الديوان » لبنان » أسعد خليل داغر » حتى متى تجف القلوب وتخفق

عدد الابيات : 93

طباعة

حتى متى تجف القلوب وتخفقُ

والى مَ تضطرب النفوس وتقلقُ

والخلق طراً في شقاءٍ شاملٍ

وبودهم لو أنهم لم يخلقوا

سئموا اقتراناً بالحياة أمضهم

ولو انهم منحوا الخيار لطلقوا

طمعوا بأن يلقوا أقلَّ مسوغ

في هذه الدنيا البقاءَ فما لقوا

والحرب فيها لا تني مشبوبة

وسعيرها يشوي الانام ويحرق

المالَ تُفني والرجال تبيدهم

ودماءهم هدراً تثجُّ وتهرق

بقذائف البارودِ تنثر هامهم

وجسومهم بظبى الاسنة تعرق

قلب الحديد يذوب من اهوالها

ويشيب من رأس الوليد المفرق

عمَّت رزاياها البرايا كلهم

كالسيل يجرف ما أصابَ ويغرقُ

من قبلها شبت حروبٌ جَمة

والغرب ضجَّ لهولها والمشرقُ

لكنها في جنب هذي لم تكن

شيئاً به الذكرى تليقُ وتلبقُ

تلك الحروبُ على اشتداد سمومها

كانت لدى هذي بليلاً تنشقُ

وسلاحها رمحٌ يحُدَّد نصلهُ

ومهندٌ ينضى وسهم يرشقُ

ومع الرصاص البندقي استنبطت

أُكرُ الحديد من المدافع تطلقُ

هذي هي العُدَد التي كانت بها

من قبلُ ناصية المعارق تمشقُ

وزمانها اذ ذاك مثلُ مجالها

مهما يطل ويسع قصيرٌ ضيقُ

وعلى فداحة ما جنت فخطوبها

سلعٌ باسواق التحمل تنفقُ

لكنما هذي الكريهة شرها

سيل على كل الورى يتدفقُ

ومثيرها غليوم لا يرثي لمن

في غمرها غرقوا ولا يترفق

ورجالهُ كلٌّ يسير على هوى

مولاه شيطان الوغى لا يشفقُ

أذكى شرارتها وأمَّل أنهُ

فيها على الحلفاء نصراً يُرزقُ

ومضى عليه الف يومٍ وهو من

دَمِ شعبه فيها يعبُّ وينفق

ما زال يُحضئهُا ويضرمُ نارها

ويطيش من كرّ الحبوط وينزق

ويواصل الحرب التي الحلفا سعوا

في منعها قبل الشبوب فأخفقوا

ويجدُّ في توسيع شقتها ولا

ينفك منها يحتويهِ مأزقُ

لم يرعَ فيها قط حرمة شرعة

وعن المحارم لم يذدهُ موثق

بل هبَّ ينتهك الشرائع كلها

ويجزُّ لباتِ العهود ويخرقُ

فأباح تخريب الكنائس مرسلاً

في أنفس الآثار سهماً يمرقُ

وأحلَّ قتل الأبريا بقذائفٍ

سفن الهوا ترمي بها وتحلقُ

ولأنتِ يالوفان أ صدق شاهدٍ

بفظائع الالمان جهراً ينطقُ

كم غارة شنت على باريس بل

كم من جراها أهل لندن أُقلقوا

بل كم قتيلاً فيهما وسواهما

قتلت وليس به غبارٌ يلصق

ذا بعض ما اجترحته طياراتهُ

والى بيان الكل لا أتطرقُ

لكنما حوت الفظائع لم يزل

يشكو الصدى وفؤاده يتحرق

فرمى بغواصاته حتى غدا

حلق المحيط بها يغص ويشرق

وتسابقت تجري أوامر ربها

وتجد في تنفيذها وتدقق

ولها بإِغراق السفين وركبها

تفويضهُ من كل قيد مطلقُ

فاتت جرائم سجَّلت فيها على

المانيا عاراً به تتمنطقُ

وأقامت الدنيا عليها وهي لا

تنفك ركب المنشئات تغرقُ

وحكومة الدكتور ولسن هالها

هذا البلاءُ المستطير الموبق

وعلى التلافي حضَّت الالمان وال

إنذار يرعد بالوعيد ويبرق

لكنهم لم يأبهوا لوعيدها

وعلى التمادي في جرائرهم بقوا

سخروا بصولتها وعدُّوا شهرها

للحرب هبهُ اذيع لا يتحقق

وغرامها بالسلم يوصد دونها

باب الجنوح الى الكفاح ويغلق

وإذا أرادَت أن تمد بجيشها ال

حلفا الذين لها عَنوا وتملقوا

فجنودها في كل شهرٍ عدُّهم

مهما تزده ففرقة أو فيلقُ

ولهم بعرض البحر غواصاتهم

فتصدها عن قصدها وتعوّق

هذي الأقاويل التي الالمان في

ما بينهم هذروا بها وتشدقوا

واستدرجوا حلفاءَهم فتسابقوا

وبهم على الفور اقتدوا وتخلقوا

والى اقتراف المنكرات جميعهم

خفُّوا واتيان الكبائر نسَّقوا

نصبوا مشانق أبرياءَ وحقهم

أن يوثقوا هم كالجناة ويُشنقوا

وتفننوا في الموبقات فأطلقوا أل

غازات تحرق والسوائل تخنق

واستخدموا للقتل والتعذيب آ

لاتٍ بها أغراضهم تتحقق

أما الألى لا يوردون بها الردى

فتسومهم ما لا يطاق وترهق

ولهم بأصناف الرزايا تبتلي

وتجمُّ كاسات العذاب وتدهقُ

وتذيقهم ثكلاً وتيتيماً وتر

ميلاً تجاح به النفوس وتزهقُ

بأميركا هزأوا وقوة جيشها

حقروا وشدةَ بأسها لم يتقوا

فتحفزت للحرب تُثبت أنها

بوعيدها صدقت وهم لم يصدقوا

واستصرخت ابناءَها فتراكضوا

كلٌّ اخاه الى التطوع يسبق

تسعون مليوناً بها بروا ولم

يك واحد منهم يعقُّ يأبق

صرخوا بصوتٍ واحدٍ لبيَّكِ يا

أمَّ الرجال وكالسحاب تبعقوا

وعلى مشيئتها ورهن رئيسها ال

دكتور ولسن كل شيءٍ علقوا

أموالهم وعقولهم ودماءَهم

وقفوا على سعة ولم يتضيقوا

نهضوا للاستعداد نهضة امة

جدَّت ففازت والاجدُّ الاسبق

في حالتي سلم وحربٍ أدهشوا ال

دنيا بما فيه سموا وتفوَّقوا

في السلم راعوا ما اقتضاه مقامهم

فجروَا على سنن الحياد ودققوا

وقفوا امام بني الوغى ولو أنهم

ظفروا بأسباب الوفاق لوفقوا

وتجنبوهم لم يحابوا واحداً

منهم وسووا بينهم لم يفرقوا

شملوا فريقيهم بإِحساناتهم

كالغيث من كرمائهم تتدفق

وتعهدوا الجرحى بجمعياتهم

نسماتها في كل صقع تعبق

وعلى الألى نكبوا بهذي الحرب قد

بسطوا اكف سخائهم وتصدقوا

سل عن مآثرها العظيمة شرقنا

ينطق ومنه بها أوربا أنطق

فلها حديثٌ في فرنسا شائق

وصداه في البلجيك منه اشوق

لزموا الحياد فزادهم ربحاً ومن

جرائه لم يبق فيهم مُملق

لكنه لم يُرضهم ان ينعموا

والبؤس عمَّ عَلى البرية يطبق

وفظائع الالمان يسبق بعضها

بعضاً لها في كل يوم ملحق

ولذاك ما نبذوا الحياد وانكروا

أرباحه وعلى الكريهة أطبقوا

في السلم لم يتمكنوا أن يحبسوا

شراً له الالمان عمداً أطلقوا

فتذرعوا بالحرب يتخذونها

وهقاً يُغَلُّ به العدو ويوثق

والحرب اكبر وازع للحرب إِذ

بسعيرها يكوى المثير ويحرق

في السلم راعوا العالمين بما على ال

عافين من بدر المعونة أغدقوا

والحرب فيها أدهشوا الدنيا بأن

نهضوا لها وتوقلوا وتسلقوا

بعزيمةٍ تفري الحديد وهمةٍ

نفَّاذةٍ هام المصاعب تفلق

لم ينصرمعامٌ على استعدادهم

الا الخناقَ على الاعادي ضيقوا

وعليهم انقضَّت مئات الوفهم

عبر المحيط كما الصواعق تصعق

لم يعبأُوا بوعيد غوَّاصاتهم

بل جاوزوا اخطارها وتدفقوا

عبروا الخضم كانهم ساروا على

يبس لهم عضدُ الامان مطوق

فيهِ استقلوا الباخرات فابحرت

والدارعات بها تحف وتحدق

وكأنها جسر كبير ممتطٍ

لليمّ او هو فوقهُ متعلق

هذا هو الشعب الذي البوش ازدروا

وله على رغم التجلد أحنقوا

ولسوف يلقون العقاب معجَّلاً

يهوي عليهم كالقضاءِ ويطبق

يهوي وعندئذ الوف الوفهم

تهوي وشمل صفوفهم يتمزقُ

ونفوسهم بلظى العذاب تذوب وال

أسنانُ من حنق تصرُّ وتحرقُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أسعد خليل داغر

avatar

أسعد خليل داغر حساب موثق

لبنان

poet-Assad-Khalil@

45

قصيدة

45

متابعين

أسعد خليل داغر اسعد بن خليل داغر: اديب لبناني. ولد في (كفر شيما) وتعلم في الجامعة الامريكية ببيروت. واشتغل بالتدريس في مدرسة للاميركيين باللاذقية، وانتقل إلى مصر فعمل في تحرير ...

المزيد عن أسعد خليل داغر

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة