الديوان » لبنان » شبلي شميل » ليس لي في الشعر مطلب

عدد الابيات : 85

طباعة

ليس لي في الشعر مطلب

إِنّما لي فيه مذهب

تارةً أَرغَب في النظـ

ـمِ وطوراً عنه أرغب

لَست بالشاعر لكن

علّ حكمي فيه أصوب

هوَ للنّفسِ حياةٌ

وَلكن النفس مَسرب

وَهو إمّا رقّ أشجى

وَإِذا ما اِشتدّ أَلهب

وَله الزهرةُ توحي

وَبهِ المرّيخُ يَغضَب

فَإِذا الطفلُ المفدّى

يَنصل السّهمَ وَيَضرب

وإذا فولكان في

نيريانِه يَطفو وَيرسب

وَهو لِلشكوى من الظلـ

ـمِ إذا ظلمٌ تغلّب

إِن يُصِب منّا قعيداً

هبّ كالجسمِ المُكَهرب

يَصعق الظلّام حتّى

لَيسَ لِلظلّام مَهرَب

يَصِفُ البؤسَ وَيصمي

مَن لِداءِ البؤسِ سبّب

فَإِذا العاتي به كالشـ

ـشَمعِ في نارٍ وأَذوَب

إِذ يرى رَجع الردى مِثـ

ـل الصدى فيهِ وأَجوب

يصفُ الحبّ وَيَرقى

ذروةَ الحبّ المرتَّب

يجرُدُ الجَوهر إمّا

جازَ لِلتجريدِ مَذهَب

يَعبُدُ المَعنى لذاتٍ

لا صِفاتٍ في مشبّب

فإذا الكونُ جمالٌ

يَتقصّاهُ ويَعجب

في نَواح الورق يَلقا

هُ وفي الصّخرِ المصلّب

وَيراهُ في هيولا

هُ كَطيبٍ في مطيّب

وَهو قَد يَسمو فَيخطو

بَينَ جَوزاءَ ومنكِب

مِن حَفيفِ الشهبِ قَد يس

تَرق السمع ويطرَب

يَتَجلّى في سماءٍ

تَخلبُ العَقل فيُخلَب

تَتصبّاهُ فَيَرغب

وَتعاصيهِ فَيرهَب

إِن تحجّبها غيومٌ

كَهُمومِ النّفسِ تنشَب

مثقلاتٌ مثلها يج

هدُها الحملُ فَتثغب

لاحَ فيها البرقُ كالآ

مالِ في قلبِ الموصّب

فَهمَت بِالقطرِ مِدرا

راً كَدمعٍ يتسكّب

وَاِنجَلَت عَن صفوِها فاِبـ

ـتَسَمَ الروضُ وأَخصب

وَإِذا الشمسُ وَما في الشـ

ـشَمسِ مِن مَعنى محجّب

تتجلى فوق مرجٍ

أَخضر الوشيِ مُذهّب

مثل بحرٍ ذاخر

والموج فيهِ يتقلَّب

تَستقي الأزهارُ منها

ماءَ حُسنٍ ليسَ يَنضَب

وعليها برواءٍ

وَبريّا تَتسحّب

حبّذا زهر الرّبى من

كلّ صافٍ وَمخضّب

مثلَ فَجرٍ مستطيرٍ

أَو كَأُفقٍ قَد تلهّب

يَتَهادى في نسيمٍ

كَتَهادي الطفلِ يَلعب

وَالندى مِن فَوقهِ حيـ

ـرانَ كالدمعِ تَصعّب

قلقٌ ممّا يعاني

قلقَ القلبِ المعذّب

حبّذا قَطر الندى من

فَوقِ زَهرٍ يَتصبّب

كَحباب نوره من

كأسِهِ أَطلعَ كَوكَب

أَو كَموشورٍ شعاعُ الشـ

ـشمس فيه يتشذّب

أَو كَقوس السحبِ ترمي

كَبد الجوّ فَيُخضب

تَندف النور وتذرو

قطنه نسلاً مكوكب

يا لقوسٍ قَد نراها

قابَ قَوسين وأَقرَب

كَسرابٍ وردهُ أَب

عَد مِن عنقاء مغرب

أَو كَعقدٍ في نظامِ الن

نور كالجزعِ المثقّب

يَخدعُ العَين بعينٍ

وَهيَ مثل البرق خلّب

درّة في تاجه ذا

هبّة والتاج يذهَب

دولة الأزهار ما عا

شَت فَصبحٌ ثمّ مغرب

حاديَ العيسِ كَما في

عَهدِ قيسٍ والمهلّب

تَتغنّى بِسليمى

وعلى الأطلال تنحب

تتباهى بعظامٍ

ليس فيها اليوم مسحب

تتلهّى بعلومٍ

تَئدُ العقل فيشحب

ما رَكبتَ القاطرات الـ

ـجائبات الأَرض تَنهب

ما رأيت السابحات الـ

ـجاعلات الريح مركب

ما قصدت العامرات الـ

ـممرعات الجدب تخضب

ما علوت الراسيات الـ

ـراميات الجهل تحصب

مدنيات الزهر ترقب

سابرات الغور تنقب

تتغنّى بعمارٍ

يفتن اللبّ وَيسلب

وَتراه في ديارٍ

تَتحدّاها وَتدأب

تَضربُ الوهمَ بسيفٍ الـ

ـحقّ إنّ الحقّ أَغلب

يا لوهمٍ كَم لَه في النـ

ـنَفسِ أَعراقٌ تشعّب

كلّما قلّمت منه

مِخلباً أَنشَب مِخلب

وَبماءِ الجهلِ يُسقى

وبنار الخلف يثقب

أين هذا العلم ينضو

سيفه العَضب المشطّب

يخذلُ الجهل ويخزي

أَهله مِن كلّ مشرب

بئسَ علمٌ نَصبوه

في حِمانا خير منصَب

وَهو لَو تَدري لَديه

يُحمد الجهلُ المجرّب

لَيس كلّ العلم علماً

إِنَّما العلم المجرّب

وَهو قلّ في قديمٍ

كالرّقاع الثوبَ تَرأَب

وَمصاب الناسِ حتّى الـ

يوم مِن هَذا التذبذب

عاذِلي عُذركَ بادٍ

فيك من ماضٍ تسرّب

إِن تخطّئني فَهذا

أَو تسئ فَهمي فأعجب

فيكَ حسبي لو ولكن

ريثما قوليَ يَلزب

شاعر الزّلفى أَضعت الشـ

شعر في زيدٍ وزينب

تَقفُ العمر كأنّ الشـ

شِعر مدحٌ وتشبّب

وَجبينٌ في ترابٍ

وَفؤادٌ في تلهّب

وَمقالٌ حسنهُ ما

كان فيهِ القول أَغرب

بِئسَما الشّعرُ غدا أعـ

ـذَبهُ ما كانَ أَكذب

ما ترى الجهل وما نلـ

ـقى منَ الجهلِ المركّب

ما ترى الظلمَ وفينا

دولُ الظلمِ تقلّب

ما ترى في ما ترى كم

صاحب البؤسِ يعذّب

ما ترى في ما حواليـ

ـك منَ الحسنِ المحبّب

دولةٌ دالَت فَقم في

دَولةِ الشعرِ المهذّب

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شبلي شميل

avatar

شبلي شميل

لبنان

poet-Shibli_Shumayyil@

22

قصيدة

2

متابعين

شبلي شميل (1850–1917) هو طبيب ومفكر لبناني بارز، يُعَد من أوائل مَن تبنَّوا نظرية النشوء والارتقاء في العالم العربي، ودافع عنها بقوة، رابطًا إياها بالقضايا الاجتماعية والإنسانية. وُلد في كفر شيما ...

المزيد عن شبلي شميل

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة