الديوان » لبنان » أسعد خليل داغر » ليومك نهر المارن ذكر مخلد

عدد الابيات : 88

طباعة

ليومك نهرَ المارن ذكرٌ مخلدُ

يظلُّ على طول المدى يتجدَّدُ

تمر الليالي والحوادث تنقضي

وفي كل يومٍ ذكرُ يومك يولدُ

وكلُّ لسانٍ في البرية ناطقٌ

به وصداهُ كلُّ وادٍ مرددُ

وعن راحهم يغني الندامي فكلما

ارادوا انتشاءً كرروه فعربدوا

ويُغني عن الاعياد من يرقبونها

فأيان أجروا ذكر يومك عيدوا

وشهرته فينا على قرب عهده

نرى أنها من شهرة الشمس أبعدُ

فرديئها في كل جوٍ مُلألئٌ

وقمريُّها في كل غصنٍ مغردُ

وموضوعها محمول أم الجلال وال

جمال وأسمى ما يراد ويُقصدُ

واعظم ما نفس الفتى باقتنائهِ

تعزُّ وان يفقد فإِياهُ تنشدُ

عنيتُ به حرّيةَ الامم التي

لها الحرُّ بعد الله يجثو ويسجدُ

وانصارها الاحرار هم سادة الورى

ومَن تتخذه عبدها فهو سيدُ

فهم رفعوا في الخافقين منارَها

وهم عرشها فوق السما كين شيَّدوا

ولكنما الالما اعداؤها فهم

على رغمها في الارض عاثوا وافسدوا

تصدَّوا الإِزهاق الالى علموا بها

وإِرهاقَ من مالوا اليها تعمَّدوا

طغوا وبغوا واللهَ لم يتقوه بل

عليهِ عصوا واستكبروا وتمرَّدوا

وزين الاستبدادَ بالناس كلهم

لهم ملكٌ أتباعه متعبدُ

الى الفتح لم ينفكَّ منذ جلوسهِ

على العرش يصبو والسلامَ يهددُ

به كان يغري شعبهُ ويحضُّهم

عليه ويذكي عزمهم ويشددُ

اطاعوا له بالحرب امراً واذ دَعا

على الفور لبَّوه ولم يترددوا

قضوا نصف قرنٍ في تأهبهم لها

فجدُّوا وشدُّوا واستمدُّوا واعتدوا

وما تقتضيه من سلاحٍ وميرةٍ

ومالٍ اعدُّوا والملايينَ جندوا

وفي نارها زجُّوا جميع بنى الورى

فاصبحت الدنيا جحيماً توَّقدُ

وجازوا ضفاف المارن في غزواتهم

وباريسَ بالفتح القريب توعَّدوا

ولكن عليهم جوفر كرّ مزَمجراً

فريعوا وعو باريس صدُّوا وأبعدوا

وخطت على المارن البسالةُ آيةً

تقول لغازيهِ هنا جوفر يرصدُ

ولما تخلى الروس عن حلفائهم

وطاب لهم في مضجع الذل مرقدُ

خلا الجوُّ للالمان فاندفعوا على

فرنسا وجدُّوا في الهجوم وشدَّدوا

وكرُّوا على الجيش المدافع كرةً

أقاموا لها الدنيا اضطراباً وأقعدوا

وأمُّوا ضفاف المارن ثانيَ مرةٍ

وسهم فتوحِ نحو باريس سَددوا

نسوا او تناسوا يوم جوفر انبرى لهم

يذودُ عن المارن الغُزاةَ ويطردُ

وقد وردوهُ يحسبون مياهَهُ

حُجيلاءَ حرَّ الهاجمين تبردُ

ولكنهم خابوا رجاءً ومورداً

حروراً من الغسلين والمهل أُوردوا

أجل لم يلاقوا جوفر لكنهم لقوا

لهُ خَلفاً من بطشه الارض ترعدُ

رأوا فوش في عريسهِ متحفزاً

يصوبُ في تزآرهِ ويصعدُ

رأوا معشر الاحلاف امضوا وفاقهم

على كل شيءٍ والقيادةَ وحَّدوا

وقد قلدوها فوش فهو عُذيقها ال

مرجَّبُ والنَّهد المجلي المقلد

وقفى على التقليد هايج بأنهُ

لبرشنج فيه عاضدٌ ومؤيدُ

وحينئذٍ كانوا استعدُّوا وأعتدوا

جميع معدَّات الهجوم وأرصدوا

وكانوا دماءَ البوش يستنزفونها

بمبضعِ تغرير يجسُّ فيفصدُ

تخلوا لهم عن كل شرٍّ بملئهِ

دماً كان من اكبادهم يتفصَّدُ

كقطٍّ حلا جهلاً لحسُ مبردٍ

ولم يدرِ ان النازفَ الدمَ مبردُ

وقد أوهموهم انهم عن لقائهم

باصفادِ تقصيرٍ وعجزٍ تقيَّدوا

وان الخميس الاحتياطيَّ عندهم

غدا نافداً او انه كاد ينفدُ

فرانت على الالمان هذي الخديعة ال

لتي كان في تدبيرها فوش يجهدُ

وقالوا عِدانا نابهم شرُّ كسرةٍ

لئن انكروها فالتقهقر يشهدُ

وظنوا بانّ النصر نيلَ وأنهم

على الحلفا بابَ النجاية اوصدوا

وكانوا لخط الزحف في الطول أسرفوا

ولكنهم فيه من العرض اقصدوا

وضرغامة الارجون في ريمسَ رابض

وراهم وصمصامَ الوثوب مجردُ

فاملى على قوَّاده فوش خطة ال

هجوم فألقوا سمعهم وتزوَّدوا

وصاحَ بهم رُدُّوا الغزاةَ واطبقوا

عليهم فللإِطباق قد حان موعدث

ومن ضفة المارن أبدأوا الكرَّ واقذفوا

الى لجه من جاوزوه فيوأَدوا

فلبى الندا ابناءُ كولمبسَ الألى

اتوا ليعينوا جيش فوش ويعضدوا

أولئك بالالمان ثاروا ونكَّلوا

وشملهم المجموع شتُّوا وشرَّدوا

وما ابطأت باقي الجيوش ان اقتفت

خطاهم وفيهم عمَّ للحرب مشهدُ

ودارت رَحاها وهي كالنار تلتظي

وساحاتها كَالبحر ترغي وتزبدُ

هناك على الالمان صال جحافل ال

حليفينَ صولاً فيه غاروا وأنجدوا

وشنُّوا عليهم غارةً دحضوا بها

مزاعمهم في ما ارتأوه وفندوا

وردُّوهمُ يهوون في شرّ ورطةٍ

يساورهم غمٌّ لهم متغمدُ

وزجُّوا اليهم ضربةً لو دويُّها

عرا جلمداً لاندقَّ وانفتَّ جلمدُ

دحَوها عليهم من مدافعَ جمرها

اذا مسَّ بحراً ردّه يتوقدُ

ومن زاحفات في الصعيد كانها ال

صواعق قبل الفتك تسنو وترعدُ

تقطع اسلاك الحصون وتنسف ال

خنادق والوعثَ الكؤود تمهدُ

ومن سابحاتٍ في الهواءِ تشقُّهُ

وفوق مطار النسر ترقى وتصعدُ

وتمطرهم منهُ بسيل كراتها

وتصليهم النارَ التي همُ اوقدوا

وكلِّ مصلٍّ لو اصابت مُهنداً

عزيمتهُ في الكرِّ صام المهندُ

وكلِّ مغيرٍ خلفه أسد الشرى

وقدامهُ قرمٌ يجاريه صندد

بهم فوش نارَ البوش خاض فأطفأوا

لظاها وانفاسَ المعادين أخمدوا

ومن يدهم بزُّوا المدائن والقرى

فشلَّت ولم تقدر على ردِّها اليدُ

وقد نثر الاخفاق عقدَ رجائهم

وبات عليهمِ عثيرُ اليأس يُعقدُ

وما ردَّ هندنبرج عنهم بخطهِ

وبالاً عليهم ظله همُ مدَّدوا

ففرُّوا على اعقابهم ناكصين عن

بلادٍ لاهليها أذلُّوا وأضهدوا

وخلفهمُ الجيشُ المطاردُ بيضهُ

تُسلُّ وفي أقفي المطاريد تغمدُ

وفي ثلث عامٍ ضيعوا ما بجيشهم

باربعة الاعوام ضحَّوا ليوجدوا

وللحلفا دانواً ولو لم يسلموا

لكان بهم حاق البلاءُ المخلَّدُ

وحُمَّ على السفَّاح غليوم أنهُ

عن العرش مرغوماً يُزاح ويُطردُ

وألفى ولي العهد أن مصيره

مصيرُ أبيه عكسَ ما كان يعهدُ

وان يكُ لودندرف شعَرك وهو من

جرى الخوف مبيضٌّ فحظُّك أسودُ

وما حظُّ هندنبرج في السوء دونهُ

فانك تدري أنه منك انكدُ

كفاه شقاءً أنّ يراك استطعتَ أن

تولىَ عنه مدبراً وهو مقعَدُ

فَتهِ أيها النهرُ وافتخر

فحقك فيه ظاهرٌ ليس يجُحدُ

ويومك لا ننساه في الحرب بل له

سيحفظ بين الناس ذكر مؤبدُ

به الحلفا حازوا انتصاراً لاجله

على الحلفا نثني ولله نحمدُ

فخطّ الفرنسيُّون للمجد صفحةً

بها ذكرَ ماضيهم أعادوا وجددوا

ومن جيشها الغازي واسطولها لها

بريطانيا العظمى اعتزازٌ وسؤددُ

وفي فضلها الجمّ العميم اميركا

تُعظَّم من كل الورى وتمجدُ

وقد نِلتِ يا بلجيكُ ما تبتغينهُ

وحزتِ انتصاراً فيهِ جرحك يُضمَدُ

فللحلفا الالمان كادوا بيومهم

فردّ لهم أضعافَ كيدهم الغدُ

وبالعدلَ والإِنصاف نالوا جزاءَهم

ومَن يزرعِ العدوان فالشرَّ يحصدُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أسعد خليل داغر

avatar

أسعد خليل داغر حساب موثق

لبنان

poet-Assad-Khalil@

45

قصيدة

45

متابعين

أسعد خليل داغر اسعد بن خليل داغر: اديب لبناني. ولد في (كفر شيما) وتعلم في الجامعة الامريكية ببيروت. واشتغل بالتدريس في مدرسة للاميركيين باللاذقية، وانتقل إلى مصر فعمل في تحرير ...

المزيد عن أسعد خليل داغر

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة