ في سواهُ غريبٌ في مواطنه

وما سوى صدره للفقه أوطانُ

يُبدي عُقودعُقود من أنامله

كأنّهنّ يواقيتُ ومرجانُ

طاعت لهُ حصصً الأزمان أجمعها

فلا عجيبٌ إذا طاعته أزمانُ

لهُ قواعدُ في التّوقيت حرّرها

بهنّ قد صحّ للالات بطلانُ

لهُ البسائط بالتّعديل قد شهدت

وللشهادة التّعديل رُجحانُ

هذا ولكلّ فنّ في الفنون لهُ

خوضُ وفيه لهُ غوصٌ وإمعانُ

أفكاره عن سوى التّحقيق نائمةٌ

وذهنه لعويص العلم يقظانُ

وجوفُه من فُنون الطّعم خاوية

وصدره من فُنون العلم ملانُ

جلّت عن الحصر والحصبا مفاخرُهُ

وكيف يُحصي الحصى والرّمل إنسانُ

في كلّ من علمت أوصافُه شرفٌ

إذا أضيفت إلى علياهُ نُقصانُ

من كلّ أشهب نعلٌ في مواطئه

ومن مواطئه للشّهب تيجانُ

زادت بنو الشّرفى طُرّا به شرفا

فهم به في عُيون النّاس أعيانُ

يا ذا الّذي ملكت رضا مكارمُهُ

ورُبّما ملك الإنسان إحسانُ

قلّدتني مننا لا أستطيعُ لها

حملا وإنّي بما قلّدتُ تعبانُ

ولو يُقضيّ الفتى من دين شُكرك ما

ينوءُ بالأرض ثقلا فهو مديانُ

لا زلت وابل فضل والأنامُ ندى

وأنت نهرٌ وباقي النّاس غدران

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن علي الغراب الصفاقسي

avatar

علي الغراب الصفاقسي حساب موثق

العصر العثماني

poet-Ali-Ghorab-Sfaxien@

394

قصيدة

48

متابعين

علي الغراب الصفاقسي، أبو الحسن. شاعر خلاعي له علم بفقة المالكية من أهل صفاقس. انتقل إلى تونس واتصل بالأمير علي باشا بن محمد، وصار من خواصه ولما قتل علي باشا ...

المزيد عن علي الغراب الصفاقسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة