بكيتُ لوجهِكِ المخفيّ في قهر على الصخر
لأنكِ يا يـمـنا الـيـومَ تحـتَ سهـامِ محتقِـرِ
تمـادى الجـوعُ فـي أبنـائـكِ الخُـضـرِ المـعانـي
وصـارَ الخبـزُ للأقـوى وللسـفـاحِ بالبصـرِ
تـمـزّقـتِ الـديـارُ، ولا رجـاءَ لِـمـن يُـداويـكِ
وخانَ السيفُ ما عادتْ لهُ راياتُ منتصِـرِ
أرى الأصواتَ تخنُقها المتاريسُ الحديديّة
ولا نبضٌ، ولا وهجٌ، ولا عزفٌ على الوتَـرِ
ومنْ يُفتي بسَحقِ الحُلمِ باسمِ اللهِ والفتوى
يدوسُ الحقَّ في نَفَسٍ، ويعلو باسمِ مُقتدرِ
تجـارُ الحربِ يقتسِمونَ أرزاقَ الفقيرِ بها
كأنّ الشّعبَ مقتَنةٌ تُباعُ بسوقِ مُـنتهـري
وراهنّا على الأمسِ الذي سُلبَتْ معانيـهُ
فعدنا مثلما كنّا... رهائنَ قبـلَ أن نـدري
تُبـاعُ الأرضُ للأغرابِ في سُوقِ الفداءِ كما
يبـاعُ الوهم في الشفتينِ للظمآنِ في القفَـرِ
أريـدُ الصـدقَ... أشتاقُ الصـراحـةَ في مجالي
أمـا سئمتْ دُروبُ الكذبِ من وجعي ومن قـدري؟
أأنـسى أنّنـا كنّـا؟ وأنّ العزَّ منـزلـنا؟
وأنّ البحرَ يهمسُ باسمنا في الريحِ والقطَـرِ؟
وأنّا في الخُطى كُنا ملوكًا، حينما الدنيا
تخافُ من انطلاقتنا، وتخشـى بأسَ مُنتصرِ
فكيفَ نصيرُ أشلاءً؟ وكيفَ نسيرُ في غـربٍ
وفي وجدانِنا قيدٌ، وفي أعماقِنا كَسْر؟
سيأتي فجرُنا يومًا، وإن طالَت ليالينا
ويُبعثُ من رمادِ الهمِّ في أرواحنا البَدرِ
وإن جاروا، سنُشعلُها… سنكتبُ للعُلا سفرًا
ويعلمُ من غدوا في الظلمِ: أنّا شعلةُ الفجرِ
54
قصيدة