عدد الابيات : 57

طباعة

عفواً إذا خانني شعري وتبِاني

فلُطفُكُم لا أوفِّيهِ بشُكْرانِ

وقد يُهوِّنُ عند المرء زلتَه

إحساسُه أنه ما بينَ إخوان

غطارفَ الحلةِ الفيحاءِ أنكُمُ

في كل مَكرمُةٍ فِرسانُ ميدان

وليس إحسانُكمُ نحوي بمبتَدعٍ

هنا منابتُ ألطافٍ وإحسان

للعُرْبِ سفرُ نقاباتٍ مُضيَّعةٍ

باقٍ لديكم عليه خيرُ عُنوان

ملامحٌ عرَبيّاتٌ مُخبِّرةٌ

بأنكُم خيرُ منسوبٍ لقَحطان

أتيتُ ربةَ أشعاري أُناشدُها

عَوناً على الشعر أو صَفحاً عن الجاني

ورُحتُ منها على وَعدٍ بمغفرة

إنْ لم يُسدِّدْ خطايَ اليومَ شيطاني

وجئتُ مَحفِلَكُم أمشي على ثقةٍ

من ربّةِ الشعر عندي صَكُ غُفران

أبناءَ بابل للأشعار عندَكُمُ

عِمارةٌ لم يشيَّدْ مثلَها بانِ

ودولةٌ برجال الشعر زاهرةٌ

معمورةٌ بمقاطيعٍ وأوزان

أقمتمُوها عُصوراً في رعايتِكم

لم تَخلُ من آمرٍ منكُم وسُلطان

طوعَ الأكُفِّ دواوينٌ مشهَّرة

وفي الزوايا مُضاعٌ ألفُ ديوان

هنا نَمَتْ عذَبَاتُ الشعر وارفةً

غصونُها قبل سوريّا ولُبنان

وعنكُمُ أخَذَتْ مِصرٌ مساهِمةً

في مُعجِبٍ من طريف القول فَينْان

ومن شعور الفراتِينَ قد نَهِلَت

أرضُ العراق وعبَّتْ أرضُ بَغدان

لكنني مستميحٌ عفوَكم كَرَماً

اذا عَتَبتُ عليكم عَتْبَ غضبان

وان نَكِرتُ عليكم سيرَ متَّئدٍ

وان طَلَبتُ اليكم سيرَ عَجلان

وإن أردت لكم شِعراً يُجَسُّ به

نَبْضُ السياسةِ من آنٍ إلى آن

يكون منها بمرصادٍ يقابلها

وجهاً لوجهٍ على حدٍ وميزان

وفي العواطف أمواهٌ مُرَقْرَقَةٌ

وتارةً هو تسعيرٌ لنيران

شعراً تُعالَج أبوابُ الحياة به

يكونُ عن كل ما فيها كإعلان

نَسَجتُمُ بُردةً للشعر ضافية

أتقنتُمُ لُحمَتَيها أيَّ إِتقان

ماشتْ عصوراً طِوالاً وهي زاهيةٌ

نُوراً لملك وتزييناً لتيجان

ولو أردَتُم لكانَتْ زينةً لكُمُ

بها يُفاخَرُ ماكرَّ الجديدان

أتاكُمُ عالَم ثانٍ فكانَ لكم

أن تُبرزوها بشكل مُونِقٍ ثان

وكان يكفيكُمُ حِفظاً لرَونقِها

أنْ تأخذوها بأصباغٍ وألوان

لا أدَّعي أنني أولَى بتَكرِمةٍ

وأنني فوقَ أصحابي وأقراني

ولا أُعرضُ اني طائشٌ فرحاً

وان تَذكَّرتمُوني بعد نِسيان

لكنما سرَّني أن الفراتَ به

يُقامُ أولُ تكريمٍ لفنّان

ناشدتُكم بالحَمِيّات التي دفعت

بكم لذكرِيَ والإِعلاءُ من شاني

وبالمزايا الفُراتِيّات هذَّبها

جورُ الطُغاةِ وكم فضلٍ لطُغيان

ألا اجتهَدْتُم بأن لا تتركوا لَبِقاً

أو نابغاً عبقرياً طيَّ كتمان

قد يَبعَثُ الشاعرَ الحَساسَ مزدهراً

تقديرُ عاطفةٍ منه ووجدان

وقد تَبوخُ على الأهمال مَوهِبةٌ

لو أُلْهِبَت لرأيتُم أيَّ بَركان

أنا الدليلُ على قَولٍ أردتُ به

أن لا يكونَ له غَيري كبُرهان

تناوشتْني من الأطراف ناهشةً

لحمي عصابةُ أضباع وذُؤبان

كالتْ ليَ الشَتْمَ ما شاءَت مكارمُها

سمحاءَ من دون تطفيف ونُقصان

وحسبُكُم وعليكُمْ شرحُ مُجمَله

أن لم يكن شتمُ إنسانٍ لإنسان

وان صَدَقتُ فما للقوم من غَرَضٍ

إلا إماتةُ حِسٍ فيَّ يقظان

ولم أجدْ ما يُنَسَّيني مَضاضتَها

إلا عواطفَ خُلاّنٍ وخُلْصان

وانني إنْ رَمَتْني أعينٌ خُزُرٌ

فانَّ أعينَكُم باللطفِ تَرعاني

في الشعر شَحْذٌ لعَزْماتٍ ومُحتَسَبٌ

لطارئآتٍ وترويضٌ لأذهان

خذوا بما ضمَّت " الفيحاءُ " من غُرَرٍ

مْخَلَّداتٍ وما ضَمَّ " الغَرِيّان "

ونوِّهوا باسمِ أهليها لتَسمَعَهم

ولو على الرغم منها – صُمُّ آذان

ودَرِّسوا نشْكم من شِعرِهم قِطَعاً

مُصوِّراتٍ لأفراحٍ وأحزان

هنا بـ " بابلَ " قام الفنُّ تُسنِدُه

حضارةُ المُلكِ من أزمانِ ازمان

هنا مَشَى الفذُّ " بانيبالُ " مُزدَهياً

في موكِبٍ بغُواةِ الفنِ مُزدان

تَرجَّلَ المُلْكُ إكراماً له ومَشَتْ

خواشعاً – ساسةٌ غُرٌّ – كرُهبان

مُقَدِّرين من النحّات موهبةً

هي النُبُوّةُ من وحيٍ وإيمان

من هاهنا كان تحضيرٌ لأنظمةٍ

في المشرِقَينِ وتمهيدٌ لأديان

تشريعُ بابلَ هزَّ الناسَ روعتُه

من قبلِ أن يعرِفوا تشريعَ يونان

للآنَ يُحتاجُ في إصلاحِ مملكةٍ

نظامُ دولةِ آشورٍ وكِلدان

هنا " حمورابِ" سنَّ العدلَ معتمداً

به على حفظِ أفراد وعمران

شكراً جزيلاً لأفواهٍ تُعطِّرُني

بكل مُمتْدَحِ الأسلوبِ حَسّان

رّيانةً بمُذابِ العاطفاتِ أتَتْ

تسعى لقلبٍ من الإخلاص رَيان

ولو تمكَّنتُ قدَّمتُ الفؤادَ لكم

لكنَّ تقديمَ إحساسي بإِمكاني

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

1938

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة