أقيما فروضَ الحزن فالوقت وقتها
لشمس ضحىً عندَ الزوال ندبتها
ولا تبخلا عني بإنفاق أدمعٍ
ملوّنة أكوى بها إن كنزت
إِذا كانَ دَمعي شاهِدي كَيفَ أَجحَدُ
وَنارُ اِشتِياقي في الحَشا تَتَوَقَّدُ
وَهَيهاتَ يَخفى ما أُكِنُّ مِنَ الهَوى
وَثَوبُ سِقامي كُلَّ يَومٍ يُجَدَّدُ
خالَطَ القَلبَ هُمومٌ وَحَزَن
وَاِدِّكارٌ بَعدَما كانَ اِطمَأَنّ
فَهوَ مَشغوفٌ بِهِندٍ هائِمٌ
يَرعَوي حيناً وَأَحياناً يَحِنّ
وَإِنَّ أَولى البَرايا أَن تُواسِيَهُ
عِندَ السُرورِ الَّذي واساكَ في الحَزَنِ
إِنَّ الكِرامَ إِذا ما أَسهَلوا ذَكَروا
مَن كانَ يَألَفُهُم في المَنزِلِ الخَشِنِ
وَإِذا الفَتى لَبِسَ الأَسى وَمَشى بِهِ
فَكَأَنَّما قَد قالَ لِلزَمَنِ اِقعُدِ
فَإِذا الثَواني أَشهُر وَإِذا الدَقا
إِقُ أَعصُر وَالحُزنُ شَيءٌ سَرمَدي
ولا تحسبنَّ الحزن يبقى فإنه
شهاب حريقٍ واقدٌ ثم خامدُ
ستألفُ فقدان الذي قد فقدته
كإلْفكَ وجْدان الذي أنت واجدُ
تَعَبُ كُلّها الحَياةُ فَما أعْـ
جَبُ إلاّ مِنْ راغبٍ في ازْديادِ
إنّ حُزْناً في ساعةِ المَوْتِ أضْعَا
فُ سُرُورٍ في ساعَةِ الميلادِ
شَكَوتُ وَما الشَكوى لِنَفسِيَ عادَةٌ
وَلَكِن تَفيضُ النَفسُ عِندَ اِمتِلائِها
وَمالي شَفيعٌ غَيرَ نَفسِكَ إِنَّني
ثَكِلتُ مِنَ الدُنيا عَلى حُسنِ وائِها
يُكَذِّبُ فِيكَ كُلَّ النَّاسِ قَلْبِي
وَتَسْمَعُ فِيكَ كُلَّ النَّاسِ أُذْنِي
وَكَمْ طَافَتْ عَلَيَّ ظِلاَلُ شَكٍّ
أَقَضَّتْ مَضْجَعِي وَاسْتَعْبَدَتْنِي
كَأَنِّي طَافَ بِي رَكْبُ اللَيَالِي
يُحَدِّثُ عَنْكَ فِي الدُّنْيَا وَعَنِّي
لَو كُنتُ أَعلَمُ أَنَّ الحُبَّ يَقتُلُني
أَعدَدتُ لي قَبلَ أَن أَلقاكِ أَكفانا
فَلا وَاللَهِ لا أَنساكَ حَتّى
أُفارِقَ مُهجَتي وَيُشَقُّ رَمسي
فَقَد وَدَّعتُ يَومَ فِراقِ صَخرٍ
أَبي حَسّانَ لَذّاتي وَأُنسي
فَيا لَهفي عَلَيهِ وَلَهفَ أُمّي
أَيُصبِحُ في الضَريحِ وَفيهِ يُمسي
أوحى إليَّ فؤادي حين أخبرني
بأنَّ لي فَرَجاً من ذلك الحَزَنِ
تاللهِ لا سكنت روحي إلى أحَدٍ
حتّى يعود إلى أوطانه سَكَني
أنعى إليك قلوباً طالما هطلت
سحائب الجود منها أبحر الحكم
أنعى إليك نفوساً طاح شاهدها
فيما ورا الحيث بل في شاهد القدم
وحاولت صبراً كان في الخطب جنتي
فقالت لي الأيام لا تستطيعه
فهل ما مضى من عيشنا بطويلع
برغم الليالي مستطاع رجوعه
مَن لنفسٍ عادها أحزانها
وَلعينٍ شفّها طول السهَد
جَسدٌ لفّفَ في أكفانهِ
رَحمةُ اللَّهِ على ذاكَ الجَسَد
نفسي تساقُ إذا سيقَت ركابكم
فإن عزَمتم على قتلي فسوقُوها
وَعِشتُ مَعَ الأَقوامِ بِالفَقرِ وَالغِنى
سَقاني بِكَأسَي ذاكَ كِلتَيهِما دَهري
إِنَّ الزَمانَ وَما يَفنى لَهُ عَجَبٌ
أَبقى لَنا ذَنَباً وَاِستُؤصِلَ الراسُ
أَبقى لَنا كُلَّ مَجهولٍ وَفَجَّعَنا
بِالحالِمينَ فَهُم هامٌ وَأَرماسُ
ذَكَرتُ فَغالَني وَنَكا فُؤادي
وَأَرَّقَ قَومِيَ الحُزنُ الطَويلُ
أُلو عِزٍّ كَأَنَّهُمُ غِضابٌ
وَمَجدٍ مَدَّهُ الحَسَبُ الطَويلُ
أَلا يا عَينِ وَيحَكِ أَسعِديني
لِرَيبِ الدَهرِ وَالزَمَنِ العَضوضِ
وَلا تُبقي دُموعاً بَعدَ صَخرٍ
فَقَد كُلِّفتِ دَهرَكِ أَن تَفيضي