الديوان » مصر » محمد عثمان جلال » سمعت أن رجلا له ولد

عدد الابيات : 35

طباعة

سَمعتُ أَن رَجُلاً لَهُ وَلَد

ما عَزَّ عِندَهُ كَمثلهِ أَحَد

يَأخذ بِالمنجِّمين طالِعه

وَفتح الكتابَ ثُم طالَعَه

قيل لَهُ اِحفَظهُ مِن السِباع

وَارعَ ذِمامَه فَأَنتَ الراعي

فَحفظ الغلام حَتّى اِشتدا

وَبَلغ الإِدراك وَالأَشُدّا

وَقالَ لِلبَواب إِحذَر الوَلَد

لا تخرجَنهُ قَطُّ يَمشي في البَلَد

دَعهُ هُنا يَلعَب لَدَيَّ وَحدَه

وَأَدخل الأَولاد تَلعَب عِندَه

قالَ فَلَما كَمُلَت لَهُ القوى

وَاِشتاقَ لِلصَيد وَإِطلاق الهَوا

تَعَلَّقت آماله بِالقَنَصِ

وَضاقَ مِن شِدَةِ ضيق القَفَصِ

وَقامَ حُبُّ الصَيد فيهِ وَبَدا

وَلَم يُطع قَول أَبيه أَبَدا

لا سِيما المَمنوعُ عَذبُ المَورِدِ

وَالبُعدُ وَالإِحجام طَبع الأَمردِ

وَكانَ يَدري سَبب التَخريج

وَسَبب المَنع مِن الخُروج

وَالبَيت فيهِ صورٌ كَثيرَه

في خُرَطٍ مَنقوشَةٍ كَبيرَه

في تِلكَ رَسم الصَيد بِالنُقوشِ

وَتِلكَ فيها صُور الوحوش

وَبَينما يَنظرها هَذا الوَلَد

إِذ نَظَرت عَيناه صورَةَ الأَسَد

فَجاءهُ وَقالَ يا كَلب العَرَب

أَنتَ لِحَبسي ها هُنا كُنت السَبب

وَوكز الصورة وَكزاً بِيَدِه

فَاِشتَعَلَت نار الغَضى في جَسَدِه

لِأَنَّهُ قَد كانَ تَحتَ الصورَه

مِسمارها وَرَأسه مَكسورَه

فَدَخل المسمار في قَبضته

وَوَقع الغُلام في غشيته

وَشاعَ في الدار الصِياح وَالبُكا

وَناحَ كُل مَن رَآه وَاِشتَكى

وَجاءَت العوّاد وَالأُساةُ

وَدَخَلَت بَعدهُم الرُقاةُ

وَلَم يَكُن يُجدي الطَبيبُ طبّاً

كَلا وَلا أَفلَح شَيخٌ كَتَبا

وَقيس مِنهُ بَعد ذَلِكَ الأَثَر

وَأَخَذوا طالِعه يَوم المَطَر

فَأَخبر الطالع لَما أَن طَلَع

بِأَن شَيئاً فَوقَ رَأسه يَقَع

فَأَخرَجوه مِن بُيوتٍ أَولا

وَأَسكنوه في مَحلٍّ في الخَلا

وَأَبعدوه عَن أَذى السقوفِ

كَذاكَ عَن كُلِّ أَذىً مخوِف

في ساعة رَأَيت فيها النسرَ فات

وَكانَ في المنقار مِنهُ سُلحُفاة

وَدَأبُهُ لِلسُلحُفاةِ يَرمي

مِن فَوق أَحجار لِكَسرِ العَظم

حَتّى إِذا ما كسرت مِن عَظمِها

يَأكل ما طابَ لَهُ مِن لَحمِها

مَرَّ فَظَنَ رَأس هَذا حَجَرا

أَلقى عَلَيها السُلحافةَ وَجَرى

فَنَزَلَت عَلَيهِ مثلَ الصَخرَه

وَكَسَرَت دِماغَهُ بِالمَرَّه

وَأخرجَت رَغمَ الأُنوف روحه

وَهَذِهِ حِكاية مَليحه

تَنظُر فيها العَجَب العجابا

وَإِن سَأَلت لَم تَجد جَوابا

بَل تَعرف الحَق وَتَترُك الحَذَر

إِذ كُل شَيءٍ بِقَضاءٍ وَقَدر

وَالمَرء قَد يُقتل مِن مَأمَنِه

وَقَد يُصاب المَرء مِن مَيمَنِه

وَهَكذا المُنَجِّمون سُحقوا

وَكَذبوا في القَول مَهما صَدَقوا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد عثمان جلال

avatar

محمد عثمان جلال

مصر

poet-Mohammad_Othman_Jalal@

201

قصيدة

3

الاقتباسات

2

متابعين

محمد عثمان جلال: المترجم الأديب والشاعر المصري رائد التعريب والمسرح النشأة والتعليم وُلِد محمد بن عثمان بن يوسف الحسني الجلالي الونائي عام ١٨٢٨م في قرية "ونا القيس" (أو "ونا القس") بمركز الواسطى ...

المزيد عن محمد عثمان جلال

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة