الديوان » العراق » محمد مهدي الجواهري » يا بدرداجية الخطوب

عدد الابيات : 47

طباعة

هتفوا فأسنَدَتِ اليدانِ ضلوعي

وشَرِقتُ بالحسراتِ قبلَ دُموعي

وأصَخْتُ سَمعاً للنُعاة وليتنَني

من أجل يومِكَ كنتُ غيرَ سميع

قالوا تماثلَ للشِفاء بِشارةً

سَكَنت لها روحي وأُفرِخَ رُوعي

وحَمِدْتُ أن المجدَ غيرَ مبُاحةٍ

ساحاتُه والبيتُ غيرَ صَديع

حتى إذا طارَتْ بأجنحة الهنَا

والبشرِ نفسُ مُغرَّرٍ مخدوع

أبَتِ القوارِعُ أن تُميلَ طريقَها

عني فعدت لسِنِّيَ المقروع

خلعَ الرجاءَ وحل يأسٌ عابسٌ

جهمٌ مَحِلَّ مُنافسٍ مَخلوع

وتقهقرَتْ زُمَرُ الأماني وانجَلَتْ

عَرَصاتُها عن مُثخَنٍ وصَريع

فإذا بآمالي وما خادعنَنَي

كمؤمِّلٍ سَفَهاً سرابَ بَقيع

وإذا بقلبي يستفيضُ نجيعُه

وإذا بعيني تَستَقي بنجيع

كنا نشكِّكُ في البُكاء وصدِقِه

إذ كانَ أكثرهُ بغيرِ شَفيع

ونَرىَ الصيانَةَ للدمُوع رجُولةً

حتى يُرَ ى سببٌ إلى التضييع

فالآنّ تصدُق دمعةُ الباكي إذا

نَزَلتْ عليك وأنَّةُ الموجوع

والآنَ ينزِل كلُّ طالبِ حاجةٍ

في قفرةٍ ليست بذاتِ زُروع

والآنَ تفتَقِدُ البلادُ مُحنَّكاً

يُحتاجُ في التنفيذِ والتشريع

والآن تَلتَمسُ العيونُ فلا ترى

أثراً لوجهٍ رائعٍ ومُريع

يا قبرُ من لم يَمتَهِنْ بضَراعةٍ

باد عليك تضرُّعي وخُشُوعي

يا بدرَ داجيةِ الخطوبِ ونورِها

أعزِزْ بانَّكَ غبتَ لا لِطلوع

خلّفتَ بغداداً عليك حزينةً

تستقبِلُ الدنيا بوجهِ هَلوع

تتجاوبُ الأسلاكُ في جَنبَاتها

بوميضِ بَرقٍ للنَعِيِّ سَريع

ضَغَطَت هُنا كفٌّ على أزراره

تُنبي بخطبٍ في العراقِ فَظيع

شَكَتِ السياسةُ فقدَ مُضطلِعٍ بها

فذٍّ بحلِّ المُشكلات ضَليع

والساسةُ الاقطابُ بعدَك أعوَلَت

عن فقدِ فوّام بهم وقَريع

مارستُ أصنافَ الرجال درايةً

من تابعٍ منهم ومن مَتبوع

ونفَدتُ للأعماقِ من أطباعهم

إذ كنتُ بالأشكال غير قَنوع

فاخترتُ لي من بينهم مجموعةً

ووجدتُك المختارَ في المَجموع

لله درُّك من بِناء طبيعةٍ

من كلِّ أجزاءِ العُلا مصنوع

مستشرفٍ يُعشِي العيونَ شُعاعُه

مُوفٍ على من رامَه مَرفوع

كنتَ الشُّجاعَ طبيعةً وسجيةً

إذ ينهضُ الجبناءُ بالتشجيع

كنتَ المقيمَ على التجارِبِ رأيَه

ويقيمهُ غِرٌ على المَسموع

كنتَ الرزين إذا الحلُوم تطايَرتْ

وأُعيرَ أهل الصبرِ ثوبَ جَزوع

واذا الخطوبُ استحكَمَتْ حلقاتُها

شنعاءُ تحصِب من تَرى بشنَيع َ

كنت السَميذَعَ تنجلي بشُداته

ظلُماتُ مُسودِّ الرُواق هزيع

صَقْرٌ يضيق مَطارُه بجناحه

حتى يخالُ الجوَّ غيرَ وسيع

متفرِّدٌ يربو على أقرانه

باعزِّ سَمتٍ في السماءِ رَفيع

ردَّتْ مخالبَها إليه فردَّها

حُمْراً مُقلَّمةً من التقريع

نصَبَ القضاءُ لصيده أشراكَه

فهَوَى وكلُّ محلِّقٍ لوُقوع

البيت بيتي أُسرِجتْ ساحاتُه

بشموعِ ممتدِحيه لا بشموعي

فإذا أسِيت فحرقةٌ لقبيلةٍ

نكِبَت بأسيافٍ لها ودُروع

أين المصبيحُ الذين كأنهم

زُهْرُ النجوم بغَيبة وطُلوع

من كل رَكّاضٍ إلى غاياتِه

رَسْلاً بسرّ حدوده مدفوع

ومُفوَّهٍ كالفحل عند هديره

فَذِّ البيان يفيضُ من يُنبوع

هذي القُبور قصيدةٌ مفجوعةٌ

غنيِت قوافيها عن التقطيع

لم ترمِ بي قَدَمي هنا إلاّ جَرَت

من ذِكرياتِ السالفينَ دموعي

وكأنني بشخوصهم في مَحضرٍ

دانٍ ، بعيدٍ ، سائغٍ ، ممنوع

شيئانِ تفتقرُ البلادُ إليهما

خِصبُ الرجال بها وخِصْبُ ربيع

ملك الجميع حياة فذٍّ واحِدٍ

كان المصابُ به مُصابَ جميع

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

1906

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة