الديوان » العراق » محمد مهدي الجواهري » تأبين الغراف الميت

عدد الابيات : 36

طباعة

عُمِرَتْ ديارُ شَراذمٍ دُخّال

أسفاً عليك وأنتَ قَفرٌ خالِ

عُمِرَتْ ديار " الطارئين " ونُكِّستْ

دورٌ شَراها أهلها بالغالي

بالروح يُزهقُها الغَيورُ على الحمى

والمالُ يبذله عدوُ المال

بدت البيوتُ الخاوياتُ حزينةً

محفوفةً بالشوكِ والأدغال

وكأنما شُرفاتها مغبرَّة

أشباحُ الآمٍ وَقفْنَ حيالي

يا عابرينَ على الطريقِ تلفتوا

وتَبَصَّرُوا بتقلُّبِ الأحوال

هذي البيوتُ الموحشاتُ عِراصها

كانت تُحَطُّ بها عصا التَرْحال

نُحرَتْ هنا كُومُ النياق وأوقدَتْ

نارُ القِرى للطارق المِحلال

هذي الديارُ ديارُ كلِّ سَمَيْذَعٍ

حامٍ لحوزةِ غابهِ رِئبال

هذي الديارُ ديارُ كل مُرَحِّب

بالوافدين مُشَمِّر السربال

ولقد يُرى في نِعمةٍ محسودةٍ

هذا الذي تَرثيِه في الأسمال

هذا المشرَّدُ كان مَأمَلَ طالبٍ

ومناخَ أطلاح وخدنَ عوالي

أسفاً يهدُّ الجوع منكَ بطولةً

يامعدِنَ الأشبالِ والأبطال

يا معدِنَ النَفَرِ الذينَ تقسَّموا

لسماحةٍ ورَجاحةٍ ونِزال

ذُخِرَتْ لأيامِ السرورِ فلائلٌ

نَزلتْ على الأوطانِ شرَّ عِيال

وبنوكَ قد ذُخِروا ليومِ كريهةٍ

وضريبةٍ و مجاعةٍ وِقتال

تلك السواعدُ فعمةٌ مفتولةٌ

أرخَتْ أشاجعَها يدُ الإقلال

ولقد وَقفتُ على مَصبِّك وَقفةً

لا ينمَحي تَذكارُها من بالي

أما مسيلُ الماء فيكَ فإنه

يَبَسٌ تعاورَهُ مسيلُ رِمال

أعيا لسانَ القولِ فرطُ تَلجْلُجٍ

فيه فساعدَهُ لسانُ الحال

خالستُ موقفَ صاحبي فوجدتُه

وهو الرزينُ مهيَّج البِلبال

ولقد يعزُّ على الشُعور وأهلِهِ

مرأى البلادِ بمثل هذي الحال

وفحصتُ أطرافي فكانت كلُّها

توحي الىَّ معرّة الإهْمال

يا ساكني " الغراف " ما قدرُ الذي

يأتيكُمُ من شاعرٍ قوّال

أو أبعثُ الأملَ المريحَ اليكُمُ

أنا مثلكُمْ متصدِّعُ الآمال

أنا مثلُكم أسلمتُ كلِّ عواطفي

لليأسِ يأخذُها بكلِّ مَجال

في ذمة التاريخِ ما جُرِّعتُمُ

من غُصَّةٍ ، في ذمة الأجيال

قد قلتُ للنَفَرِ القليلِ خِيارُهم

لو كانَ ثمةَ سامعٌ لمقالي

هاتوا من الأعمال ما يقوى على

تصديقِ بعضِ خوادِع الأقوال

أولا فانَّ الشعبَ دوّى يأسُه

اخشَوا عواقبَ يأسِه القَتّال

ما يمنعُ الساداتِ أن يتفكروا

بمصير أعبِدَةٍ لهُمْ ومَوالي

شعبٌ على شكلٍ تمشَّى حكمُهُ

أبداً برغم تخالُفِ الأشكال

وأمضُّ من قَحْط السنين بأمةٍ

مشلولةِ الأعمالِ قحطُ رجال

شعبٌ أراد به الوقيعةَ خصمُهُ

وبنوه فهو ممزَّقُ الأوصال

شُغِل الفراتُ بضيمه عن دجلة

ونسى جنوبيّ العراق شمالي

وإذا سألتَ الرفقَ كان جوابُهُم

ما للقلوبِ الموجَعاتِ ومالي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

1953

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة