عدد الابيات : 51

طباعة

كِلُوا إلى الغَيبِ ما يأتي به القَدَرُ

واستَقبلوا يومَكُمْ بالعزمِ وابتدروا

وصَدِّقُوا مُخْبِراً عن حُسْنِ مُنْقلَبٍ

وآزِرُوه عسى أنْ يَصْدُقَ الخَبَرُ

لا تَتْرُكوا اليأسَ يَلقى في نُفوسكم

لَه مَدَبَّاً ولا يأخُذْكُمُ الخَوَر

إنَّ الوساوِسَ إنْ رامَتْ مَسارِبَها

سَدَّ الطريقَ عليها الحازِمُ الحَذِر

تَذكَّروا أمس واستوُحوا مَساوئهُ

فقدْ تكونُ لَكُمْ في طَيَّه عِبَر

مُدُّوا جَماجِمَكمْ جِسراً إلى أملٍ

تُحاوِلونَ وشُقُوا الدربَ واخْتَصِروا

وأجمِعوا امرَكُم يَنْهَضْ بسعيِكُمُ

شَعبٌ إلى هِمَمِ الساعينَ مُفْتَقِر

إنَّ الشبابَ سِنادُ المُلْكِ يَعضُدُهُ

أيّامَ تُوحِدُهُ الأرزَاءُ والغِيَر

أتتْكُمُ زُمرةٌ تحدو عزائِمَها

ما خَلَّفت قَبلها من سيّيءٍ زُمَر

ألفتْ على كلِّ شبرٍ من مَسالكها

يلوحُ مما جَنى أسلافُها أثر

مُهمةٌ عظُمت عن انْ يقوم بِها

فردٌ وأن يتحدَّى امرَها نفر

ما إن لكُم غيرَهُ يومٌ فلا تَهنوا

وقد أتتكم بما تخشونه نُذُر

طالتْ عَمايةُ ليلٍ ران كَلْكَلُه

على البلادِ وإنَّ الصُبْحَ يُنتظر

وإنما الصُبحُ بالأعمال زاهيةً

لا الوعدُ يُغري ولا الأقوالُ تنتَشِر

وأنتَ يا بن " سليمانَ" الذي لَهِجتْ

بما جَسرتَ عليه البدوُ والحضر

الكابتُ النفسَ أزماناً على حنَقٍ

حتى طغى فرأينا كيفَ ينفجر

والضاربُ الضربةَ لصَدمتِها

لحمُ العُلوج على الأقدام ينتثر

هل ادَّخرتَ لهذا اليوم إهبَته

أم أنت بالأجل الممتَّدِ مُعتذر

أقدَمتَ إقدامَ من لا الخوفُ يمنَعُهُ

ولا يُنَهنِهُ مِن تَصميمهِ الخطر

وحَسْبُ امرِك توفيقاً وتوطئةً

أنَّ الطُغاةَ على الأعقابِ تَندحر

دبَّرتَ أعظمَ تدبيرٍ وأحسنَه

تُتلى مآثِرُهُ عُمراً وتُدَّكر

فهل تُحاوِل ان تُلقي نتائِجه

يأتي القضاءُ بها أو يَذْهب القَدَر

وهل يَسُرُك قولُ المُصطلين به

والمُستغِلين أنَّ الأمرَ مبتَسَر

وأنَّ كُلَّ الذي قد كانَ عِندَهم

على التبدل في الأسماءِ مُقْتَصر

وهل يَسُرُك أن تخفي الحُجُولُ به

ما دامَ قد لاحتِ الأوضاحُ والغُرَر

أُعيذُ تلك الخُطى جَبَّارةً صُعِقَت

لها الطواغيتُ وارتجَّت لها السُرُر

أنْ يَعتري وقْعَها من رَبكةٍ زَللٌ

أو أن يثبِّط من إقدامها الحَذَر

ماذا تُريد وسيفٌ صارِمٌ ذَكرٌ

يحمي الثغورَ و أنتَ الحيَّة الذَكر

والجيشُ خلفَك يُمضي مِن عزيمتهِ

فَرطُ الحماسِ ويُذكيها فتَستعِر

أقدِمْ فأنتَ على الإقدامِ مُنطَبِعٌ

وأبطُشْ فأنت على التنكيل مُقتدر

وثِقْ بأن البلادَ اليومَ أجمعَها

لما تُرجيِّه مِن مسعاك تَنتظِر

لا تُبقِ دابِرَ أقوامٍ وتَرْتَهم

فَهم إذا وَجدوها فُرصَةً ثأروا

هُناك تنتظِرُ الأحرارَ مَجزرةٌ

شنعاءُ سوداءُ لا تُبقي ولا تَذَر

وثَمَّ شِرذِمةٌ الفَتْ لها حُجُباً

من طُولِ صَفحٍ وعَفوٍ فهي تَستَتر

إنّي أُصارِحك التعبيرَ مُجترئاً

وما الصريحُ بذي ذَنبٍ فَيعتذر

إن السماءَ التي ابديتَ رَونَقها

يومَ الخميس بدا في وَجهها كَدَر

تَهامَسَ النفَرُ الباكون عَهدَهُم

أن سوفَ يرجِعُ ماضيهم فَيزدِهر

تَجري الأحاديثُ نكراءً كعادتِها

ولم يُرَعْ سامرٌ مِنهُم ولا سمر

فحاسبِ القومَ عن كلِّ الذي اجترحوا

عما أراقوا وما اغتلوا وما احْتَكروا

للآن لمْ يُلغَ شبرٌ من مَزارعِهم

ولا تَزحزح مّمِا شيَّدوا حَجر

ولم يزل لهمُ في كلِّ زاويةٍ

مُنوِّهٌ بمخازيهم ومُفَتخر

وتلكَ لِلحرَّ مأساةٌ مُهيَّجةٌ

يَدمى ويدمعُ منها القلبُ والبصَر

فضيِّقِ الحبلَ واشدُدْ مِن خناقِهُمُ

فَربَّما كانَ في إرخائه ضَرر

ولا تَقُلْ تِرَةٌ تبقى حَزازتُها

فَهُمْ على أيِّ حالٍ كُنتَ قد وُتِروا

تَصوَّرِ الأمرَ معكوساً وخُذْ مَثَلاً

مما يَجرُّونه لو أنهم نُصِروا

أكانَ للرِفِقِ ذِكرٌ في مَعاجِمهمْ

أم كانَ عن " حِكمةٍ " أو صحبِهَ خَبَر

واللهِ لاقتِيدَ "زيدٌ " باسم " زائدةٍ"

ولأصطلى " عامرٌ " والمبتغى " عُمَر"

ولا نمحى كلُ رَسمٍ من مَعالمكُم

ولاشتَفَتْ بِكُم الأمثالُ والسِيَر

ولا تزالُ لهم في ذاكَ مأرُبَةٌ

ولا يزالُ لهم في أخذِكُم وطَر

أصبحتُ أحذرُ قولَ الناسِ عن أسفٍ

من أن يروا تِلكمُ الآمالَ تَندَثِر

تَحرَّكَ الَلحدُ وانشقَّت مُجدَّدةً

أكفانُ قَومٍ ظنَّنا أنَّهم قُبِروا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

1906

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة