الديوان » العصر العباسي » المتنبي » ليالي بعد الظاعنين شكول

عدد الابيات : 66

طباعة

لَيَاليّ بَعْدَ الظّاعِنِينَ شُكُولُ

طِوالٌ وَلَيْلُ العاشِقينَ طَويلُ

يُبِنَّ ليَ البَدْرَ الذي لا أُريدُهُ

وَيُخْفِينَ بَدْراً مَا إلَيْهِ سَبيلُ

وَمَا عِشْتُ مِنْ بَعدِ الأحِبّةِ سَلوَةً

وَلَكِنّني للنّائِبَاتِ حَمُولُ

وَإنّ رَحِيلاً وَاحِداً حَالَ بَيْنَنَا

وَفي المَوْتِ مِنْ بَعدِ الرّحيلِ رَحيلُ

إذا كانَ شَمُّ الرَّوحِ أدْنَى إلَيْكُمُ

فَلا بَرِحَتْني رَوْضَةٌ وَقَبُولُ

وَمَا شَرَقي بالمَاءِ إلاّ تَذكّراً

لمَاءٍ بهِ أهْلُ الحَبيبِ نُزُولُ

يُحَرّمُهُ لَمْعُ الأسِنّةِ فَوْقَهُ

فَلَيْسَ لِظَمْآنٍ إلَيْهِ وُصُولُ

أما في النّجوم السّائراتِ وغَيرِهَا

لِعَيْني عَلى ضَوْءِ الصّباحِ دَليلُ

ألمْ يَرَ هذا اللّيْلُ عَيْنَيْكِ رُؤيَتي

فَتَظْهَرَ فيهِ رِقّةٌ وَنُحُولُ

لَقيتُ بدَرْبِ القُلّةِ الفَجْرَ لَقْيَةً

شَفَتْ كَبِدي وَاللّيْلُ فِيهِ قَتيلُ

وَيَوْماً كأنّ الحُسْنَ فيهِ عَلامَةٌ

بعَثْتِ بهَا والشّمسُ منكِ رَسُولُ

وَما قَبلَ سَيفِ الدّوْلَةِ اثّارَ عاشِقٌ

ولا طُلِبَتْ عندَ الظّلامِ ذُحُولُ

وَلَكِنّهُ يَأتي بكُلّ غَريبَةٍ

تَرُوقُ عَلى استِغْرابِها وَتَهُولُ

رَمَى الدّرْبَ بالجُرْدِ الجيادِ إلى العِدى

وَما عَلِمُوا أنّ السّهامَ خُيُولُ

شَوَائِلَ تَشْوَالَ العَقَارِبِ بالقَنَا

لهَا مَرَحٌ مِنْ تَحْتِهِ وَصَهيلُ

وَما هيَ إلاّ خَطْرَةٌ عَرَضَتْ لَهُ

بحَرّانَ لَبّتْهَا قَناً وَنُصُولُ

هُمَامٌ إذا ما هَمّ أمضَى هُمُومَهُ

بأرْعَنَ وَطْءُ المَوْتِ فيهِ ثَقيلُ

وَخَيْلٍ بَرَاهَا الرّكضُ في كلّ بلدةٍ

إذا عَرّسَتْ فيها فلَيسَ تَقِيلُ

فَلَمّا تَجَلّى مِنْ دَلُوكٍ وَصَنْجةٍ

عَلَتْ كلَّ طَوْدٍ رَايَةٌ وَرَعيلُ

على طُرُقٍ فيها على الطُّرْقِ رِفْعَةٌ

وَفي ذِكرِها عِندَ الأنيسِ خُمُولُ

فَمَا شَعَرُوا حَتى رَأوْهَا مُغِيرَةً

قِبَاحاً وَأمّا خَلْقُها فَجَميلُ

سَحَائِبُ يَمْطُرْنَ الحَديدَ علَيهِمِ

فكُلُّ مَكانٍ بالسّيوفِ غَسيلُ

وَأمْسَى السّبَايَا يَنْتَحِبنَ بعِرْقَةٍ

كأنّ جُيُوبَ الثّاكِلاتِ ذُيُولُ

وَعادَتْ فَظَنّوهَا بمَوْزَارَ قُفّلاً

وَلَيسَ لهَا إلاّ الدّخولَ قُفُولُ

فَخاضَتْ نَجيعَ القَوْمِ خَوْضاً كأنّهُ

بكُلِّ نَجيعٍ لمْ تَخُضْهُ كَفيلُ

تُسايِرُها النّيرانُ في كلّ مَنزِلٍ

بهِ القوْمُ صَرْعَى والدّيارُ طُلولُ

وَكَرّتْ فمَرّتْ في دِماءِ مَلَطْيَةٍ

مَلَطْيَةُ أُمٌّ للبَنِينَ ثَكُولُ

وَأضْعَفْنَ ما كُلّفْنَهُ مِنْ قُباقِبٍ

فأضْحَى كأنّ الماءَ فيهِ عَليلُ

وَرُعْنَ بِنَا قَلْبَ الفُراتِ كأنّمَا

تَخِرُّ عَلَيْهِ بالرّجالِ سُيُولُ

يُطارِدُ فيهِ مَوْجَهُ كُلُّ سابحٍ

سَواءٌ عَلَيْهِ غَمْرَةٌ وَمسيلُ

تَراهُ كأنّ المَاءَ مَرّ بجِسْمِهِ

وَأقْبَلَ رَأسٌ وَحْدَهُ وتَليلُ

وَفي بَطْنِ هِنريطٍ وَسِمْنينَ للظُّبَى

وَصُمِّ القَنَا مِمّنْ أبَدْنَ بَدِيلُ

طَلَعْنَ عَلَيْهِمْ طَلْعَةً يَعْرِفُونَها

لهَا غُرَرٌ مَا تَنْقَضِي وَحُجُولُ

تَمَلُّ الحُصُونُ الشُّمُّ طُولَ نِزالِنَا

فَتُلْقي إلَيْنَا أهْلَهَا وَتَزُولُ

وَبِتْنَ بحصْنِ الرّانِ رَزْحَى منَ الوَجى

وَكُلُّ عَزيزٍ للأمِيرِ ذَلِيلُ

وَفي كُلِّ نَفْسٍ ما خَلاهُ مَلالَةٌ

وَفي كُلِّ سَيفٍ ما خَلاهُ فُلُولُ

وَدُونَ سُمَيْساطَ المَطامِيرُ وَالمَلا

وَأوْدِيَةٌ مَجْهُولَةٌ وَهُجُولُ

لَبِسْنَ الدّجَى فيها إلى أرْضِ مرْعَشٍ

وَللرّومِ خَطْبٌ في البِلادِ جَليلُ

فَلَمّا رَأوْهُ وَحْدَهُ قَبْلَ جَيْشِهِ

دَرَوْا أنّ كلَّ العالَمِينَ فُضُولُ

وَأنّ رِمَاحَ الخَطّ عَنْهُ قَصِيرَةٌ

وَأنّ حَديدَ الهِنْدِ عَنهُ كَليلُ

فأوْرَدَهُمْ صَدْرَ الحِصانِ وَسَيْفَهُ

فَتًى بأسُهُ مِثْلُ العَطاءِ جَزيلُ

جَوَادٌ عَلى العِلاّتِ بالمالِ كُلّهِ

وَلَكِنّهُ بالدّارِعِينَ بَخيلُ

فَوَدّعَ قَتْلاهُمْ وَشَيّعَ فَلَّهُمْ

بضَرْبٍ حُزُونُ البَيضِ فيهِ سُهولُ

على قَلْبِ قُسْطَنْطينَ مِنْهُ تَعَجّبٌ

وَإنْ كانَ في ساقَيْهِ مِنْهُ كُبُولُ

لَعَلّكَ يَوْماً يا دُمُسْتُقُ عَائِدٌ

فَكَمْ هارِبٍ مِمّا إلَيْهِ يَؤولُ

نَجَوْتَ بإحْدَى مُهْجَتَيْكَ جرِيحةً

وَخَلّفتَ إحدى مُهجَتَيكَ تَسيلُ

أتُسْلِمُ للخَطّيّةِ ابنَكَ هَارِباً

وَيَسْكُنَ في الدّنْيا إلَيكَ خَليلُ

بوَجْهِكَ ما أنْساكَهُ مِنْ مُرِشّةٍ

نَصِيرُكَ منها رَنّةٌ وَعَوِيلُ

أغَرّكُمُ طولُ الجُيوشِ وَعَرْضُهَا

عَليٌّ شَرُوبٌ للجُيُوشِ أكُولُ

إذا لم تَكُنْ للّيْثِ إلاّ فَريسَةً

غَذاهُ وَلم يَنْفَعْكَ أنّكَ فِيلُ

إذا الطّعْنُ لم تُدْخِلْكَ فيهِ شَجاعةٌ

هيَ الطّعنُ لم يُدخِلْكَ فيهِ عَذولُ

وَإنْ تَكُنِ الأيّامُ أبْصَرْنَ صَوْلَهُ

فَقَدْ عَلّمَ الأيّامَ كَيفَ تَصُولُ

فَدَتْكَ مُلُوكٌ لم تُسَمَّ مَوَاضِياً

فإنّكَ ماضِي الشّفْرَتَينِ صَقيلُ

إذا كانَ بَعضُ النّاسِ سَيفاً لدَوْلَةٍ

فَفي النّاسِ بُوقاتٌ لهَا وطُبُولُ

أنَا السّابِقُ الهادي إلى ما أقُولُهُ

إذِ القَوْلُ قَبْلَ القائِلِينَ مَقُولُ

وَما لكَلامِ النّاسِ فيمَا يُريبُني

أُصُولٌ ولا للقائِليهِ أُصُولُ

أُعَادَى على ما يُوجبُ الحُبَّ للفَتى

وَأهْدَأُ وَالأفكارُ فيّ تَجُولُ

سِوَى وَجَعِ الحُسّادِ داوِ فإنّهُ

إذا حلّ في قَلْبٍ فَلَيسَ يحُولُ

وَلا تَطْمَعَنْ من حاسِدٍ في مَوَدّةٍ

وَإنْ كُنْتَ تُبْديهَا لَهُ وَتُنيلُ

وَإنّا لَنَلْقَى الحادِثاتِ بأنْفُسٍ

كَثيرُ الرّزايا عندَهنّ قَليلُ

يَهُونُ عَلَيْنَا أنْ تُصابَ جُسُومُنَا

وَتَسْلَمَ أعْراضٌ لَنَا وَعُقُولُ

فَتيهاً وَفَخْراً تَغْلِبَ ابْنَةَ وَائِلٍ

فَأنْتِ لخَيرِ الفاخِرِينَ قَبيلُ

يَغُمُّ عَلِيّاً أنْ يَمُوتَ عَدُوُّهُ

إذا لم تَغُلْهُ بالأسِنّةِ غُولُ

شَريكُ المَنَايَا وَالنّفُوسُ غَنيمَةٌ

فَكُلُّ مَمَاتٍ لم يُمِتْهُ غُلُولُ

فإنْ تَكُنِ الدّوْلاتُ قِسْماً فإنّهَا

لِمَنْ وَرَدَ المَوْتَ الزّؤامَ تَدُولُ

لِمَنْ هَوّنَ الدّنْيا على النّفسِ ساعَةً

وَللبِيضِ في هامِ الكُماةِ صَليلُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


الأسِنّةِ

أطرف الرماح والمفرد سِنان

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


بدَرْبِ القُلّةِ

ورد في كتاب "تقويم البلدان"* (صفحة 123) ما يلي: مدينة "قاليقلا" من "ديار بكر"، والنسبة إليها "القالي". سميت المدينة باسم "قالي" زوجة الملك "أرميناقس"، ودعيت "قالي قاله". وهي "أرزن".

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


سَيفِ الدّوْلَةِ

سيف الدولة الحمداني : هو علي بن عبد الله بن حمدان التغلبي الرَّبعيّ، أبو الحسن، سيف الدولة (303 - 356هـ= 915 - 967م)، صاحب الدولة الحمدانية. ولد في ميافارقين بديار بكر. ونشأ شجاعًا عالي الهمة، وسط صراعات بين الروم والمسلمين، وعرف مايريده الروم. وملك واسطَ بالعراق وما جاورها وامتلك دمشق وحلب سنة 333هـ، 944م، وأصبحت قاعدته. ويروى أنه لم يجتمع بباب أحد من الملوك بعد الخلفاء ما اجتمع بباب سيف الدولة من شيوخ العلم والأدباء والشعراء. وقَصَدَه الشاعر أبو الطيب المتنبي وخلَّد ذكره وذكر وقائعه الكثيرة مع الروم. وله أخبار كثيرة مع الشعراء أمثال أبي فراس الحمداني والسريّ الرفاء والنامي والببغاء والوأواء. وكانت أشهر وقائعه مع الروم في سني 333هـ، 944م، و336هـ، 947م و339هـ،951م، و340هـ، 951م، و342هـ،953م، و343هـ،954م، و345هـ، 956م، و351هـ، 962م. وكانت الحرب بينهما سجالاً، استشهد فيها معظم أبناء البيت الحمداني. ولم تتنفس دولة حلب الصعداء إلا بموت الدمستق ملك الروم الذي تمكن من دخول حلب. توفي سيف الدولة بحلب ودفن في ميَّافارقين.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


ذُحُولُ

الحمرة التي تظهر من الشفق بسبب وميض النيران الكثيفة المشتعلة في الليل فتحيله إلى صبح

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


بالجُرْدِ

الخيل القصيرة شعر الجلود، وذلك فيها من شواهد الكرم

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


خُيُولُ

الخيول ثلاث مجموعات: خفيفة، ثقيلة، وقزمية. الحصان العربي من أقدم سلالات الخيول الخفيفة في العالم. له منزلة كبرى لدى الإنسان العربي، يؤثره على نفسه وأهله وولده حتى إن الرجل كان يبيت طاوياً ويُشبِع فرسه . والحصان العربي الأصيل من أهم ميزاته أنه لا يدهس فارسه إذا وقع عن صهوته.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


بحَرّانَ

حَرّان : إقليم في جنوب تركيا قرب الحدود السورية يقع شمال سلوق والرقة وجنوب عرفة. يحده من الغرب سروك وزركل وعين العرب ومن الشرق الحسكة وعين كبريت. عرف بهذا الاسم نسبة إلى حران بن آذر أخى إبراهيم عليه السلام.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


دَلُوكٍ

دَلوَك : بلدة في جنوب تركيا تتبع مقاطعة مرعش قرب الحدود السورية، يجاورها بلدة البستان من الشمال وملطية من شمال الشرق.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


صَنْجةٍ

صَنجَة : موضع في جنوب تركيا قرب الحدود السورية.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


مَلَطْيَةٍ

ملطية : مدينة في جنوب شرق تركيا تقع بين العزيق ومرعش شمال مقاطعة آدييمان قرب الحدود السورية. يبلغ عدد سكانها قرابة 350 ألف نسمة، وهي تقع ضمن مقاطعة ملطية.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


قُباقِبٍ

قَباقِب : موضع في سوريا قرب الحدود العراقية من جهة الشمال.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


مسيلُ

مسيل : المكان الذي يسيل فيه الماء.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


تَليلُ

تَليل : العُنق وما يليها من الصدر.

تم اضافة هذه المساهمة من العضو الموسوعة


معلومات عن المتنبي

avatar

المتنبي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mutanabi@

323

قصيدة

62

الاقتباسات

6221

متابعين

احمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفي الكوفي الكندي ابو الطيب المتنبي.(303هـ-354هـ/915م-965م) الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي. له الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. وفي علماء الأدب من ...

المزيد عن المتنبي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة