عدد الابيات : 49

طباعة

وفّاك ما يُقْضَى من التكريمِ

بَلَدٌ يوفّي حقَّ كلِّ زعيمِ

البصرةُ الفيحاءُ ضاق خِناقُها

ومشتْ بقلبِ مقرّحٍ مكلوم

عَطَفَتْ على الذكرى الاليمةِ عطفةً

نمّت على شَجَنٍ هناك أليم

ياسين إنّ هضيمةً ما ذقتَهُ

غدراً ولم تكُ قبلُ بالمهضوم

ما كنتَ بالرجلِ الذي يمشى له

خَتَلاً كمِشيةِ قانصٍ لظليم

أسَفاً فكلُّ عظيمةٍ غلاّبةٌ

مغلوبةٌ بمقدَّرٍ محتوم

يكفيك فخراً أن تُكادَ بمثلها

مستورةً خَفيِتْ على التنجيم

جُبناً وعَجْزاً أنْ تُقابَل جَهرةً

شأنَ المُغارِمِ في اطّلاب غريم

هذا مقامٌ لا يليقُ بمثله

قولٌ فطيرُ الرأي غيرُ حكيم

فمن الحَراجةِ أن يُبَدِّلَ زِيَّهُ

من كان مرتدياً ثيابَ خصوم

خوفَ الغلو .. وليس من يُزْجي الثنا

لخصيمه في محنةٍ بمَلوم

قد كنتَ فذاً في الرجال .. نبوغُهم

وقفٌ على التبجيل والتعظيم

وجهادُهٌمْ خيرُ الجهاد لأمة

تُهدى إلى نَهْجٍ أغَرَّ قويم

وسياسة هي ملكُ شعبٍ قولُه

فصلٌ لرفضٍ كان أو تسليم

سايرتُ حكمكَ ناقماً لم ادّرعْ

حزبا ولم أزحَفْ بظلِّ زعيم

حاشا ولم أهتِفْ لغيرك داعيا

أو أن أخُصَّ سواك بالتقديم

لكن طموحٌ ليس يَرْضي أهلُهُ

أن تستمرَّ سياسةُ الترميم

كنا نرى المعوجّ من أوضاعنا

في حاجةٍ قصوى إلى التقويم

ونُحِسُّ أنّا بالغون أشُدَّنا

ومعلّلون تَعِلةَ المفطوم

ونرى شتاتَ جهودِنا وصفوفنا

ليست على شيءٍ من التنظيم

ووعودَ من يتحضّنون شؤوننا

ملأى من التخدير والتنويم

نبغي المزيدَ وتقتضينا ساسةٌ

أن نرتضي بنصيبنا المقسوم

ونراك جباراً يكونُ لفكره

في المعضلات مردُّ كلِّ جسيم

ولقد يكون العذرُ أنا طُمَّحٌ

ولقد تكون وأنت غيرُ ملوم

اما مُقامُك فهو غيرُ منازعٍ

ومدى حجاك فليس بالمكتوم

سايرتُ حكمَك ناقماً ووجدتُني

بازاء شهمٍ في الخصام حليم

رحبٍ بنقد خصومه متفتحٍ

بالبشر آونةً وبالتفهيم

يُعطيهِمُ نَصَفاً ويعلمُ أنّه

رجلٌ يَسوس وليس بالمعصوم

ياسين إن خسارةً أن يغتدي

ذاك الدماغُ الفذُّ محضّ رميم

وفجيعةٌ أن نبتغيك فلا تُرى

لجلاء جوٍّ بالبلاد مَغيم

يا درعَ مملكةٍ متينٍ نسجُها

وحسامَ مُلْكٍ ليس بالمثلوم

إن العراقَ وقد نُعيت موكِّلٌ

مما دهاه يمُقْعِدٍ ومقيم

إنا فقدنا يومَ فقدِك كوكبا

ما ان تعوِّضُ عنه غُرُّ نُجوم

لله طِبُّك في السياسة إنه

رَوْح الوَنَى ودواءُ كلّ سقيم

كم فترة دهتِ العراقَ عصيبةٍ

فرّجَتها بدهائك المعلوم

لله درُّك أيَّ زعزعِ عاصفٍ

فيما تدبّرُهُ وأيَّ نسيم

تعلوك سيماءُ الخليِّ جلادةً

ولقد تكونُ نموذجَ المهموم

كنتَ الحفيظَ على السياسة داعماً

ركنَ المُفاوضِ أيَّما تدعيم

قسطاسَ حكمٍ كان حلمُك وحده

نِعْمَ الضمانُ عن انزلاقِ حُلوم

فيما يولّد حرُّ رأيك تَتّقي

نزواتِ رأيٍ يستجدّ عقيم

كم موقفٍ معصوصبٍ متلابس

جَلّى .. وكم داءٍ به محسوم

كنت المضيءَ سبيلَ كلِّ عَميّةٍ

تَيَهْاءَ تعتورُ البلادَ بهيم

صُلبَ العقيدةِ لا يردُّك حادثٌ

في كل ما تَبْني عن التصميم

واذا البلادُ تفرّقت آراؤها

شِيعاً بلا نَهْجٍ لها مرسوم

أطلعتَ رأيك بينها فتطايحت

لك عن مكانِ السيدِ المخدوم

كنا إذا ضاق الخِناقُ وحَشْرَجَتْ

نَفْسٌ بغيظٍ حانقٍ مكظوم

وبدا لنا الدستورُ وهو مخلَّعٌ

عريانَ غيرَ تستُّرٍ مزعوم

لذنا بياسينٍ فكانت قوةٌ

جبارةٌ في وجه كلِّ غَشوم

واليومُ نخشى أن يَضيعَ توازُنٌ

في الكِفَّتَيْنِ وأنت غيرُ مقيم

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

1946

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة