عدد الابيات : 31
صَبْرِي طَوِيلٌ كَسُوحِ الْبَحْرِ يَحْتَمِلُ
رِيحَ الْمَصَائِبِ، حَتَّى يَخْجَلَ الْجَبَلُ
وَالْأَمَلُ الْمُرْتَجَى شَمْسٌ أُطَارِدُهَا
بِالْأُفُقِ الْبَعِيدِ، وَنُورُهَا لَا يَفِلُ
حَتَّى أَطَلْتُ عَلَى الدُّنْيَا مُحَاوِرَةً
قَلْبِي بِنَارِ اشْتِيَاقٍ حَرَّهُ قُبَلُ
يَا سَارَةَ الْعُمْرِ، إِنِّي قَدْ نَذَرْتُ لَكِ
مَا لَا يُرَى بِالْحُشَا، وَيُكْشَفُ السُّبُلُ
كُلُّ الْجِبَالِ الَّتِي نَادَتْ بِصَوْتِ أَسَى
خَرَّتْ أَمَامَ انْتِظَارِي، ثُمَّ مُحْتَمَلُ
يَا نَبْضَ قَلْبِي وَرُوحِي، إِنْ نَأَيْتِ بِهَا
أَضْحَى الْوُجُودُ لَهُ فِي ظِلِّكِ ظِلَلُ
قَدْ جِئْتُكِ الْيَوْمَ أَحْمِلُ مَا بَقِيَ بِدَمِي
حُبِّي الَّذِي سَارَ فِي الْعَصْرِ مُتَكَلِّلُ
قُلْتُ الزَّمَانَ، فَكَانَ الْوَقْتُ يَطْعُنُنِي
كُلُّ اللَّيَالِي أَحَابِيلٌ، وَمَا نَزَلُوا
حَتَّى رَأَيْتُكِ نُورًا فِي الظَّلَامِ يُنِيرُ
الدُّرُوبَ، وَقَدْ أَزْهَتْ بِهِ الْوَصْلُ
إِنْ قُلْتُ إِنِّي أَرَى فِي حُبِّكِ الْقَدَرَا
فَالطُّهْرُ مَكْتُوبٌ بِالْأَشْوَاقِ مُشْتَمَلُ
قَضَيْتُ أَعْمَارِي، وَالنَّبْضُ مُرْتَحِلٌ
لِلْحُبِّ، يَحْمِلُهُ الْأَمْوَاجُ وَالْأَمَلُ
أَحْيَا كَمَا النَّهْرُ، لَا يَرْتَاحُ مَجْرَاهُ
إِلَّا إِذَا وَصَلَ الْأَرْوَاحَ وَاتَّصَلُوا
قَدْ قِيلَ بِالشِّعْرِ أَنَّ الْوَصْفَ مُسْتَتِرٌ
حَتَّى تَجَلَّيْتِ، فَانْهَالَتْ لَهُ الْمُثُلُ
يَا نَجْمَةً أَشْرَقَتْ فِي الْأُفْقِ بَاهِرَةً
كَالنُّورِ، تَسْحَرُ مَنْ عَاشَ وَارْتَحَلُوا
كَيْفَ انْتَظَرْتُكِ؟ هَلْ لِلصَّبْرِ مِنْ نُهَى؟
إِذَا الْقُلُوبُ غَدَتْ فِي الْحُبِّ تَشْتَعِلُ
يَا لَيْتَنِي أُطْفِئُ الْأَيَّامَ أَجْمَعُهَا
حَتَّى أُقَبِّلَ هَذَا الْوَجْهَ وَالْأَطَلُ
لَيْسَتْ جِبَالُ الْأَمَانِي مَا أَرَى
أَنْتِ الْحَقِيقَةُ، بَاقِي الْعَالَمِ الْخُطَلُ
مَنْ ذَا يُضَاهِيكِ لِلْحُبِّ الَّذِي شَهِدَتْ
بِهِ السَّمَاوَاتُ، وَالطَّيْرُ قَدْ بَذَلُوا؟
هَا أَنْتِ تَحْمِلِينِي كَالرِّيحِ مُبْتَهِجًا
وَالْحُبُّ يَسْكُنُنَا، فِي كُلِّهِ عَسَلُ
هَا قَدْ أَتَيْتُكِ فِي لَيْلِي، وَمَا لَحَظَتْ
عَيْنِي سِوَاكِ، وَلَا عِشْقٌ بِهِ خَبَلُ
مَنْ يُرْسِلُ الشِّعْرَ إِلَّا كَانَ قَائِلُهُ
فِي الْعَاشِقِينَ، وَبِالْوَصْفِ يَكْتَمِلُ
قَدْ كَانَ فِي حُبِّنَا قِصَّةٌ عَجَزَتْ
عَنْهَا اللُّغَاتُ، فَلَا يُشْبِهْنَهَا الْمَثَلُ
مَا زَالَ قَلْبِي يَجُوبُ الْكَوْنَ قَمَرًا
يَسْعَى إِلَيْكِ، وَفِي الْأَحْلَامِ مُبْتَهِلُ
وَاللَّهِ لَوْ قِيلَ إِنَّ الْعُمْرَ قَدْ أَفَلَ
فِي لَحْظِ الْحُبِّ، كَانَ الْقَلْبُ يَتَرَتَّلُ
إِنِّي أَرَى فِي عُيُونِ الشَّوْقِ مَوْعِدَنَا
كَشَمْسٍ تَشْرُقُ، إِنْ شَاءَتْ لَنَا السُّبُلُ
يَا حُبَّ عُمْرِي، أَحِبِّينِي كَمَا الْأَمَلُ
يُحْيِي النُّفُوسَ، وَكَمْ فِي نَبْضِهِ الْأَمَلُ
سَارَةُ، إِنَّكِ لِلصَّبْرِ الْأَيَّامِ مَوْعِدُنَا
وَاللَّهِ مَا أَبْصَرَتْ عَيْنِي، وَلَا سَأَلُوا
مَا زِلْتُ أُبْحِرُ فِي الذِّكْرَى أُلَمْلِمُهَا
كَالنَّجْمِ يَرْسُمُهُ قَلْبِي، وَيَحْتَمِلُ
حَتَّى أَتَيْتُكِ أَشْكُو شَوْقَ أَزْمِنَةٍ
لَا تَنْقَضِي، فَهَلِ الْأَيَّامُ تَبْتَهِلُ؟
سَارَةُ، يَا مُعْجِزَةَ الْعُشَّاقِ، مَا سَطَعَتْ
شَمْسٌ عَلَى الْحُبِّ، إِلَّا كَانَتْ تَكْتَمِلُ
41
قصيدة