صروفُ أيّامي جراحُ نِضالِ

وفي المدى نبضاتُ قلبي العالي

لا تسأليني عن سروري، إنّهُ

ظلٌّ تهاوى في مهبّ زوالِ 

قد كنتُ أحسبها تُعانق مهجتي

فإذا بها كالسيفِ في أوصالي 

تُنسي وتُرْدي، لا تُبالي إن بدا

وجهُ الحقيقةِ في لِحافِ مِحالِ 

ألهو بها كالطفلِ لكنّ الأسى

يطبق عليّ بقسوةِ الأغلالِ 

يا ويحَ أيّامي، سراب في المدى

تغتال أحلامي كما المحتالِ 

تمضي ووجهي نحوها متشوّقٌ

كالعاشقِ المسحورِ بالأطلالِ 

تغري وتُبكي، تستبيحُ تأمّلي

وترنّ في قلبي كنَفْخِ بُوق عالِ 

ويكادُ صوتُ الحزنِ فيها أن يُرى

اوَجاع مكتومِ من ، الأحوالِ 

قد جرّدتْني من ملامح فرحتي

قادتَ ضبابي نحو دربٍ خالِ 

وتركتُ خلفي أحسبهُ المنى

فإذا انا المصلوب كالتمثالِ 

لا تسأليني عن غدي، فغدي غموضٌ

أو رمادٌ فوقَ كفّ سؤالِ 

أنا في مدارِ الدهرِ أُصلبُ كلّما

ألقى الزمانُ مرارة الإهمال 

فإذا ابتسمتُ، تبسّمتْ ساخرةً

وإذا بكيتُ، بكيتْ من أثقالِ 

فالأيّامُ دولٌ، والزمان مخادع

والعمرُ لهو  في دروب  خيالِ 

وأظلّ أمشي في مسار  مظلم

يشقي الخطى ويبدّد الآمِالِ 

ما بين وهمٍ لا يطاوع همّتي

وبصيصِ صبحٍ خادعِ الإقبالِ 

تتلو الصدوعُ على جدارِ خواطري

أنشودةَ الأوجاعِ والأهوالِ 

ويطولُ بي ليلي، كأنّ فصولَهُ

كسرابِ وهم غادر الأفعالِ 

وإذا ابتغيتُ سكونَ نفسي أقبلتْ

أفكارُ خوفي تهتدي لضلال 

فدعيني أسامرُ خطويَ المنهك الـ

ـمرميَّ بين الوهمِ والأشغالِ 

وأقولُ للدنيا إذا شدّت يدي:

لن تُرجعي ما خلفتهُ ليالي 

ولْتشهدي أنّي نفضتُ غبارها

وتركتُ حزنَ العمرِ تحتَ رِحالِ 

ما كنتُ عبدا للزّمانِ وإنّما

أنا في الحياة مالك  الأقوالِ 

أنا من بنى في الهمّ مجدَ تأمّل

وصمدتُ في لججِ الأسى كجبالِ 

يا أيّها العُمّالُ في فَلَكِ الشقا

رفقا، فإنّ الدهرَ ليس يبالي 

إنْ لم نكنْ نارا تُدوّي في الدجى

كنّا رمادَ الصمتِ والترحالِ 

فاقرأْ على جرحِ الحياةِ وصيّتي:

الدهرُ حربٌ… والدروس مثالِ