دُروبُ مجدِ الفتى تُروى بمـا عمِـل

لا بالدّعاءِ ولا بالحلـمِ والخَملِ 

فالعزمُ إنْ لم يُصنهُ العقلُ وانتظما

ضاعَ الرجاءُ وكانَ الحزمُ في خَبَلِ 

والصمتُ حِلمٌ إذا ما المرءُ ألجمهُ

عن غيبةِ الناسِ أو قولِ مـُبَـتـَذَل 

فمن تطاولَ في فخرٍ بلا سبب

سقطَ المقامُ وبان العيُّ ما أحتمل 

وخيرُ نفس تعالت عن مهانتها

وإن دُعيتْ إلى دُنيا منَ الوحلِ 

ولا تُصاحبْ سفيها في مروءتهِ

فالبحرُ يُفسدهُ جُرْحٌ منَ الدَّغَلِ 

أحببْ بعقل ولا تُسرفْ بوُدِّكَ بل

زنْ الهوى واغتنمْ عقلا بلا غفلِ 

وأجملُ الناسِ مَنْ في القولِ معتدلٌ

لا يجرحُ الغيرَ بالتصريحِ والخللِ 

لا تبتغِ العزَّ في من ليس يملكهُ

فكم جنى طالبٌ عزّا من الذُّلَلِ 

ولا تُطِلْ سَيرَكَ الموهومَ في سفه

فليس يُنجيكَ وهمٌ مثلما العَقلِ 

إن العقولَ إذا ما نالها كسلٌ

أضحتْ جوارحُها ترضى بلا شُعَلِ 

ولا يُفيدُ الفتى زادٌ يدومُ لهُ

إنْ لم يكنْ قدْ حوى أخلاقَ مُعتَدلِ 

وإنْ رزقتَ رفيقا في المدى وَفِيا

فاشددْ يديكَ عليهِ دونما مَلَلِ 

إن اللبيبَ يُرَبّي الحلمَ مُبتسما

ويغفرُ الزلَّ كي لا يُكثِرَ الجدل 

إذا رأيتَ فتى بالخيرِ مُجتهدا

فازجرْ  وعُدْ عن فِعلِ من كسلِ 

فاستبصرِ الحقَّ مهما جارَ من زمن

ولا تُغَطِّ على العوراتِ بالحِيَلِ 

أكرِمْ صنيعَك لا تخشَ الفُقَدَانَ ولا

تَنسَ الجميلَ وإن ناءتْ بكَ السُبُلِ 

وإنْ أقمتَ على المعروفِ متَّئدا

فقدْ أصبتَ سبيلَ الفضلِ والنبلِ 

والحرُّ إن جاعَ أو ضاقتْ معيشتهُ

ما خانَ نفسا ولا أسرفَ في الأكلِ 

أما اللئيمُ فلا يُرجى نوالُ يد

ولا يُراعى لهُ عهدٌ ولا أمل 

كُنْ في الليالي طويلَ الهمِّ مُجتهدا

وارفعْ دعاءَكَ في الأسحارِ للعللِ 

فربُّك اللهُ منْ ضاقتْ بهِ سُبُلٌ

يأتيه بالفرجِ المَرجُوّ من سُبُلِ 

لا تزرعِ الغلَّ في قلبٍ تحبُّ لهُ

خيرَ المآلِ ولا تبغِضْ بلا زلَلِ 

فاحفظْ لسانَكَ لا تنطقْ بما سفهتْ

بهِ العقولُ، وخُذْ بالنهجِ والمُثُلِ 

ولا تَغُرَّنَّكَ الألقابُ إن كثرتْ

فالحُرُّ يُعرفُ بالإقدامِ والفَضَلِ 

قد يُرفعُ الناسُ بالإطراءِ مُعجزة

وتحتَ مدح يُوارى سُخفُ من هزل 

وكمْ جَرَتْ بين أهلِ الظنِّ نازلةٌ

أهلكتِ الجمعَ في نُكرٍ وفي عَجَلِ 

واللهُ يقضي فلا تشكُ الضُّرورَ لهُ

فكلُّ قَدرٍ لهُ تدبيرُ مُكتملِ