الديوان » العراق » محمد مهدي الجواهري » المآسي في حياة الشعراء

عدد الابيات : 52

طباعة

رَبَأتُ بنفسي ان تظل كما هيا

تُرَجِّي سراباً او تخافُ دواهيا

واكبرتُ أني لا ازالُ دريئة

يجرب فيها المُغرضون المراميا

نظائرُ مما احكم الغدرُ نسجَها

تذكِّرُني ما كنتُ بالأمس ناسيا

تجاريبُ لم أنعُم بعُقبى احتمالِها

على أن عندي غيرَها ما كفانيا

فلم ألف من خيرٍ ونُصح مُعوِّضاً

لأحمدَ عن شَرٍّ وغدرٍ جوازيا

كَفَى مُخبراً بي ان تكونَ مطامحي

مباهجَ أقوام تجيءُ ورائيا

ولم أرَ الا انني غيرَ منطوٍ

على خِسّة لما ابتغيتُ الدواعيا

إذا ما أدَرت الفكر فيما ارومُه

وما أبتغيه ان يكون مثاليا

وفي حالةٍ أُرغِمتُ ان أصطلي بها

مُحَلِّقَ نفسٍ عاثرَ الجد كابيا

رثَيتُ نفوسَ الشاعرين طموحةً

أريدُ لها ان تستَذلَّ جواثيا

عجِبْتُ لشعبٍ يُنجبُ الفَرد نَابغاً

حريقاً ، حصيفاً ، واثب النفس واعيا

يريد له نهجاً من المجد لاحِباً

وعصراً به يشأى العصورَ الزواهيا

يُزيل الشباب الرِخوَ عن مُستقرِّهِ

ويدفعه دفعَ الأتيِّ الجواريا

ويرهق بالتفكير نفساً عزيزةً

ليُعتِقَ رِقّاً او ليُرشدَ غاويا

ويستنهض الارواحَ غُفلاً مؤثِّلاً

قوادِمَه من شعره والخوافيا

له كلَّ يوم قطعةٌ من فؤادِه

يُساقطها للناشئين قوافيا

ولا سائلٌ عن ليلة كيف باته

ولا كيف لاقى الصبحَ اسودَ داجيا

تشكَّى الطموحَ من مُحيطٍ أجاعه

فاطعمتُه غُرَّ القوافي دواميا

وما هي بالشكوى ولكن أثارة

وقد يُحسَب الليثُ المزمجرُ شاكيا

لعَنْتُ الضميرَ الحرّ لعنةَ غاضبٍ

رأي الغُنْم محموداً فذمَّ التفاديا

لقد كنتُ عما اصطلي في كِفاية

لو انيَ كنتَ المستغِلَّ المُحابيا

وقد كنت في بحبوحة لو عَدِمتُه

شعوراً حباني العُدمَ فيما حبانيا

لعمريَ أني سَوف اختطُّ خُطّة

تُضاعف دائي أو تكونُ دوائيا

وسوفَ أُري الايامَ نقمةَ حاقدٍ

اذا ما تقاضاها أساءَ التقاضيا

وما أبتغي رَدَّ العوادي منيخةً

على يدِ من يُزجِي إليَّ العواديا

ولكن بكفٍّ علَّمَ الزندُ كفَّها

مُقارعَةً او يسقطُ الزندُ واهيا

ألا هل أراني مُرسِلاً في شكيمتي

تُصرَّف كفّي كيف شاءت عنانيا

اذنْ لاستشَفَّ الناسُ نفساً تجلببتْ

غباراً يغطي اقتمَ الريشِ بازيا

وجدتُ دواءً في الصراحة ناجعاً

إذا افتَقَدتْ نفسي طبيباً مُداويا

وقد كان سِلمٌ في التغابي وراحةٌ

بقلبي لو أنّي أطَقتُ التغابيا

حباني العراق السمحُ أحسنَ ما حبا

به شاعراً للحق والعدل داعيا

وجاء كما استمطرتُ في الصيف مزنةً

وعيشاً كما اسأرتُ في الكأسِ باقيا

وعيشاً إذا استعرضته قلت عنده :

" كفى بك داء ان تَرىَ الموت شافيا"

وأوعدني بعد المماتِ احتفاءةً

يجوِّدُ فيها المُنشدون المراثيا

وحَفْلاً ترى فيه اكُفّاً تعجَّلَت

ظِمائيَ تستسقي عليّ الغواديا

وتلك " يد " أعيا لساني وفاؤها

فاوصيتُ اولادي بها وعياليا!

وان " فراتاً " للكفيءُ بشكرها

اذا مِتُ فليردُدْ عليها العواديا

مَضَت زَهرةُ العمر التي يحسبونَها

هي العمرُ لا عُوداً مع الشيب ذاويا

وراجعت في هذا السجل فصولَه

اقلِّبُ اياماً به ولياليا

أحاسِب نفسي كيف ألفَتْ يبيسة

ضروعاً سقت وغداً ، وغِرّاً ، وجافيا

وعما أفادت من بلادٍ تكالَبَتْ

على الغُنم ، وارتدَّت سِباعاً ضواريا

الم تجِدي والدهرُ نشوانُ طالِعٌ

على الناس بالأفراح إلاّ المآسيا

يقصُّون احوالََ الحياة تمتُّعاً

وأنتِ تقصيِّن الحياة أمانيا

ولمّا أبَتْ عُذراً يقوم بحالها

مَضَت تدَّعي إن لم تُجَلبَبْ مخازيا

محاذيرُ يسترضي المغرِّرُ نفسَه

بها ويُخلِّيها جَسورٌ تحاشيا

ولا خيرَ في بَغيٍ تحاول نيلَها

إذا لم يُنهِكْ بيِّنَ البطش عاتيا

ولم يَعدُ في قصدي ولا سدَّ مذهبي

ولم يُنهِكْ الصبرَ المملِّ اعتزاميا

لئن كرهتْ مني الحضارةُ ناقماً

فقد حَمِدتْ مني البداوةُ باديا

صَبوراً على بأسائِها لا يخالُها

اشدَّ أذى من أن يُداري اعاديا

ولكنَّني آسَي لأخلاق عصبة

تعُدُّ المزايا الطيباتِ مساويا

ترى كل مَرهوبِ الشَذاة عدوَّها

وكلِّ رخيِّ العودِ خِلاٍّ مُصافيا

وهذا بلاء يُمطر الشرَّ منذراً

وهذا وباءٌ يَجرف الشَعب غاشِيا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

1940

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة