الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » سلام عليكم والفواد المسلم

عدد الابيات : 48

طباعة

سَلامٌ عَلَيْكُمْ وَالْفُوَادُ المُسَلِّمُ

وَيَا حَبَّذَا هَذَا المَكَانُ المُيَمَّمُ

بَنِي مَنْبِتِي شُكْراً لَكُمْ وَإِجَابَةً

إِلَى سُؤْلِكُمْ مَا شَاءَ فَلْيَأْمَرِ الدَّمُ

وَلَكِنَّنِي إِنْ تَأْذَنُوا لِي سَائِلٌ

عَلامَ الْتَمَسْتُم شاعراً يَتَرَنَّمُ

أَيُطْرِبُكُمْ نَظْمُ الْخَيَالِ وَهَلْ لَهُ

قِوَامٌ بِهِ عِنْدَ الْفِعَالِ يُقَوَّمُ

أَمِ المَدْحُ تَسْتَوْفُونَنِي مِنْهُ قِسطَكُمْ

فَحُبَاً لَكُمْ مَنْ يَخْدُمُ الخَيْرَ يُخْدَمُ

سَأَمْدَحُ هَذَا الْعِقْدَ مِنْكُمْ بِأَنَّهُ

عَدَتْهُ الْعَوَادِي وَهْوَ لا يَتَفَصَّمُ

وَأَشْكُرُ مِنْكُمْ أَنَّكُمْ لائْتِلافِنَا

غَرَسْتُمْ رَجَاءً وَهْوَ يَنْمُو وَيَعْظُمُ

وَأَدْعُو لَكُمْ أَنْ يُقْتَدَى بِمِثَالِكُمْ

فَيُبْعَثَ فِينَا مَجْدُنَا المُتَصَرِّمُ

عَلَى أَنَّنِي أَرْجُو اغْتِفَارَ صَرَاحَتِي

إِذَا أَنَا آثَرْتُ الْحَقَائِقَ تُعْلَمُ

فَفِي جَنْبٍ مَا قَدْ سَرَّنَا مِنْ أُمُورِكُمْ

حَوَادِثُ مِلْءُ الشَّرْقِ تُبْكِي وَتُؤْلِمُ

وَتَاللهِ إِنِّي مِنْ مُقَامِي بَيْنَكُمْ

أَرَى الشَّرْقَ يُلْقِي السَّمْعَ وَهْوَ مُكَلَّمُ

أَرَى الشَّرْقَ يَدْمَى مُسْتَمِدّاً لِجُرْحِهِ

أَساً وَمُؤَاسَاةً بِنُصْحٍ يُقَدَّمُ

أَرَى فِيهِ آفَاتٍ لَنَا مِنْ ذُنُوبِهَا

نَصِيبٌ فَإِنْ نَعْرِفْهُ ذَلِكَ أَحْزَمُ

لِيَصْدُرْ هُدىً عَنْكُمْ يَعُمُّ بِلادَكُمْ

فَقَدْ آنَ لِلنُّزَّاقِ أَنْ يَتَحَمَّلُوا

وَلا يُعْتَرَضْ قَصْدِي بِضَعْفٍ كِفَايَتِي

فَصَوْتُ النُّهَى مِنْ حَيْثما جَاءَ يُكْرَمُ

بَنِي الشَّرْقِ فَلْنَفْقَهْ حَقِيقَةَ حَالِنَا

لِنَنْجُوَ أَوْ يُقْضَى الْقَضَاءُ المُحَتَّمُ

يَصُولُ عَلَيْنَا الجَهْلُ غَيْرَ مُدَافِعٍ

بِجَيْشٍ لَهُ فِي كُلِّ رَبْعٍ مُخَيَّمُ

وَيُعْوِزُنَا الإِخْلاصُ فِي كُلِّ مَطْلَبٍ

وَيُعْوِزُنَا الْحُلْقُ المَتِينُ المُقَوَّمُ

وَتَرْتَاحُ دُونَ الصِّدْقِ وَالصِّدْقُ مُتْعِبٌ

إِلَى الإِفْكِ عَمَّا لا نُكِنُّ يُتَرْجَمُ

وَنَعْزِمُ عَزْماً كُلَّ يَوْمٍ فَيَنْقَضِي

بِلا أَثَرٍ مَن لَمْ يُطِقْ فِيمَ يَعْزِمُ

هِمَامَاتُ آمالٍ بِهَا الْكَوْنُ ضَائِقٌ

وَرَنَّاتُ آلامٍ بِهَا الْجَوُّ مُفْعَمُ

وَمَا تَحْتَهَا إِلاَّ رُؤًى مِنْ فَرَاغِهَا

طَغَتْ وَمُنىً مِنْ وَهْيِهَا تَتَكَهَّمُ

أَهَذَا الَّذِي نَعْتَدُّهُ عَنْ تَيَقُّظٍ

إِصلاحِنَا الْمَرْجُوِّ أَمْ نَحْنُ نَحْلَمُ

أَإِنْ تَصْطَخِبْ مِنَّا النُّفُوسُ وَتَضطَرِبْ

لِخَطْبٍ تَخَلْ أَنَّا أَمِنَّا فَنَجْثُمُ

أَفِي ظَنِّكُمْ أَنَّ الْمُحَاقَ يُزِيلُهُ

عَزِيفٌ بِآلاتٍ وَغَوْغَاءُ تَنْأَمُ

أَشَرْطُ الْمَعَالِي أَنْ نَقُولَ بِوِدِّنَا

وَيُمْنَعَ إِزْمَاعٌ وَيُحْبَسُ دِرْهَمُ

إِلَى أَيِّ حِينٍ فِي وَنًى وَتَقَاعُسٍ

تُدَفِّعُنَا الدُّنْيَا أَمَاماً وَنُحْجِمُ

إِلَى أَيِّ حِينٍ فِي قِلًى وَتَخَاذُلٍ

وَشَمْلٍ شَتِيتٍ وَالْعِدَى تَتَحَكَّمُ

إِلَى أَيِّ حِينٍ وَالصُّرُوفُ زَوَاجِرٌ

نَعِيشُ كَمَا يَقْضِي عَلَيْنَا التَّوَهُّمُ

بِنَا مِنْ جِوَارِ المَوْتِ بَرْدٌ نُحسُّهُ

فَإِنْ نَتَدَفَّأْ فَالْمَجَامِرُ أَنْجُمُ

ويُوشِكُ أَنْ تَهْوَى الزكَامَ سِرَاتُنَا

فَهَلْ عُذْرُهُمْ أَنَّ الشَّوَامِخَ تُزْكَمُ

شُمُوخٌ بِلا مَعْنًى وَطَيْشٌ بِلا مَدًى

وَبَيْنَهَا أَمْصَارُنَا تَتَهَدَّمُ

نُحَارِبُ هَذَا الْغَرْبَ فِكْراً وَنِيَّةً

وَيَضْحَكُ منَّا وَالْحَصَافَةُ تَلْطِمُ

مِنَ الْغَرْبِ مَا نُكْسَى لِنَسْتُرَ عُرْيَنَا

وَمِنْهُ شَرَابٌ نَصْطَفِيهِ وَمَطْعَمُ

وَمِنْهُ مُعِدَّاتُ الْجِلادِ الَّتِي بِهَا

نُدَافِعُ عَنَّا مِنْهُ مَنْ يَتَقَحَّمُ

وَفِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهُ لِلْعِلْمِ آيَةٌ

وَفِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهُ فَنٌّ مَتَمَّمُ

إِذَا جَاءنَا طَيَّارُهُ كَشَفَ الْعِدَى

وَإِلاَّ اسْتَنَرْنَا الْيَأْسَ وَالْجَوُّ مُظْلِمُ

وَسِيَّانَ فُزْنَا أَوْ عَجَزْنَا فَإِنَّنَا

لَنَغْرَمُ فِي الْحَالَيْنِ وَالْغَرْبُ يغنَمُ

إِذَا مَا شَقِينَا فِي مُعَادَاةِ بعْضِهِ

فَبَاقِيهِ يَجْبِي المَالَ مِنَّا وَيَنْعَمُ

وَلَسْنَا عَلَى شَيْءٍ سِوَى شَهَواتِنَا

عَكَفْنَا عَلَيْهَا لا نَغَصُّ وَنَبْشَمُ

قرَانَا قُرَى التُّجَّارِ مِنْهُمْ وَأَهْلُهَا

عَلَى كُلِّ حَرْثٍ لِلْمُرَابِينَ قُوَّمُ

نَقَائِضُ فِينَا لَمْ لأُعَدِّدْ جِسَامَهَا

وَلَكِنَّنِي عَدَّدْتُ مَا هُوَ أَجْسَمُ

فَإِنْ بَقِيتَ فَهْيَ التَّأَخُّرُ لَمْ يَزَلْ

وَإِنْ تُقْلِعُوا عَنْهَا فَذَاكَ التَّقَدُّمُ

عَذِيري مِنْ قَلْبِي وَشِدَّةِ بَثِّهِ

وَلَكِنَّهُ يَهْوَى فَلا يَتَكَتَّمُ

فَيَا فِئَةً عَزَّتْ بِفَضْلِ اتِّحَادِهَا

وَكَانَ لَهَا الإِحْسَانُ نِعْمَ الْمُتَمِّمُ

ذَكَرْتُ لَكُمْ فِي الْقُرْبِ بَعضَ عُيُوبِنَا

لِيَفْهَمَهُ فِي الْبُعْدِ مَنْ لَيْسَ يَفْهَمُ

أَقِيمُوا عَلَى هَذَا اْلإِخَاءِ وَعَلِّمُوا

فَضَائِلَهُ فِي الشَّرْقِ مَنْ يَتَعَلَّمُ

أَحَب إِلَى الأَوْطَانِ أَدْنَى جِهَادِكُمْ

مَنْ الآي نَثْراً وَالأَعَاجِيبِ تُنْظَمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1076

قصيدة

713

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة