يا طالِبَ الفَوزِ في دُنياكَ بالسِّرِّ

اللهُ يجزِي على الأعمال والأسْرارِ 

واتبِعِ الحقَّ لا تَخشَ الهوى أبدًا

فالهدْيُ يُمنَحُ للأطهارِ والأبرارِ 

كم من شقيٍّ غدا في الناسِ منتفخًا

قد ضلَّ سعيا بطغيانٍ وإكبارِ 

وكم سليمِ الهدى في الليلِ مُنقَطِعٍ

نالَ الهداية من مولاه في الأسحارِ 

واعلمْ بأنَّ الذي للخلقِ قد خَلَقَ

بقدرتُهُ فوقَ ما تُدركه أبصار 

يمحو الخطايا، ويجزي الخيرَ مَغفرةً

ويسترُ العيبَ في سرٍّ وإجهارِ 

لا تَبتَئِسْ إنْ جفتكَ الناسُ مُعرِضَةً

فلا يُقاسُ الفضل بالأنظارِ 

فَكَم عزيزٍ غدا في الذِّكرِ مُندَثِرًا

وكم ذليلٍ وبالأخلاقِ مِعطار 

ما المالُ إنْ لم يكنْ بالعقل مُتَّزِنا

أمسى كَنار على قَشّ وأَشجارِ 

ولا الجمالُ بكافي المرءَ عن خُلُقٍ

إنْ باتَ قلبٌ بلا عقلٍ وأفكارِ 

إنَّ المكارمَ لا تُعطى لِمُتَّكِلٍ

ولا تَليقُ بذي مَيْنٍ وأعذارِ 

بل تُبتَنى بسُهادِ الليلِ والصبر 

وبالصُّعودِ على أشواك وأعسَارِ 

فارفعْ هِمَامَكَ إنَّ المجدَ مَنزِلُهُ

يُبنى على صَبرِ من خاضوا بأخطارِ 

واخترْ طريقَ العُلا إنْ كنتَ ذا قَدَر

فالدرُّ لا يُلتقَى في سهلِ إبحارِ 

واعلمْ بأنَّ الذي في الغيبِ مُدَّخرٌ

خيرٌ لمن صبروا في كلِّ أقدارِ 

فاللهُ يُمهِل لا يَنسى، ولا يهمل

للصابرينَ جنانٌ زُخرفتْ دار