الديوان » العصر العباسي » المتنبي » حشاشة نفس ودعت يوم ودعوا

عدد الابيات : 31

طباعة

حُشاشَةُ نَفسٍ وَدَّعَت يَومَ وَدَّعوا

فَلَم أَدرِ أَيَّ الظاعِنَينِ أُشَيِّعُ

أَشاروا بِتَسليمٍ فَجُدنا بِأَنفُسٍ

تَسيلُ مِنَ الآماقِ وَالسِمِ أَدمُعُ

حَشايَ عَلى جَمرٍ ذَكِيٍّ مِنَ الهَوى

وَعَينايَ في رَوضٍ مِنَ الحُسنِ تَرتَعُ

وَلَو حُمِّلَت صُمُّ الجِبالِ الَّذي بِنا

غَداةَ اِفتَرَقنا أَو شَكَت تَتَصَدَّعُ

بِما بَينَ جَنبَيَّ الَّتي خاضَ طَيفُها

إِلَيَّ الدَياجي وَالخَلِيّونَ هُجَّعُ

أَتَت زائِراً ما خامَرَ الطيبُ ثَوبَها

وَكَالمُسكِ مِن أَردانِها يَتَضَوَّعُ

فَما جَلَسَت حَتّى اِنثَنَت توسِعُ الخُطا

كَفاطِمَةٍ عَن دَرِّها قَبلَ تُرضِعُ

فَشَرَّدَ إِعظامي لَها ما أَتى بِها

مِنَ النَومِ وَاِلتاعَ الفُؤادُ المُفَجَّعُ

فَيا لَيلَةً ما كانَ أَطوَلَ بِتُّها

وَسُمُّ الأَفاعي عَذبُ ما أَتَجَرَّعُ

تَذَلَّل لَها وَاِخضَع عَلى القُربِ وَالنَوى

فَما عاشِقٌ مَن لا يَذِلُّ وَيَخضَعُ

وَلا ثَوبُ مَجدٍ غَيرَ ثَوبِ اِبنِ أَحمَدٍ

عَلى أَحَدٍ إِلّا بِلُؤمٍ مُرَقَّعُ

وَإِنَّ الَّذي حابى جَديلَةَ طَيِّئٍ

بِهِ اللَهُ يُعطي مَن يَشاءُ وَيَمنَعُ

بِذي كَرَمٍ ما مَرَّ يَومٌ وَشَمسُهُ

عَلى رَأسِ أَوفى ذِمَّةً مِنهُ تَطلُعُ

فَأَرحامُ شِعرٍ يَتَصِلنَ لَدُنَّهُ

وَأَرحامُ مالٍ لا تَني تَتَقَطَّعُ

فَتىً أَلفُ جُزءٍ رَأيُهُ في زَمانِهِ

أَقَلُّ جُزَيءٍ بَعضُهُ الرَأيُ أَجمَعُ

غَمامٌ عَلَينا مُمطِرٌ لَيسَ يُقشِعُ

وَلا البَرقُ فيهِ خُلَّباً حينَ يَلمَعُ

إِذا عَرَضَت حاجٌ إِلَيهِ فَنَفسُهُ

إِلى نَفسِهِ فيها شَفيعٌ مُشَفَّعٌ

خَبَت نارُ حَربٍ لَم تَهِجها بَنانُهُ

وَأَسمَرُ عُريانٌ مِنَ القِشرِ أَصلَعُ

نَحيفُ الشَوى يَعدو عَلى أُمِّ رَأسِهِ

وَيَحفى فَيَقوى عَدوُهُ حينَ يُقطَعُ

يَمُجُّ ظَلاماً في نَهارٍ لِسانُهُ

وَيُفهِمُ عَمَّن قالَ ما لَيسَ يَسمَعُ

ذُبابُ حُسامٍ مِنهُ أَنجى ضَريبَةً

وَأَعصى لِمَولاهُ وَذا مِنهُ أَطوَعُ

فَصيحٌ مَتى يَنطِق تَجِد كُلَّ لَفظَةٍ

أُصولَ البَراعاتِ الَّتي تَتَفَرَّعُ

بِكَفِّ جَوادٍ لَو حَكَتها سَحابَةٌ

لَما فاتَها في الشَرقِ وَالغَربِ مَوضِعُ

وَلَيسَ كَبَحرِ الماءِ يَشتَقُّ قَعرَهُ

إِلى حَيثُ يَفنى الماءُ حوتٌ وَضِفدَعُ

أَبَحرٌ يَضُرُّ المُعتَفينَ وَطَعمُهُ

زُعاقٌ كَبَحرٍ لا يَضُرُّ وَيَنفَعُ

يَتيهُ الدَقيقُ الفِكرِ في بُعدِ غَورِهِ

وَيَغرَقُ في تَيّارِهِ وَهوَ مِصقَعُ

أَلا أَيُّها القَيلُ المُقيمُ بِمَنبِجٍ

وَهِمَّتُهُ فَوقَ السِماكَينِ توضِعُ

أَلَيسَ عَجيباً أَنَّ وَصفَكَ مُعجِزٌ

وَأَنَّ ظُنوني في مَعاليكَ تَظلَعُ

وَأَنَّكَ في ثَوبٍ وَصَدرُكَ فيكُما

عَلى أَنَّهُ مِن ساحَةِ الأَرضِ أَوسَعُ

وَقَلبُكَ في الدُنيا وَلَو دَخَلَت بِنا

وَبِالجِنِّ فيهِ ما دَرَت كَيفَ تَرجِعُ

أَلا كُلُّ سَمحٍ غَيرَكَ اليَومَ باطِلٌ

وَكُلُّ مَديحٍ في سِواكَ مُضَيَّعٌ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المتنبي

avatar

المتنبي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mutanabi@

323

قصيدة

63

الاقتباسات

8990

متابعين

أبو الطيب المتنبي (303هـ – 354هـ / 915م – 965م) هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفي الكوفي الكندي، من أعظم شعراء العرب على مرّ العصور، واشتهر بلقبه "المتنبي". ...

المزيد عن المتنبي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة