إذا كان السلامُ هدنةً بين حربين, فإنَّ
للموتى حقَّ الإدلاء بأصواتهم : سنختار
الجنرال . وإذا كانت الحرب حادثةَ سيرٍ
وقعت على الأوتوستراد السريع , فإنَّ على
الأحياء واجب الإدلاء بأصواتهم : سنختار
الحمار . لكن الأحياء لم يذهبوا إلى
صناديق الاقتراع , لا لأن الثلج كان يندف ,
بل لأن شللاً مفاجئاً النوافذ رأوا عناكب
تبني بيوتها في الثلج , فأصيبوا بالعمى . وحين
أرهفوا السمع إلى ما يحدث , هبَّت عواصف
لا عهد لهم بأصواتها الوحشية , فأصيبوا
بالصمم . وقال المنجمون : هي فوضى الكون
على باب القيامة . ومن حُسْن حظنا أو
من سوئه , أن المؤرخين الأجانب الخبراء
في مصائرنا وتاريخيا الشفهي لم يكونوا
هنا , فلم نعرف ما حلَّ بنا !
محمود درويش (1942–2008)
يُعد محمود درويش أحد أعمدة الشعر العربي المعاصر، ورمزًا من رموز المقاومة الفلسطينية. اقترن اسمه بشعر الثورة، وارتبطت كلماته بحلم الوطن المسلوب، حتى غدا صوته لسان حال الفلسطينيين ...