الديوان » مصر » محمود غنيم » تحية لبنان

عدد الابيات : 49

طباعة

للخلد صِنوٌ: وصنو الخلد لُبنَانُ

قم سائل القوم: مَنْ في القوم رِضوانُ؟

الله صوَّرَ لبنانًا فأبدعه

كما تأنَّقَ في التمثال فنَّان

يا جيرةَ الأرز، إنَّ الأرز يَبلغُ ما

لا يبلغُ الطلحُ من نفسي، ولا البان

هي العروبةُ أنتم في ذُؤابتها

مُذْ قام حول تُخوم الروم غسَّان

مُلْكٌ بناه أواليكم، ودعَّمَهُ

بالوحي أبناءُ مَرْوانٍ، ومرْوان

يا جيرةَ الأرز، ما أنتم لعمريَ في

مصرٍ، ولا نحنُ في لُبنانَ ضيفان

في شاطئ النيل: أهلوكم، وموطِنُكم

وفي الشآم لنا، أهلٌ، وأوطان

مَحَت تخومُ بنيها الضادُ فاتَّحَدَتْ

أقطارُهم؛ فهمو في الضاد إخوان

إنْ تسألِ العربيَّ الحرَّ عن وطنٍ

أو ملَّةٍ قال: إنَّ الجَدَّ عدنان

يا جيرةَ الأرز، لن ننسى أيادَيكم

وليس للفضل عند الحر نسيان

إن الصحافَةَ أنتم أسُّ نَهضتها

لولاكمو، لم تقم للصُّحْف عمدان

لكم على النيل أَهرامٌ دِعامتُها

سحرُ البلاغة، لا صخرٌ وصَوَّان

إن كان للضاد آدابٌ تتيه بها

فإِن فارسَها السبَّاقَ زِيدان

للضاد شاد اليسوعيُّون مكتبةً

لم تحوها زمن المأمون بغْدان؟

هذي معاجمُهم. هل في معاجمهم

إلا عقيقٌ من الفصحى ومرَجانُ؟

اليازجيُّون راض الشعرَ رائضهُم

من بعد ما جمحَتْ للشعر أوزان

بفضلهم عاد للشَّهباء أحمدُها

بل أحمداها، وزارَ الشام حَسانُ

لولا غطارفُ في الدنيا الجديدة، ما

أصْغت إلى لغة الأعراب آذان

هم فاتحون وإن لم يشهَرُوا قُضُبًا

أو تحترق بلهيب النار أبدان

لما تبَّلجَ عصرُ النور، كان لكم

سبقٌ إلى خدمة الفصحى وإمعان

جريتمو، وجَرَتْ مصرٌ، كأنكما

طِرفان ضمَّهُما للسبق ميدان

وحسبُ مصرَ إذا عُدَّتْ مفاخرُها:

روضٌ من العلم والآداب فَيْنان

دارُ العلوم، وما دارُ العلوم سوى

عقدٍ تتيهُ به الفصحى وتزدان

للضاد في مصرَ بل في الشرق أجمعِهِ

حصْنٌ بَنُوها له: أسٌّ، وأركان

إن أعقَبتْ وائلٌ سحبانَ، كان لَها

من بينهم ألفُ سحبانٍ وسحبانُ

تغلغلوا في ربوع الشرق، وانتشروا

كأنهم صَيِّبٌ في الشرق هتَّان

كأنما الضادُ دينٌ ينشرون له

دَعْوَى. وبعضُ اللُّغَى للناس أديان

رُسْلَ الثقافة، مرحَى. نحن في زمنٍ

أمضى سلاحٍ به: علمٌ، وعرفان

إن وحَّدتْ بين أقوام ثقافتهُم

فلن نُفرِّقَ ذاتَ البَيْن بُلدان

ليس التكانُفُ بالأكتاف مظهرُهُ

لكنما هو إحساسٌ ووِجدان

إني أحُسُّ وحسِّي ليس يكذِبُني

مستقبلاً ملؤُهُ عزٌّ وسلطان

ماضي العروبة يخطو نحوَ حاضرها

لي بالعروبةِ والرحمنِ إيمان

أبناءُ يعرُبَ إن سادوا الأنام، فقد

عاد الأنامُ رعاياهم كما كانوا

أطلَّ في الأفْقِ نجمٌ كُنتُ أرقُبهُ

كرَّتْ عليه الليالي وهُوَ وَسْنَان

هذي خيولُ الصلاحيين قد زَحفَتُ

كأنها وهْيَ تطوي الأرض عِقْبان

مهلاً فِلسطينُ، قد ناديتِ معتِصمًا

جوابُهُ: مَشْرفيَّاتٌ وخُرصَان

الله يعم أنَّ السِّلمَ غايُتنا

ونحن من دَوْحه: ظلٌ، وأَغْصان

ما أبعدَ البغيَ عنا! إننا نفرٌ

إلى العلا لا الدمِ الموَّارِ ظمآن

لكنه الحقُّ لهم تنَهضْ به حُجَجٌ

فما له غيرَ حدِّ السيف برهان

الحق لؤلؤةٌ غاصت ببحر دمٍ

لها شِراكان: أسطولٌ وفُرسان

لا هُمَّ، إن حماةَ الأمنِ قد جَحَدوا

مصرًا، ولو أيَّدتْها قوةٌ دانوا

ترنَّحَ النيلُ لما صاح من بَردَى

صوتٌ يعاونُه والحرُّ مِعوان

صوتٌ من الخلد عُلويُّ الصَّدَى، غرِدٌ

مستعذَبٌ، كأذان الفجر رنَّان

مقالة سمعتها مصرُ خاشعةً

كأنما هي إنجيلٌ وقرآن

أَدْلَني بها «فارسٌ» بلقاءَ سافرةً

فاهتزَّ من حصْن الاستعمار بنيان

إن الأُلَى بشَّروا بالسلم قد نُسجَتْ

من صُنع أيديهمو للسِّلم أكفان

عهدُ المحيط هَوَى بعد الحروب إلى

قاعِ المحيط، وللأمواج طُغيان

ليس الأنامُ كما قالوا سواسيَةً

بل في الأنام سَراحينٌ: وقُطْعَان

ليس السلامُ بخفَّاقٍ له عَلَمٌ

مادام بين الورى شَاءٌ وذُؤْبَان!

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمود غنيم

avatar

محمود غنيم حساب موثق

مصر

poet-mahmoud-ghoneim@

82

قصيدة

373

متابعين

توجد روايتان عن مولد الشاعر: محمود غنيم الاولى أنه ولد في ١٩٠١م،والثانية أنه ولد في 1902م،وقد ولد بقرية مليج في محافظة المنوفية. ويعد واحد من أبرز الشعراء العرب في جيله، وهو صاحب ...

المزيد عن محمود غنيم

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة